فصل: بَابُ: الْغُسْلِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ

فائدتان‏:‏ إحْدَاهُمَا الْحَدَثُ يَحِلُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ وأبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ كَالْجَنَابَةِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ لَا يَحِلُّ إلَّا أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ فَقَطْ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ يَجِبُ الْوُضُوءُ بِالْحَدَثِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ يَجِبُ بِإِرَادَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ قال ابن الْجَوْزِيِّ لَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ عن حَدَثٍ وَنَجَسٍ قبل إرَادَةِ الصَّلَاةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ إذَنْ وَوُجُوبُ الشَّرْطِ بِوُجُوبِ الْمَشْرُوطِ قال وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في الْغُسْلِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ‏.‏

قَوْلُهُ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ الْخَارِجُ من السَّبِيلَيْنِ قَلِيلًا كان أو كَثِيرًا نَادِرًا أو مُعْتَادًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ خُرُوجُ الرِّيحِ من الْقُبُلِ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ خُرُوجُ الرِّيحِ من الذَّكَرِ فَقَطْ قال ابن عَقِيلٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِنَا في الرِّيحِ يَخْرُجُ من الذَّكَرِ أَنْ لَا يَنْقُضَ قال الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ هو قِيَاسُ مَذْهَبِنَا وَأَطْلَقَ في الْخَارِجِ من الْقُبُلِ في الرِّعَايَتَيْنِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها لو قَطَرَ في إحْلِيلِهِ دُهْنًا ثُمَّ خَرَجَ نَقَضَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وابن رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ في الشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وَقَالُوا إنَّهُ لَا يَخْلُو من نَتَنٍ يَصْحَبُهُ وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لَا يَنْقُضُ قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ خَرَجَ ما قَطَرَهُ في إحْلِيلِهِ لم يَنْقُضُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وابن تَمِيمٍ فِيمَا إذَا يَخْرُجُ منه شَيْءٌ وقال في نَجَاسَتِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في نَجَاسَتِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَ إنْ خَرَجَ سَائِلًا بِبَلٍّ نَجِسٍ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَمِنْهَا لو احْتَشَى في قُبُلِهِ أو دُبُرِهِ قُطْنًا أو مِيلًا ثُمَّ خَرَجَ وَعَلَيْهِ بَلَلٌ نَقَضَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ وَإِنْ خَرَجَ نَاشِفًا فَقِيلَ لَا يَنْقُضُ وهو ظَاهِرُ نَقْلِ عبد اللَّهِ عن أَحْمَدَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَرَجَّحَه ابن حَمْدَانَ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَقِيلَ يَنْقُضُ رَجَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ عَمَّا إذَا احْتَشَى قُطْنًا وَقِيلَ يَنْقُضُ إذَا خَرَجَتْ من الدُّبُرِ خَاصَّةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ‏.‏

وَمِنْهَا إذَا خَرَجَتْ الْحُقْنَةُ من الْفَرْجِ نَقَضَتْ قال ابن تَمِيمٍ نَقَضَتْ وَجْهًا وَاحِدًا قال صَاحِبُ النِّهَايَةِ لَا يَخْتَلِفُ في ذلك الْمَذْهَبُ وَهَكَذَا لو وطىء امْرَأَتَهُ دُونَ الْفَرْجِ‏.‏

فَدَبَّ مَاؤُهُ فَدَخَلَ الْفَرْجَ ثُمَّ خَرَجَ منه نَقَضَ ولم يَجِبْ عليها الْغُسْلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَغْتَسِلُ منه وَإِنْ لم يَخْرُجْ من الْحُقْنَةِ أو الْمَنِيِّ شَيْءٌ فَقِيلَ يَنْقُضُ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ لَكِنْ إنْ كان الْمُحْتَقِنُ قد أَدْخَلَ رَأْسَ الزَّرَّاقَةِ نَقَضَ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في الْمَنِيِّ وَالْحُقْنَةُ مِثْلُهُ‏.‏

قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وابن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ يَنْقُضُ إذَا كانت الْحُقْنَةُ في الدُّبُرِ دُونَ الْقُبُلِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَمِنْهَا لو ظَهَرَتْ مَقْعَدَتُهُ فَعَلِمَ أَنَّ عليها بَلَلًا لم يَنْقُضْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ وَأَطْلَقَهُمَا في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ بن عُبَيْدَانَ وَإِنْ جَهِلَ أَنَّ عليها بَلَلًا لم يُنْتَقَضْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ ينتقض ‏[‏ينقض‏]‏ وَجَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إذَا خَرَجَتْ مَقْعَدَتُهُ وَمَعَهَا بِلَّةٌ لم تَنْفصل عنها ثُمَّ عَادَتْ‏.‏

وَمِنْهَا لو ظَهَرَ طَرَفُ مُصْرَانٍ أو رَأْسُ دُودَةٍ نَقَضَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ‏.‏

وَمِنْهَا لو صَبَّ دُهْنًا في أُذُنِهِ فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ ثُمَّ خَرَجَ منها لم يَنْقُضْ وَكَذَلِكَ لو خَرَجَ من فَمِهِ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال أبو الْمَعَالِي يَنْقُضُ‏.‏

وَمِنْهَا إذَا خَرَجَتْ الْحَصَاةُ من الدُّبُرِ فَهِيَ نَجِسَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ في مَسْأَلَةِ الْمَنِيِّ الْحَصَاةُ الْخَارِجَةُ من الدُّبُرِ طَاهِرَةٌ قال في الْفُرُوعِ وهو غَرِيبٌ بَعِيدٌ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ قَلِيلًا كان أو كَثِيرًا نَادِرًا أو مُعْتَادًا‏.‏

قال صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ طَاهِرًا كان أو نَجِسًا‏.‏

فائدة‏:‏

لو خَرَجَ من أَحَدِ فَرْجَيْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ غَيْرُ بَوْلٍ وَغَائِطٍ وكان يَسِيرًا لم يَنْقُضْ على الْمَذْهَبِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ قال في الرِّعَايَةِ لم يَنْقُضْ في الْأَشْهَرِ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّانِي خُرُوجُ النَّجَاسَاتِ من سَائِرِ الْبَدَنِ‏.‏

فَإِنْ كانت غَائِطًا أو بَوْلًا نَقَضَ قَلِيلهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءً كان السَّبِيلَانِ مَفْتُوحَيْنِ أو مَسْدُودَيْنِ وَسَوَاءٌ كان الْخَارِجُ من فَوْقِ الْمَعِدَةِ أو من تَحْتِهَا وَتَقَدَّمَ في بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ أَنَّ بن عَقِيلٍ وَغَيْرَهُ قالوا الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِمَا تَحْتَ الْمَعِدَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو انْسَدَّ الْمَخْرَجُ وَفُتِحَ غَيْرُهُ فَأَحْكَامُ الْمُخْرَجِ بَاقِيَةٌ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال في النِّهَايَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سُدَّ خِلْقَةً فَسَبِيلُ الْحَدَثِ الْمُنْفَتِحِ وَالْمَسْدُودِ كَعُضْوٍ زَائِدٍ من الْخُنْثَى انْتَهَى وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُنْفَتِحِ أَحْكَامُ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَنْقُضُ خُرُوجُ الرِّيحِ منه وهو مُخْرَجٌ لِلْمَجْدِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ عليه بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الِاسْتِنْجَاءِ فيه في بَابِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كانت غَيْرُهَا لم يَنْقُضْ إلَّا كثيرها ‏[‏كثيرا‏]‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى أَنَّ قَلِيلَهَا يَنْقُضُ وَهِيَ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ لَا يَنْقُضُ الْكَثِيرُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ لَا يَنْقُضُ الْكَثِيرُ من غَيْرِ الْقَيْءِ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ الْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ وَالْمِدَّةُ إذَا خَرَجَ من غَيْرِ السَّبِيلِ وَلَوْ كَثُرَ ذَكَرَهَا بن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ يَنْقُضُ كَثِيرُ الْقَيْءِ وَيَسِيرُهُ طَعَامًا كان أو دَمًا أو قَيْحًا أو دُودًا أو نَحْوَهُ وَقِيلَ إنْ‏.‏

قَاءَ دَمًا أو قَيْحًا أُلْحِقَ بِدَمِ الْجُرُوحِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في مُقْنِعِهِ وَفِيهِ لَا يَنْقُضُ الْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ وَالْمِدَّةُ إذَا خَرَجَ من غَيْرِ السَّبِيلِ وَلَوْ كَثُرَ ذَكَرَهَا بن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَنَفَى هذه الرِّوَايَةَ الْمَجْدُ وَالنَّقْضُ بِخُرُوجِ الدُّودِ وَالدَّمِ الْكَثِيرِ من السَّبِيلَيْنِ من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

قَوْلُهُ وهو ما فَحُشَ في النَّفْسِ‏.‏

كَذَا قال في الْمُسْتَوْعِبِ هذا تَفْسِيرُ لِحَدِّ الْكَثِيرِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ عن أَحْمَدَ وَنَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الْخَلَّالُ الذي اسْتَقَرَّتْ عليه الرِّوَايَاتُ عن أَحْمَدَ أَنَّ حَدَّ الْفَاحِشِ ما اسْتَفْحَشَهُ كُلُّ إنْسَانٍ في نَفْسِهِ وَتَبِعَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ عليه وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ ما يَفْحُشُ في الْقَلْبِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَنْهُ ما فَحُشَ في نَفْسِ أَوْسَاطِ الناس قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَكَثِيرٌ نَجِسٌ عُرْفًا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذلك‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ الْكَثِيرُ قَدْرُ الْكَفِّ وَعَنْهُ قَدْرُ عَشْرِ أَصَابِعَ وَعَنْهُ هو ما لو انْبَسَطَ جامده أو انْضَمَّ متفرقه كان شِبْرًا في شِبْرٍ وَعَنْهُ هو ما لَا يُعْفَى عنه في الصَّلَاةِ حَكَاهُنَّ في الرِّعَايَةِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا قَطَعَ بِهِ ابن عَبْدُوسٍ وَحَكَاهُ عن شَيْخِهِ أَنَّ الْيَسِيرَ قَطْرَتَانِ وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لو مَصَّ الْعَلَقُ أو الْقُرَادُ دَمًا كَثِيرًا نَقَضَ الْوُضُوءَ وَلَوْ مَصَّ الذُّبَابُ أو الْبَعُوضُ لم يَنْقُضْ لِقِلَّتِهِ وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ منه ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي‏.‏

الثَّانِيَةُ لو شَرِبَ مَاءً وَقَذَفَهُ في الْحَالِ نَجُسَ وَنُقِضَ كَالْقَيْءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ منهم الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَوَجَّهَ تَخْرِيجًا وَاحْتِمَالًا أَنَّهُ كَالْقَيْءِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَغَيَّرَ‏.‏

الثَّالِثَةُ لَا يَنْقُضُ بَلْغَمُ الرَّأْسِ وهو ظَاهِرٌ على الْمَذْهَبِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ بَلْغَمُ الصَّدْرِ أَيْضًا وهو ظَاهِرٌ وَنَصَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ طَهَارَةُ بَلْغَمِ الرَّأْسِ وَالصَّدْرِ ذَكَرَهُ في بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وَعَنْهُ يَنْقُضُ وهو نَجِسٌ وَجَزَمَ بِهِ ابن الْجَوْزِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ قال أبو الْحُسَيْنِ لَا يَنْقُضُ بَلْغَمٌ كَثِيرٌ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ بَلَى فَظَاهِرُهُ إدْخَالُ بَلْغَمِ الرَّأْسِ في الْخِلَافِ قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ أَيْضًا في بَلْغَمِ الرَّأْسِ إذَا انْعَقَدَ وَازْرَقَّ وقال ابن تَمِيمٍ وَلَا يَنْقُضُ بَلْغَمُ الرَّأْسِ وهو ظَاهِرٌ وفي بَلْغَمِ الصَّدْرِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا يَنْقُضُ وفي نَجَاسَته وَجْهَانِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ هِيَ كَالْمَنِيِّ وفي الرِّعَايَةِ قَرِيبٌ من ذلك‏.‏

وَيَأْتِي حُكْمُ طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ في إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِأَتَمَّ من هذا‏.‏

قَوْلُهُ الثَّالِثُ زَوَالُ الْعَقْلِ إلَّا النَّوْمَ الْيَسِيرَ جَالِسًا أو قَائِمًا‏.‏

زَوَالُ الْعَقْلِ بِغَيْرِ النَّوْمِ لَا يَنْقُضُ إجْمَاعًا وَيَنْقُضُ بِالنَّوْمِ في الْجُمْلَةِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ لَا يَنْقُضُ النَّوْمُ بِحَالٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ ظَنَّ بَقَاءَ طُهْرِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ قال الْخَلَّالُ هذه الرِّوَايَةُ خَطَأٌ بَيِّنٌ‏.‏

إذَا عَلِمَ ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ نَوْمَ الْجَالِسِ لَا يَنْقُضُ يَسِيرُهُ‏.‏

وَيَنْقُضُ كَثِيرُهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَنْقُضُ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ نَوْمُ الْجَالِسِ وَلَوْ كان كَثِيرًا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ قال الزَّرْكَشِيُّ وحكى عنه لَا يَنْقُضُ غَيْرُ نَوْمِ الْمُضْطَجِعِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُسْتَثْنَى من النَّقْضِ بِالنَّوْمِ نَوْمُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فإنه لَا يَنْقُضُ وَلَوْ كَثُرَ على أَيِّ حَالٍ كان وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ ذَكَرُوهُ في خَصَائِصِهِ فَيُعَايَى بها وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ نَوْمَ الْقَائِمِ كَنَوْمِ الْجَالِسِ فَلَا يَنْقُضُ الْيَسِيرُ منه نَصَّ عليه قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ الظَّاهِرُ عن أَحْمَدَ التَّسْوِيَةُ بين الْجَالِسِ وَالْقَائِمِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ منهم الْخَلَّالُ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وابن عَقِيلٍ وابن الْبَنَّا وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَكَثِيرٌ من أَصْحَابِنَا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي الْأَوْلَى إلْحَاقُ الْقَائِمِ بِالْجَالِسِ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَنْهُ يَنْقُضُ منه وَإِنْ لم يَنْقُضْ من الْجَالِسِ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَأَمَّا نَوْمُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ إذَا كان يَسِيرًا فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يَنْقُضُ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالْمُصَنِّفُ قال في الْكَافِي الْأَوْلَى إلْحَاقُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ بِالْمُضْطَجِعِ وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ وَالتَّسْهِيلِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَعَنْهُ أَنَّ نَوْمَ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ لَا يَنْقُضُ يَسِيرُهُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وابن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وابن الْبَنَّا وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَكَثِيرٌ من أَصْحَابِنَا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَصَاحِبِ الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وابن عُبَيْدَانَ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ نَوْمُ الْقَائِمِ وَالرَّاكِعِ وَيَنْقُضُ نَوْمُ السَّاجِدِ‏.‏

تنبيه‏:‏

دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ نَوْمَ الْمُسْتَنِدِ وَالْمُتَوَكِّئِ وَالْمُحْتَبِي الْيَسِيرِ يَنْقُضُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه أَنَّ النَّوْمَ يَنْقُضُ بِشَرْطِهِ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ النَّوْمُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ ظَنَّ بَقَاءَ طُهْرِهِ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ قال الْخَلَّالُ عن هذه الرِّوَايَةِ وَهَذَا خَطَأٌ بَيِّنٌ وقد تَقَدَّمَ ذلك‏.‏

الثَّانِيَةُ مِقْدَارُ النَّوْمِ الْيَسِيرِ ما عُدَّ يَسِيرًا في الْعُرْفِ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ هو ما لَا يَتَغَيَّرُ عن هَيْئَتِهِ كَسُقُوطِهِ وَنَحْوِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ هو ذلك مع بَقَاءِ نَوْمِهِ وقال أبو بَكْرٍ قَدْرُ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ يَسِيرٌ وَعَنْهُ إنْ رَأَى رُؤْيَا فَهُوَ يَسِيرٌ قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ‏.‏

الثَّالِثَةُ حَيْثُ يَنْقُضُ النَّوْمُ فَهُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ وَإِنْ كان الْأَصْلُ‏.‏

عَدَمَ خُرُوجِهِ وَبَقَاءَ الطَّهَارَةِ وَحَكَى بن أبي مُوسَى في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَجْهَانِ النَّوْمُ نَفْسُهُ حَدَثٌ لَكِنْ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ كَالدَّمِ وَنَحْوِهِ‏.‏

قَوْلُهُ الرَّابِعُ مَسُّ الذَّكَرِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ مَسَّ الذَّكَرِ يَنْقُضُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ مُطْلَقًا بَلْ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ منه اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في فَتَاوِيه وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ سَهْوًا وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ مَسُّ غَيْرِ الْحَشَفَةِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو بَعِيدٌ قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْقَلَفَةُ كَالْحَشَفَةِ وَحَكَى بن تَمِيمٍ وَجْهًا لَا يَنْقُضُ مَسُّ الْقَلَفَةِ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ غَيْرُ مَسِّ الثَّقْبِ قال الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا وهو بَعِيدٌ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ مَسُّ ذَكَرِ الْمَيِّتِ وَالصَّغِيرِ وَفَرْجِ الْمَيِّتَةِ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ مَسُّ ذَكَرِ الطِّفْلِ ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ إنْ كان عُمْرُهُ دُونَ سَبْعٍ وقال ابن أبي مُوسَى مَسُّ الذَّكَرِ لِلَّذَّةِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَلْ يَنْقُضُ مَسُّهُ لِغَيْرِ لَذَّةٍ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

تنبيهات‏:‏

إحدها ظَاهِرُ قَوْلِهِ مَسُّ الذَّكَرِ بيده أن الْمُمَاسَّةَ تَكُونُ من غَيْرِ حَائِلٍ وهو الصَّحِيحُ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقيل يَنْقُضُ إذَا مَسَّهُ بِشَهْوَةٍ من وَرَاءِ حَائِلٍ‏.‏

الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ مَسُّ الذَّكَرِ عَدَمُ النَّقْضِ بِغَيْرِ الْمَسِّ فَلَا يَنْقُضُ بِانْتِشَارِهِ بِنَظَرٍ أو فِكْرٍ من غَيْرِ مَسٍّ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَنْقُضُ بِذَلِكَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَقِيلَ يَنْقُضُ بِتَكْرَارِ النَّظَرِ دُونَ دَوَامِ الْفِكْرِ‏.‏

الثَّالِثُ شَمِلَ قَوْلُهُ مَسُّ الذَّكَرِ ذَكَرَ نَفْسِهِ وَذَكَرَ غَيْرِهِ وهو الصَّحِيحُ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى بن الزَّاغُونِيِّ رِوَايَةً بِاخْتِصَاصِ النَّقْضِ بِمَسِّ ذَكَرِ نَفْسِهِ‏.‏

الرَّابِعُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ أَيْضًا الذَّكَرَ الصَّحِيحَ وَالْأَشَلَّ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ مَسُّ الذَّكَرِ الْأَشَلِّ كَمَسِّ ذَكَرٍ زَائِدٍ فَلَا يَنْقُضُ في الْأَصَحِّ‏.‏

الْخَامِسُ مُرَادُهُ بِالذَّكَرِ ذَكَرُ الْآدَمِيِّ فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ فَلَا يَنْقُضُ مَسُّ ذَكَرِ غَيْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ وفي مَسِّ فَرْجِ الْبَهِيمَةِ احْتِمَالٌ بِالنَّقْضِ ذَكَرَهُ أبو الْفَرَجِ بن أبي الْفَهْمِ شَيْخُ بن تَمِيمٍ‏.‏

السَّادِسُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ بيده أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الْمَسُّ بِأَصْلِيٍّ أو زَائِدٍ كَالْإِصْبَعِ وَالْيَدِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ بِزَائِدٍ‏.‏

