فصل: بَابُ: الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ الِاسْتِثْنَاءِ في الطَّلَاقِ

قَوْلُهُ حُكِيَ عن أبي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ في الطَّلَاقِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَكْثَرُ أَجْوِبَتِهِ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَلَا تَفْرِيعَ عليه‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ خَصُّوا قَوْلَ أبي بَكْرٍ بِالِاسْتِثْنَاءِ في عَدَدِ الطَّلَاقِ دُونَ عَدَدِ الْمُطَلَّقَاتِ وَمِنْهُمْ من حكى عنه إبْطَالُ الِاسْتِثْنَاءِ في الطَّلَاقِ مُطْلَقًا قال وهو ظَاهِرٌ انْتَهَى‏.‏

قلت وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقَطَعَ في الْفُرُوعِ بِالْأَوَّلِ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ لو قال أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ لم يَصِحَّ على الْأَشْبَهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْأَرْبَعِ وَأَوْقَعَ عَلَيْهِنَّ وَلَوْ قال أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وهو ضَعِيفٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ ما دُونَ النِّصْفِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ كما قال بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عليه‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ أَيْضًا كما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه‏.‏

قال صَاحِبُ الْفُرُوعِ في أُصُولِهِ وَاسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ بَاطِلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابِهِ وَقِيلَ يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ الْخَلَّالُ‏.‏

فائدة‏:‏

يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ في الطَّلَقَاتِ وَالْمُطَلَّقَاتِ وَالْأَقَارِيرِ وَنَحْوِ ذلك إلَّا ما حُكِيَ عن أبي بَكْرٍ وَصَاحِبِ التَّرْغِيبِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا‏.‏

قَوْلُهُ وفي النِّصْفِ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال ابن هُبَيْرَةَ الصِّحَّةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي‏.‏

وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابن عقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ في الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ فإنه ذَكَرَ فِيهِمَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ وَاقْتَصَرَ عليه‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ‏.‏

قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مِثْلَ على الْأَظْهَرِ‏.‏

قال النَّاظِمُ الْفَسَادُ أَجْوَدُ‏.‏

وَنَقَلَهُ أبو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال الطُّوفِيُّ في مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وهو الصَّحِيحُ من مَذْهَبِنَا‏.‏

وَنَصَرَهُ شَارِحُهُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَسْقَلَانِيُّ في مختصر مُخْتَصَرِ الطُّوفِيِّ وهو صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ في فُصُولِهِ‏.‏

وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في بَابِ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ ما يُغَيِّرُهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَكَوْا الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ وقال أبو الْفَرَجِ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَالْخُلَاصَةِ هُمَا رِوَايَتَانِ‏.‏

وَذَكَرَ أبو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً بِالْمَنْعِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ أو خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ بِنَاءً على عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ اثْنَتَانِ بِنَاءً على الْقَوْلِ الْآخَرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

قُلْت لو قِيلَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا في قَوْلِهِ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا وَإِنْ أَوْقَعْنَا في الْأُولَى طَلْقَتَيْنِ لَكَانَ له وَجْهٌ لِأَنَّ لنا وَجْهًا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَعُودُ إلَّا إلَى ما يَمْلِكُهُ وهو هُنَا لَا يَمْلِكُ إلَّا ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ وقد اسْتَثْنَاهَا فَلَا يَصِحُّ فَكَأَنَّهُ قد اسْتَثْنَى الْجَمِيعَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بِخِلَافِ ما إذَا اسْتَثْنَى اثْنَتَيْنِ من ثَلَاثٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَه ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي نَقَلَهُ عنه في الْفُصُولِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَعَلَى وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ على صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ وَعَدَمِهِ وقد تَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ في ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أو اثْنَتَيْنِ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ من الِاسْتِثْنَاءِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ وَاسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ صَحِيحٌ على الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ ثَلَاثًا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ من الِاسْتِثْنَاءِ في الطَّلَاقِ إلَّا في هذه الْمَسْأَلَةِ فإنه يَصِحُّ إذَا أَجَزْنَا النِّصْفَ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ وَقَعَ الثَّلَاثُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى من الْوَاحِدَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَاحِدَةً فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي وَيَصِحُّ الْأَوَّلُ جَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ مَعْنَاهُ إثْبَاتُ طَلْقَةٍ في حَقِّهَا لِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ من النَّفْيِ إثْبَاتًا فَيَقَعُ فَيُقْبَلُ ذلك في إيقَاعِ طَلَاقِهِ وَإِنْ لم يُقْبَلُ في نَفِيهِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أو طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً أو طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أو طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ في أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أو طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَانِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ في الْجَمِيعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

لَكِنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَتَيْنِ قَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ يَعُودُ إلَى الْكُلِّ وَقَطَعَ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ لَا يَعُودُ إلَّا إلَى الْأَخِيرَةِ فإذا قال أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وما قَالَهُ في الْمُغْنِي ليس بِجَارٍ على قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقَطَعَ الْقَاضِي أبو يَعْلَى بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ في قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً كما قَدَّمَه ابن حَمْدَانَ وَقَطَعَ بِه ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ أَيْضًا‏.‏

لَكِنْ ذَكَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ عن الْقَاضِي أنها تَطْلُقُ ثَلَاثًا في هذه وفي الْجَمِيعِ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّارِحُ وُقُوعَ الثَّلَاثِ في الْأُولَى وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْبَاقِي وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْمَذْهَبِ في الْأُولَى وفي قَوْلِهِ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً‏.‏

