فصل: باب الوتر والنوافل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء



.باب الوتر والنوافل

لما فرغ من بيان الفرائض شرع في بيان النوافل، وأخرها لأنها شرعت مكملات ومتممات لها.
وإنما جمع بينهما لأن الوتر يناسب النفل من حيث أنه زيادة على المفروض كالنفل.
ولأنه نفل عندهما وعند الشافعي رحمهم الله تعالى.
وقال الجوهري رحمه الله تعالى: الوتر بالكسر: الفرد. وفي الدرر: الوتر فرض عملي لا اعتقادي وهو المراد بما روي أنه واجب.
وفي الظهيرية: أنه فريضة عملاً لا علماً، وواجب علما، وهو سنة مؤكدة عندهما فلا يكفر جاحده، تفريع على كونه غير اعتقادي ويقضى تفريع على كونه فرضاً إذ لو كان سنة لم يقض.
وفي شرح الطحاوي: قال الأعمش رحمه الله: الوتر أعلى درجة من السنة، حتى لو تركها ناسيا أو عامدا يجب عليه قضاؤها وإن طالت المدة وأنها لا تؤدى على الراحلة من غير عذر وأنها لا تجوز إلا بنية الوتر ولو كانت سنة لكفته نية الصلاة كما في التطوع أو السنة.
وأجمعوا على أنه أدون درجة من الفريضة حتى لو جحدها جاحد لا يكفر.
ولو كانت فريضة لكان جاحدها كافرا كجاحد إحدى الصلوات الخمس.
وأنه ليس لها أذان ولا إقامة، وأنه يجب القراءة في الركعة الثالثة، ولو كانت فرضا لما وجبت القراءة في الركعات كلها.
فأبو حنيفة رحمه الله: ألحق حكمها بالفرائض وهما رحمهما الله ألحقا حكمهما بالسنة.
وفي التتمة: الاقتداء بالوتر خارج رمضان يجوز، وكذا في النوازل، وفي الواقعات: أنه لا يجوز.
وفي الاختيارات: والمعنى من عدم الجواز: الكراهية لا عدم أصل الجواز، وبأن الروايتين تخالفان الإجماع لأن أداء الوتر بالجماعة يختص بشهر رمضان لانعقاد الإجماع عليه من زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وانعقاد الإجماع يكفي دليلا على عدم أصل الجواز.
(الوجوب): اللزوم، يقال: أوجب البيع أي لزم وتقرر، وأوجب الرجل: إذا عمل ما يجب به الجنة أو النار، ويقال للحسنة: موجبة وللسيئة: موجبة. كذا في الصحاح والمغرب.
(الواجب): ما ثبت بدليل فيه شبهة.
وحكمه: حكم الفرض عملا لا اعتقادا حتى لا يكفر جاحده.
وفي التعريفات للشريف: "الواجب في العمل اسم لما لزم علينا بدليل فيه شبهة كخبر الواحد والعام المخصوص والآية المؤولة كصدقة الفطر والأضحية.
(الحسنة): ما يتعلق المدح في العاجل والثواب في الآجل.
(والسيئة): ما يتعلق الذم في العاجل والعقاب في الآجل.
(والثواب): جزاء الطاعة.
(والجزاء): العوض والمستحق.
(والعوض): ما يعطى في مقابلة العمل.
(والأجر): هو الثواب. والطاعة: الانقياد.
(والمكروه): ما ثبت النهي فيه مع العارض، وحكمه: الثواب بتركه وخوف العقاب بالفعل، وعدم الكفر بالاستحلال.
فالأحكام سبعة:
(الواجب): وهو ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه.
(والمندوب): وهو ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.
(والمباح): ما يستوي جانباه.
(والمحظور): ما يعاقب على فعله.
(والمكروه): ما يثاب على تركه.
(والصحيح): ما يتعلق به النفوذ ويعتد به.
(والباطل): ما يتعلق به النفوذ ولا يعتد به.
(النفل): في اللغة مطلق الزيادة.
وفي الشرع الزيادة على الفرائض والواجبات، ومنه نافلة الصلاة بالإضافة، والنافلة أيضا بالقطع للتعريف.
