فصل: باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب اليمين في الطلاق والعتاق

قال المصنف في الكافي‏:‏ الأصل في هذا الباب أن الولد الميت ولد في حق غيره لا في حق نفسه، وأن الأول اسم لفرد سابق والأخير لفرد لاحق والوسط لفرد بين العددين المتساويين، وأن الشخص الواحد متى اتصف بواحد من هذه الثلاثة فلا يتصف بالآخر للتنافي بينهما، ولا كذلك الفعل؛ لأن اتصافه بالأولية لا ينافي اتصافه بالآخرية؛ لأن الفعل الثاني غير الأول فلو قال آخر تزوج أتزوج فالتي أتزوجها طالق طلقت المتزوجة مرتين؛ لأنه جعل الآخر وصفا للفعل وهو العقد، وعقدها هو الآخر كما سيأتي بيانه قوله ‏(‏إن ولدت فأنت كذا حنث بالميت بخلاف فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي وحده‏)‏ أي لو قال لامرأته إن ولدت فأنت طالق أو قال لأمته إن ولدت فأنت حرة فولدت ولدا ميتا طلقت المرأة، وعتقت الجارية؛ لأن الموجود مولود فيكون ولدا حقيقة ويسمى به في العرف ويعتبر ولدا في الشرع حتى تنقضي به العدة والدم بعده نفاس، وأمه أم ولد فيتحقق الشرط، وهو ولادة الولد بخلاف ما لو قال لأمته إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي وحده عند أبي حنيفة، وقالا لا يعتق واحد منهما؛ لأن الشرط قد تحقق بولادة الميت على ما بينا فتنحل اليمين لا إلى جزاء؛ لأن الميت ليس بمحل للحرية، وهو الجزاء ولأبي حنيفة أن مطلق الاسم قد تقيد بوصف الحياة؛ لأنه قصد إثبات الحرية جزاء، وهي قوة حكمية تظهر في دفع تسليط الغير فلا يثبت في الميت فيتقيد بوصف الحياة كما إذا قال إذا ولدت ولدا حيا بخلاف جزاء الطلاق وحرية الأم؛ لأنه لا يصلح مقيدا‏.‏ وأشار المصنف إلى أنه لو قال أول ولد تلدينه فهو حر أنه يتقيد بوصف الحياة عنده حتى لو ولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي، وعندهما لا يعتق، وأما إذا قيده بالحياة نصا فإنه يعتق الحي اتفاقا، وإلى أنه لو قال أول عبد يدخل علي فهو حر فأدخل عليه عبد ميت ثم آخر حي فإنه يعتق الآخر الحي، وهو بالإجماع على الصحيح والعذر لهما أن العبودية بعد الموت لا تبقى؛ لأن الرق يبطل بالموت بخلاف الولد أو الولادة، وأشار بالمسألة الأولى إلى أنها لو أسقطت سقطا مستبين الخلق فإنها تطلق وتعتق؛ لأنه ولد شرعا، ولو لم يستبن شيء من خلقه لا يعتبر، وتقدم حكمه في الحيض‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أول عبد أملكه فهو حر فملك عبدا عتق، ولو ملك عبدين ثم آخر‏)‏ ‏(‏لا يعتق واحد منهم‏)‏؛ لأن الأول اسم لفرد سابق، وقد وجد في المسألة الأولى وانعدم التفرد في الثانية في الأوليين وانعدم السبق في الثالث فانعدمت الأولية‏.‏

قوله ‏(‏ولو زاد وحده عتق الثالث‏)‏ أي لو قال أول عبد أملكه وحده فهو حر فملك عبدين ثم ملك آخر عتق العبد الثالث؛ لأنه يراد به التفرد في حال سبب الملك؛ لأن وحده للحال لغة، والثالث سابق في هذا الوصف، ولا فرق بين أن يذكر الملك أو الشراء، ومراد المصنف من زيادة وحده أنه زاد وصفا للأول سواء كان وحده أو لا فيشمل ما لو قال أول عبد اشتريه بالدنانير فهو حر فاشترى عبدا بالدراهم أو بالعروض ثم اشترى عبدا بالدنانير فإنه يعتق، وكذا لو قال أول عبد اشتريه أسود فهو حر فاشترى عبيدا بيضا ثم أسود فإنه يعتق، وقيد بوحده؛ لأنه لو قال أول عبد اشتريه واحدا فهو حر فاشترى عبدين ثم اشترى عبدا فإنه لا يعتق الثالث لاحتمال أن يكون حالا للعبد أو للمالك فلا يعتق بالشك وتمامه في التبيين وواحدا بالنصب على أنه حال‏.‏ وأما إذا كان مجرورا فهو صفة للعبد فهو كوحده كما لا يخفى ولو قال أول عبد أملكه فهو حر فملك عبدا ونصف عبد عتق العبد الكامل؛ لأن نصف العبد ليس بعبد فلم يشاركه في اسمه فلا يقطع عنه اسم الأولية والفردية كما لو ملك معه ثوبا أو نحوه بخلاف ما إذا قال أول كر أملكه فهو هدي فملك كرا ونصفا حيث لا يلزمه شيء؛ لأن النصف يزاحم الكل في المكيلات والموزونات لأنه بالضم يصير شيئا واحدا بخلاف الثياب والعبيد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلو قال‏:‏ آخر عبد أملكه فهو حر فملك عبدا ومات لم يعتق‏)‏؛ لأن الآخر بكسر الخاء فرد لاحق، ولا سابق له فلا يكون لاحقا، ولهذا يدخل في الأول فيستحيل أن يدخل في ضده، وفي فتح القدير، وهذه المسألة مع التي تقدمت تحقق أن المعتبر في تحقق الآخرية وجود سابق بالفعل، وفي الأولية عدم تقدم غيره لا وجود آخر متأخر عنه، وإلا لم يعتق المشتري في قوله‏:‏ أول عبد أشتريه فهو حر إذا لم يشتر بعده غيره‏.‏ ا هـ‏.‏ والضمير في مات راجع إلى المالك‏.‏