فإذا قُلْنَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا في قَوْلِهِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً لو أَرَادَ اسْتِثْنَاءً من الْمَجْمُوعِ دُيِّنَ وفي الْحُكْمِ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ فإنه قال دُيِّنَ وَاقْتَصَرَ عليه‏.‏

قال ابن رَزِينٍ في التَّهْذِيبِ كُلُّ مَوْضِعٍ فَسَّرَ قَوْلَهُ فيه بِمَا يَحْتَمِلُهُ فإنه يُدَيَّنُ فيه فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ دُونَ الْحُكْمِ انْتَهَى‏.‏

وَنَقَلَهُ أَيْضًا عنه في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قلت الصَّوَابُ قَبُولُهُ‏.‏

قال الشَّيْخُ في مُخْتَصَرِهِ هِدَايَةِ أبي الْخَطَّابِ فَإِنْ قال أَرَدْتُ اسْتِثْنَاءَ الْوَاحِدَةِ من الثَّلَاثِ قُبِلَ‏.‏

وَهَذَا الْجَزْمُ من الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ مع إطْلَاقِ أبي الْخَطَّابِ لِلْخِلَافِ على ما نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ أَحْسَنُ ما يَسْتَنِدُ إلَيْهِ في تَصْحِيحِ الْوَجْهِ الثَّانِي وهو الْقَبُولُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رزين‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ اثْنَتَيْنِ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ هذا أَقْيَسُ‏.‏

وَإِنْ قال اثْنَتَيْنِ وَاثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أنها تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ بِنَاءً على قَاعِدَتِهِ‏.‏

وَقَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى ما يَمْلِكُهُ وَأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً‏.‏

وَأَبْدَى الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي احْتِمَالَيْنِ‏.‏

أَحَدَهُمَا ما قَالَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ‏.‏

وَإِنْ فَرَّقَ بين الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى منه فقال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً قال في التَّرْغِيبِ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ على الْوَجْهَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إلَّا وَاحِدَةً وَقَعَتْ الثَّلَاثُ‏.‏

أَمَّا في الْحُكْمِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَأَمَّا في الْبَاطِنِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ السَّامِرِيُّ في فُرُوقِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ يُدَيَّنُ وَاخْتَارَهُ الْحَلْوَانِيُّ‏.‏

قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ في صَرِيحِ النُّطْقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال نِسَائِي طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ لم تَطْلُقْ‏.‏

فَيُقْبَلُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ أَيْضًا وهو الصَّحِيحُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا اخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُنَوِّرُ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو قال نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ طَلُقَتْ في الْحُكْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ‏.‏

ولم تَطْلُقْ في الْبَاطِنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ أَيْضًا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالْخِرَقِيُّ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ لو قال أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ لم يَصِحَّ على الْأَشْبَهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ وَأَوْقَعَ ويصح ‏[‏وصح‏]‏ أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَّلِ الْبَابِ‏.‏

الثَّانِيَةُ يُعْتَبَرُ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَنَحْوِهِمَا اتِّصَالُ مُعْتَادٍ لَفْظًا وَحُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ بِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ‏.‏

وَقَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا نِيَّتُهُ قبل تَكْمِيلِ ما أَلْحَقَهُ بِهِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ بَعْدَ تَكْمِيلِ ما أَلْحَقَهُ بِهِ قَطَعَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قال في التَّرْغِيبِ هو ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا‏.‏

وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال دَلَّ عليه كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ‏.‏

وقال لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بالنية ‏[‏النية‏]‏ وَبِالِاسْتِثْنَاءِ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ مَحَلُّهُ في أَوَّلِ الْكَلَامِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ تَوْجِيهًا من عِنْدِهِ‏.‏

وَسَأَلَهُ أبو دَاوُد عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقِيلَ له أَلَك امْرَأَةٌ سِوَى هذه فقال كُلُّ امْرَأَةٍ لي طَالِقٌ فَسَكَتَ فَقِيلَ إلَّا فُلَانَةَ قال إلَّا فُلَانَةَ فَإِنِّي لم أَعْنِهَا فَأَبَى أَنْ يُفْتِيَ فيه‏.‏

وَيَأْتِي في تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ إذَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى‏.‏

بَابُ‏:‏ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ

قَوْلُهُ إذَا قال لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ أو قبل أَنْ أَنْكِحَك يَنْوِي الْإِيقَاعَ وَقَعَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ بِقَصْدِ وُقُوعِهِ أَمْسِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَحَفِيدُهُ كَمَسْأَلَةٍ ما إذَا لم يَنْوِ إلَّا نِيَّةً‏.‏

وَعَنْهُ يَقَعُ إنْ كانت زَوْجَتُهُ أَمْسِ‏.‏

نَقَلَ مُهَنَّا إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ فَلَيْسَ هذا بِشَيْءٍ فَمَفْهُومُهُ أنها إنْ كانت زَوْجَتُهُ بِالْأَمْسِ طَلُقَتْ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَنْوِ لم يَقَعْ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ عليه الْأَكْثَرُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وقال الْقَاضِي يَقَعُ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَيَلْغُو ذِكْرُ أَمْسِ‏.‏

وحكي عن أبي بَكْرٍ لَا يَقَعُ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَيَقَعُ إذَا قال قبل أَنْ أَنْكِحَكِ‏.‏