وفي الصحاح: النفل والنافلة: عطية التطوع من حيث لا يجب.
(والعطية): الشيء المعطى.
وفي التعريفات: النفل في الشرع: اسم لما شرع زيادة على الفرائض والواجبات وهو المسمى بالمندوب والمستحب والتطوع. والمستحب: ما يستحسن فعله في الشرع، والمستحسن: ما يعد به حسنا.
والتطوع بالشيء: التبرع به، والتبر: "دادن نه برسبيل وجوب".
(والسنة): الطريقة المسلوكة في الدين تشمل قوله وفعله صلى الله عليه وسلم، وهي في اللغة: عبارة عن مطلق الطريق خيرا كان، أو شرا وفي الشريعة عبارة عن الخضوع والخشوع والتذلل فيما أمر.
(والأدب): ما فعله صلى الله عليه وسلم مرة وتركها أخرى، وفي البزازية الأدب ما فعله الشارع عليه السلام مرة وتركها أخرى.
(والسنة): ما واظب عليه صلى الله عليه وسلم ولم يترك إلا مرة أو مرتين.
وفي الغاية: السنة: ما في فعله ثواب وفي تركه ملامة وعتاب لا عقاب.
وبكذا قال الإمام خواهر زاده.
والحديث: مختص بالقول.
(والبدعة): خمسة، واجبة: كنظم الدلائل لرد شبهة الملاحدة وغيرهم.
ومندوبة: كتصنيف الكتب وبناء المدارس ونحوها.
ومباحة: كالبسط في الألوان والأطعمة وغيرها.
ومكروهة وحرام وهما ظاهران. كذا ذكر في شرح المشارق عن العلماء من السلف.
(التراويح): جمع ترويحة وهي في الأصل مصدر لكن غلبت التسمية بالترويحة لاستراحة القوم بعد كل أربع ركعات.
وفي شرح مختصر القدوري: الترويحة الجلسة أصلا ثم سمى الركعات التي أجزنا الترويحة بها...
كما أطلقوا اسم الركوع على الوظيفة التي تقرأ في القيام لأنها متصلة بالركوع.
وفي المحيط: التراويح سنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقامها في بعض الليالي وبين العذر في ترك المواظبة عليها وهو خشية أن يكتب علينا، ثم واظب عليها الخلفاء الراشدون رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وجموع المسلمين من زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إلى يومنا هذا.
وقد قال عليه السلام: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي».
وقال صلى الله عليه وسلم: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم».
وقال صلى الله عليه وسلم: «ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن».
قيل الحكمة في ركعات التراويح بعشرين توافقها الفرائض الاعتقادية والعملية، وقال مالك رحمه الله: وهي ستة وثلاثون ركعة كذا في التبيين.
وفي شرح الطحاوي: عن الحسن عن أبي حنيفة رحمهم الله تعالى: التراويح سنة للرجال وللنساء جميعا توارثها الخلف عن السلف.
وقال قوم من الروافض: سنة الرجال دون النساء، وقال قوم: ليست بسنة أصلا أي: لا للرجال ولا للنساء وإنما أحدثها العمر رضي الله عنه.
وعند أهل السنة والجماعة هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلقا لما مر من الذكر آنفا.

.باب قضاء الفوائت:

ولم يقل قضاء المتروكات ظنا بالمؤمنين خيرا لأن ظاهر المسلم أنه لا يترك الصلاة وإنما فاته من غير قصد لاشتغاله بأمر لا بد منه لأن فوات الشيء غيبوبته عذرا أو تركه إرساله أصلاً.
(السفر): في اللغة: قطع المسافة، والجمع: الأسفار، إلا أن المراد في الشرع مسافة تغير به الأحكام. كذا في التبيين.
وفي الاختيار: فرض المسافر في كل رباعية ركعتان لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها وعن أبيها أنها قالت: «فرضت الصلاة في الأصل ركعتين فزيدت في الحضر وأقرأت في السفر». ولا يعلم ذلك إلا توقيفا.
وقال عمر رضي الله عنه: «صلاة السفر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم عليه السلام».
وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: «إن الله تعالى فرض عليكم الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين». ومثله عن علي رضي الله عنه.