السَّابِعُ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بيده غَيْرُ الظُّفْرِ فَإِنْ مَسَّهُ بِالظُّفْرِ لم يَنْقُضْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هو في حُكْمِ الْمُنْفصل هذا جَادَّةُ الْمَذْهَبِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال بَعْضُهُمْ اللَّمْسُ بِالظُّفْرِ كَلَمْسِهِ يَعْنِي من الْمَرْأَةِ على ما يَأْتِي قال وهو مُتَّجِهٌ وَقِيلَ يَنْقُضُ اللَّمْسُ بِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا‏.‏

الثَّامِنُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بيده أَنَّهُ لو مَسَّهُ بِغَيْرِ يَدِهِ لَا يَنْقُضُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فإنه تَارَةً يَمَسُّهُ بِفَرْجٍ غَيْرِ ذَكَرٍ وتاره يَمَسُّهُ بِغَيْرِهِ فَإِنْ مَسَّهُ بِفَرْجٍ غَيْرِ ذَكَرٍ نَقَضَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الْمَجْدُ اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا وهو من الْمُفْرَدَاتِ قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ يَنْقُضُ مَسُّهُ بِفَرْجٍ وَالْمُرَادُ لَا ذَكَرُهُ بِذَكَرِ غَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ أبو الْمَعَالِي انْتَهَى وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وهو احْتِمَالٌ لِلْمَجْدِ في شَرْحِهِ وهو مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَإِنْ مَسَّهُ بِغَيْرِ ذلك لم يَنْقُضْ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَأْتِي لو مَسَّتْ الْمَرْأَةُ فَرْجَ الرَّجُلِ أو عَكْسَهُ هل هو من قَبِيلِ مَسِّ الْفَرْجِ أو مَسِّ النِّسَاءِ‏.‏

التَّاسِعُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ غَيْرُ مَسِّ الذَّكَرِ فَلَا يَنْقُضُ لَمْسُ ما انْفَتَحَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أو تَحْتَهَا مع بَقَاءِ الْمَخْرَجِ وَعَدَمِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنْ انْسَدَّ الْمَخْرَجُ الْمُعْتَادُ وَانْفَتَحَ غَيْرُهُ نَقَضَ في الْأَضْعَفِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ بِبَطْنِ كَفِّهِ أو بِظَهْرِهِ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَالنَّقْضُ بِظَاهِرِ الْكَفِّ من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ وَعَنْهُ لَا نَقْضَ إلَّا إذَا مَسَّهُ بِكَفِّهِ فَقَطْ اخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ النَّقْضِ بِظَهْرِ يَدِهِ فَفِي نَقْضِهِ بِحَرْفِ كَفِّهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى النَّقْضُ وهو ظَاهِرُ النَّصِّ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَنْقُضُ مَسُّهُ بِذِرَاعِهِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَنْقُضُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَحَكَاهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَجْهَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وفي مَسِّ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وابن عَبْدُوسٍ وابن عُبَيْدَانَ وابن مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيُّ في شُرُوحِهِمْ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَنْقُضُ وهو الصَّحِيحُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ عَدَمُ النَّقْضِ أَقْوَى وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ يَنْقُضُ مَسُّهُ وَلَوْ مُنْفصلا في وَجْهٍ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنِهَايَة ابن رَزِينٍ وَالْمُنْتَخَبِ فَقَالُوا يَنْقُضُ مَسُّ الذَّكَرِ الْمُتَّصِلِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

وَالثَّانِي يَنْقُضُ وَجَزَمَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ‏.‏

تنبيه‏:‏

حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ كما حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَحَكَاهُ رِوَايَتَيْنِ في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وهو الْأَصَحُّ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى مُرَادُهُ بِالْمَقْطُوعِ الْبَائِنُ وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الْبَاقِي من أَصْلِ الْمَقْطُوعِ حُكْمُ الْبَائِنِ على ما تَقَدَّمَ من الْخِلَافِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وأبو الْمَعَالِي يَنْقُضُ مَحَلُّ الذَّكَرِ قال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ لو جَبَّ الذَّكَرَ فَمَسَّ مَحَلَّ الْجَبِّ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَإِنْ لم يَبْقَ منه شَيْءٌ شَاخِصٌ وَاكْتَسَى بِالْجِلْدِ لِأَنَّهُ قام مَقَامَ الذَّكَرِ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يَنْقُضُ مَسُّ الْغُلْفَةِ إذَا قُطِعَتْ لِزَوَالِ الِاسْمِ وَالْحُرْمَةِ وَلَا مَسُّ عُضْوٍ مَقْطُوعٍ من امْرَأَةٍ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ ثُمَّ قال قُلْت غير فَرْجِهَا‏.‏

الثَّالِثَةُ حَيْثُ قُلْنَا يَنْقُضُ مَسُّ الذَّكَرِ لَا يَنْقُضُ وُضُوءُ الْمَلْمُوسِ رِوَايَةً وَاحِدَةً حَكَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ قال الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَجَعَلَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ على رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً على ذِكْرِ أبي الْخَطَّابِ له في أُصُولِ مَسِّ الْخُنْثَى وَادَّعَى أَنَّهُ لَا فائدة في جَعْلِهِ من أُصُولِ هذه الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَتَانِ في الْمَلْمُوسِ ذَكَرُهُ كما هِيَ في مُلَامَسَةِ النِّسَاءِ وَرَدَّهُ الْمَجْدُ وَبَيَّنَ فَسَادَهُ‏.‏

وَيَأْتِي ذلك بِأَتَمَّ من هذا بَعْدَ نَقْضِ وُضُوءِ الْمَلْمُوسِ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا لَمَسَ قُبُلَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَذَكَرَهُ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فَإِنْ مَسَّ أَحَدَهُمَا لم يَنْتَقِضْ إلَّا أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ لِشَهْوَةٍ‏.‏

قال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ إذَا مَسَّ قُبُلَ الْخُنْثَى انْبَنَى لنا على أَرْبَعَةِ أُصُولٍ أَحَدُهَا مَسُّ الذَّكَرِ وَالثَّانِي مَسُّ النِّسَاءِ وَالثَّالِثُ مَسُّ الْمَرْأَةِ فَرْجَهَا وَالرَّابِعُ هل يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْمَلْمُوسِ أَمْ لَا‏.‏

قُلْت وَتَحْرِيرُ ذلك أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ في حَقِّهِ ما يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَعَدَمَهُ تَمَسَّكْنَا بِيَقِينِ الطَّهَارَةِ ولم نُزِلْهَا بِالشَّكِّ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّمْسَ يَخْتَلِفُ هل هو لِلْفَرْجَيْنِ أو لِأَحَدِهِمَا وَهَلْ هو من الْخُنْثَى نَفْسِهِ أو من غَيْرِهِ أو مِنْهُمَا وَهَلْ الْغَيْرُ ذَكَرٌ أو أُنْثَى أو خُنْثَى وَاللَّمْسُ منهم هل هو لِشَهْوَةٍ أو لِغَيْرِهَا مِنْهُمَا أو من أَحَدِهِمَا‏.‏

فَتَلَخَّصَ هُنَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ صُورَةً لِأَنَّهُ تَارَةً يَمَسُّ رَجُلٌ ذَكَرَهُ وَامْرَأَةٌ قُبُلَهُ أو عَكْسَهُ لِشَهْوَةٍ مِنْهُمَا أو من أَحَدِهِمَا أو لِغَيْرِ شَهْوَةٍ مِنْهُمَا‏.‏

وَتَارَةً تَمَسُّ امْرَأَةٌ قُبُلَهُ أو خُنْثَى آخَرُ ذَكَرَهُ أو عَكْسَهُ لِشَهْوَةٍ مِنْهُمَا أو من أَحَدِهِمَا أو لِغَيْرِ شَهْوَةٍ مِنْهُمَا‏.‏

وَتَارَةً يَمَسُّ رَجُلٌ ذَكَرَهُ وَخُنْثَى آخَرُ قُبُلَهُ أو عَكْسَهُ لِشَهْوَةٍ مِنْهُمَا أو من أَحَدِهِمَا أو لِغَيْرِ شَهْوَةٍ مِنْهُمَا‏.‏

وَتَارَةً يَمَسُّ الْخُنْثَى ذَكَرَ نَفْسِهِ وَيَمَسُّ الذَّكَرَ أَيْضًا رَجُلٌ أو امْرَأَةٌ أو خُنْثَى آخَرُ لِشَهْوَةٍ أو غَيْرِهَا‏.‏

وَتَارَةً يَمَسُّ الْخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِهِ وَيَمَسُّ الْقُبُلَ أَيْضًا رَجُلٌ أو امْرَأَةٌ أو خُنْثَى آخَرُ لِشَهْوَةٍ أو غَيْرِهَا‏.‏

وَتَارَةً يَمَسُّ الْخُنْثَى ذَكَرَ نَفْسِهِ أو يَمَسُّ رَجُلٌ أو امْرَأَةٌ أو خُنْثَى قُبُلَهُ لِشَهْوَةٍ أو غَيْرِهَا‏.‏

وَتَارَةً يَمَسُّ الْخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِهِ وَيَمَسُّ رَجُلٌ أو امْرَأَةٌ أو خُنْثَى آخَرُ ذَكَرَهُ لِشَهْوَةٍ أو غَيْرِهَا‏.‏

وَتَارَةً يَمَسُّ الْخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِهِ أو ذَكَرَ نَفْسِهِ وَيَمَسُّ رَجُلٌ أو امْرَأَةٌ أو خُنْثَى فَرْجَيْهِ جميعا لِشَهْوَةٍ أو غَيْرِهَا‏.‏

وَتَارَةً يَمَسُّ رَجُلٌ فَرْجَيْهِ وَامْرَأَةٌ أَحَدَهُمَا أو عَكْسَهُ أو يَمَسُّ رَجُلٌ فَرْجَيْهِ وَخُنْثَى آخَرُ أَحَدَهُمَا أو عَكْسَهُ أو تَمَسُّ امْرَأَةٌ فَرْجَيْهِ وَخُنْثَى آخَرُ أَحَدَهُمَا أو عَكْسَهُ‏.‏

فَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ صُورَةً يَحْصُلُ النَّقْضُ في مَسَائِلَ منها‏.‏

فَمِنْهَا إذَا لَمَسَ فَرْجَيْهِ سَوَاءٌ كان اللَّامِسُ رَجُلًا أو امْرَأَةً أو خُنْثَى آخَرَ أو هو نَفْسُهُ‏.‏

وَمِنْهَا إذَا مَسَّ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ لِشَهْوَةٍ كما صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا‏.‏

وَمِنْهَا إذَا لَمَسَتْ امْرَأَةٌ قُبُلَهُ بِشَهْوَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَدَمُ النَّقْضِ وهو وَجْهٌ‏.‏

فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ‏.‏

وَأَمَّا الْخُنْثَى نَفْسُهُ فَيُتَصَوَّرُ نَقْضُ وُضُوئِهِ إذَا قُلْنَا بِنَقْضِ وُضُوءِ الْمَلْمُوسِ في صُوَرٍ‏.‏

منها إذَا لَمَسَ رَجُلٌ ذَكَرَهُ وَامْرَأَةٌ قُبُلَهُ أو عَكْسَهُ لِشَهْوَةٍ منها‏.‏

وَمِنْهَا لو لَمَسَ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ لِشَهْوَةٍ وَمَسَّهُ الْخُنْثَى نَفْسُهُ أَيْضًا‏.‏

وَمِنْهَا لو لَمَسَ الْخُنْثَى ذَكَرَ نَفْسِهِ وَلَمَسَ رَجُلٌ قُبُلَهُ لِشَهْوَةٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو لَمَسَ الْخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِهِ وَلَمَسَتْ امْرَأَةٌ قُبُلَهُ أَيْضًا لِشَهْوَةٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو لَمَسَ الْخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِهِ وَلَمَسَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَهُ لِشَهْوَةٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو لَمَسَ الْخُنْثَى ذَكَرَ نَفْسِهِ وَلَمَسَ رَجُلٌ فَرْجَيْهِ جميعا لِشَهْوَةٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو لَمَسَ الْخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِهِ وَلَمَسَتْ امْرَأَةٌ فَرْجَيْهِ جميعا لِشَهْوَةٍ فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ وَيُتَصَوَّرُ نَقْضُ وُضُوءِ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ في مَسَائِلَ‏.‏

منها لو مَسَّ رَجُلٌ ذَكَرَهُ وَامْرَأَةٌ قُبُلَهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ منها‏.‏

وَمِنْهَا لو مَسَّ رَجُلٌ قُبُلَهُ وَامْرَأَةٌ ذَكَرَهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ أو شَهْوَةٍ مِنْهُمَا أو من أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ قد مَسَّ فَرْجًا أَصْلِيًّا‏.‏

وَمِنْهَا لو مَسَّتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَهُ وَخُنْثَى آخَرُ قُبُلَهُ فَقَدْ مَسَّ أَحَدُهُمَا فَرْجَهُ الْأَصْلِيَّ يَقِينًا‏.‏

وَمِنْهَا لو مَسَّ رَجُلٌ قُبُلَهُ وَخُنْثَى آخَرُ ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ قد وُجِدَ من أَحَدِهِمَا مَسُّ فَرْجٍ أَصْلِيٍّ‏.‏

وَمِنْهَا لو مَسَّ الْخُنْثَى ذَكَرَ نَفْسِهِ وَامْرَأَةٌ قُبُلَهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لِأَنَّهُ إمَّا رَجُلٌ لَمَسَ ذَكَرَهُ أو امْرَأَةٌ لَمَسَتْ امْرَأَةٌ فَرْجَهَا‏.‏

وَمِنْهَا لو مَسَّ الْخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِهِ وَرَجُلٌ ذَكَرَهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لِأَنَّهُ إمَّا رَجُلٌ لَمَسَ رَجُلٌ ذَكَرَهُ او امْرَأَةٌ مَسَّتْ فَرْجَهَا‏.‏

وَمِنْهَا لو مَسَّ الْخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِهِ وَامْرَأَةٌ ذَكَرَهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو مَسَّ الْخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِهِ وَخُنْثَى آخَرُ لِشَهْوَةٍ أو غَيْرِهَا وما أَشْبَهَ ذلك وَالْحُكْمُ في ذلك أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقْتَدِيَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ لِتَيَقُّنِ زَوَالِ طُهْرِ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِمَا‏.‏

تنبيه‏:‏

هذا كُلُّهُ إذَا وُجِدَ اللَّمْسُ من اثْنَيْنِ أَمَّا إنْ وُجِدَ من وَاحِدٍ فَإِنْ مَسَّ أَحَدُهُمَا لم يُنْتَقَضْ إلَّا أَنْ يَمَسَّ ماله منه بِشَهْوَةٍ وَإِنْ مَسَّهُمَا جميعا اُنْتُقِضَ سَوَاءٌ كان اللَّامِسُ ذَكَرًا أو أُنْثَى أو خُنْثَى أو هو لِشَهْوَةٍ أو غَيْرِهَا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشَرَ مَسْأَلَةً‏.‏

فائدة‏:‏

لو لَمَسَ رَجُلٌ ذَكَرَ خُنْثَى وَلَمَسَ الْخُنْثَى ذَكَرَ الرَّجُلِ اُنْتُقِضَ وُضُوءُ الْخُنْثَى وَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ الرَّجُلِ إنْ وُجِدَ مِنْهُمَا أو من أَحَدِهِمَا شَهْوَةٌ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ لَمَسَ الْخُنْثَى فَرْجَ امْرَأَةٍ وَلَمَسَتْ امْرَأَةٌ قُبُلَهُ اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُمَا إنْ كان لِشَهْوَةٍ مِنْهُمَا أو من أَحَدِهِمَا وَلَوْ لَمَسَ كُلُّ وَاحِدٍ من الْخُنْثَيَيْنِ ذَكَرَ الْآخَرِ أو قُبُلَهُ فَلَا نَقْضَ في حَقِّهِمَا فَإِنْ مَسَّ أَحَدُهُمَا ذَكَرَ الْآخَرِ وَالْآخَرُ قُبُلَ الْأَوَّلِ اُنْتُقِضَ وُضُوءُ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ إنْ كان لِشَهْوَةٍ وَإِلَّا فَلَا فَيُلْحَقُ حُكْمُهُ بِمَا قَبْلَهُ‏.‏

وإذا تَوَضَّأَ الْخُنْثَى وَلَمَسَ أَحَدَ فَرْجَيْهِ وَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَطَهَّرَ وَلَمَسَ الْآخَرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ أو فَاتَتْهُ لَزِمَهُ إعَادَتُهُمَا دُونَ الْوُضُوءِ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها‏.‏

قَوْلُهُ وفي مَسِّ الدُّبُرِ وَمَسِّ الْمَرْأَةِ فَرْجَهَا رِوَايَتَانِ‏.‏

يَعْنِي على الْقَوْلِ يَنْقُضُ مَسُّ الذَّكَرِ أَمَّا مَسُّ حَلْقَةِ الدُّبُرِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الرِّوَايَتَيْنِ فيه وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَنْقُضُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ يَنْقُضُ على الْأَصَحِّ قال في النِّهَايَةِ وَهِيَ أَصَحُّ قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارِ الْأَكْثَرِينَ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وابن عَقِيلٍ وابن الْبَنَّا وابن عَبْدُوسٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْهِدَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَنْقُضُ قال الْخَلَّالُ الْعَمَلُ عليه وهو الْأَشْبَهُ في قَوْلِهِ وَحُجَّتِهِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يَنْقُضُ في أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ وَاخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ منهم الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ فَإِنَّهُمَا ما ذَكَرَا إلَّا الذَّكَرَ‏.‏

وَأَمَّا مَسُّ الْمَرْأَةِ فَرْجَهَا فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي‏.‏

وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَنْقُضُ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ يَنْقُضُ على الْأَصَحِّ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذه الرِّوَايَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَطَعَ بِهِ في النِّهَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يَنْقُضُ كَإِسْكَتَيْهَا قال ابن عُبَيْدَانَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ في الْمُغْنِي عَدَمُ النَّقْضِ‏.‏

قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الْمَلْمُوسُ فَرْجَهَا أو فَرْجَ غَيْرِهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وقال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ يَنْقُضُ مَسُّ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وفي مَسِّهَا فَرْجَ نَفْسِهَا وَجْهَانِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى‏.‏

قُلْت لو قِيلَ بِالْعَكْسِ لَكَانَ أَوْجَهَ قِيَاسًا على الرِّوَايَةِ التي ذَكَرَهَا بن الزَّاغُونِيِّ في مَسِّ ذَكَرِ غَيْرِهِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلنَّقْضِ بِذَلِكَ الشَّهْوَةُ وهو مُفَرَّعٌ على الْمَذْهَبِ وَاشْتَرَطَه ابن أبي مُوسَى وهو جَارٍ على الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ هل مَسُّ الرَّجُلِ فَرْجَ الْمَرْأَةِ أو مَسُّ الْمَرْأَةِ فَرْجَ الرَّجُلِ من قَبِيلِ مَسِّ النِّسَاءِ أو من قَبِيلِ مَسِّ الْفَرْجِ فيه وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَةُ وَغَيْرُهُمْ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ من قَبِيلِ لَمْسِ الْفَرْجِ فَلَا يُشْتَرَطُ لِذَلِكَ شَهْوَةٌ قال في النُّكَتِ وهو الْأَظْهَرُ‏.‏

وَإِنْ قُلْنَا هو من قَبِيلِ مَسِّ النِّسَاءِ اُشْتُرِطَ الشَّهْوَةُ على الصَّحِيحِ على ما يَأْتِي‏.‏

قَوْلُهُ الْخَامِسُ أَنْ تَمَسَّ بَشَرَتُهُ بَشَرَةَ أُنْثَى لِشَهْوَةٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في فَتَاوِيهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَلَوْ بَاشَرَ مُبَاشَرَةً فَاحِشَةً‏.‏

وَقِيلَ إنْ انْتَشَرَ نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا وحكى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ رَجَعَ عنها وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا لَا يَنْقُضُ مَسُّ الْأُنْثَى اُسْتُحِبَّ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يُسْتَحَبُّ إنْ لَمَسَهَا لِشَهْوَةٍ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