قال الْقَاضِي رَأَيْته بِخَطِّ أبي بَكْرٍ في جَزْءٍ مُفْرَدٍ‏.‏

وَحَمَلَ الْقَاضِي قَوْلَ أبي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ على أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ ذلك ثَانِيًا فَيَبِينُ وُقُوعُهُ الْآنَ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في تَعْلِيلِ قَوْلِ أبي بَكْرٍ لِأَنَّ أَمْسِ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فيه‏.‏

وَقَبْلَ تَزَوُّجِهَا مُتَصَوَّرُ الْوُجُودِ فإنه يُمْكِنُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا وَهَذَا الْوَقْتُ قَبْلَهُ فَوَقَعَ في الْحَالِ كما لو قال أَنْتِ طَالِقٌ قبل قُدُومِ زَيْدٍ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ قال أَرَدْتُ أَنَّ زَوْجًا قَبْلِي طَلَّقَهَا أو طَلَّقْتُهَا أنا في نِكَاحٍ قبل هذا قُبِلَ منه إذَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُدَيَّنُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُدَيَّنُ فِيهِمَا بَاطِنًا حَكَاهَا الْحَلْوَانِيُّ وابن عَقِيلٍ‏.‏

وَأَمَّا في الْحُكْمِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ يُقْبَلُ أَيْضًا وهو مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم تُكَذِّبْهُ قَرِينَةٌ من غَضَبٍ أو سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هو الْمَذْهَبُ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى قُبِلَ حُكْمًا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ من غَيْرِ جِهَتِهِ وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ أو نَقْصٌ من الْكَاتِبِ وَإِنَّمَا هذا الشَّرْطُ على التَّخْرِيجِ الْآتِي‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ إذَا قُلْنَا تَطْلُقُ بِلَا نِيَّةٍ أَنْ لَا يُقْبَلَ منه في الْحُكْم إلَّا أَنْ يُعْلَمَ من غَيْرِ جِهَتِهِ وَتَبِعَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَوَّلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ من وَثَاقٍ أو مُطَلَّقَةٌ من زَوْجٍ كان قَبْلِي‏.‏

وَتَقَدَّمَ تَحْرِيرُ ذلك فَلْيُعَاوَدْ فإن الْأَصْحَابَ ذَكَرُوا أَنَّ الْحَكَمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ قُبِلَ منه إذَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ أَيْ وُجُودَهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ قد وُجِدَ ذلك منه أو من الزَّوْجِ الذي قَبْلَهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وهو قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ إذَا أَمْكَنَ‏.‏

قال في التَّرْغِيبِ هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال الْقَاضِي يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَيْضًا ثُبُوتُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أو إنْ تَدَاعَيَا عِنْدَهُ أو لَا مُطْلَقًا أو يُشْتَرَطُ في الْحُكْمِ دُونَ التَّدَيُّنِ بَاطِنًا وهو الْأَظْهَرُ فيه خِلَافٌ‏.‏

لَكِنْ فَرْقٌ بين إمْكَانِ الصَّوْتِ وَلَوْ لم يَكُنْ وُجِدَ شَيْءٌ مُطْلَقًا وَبَيْنَ الْوُجُودِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ اُشْتُرِطَ ثُبُوتُهُ في نَفْسِ الْأَمْرِ أو عِنْدَ الْحَاكِمِ لِلْحُكْمِ أو للتدين ‏[‏التدين‏]‏ مَثَلًا‏.‏

فَكُلٌّ من ذلك مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا خِلَافًا لِمَنْ يَجْعَلُ الْخُلْفَ لَفْظِيًّا في ذلك كُلِّهِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ أو جُنَّ أو خَرِسَ قبل الْعِلْمِ بِمُرَادِهِ فَهَلْ تَطْلُقُ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا تَطْلُقُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ‏.‏

وَالْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ في اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ‏.‏

فَإِنْ قِيلَ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هُنَاكَ وهو الْمَذْهَبُ لم تَطْلُقْ هُنَا لِأَنَّ شَرْطَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ النِّيَّةُ ولم يَتَحَقَّقْ وُجُودُهَا‏.‏

وَإِنْ قِيلَ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هُنَا طَلُقَتْ هُنَاكَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ قبل قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ فَقَدِمَ قبل مُضِيِّ شَهْرٍ لم تَطْلُقْ‏.‏

كَذَا إذَا قَدِمَ مع الشَّهْرِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

حتى قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لم تَطْلُقْ بِغَيْرِ اخْتِلَافٍ من أَصْحَابِنَا‏.‏

وَقِيلَ هُمَا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ في هذه الْمَسْأَلَةِ جَزَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِتَحْرِيمِ وَطِئَهَا من حِينِ عَقْدِ الصِّفَةِ إلَى حِينِ مَوْتِهِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْرُمُ عليه وَطْؤُهَا من حِينِ عَقْدِ هذه الصِّفَةِ إلَى حِينِ مَوْتِهِ لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ يَأْتِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَهْرَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فيه ولم يذكر خِلَافَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ فيه تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ فيه‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وكان وَطْؤُهُ مُحَرَّمًا فَإِنْ كان وطىء لَزِمَهُ الْمَهْرُ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لها النَّفَقَةُ من حِينِ التَّعْلِيقِ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ‏.‏

قلت فَيُعَايَى بها‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِيَوْمٍ وكان الطَّلَاقُ بَائِنًا ثُمَّ قَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ الشَّهْرِ بِيَوْمَيْنِ صَحَّ الْخُلْعُ وَبَطَلَ الطَّلَاقُ‏.‏