أما ما وقع في الكتب الفقهية من أن السفر مسقط والإقامة مثبت، فيعارض الأحاديث المذكورة لأن الإسقاط يقتضي الحط عن الأصل الحط ينافي الأصل أما الفجر والمغرب والوتر فلا قصر فيهما بالإجماع.
ولو أتم الأربع فقد خالف السنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: «لما صلى بأهل مكة بعد الهجرة صلى ركعتين ثم قال لهم: أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر».
وفي النوازل: عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان رجلان أحدهما يتم في السفر والآخر يقصر، فقال عليه السلام للذي يقصر: «أنت أكملت وقال للآخر: قصرت».
وأما السنن فلا رخصة في تركها في السفر، وعند البعض يترك السنن.

.باب الجمعة والعيد والكسوف والاستسقاء

(الجمعة): اسم من الاجتماع كالفرقة من الافتراق، أضيف إليها اليوم والصلاة ثم كثر الاستعمال حتى حذف منها المضاف ويجمع على جمعات وجمع كذا في المغرب وفي الصحاح: يوم الجمعة يوم العروبة وهي من أسمائهم القديمة وكذلك الجمُعة بضم الميم.
قال العلامة صاحب الكشاف: يوم الجمعة: يوم الفوج المجموع، كقولهم ضُحُكة للمضحوك منه، ويوم الجمعة بفتح الميم: يوم الوقت الجامع: كقولهم ضُحَكَة ولُعَنَة ولُعَبَة ويوم الجمعة تثقيل للجمعة كما قيل عسرة في عسرة.
اختلفوا في تسمية هذا اليوم جمعة... منهم من قال: لأن الله تعالى جمع فيها خلق آدم عليه السلام.
وقيل: لأن الله تبارك وتعالى فرغ من خلق الأشياء فاجتمعت فيه المخلوقات. وقيل: لاجتماع الجماعات فيه وقيل: لاجتماع الناس فيه للصلاة وقيل أول من سماها جمعة كعب بن لؤي وكان يقال له يوم العروبة.
وعن ابن سيرين : جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم وقبل أن تنزل الجمعة، وهم الذين سموها الجمعة، وذلك أنهم قالوا: لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام وللنصارى يوم فهلم فلنجعل يوما نجتمع فيه فنذكر الله سبحانه وتعالى ونصلي فقالوا يوم السبت لليهود ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه يوم العروبة.. فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم ركعتين فسموه يوم الجمعة، ثم أنزل الله تعالى في ذلك بعده وروى عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه كعب أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة. قال: لأنه أول من صلى قلت كم كنتم يومئذ؟ قال أربعون.
وأما أول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه على ما ذكر أهل السير: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة مهاجرا نزل قباء على بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين اثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول حين امتد الضحى، فأقام بقباء يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجداً، ثم خرج من بين أظهرهم قاصداً المدينة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم قد اتخذ القوم في ذلك الموضع مسجدا فجمع هناك وخطب.
نقل من اختلفوا في صدر البحث إلى هنا من معالم التنزيل للإمام البغوي رحمه الله.
والمسجد الجامع وإن شئت قلت: مسجد الجامع بالإضافة كقولك: الحق اليقين وحق اليقين، بمعنى: مسجد اليوم الجامع وحق الشيء اليقين لأن إضافة الشيء إلى نفسه لا تجوز إلا على هذا التقدير.
وكان الفراء يقول: العرب تضيف الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظين.
وقال صاحب الدرر: وهي فرض لقوله تعالى: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [سورة الجمعة: آية 9]. والأمر بالسعي إلى الشيء خاليا عن الصارف لا يكون إلا لإيجابه.
وفي شرح الجامع الصغير: من شرائط الجمعة أن تؤدى على سبيل الاشتهار، حتى إن أميرا لو أغلق باب الحصن وصلى فيه الجمعة مع أصحابه لا يجوز لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين فتجب إقامتها على سبيل الاشتهار.