الثَّانِيَةُ حُكْمُ مَسِّ الْمَرْأَةِ بَشَرَةَ الرَّجُلِ حُكْمُ مَسِّ الرَّجُلِ بَشَرَةَ الْمَرْأَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ مَسُّ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ وَإِنْ قُلْنَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ لها وَهِيَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ‏.‏

تنبيهان‏:‏

أَحَدُهُمَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ مَسَّ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ وَمَسَّ الْمَرْأَةِ لِلْمَرْأَةِ لَا يَنْقُضُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَنْقُضُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ فَيَنْقُضُ مَسُّ أَحَدِهِمَا لِلْخُنْثَى وَمَسُّهُ لها وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وَخَرَّجَ في الْمُسْتَوْعِبِ النَّقْضَ بِمَسِّ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ لِشَهْوَةِ السِّحَاقِ‏.‏

الثَّانِي دخل في عُمُومِ كَلَامِهِ الْمَيْتَةُ وَالصَّغِيرَةُ وَالْعَجُوزُ وَذَاتُ الْمَحْرَمِ فَهُنَّ كَالشَّابَّةِ الْحَيَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ‏.‏

أَمَّا الْمَيْتَةُ فَهِيَ كَالْحَيَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وَالتَّلْخِيصِ وَالْإِفَادَاتِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وابن الْبَنَّا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ لَمْسُهَا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَهِيَ كَالْكَبِيرَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وهو ظَاهِرُ الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَصَرَّحَ الْمَجْدُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ لَمْسُ الطِّفْلَةِ وَإِنَّمَا يَنْقُضُ لَمْسُ التي تُشْتَهَى‏.‏

قُلْت لَعَلَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ‏.‏

وَأَمَّا الْعَجُوزُ فَهِيَ كَالشَّابَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْإِفَادَاتِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَحَكَاهُمَا رِوَايَتَيْنِ بن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت لو لَمَسَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا شَهْوَةَ له من لها شَهْوَةٌ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ نَقْضُ وُضُوئِهَا إنْ حَصَلَ لها شَهْوَةٌ لَا نَقْضُ وُضُوئِهِ مُطْلَقًا‏.‏

وَأَمَّا ذَاتُ الْمَحْرَمِ فَهِيَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَحَكَاهُمَا بن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إلْحَاقَ الْأَرْبَعَةِ بِغَيْرِهِنَّ على رِوَايَةِ النَّقْضِ بِشَهْوَةٍ وَقَدَّمَ على رِوَايَةِ النَّقْضِ مُطْلَقًا عَدَمَ الْإِلْحَاقِ وهو ظَاهِرُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى في الثَّانِي‏.‏

فائدة‏:‏

لَمْسُ الْمَرْأَةِ من وَرَاءِ حَائِلٍ لِشَهْوَةٍ لَا يَنْقُضُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ بَلَى قال الْقَاضِي في مُقْنِعِهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ النَّقْضُ إذَا كان لِشَهْوَةٍ قال في الرِّعَايَةِ عن هذه الرِّوَايَةِ وهو بَعِيدٌ‏.‏

تنبيه‏:‏

شَمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنْ تَمَسَّ بَشَرَتُهُ بَشَرَةَ أُنْثَى الْمَسُّ بِخِلْقَةٍ زَائِدَةٍ من اللَّامِسِ أو الْمَلْمُوسِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْإِصْبَعِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ الْمَسُّ بِزَائِدٍ وَلَا مَسُّ الزَّائِدِ قال ابن عَقِيلٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَنْقُضَ على ما وَقَعَ لي لِأَنَّ الزَّائِدَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الْأَصْلِ بِدَلِيلِ ما لو مَسَّ الذَّكَرَ الزَّائِدَ فإنه لَا يَنْقُضُ كَذَا ها هنا قال صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَهَذَا ليس بِشَيْءٍ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ مَسُّ أَصْلِيٍّ بِزَائِدٍ بِخِلَافِ الْعَكْسِ‏.‏

وَشَمِلَ كَلَامُهُ أَيْضًا اللَّمْسَ بِيَدٍ شَلَّاءَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُور وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ قال ابن عَقِيلٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَالشَّعْرِ لِأَنَّهَا لَا رُوحَ فيها وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ مَسُّ أَصْلِيٍّ بِأَشَلَّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُ الشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَنْقُضُ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْأَمْرَدُ‏.‏

يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ وَلَوْ كان لِشَهْوَةٍ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً بِالنَّقْضِ إذَا كان بِشَهْوَةٍ وَحَكَاهَا بن تَمِيمٍ وَجْهًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَحَكَاهُ في الْإِيضَاحِ رِوَايَةً قال ابن رَجَبٍ في الطَّبَقَاتِ وهو غَرِيبٌ قال ابن عُبَيْدَانَ وَهَذَا قَوْلٌ مُتَوَجِّهٌ وَنَصَرَهُ‏.‏

قُلْت وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ يَنْقُضُ مَسُّ الرَّجُلِ الرَّجُلَ وَمَسُّ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ لِشَهْوَةٍ فَهُنَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى‏.‏

قَوْلُهُ وفي نَقْضِ وُضُوءِ الْمَلْمُوسِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَنْقُضُ وَإِنْ اُنْتُقِضَ وُضُوءُ اللَّامِسِ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ لَا يَنْقُضُ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَالْأَزَجِيُّ في النِّهَايَةِ وابن هُبَيْرَةَ وابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالتَّصْحِيحِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَنْقُضُ وَضُوءُهُ أَيْضًا صَحَّحَه ابن عَقِيلٍ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهَا بن عَبْدُوسٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَحَكَى الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ إنْ كان الْمَلْمُوسُ رَجُلًا اُنْتُقِضَ طُهْرُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَنْقُضُ وُضُوءَ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا وَقِيلَ مع الشَّهْوَةِ منها‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ في الْمَلْمُوسِ إذَا قُلْنَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ اللَّامِسِ فَأَمَّا إذَا قُلْنَا لَا يُنْتَقَضُ فَالْمَلْمُوسُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى‏.‏

فائدة‏:‏

قال ابن تَمِيمٍ لم يَعْتَبِرْ أَصْحَابُنَا الشَّهْوَةَ في الْمَلْمُوسِ قال في النُّكَتِ عن قَوْلِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ اكْتِفَاءً منهم بِبَيَانِ حُكْمِ اللَّامِسِ وَأَنَّ الشَّهْوَةَ مُعْتَبَرَةٌ منه قال الزَّرْكَشِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ وِفَاقًا لِلشَّيْخَيْنِ يَعْنِي بِهِمَا الْمُصَنِّفَ وَالْمَجْدَ فِيمَا إذَا وُجِدَتْ الشَّهْوَةُ من الْمَلْمُوسِ قال الْمَجْدُ يَجِبُ أَنْ تُحْمَلَ رِوَايَةُ النَّقْضِ عنه على ما إذَا الْتَذَّ الْمَلْمُوسُ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ إذَا قُلْنَا بِالنَّقْضِ في الْمَلْمُوسِ اعتبر ‏[‏اعتبرنا‏]‏ الشَّهْوَةَ في الْمَشْهُورِ كما نَعْتَبِرُهَا من اللَّامِسِ حتى يُنْتَقَضَ وَضُوءُهُ إذَا وُجِدَتْ الشَّهْوَةُ منه دُونَ اللَّامِسِ وَلَا يُنْتَقَضُ إذَا لم تُوجَدْ منه وَإِنْ وُجِدَتْ عِنْدَ اللَّامِسِ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْمَلْمُوسِ فَرْجُهُ ذَكَرًا كان أو أُنْثَى رِوَايَةً وَاحِدَةً قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا قال في النُّكَتِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ رِوَايَةً بِالنَّقْضِ وَحَكَى الْخِلَافَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا ثُمَّ قال وَقِيلَ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْمَلْمُوسِ ذَكَرُهُ بِخِلَافِ لَمْسِ قُبُلِ الْمَرْأَةِ انْتَهَى‏.‏

قال ابن عُبَيْدَانَ بَعْدَ ذِكْرِهِ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمَلْمُوسِ وَحَكَى عَدَمَ النَّقْضِ إذَا لَمَسَ الرَّجُلُ فَرْجَ امْرَأَةٍ لم يُنْتَقَضْ طُهْرُهَا بِحَالٍ قال وَعَلَى رِوَايَةِ النَّقْضِ إنْ كان لِشَهْوَةٍ اُنْتُقِضَ وُضُوءُهَا وَإِلَّا فَلَا قال في النُّكَتِ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْمَلْمُوسِ فَرْجُهُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِشَهْوَةٍ فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ انْتَهَى‏.‏

وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في الْبَابِ في آخِرِ الْكَلَامِ على مَسِّ الذَّكَرِ‏.‏

قَوْلُهُ السَّادِسُ غَسْلُ الْمَيِّتِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ غَسْلَ الْمَيِّتِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ مُسْلِمًا كان أو كَافِرًا صَغِيرًا كان أو كَبِيرًا ذَكَرًا أو أُنْثَى وهو‏.‏

من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ اخْتَارَهُ أبو الْحَسَنِ التيمي ‏[‏التميمي‏]‏ وَالْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلِبَعْضِ الْأَصْحَابِ احْتِمَالٌ بِعَدَمِ النَّقْضِ إذَا غَسَلَهُ في قَمِيصٍ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ أَظْهَرُ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَيَّدَ في الرِّعَايَةِ مَسْأَلَةَ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِغَسْلِهِ بِمَا إذَا قُلْنَا يَنْقُضُ مَسُّ الْفَرْجِ وهو ظَاهِرُ تَعْلِيلِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ الْإِطْلَاقُ وقد يَكُونُ تَعَبُّدِيًّا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا غَسْلُ بَعْضِ الْمَيِّتِ كَغَسْلِ جَمِيعِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ غَسْلُ الْبَعْضِ قال في الرِّعَايَةِ وهو أَظْهَرُ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو يَمَّمَ الْمَيِّتَ لِتَعَذُّرِ الْغُسْلِ لم يَنْقُضْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ أَنَّهُ كَالْغُسْلِ‏.‏

قَوْلُهُ السَّابِعُ أَكْلُ لَحْمِ الْجَزُورِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِلَا رَيْبٍ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ قال الْخَلَّالُ على هذا اسْتَقَرَّ قَوْلُ أبي عبد اللَّهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَعَنْهُ يَنْقُضُ بِنَيْئِهِ فَقَطْ ذَكَرَهَا بن حَامِدٍ وَعَنْهُ لَا يُعِيدُ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ وَفَحُشَتْ قال الزَّرْكَشِيُّ كَعَشْرِ سِنِينَ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ مُتَأَوِّلٌ وَقِيلَ فيه مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالنَّهْيِ هو عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ فَمَنْ عَلِمَ لَا يُعْذَرُ وَعَنْهُ بَلَى مع التَّأْوِيلِ وَعَنْهُ مع طُولِ الْمُدَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ شَرِبَ من لَبَنِهَا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ‏.‏

يَعْنِي إذَا قُلْنَا يَنْقُضُ اللَّحْمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْإِرْشَادِ وَالْمُجَرَّدِ وَالْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَنْقُضُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اخْتَارَهَا الْكَثِيرُ من أَصْحَابِنَا قال الزَّرْكَشِيُّ هو اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ وهو مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَذْكِرَة ابن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَه ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ قال النَّاظِمُ هذا الْمَنْصُورُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هو كَاللَّحْمِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

تنبيه‏:‏

حَكَى الْأَصْحَابُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ وَحَكَاهُمَا في الْإِرْشَادِ وَجْهَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَكَلَ من كَبِدِهَا أو طِحَالِهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُجَرَّدِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وابن عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَنْقُضُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال الزَّرْكَشِيُّ هو اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْإِفَادَاتِ وَتَذْكِرَة ابن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ على اللَّحْمِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وابن عُبَيْدَانَ وقال وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ وَإِنْ قُلْنَا يَنْقُضُ اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَالثَّانِي يَنْقُضُ‏.‏

تنبيهات‏:‏

أَحَدُهَا حَكَى الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ في الْمُجَرَّدِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَحَكَى أَكْثَرُهُمْ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ أَكْلُ ما عَدَا ما ذَكَرَهُ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ في بَقِيَّةِ أَجْزَائِهَا غَيْرِ اللَّحْمِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قال في الْفُرُوعِ وفي بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ وَالْمَرَقِ وَاللَّبَنِ رِوَايَتَانِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَحُكْمُ سَائِرِ أَجْزَائِهِ غَيْرُ اللَّحْمِ كَالسَّنَامِ وَالْكَرِشِ وَالدُّهْنِ وَالْمَرَقِ وَالْمُصْرَانِ وَالْجِلْدِ حُكْمُ الطِّحَالِ وَالْكَبِدِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي سَنَامِهِ وَدُهْنِهِ وَمَرَقِهِ وَكَرِشِهِ وَمُصْرَانِهِ وَقِيلَ وَجِلْدِهِ وَعَظْمِهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ في شُحُومِهَا وَجْهَانِ وَحَكَى الْخِلَافَ في ذلك بن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّ أَكْلَ الْأَطْعِمَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَنْقُضُ الطَّعَامُ الْمُحَرَّمُ وَعَنْهُ يَنْقُضُ اللَّحْمُ الْمُحَرَّمُ مُطْلَقًا وَعَنْهُ يَنْقُضُ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ فَقَطْ قال أبو بَكْرٍ وَبَقِيَّةُ النَّجَاسَاتِ تَخْرُجُ عليه حَكَاهُ عنه ابن عَقِيلٍ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَمَّا لَحْمُ الْخَبِيثِ الْمُبَاحِ لِلضِّرْوَةِ كَلَحْمِ السِّبَاعِ فَيَنْبَنِي الْخِلَافُ فيه على أَنَّ النَّقْضَ بِلَحْمِ الْإِبِلِ تَعَبُّدِيٌّ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ أو مَعْقُولُ الْمَعْنَى فَيُعْطَى حُكْمُهُ بَلْ هو أَبْلَغُ منه انْتَهَى‏.‏

قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوُضُوءَ من لَحْمِ الْإِبِلِ تَعَبُّدِيٌّ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَقِيلَ هو مُعَلَّلٌ فَقَدْ قِيلَ إنَّهَا من الشَّيَاطِينِ كما جاء في الحديث الصَّحِيحِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد، وفي حَدِيثٍ آخَرَ‏:‏ على ذِرْوَةِ كل بَعِيرٍ شَيْطَانٌ فَإِنْ أَكَلَ منها أَوْرَثَ ذلك قُوَّةً شَيْطَانِيَّةً فَشُرِعَ وَضُوءُهُ منها لِيُذْهِبَ سُورَةَ الشَّيْطَانِ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّامِنُ الرِّدَّةُ عن الْإِسْلَامِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الرِّدَّةَ عن الْإِسْلَامِ تُنْقِضُ الْوُضُوءَ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَاخْتَارَهُ الْجُمْهُورُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا تُنْقِضُ وَذَكَرَ بن الزَّاغُونِيِّ رِوَايَتَيْنِ في النَّقْضِ بها قال في الْفُرُوعِ وَلَا نَصَّ فيها‏.‏

فائدة‏:‏

لم يذكر الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْخِصَالِ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وابن الْبَنَّا في الْعُقُودِ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالسَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَخْرُ بن تَيْمِيَّةَ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ الرِّدَّةَ من نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ فَقِيلَ لِأَنَّهَا لَا تُنْقِضُ عِنْدَهُمْ وَقِيلَ إنَّمَا تَرَكُوهَا لِعَدَمِ فَائِدَتِهَا لِأَنَّهُ إنْ لم يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَجَبَ عليه الْغُسْلُ وَيَدْخُلُ فيه الْوُضُوءُ وقد أَشَارَ إلَى ذلك الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فقال لَا مَعْنَى لِجَعْلِهَا من النَّوَاقِضِ مع وُجُوبِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ له فائدة تَظْهَرُ فِيمَا إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنَّا نُوجِبُ عليه الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ فَإِنْ نَوَاهُمَا بِالْغُسْلِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ قُلْنَا لم يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ لم يَجِبْ عليه الْغُسْلُ انْتَهَى قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَمِثْلُ هذا لَا يَخْفَى على الْقَاضِي وَإِنَّمَا أَرَادَ الْقَاضِي أَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ مُلَازِمٌ لِوُجُوبِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى‏.‏

وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ تُنْقِضُ الْوُضُوءَ السَّامِرِيُّ وَحَكَى بن حَمْدَانَ وَجْهًا بِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ بِالِالْتِقَاءِ بِحَائِلٍ وَلَا بِالْإِسْلَامِ وَإِذَنْ يَنْتَفِي الْخِلَافُ بين الْأَصْحَابِ في الْمَسْأَلَةِ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ على هذه الثَّمَانِيَةِ ظَاهِرٌ على أَنَّهُ لَا يُنْقِضُ غير ذلك وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ ما يُوجِبُ الْغُسْلَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَإِنْ لم يَكُنْ‏.‏

خَارِجًا من السَّبِيلِ كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَإِنْ لم يُنْزِلْ وَانْتِقَالِ الْمَنِيِّ وَإِنْ لم يَظْهَرْ وَالرِّدَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِيلَاجِ بِحَائِلٍ إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْغُسْلِ على ما يَأْتِي في أَوَّلِ بَابِ الْغُسْلِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ كما تَقَدَّمَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال ابن عُبَيْدَانَ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ من أَصْحَابِنَا‏.‏

قُلْت منهم الْمَجْدُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْخِرَقِيُّ وَالسَّامِرِيُّ وابن حَمْدَانَ وَقِيلَ لَا وَلَوْ مَيِّتًا وقال ابن تَمِيمٍ وما أَوْجَبَ الْغُسْلَ غَيْرُ الْمَوْتِ يَجِبُ منه الْوُضُوءُ إلَّا انْتِقَالُ الْمَنِيِّ وَالْإِيلَاجُ مع الْحَائِلِ وَإِسْلَامُ الْكَافِرِ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَالثَّانِي يَجِبُ الْوُضُوءُ بِذَلِكَ أَيْضًا‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمِنْهَا ما أَوْجَبَ غُسْلًا كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ مع حَائِلٍ يَمْنَعُ الْمُبَاشَرَةَ بِلَا إنْزَالٍ في الْأَصَحِّ فيه وَانْتِقَالِ الْمَنِيِّ بِلَا إنْزَالٍ على الْأَصَحِّ فيه وَإِسْلَامِ الْكَافِرِ في وَجْهٍ إنْ وَجَبَ غُسْلُهُ في الْأَشْهَرِ انْتَهَى وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَتَيْنِ الْوَجْهَيْنِ في وُجُوبِ الْوُضُوءِ على الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ في بَابِ الْغُسْلِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُنْقِضُ غير ذلك وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا من النَّوَاقِضِ زَوَالُ حُكْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوُهَا بِشَرْطِهِ مُطْلَقًا وَخُرُوجِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَهِيَ فيها في وَجْهٍ وَبُطْلَانِ الْمَسْحِ بِفَرَاغِ مُدَّتِهِ وَخَلْعِ حَائِلِهِ وَغَيْرِهِمَا مُطْلَقًا وَبُرْءُ مَحَلِّ الْجَبِيرَةِ وَنَحْوِهَا مُطْلَقًا كَقَلْعِهَا وَانْتِقَاضُ كُورٍ أو كُورَيْنِ من الْعِمَامَةِ في رِوَايَةٍ وَخَلْعِهَا وَبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ الذي كَمَّلَ بِهِ الْوُضُوءَ وَغَيْرَهُ بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَبِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِمَا وَزَوَالِ ما أَبَاحَهُ وَغَيْرِ ذلك انْتَهَى‏.‏

قُلْت كُلُّ ذلك مَذْكُورٌ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ في أَمَاكِنِهِ ولم يَذْكُرْهُ‏.‏