وَهَذَا صَحِيحٌ لَا خِلَافَ فيه لِأَنَّ الطَّلَاقَ لم يُصَادِفْهَا إلَّا بَائِنًا وَالْبَائِنُ لَا يَقَعُ عليها الطَّلَاقُ‏.‏

وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ دُونَ الْخُلْعِ‏.‏

بِلَا خِلَافٍ عليها لَكِنْ إذَا لم يَقَعْ الْخُلْعُ تَرْجِعُ بِالْعِوَضِ‏.‏

وَقَوْلُهُ وكان الطلاق ‏[‏كالطلاق‏]‏ بَائِنًا‏.‏

احْتِرَازًا من الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فإنه يَصِحُّ الْخُلْعُ مُطْلَقًا أَعْنِي قبل وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَبَعْدَهُ ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُهَا‏.‏

الثَّالِثَةُ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ قبل مَوْتِي بِشَهْرٍ لَكِنْ لَا إرْثَ لِبَائِنٍ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ‏.‏

وَلَوْ قال إذَا مِتُّ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ لم يَصِحَّ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ بَعْدَهُ فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ لِمُضِيِّهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ قبل مَوْتِي طَلُقَتْ في الْحَالِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال في التَّبْصِرَةِ تَطْلُقُ في جَزْءٍ يَلِيهِ مَوْتُهُ كَقُبَيْلِ موتى‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا قَوْلُهُ وَإِنْ قال بَعْدَ مَوْتِي أو مع مَوْتِي لم تَطْلُقْ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه‏.‏

لَكِنْ قال في الْقَوَاعِدِ يَلْزَمُ على قَوْل ابن حَامِدٍ الْوُقُوعُ هُنَا في قَوْلِهِ مع مَوْتِي لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ مع الْحُكْمِ بِالْبَيْنُونَةِ فَإِيقَاعُهُ مع سَبَبِ الْحُكْمِ أَوْلَى انْتَهَى‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ يوم مَوْتِي فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ في أَوَّلِهِ وهو الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ‏.‏

والثاني ‏[‏الثاني‏]‏ لَا تَطْلُقُ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو قال أَطْوَلُكُمَا حَيَاةً طَالِقٌ فَبِمَوْتِ إحْدَاهُمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْأُخْرَى إذَنْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ وَقْتَ يَمِينِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أبيه ثُمَّ قال إذَا مَاتَ أبي أو اشْتَرَيْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ أَبُوهُ أو اشْتَرَاهَا لم تَطْلُقْ‏.‏

وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالنَّظْمِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وهو رِوَايَةٌ في التَّبْصِرَةِ‏.‏

قال في الشَّرْحِ وَهَذَا أَظْهَرُ‏.‏

قال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَهَذَا الصَّحِيحُ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ طَلُقَتْ في الْأَصَحِّ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَالْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وابن عَقِيلٍ في عمد ‏[‏عمدة‏]‏ الْأَدِلَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَوَاعِدِ بن رَجَبٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةُ‏.‏

وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ الْأَبُ أو اشْتَرَاهَا لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ لَا تَطْلُقُ في الْأَصَحِّ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ لم تَطْلُقْ وَجْهًا وَاحِدًا وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ لو قال زَوْجُ الْأَمَةِ لها إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ مَلَكَهَا لم تَطْلُقْ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَجْهًا وَاحِدًا‏.‏

وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ ابن حامد يُلْزِمُهُ الْقَوْلَ هُنَا بِالْوُقُوعِ لِاقْتِرَانِهِ بِالِانْفِسَاخِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَوْ كان قال إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقُلْنَا الْمِلْكُ في زَمَنِ الْخِيَارَيْنِ لِلْمُشْتَرِي لم تَطْلُقْ وَاقْتَصَرَ عليه وَقِيلَ تَطْلُقُ‏.‏

وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ احْتِمَالٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ في مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ بِنَاءً على أَنَّ الْمِلْكَ هل يَنْتَقِلُ زَمَنُ الْخِيَارِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كانت مُدَبَّرَةً فَمَاتَ أَبُوهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ مَعًا‏.‏

إذَا كانت تَخْرُجُ من الثُّلُثِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الذي في الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه أو لَأَقْتُلَنَّ فلانا ‏[‏فلان‏]‏ الْمَيِّتِ أو لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ أو لَأَطِيرَنَّ أو إنْ لم أَصْعَدْ السَّمَاءَ وَنَحْوَهُ طَلُقَتْ في الْحَالِ‏.‏

هذا تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ وُجُودِ الْمُسْتَحِيلِ وَعَدَمِ فِعْلِهِ‏.‏

وَمِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَتِهِ إنْ لم أَشْرَبْ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه أو إنْ لم أَطِرْ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ‏.‏

وَحَكَى في الْهِدَايَةِ عن الْقَاضِي أنها لَا تَنْعَقِدُ فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ في الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ وفي الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً تَطْلُقُ في آخِرِ حَيَاتِهِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ وَقَّتَهُ كَقَوْلِهِ لَأَطِيرَنَّ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ طَلُقَتْ في آخِرِ وَقْتِهِ وَذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَطْلَقَ طَلُقَتْ في الْحَالِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ عَلِمَ مَوْتَهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا لِتَوَهُّمِ عَوْدِ الْحَيَاةِ الْفَانِيَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال لَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه أو صَعِدْتِ السَّمَاءَ أو شَاءَ الْمَيِّتُ أو الْبَهِيمَةُ‏.‏