وإن افتتح أبواب قصره وأذن للناس بالدخول جاز، ويكره لأنه لم يقض حق المسجد الجامع كذا في المحيط وفي الاختيارات: روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله تعالى فرض صلاة الجمعة عليكم في مقامي هذا في يومي هذا في شهري هذا في عامي هذا فريضة واجبة إلى يوم القيامة فمن تركها في حال حياتي أو بعد وفاتي جحودا بها أو استخفافا وله إمام عادل أو جائر فلا جمع الله تعالى له شمله ولا بارك الله له في أمره ألا لا صلاة له ألا لا زكاة له ألا لا صوم له ألا لا حج له إلا أن يتوب فمن تاب تاب الله عليه».
(الخطبة): مصدر خطبت على المنبر خُطبة بالضم، وخطبت المرأة خِطبة بالكسر.
(والخطيب): الخاطب واختطب القوم فلاناً: إذا دعوه إلى تزويج صاحبتهم. كذا في الصحاح.
وفي الإشراف: قال اللغويون: الخطبة مشتقة من المخاطبة. وقال بعضهم سميت خطبة لأنهم كانوا يجعلونها في الخطب وهو الأمر العظيم.
وفي المحيط: والمخاطبة تتحقق بالكلمة القصيرة كما تتحقق بالطويلة.
(والمنبر): محل رفع الصوت أو آلته. وفي الصحاح: نبرت الشيء أنبره نبراً. رفعته ومنه سمي المنبر.
وفي درر الحكام في شرح غرر الأحكام: ولو نوى بفرض الوقت جاز إلا في الجمعة للاختلاف في فرض الوقت فيها، ففيها ينوي صلاة الجمعة والأحوط أن يصلي بعدها الظهر قبل سنتها قائلا نويت آخر ظهر أدركت وقته ولم أصله بعد لأن الجمعة التي صلاها إن لم تجز فعليه الظهر وإن جازت أجزأته الأربع عن ظهره فاتت عليه ثم يصلي أربعا بنية السنة لأنها أحسن من مطلق النية وفيه أيضا لا يستخلف الإمام للخطبة أصلا وللصلاة بدءا يعني أن الاستخلاف للخطبة لا يجوز أصلا ولا للصلاة ابتداء بل يجوز بعدما أحدث الإمام وهو معنى ما قال في الهداية في كتاب أدب القاضي بخلاف المأمور بإقامة الجمعة حيث يستخلف لأنه على شرف الفوات لتوقفه فكان الأمر به إذنا بالاستخلاف.
(العيد): مشتق من عيد إذا جمع.
وفي الإشراف: وعند أهل اللغة إنما سمي عيدا لاعتياد الناس به كل حين ومعاودته إياهم وجمعه أعياد. والقياس أن يكون أعوادا لأن الياء منقلبة عن الواو والجمع يرد الأشياء إلى أصولها كالتصغير إلا أنه جمع بالياء ليكون فرقا بينه وبين جمع العود وهو أعواد الخشب وقيل للزومها في الواحد.
والمناسبة بينهما: أن الجمعة عيد لقوله صلى الله عليه وسلم: «لكل مؤمن في كل شهر أربعة أعياد أو خمسة» كذا في التبيين.
(الكسوف): مصدر كسفت الشمس تكسف كسوفا إذا ذهب ضوءها واسودت. وقيل: كسفت الشمس والقمر جميعا، وقيل: الخسوف ذهاب الكل والكسوف ذهاب البعض.
وكيف ما كان فقول محمد رحمه الله: كسوف القمر صحيح وأما الانكساف فعامي.
وقد جاء في حديثه عليه السلام: «أنّ الشمس والقمر آيتان لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته».
(والاستسقاء): طلب السقي وهو الحظ من الشرب. والمناسبة بين البابين والباب السابق: أن صلاة الكسوف والاستسقاء تؤدى بالجمع العظيم كصلاة العيد أو لأن للإنسان حالتين: حالة السرور وحالة الحزن، فلما فرغ من بيان العبادة في حالة السرور شرع في بيانها في حالة الحزن.

.باب الجنايز

(الجنايز): جمع جنازة وفي المغرب قال ابن الأعرابي بالكسر: السرير، وبالفتح: الميت. وقيل: هما لغتان، وعن الأصمعي : لا يقال بالفتح. والعامة تقول. الجنازة بالفتح. والمعنى: الميت على السرير فإذا لم يكن عليه الميت فهو سرير ونعش.