الْمُصَنِّفُ هُنَا اعْتِمَادًا على ذِكْرِهِ في أَبْوَابِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هُنَا ما هو مُشْتَرَكٌ فَأَمَّا الْمَخْصُوصُ فَيُذْكَرُ عِنْدَ حُكْمِ ما اُخْتُصَّ بِهِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِالْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا من الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى عن أَحْمَدَ رِوَايَةً بِالنَّقْضِ بِذَلِكَ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِإِزَالَةِ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ وَنَحْوِهِمَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه وَقِيلَ يُنْقَضُ قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ غَرِيبٌ قال ابن تَمِيمٍ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ في الْأَصَحِّ‏.‏

فائدة‏:‏

اقْتَصَرَ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ في كِتَابِهِ الطَّرِيقُ الْأَقْرَبُ على النَّقْضِ بِالْخَمْسَةِ الْأُوَلِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِغَيْرِهَا‏.‏

تنبيه‏:‏

دخل في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ في الْحَدَثِ أو تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ في الطَّهَارَةِ مَسَائِلُ منها ما ذَكَرَهُ هُنَا وهو قَوْلُهُ فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا وَشَكَّ في السَّابِقِ مِنْهُمَا نَظَرَ في حَالِهِ قَبْلَهُمَا فَإِنْ كان مُتَطَهِّرًا فَهُوَ مُحْدِثٌ وَإِنْ كان مُحْدِثًا فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَتَطَهَّرُ مُطْلَقًا كما لو جَهِلَ ما كان قَبْلَهُمَا في هذه الْمَسْأَلَةِ‏.‏

وقال الْأَزَجِيُّ في النِّهَايَةِ لو قِيلَ يَتَطَهَّرُ لَكَانَ له وَجْهٌ لِأَنَّ يَقِينَ الطَّهَارَةِ قد عَارَضَهُ يَقِينُ الْحَدَثِ وإذا تَعَارَضَا تَسَاقَطَا وَبَقِيَ عليه الْوُضُوءُ احْتِيَاطًا لِلصَّلَاةِ فإنه يَكُونُ مُؤَدِّيًا فَرْضَهُ بِيَقِينٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو تَيَقَّنَ فِعْلَ طَهَارَةٍ رَافِعًا بها حَدَثًا وَفِعْلَ حَدَثٍ نَاقِضًا بِهِ طَهَارَةً فإنه يَكُونُ على مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَهُمَا قَطْعًا‏.‏

وَمِنْهَا لو جَهِلَ حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا في هذه الْمَسْأَلَةِ أو عَيَّنَ وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا فَهَلْ هو كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا أو ضِدُّهُ فيه وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَوَاشِي‏.‏

قُلْت وُجُوبُ الطَّهَارَةِ أَقْوَى وَأَوْلَى‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا جَهِلَ حَالَهُمَا أَنَّهُ يَكُونُ على ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا وَقَدَّمَهُ في النُّكَتِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يَكُونُ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا وَاخْتَارَ أبو الْمَعَالِي في شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِيمَا إذَا عَيَّنَ وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا أَنَّهُ يَكُونُ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا وَجَزَمَ في الْمُسْتَوْعِبِ في مَسْأَلَةِ الْحَالَيْنِ أَنَّهُ لو تَيَقَّنَ فِعْلَهُمَا في وَقْتٍ لَا يَتَّسِعُ لَهُمَا تَعَارَضَ هذا الْيَقِينُ وَسَقَطَ وكان على حَالِهِ قبل ذلك من حَدَثٍ أو طَهَارَةٍ‏.‏

قال في النُّكَتِ وَأَظُنُّ أَنَّ وَجِيهَ الدِّينِ بن مُنَجَّا أَخَذَ اخْتِيَارَهُ من هذا وَنَزَّلَ كَلَامَ من أَطْلَقَ من الْأَصْحَابِ عليه‏.‏

وَمِنْهَا لو تَيَقَّنَ أَنَّ الطَّهَارَةَ عن حَدَثٍ وَلَا يَدْرِي الْحَدَثَ عن طُهْرٍ أو لَا فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ مُطْلَقًا‏.‏

وَمِنْهَا لو تَيَقَّنَ حَدَثًا وَفِعْلَ طَهَارَةٍ فَقَطْ فَهُوَ على ضِدِّ حَالِهَا قَبْلَهَا‏.‏

وَمِنْهَا لو تَيَقَّنَ أَنَّ الْحَدَثَ عن ‏[‏على‏]‏ طَهَارَةٍ وَلَا يَدْرِي الطَّهَارَةَ عن حَدَثٍ أَمْ لَا عَكْسُ التي قَبْلَهَا فَهُوَ مُحْدِثٌ مُطْلَقًا‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ أَحْدَثَ حَرُمَ عليه الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ‏.‏

اما تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ فَبِالْإِجْمَاعِ‏.‏

وَأَمَّا الطَّوَافُ فَتُشْتَرَطُ له الطَّهَارَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ عليه الْأَصْحَابُ فَيَحْرُمُ عليه فِعْلُهُ بِلَا طَهَارَةٍ وَلَا يُجْزِيهِ وَعَنْهُ يُجْزِيهِ وَيُجْبَرُ بِدَمٍ وَعَنْهُ وَكَذَا الْحَائِضُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال لَا دَمَ عليها لِعُذْرٍ وقال هل هِيَ وَاجِبَةٌ أو سُنَّةٌ لها فيه قَوْلَانِ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ التَّطَوُّعُ أَيْسَرُ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في أَوَّلِ الْحَيْضِ وفي بَابِ دُخُولِ مَكَّةَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ طَافَ مُحْدِثًا لم يُجْزِئْهُ‏.‏

وَأَمَّا مَسُّ الْمُصْحَفِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّ كِتَابَتِهِ وَجِلْدِهِ وَحَوَاشِيهِ لِشُمُولِ اسْمِ الْمُصْحَفِ له بِدَلِيلِ الْبَيْعِ وَلَوْ كان الْمَسُّ بِصَدْرِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ إلَّا مَسُّ كِتَابَتِهِ فَقَطْ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ قال لِشُمُولِ اسْمِ الْمُصْحَفِ لِجَوَازِ جُلُوسِهِ على بِسَاطٍ على حَوَاشِيهِ كِتَابَةٌ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وقال الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ لِلْجُنُبِ مَسُّ ما له قِرَاءَتُهُ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ جَوَازُ مَسِّ الْجِلْدِ فإنه قال لَا يَمَسُّ الْمُحْدِثُ مُصْحَفًا وَقِيلَ وَلَا جِلْدَهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلصَّبِيِّ مَسُّهُ وهو تَارَةً مَسُّ الْمُصْحَفِ فَلَا يَجُوزُ على الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ رِوَايَةً بِالْجَوَازِ وهو وَجْهٌ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

وَتَارَةً يَمَسُّ الْمَكْتُوبَ في الْأَلْوَاحِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَجُوزُ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ‏.‏

وَتَارَةً يَمَسُّ اللَّوْحَ أو يَحْمِلُهُ فَيَجُوزُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ فإنه قال وفي مَسِّ الصِّبْيَانِ كِتَابَةَ الْقُرْآنِ رِوَايَتَانِ وَاقْتَصَرَ عليه وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وهو وَجْهٌ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمَا قال في الْفُرُوعِ وَيَجُوزُ في رِوَايَةِ مَسِّ صَبِيٍّ لَوْحًا كُتِبَ فيه قال ابن رَزِينٍ وهو أَظْهَرُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وقال الْقَاضِي في مُسْتَدْرَكِهِ الصَّغِيرِ لَا بَأْسَ بِمَسِّهِ لِبَعْضِ الْقُرْآنِ وَيُمْنَعُ من جُمْلَتِهِ وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُمْنَعَ من له عَشْرٌ فَصَاعِدًا بِنَاءً على وُجُوبِ الصَّلَاةِ عليه‏.‏

فوائد‏:‏

منها لَا يَحْرُمُ حَمْلُهُ بِعِلَاقَتِهِ وَلَا في غَلَّافَتِهِ أو كُمِّهِ أو تَصَفُّحُهُ بِكُمِّهِ أو بِعُودٍ أو مَسُّهُ من وَرَاءِ حَائِلٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وابن عَبْدُوسٍ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو مُحَمَّدٍ قال الْقَاضِي وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَقِيلَ يَحْرُمُ إلَّا لِوَرَّاقٍ لِحَاجَتِهِ وَعَنْهُ الْمَنْعُ من تَصَفُّحِهِ بِكُمِّهِ وَخَرَّجَهُ الْقَاضِي وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا إلَى بَقِيَّةِ الْحَوَائِلِ وَأَبَى ذلك طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَفَرَّقَ بِأَنَّ كُمَّهُ وَعَبَاءَتَهُ مُتَّصِلًا بِهِ أَشْبَهَتْ أَعْضَاءَهُ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في حَمْلِهِ بِعِلَاقَتِهِ أو في غِلَافِهِ وَتَصَفُّحِهِ بِكُمِّهِ أو عُودٍ وَنَحْوِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَمِنْهَا هل يَجُوزُ مَسُّ ثَوْبٍ رُقِمَ بِالْقُرْآنِ أو فِضَّةٍ نُقِشَتْ بِهِ فيه وَجْهَانِ أو رِوَايَتَانِ رَوَى بن عُبَيْدَانَ في الثَّوْبِ الْمُطَرَّزِ بِالْقُرْآنِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ في الْفِضَّةِ الْمَنْقُوشَةِ قال في الْفُرُوعِ وَيَجُوزُ في رِوَايَةِ مَسِّ ثَوْبٍ رُقِمَ بِهِ وَفِضَّةٍ نُقِشَتْ بِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْجَوَازُ قال في النَّظْمِ عن الدِّرْهَمِ الْمَنْقُوشِ هذا الْمَنْصُورُ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وهو وَجْهٌ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال لِأَنَّهُ أَبْلَغُ من الْكَاغَدِ وقال الْقَاضِي في التَّخْرِيجِ ما لَا يُتَعَامَلُ بِهِ غَالِبًا لَا يَجُوزُ مَسُّهُ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وقال في النِّهَايَةِ وَقَطَعَ الْمَجْدُ بِالْجَوَازِ في مَسِّ الْخَاتَمِ الْمَرْقُومِ فيه قُرْآنٌ وَاخْتَارَ في النِّهَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُحْدِثٍ مَسُّ ثَوْبٍ كُتِبَ فيه قُرْآنٌ‏.‏

وَمِنْهَا يَجُوزُ حَمْلُ خُرْجٍ فيه مَتَاعٌ وَفِيهِ مُصْحَفٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَسَوَاءٌ كان فَوْقَ الْمَتَاعِ أو تَحْتَهُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ وهو فيه‏.‏

وَمِنْهَا يَجُوزُ مَسُّ كِتَابِ التَّفْسِيرِ وَنَحْوِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى الْقَاضِي رِوَايَةً بِالْمَنْعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ فيه وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ أَيْضًا في حَمْلِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَقِيلَ في مَسِّ الْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ فيه وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ من ذلك ما نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ في الرَّجُلِ يَكْتُبُ الحديث أو الْكِتَابَ لِلْحَاجَةِ فَيَكْتُبُ بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرَّحِيمِ فقال بَعْضُهُمْ يَكْرَهُهُ وَكَأَنَّهُ كَرِهَهُ وقال الصَّحِيحُ الْمَنْعُ من حَمْلِ ذلك وَمَسِّهِ انْتَهَى‏.‏

وَمِنْهَا يَجُوزُ مَسُّ الْمَنْسُوخِ تِلَاوَتُهُ وَالْمَأْثُورِ عن اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ذلك‏.‏

قُلْت وَالْمَنْعُ من قِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ أَقْوَى وَأَوْلَى‏.‏

وَمِنْهَا لو رُفِعَ الْحَدَثُ عن عُضْوٍ من أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ مَسَّ بِهِ الْمُصْحَفَ لم يَجُزْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلَوْ قُلْنَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عنه وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ إذَا قُلْنَا يَرْتَفِعُ عنه‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ في رَفْعِ الْحَدَثِ عن الْعُضْوِ قبل إتْمَامِ الْوُضُوءِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ ذلك مُرَاعًى فَإِنْ كَمَّلَهُ ارْتَفَعَ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَطَهِّرًا إلَّا بِعَمَلِ الْجَمِيعِ قال الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ طَاهِرٍ على الْمَذْهَبِ وقال في الرِّعَايَةِ وَلَوْ رُفِعَ الْحَدَثُ عن عُضْوٍ لم يَمَسَّهُ بِهِ قبل إكْمَالِ الطَّهَارَةِ في الْأَصَحِّ قال ابن تَمِيمٍ وَلَوْ رُفِعَ الْحَدَثُ عن عُضْوٍ لم يَمَسَّ بِهِ الْمُصْحَفَ حتى يُكْمِلَ طَهَارَتَهُ‏.‏

وَمِنْهَا يَحْرُمُ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِعُضْوٍ نَجِسٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ‏.‏

قُلْت هذا خَطَأٌ قَطْعًا‏.‏

وَمِنْهَا لَا يَحْرُمُ مَسُّهُ بِعُضْوٍ طَاهِرٍ إذَا كان على غَيْرِهِ نَجَاسَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَحْرُمُ قال في الْفُرُوعِ عن هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ‏.‏

قُلْت صَرَّحَ بن تَمِيمٍ بِالثَّانِيَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ بِالْأُولَى وَذَكَرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ في الرِّعَايَةِ وقال في التَّبْصِرَة لَا تُعْتَبَرُ الطَّهَارَةُ من النَّجَاسَةِ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ‏.‏

وَمِنْهَا يَجُوزُ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِطَهَارَةِ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ عَدِمَ الْمَاءَ لِتَكْمِيلِ الْوُضُوءِ تَيَمَّمَ لِلْبَاقِي ثُمَّ مَسَّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن عَقِيلٍ له مَسُّهُ قبل تَكْمِيلِهَا بِالتَّيَمُّمِ بِخِلَافِ الْمَاءِ قال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وهو سَهْوٌ‏.‏

وَمِنْهَا يَجُوزُ كِتَابَتُهُ من غَيْرِ مَسٍّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَقِيلَ هو كَالتَّقْلِيبِ بِالْعُودِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ جَازَ التَّقْلِيبُ بِالْعُودِ وَلِلْمَجْدِ احْتِمَالٌ بِالْجَوَازِ لِلْمُحْدِثِ دُونَ الْجُنُبِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الرِّعَايَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَحْمِلْهُ على مُقْتَضَى ما في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

تنبيه‏:‏

خَرَجَ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الذِّمِّيُّ لِانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ منه وَعَدَمِ صِحَّتِهَا وهو صَحِيحٌ لَكِنْ له نَسْخُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن عَقِيلٍ بِدُونِ حَمْلٍ وَمَسٍّ قَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ قال ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْكَافِرِ على كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ إذَا لم يَحْمِلْهُ قال أبو بَكْرٍ لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَصَاحِفَ يَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَهَا النَّصَارَى قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ يَحْتَمِلُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ يَكْتُبُهُ مُكْتَبًا بين يَدَيْهِ وَلَا يَحْمِلُهُ وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ مَسَّ الْقَلَمِ لِلْحَرْفِ كَمَسِّ الْعُودِ لِلْحَرْفِ وَقِيلَ لِأَحْمَدَ يُعْجِبُك أَنْ تَكْتُبَ النَّصَارَى الْمَصَاحِفَ قال لَا يُعْجِبُنِي قال الزَّرْكَشِيُّ فَأَخَذَ من ذلك رِوَايَةً بِالْمَنْعِ قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ يُمْكِنُ حَمْلُهَا على أَنَّهُمْ حَمَلُوا الْمَصَاحِفَ في حَالِ كِتَابَتِهَا وقال في الْجَامِعِ‏.‏

ظَاهِرُهُ كَرَاهَةُ ذلك وَكَرِهَهُ لِلْخِلَافِ وقال في النِّهَايَةِ يُمْنَعُ منه وَأَطْلَقَ في الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ الرِّوَايَتَيْنِ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ وَيُمْنَعُ من قِرَاءَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه‏.‏

قال الْقَاضِي التَّخْرِيجُ لَا يَمْنَعُ لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ من مَسِّهِ انْتَهَى وَيُمْنَعُ من تَمَلُّكِهِ فَإِنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أو غَيْرِهِ أُلْزِمَ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عنه‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ تَوَسُّدَهُ وفي تَخْرِيجِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ التَّحْرِيمَ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُصَنَّفِ وَالْمُغْنِي وَالشَّارِحِ قال في الْآدَابِ وَقَدَّمَ هو عَدَمَ التَّحْرِيمِ وهو الذي ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ وَجْهًا‏.‏

وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ التي فيها قُرْآنٌ وَإِلَّا كُرِهَ قال أَحْمَدُ في كُتُبِ الحديث إنْ خَافَ سَرِقَتَهُ فَلَا بَأْسَ قال في الْفُرُوعِ ولم يذكر أَصْحَابُنَا مَدَّ الرِّجْلَيْنِ إلَى جِهَةِ ذلك وَتَرْكُهُ أَوْلَى أو يُكْرَهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ السَّفَرُ بِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَحْرُمُ إلَّا مع غَلَبَةِ السَّلَامَةِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ بِدُونِ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ‏.‏

وَيَأْتِي بَقِيَّةُ أَحْكَامِهِ في الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ‏.‏

بَابُ‏:‏ الْغُسْلِ

تنبيه‏:‏ قَوْلُهُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ الدَّافِقِ بِلَذَّةٍ‏.‏

مُرَادُهُ إذَا خَرَجَ من مَخْرَجِهِ وَلَوْ خَرَجَ دَمًا وهو صَحِيحٌ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ ذلك لم يُوجِبْ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَأَثْبَتَ هذه الرِّوَايَةَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم ابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَغَيْرُهُ وَبَعْضُهُمْ تَخْرِيجًا منهم الْمَجْدُ من رِوَايَةِ وُجُوبِ الْغُسْلِ إذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْبَوْلِ دُونَ ما قَبْلَهُ على ما يَأْتِي قَرِيبًا‏.‏

قال ابن تَمِيمٍ فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَرِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ خَرَجَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَرِوَايَتَانِ مُطْلَقًا أَصَحُّهُمَا عَدَمُ وُجُوبِهِ ثُمَّ قال وَإِنْ صَارَ بِهِ سَلَسُ الْمَنِيِّ أو الْمَذْيُ أو الْبَوْلُ أَجْزَأَهُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقَالَهُ الْقَاضِي في مَسْأَلَةِ الْمَنِيِّ ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها في مَسْأَلَةِ الْمَنِيِّ لِكَوْنِهِ لَا يَجِبُ عليه إلَّا الْوُضُوءُ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ ذلك لم يُوجِبْ الْيَقْظَانُ‏.‏

فَأَمَّا النَّائِمُ إذَا رَأَى شيئا في ثَوْبِهِ ولم يذكر احْتِلَامًا وَلَا لَذَّةً فإنه يَجِبُ عليه الْغُسْلُ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا لَكِنْ قال الْأَزَجِيُّ وأبو الْمَعَالِي الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا رَآهُ بِبَاطِنِ ثَوْبِهِ‏.‏