هذا تَعْلِيقٌ بِوُجُودِ مُسْتَحِيلٍ وَفِعْلِهِ وهو قِسْمَانِ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً وَمُسْتَحِيلٌ لِذَاتِهِ‏.‏

فَالْمُسْتَحِيلُ عَادَةً كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ‏.‏

وَمِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا طِرْتِ أو إنْ طِرْتِ أو لَا شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه أو إنْ قَلَبْتِ الْحَجَرَ ذَهَبًا وَنَحْوَهُ‏.‏

وَالْمُسْتَحِيلُ لِذَاتِهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ رَدَدْتِ أَمْسِ أو جَمَعْتِ بين الضِّدَّيْنِ أو شَرِبْتِ الْمَاءَ الذي في هذا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه وَنَحْوُهُ فَهَذَانِ الْقِسْمَانِ لَا تَطْلُقُ بِهِمَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَتَطْلُقُ في الآخر وَأَطْلَقَهُمَا ابن منجا في شَرْحِهِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ في الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ لَا في الْمُحَالِ في الْعَادَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ الْعِتْقِ وَالْحَرَامِ وَالظِّهَارِ وَالنَّذْرِ حُكْمُ الطَّلَاقِ في ذلك‏.‏

وَأَمَّا الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَكَذَلِكَ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَيَأْتِي الْكَلَامُ عليه في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الْأَيْمَانِ في الْفَصْلِ الثَّانِي‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جاء غَدٌ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ‏.‏

يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَيْنِ قَبْلَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا تَطْلُقُ مُطْلَقًا بَلْ هو لَغْوٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

وَالثَّانِي تَطْلُقُ في الْحَالِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ‏.‏

قال في الْوَجِيزِ طَلُقَتْ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ في غَدٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا حَكَاهُ عن الْقَاضِي أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ هُنَا مع قَطْعِ النَّظَرِ عن تَخْرِيجِهِ على تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِشَرْطٍ مُسْتَحِيلٍ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ في الْحَالِ انْتَهَى‏.‏

قلت قد ذَكَرَ الشَّارِحُ عن الْقَاضِي قَوْلَيْنِ عَدَمَ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا وَوُقُوعَ الطَّلَاقِ في الْحَالِ كما ذَكَرَتْهُ عنه‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا على مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فقال الْقَاضِي في الدَّعَاوَى من حَوَاشِي التَّعْلِيقِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِاسْتِحَالَةِ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ لَا مَذْهَبَ لهم وَلِقَصْدِهِ التَّأْكِيدَ انْتَهَى‏.‏

قلت وَيَقْرَبُ من ذلك قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا على سَائِرِ الْمَذَاهِبِ لِاسْتِحَالَةِ الصِّفَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ بَلْ هذه أَوْلَى من التي قَبْلَهَا ولم أَرَهَا لِلْأَصْحَابِ‏.‏

وقال أبو نَصْرِ بن الصَّبَّاغِ وَالدَّامَغَانِيُّ من الشَّافِعِيَّةِ تَطْلُقُ في الْحَالِ‏.‏

وقال أبو مَنْصُورِ بن الصَّبَّاغِ وَسَمِعْتُ من رَجُلٍ فَقِيهٍ كان يَحْضُرُ عِنْدَ أبي الطَّيِّبِ أَنَّ الْقَاضِيَ قال لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قد أَوْقَعَ ذلك على الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا‏.‏

قال أبو مَنْصُورٍ لَا بَأْسَ بهذا الْقَوْلِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أو يوم السَّبْتِ أو في رَجَبٍ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ ذلك‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَيَجُوزُ له الْوَطْءُ قبل وُقُوعِهِ‏.‏

وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أو في هذا الشَّهْرِ طَلُقَتْ في الْحَالِ‏.‏

بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ‏.‏

وَكَذَا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ في الْحَوْلِ طَلُقَتْ أَيْضًا بِأَوَّلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَقَعُ إلَّا في رَأْسِ الْحَوْلِ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ قال أَرَدْته في آخِرِ هذه الْأَوْقَاتِ دُيِّنَ‏.‏

إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أو يوم السَّبْتِ وقال أَرَدْتُ في آخِرِ ذلك فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يُدَيَّنُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أو الرِّوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يدين ‏[‏دين‏]‏ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَمَالَ إلَيْهِ النَّاظِمُ‏.‏

قلت هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَأَمَّا ما عَدَا هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا أَنَّهُ يُدَيَّنُ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ دُيِّنَ في الْأَصَحِّ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى دُيِّنَ في الْأَظْهَرِ‏.‏

قال في الْحَاوِي دُيِّنَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُدَيَّنُ وَقَدَّمَ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ يوم كَذَا وقال أَرَدْت آخِرَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فِيمَا عَدَا الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في شَرْحِ ابن منجا في الْجَمِيعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أو غَدًا أو شَهْرَ كَذَا‏.‏

أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ والنظم ‏[‏النظم‏]‏ وابن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ صَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ‏.‏

قال في الْوَجِيزِ دُيِّنَ فيه‏.‏

وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إذَا قال غَدًا أو يوم كَذَا وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا قال في بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ‏.‏

فائدة‏:‏

ما يقول الْفَقِيهُ أَيَّدَهُ اللَّـ *** ـه وما زَالَ عِنْدَهُ إحْسَانُ

في فَتًى عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَهْرٍ *** قبل ما قبل قَبْلِهِ رَمَضَانُ