وفي المحيط: سبب وجوب غسل الميت: هو الموت لأنه إنما وجب غسله لتطهير نجاسة حلت به بالموت لأن الآدمي ينجس بالموت كسائر الحيوانات الدموية، ولهذا لو وقع في الماء القليل قبل الغسل ينجس الماء فيجب تطهيره بالغسل شرعا وكرامة وشرفا.
وفي الإشراف: واختلفوا فيه: هل ينجس الآدمي بالموت؟ فقال أبو حنيفة وأحمد والشافعي رحمهم الله: ينجس، إلا المسلم إذا غسل طهر. وقال مالك رحمه الله لا ينجس.
والأصل في غسل الميت تغسيل الملائكة لآدم عليه السلام. وقالوا لولده هذه سنة موتاكم، كذا في الاختيار، وفي الصحاح: «يقال لحنظلة بن الراهب رضي الله عنه غسيل الملائكة لأنه استشهد يوم أحد فغسلته الملائكة».
(الموت): ضد الحياة يقال: مات يموت فهو ميِّت وميْت وقوم موتى وأموات وميتون وأصل ميت مَيْوِت على فعيل ثم أدغم ثم خفف ويستوي فيه المذكر والمؤنث قال تعالى: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً} [سورة الفرقان: آية 49]. ولم يقل ميتة كذا في الصحاح.
وفي المصرحة: "موت مرك موتان بي جان موتان مرك جهار باي موتان الفؤاد دل ميت مرده أموات جمع ميت جمع ميتة مردار" وما رواه الحليمي يخالف مما في الصحاح لأنه يفرق بين الميّت والميْت ويسوى بينهما الجوهري بالمعنى. تأمل.
(والميتة) بالكسر للنوع كالجلسة والركبة يقال: مات فلان ميتةً حسنةً. والموات بالضم: الموت والموات بالفتح ما لا روح فيه، وأيضا الأرض التي لا مالك لها من الآدميين ولا ينتفع بها أحد والموتان: بالتحريك خلاف الحيوان. يقال: اشتر الموتان ولا تشتر الحيوان أي اشتر الأرض والدور ولا تشتر الرقيق والدواب. كذا في الصحاح.
(الشهيد): وهو فعيل بمعنى مفعول سمي به لأنه مشهود له بالجنة بالنص، أو لأن الملائكة يشهدون موته إكراما له أو بمعنى فاعل لأنه حي عند الله تعالى حاضر.
والشهيد: بمعنى المستشهد المقتول كذا في المغرب.
وهو في الشرع كل مسلم طاهر بالغ قتل ظلما ولم يجب بقتله مال ولم يرتث. وفي الصحاح: وارتث فلان وهو افتعل على ما لم يسم فاعله أي حمل من المعركة رثيثا أي جريحا وبه رمق. والشهيد: القتيل في سبيل الله.
ثم اعلم أن الأصل في هذا الباب شهداء أحد فإنهم كفنوا وصلي عليهم ولم يغسلوا لأنه صلى الله عليه وسلم قال في حقهم: «زملوهم لكلومهم ودمائهم ولا تغسلوهم فإنهم يبعثون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دماء اللون لون الدم والريح ريح المسك». الحديث. وكل من بمعناهم يلحق بهم في عدم الغسل ومن ليس بمعناهم ولكنه قتل ظلما أو مات حريقا أو غريقا أو مبطونا أو مطعونا، فلهم ثواب الشهداء مع أنهم يغسلون وهم شهداء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يرى أن عمر وعليا رضي الله عنهما حملا إلى بيتهما بعد الطعن وغسلا وكانا شهيدين بقوله عليه السلام هكذا في الكافي.
(القبر): ما يقبر به الميت، والقبر واحد القبور، والمقبرة بفتح الباء وضمها واحدة المقابر.
وقد جاء في الشعر المقبر:
لكل أناس مقبر بفنائهم ** فهم ينقصون والقبور تزيد.

وقبرت الميت أقبره قبرا أي: دفنته وأقبرته أي: أمرت بأن يقبر.