قُلْت وهو صَحِيحٌ وهو مُرَادُ الْأَصْحَابِ فِيمَا يَظْهَرُ‏.‏

وَحَيْثُ وَجَبَ عليه الْغُسْلُ فَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ ما صلى قبل ذلك حتى يَتَيَقَّنَ فَيَعْمَلَ بِالْيَقِينِ في ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْمَنِيُّ منه كَابْنِ عَشْرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ بن اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً قَالَه ابن تَمِيمٍ وَفِيهِ وَجْه ابن تِسْعِ سِنِينَ جَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ اللِّعَانِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحداها لو انْتَبَهَ بَالِغٌ أو من يُحْتَمَلُ بُلُوغُهُ فَوَجَدَ بَلَلًا جَهِلَ أَنَّهُ مَنِيٌّ وَجَبَ الْغُسْلُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَجِبُ مع الْحُلُمِ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ قال الزَّرْكَشِيُّ فَهَلْ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مَنِيٌّ وهو الْمَشْهُورُ أو مَذْيٌ وَإِلَيْهِ مَيْلُ أبي مُحَمَّدٍ فيه رِوَايَتَانِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَغْسِلُ بَدَنَهُ وَثَوْبَهُ احْتِيَاطًا قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ لَا يَجِبُ وَلِهَذَا قالوا وَإِنْ وَجَدَهُ يَقِظَةً وَشَكَّ فيه تَوَضَّأَ وَلَا يَلْزَمُهُ غُسْلُ ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ حُكْمُ غَيْرِ الْمَنِيِّ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَلْزَمُهُ حُكْمُهُمَا انْتَهَى‏.‏

وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ لَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا غُسْلُ ثَوْبِهِ ذَكَرَهُ في الْفُنُونِ عن الشَّرِيفِ أبي جَعْفَرٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَ وقال يَنْبَغِي على هذا التَّقْدِيرِ أَنْ لَا يَجُوزَ له الصَّلَاةُ قبل الِاغْتِسَالِ في ذلك الثَّوْبِ قبل غَسْلِهِ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ وُجُودَ الْمُفْسِدِ لِلصَّلَاةِ لَا مَحَالَةَ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إذَا لم يَسْبِقْ نَوْمَهُ مُلَاعَبَةٌ أو بَرْدٌ أو نَظَرٌ أو فِكْرٌ أو نَحْوُهُ فَإِنْ سَبَقَ نَوْمَهُ ذلك لم يَجِبْ الْغُسْلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَجِبُ وَعَنْهُ يَجِبُ مع الْحُلُمِ قال في النُّكَتِ وَقَطَعَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ إنْ ذَكَرَ احْتِلَامًا سَوَاءٌ تَقَدَّمَ نَوْمَهُ فِكْرٌ أو مُلَاعَبَةٌ أو لَا قال وهو قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ‏.‏

الثَّانِيَةُ إذَا احْتَلَمَ ولم يَجِدْ بَلَلًا لم يَجِبْ الْغُسْلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَاه ابن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ إجْمَاعًا وَعَنْهُ يَجِبُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَأَغْرَبَ بن أبي مُوسَى في حِكَايَتِهِ رِوَايَةً بِالْوُجُوبِ وَعَنْهُ يَجِبُ إنْ وَجَدَ لَذَّةَ الْإِنْزَالِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

الثَّالِثَةُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إذَا رَأَى مَنِيًّا في ثَوْبٍ يَنَامُ فيه هو وَغَيْرُهُ وَكَانَا من أَهْلِ الِاحْتِلَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَجِبُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَافَّهُ وَلَا يَأْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في الْخِتَانِ وَمِثْلُهُ لو سَمِعَا رِيحًا من أَحَدِهِمَا وَلَا يُعْلَمُ من أَيُّهَا هِيَ وَكَذَا كُلُّ اثْنَيْنِ تُيُقِّنَ مُوجِبُ الطَّهَارَةِ من أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ أَحَسَّ بِانْتِقَالِهِ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فلم يَخْرُجْ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْإِيضَاحِ وَالنَّظْمِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَجِبُ الْغُسْلُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن أبي عُبَيْدَةَ وَحَرْبٍ قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ هذا الْمَشْهُورُ عن أَحْمَدَ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الْمَنْصُوصَةُ عن أَحْمَدَ الْمُخْتَارَةُ لِعَامَّةِ أَصْحَابِهِ حتى إنَّ جُمْهُورَهُمْ جَزَمُوا بِهِ وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ ولم يَذْكُرُوا خِلَافًا قال في التَّلْخِيصِ وَهَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ قال في الْخُلَاصَةِ يَجِبُ على الْأَصَحِّ وَنَصَرَهَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قال في الرِّعَايَةِ النَّصُّ وُجُوبُهُ وَأَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ يَرْجِعُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ

‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ حتى يَخْرُجَ وَلَوْ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالشَّرِيفُ فِيمَا حَكَاهُ عنه الشِّيرَازِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ قال في الرِّعَايَةِ فَعَلَيْهَا يُعِيدُ ما صلى لَمَّا انْتَقَلَ انْتَهَى وما رَأَيْته لِغَيْرِهِ فإذا خَرَجَ اغْتَسَلَ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْبُلُوغِ وَالْفِطْرُ وَفَسَادُ النُّسُكِ وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرُ ذلك على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ اخْتِيَارِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ تَثْبُتُ بِذَلِكَ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ الْتِزَامًا وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

قُلْت وهو أَوْلَى قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ‏.‏

وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي قال ابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَإِنْ لم يَجِبْ بِخُرُوجِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ لم يَجِبْ بِانْتِقَالِهِ بَلْ أَوْلَى‏.‏

تنبيه‏:‏

قال في الْفُرُوعِ في الْفَائِقِ لو خَرَجَ الْمَنِيُّ إلَى قُلْفَةِ الْأَقْلَفِ أو فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَجَبَ الْغُسْلُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَحَكَاه ابن تَمِيمٍ عن بَعْضِ الْأَصْحَابِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ الْغُسْلِ أو خَرَجَتْ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ لم يَجِبْ الْغُسْلُ‏.‏

يَعْنِي على الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ بِالِانْتِقَالِ من غَيْرِ خُرُوجٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وقال الْخَلَّالُ تَوَاتَرَتْ الرِّوَايَاتُ عن أبي عبد اللَّهِ أَنَّهُ ليس عليه إلَّا الْوُضُوءُ بَالَ أو لم يَبُلْ على هذا اسْتَقَرَّ قَوْلُهُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ هذا الْمَشْهُورُ عن أَحْمَدَ قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا الْمَذْهَبُ زَادَ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْأَقْوَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وابن أبي مُوسَى وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَنْهُ يَجِبُ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يَجِبُ إذَا خَرَجَ قبل الْبَوْلِ دُونَ ما بَعْدَهُ اخْتَارَهَا الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ عَكْسُهَا فَيَجِبُ الْغُسْلُ لِخُرُوجِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ دُونَ ما قَبْلَهُ ذَكَرَهَا الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ‏.‏

وَمِنْهَا خَرَّجَ الْمَجْدُ الْغُسْلَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ من غَيْرِ شَهْوَةٍ كما تَقَدَّمَ عنه وَأَطْلَقَهُنَّ بن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ وَجْهٌ لَا غُسْلَ عليه إلَّا أَنْ تَنْزِلَ الشهوة ‏[‏لشهوة‏]‏‏.‏

فوائد‏:‏

منها أَنَّ الْحُكْمَ إذَا جَامَعَ فلم يُنْزِلْ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ كَذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ هُنَا منهم بن تَمِيمٍ فقال وَإِنْ جَامَعَ وَأَكْسَلَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ نَصَّ عليه وَفِيهِ وَجْهٌ لَا غُسْلَ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ لِشَهْوَةٍ وقال في الرِّعَايَةِ وَالنَّصُّ يَغْتَسِلُ ثَانِيًا‏.‏

وَمِنْهَا قِيَاسُ انْتِقَالِ الْمَنِيِّ انْتِقَالُ الْحَيْضِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وَمِنْهَا لو خَرَجَ من امْرَأَةٍ مَنِيُّ رَجُلٍ بَعْدَ الْغُسْلِ فَلَا غُسْلَ عليها وَيَكْفِيهَا الْوُضُوءُ نَصَّ عليه وَلَوْ وطىء دُونَ الْفَرْجِ وَدَبَّ مَاؤُهُ فَدَخَلَ الْفَرْجَ ثُمَّ خَرَجَ فَلَا غُسْلَ عليها أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ ذلك وحكى عن بن عَقِيلٍ أَنَّ عليها الْغُسْلَ وهو وَجْهٌ حَكَاهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فيها وَفِيمَا إذَا دخل فَرْجَهَا من مَنِيِّ امْرَأَةٍ بِسِحَاقٍ ثُمَّ قال وَالنَّصُّ عَدَمُهُ في ذلك كُلِّهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ الْمَقْطُوعُ بِهِ وَتَقَدَّمَ الْوُضُوءُ من ذلك في أَوَّلِ الْبَابِ الذي قَبْلَهُ‏.‏

تنبيهات‏:‏

أحدها يَعْنِي بِقَوْلِهِ الثَّانِي الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ‏.‏

وهو تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ في الْفَرْجِ أو قَدْرِهَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في بَابِ الرَّجْعَةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ تَوْجِيهًا بِوُجُوبِ الْغُسْلِ بِغَيْبُوبَةِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ انْتَهَى وَمُرَادُهُ إذَا وُجِدَ ذلك بِلَا حَائِلٍ فَإِنْ وُجِدَ حَائِلٌ مِثْلُ أَنْ لَفَّ عليه خِرْقَةً أو أَدْخَلَهُ في كِيسٍ لم يَجِبْ الْغُسْلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَجِبُ أَيْضًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَهُمَا في‏.‏

الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ‏.‏

فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي هل يَجِبُ عليه الْوُضُوءُ فيه وَجْهَانِ حَكَاهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا وَالصَّحِيحُ من ‏[‏على‏]‏ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْوُضُوءِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ منهم الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ بَعْدَ قَوْلِهِ الرِّدَّةُ في الْفائدة الثَّانِي دخل في كَلَامِهِ لو كان ‏[‏كانا‏]‏ نَائِمًا أو مَجْنُونًا أو اسْتَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ الْحَشَفَةَ وهو كَذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ على النَّائِمِ وَالْمَجْنُونِ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها‏.‏

وَقِيلَ لَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وابن عُبَيْدَانَ فقالا ‏[‏فقال‏]‏ وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ حَشَفَةَ نَائِمٍ أو مَجْنُونٍ أو مَيِّتٍ أو بَهِيمَةٍ اغْتَسَلَتْ وَقِيلَ وَيَغْتَسِلُ النَّائِمُ إذَا انْتَبَهَ وَالْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَ‏.‏

قُلْت يعايى بها أَيْضًا‏.‏

الثَّالِثُ وقد يَدْخُلُ في كَلَامِهِ أَيْضًا لو اسْتَدْخَلَتْ حَشَفَةَ مَيِّتٍ أَنَّهُ يَجِبُ عليه الْغُسْلُ وهو وَجْهٌ فَيُعَادُ غُسْلُهُ فَيُعَايَى بها وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِذَلِكَ غُسْلُ الْمَيِّتِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها أَيْضًا‏.‏

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجِبُ عليها الْغُسْلُ في الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ فَكَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ على ما يَأْتِي بَعْدَ ذلك قَرِيبًا‏.‏

الرَّابِعُ شَمِلَ قَوْلُهُ تَغَيَّبَتْ الْحَشَفَةُ في الْفَرْجِ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ‏.‏

أَمَّا الْبَالِغُ فَلَا نِزَاعَ فيه وَأَمَّا غَيْرُهُ فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ‏.‏

كَالْبَالِغِ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ على غَيْرِ الْبَالِغِ غُسْلٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وقال ابن الزَّاغُونِيِّ في فَتَاوِيهِ لَا نُسَمِّيهِ جُنُبًا لِأَنَّهُ لَا مَاءَ له ثُمَّ إنْ وَجَدَ شَهْوَةً لَزِمَهُ وَإِلَّا أُمِرَ بِهِ لِيَعْتَادَهُ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ يُجَامِعُ مِثْلُهُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرُهُمْ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الذَّكَرِ بن عَشْرِ سِنِينَ وَالْأُنْثَى تِسْعٍ قال في الْفُرُوعِ الْمُرَادُ بهذا ما قَبْلَهُ يَعْنِي كَوْنَ الذَّكَرِ بن عَشْرِ سِنِينَ وَالْأُنْثَى ابْنَةَ تِسْعٍ وهو الذي يُجَامِعُ مِثْلُهُ قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَلَيْسَ عنه خِلَافُهُ انْتَهَى‏.‏

وَيَرْتَفِعُ حَدَثُهُ بِغُسْلِهِ قبل الْبُلُوغِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ أَيْضًا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ على الصَّحِيحِ عِنْدَ إرَادَةِ ما يَتَوَقَّفُ عليه الْغُسْلُ أو الْوُضُوءُ أو مَاتَ شَهِيدًا قبل فِعْلِهِ وَعَدَّ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ هذا قَوْلًا وَاحِدًا ذَكَرَهُ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَقِيلَ بَابُ الْمِيَاهِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَوْلَى أَنَّ هذا مُرَادُ الْمَنْصُوصِ أو يُغَسَّلُ لو مَاتَ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْإِمَامِ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

يَجِبُ على الصَّبِيِّ الْوُضُوءُ بِمُوجِبَاتِهِ وَجَعَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مِثْلَ مَسْأَلَةِ الْغُسْلِ إلْزَامُهُ بِاسْتِجْمَارٍ وَنَحْوِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

قال النَّاظِمُ‏:‏ يَتَعَلَّقُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ حُكْمًا فقال‏:‏

وتقضى مُلَاقَاةُ الْخِتَانِ بِعِدَّةِ أو جه وَغُسْلٍ مع ثُيُوبَةٍ تُمَهِّدْ‏.‏

وَتَقْرِيرِ مَهْرٍ وَاسْتِبَاحَةِ أَوَّلٍ *** وَإِلْحَاقِ أَنْسَابٍ وَإِحْصَانِ مُعْتَدِ‏.‏

وَفَيْئَةِ مُولٍ مع زَوَالٍ لِعُنَّةٍ *** وَتَقْرِيرِ تَكْفِيرِ الظِّهَارِ تَعَدُّدِ‏.‏

وَإِفْسَادِهَا كَفَّارَةً في ظِهَارِهِ *** وَكَوْنِ الإما ‏[‏الإماء‏]‏ صَارَتْ فِرَاشًا لِسَيِّدِ‏.‏

وَتَحْرِيمِ أصهار وَقَطْعِ تَتَابُعِ ال صيام وَحِنْثِ الْحَالِفِ الْمُتَشَدِّدِ‏.‏

انْتَهَى وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ كَالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَطْءِ الْكَامِلِ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا‏.‏

وقد رَأَيْت لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ عَدَدَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَعَدَّهَا سَبْعِينَ حُكْمًا أَكْثَرُهَا مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِنَا وَعَدُّ النَّاظِمِ ليس بِحَصْرٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ قُبُلًا الْقُبُلُ الْأَصْلِيُّ فَلَا غُسْلَ بِوَطْءٍ قبل غَيْرِ أَصْلِيٍّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ يَجِبُ قال الْقَاضِي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ لو أَوْلَجَ رَجُلٌ في قُبُلِ خُنْثَى مُشْكِلٍ هل يَجِبُ عليه الْغُسْلُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وقال ابن عَقِيلٍ لو جَامَعَ كُلُّ وَاحِدٍ من الْخُنْثَيَيْنِ الْآخَرَ بِالذَّكَرِ في الْقُبُلِ لَزِمَهُمَا الْغُسْلُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ هذا وَهْمٌ فَاحِشٌ ذَكَرَ نَقِيضَهُ بَعْدَ أَسْطُرٍ قال ابن تَمِيمٍ وهو سَهْوٌ‏.‏

قَوْلُهُ أو دُبُرًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه فَيَجِبُ على الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ لَا يَجِبُ وَأَطْلَقَهُمَا النَّاظِمُ وَقِيلَ يَجِبُ على الْوَاطِئِ دُونَ الْمَوْطُوءِ‏.‏

قَوْلُهُ من آدَمِيٍّ أو بَهِيمَةٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ حتى لو كان سَمَكَةً حَكَاهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وقال ابن شِهَابٍ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ في الْبَهِيمَةِ غُسْلٌ وَلَا فِطْرٌ وَلَا كَفَّارَةٌ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال ذَكَرَهُ عنه في بَابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَبَابُ حَدِّ الزِّنَى‏.‏

قَوْلُهُ حَيٍّ أو مَيِّتٍ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ فَأَمَّا الْمَيِّتُ فَلَا يُعَادُ غُسْلُهُ إذَا وطىء على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَقِيلَ يُعَادُ غُسْلُهُ‏.‏

قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَنْ وطىء مَيِّتًا بَعْدَ غُسْلِهِ أُعِيدَ غُسْلُهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَيَجِبُ الْغُسْلُ على كل وَاطِئٍ وَمَوْطُوءٍ إذَا كان من أَهْلِ الْغُسْلِ سَوَاءٌ كان الْفَرْجُ قُبُلًا أو دُبُرًا من كل آدَمِيٍّ أو بَهِيمَةٍ حَيًّا أو مَيِّتًا انْتَهَى‏.‏

وقال ابن تَمِيمٍ هل يَجِبُ غُسْلُ الْمَيِّتِ بِإِيلَاجٍ في فَرْجِهِ يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ وَتَابَعَه ابن عُبَيْدَانَ على ذلك وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا لو اسْتَدْخَلَتْ حَشَفَةَ مَيِّتٍ هل يُعَادُ غُسْلُهُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قالت امْرَأَةٌ لي جِنِّيٌّ يُجَامِعُنِي كَالرَّجُلِ فقال أبو الْمَعَالِي لَا غُسْلَ عليها لِعَدَمِ الْإِيلَاجِ وَالِاحْتِلَامِ قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وقد قال ابن الْجَوْزِيِّ في قَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لم يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ‏}‏ فيه دَلِيلٌ على أَنَّ الْجِنِّيَّ يَغْشَى الْمَرْأَةَ كَالْإِنْسِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ وُجُوبُ الْغُسْلِ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّالِثُ إسْلَامُ الْكَافِرِ أَصْلِيًّا كان أو مُرْتَدًّا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ في التنبيه‏.‏

وَسَوَاءٌ وُجِدَ منه ما يُوجِبُ الْغُسْلَ أو لَا وَسَوَاءٌ اغْتَسَلَ له قبل إسْلَامِهِ أو لَا وَعَنْهُ لَا يَجِبُ بِالْإِسْلَامِ غُسْلٌ بَلْ يُسْتَحَبُّ‏.‏

قُلْت وهو أَوْلَى وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قَوْلُ أبي بَكْرٍ في غَيْرِ التنبيه، وقال أبو بَكْرٍ لَا غُسْلَ عليه إلَّا إذَا وُجِدَ منه في حَالِ كُفْرِهِ ما يُوجِبُ الْغُسْلَ من الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَحَكَاهُ الْمَذْهَبُ في الْكَافِي رِوَايَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ قال الزَّرْكَشِيُّ وَأَغْرَبَ أبو مُحَمَّدٍ في الْكَافِي فَحَكَى ذلك رِوَايَةً وهو كما قال وَقِيلَ يَجِبُ بِالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ بِشَرْطِهِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو وُجِدَ سَبَبٌ من الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ في حَالِ كُفْرِهِ لم‏.‏

يَلْزَمْهُ له غُسْلٌ إذَا أَسْلَمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بَلْ يكتفى بِغُسْلِ الْإِسْلَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أَسْبَابُهُ الْمُوجِبَةُ له في الْكُفْرِ كَثِيرَةٌ وَبَنَاهُ أبو الْمَعَالِي على مُخَاطَبَتِهِمْ فَإِنْ قُلْنَا هُمْ مُخَاطَبُونَ لَزِمَهُ الْغُسْلُ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَمَنْ تَابَعَهُ كما تَقَدَّمَ لِوُجُودِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ كَالْوُضُوءِ قال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُوجِبُ الْإِسْلَامَ غُسْلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ وُجِدَ سَبَبُهُ قَبْلَهُ فَلَزِمَهُ بِذَلِكَ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ عَلَيْهِمَا غُسْلٌ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فَلَوْ اغْتَسَلَ في حَالِ كُفْرِهِ أَعَادَ على قَوْلِهِمْ جميعا على الصَّحِيحِ قال في الرِّعَايَةِ لم يُجْزِئْهُ غُسْلُهُ حَالَ كُفْرِهِ في الْأَشْهَرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في شَرْحِهِ هذا إذَا لم نُوجِبْ الْغُسْلَ وَقِيلَ لَا يُعِيدُهُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا إعَادَةَ عليه إنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهُ قال ابناءً على أَنَّهُ يُثَابُ على الطَّاعَةِ في حَالِ كُفْرِهِ إذَا أَسْلَمَ وَأَنَّهُ كَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا مُعْتَقِدًا حِلَّهَا وَفِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى‏.‏