في هذا الْبَيْتِ ثَمَانِيَةُ أَوْجُهٍ‏.‏

أَحَدُهَا هذا‏.‏

وَالثَّانِي بعد ما بَعْدَ بَعْدِهِ‏.‏

وَالثَّالِثُ قبل ما بَعْدَ بَعْدِهِ‏.‏

وَالرَّابِعُ بعد ما قبل قَبْلِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ مُتَقَابِلَةٌ‏.‏

الْخَامِسُ قبل ما بَعْدَ قَبْلِهِ‏.‏

السَّادِسُ بعد ما قبل بَعْدِهِ‏.‏

السَّابِعُ بعد ما بَعْدَ قَبْلِهِ‏.‏

الثَّامِنُ قبل ما قبل بَعْدِهِ‏.‏

وَتَلْخِيصُهَا أَنَّك إنَّ قَدَّمْتَ لَفْظَةَ بَعْدَ جاء أَرْبَعَةٌ‏.‏

أَحَدُهَا أَنَّ كُلَّهَا بَعْدُ‏.‏

الثَّانِي بَعْدَانِ وَقَبْلُ‏.‏

الثَّالِثُ قَبْلَانِ وَبَعْدُ‏.‏

الرَّابِعُ بَعْدَانِ بَيْنَهُمَا قَبْلُ‏.‏

وَإِنْ قَدَّمْتَ لَفْظَةَ قَبْلُ فَكَذَلِكَ‏.‏

وَضَابِطُ الْجَوَابِ عن الْأَقْسَامِ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَتْ الْأَلْفَاظُ فَإِنْ كانت قَبْلُ وَقَعَ الطَّلَاقُ في الشَّهْرِ الذي تَقَدَّمَهُ رَمَضَانُ بِثَلَاثَةِ شُهُورٍ فَهُوَ ذُو الْحِجَّةِ فَكَأَنَّهُ قال أَنْتِ طَالِقٌ في ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ في شَهْرِ رَمَضَانَ قبل قَبْلِ قَبْلِهِ فَلَوْ كان رَمَضَانُ قَبْلَهُ طَلُقَتْ في شَوَّالٍ‏.‏

وَلَوْ قال قبل قَبْلِهِ طَلُقَتْ في ذِي الْقِعْدَة‏.‏

وَإِنْ كانت الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا بَعْدُ طَلُقَتْ في جُمَادَى الْآخِرَةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ في شَهْرٍ يَكُونُ رَمَضَانُ بَعْدَ بَعْدِ بَعْدِهِ‏.‏

وَلَوْ قال رَمَضَانُ بَعْدَهُ طَلُقَتْ في شَعْبَانَ‏.‏

وَلَوْ قال بَعْدَ بَعْدِهِ طَلُقَتْ في رَجَبٍ‏.‏

وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَلْفَاظُ وَهِيَ سِتُّ مَسَائِلَ فَضَابِطُهَا أَنَّ كُلَّ ما اُجْتُمِعَ فيه قَبْلُ وَبَعْدُ فَأَلْغِهِمَا نَحْوُ قبل بَعْدِهِ وبعد قَبْلِهِ وَاعْتَبِرْ الثَّالِثَ‏.‏

فإذا قال قبل ما بَعْدَ بَعْدِهِ أو بعد ما قبل قَبْلِهِ فَأَلْغِ اللَّفْظَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قال أَوَّلًا بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَعْبَانَ‏.‏

وفي الثَّانِي كَأَنَّهُ قال قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَوَّالًا‏.‏

وَإِنْ تَوَسَّطَتْ لَفْظَةٌ بين مُضَادَّيْنِ لها نَحْوُ قبل بَعْدِ قَبْلِهِ وبعد قَبْلِ بَعْدِهِ فَأَلْغِ اللفظين ‏[‏لفظين‏]‏ الْأَوَّلَيْنِ وَيَكُونُ شَوَّالًا في الصُّورَةِ الْأُولَى كَأَنَّهُ قال في شَهْرٍ قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَشَعْبَانُ في الثَّانِيَةِ كَأَنَّهُ قال بَعْدَهُ رَمَضَانُ‏.‏

وإذا قال بَعْدَ بَعْدِ قَبْلِهِ أو قبل قَبْلِ بَعْدِهِ وَهِيَ تَمَامُ الثَّمَانِيَةِ طَلُقَتْ في الْأُولَى في شَعْبَانَ كَأَنَّهُ قال بَعْدَهُ رَمَضَانُ وفي الثَّانِيَةِ في شَوَّالٍ كَأَنَّهُ قال قَبْلَهُ رَمَضَانُ انْتَهَى‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أو غَدًا أو أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أو بَعْدَ غَدٍ طَلُقَتْ في أَسْبَقِ الْوَقْتَيْنِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ أو في الْيَوْمِ وفي غَدٍ وفي بَعْدِهِ فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أو وَاحِدَةً على وَجْهَيْنِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَصَحَّحَ هذا الْوَجْهَ في التَّصْحِيحِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ ثَلَاثًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ في كل يَوْمٍ ذَكَرَهُ أَيْضًا في الِانْتِصَارِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ في الْأُولَى وَاحِدَةً وفي الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبُ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ في الْأُولَى وَقَدَّمُوهُ في الثَّانِيَةِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُنَّ ابن منجا في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وقال وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَخْرُجَ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ أو في كل يَوْمٍ على هذا الْخِلَافِ‏.‏

وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا قال إنْ كُنْت تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَك اللَّهُ بِالنَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ في تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ في فَصْلِ تَعْلِيقِهِ بِالْمَشِيئَةِ فإن بَعْضَهُمْ ذَكَرَهَا هُنَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لم أُطَلِّقْك الْيَوْمَ طَلُقَتْ في آخِرِ جَزْءٍ منه‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ لَا تَطْلُقُ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ فَقَطْ فقال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لم أُطَلِّقْك فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَلَوْ أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ فَقَطْ فقال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لم أُطَلِّقْك الْيَوْمَ طَلُقَتْ بِلَا خِلَافٍ‏.‏

لَكِنْ في وَقْتِ وُقُوعِهِ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ في آخِرِهِ قَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ بَعْدَ خُرُوجِهِ‏.‏

وَلَوْ أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ فقال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لم أُطَلِّقْك فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ الْبَابِ الْآتِي بَعْدَ هذا‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ أَيَّتُكُنَّ لم أَطَأْهَا اللَّيْلَةَ فَصَوَاحِبَاتُهَا طَوَالِقُ ولم يَطَأْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّهُنَّ يُطَلَّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

وَحَكَى أبو بَكْرٍ وَجْهًا وَجَزَمَ بِهِ أَوَّلًا أَنَّ إحْدَاهُنَّ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَالْبَوَاقِي طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَعَلَّلَهُ‏.‏

فَعَلَى هذا الْوَجْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَمَنْ خَرَجَتْ عليها قُرْعَةُ الثَّلَاثِ حُرِّمَتْ بِدُونِ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ يوم يَقْدُمُ زَيْدٌ فَمَاتَتْ غُدْوَةً وَقَدِمَ بَعْدَ مَوْتِهَا يَعْنِي في ذلك الْيَوْمِ فَهَلْ وَقَعَ بها الطَّلَاقُ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا ابن منجا في شَرْحِهِ وَالنَّاظِمُ‏.‏

أَحَدُهُمَا وَقَعَ بها الطَّلَاقُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَقَعُ بها الطَّلَاقُ‏.‏

وَأَمَّا إذَا قَدِمَ لَيْلًا أو نَهَارًا أو حَيًّا أو مَيِّتًا أو طَائِعًا أو مُكْرَهًا فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَطْلُقُ من أَوَّلِ النَّهَارِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ عَقِيبَ قُدُومِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وكذا الْحُكْمُ لو قَدِمَ وَهِيَ حَيَّةٌ في وَقْتِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْوَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ في غَدٍ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَمَاتَتْ قبل قُدُومِهِ لم تَطْلُقْ‏.‏

هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا بِنَاءً على ما إذَا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ‏.‏

غَدًا إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدِمَ وقد أَكَلَ فإنه يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّ نَذْرَهُ قد انْعَقَدَ انْتَهَى‏.‏

وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ فإنه قال إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ في غَدٍ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدِمَ فيه طَلُقَتْ ولم يُفَرَّقْ بين مَوْتِهَا وَعَدَمِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَقِيبَ قُدُومِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ تَطْلُقُ من أَوَّلِ الْغَدِ وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ مَحَلُّ هذا إذَا قَدِمَ وَالزَّوْجَانِ حَيَّانِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو قَدِمَ زَيْدٌ وَالزَّوْجَانِ حَيَّانِ طَلُقَتْ قَوْلًا وَاحِدًا لَكِنْ في وَقْتِ وُقُوعِهِ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَكُونُ وَقْتُ قُدُومِهِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الشَّارِحُ في بَحْثِهِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ من أَوَّلِ الْغَدِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا طَلُقَتْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يُرِيدَ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَطَالِقٌ غَدًا فَتَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ‏.‏

بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ‏.‏

وَإِنْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنِصْفَهَا غَدًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي‏.‏

ولم يذكر هذه الْمَسْأَلَةَ في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَاقِيهَا غَدًا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا‏.‏

أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وقدمه ‏[‏قدمه‏]‏ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ وَكَذَا إلَى حَوْلٍ طَلُقَتْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ يَقَعُ في الْحَالِ وهو مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقَهَا في الْحَالِ‏.‏

يَعْنِي فَتَطْلُقُ في الْحَالِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَحَكَى ابن عقِيلٍ مع النِّيَّةِ الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ مع عَدَمِ النِّيَّةِ وَكَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى مَكَّةَ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ ما يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ وَإِنْ قال بَعْدَ مَكَّةَ وَقَعَ في الْحَالِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ في آخِرِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ منه‏.‏

هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ منه‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ في آخِرِ جَزْءٍ منه قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو الصَّوَابُ‏.‏

قُلْت وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ‏.‏

قَوْلُهُ أو أَوَّلِ آخِرِهِ‏.‏

يَعْنِي لو قال أنت طَالِقٌ في أَوَّلِ آخِرِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ منه وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

وَصَحَّحَهُ في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ تَطْلُقُ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ منه‏.‏

قُلْت وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ تَطْلُقُ بِالزَّوَالِ منه يوم الْخَامِسَ عَشَرَ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ كان نَاقِصًا‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْرُمُ وَطْؤُهُ في تَاسِعٍ وَعِشْرِينَ ذَكَرَه ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ لَا يَحْرُمُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال في آخِرِ أَوَّلِهِ طَلُقَتْ في آخِرِ يَوْمٍ من أَوَّلِهِ‏.‏

هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هذا أَصَحُّ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ بِطُلُوعِ فَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ منه وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ طَلُقَتْ بِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ منه في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ تَطْلُقُ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ منه‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ في غُرَّةِ الشَّهْرِ أو أَوَّلِهِ وَأَرَادَ أَحَدَهُمَا دُيِّنَ في الْأَظْهَرِ وفي الْحُكْمِ وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ‏.‏

وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ الثَّلَاثُ اللَّيَالِي الْأُوَلُ تُسَمَّى غُرَرًا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ إذَا مَضَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ بِلَا نِزَاعٍ وَيُكَمَّلُ الشَّهْرُ الذي حَلَفَ في أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يُكَمَّلُ الْكُلُّ بِالْعَدَدِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ‏.‏

وعند ‏[‏وعنه‏]‏ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وإذا أجره في أَثْنَاءِ شَهْرِ سَنَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا قال إذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِانْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ‏.‏

بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ‏.‏

قال ابن رَزِينٍ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا أَشَارَ فقال أَنْتِ طَالِقٌ في هذه السَّنَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال أَرَدْت بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ على رِوَايَتَيْنِ وَهُمَا وَجْهَانِ في الْمَذْهَبِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ في كل سَنَةٍ طَلْقَةٌ طَلُقَتْ الْأُولَى في الْحَالِ وَالثَّانِيَةَ في أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَكَذَا الثَّالِثَةُ فَإِنْ قال أَرَدْت بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا ابن منجا في شَرْحِهِ وَالنَّظْمِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ قُبِلَ في الْحُكْمِ على الْأَصَحِّ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ هذا إذَا بَقِيَتْ في عِصْمَتِهِ‏.‏

أَمَّا لو بَانَتْ منه وَدَامَتْ حتى مَضَتْ السَّنَةُ الثَّالِثَةُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لم يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَوْ نَكَحَهَا في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أو الثَّانِيَةِ وَقَعَتْ الطَّلْقَةُ عَقِبَ الْعَقْدِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْمُغْنِي اقْتَضَى قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَقِبَ تَزَوُّجِهِ بها إذَا‏.‏

تَزَوَّجَهَا في أَثْنَاءِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ جَزْءٌ من السَّنَةِ الثَّانِيَةِ التي جَعَلَهَا ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ‏.‏

قال وقال الْقَاضِي تَطْلُقُ بِدُخُولِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَإِنْ كان نِكَاحُهَا في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ طَلُقَتْ بِدُخُولِ السَّنَةِ الرَّابِعَةِ انْتَهَى‏.‏

وَمَحَلُّ هذا أَيْضًا على الْمَذْهَبِ‏.‏

فَأَمَّا على قَوْلِ أبي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ فَتَنْحَلُّ الصِّفَةُ بِوُجُودِهَا في حَالِ الْبَيْنُونَةِ فَلَا تَعُودُ بِحَالٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَرَدْت أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ السِّنِينَ الْمُحَرَّمَ دُيِّنَ ولم يُقْبَلْ في الْحُكْمِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْرُجَ فيه رِوَايَتَانِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ يوم يَقْدُمُ زَيْدٌ فَقَدِمَ لَيْلًا لم تَطْلُقْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ فَتَطْلُقُ‏.‏

بِلَا خِلَافٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ النِّيَّةَ لَا تَطْلُقُ بِقُدُومِهِ لَيْلًا وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ فَكَنِيَّةِ الْوَقْتِ‏.‏

وَقِيلَ كَنِيَّةِ النَّهَارِ يَعْنُونَ أَنَّ الْمُقَدَّمَ أنها تَطْلُقُ مع إطْلَاقِ النِّيَّةِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَقَدِمَ لَيْلًا أَنَّهُ لو قَدِمَ نَهَارًا طَلُقَتْ وهو صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ إذَا قَدِمَ حَيًّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ‏.‏

وقال الْخَلَّالُ يَقَعُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وقال ابن حَامِدٍ إنْ كان الْقَادِمُ مِمَّنْ لَا يَمْتَنِعُ من الْقُدُومِ بِيَمِينِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَاجِّ وَالْأَجْنَبِيِّ حَنِثَ وَلَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُ وَلَا جَهْلُهُ‏.‏

وَإِنْ كان مِمَّنْ يَمْتَنِعُ بِالْيَمِينِ من الْقُدُومِ كَقَرَابَةٍ لَهُمَا أو لِأَحَدِهِمَا أو غُلَامٍ لِأَحَدِهِمَا فَجَهِلَ الْيَمِينَ أو نَسِيَهَا فَالْحُكْمُ فيه كما لو حَلَفَ على فِعْلِ نَفْسِهِ فَفَعَلَهُ جَاهِلًا أو نَاسِيًا فيه رِوَايَتَانِ كَذَلِكَ هُنَا على ما يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ الْآتِي‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ في وَقْتِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ من أَوَّلِ النَّهَارِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ عَقِيبَ قُدُومِهِ‏.‏

وَ

فائدة‏:‏

الْخِلَافِ الْإِرْثُ وَعَدَمُهُ‏.‏

وَتَقَدَّمَ إذَا قَدِمَ وقد مَاتَتْ في ذلك الْيَوْمِ في هذا الْبَابِ فَلْيُعَاوَدْ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا أو مُكْرَهًا لم تَطْلُقْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ تَطْلُقُ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم تَكُنْ نِيَّةٌ‏.‏

أَمَّا مع النِّيَّةِ فَيُحْمَلُ الْكَلَامُ عليها بِلَا إشْكَالٍ‏.‏