قالت تميم للحجاج : أقبرنا صالحا وكان قد قتله أي: ائذن لنا في أن نقبره. وقال ابن السكيت: أقبرته أي صيرت له قبرا يدفن فيه وقوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [سورة عبس: آية:21]. أي جعله ممن يقبر ولم يجعله ممن يلقى للكلاب، وكأن القبر مما أكرم به بنو آدم. كذا في الصحاح.
(اللحد) بالتسكين: الشق في جانب القبر مما يلي القبلة، واللحد بالضم لغة فيه يقال: لحدت القبر لحدا وألحدت له أيضا فهو ملحد والملتحد الملجأ لأن اللاجيء يميل إليه كذا في الصحاح.
(وألحد الرجل) أي: ظلم في الحرم والملحد: الجائر بمكة.
وفي الإشراف: اتفقوا على أن السنة اللحد وأن الشق ليس بسنة لقوله عليه السلام: «اللحد لنا والشق لغيرنا» وصفة اللحد أن يحفر مما يلي قبلة القبر لحد ليكون الميت تحت قبلة القبر إذا نصب اللبن عليه إلا أن تكون الأرض رخوة فيبنى لها بالحجارة شق كاللحد ولا تلحد منها. وصفة الشق أن يبنى من جانب القبر كأنه تابوت.
قال الشيخ أبو إسحاق رحمه الله: إن السنة اللحد فإن كانت الأرض رخوة شق له.
(وتسنيم القبر) خلاف تسطيحه، قال أبو حنيفة رحمه الله: التسنيم هو السنة، وقال الشافعي السنة: هي التسطيح. نور قبورنا يا لطيف.
(الكعبة): البيت الحرام، يقال سمي بذلك لتربيعه، والتربيع جعل الشيء مربعاً.
ويقال: برد مكعب: فيه وشي مربع. وثوب مكعب أي: مطوي شديد الاندراج كذا في الصحاح. وفي المغرب.
(المحرم): الحرام والحرمة أيضا وحقيقته موضع الحرمة، ومنه: هي له محرم وهو لها محرم وذو رحم محرم بالجر صفة للرحم وبالرفع لذو.
(والحرمة): اسم من الاحترام وفي الصحاح:
(والمحرم): الحرام يقال: ذو محرم منها إذا لم يحل له نكاحها.
(والحرام): ضد الحلال وكذلك الحرم بالكسرة.
(ومكة): حرم الله تعالى.
(والحرمان): مكة والمدينة.
(والحرم): قد يكون الحرام ونظيره زمن وزمان.
وفي مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار: والحرم والحرام بمعنى واحد عبر عنهما بالحرم لكون القتال والاصطياد والدخول فيها بغير إحرام محرما.
وفيه أيضا: وهي أفضل بقاع الأرض لما روي أنه عليه السلام قال لمكة: «إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله تعالى ولولا أني أخرجت منك لما خرجت».
وفيه أيضاً: مكة علم للبلد الحرام وبكة لغة فيها، وقيل مكة البلد وبكة موضع المسجد وقيل اشتقاقها من بكة: إذا زحمه لازدحام الناس فيها، وقيل: هي تبك أعناق الجبابرة أي تدقها كذا في الكشاف.
(والتمكك): الاستقصاء، وسميت مكة لقلة الماء بها، وقيل بل كانت تمك من ظلم فيها أي تبكه وتنقصه كذا في المجمل.
(والمدينة): فعيلة وتجمع على مدائن بالهمزة، وتجمع أيضا على مُدْن ومُدُن، ويقال: مَدَن بالمكان أقام به، ومنه سمي المدينة، وفيه قول آخر: أنه مفعلة من دنت أي ملكت.
وسألت أبا علي عن همز مدائن فقال فيه: قولان: من جعله فعيلة من قولك:
مدن بالمكان أي: أقام به: همزة، ومن جعله مفعلة من قولك دين أي: ملك لم يهمزه كما يهمز معايش.
وإذا نسبت إلى مدينة الرسول عليه السلام: قلت مدني وإلى مدينة المنصور: مديني وإلى مدائن كسرى: مدائني للفرق بين النسب لئلا يختلط ومدين قرية شعيب هكذا في الصحاح.