تنبيه‏:‏

هذا الْحُكْمُ في غَيْرِ الْحَائِضِ أَمَّا الْحَائِضُ إذَا اغْتَسَلَتْ لِزَوْجِهَا أو سَيِّدِهَا الْمُسْلِمِ فإنه يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهَا إعَادَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ هِيَ كَالْكَافِرِ إذَا اغْتَسَلَ في حَالِ كُفْرِهِ على ما تَقَدَّمَ قال أبو الْفَرَجِ بن أبي الْفَهْمِ إذَا اغْتَسَلَتْ الذِّمِّيَّةُ من الْحَيْضِ لِأَجْلِ الزَّوْجِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهَا إعَادَةُ الْغُسْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهَا وقال في الرِّعَايَةِ لو اغْتَسَلَتْ كِتَابِيَّةٌ عن حَيْضٍ أو نِفَاسٍ لِوَطْءِ زَوْجٍ مُسْلِمٍ أو سَيِّدٍ مُسْلِمٍ صَحَّ ولم يَجِبْ وَقِيلَ يَجِبُ على الْأَصَحِّ وفي غُسْلِهَا من جَنَابَةٍ وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ فإذا أَسْلَمَتْ قبل وَطْئِهِ سَقَطَ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ إنْ وَجَبَ حَالَ الْكُفْرِ بِطَلَبِهَا فَالْوَجْهَانِ وَلَا يَصِحُّ غُسْلُ كَافِرَةٍ غَيْرَهَا انْتَهَى‏.‏

تنبيه‏:‏

أَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ الْمُرْتَدَّ بِالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا غُسْلَ على الْمُرْتَدِّ إنْ أَوْجَبْنَاهُ على الْأَصَحِّ‏.‏

قَوْلُهُ الرَّابِعُ الْمَوْتُ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يَجِبُ مع حَيْضٍ وَنِفَاسٍ‏.‏

قُلْت وهو بَعِيدٌ جِدًّا‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ ذلك قُلْت إنْ قُلْنَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْحَيْضِ فَانْقِطَاعُهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ غُسْلُهَا لِلْجَنَابَةِ قبل الِانْقِطَاعِ وَجَبَ غُسْلُ الْحَائِضِ الْمَيِّتَةَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَالْخَامِسُ الْحَيْضُ وَالسَّادِسُ النِّفَاسُ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ عن كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالطُّهْرُ بين الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ هذا تَجَوُّزٌ من أبي الْقَاسِمِ فإن الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ في التَّحْقِيقِ هو الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَانْقِطَاعُهُ شَرْطُ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَصِحَّتُهُ فَسَمَّاهُ مُوجِبًا انْتَهَى وَاقْتَصَرَ على هذا الْقَوْلِ في الْمُغْنِي وَقِيلَ هذا يَجِبُ بِانْقِطَاعِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمِنْهُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ إذَا فَرَغَا وَانْقَطَعَا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَشْهَرُ وقال ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ كَقَوْلِ الْخِرَقِيِّ وقال ابن الْبَنَّا قال ‏[‏كقول‏]‏ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَانْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

تَظْهَرُ فائدة الْخِلَافِ إذَا اسْتَشْهَدَتْ الْحَائِضُ قبل الطُّهْرِ فَإِنْ قُلْنَا‏:‏ يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الدَّمِ وَجَبَ غُسْلُهَا لِلْحَيْضِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ إلَّا بِالِانْقِطَاعِ لم يَجِبْ الْغُسْلُ لِأَنَّ الشَّهِيدَةَ لَا تُغَسَّلُ وَلَوْ لم يَنْقَطِعْ الدَّمُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ قَالَهُ الْمَجْدُ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَتَظْهَرُ فائدة الْخِلَافِ فِيمَا إذَا اسْتَشْهَدَتْ الْحَائِضُ قبل الطُّهْرِ هل تُغَسَّلُ لِلْحَيْضِ فيه وَجْهَانِ إنْ قُلْنَا يَجِبُ الْغُسْلُ عليها بِخُرُوجِ الدَّمِ غُسِّلَتْ لِسَبْقِ الْوُجُوبِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ إلَّا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ لم يَجِبْ انْتَهَى‏.‏

وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ على الْقَوْلَيْنِ منهم الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الطُّهْرَ شَرْطٌ في صِحَّةِ الْغُسْلِ أو في السَّبَبِ الْمُوجِبِ له ولم يُوجَدْ‏.‏

قال الطُّوفِيُّ في شَرْحِهِ بعد ما ذُكِرَ ما تَقَدَّمَ وَعَلَى هذا التَّفْرِيعِ إشْكَالٌ وهو أَنَّ الْمَوْتَ إمَّا أَنْ يُنَزَّلَ مَنْزِلَةَ انْقِطَاعِ الدَّمِ أولا فَإِنْ نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ لَزِمَ وُجُوبُ الْغُسْلِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَشَرْطِهِ على الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ لم يُنَزَّلْ مَنْزِلَةَ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَهِيَ في حُكْمِ الْحَائِضِ على الْقَوْلَيْنِ فَلَا يَجِبُ غُسْلُهَا لِأَنَّا إنْ قُلْنَا الْمُوجِبُ هو الِانْقِطَاعُ فَسَبَبُ الْوُجُوبِ مُنْتَفٍ وَإِنْ قُلْنَا الْمُوجِبُ خُرُوجُ الدَّمِ فَشَرْطُ الْوُجُوبِ وهو الِانْقِطَاعُ مُنْتَفٍ وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ انْتَهَى‏.‏

وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي على الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وهو وُجُوبُ الْغُسْلِ بِالْخُرُوجِ احْتِمَالَيْنِ لتحقق ‏[‏لتحقيق‏]‏ الشَّرْطِ بِالْمَوْتِ وهو غَيْرُ مُوجِبٍ انْتَهَى‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يَنْبَنِي أَيْضًا على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ إنه لَا يَجِبُ بَلْ لَا يَصِحُّ غُسْلُ مَيِّتَةٍ مع قِيَامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَإِنْ لم تَكُنْ شَهِيدَةً وهو قَوِيٌّ في الْمَذْهَبِ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ فيه أَنَّ غُسْلَهَا لِلْجَنَابَةِ قبل انْقِطَاعِ دَمِهَا لَا يَصِحُّ لِقِيَامِ الْحَدَثِ كما هو رَأْيُ بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَإِذًا لَا يَصِحُّ غُسْلُ لموت ‏[‏الموت‏]‏ لِقِيَامِ الْحَدَثِ كَالْجَنَابَةِ وإذا لم يَصِحَّ لم يَجِبْ حِذَارًا من تَكْلِيفِ ما لَا يُطَاقُ وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ غُسْلِهَا لِلْجَنَابَةِ قبل ذلك فَيَنْتَفِي هذا الْبِنَاءُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت هذا الْقَوْلُ الذي حَكَاهُ بِعَدَمِ صِحَّةِ غُسْلِ الْمَيِّتَةِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا‏.‏

وقال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

فَرْعٌ لو أَسْلَمَتْ الْحَائِضُ أو النُّفَسَاءُ قبل انْقِطَاعِ الدَّمِ فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ الْغُسْلُ على من أَسْلَمَ مُطْلَقًا لَزِمَهَا الْغُسْلُ إذَا طَهُرَتْ لِلْإِسْلَامِ فَيَتَدَاخَلُ الْغُسْلَانِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ خَرَجَ وُجُوبُ الْغُسْلِ عليها عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ على الْقَوْلَيْنِ في مُوجِبِهِ إنْ قُلْنَا يَجِبُ بِخُرُوجِ الدَّمِ فَلَا غُسْلَ عليها لِأَنَّهُ وَجَبَ حَالَ الْكُفْرِ وقد سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ ما قَبْلَهُ وَالتَّقْدِيرُ أَنْ لَا غُسْلَ على من أَسْلَمَ وَعَلَى هذا تُغَسَّلُ عِنْدَ الطُّهْرِ نَظَافَةً لَا عِبَادَةً حتى لو لم تَنْوِ أَجْزَأَهَا وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ بِالِانْقِطَاعِ لَزِمَهَا الْغُسْلُ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ وُجِدَ حَالَ الْإِسْلَامِ فَصَارَتْ كَالْمُسْلِمَةِ الْأَصْلِيَّةِ‏.‏

قال وَهَذَا الْفَرْعُ إنَّمَا اسْتَخْرَجْته ولم أَرَهُ لِأَحَدٍ وَلَا سَمِعْته منه وَلَا عنه إلَى هذا الْحِينِ وَإِنَّمَا أَقُولُ هذا حَيْثُ قُلْته تَمْيِيزًا لِلْمَقُولِ عن الْمَنْقُولِ أَدَاءً لِلْأَمَانَةِ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَجِبُ على الْحَائِضِ غُسْلٌ في حَالِ حَيْضِهَا من الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا وَلَكِنْ يَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فيها وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ في هذا الْبَابِ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ وَالْفَائِقِ في بَابِ الْحَيْضِ وَعَنْهُ يَجِبُ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهَا قال في النُّكَتِ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّ طَهَارَتَهَا لَا تَصِحُّ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُسْتَحَبُّ غُسْلُهَا كَذَلِكَ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يُسْتَحَبُّ غُسْلُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ انْتَهَى‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ غُسْلُ‏.‏

الْحَيْضِ قال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا وَلِذَا لَا تَمْنَعُ الْجَنَابَةُ غُسْلَ الْحَيْضِ مع وُجُودِ الْجَنَابَةِ مِثْلُ إنْ أَجْنَبَتْ في أَثْنَاءِ غُسْلِهَا من الْحَيْضِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ‏.‏

قَوْلُهُ وفي الْوِلَادَةِ الْعَرِيَّةُ عن الدَّمِ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ في بَابِ الْحَيْضِ وَالْوَجْهُ الْغُسْلُ فاما الْوِلَادَةُ الْخَالِيَةُ عن الدَّمِ فَقِيلَ لَا غُسْلَ عليها وَقِيلَ فيها وَجْهَانِ انْتَهَى‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَغَيْرِهِمْ لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ لِذَلِكَ قَالَهُ الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَالْمَجْدِ وَالشَّارِحِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ في بَابِ الْحَيْضِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ وهو رِوَايَةٌ في الْكَافِي اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وابن الْبَنَّا وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْحَيْضِ‏.‏

تنبيهان‏:‏

أحدهما قَوْلُهُ الْعَرِيَّةُ عن الدَّمِ من زَوَائِدِ الشَّارِحِ‏.‏

الثَّانِي حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ كما حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمَجْدِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن عُبَيْدَانَ وابن رَزِينٍ وَالطُّوفِيُّ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ قال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ فَإِنْ عَرَتْ الْمَرْأَةُ عن نِفَاسٍ وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا في السِّقْطِ فَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَحَكَى الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ في الْوِلَادَةِ الْعَرِيَّةِ عن الدَّمِ فَقِيلَ وهو الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ إنَّ الْوِلَادَةَ مَظِنَّةٌ لِدَمِ النِّفَاسِ غَالِبًا وَأُقِيمَتْ مَقَامَهُ كَالْوَطْءِ مع الْإِنْزَالِ وَالنَّوْمِ مع الْحَدَثِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَبِهِ عَلَّلَ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ فقال لِأَنَّ الْوَلَدَ مَخْلُوقٌ أَصْلُهُ الْمَنِيُّ أَشْبَهَ الْمَنِيَّ وَيُسْتَبْرَأُ بِهِ الرَّحِمُ أَشْبَهَ الْحَيْضَ انْتَهَى‏.‏

وَرُدَّ ذلك بِخُرُوجِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ فَإِنَّهَا لَا تُوجِبُ الْغُسْلَ بِلَا نِزَاعٍ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْرُمُ الْوَطْءُ قبل الْغُسْلِ وَيَبْطُلُ الصَّوْمُ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِي لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ وَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ قَالَه ابن تَمِيمٍ قال وقال الْقَاضِي مَتَى قُلْنَا بِالْغُسْلِ حَصَلَ بها الْفِطْرُ انْتَهَى وَكَذَا بَنَى صَاحِبُ الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ هذه الْأَحْكَامَ على التَّعْلِيلَيْنِ وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ في تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَبُطْلَانِ الصَّوْمِ بِهِ قبل الْغُسْلِ الْخِلَافَ على الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَلَدَ طاهر ‏[‏ظاهر‏]‏ قال في الْفُرُوعِ وَالْوَلَدُ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ النَّجَاسَاتِ وَعَنْهُ ليس بِطَاهِرٍ فَيَجِبُ غُسْلُهُ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقًا وفي مُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ ذَكَرَهَا في كِتَابِ الطَّهَارَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ في وُجُوبِ غُسْلِ الْوَلَدِ مع الدَّمِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى وَالْأَقْوَى الْوُجُوبُ لِمُلَابَسَتِهِ لِلدَّمِ وَمُخَالَطَتِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ سِوَى هذه السَّبْعَةِ التي ذَكَرَهَا وهو صَحِيحٌ وَيَأْتِي بَعْضُ الْمَسَائِلِ في وُجُوبِ الْغُسْلِ فيها خِلَافٌ في الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ حَرُمَ عليه قِرَاءَةُ آيَةٍ فَصَاعِدًا‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ يَجُوزُ قِرَاءَةُ آيَةٍ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ عن أَحْمَدَ يَجُوزُ قِرَاءَةُ آيَةٍ وَنَحْوِهَا قال في التَّلْخِيصِ وَقِيلَ يَخْرُجُ من تَصْحِيحِ خُطْبَةِ الْجُنُبِ جَوَازُ قِرَاءَةِ آيَةٍ مع اشْتِرَاطِهَا وقال ابن عَقِيلٍ في وَاضِحِهِ في مَسْأَلَةِ الْإِعْجَازِ لَا يَحْصُلُ التَّحَدِّي بِآيَةٍ أو آيَتَيْنِ وَلِهَذَا جَوَّزَ الشَّرْعَ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ تِلَاوَتَهُ لِأَنَّهُ لَا إعْجَازَ فيه بِخِلَافِ ما إذَا طَالَ وقال أبو الْمَعَالِي لو قَرَأَ آيَةً لَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنًى أو بِحُكْمٍ كَقَوْلِهِ ‏{‏ثُمَّ نَظَرَ‏}‏ أو مَدّهَا مَدَّتَانِ لم يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَقِيلَ لَا تُمْنَعُ الْحَائِضُ من قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَنَقَلَ الشَّافِعِيُّ كَرَاهَةَ الْقِرَاءَةِ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَعَنْهُ لَا يَقْرَآنِ وَالْحَائِضُ أَشَدُّ وَيَأْتِي ذلك أَوَّلَ بَابِ الْحَيْضِ‏.‏

قَوْلُهُ وفي بَعْضِ آيَةٍ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

إحْدَاهُمَا الْجَوَازُ وهو الْمَذْهَبُ قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَيَحْرُمُ قِرَاءَةُ آيَةٍ على جُنُبٍ وَنَحْوِهِ قال في الْإِفَادَاتِ لَا يَقْرَأُ آيَةً وقال في الْفُرُوعِ وَيَجُوزُ بَعْضُ آيَةٍ على الْأَصَحِّ وَلَوْ كَرَّرَ ما لم يَتَحَيَّلْ على قِرَاءَةٍ تَحْرُمُ عليه وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ قال في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَلَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ آيَةٍ تَبَرُّكًا‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى الْجَوَازُ إنْ لم تَكُنْ طَوِيلَةً كَآيَةِ الدَّيْنِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في الشَّرْحِ أَظْهَرُهُمَا لَا يَجُوزُ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةٌ لَا تُجْزِئُ في الصَّلَاةِ لِإِسْرَارِهَا في ظَاهِرِ كَلَامِ نِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال غَيْرُهُ له تَحْرِيكُ شَفَتَيْهِ إذَا لم يُبَيِّنْ الْحُرُوفَ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ له تَهَجِّيهِ قال في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَلَهُ تَهَجِّيهِ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في بُطْلَانِ صَلَاةٍ بِتَهَجِّيهِ هذا الْخِلَافِ وقال في الْفُصُولِ تَبْطُلُ لِخُرُوجِهِ عن نَظْمِهِ وَإِعْجَازِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى له قِرَاءَةُ الْبَسْمَلَةِ تَبَرُّكًا وَذِكْرًا وَقِيلَ أو تَعَوُّذًا أو اسْتِرْجَاعًا في مُصِيبَةٍ لَا قِرَاءَةَ نَصَّ عليه وَعَلَى الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ وَالصَّيْدِ وَالذَّبْحِ وَلَهُ قَوْلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ إذَا لم يُرِدْ الْقِرَاءَةَ وَلَهُ التَّفَكُّرُ في الْقُرْآنِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَلَهُ قَوْلُ ما وَافَقَ قُرْآنًا ولم يَقْصِدْهُ نَصَّ عليه وَالذِّكْرُ وَعَنْهُ ما أَحَبَّ أَنْ يُؤَذِّنَ لِأَنَّهُ من الْقُرْآنِ قال الْقَاضِي في هذا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ وَعَلَّلَهُ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ بِأَنَّهُ كَلَامٌ مَجْمُوعٌ انْتَهَى وَكَرِهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِلْجُنُبِ الذَّكَرِ لَا لِلْحَائِضِ‏.‏

فائدة‏:‏

قال أبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ وَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ في الْمُصْحَفِ من غَيْرِ تِلَاوَةٍ وَيَقْرَأُ عليه الْقُرْآنَ وهو سَاكِتٌ لِأَنَّهُ في هذه الْحَالَةِ لَا يُنْسَبُ إلَى قِرَاءَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ يَجُوزُ له الْعُبُورُ في الْمَسْجِدِ‏.‏

يَجُوزُ لِلْجُنُبِ عُبُورُ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ لِإِطْلَاقِهِمْ إبَاحَةَ الْعُبُورِ له وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَّا لِحَاجَةٍ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ على الْإِبَاحَةِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ‏.‏

وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ منهم بِذَلِكَ وَحَمَلَ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ على ذلك‏.‏

فائدة‏:‏

كَوْنُ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا قَرِيبًا حَاجَةٌ قَالَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في الرِّعَايَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ قال ابن تَمِيمٍ وَكَوْنُ الطَّرِيقِ أَخْصَرَ نَوْعُ حَاجَةٍ ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا انْتَهَى

‏.‏

قال في الْفُرُوعِ في آخِرِ الْوَقْفِ كَرِهَ أَحْمَدُ اتِّخَاذَهُ طَرِيقًا وَمَنَعَ شَيْخُنَا من اتِّخَاذِهِ طَرِيقًا انْتَهَى‏.‏

وَأَمَّا مُرُورُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فَيَأْتِي حُكْمُهُ في أَوَّلِ بَابِ الْحَيْضِ وَإِنْ شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا‏.‏

فائدة‏:‏

حَيْثُ أَبَحْنَا لِلْكَافِرِ دُخُولَ الْمَسْجِدِ فَفِي مَنْعِهِ وهو جُنُبٌ وَجْهَانِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وابن تَمِيمٍ ذَكَرَهُ في بَابِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ وَالْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في بَابِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ‏.‏

قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ من جَوَّزَ لهم الدُّخُولَ الْإِطْلَاقُ وَأَكْثَرُهُمْ يَحْصُلُ له الْجَنَابَةُ ولم نَعْلَمْ أَحَدًا قال بِاسْتِفْسَارِهِمْ وهو الْأَوْلَى وَيَأْتِي ذلك في أَحْكَامِ الذِّمَّةِ وَبَنَى الْخِلَافَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ على مُخَاطَبَتِهِمْ بِالْفُرُوعِ وَعَدَمِهَا‏.‏

فائدة‏:‏

يُمْنَعُ السَّكْرَانُ من الْعُبُورِ في الْمَسْجِدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلِلْقَاضِي في الْخِلَافِ جَوَابٌ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ وَيُمْنَعُ أَيْضًا من عليه نَجَاسَةٌ من اللُّبْثِ فيه قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ وَتَتَعَدَّى كَظَاهِرِ كَلَامِ الْقَاضِي قال بَعْضُهُمْ وَيَتَيَمَّمُ لها لِعُذْرٍ قال في الْفُرُوعِ وهو ضَعِيفٌ‏.‏

قُلْت لو قِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا من غَيْرِ عُذْرٍ لَكَانَ له وَجْهٌ صِيَانَةً له عن دُخُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ من غَيْرِ عُذْرٍ‏.‏

وَيُمْنَعُ أَيْضًا الْمَجْنُونُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُكْرَهُ كَصَغِيرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فيه وَأَطْلَقَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ مَنْعَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَنَقَلَ‏.‏

مُهَنَّا يَنْبَغِي أَنْ يُجَنَّبَ الصِّبْيَانَ الْمَسَاجِدَ وقال في النَّصِيحَةِ يُمْنَعُ الصَّغِيرُ من اللَّعِبِ فيه لَا لِصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ وهو مَعْنَى كَلَامِ بن بَطَّةَ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عليه اللُّبْثُ فيه إلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ في غَيْرِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ تَوَضَّأَ نَقَلَهَا أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ قَالَهُ في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وَعَنْهُ يَجُوزُ وَإِنْ لم يَتَوَضَّأْ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ وَنَقَلَهَا الْخَطَّابِيُّ عن أَحْمَدَ وَقِيلَ في جُلُوسِهِ فيه بِلَا غُسْلٍ وَلَا وُضُوءٍ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْكَافِرِ إذَا جَازَ له دُخُولُ الْمَسْجِدِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها لو تَعَذَّرَ الْوُضُوءُ على الْجُنُبِ وَاحْتَاجَ إلَى اللُّبْثِ جَازَ له من غَيْرِ تَيَمُّمٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وأبو الْمَعَالِي يَتَيَمَّمُ قال في الْمُغْنِي الْقَوْلُ بِعَدَمِ التَّيَمُّمِ غَيْرُ صَحِيحٍ قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وهو الْأَقْوَى عِنْدِي‏.‏

وَأَمَّا لُبْثُهُ فيه لِأَجْلِ الْغُسْلِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وقال ابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال ابن تَمِيمٍ وَفِيهِ بُعْدٌ مع اقْتِصَارِهِ عليه وَقِيلَ لَا يَتَيَمَّمُ‏.‏

وَمِنْهَا مُصَلَّى الْعِيدِ مَسْجِدٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ هذا هو الصَّحِيحُ وَمَنَعَ في الْمُسْتَوْعِبِ الْحَائِضَ منه ولم يَمْنَعْهَا في النَّصِيحَةِ منه وَأَمَّا مُصَلَّى الْجَنَائِزِ فَلَيْسَ بِمَسْجِدٍ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَمِنْهَا حُكْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ حُكْمُ الْجُنُبِ فِيمَا تَقَرَّرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ لَا يُبَاحُ لَهُمَا ما يُبَاحُ لِلْجُنُبِ‏.‏

كما قبل طُهْرِهِمَا نَصَّ عليه وَيَأْتِي ذلك في بَابِ الْحَيْضِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْأَغْسَالُ الْمُسْتَحَبَّةُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ غُسْلًا لِلْجُمُعَةِ‏.‏

يَعْنِي أَحَدُهَا الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه وَعَنْهُ يَجِبُ على من تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وهو من الْمُفْرَدَاتِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا وَأَوْجَبَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ من عَرَقٍ أو رِيحٍ يَتَأَذَّى بِهِ الناس وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ أَيْضًا‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ أو الْوُجُوبِ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ أَنْ يَكُونَ في يَوْمِهَا لِحَاضِرِهَا إنْ صلى‏.‏

فائدة‏:‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُسْتَحَبُّ لها الِاغْتِسَالُ لِلْجُمُعَةِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لها قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَمَنْ لَا يَكُونُ له الْحُضُورُ من النِّسَاءِ يُسَنُّ لها الْغُسْلُ قال الشَّارِحُ فَإِنْ أَتَاهَا من لَا تَجِبُ عليه سُنَّ له الْغُسْلُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ لِلصَّبِيِّ وَالْمُسَافِرِ‏.‏

وَيَأْتِي في الْجُمُعَةِ وَقْتُ الْغُسْلِ وَوَقْتُ فَضِيلَتِهِ وَهَلْ وهو آكَدُ الْأَغْسَالِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْعِيدَيْنِ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَجِبُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ أو الْوُجُوبِ أَنْ يَكُونَ حَاضِرَهُمَا وَيُصَلِّيَ سَوَاءٌ صلى وَحْدَهُ أو في جَمَاعَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ إلَّا إذَا صلى في الْجَمَاعَةِ قال في التَّلْخِيصِ ليس لِمَنْ حَضَرَهُ وَإِنْ لم يُصَلِّ‏.‏

قَوْلُهُ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالْكُسُوفُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لَهُمَا ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ‏.‏

فائدة‏:‏

وَقْتُ مَسْنُونِيَّةِ الْغُسْلِ من طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَالْآمِدِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ له الْغُسْلُ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَتِهِ قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُصِيبُ السُّنَّةَ قبل الْفَجْرِ وَبَعْدَهُ وقال أبو الْمَعَالِي في جَمِيعِ لَيْلَتِهِ أو بَعْدَ نِصْفِهَا كَالْأَذَانِ فإنه أَقْرَبُ قال في الْفُرُوعِ فَيَجِيءُ من قَوْلِهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ يَخْتَصُّ بِالسَّحَرِ كَالْأَذَانِ‏.‏

قُلْت لو قِيلَ يَكُونُ وَقْتُ الْغُسْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِدْرَاكِ وَعَدَمِهِ لَكَانَ له وَجْهٌ‏.‏

وَوَقْتُ الْغُسْلِ لِلِاسْتِسْقَاءِ عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ لِلصَّلَاةِ وَالْكُسُوفِ عِنْدَ وُقُوعِهِ وفي الْحَجِّ عِنْدَ إرَادَةِ فِعْلِ النُّسُكِ الذي يُغْتَسَلُ له قَرِيبًا منه‏.‏

قَوْلُهُ وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ؛ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابُ الْغُسْلِ من غُسْلِ الْمَيِّتِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ وهو وَجْهٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ قال ابن عَقِيلٍ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَعَنْهُ يَجِبُ من الْكَافِرِ وَقِيلَ يَجِبُ من غُسْلِ الْحَيِّ أَيْضًا وَقِيلَ يَجِبُ مُطْلَقًا‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عليه إذَا أَفَاقَا من غَيْرِ احْتِلَامٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بهذا الْقَيْدِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يَجِبُ وَالْحَالَةُ هذه وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَقِيلَ يَجِبُ مع وُجُودِ الْبِلَّةِ قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وقال ابن تَمِيمٍ وَلَا يَجِبُ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ غُسْلٌ وَإِنْ وَجَدَ بِلَّةً إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مَنِيٌّ وَعَنْهُ يَجِبُ بِهِمَا وَفِيهِ وَجْهٌ يَجِبُ إنْ كان ثَمَّ بِلَّةٌ مُحْتَمَلَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا قال ابن الْبَنَّا إنْ قِيلَ إنَّ الْمَجْنُونَ يُنْزِلُ وَجَبَ عليه الْغُسْلُ قال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ بَعْدَ كَلَامِ بن الْبَنَّا وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى تَرْتِيبِ الْخِلَافِ على أَنَّ الْمَجْنُونَ يُنْزِلُ أو لَا يُنْزِلُ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ تَيَقَّنَ الْحُلُمَ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وقال بَعْضُهُمْ إنْ تَيَقَّنَ وَجَبَ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ‏.‏

قُلْت مَأْخَذُهَا إمَّا التَّرْتِيبُ على احْتِمَالِ الْإِنْزَالِ وَعَدَمِهِ أو النَّظَرُ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِنْزَالِ تَارَةً وَإِلَى الِاحْتِيَاطِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِنْزَالِ تَارَةً أُخْرَى‏.‏

قُلْت التَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ إنْ تَيَقَّنَ الْإِنْزَالَ وَجَبَ الْغُسْلُ أو عَدَمُهُ فَلَا يَجِبُ وَإِنْ تَرَدَّدَ فيه فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَإِنْ ظَنَّهُ ظَنًّا فَهَلْ يُلْحَقُ بِمَا إذَا تَيَقَّنَ أو بِمَا إذَا شَكَّ فيه أو يُخَرَّجُ على تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ إذا الظَّاهِرُ الْإِنْزَالُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ تَحَقَّقَ الْإِنْزَالُ وَجَبَ وَإِلَّا خَرَجَ على فِعْلِهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هل هو لِلْوُجُوبِ أو لِلنَّدْبِ على ما عُرِفَ في الْأُصُولِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ‏.‏

وَهَذَا التَّقْرِيرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا تَيَقَّنَ الْإِنْزَالَ أولا وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِدُونِ تَيَقُّنِ الْإِنْزَالِ اطراحا لِلشَّكِّ وَاسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ وَحَكَى ذلك بن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا وهو مع احْتِمَالِهِ وَالِاخْتِلَافِ فيه عن أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ عَجِيبٌ انْتَهَى كَلَامُ الطُّوفِيِّ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ إذَا أَفَاقَا من غَيْرِ احْتِلَامٍ أَنَّهُمَا إذَا احْتَلَمَا من ذلك يَجِبُ الْغُسْلُ وهو الصَّحِيحُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وفي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ وَقِيلَ إنْ أَنْزَلَا وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا وقال في الْكُبْرَى وفي الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِلَا احْتِلَامٍ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ إنْ أَنْزَلَا مَنِيًّا وَقِيلَ أو ما يَحْتَمِلُهُ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِلَّا سُنَّ وقال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وفي الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ بِلَا حُلْمٍ رِوَايَتَانِ وقال أبو الْخَطَّابِ إنْ لم يَتَيَقَّنْ مِنْهُمَا الْإِنْزَالُ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا انْتَهَى‏.‏

وقد يُفْهَمُ من الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّ لنا رِوَايَةً بِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَإِنْ أَنْزَلَ ولم أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِذَلِكَ وهو بَعِيدٌ جِدًّا مع تَحَقُّقِ الْإِنْزَالِ‏.‏

قَوْلُهُ وَغُسْلُ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ يَجِبُ حَكَاهَا في التَّبْصِرَةِ وَمَنْ بَعْدَهُ قال في الرِّعَايَةِ يُسَنُّ غُسْلُهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ لِوَقْتِ كل صَلَاةٍ ثُمَّ لِكُلِّ صَلَاةِ جَمْعٍ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ في السَّفَرِ ثُمَّ في كل يَوْمٍ مَرَّةً مع الْوُضُوءِ لِوَقْتِ كل صَلَاةٍ وَعَنْهُ يَجِبُ غُسْلُهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقِيلَ إذَا جَمَعَتْ بين صَلَاتَيْنِ فَلَا انْتَهَى‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ دُخُولُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالطَّاهِرِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

قَوْلُهُ وَدُخُولِ مَكَّةَ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَالطَّوَافِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وقال وَلَوْ قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ لِدُخُولِ مَكَّةَ كان الْغُسْلُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ ذلك فيه نَوْعُ عَبَثٍ لَا مَعْنَى له‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَلَوْ كانت حَائِضًا أو نُفَسَاءَ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يُسْتَحَبُّ لها ذلك قال في الْفُرُوعِ وَمِثْلُهُ أَغْسَالُ الْحَجِّ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ حَصْرِهِ الْأَغْسَالُ الْمُسْتَحَبَّةُ في الثَّلَاثَةَ عَشَرَ الْمُسَمَّاةِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِغَيْرِ ذلك وَبَقِيَ مَسَائِلُ لم يَذْكُرْهَا‏.‏

منها ما نَقَلَهُ صَالِحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِدُخُولِ الْحَرَمِ‏.‏

وَمِنْهَا ما ذَكَرَه ابن الزَّاغُونِيِّ في مَنْسَكِهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلسَّعْيِ‏.‏

وَمِنْهَا ما ذَكَرَه ابن الزَّاغُونِيُّ في مَنْسَكِهِ أيضا ‏[‏عن‏]‏ وصاحب ‏[‏صاحب‏]‏ الْإِشَارَةِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَيَالِيَ مِنًى‏.‏

وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُهُ لِدُخُولِ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ على سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ نَصَّ أَحْمَدُ على اسْتِحْبَابِهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُهُ لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ يُسْتَحَبُّ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قال ابن عُبَيْدَانَ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَمِنْهَا ما اخْتَارَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ بِالسِّنِّ وَالْإِنْبَاتِ ولم أَرَهُ لِغَيْرِهِ‏.‏

وَمِنْهَا الْغُسْلُ لِلْحِجَامَةِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَصَحَّحَاهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْغُسْلَ من غُسْلِ الْمَيِّتِ آكَدُ الْأَغْسَالِ ثُمَّ بَعْدَهُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ آكَدُ الْأَغْسَالِ وَقِيلَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ آكَدُ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ غُسْلُ الْمَيِّتِ آكَدُ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ يَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِمَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ له لِلْحَاجَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ في الْإِحْرَامِ وَقِيلَ لَا يَتَيَمَّمُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ‏.‏

من الْأَصْحَابِ في الْإِحْرَامِ على ما يَأْتِي وَأَطْلَقَهُمَا بن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ لِغَيْرِ الْإِحْرَامِ‏.‏

وَالثَّالِثَةُ يَتَيَمَّمُ لِمَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ له لِعُذْرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِغَيْرِ عُذْرٍ قال في الْفُرُوعِ وَتَيَمُّمُهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ يَحْتَمِلُ عَدَمَ الْمَاءِ قال وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ في رَدِّهِ السَّلَامَ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لِئَلَّا يَفُوتَ الْمَقْصُودُ وهو رَدُّهُ على الْفَوْرِ وَجَوَّزَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ التَّيَمُّمَ لِمَا يُسْتَحَبُّ له الْوُضُوءُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ فَخَفَّ أَمْرُهَا‏.‏

وَتَقَدَّمَ ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ في بَابِ الْوُضُوءِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ‏.‏

قَوْلُهُ في صِفَةِ الْغُسْلِ وهو ضَرْبَانِ كَامِلٌ يَأْتِي فيه بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ وَغَسْلُ يَدَيْهِ ثَلَاثًا قبل الْغُسْلِ وَغَسْلُ ما بِهِ من أَذًى وَالْوُضُوءُ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا كَامِلًا قبل الْغُسْلِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ أَنْ يُؤَخِّرَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ حتى يَغْتَسِلَ وَعَنْهُ غُسْلُ رِجْلَيْهِ مع الْوُضُوءِ وَتَأْخِيرُ غَسْلِهِمَا حتى يَغْتَسِلَ سَوَاءً في الْأَفْضَلِيَّةِ وَأَطْلَقَهُنَّ بن تَمِيمٍ وَعَنْهُ الْوُضُوءُ بَعْدَ الْغُسْلِ أَفْضَلُ وَعَنْهُ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ‏.‏

تنبيه‏:‏

يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ وَيَحْثِي على رَأْسِهِ ثَلَاثًا يروى بها أُصُولَ الشَّعْرِ أَنَّهُ يروى بِمَجْمُوعِ الْغَرَفَاتِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يروى بِكُلِّ مَرَّةٍ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ بِكُلِّ مَرَّةٍ قال في الْفُرُوعِ ويروى رَأْسَهُ وَالْأَصَحُّ ثَلَاثًا وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ‏.‏

وَاسْتَحَبَّ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ تَخْلِيلَ أُصُولِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ قبل إفَاضَةِ الْمَاءِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُفِيضُ الْمَاءَ على سَائِرِ جَسَدِهِ ثَلَاثًا‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ مَرَّةً وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَمَاعَةٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ بِشِقِّهِ الْأَيْمَنِ بِلَا نِزَاعٍ وَيُدَلِّكُ بَدَنَهُ بِيَدَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ أَيْضًا قال الْأَصْحَابُ يَتَعَاهَدُ مَعَاطِفَ بَدَنِهِ وَسُرَّتَهُ وَتَحْتَ إبِطَيْهِ وما يَنُوءُ عنه الْمَاءُ وقال الزَّرْكَشِيُّ كَلَامُ أَحْمَدَ قد يَحْتَمِلُ وُجُوبَ الدَّلْكِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَنْتَقِلُ من مَوْضِعِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ قال في التَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِ وَغُسْلُ رِجْلَيْهِ نَاحِيَةً لَا في حَمَّامٍ وَنَحْوِهِ وقال في الْفَائِقِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ عن مَوْضِعِهِ وَعَنْهُ لَا وَعَنْهُ إنْ خَافَ التَّلَوُّثَ‏.‏

قَوْلُهُ فَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ غَسْلَهُمَا إلَّا لِطِينٍ وَنَحْوِهِ كَالْوُضُوءِ‏.‏

تنبيه‏:‏

يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ وَمُجْزَى وهو أَنْ يَغْسِلَ ما بِهِ من أَذًى يُصِيبُهُ من فَرْجِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ كان مُرَادُهُ فَهُوَ على الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ على ما يَأْتِي وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فيه وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَعَمَّ من ذلك فَيَكُونُ مُرَادُهُ النَّجَاسَةَ مُطْلَقًا وهو أَوْلَى وَحَمَلَ بن عُبَيْدَانَ كَلَامَهُ على ما إذَا كان عليه نَجَاسَةٌ‏.‏

أو أَذًى ثُمَّ قال وَكَذَلِكَ إنْ كانت على سَائِرِ بَدَنِهِ أو على شَيْءٍ من أَعْضَاءِ الْحَدَثِ وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ ما على فَرْجِهِ من نَجَاسَةٍ أو مَنِيٍّ أو نَحْوِ ذلك وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُرَادُ ما عليه من نَجَاسَةٍ قال وهو أَجْوَدُ من قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ انْتَهَى قال الزَّرْكَشِيُّ مُرَادُهُ النَّجَاسَةُ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كانت على مَوْضِعٍ من الْبَدَنِ فَتَارَةً تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ وَتَارَةً لَا تَمْنَعُ فَإِنْ مَنَعَتْ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَدَنِ فَلَا إشْكَالَ في تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْغُسْلِ على زَوَالِهَا وَإِنْ كانت لَا تَمْنَعُ فَقَدَّمَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَصَحَّحُوهُ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا مع آخِرِ غَسْلَةٍ طَهُرَ عِنْدَهَا قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ وقال في النَّظْمِ هو الْأَقْوَى وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْغُسْلَ يَصِحُّ قبل زَوَالِ النَّجَاسَةِ كَالطَّاهِرَاتِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ طَائِفَةٍ من الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وَقِيلَ لَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ إلَّا بِغَسْلَةٍ مُفْرَدَةٍ بَعْدَ طَهَارَتِهِ ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ حَكَاهُ عنه ابن عُبَيْدَانَ‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْغُسْلِ على الْحُكْمِ بِزَوَالِ النَّجَاسَةِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي مُحَمَّدٍ في الْمُقْنِعِ ثُمَّ قال لَكِنْ لَفْظُهُ يُوهِمُ زَوَالَ ما بِهِ من أَذًى أَوَّلًا وَهَذَا الْإِيهَامُ ظَاهِرُ ما في الْمُسْتَوْعِبِ فإنه قال في المجزي ‏[‏المجزئ‏]‏ يُزِيلُ ما بِهِ من أَذًى ثُمَّ يَنْوِي وَتَبِعَا في ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَبَا الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ لَكِنَّ لَفْظَهُ في ذلك أَبْيَنُ من لَفْظِهِمَا وَأَجْرَى على الْمَذْهَبِ فإنه قال يَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَنْوِي وَكَذَلِكَ قال ابن عَبْدُوسٍ في الْمُجْزِئِ يَنْوِي بَعْدَ كَمَالِ الِاسْتِنْجَاءِ وَزَوَالِ نَجَاسَتِهِ إنْ كانت ثُمَّ قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُحْمَلُ كَلَامُ أبي مُحَمَّدٍ وَالسَّامِرِيِّ على ما قال أبو الْخَطَّابِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الِاسْتِنْجَاءُ بِشَرْطِ تَقَدُّمِهِ على الْغُسْلِ كَالْمَذْهَبِ في الْوُضُوءِ لَكِنَّ هذا قد يَشْكُلُ على أبي مُحَمَّدٍ فإن مُخْتَارَهُ في الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ عليه قال وَيَتَلَخَّصُ لي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْغُسْلِ تَقْدِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ عليه إنْ قُلْنَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُهُ على الْوُضُوءِ وَإِنْ لم نَقُلْ ذلك وَكَانَتْ النَّجَاسَةُ على غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ أو عَلَيْهِمَا غير خَارِجَةٍ مِنْهُمَا يُشْتَرَطُ التَّقْدِيمُ ثُمَّ هل يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ مع بَقَاءِ النَّجَاسَةِ أو لَا يَرْتَفِعُ إلَّا مع الْحُكْمِ بِزَوَالِهَا فيه قَوْلَانِ انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَذَكَرَ صَاحِبُ الْحَاوِي ما وَافَقَ عليه الْمَجْدُ كما تَقَدَّمَ وهو أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا مع آخِرِ غَسْلَةٍ طَهُرَ عِنْدَهَا ولم يذكر في المجزىء ‏[‏المجزئ‏]‏ غَسْلُ ما بِهِ من أَذًى فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فَظَاهِرُهُ التَّنَاقُضُ‏.‏

تنبيه‏:‏

حَكَى أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ أو ثَلَاثًا وَحَكَاهُ في الْفُرُوعِ رِوَايَتَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَعُمُّ بَدَنَهُ بِالْغُسْلِ‏.‏

فَشَمِلَ الشَّعْرَ وما تَحْتَهُ من الْبَشَرَةِ وَغَيْرِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْمُغْنِي وهو ظَاهِرُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ، قُلْت‏:‏ وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَقِيلَ لَا يَجِبُ غَسْلُ الشَّعْرِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ فَظَاهِرُهُ إدْخَالُ الظُّفْرِ في الْخِلَافِ وَنَصَرَ في الْمُغْنِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الشَّعْرِ الْمُسْتَرْسِلِ وقال هو وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ لَكِنْ قال الزَّرْكَشِيُّ لَا يَظْهَرُ لي وَجْهُ احْتِمَالِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِذَلِكَ وَقِيلَ لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ اخْتَارَهُ الدِّينَوَرِيُّ فقال بَاطِنُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ في الْجَنَابَةِ كَالْوُضُوءِ وَقِيلَ يَجِبُ غَسْلُ الشَّعْرِ في الْحَيْضِ دُونَ الْجَنَابَةِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها لَا يَجِبُ غَسْلُ ما أَمْكَنَ غَسْلُهُ من بَاطِنِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ من جَنَابَةٍ‏.‏

وَلَا نَجَاسَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه قال الْمَجْدُ هذا أَصَحُّ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقُ وقال الْقَاضِي يَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعَهَا إذَا كانت ثَيِّبًا لا مكانه من غَيْرِ ضَرَرٍ كَحَشَفَةِ الْأَقْلَفِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ إلَى حَيْثُ يَصِلُ الذَّكَرُ إنْ كانت ثَيِّبًا وَإِنْ كانت بِكْرًا فَلَا قال فَعَلَى هذا لَا تُفْطِرُ بِإِدْخَالِ الْإِصْبَعِ وَالْمَاءِ إلَيْهِ وَقِيلَ إنْ كان في غُسْلِ الْحَيْضِ وَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ وَلَا يَجِبُ في غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَتَمَّ من هذا‏.‏

وَمِنْهَا يَجِبُ على الْمَرْأَةِ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مُلْتَقَى الشَّفْرَيْنِ وما يَظْهَرُ عِنْدَ الْقُعُودِ على رِجْلَيْهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ قَالَهُ في الْحَاوِي وَغَيْرِهِ‏.‏

وَمِنْهَا يَجِبُ غَسْلُ حَشَفَةِ الْأَقْلَفِ الْمَفْتُوقِ جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَقِيلَ لَا يَجِبُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَمِنْهَا يَجِبُ نَقْضُ شَعْرِ رَأْسِ الْمَرْأَةِ لِغُسْلِ الْحَيْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ هو مُخْتَارُ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ وَحَكَاه ابن الزَّاغُونِيِّ رِوَايَةً وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وابن عَبْدُوسٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْحَدِيثَيْنِ على الِاسْتِحْبَابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ‏.‏

تنبيه‏:‏

كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ حَكَى الْخِلَافَ نَصًّا وَوَجْهًا وَبَعْضُهُمْ حَكَاهُ وَجْهَيْنِ وَحَكَاهُ في الْكَافِي وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا رِوَايَتَيْنِ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ بن الزَّاغُونِيِّ‏.‏

وَمِنْهَا لَا يَجِبُ نَقْضُ شَعْرِ الرَّأْسِ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ‏.‏

من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَجِبُ وَقِيلَ يَجِبُ إنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَه ابن الزَّاغُونِيِّ‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ كَالْحَائِضِ وَالْحَالَةُ هذه الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَيَعُمُّ بَدَنَهُ بِالْغُسْلِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ يُكْتَفَى في الْإِسْبَاغِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يُحَرِّكُ خَاتَمَهُ في الْغُسْلِ لِيَتَيَقَّنَ وُصُولَ الْمَاءِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ في الْغُسْلِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ كَالتَّرْتِيبِ وَعَنْهُ تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ حَكَاهَا بن حَامِدٍ وَحَكَاهَا أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَجْهًا وَقَدَّمَهُ في الْإِيضَاحِ في آخِرِ الْبَابِ وَجَزَمَ بِهِ في أَوَّلِ الْبَابِ وَتَقَدَّمَ ذلك في الْوُضُوءِ عِنْدَ الْكَلَامِ على الْمُوَالَاةِ وقال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ تَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ في الْغُسْلِ فَعَلَيْهَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في سُنَنِ الْوُضُوءِ‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ في الْغُسْلِ أو الْوُضُوءِ وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فَلَا بُدَّ لِلْإِتْمَامِ من نِيَّةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في الْمُوَالَاةِ في الْوُضُوءِ بِأَتَمَّ من هذا‏.‏

تنبيهان‏:‏

الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وُجُوبُ غَسْلِ دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَاخْتَارَهَا صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ لَا يَجِبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في الْكَلَامِ على غَسْلِ الْوَجْهِ في الْوُضُوءِ‏.‏

وَالثَّانِي لم يذكر الْمُصَنِّفُ هُنَا التَّسْمِيَةَ وهو مَاشٍ على اخْتِيَارِهِ في عَدَمِ وُجُوبِهَا في الْوُضُوءِ كما تَقَدَّمَ ذلك‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ التَّسْمِيَةِ على الْغُسْلِ كَهِيَ على الْوُضُوءِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَاخْتِيَارًا وَقِيلَ لَا تَجِبُ التَّسْمِيَةُ لِغُسْلِ الذِّمِّيَّةِ من الْحَيْضِ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّة‏.‏

وَيَحْسُنُ بِنَاءُ الْخِلَافِ في أَنَّهُمْ هل هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا‏.‏

فائدة‏:‏

يُسْتَحَبُّ السِّدْرُ في غُسْلِ الْحَيْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيِّ وَكَلَامِ بن عَقِيلٍ وُجُوبُ ذلك وَقَالَهُ ابن أبي مُوسَى‏.‏

وَيُسْتَحَبُّ لها أَيْضًا أَنْ تَأْخُذَ مِسْكًا فَتَجْعَلَهُ في قُطْنَةٍ أو شَيْءٍ وَتَجْعَلَهُ في فَرْجِهَا بَعْدَ غُسْلِهَا فَإِنْ لم تَجِدْ فَطِينًا لِتَقْطَعَ الرَّائِحَةَ ولم يذكر الْمُصَنِّفُ الطِّينَ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ الطِّينُ فَبِمَاءٍ طَهُورٍ وقال أَحْمَدُ أَيْضًا في غُسْلِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ كَمَيِّتٍ قال الْقَاضِي في جَامِعِهِ مَعْنَاهُ يَجِبُ مَرَّةً وَيُسْتَحَبُّ ثَلَاثًا وَيَكُونُ السِّدْرُ وَالطِّيبُ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ‏.‏

وَيُسْتَحَبُّ في غُسْلِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ السِّدْرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَإِزَالَةِ شَعْرِهِ وَأَوْجَبَهُ في التَّنْبِيهِ وَالْإِرْشَادِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَيَتَوَضَّأُ بالمد ‏[‏ومهنا‏]‏ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّاعَ هُنَا خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رِطْلٍ كَصَاعِ الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْفِدْيَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَقَلَهُ الجماعة ‏[‏جماعة‏]‏ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَوْمَأَ في رِوَايَة ابن مُشَيْشٍ أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ في الْمَاءِ خَاصَّةً وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال هو الْأَقْوَى وَتَقَدَّمَ قَدْرُ الرِّطْلِ في آخِرِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَالْخِلَافُ فيه وَالْمُدُّ رُبُعُ الصَّاعِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْبَغَ بِدُونِهِمَا أَجْزَأَهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَعْرُوفُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ ذَكَرَه ابن الزَّاغُونِيِّ فَمَنْ بَعْدَهُ وقد أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يَكُونُ مَكْرُوهًا بِدُونِهِمَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالثَّانِي لَا يُكْرَهُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِذَلِكَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اغْتَسَلَ يَنْوِي الطَّهَارَتَيْنِ أَجْزَأَهُ عنهما‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ حتى يَتَوَضَّأَ إما قبل الْغُسْلِ أو بَعْدَهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَسَوَاءٌ وُجِدَ منه الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ أو لَا نَحْوُ أَنْ يَكُونَ قد فَكَّرَ أو نَظَرَ فَانْتَقَلَ الْمَنِيُّ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ الْبَابِ قَبْلَهُ وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ أَنَّهُ يُجْزِيهِ عنهما إذَا أتى بِخَصَائِصِ الْوُضُوءِ من التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ وَمَسْحِ رَأْسِهِ وَإِلَّا فَلَا وَقَطَعَ بِهِ في الْمُبْهِجِ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ أو غَسَلَ رَأْسَهُ ثُمَّ رِجْلَيْهِ أَخِيرًا انْتَهَى وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ الْجُنُبَ مع الْغُسْلِ وُضُوءٌ بِدُونِ حَدَثٍ يُوجِبُهُ قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَذَكَرَهُ الدِّينَوَرِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ إنْ أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ فَلَا تَدَاخُلَ وَقِيلَ من أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ أو أَجْنَبَ ثُمَّ أَحْدَثَ يَكْفِيهِ الْغُسْلُ على الْأَصَحِّ وَيَأْتِي كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا وقال في الرِّعَايَةِ وَلَوْ غَسَلَ بَدَنَهُ نَاوِيًا لَهُمَا ثُمَّ أَحْدَثَ غَسَلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَلَا تَرْتِيبَ وَقِيلَ لو زَالَتْ الْجَنَابَةُ عن أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِهِ ثُمَّ اغْتَسَلَ لَهُمَا لم يَتَدَاخَلَا وَإِنْ غَسَلَ بَدَنَهُ إلَّا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ تَدَاخَلَا وَقِيلَ لو غَسَلَ الْجُنُبُ كُلَّ بَدَنِهِ إلَّا رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَغَسَلَهُمَا ثُمَّ غَسَلَ بَقِيَّةَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ انْتَهَى‏.‏

قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَتَابَعَه ابن عَقِيلٍ وَالْآمِدِيُّ لو أَجْنَبَ فَغَسَلَ جَمِيعَ بَدَنِهِ إلَّا رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ قال وَلَيْسَ في الْأُصُولِ وُضُوءٌ يُوجِبُ التَّرْتِيبَ في ثَلَاثَةِ أَعْضَاءٍ وَلَا يَجِبُ في الرِّجْلَيْنِ إلَّا هذا وَعَلَّلَهُ فَيُعَايَى بها‏.‏

وقال إنْ أَجْنَبَ فَغَسَلَ أَعْضَاءَ وضوءه ‏[‏وضوئه‏]‏ ثُمَّ أَحْدَثَ قبل أَنْ يَغْسِلَ بَقِيَّةَ بَدَنِهِ غَسَلَ ما بَقِيَ من بَدَنِهِ عن الْجَنَابَةِ وَغَسَلَ أَعْضَاءَ وضوءه ‏[‏وضوئه‏]‏ عن الْحَدَثِ على‏.‏

التَّرْتِيبِ وَإِنْ غَسَلَ بَدَنَهُ إلَّا أَعْضَاءَ وضوءه ‏[‏وضوئه‏]‏ ثُمَّ أَحْدَثَ غَسَلَ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ منها ولم يَجِبْ تَرْتِيبٌ انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ ارْتَفَعَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ عَكْسُهُ كَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ يَجِبُ الْوُضُوءُ فَقَطْ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى فَقَطْ لَا يُجْزِئُ عن الصُّغْرَى وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَرْتَفِعُ الْأَصْغَرُ أَيْضًا معه وقال ‏[‏وقاله‏]‏ الْأَزَجِيُّ أَيْضًا وَحَكَاهُ أبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ رِوَايَةً ذَكَرَه ابن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَ‏.‏

فَائِدَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا مِثْلُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لو نَوَى بِهِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أو أَمْرًا لَا يُبَاحُ إلَّا بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ لَا قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لو نَوَتْ من انْقَطَعَ حَيْضُهَا بِغُسْلِهَا حِلَّ الْوَطْءِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا إنَّمَا نَوَتْ ما يُوجِبُ الْغُسْلَ وهو الْوَطْءُ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي‏.‏

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ إذَا أَرَادَ النَّوْمَ أو الْأَكْلَ أو الْوَطْءَ ثَانِيًا أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأَ‏.‏

إذَا أَرَادَ الْجُنُبُ النَّوْمَ اُسْتُحِبَّ له غَسْلُ فَرْجِهِ وَوُضُوءُهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ ذلك لِلرَّجُلِ فَقَطْ قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ هذا الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في كَلَامِ أَحْمَدَ ما ظَاهِرُهُ وُجُوبُهُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاسْتِحْبَابِ يُكْرَهُ تَرْكُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وإذا أَرَادَ الْأَكْلَ وَكَذَا الشُّرْبُ اُسْتُحِبَّ له غَسْلُ فَرْجِهِ وَوُضُوءُهُ قَبْلَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ فَقَطْ وَعَنْهُ يَغْسِلُ يَدَهُ وَيَتَمَضْمَضُ فَقَطْ وَعَلَى كل قَوْلٍ لَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا نَصَّ عليه قَالَه ابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُكْرَهُ صَحَّحَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

وإذا أَرَادَ مُعَاوَدَةَ الْوَطْءِ اُسْتُحِبَّ له غَسْلُ فَرْجِهِ وَوُضُوءُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ فَقَطْ ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ وَعَلَيْهَا لَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ لَا يُكْرَهُ في الْمَنْصُوصِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَصَحَّحَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ كَالْجُنُبِ وَقَبْلَ انْقِطَاعِهِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْوُضُوءُ لِأَجْلِ الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت وَاسْتِحْبَابُ غَسْلِ جَنَابَتِهَا وَهِيَ حَائِضٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ يُشْعِرُ بِاسْتِحْبَابِ وضوءها ‏[‏وضوئها‏]‏ لِلنَّوْمِ هُنَا‏.‏

فوائد‏:‏

منها لو أَحْدَثَ بَعْدَ الْوُضُوءِ لم يُعِدْهُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لِتَعْلِيلِهِمْ بِخِفَّةِ الْحَدَثِ أو بِالنَّشَاطِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَنَّهُ يُعِيدُهُ حتى يَبِيتَ على إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ وقال‏:‏ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فيه جُنُبٌ» وهو حَدِيثٌ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وقال في الْفَائِقِ بَعْدَ أَنَّ ذَكَرَ الِاسْتِحْبَابَ في الثَّلَاثَةِ وَالْوُضُوءُ هُنَا لَا يَبْطُلُ بِالنَّوْمِ‏.‏

وَمِنْهَا غَسْلُهُ عِنْدَ كل مَرَّةٍ أَفْضَلُ قُلْت فَيُعَايَى بها‏.‏

وَمِنْهَا يُكْرَهُ بِنَاءُ الْحَمَّامِ وَبَيْعُهُ وَإِجَارَتُهُ وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ على الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ‏.‏

وقال في رِوَايَة ابن الْحَكَمِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ من بَنَاهُ النِّسَاءُ‏.‏

وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يُكْرَهُ كَسْبُ الْحَمَّامِيِّ وفي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ الصَّحِيحُ لَا يُكْرَهُ وَلَهُ دُخُولُهُ نَصَّ عليه وقال ابن الْبَنَّا يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْغُنْيَةِ وَإِنْ عَلِمَ وُقُوعَهُ في مُحَرَّمٍ حَرُمَ وفي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ له دُخُولُهُ مع ظَنِّ السَّلَامَةِ غَالِبًا وَلِلْمَرْأَةِ دُخُولُهُ لِعُذْرٍ وَإِلَّا حَرُمَ نَصَّ عليه وَكَرِهَهُ بِدُونِ عُذْرٍ بن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ قال في الْفَائِقِ وَقِيلَ يَجُوزُ لِضَرَرٍ يَلْحَقُهَا بِتَرْكِ اغْتِسَالٍ فيه لِنَظَافَةِ بَدَنِهَا اخْتَارَه ابن الْجَوْزِيِّ وَشَيْخُنَا انْتَهَى‏.‏

وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ دُخُولُهُ إلَّا من عِلَّةٍ يُصْلِحُهَا الْحَمَّامُ وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ مع الْعُذْرِ تَعَذُّرَ غَسْلِهَا في بَيْتِهَا لِتَعَذُّرِهِ أو خَوْفِ ضَرَرٍ وَنَحْوِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ لَا يُعْتَبَرُ وهو ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَقِيلَ وَاعْتِيَادُ دُخُولِهَا عُذْرٌ لِلْمَشَقَّةِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَتَجَرَّدُ فَتَدْخُلُهُ بِقَمِيصٍ خَفِيفٍ قَالَه ابن أبي مُوسَى وَأَوْمَأَ إلَيْهِ‏.‏

وَلَا يُكْرَهُ قُرْبُ الْغُرُوبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ خِلَافًا لِلْمِنْهَاجِ لِانْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ‏.‏

وَتُكْرَهُ فيه الْقِرَاءَةُ نَصَّ عليه وَنَقَلَ صَالِحٌ لَا يُعْجِبُنِي وَقِيلَ لَا تُكْرَهُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ يُكْرَهُ السَّلَامُ وَقِيلَ لَا‏.‏

وَلَا يُكْرَهُ الذِّكْرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُكْرَهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَسَطْحِهِ وَنَحْوِهِ كَبَقِيَّتِهِ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه كَصَلَاةٍ على ما يَأْتِي، وَيَأْتِي هل ثَمَنُ الْمَاءِ على الزَّوْجِ أو عليها في كِتَابِ النَّفَقَاتِ‏.‏

وَيُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ في مُسْتَحَمٍّ وَمَاءٍ عُرْيَانًا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عليها أَكْثَرُ نُصُوصِهِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي إنَّ لِلْمَاءِ سُكَّانًا‏.‏