قوله ‏(‏فلو اشترى عبدا ثم عبدا ثم مات عتق الآخر‏)‏؛ لأنه فرد لاحق فاتصف بالآخرية، ولم يذكر المصنف وقت عتقه للاختلاف فعند الإمام يستند العتق إلى وقت الشراء حتى يعتبر من جميع المال إن كان اشتراه في صحته عند أبي حنيفة، وإلا عتق من الثلث، وعندهما يعتق مقتصرا على حالة الموت فيعتبر من الثلث على كل حال؛ لأن الآخرية لا تثبت إلا بعدم شراء غيره بعده وذلك يتحقق بالموت فكان الشرط متحققا عند الموت فيقتصر عليه ولأبي حنيفة أن الموت معرف فأما اتصافه بالآخرية فمن وقت الشراء فيثبت مستندا، وعلى هذا الخلاف تعليق الطلقات الثلاث به كما إذا قال آخر امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثا فيقع عند الموت عندهما وترث بحكم أنه فار، ولها مهر واحد وعليها العدة أبعد الأجلين من عدة الطلاق والوفاة فإن كان الطلاق رجعيا فعليها عدة الوفاة وتحد، وعنده يقع منذ تزوجها فإن كان دخل بها فلها مهر ونصف مهر بالدخول بشبهة ونصف مهر بالطلاق قبل الدخول، وعدتها بالحيض بلا حداد، ولا ترث منه‏.‏ ولو قال آخر امرأة أتزوجها طالق فتزوج امرأة ثم أخرى ثم طلق الأولى ثم تزوجها ثم مات طلقت التي تزوجها مرة؛ لأن التي أعاد عليها التزوج اتصفت بكونها أولى فلا تتصف بالآخرية للتضاد كمن قال آخر عبد أضربه فهو حر فضرب عبدا ثم ضرب آخر ثم أعاد الضرب في الأول ثم مات عتق المضروب مرة بخلاف الفعل كما قدمناه أول الباب، وقيد بموت المولى؛ لأنه لا يعلم أن الثاني آخر إلا بموت المولى لجواز أن يشتري غيره فيكون هو الآخر، ولم يذكر المصنف الأوسط قال في البدائع، ولو قال أوسط عبد أشتريه فهو حر فكل عبد فرد له حاشيتان متساويتان فيما قبله وبعده فهو أوسط، ولا يكون الأول ولا الآخر وسطا أبدا، ولا يكون الوسط إلا في وتر، ولا يكون في شفع فإذا اشترى عبدا ثم عبدا ثم عبدا فالثاني هو الوسط فإذا اشترى رابعا خرج الثاني من أن يكون أوسط فإذا اشترى خامسا صار الثالث هو الوسط فإذا اشترى سادسا خرج من أن يكون أوسط، وعلى هذا فقس‏.‏ ا هـ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كل عبد بشرني بكذا فهو حر فبشره ثلاثة متفرقون‏)‏ ‏(‏عتق الأول‏)‏؛ لأن البشارة اسم لخبر سار صدق ليس للمبشر به علم عرفا ويتحقق ذلك من الأول دون الباقين، وأصله ما روي‏:‏ «أنه صلى الله عليه وسلم مر بابن مسعود، وهو يقرأ القرآن فقال عليه السلام من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد فابتدر إليه أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما فسبق أبو بكر عمر فكان يقول بشرني أبو بكر، وأخبرني عمر»، ولو كتب إليه أحدهما كتابا بالبشارة يعتق إلا إذا نوى المشافهة؛ لأن البشارة قد تكون بالكتابة؛ لأن الكتابة من الغائب بمنزلة الخطاب من الحاضر، وكذا لو أرسل إليه رسولا فإنه يعتق في البشارة والخبر بخلاف الحديث لا يحنث إلا بالمشافهة ولو حلف لا يدعو فلانا فكتب إليه يدعوه حنث كما في الذخيرة، وقيدناها بالصدق؛ لأنه لو بشره كذبا لا يقع؛ لأنه، وإن ظهر في بشرة الوجه الفرح والسرور باعتبار الظاهر لكنه قد زال لما تبين له خلافه بخلاف من أخبرني أن فلانا قدم فكذا فأخبره واحد كذبا فإنه يعتق؛ لأنه ينطلق على الكذب والصدق بخلاف ما إذا قال من أخبرني بقدومه فلا بد من الصدق كما قدمناه ففي البشارة لا فرق بين أن يأتي بالباء أو لا بخلاف الخبر، وقد علم الفرق في بحث الباء من الأصول والكتابة كالخبر فلو قال إن كتبت أن فلانا قدم فكذا فكتب كذبا عتق؛ لأنها جمع الحروف وقد وجد بخلاف إن كتبت بقدومه فلا بد من قدومه حقيقة فلو كتب بقدومه غير عالم به، وقد قدم حقيقة عتق بلغ الخبر إلى الحالف أو لا لوجود الشرط كما في المحيط، وأما الإعلام فلا بد فيه من الصدق؛ لأن الإعلام إثبات العلم والكذب لا يفيده كذا في البدائع، ولا فرق فيه بين أن يأتي بالباء أو لا كما في الذخيرة وخرج الخبر الضار فليس ببشارة عرفا، وإن سماه الله بشارة في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فبشرهم بعذاب أليم‏}‏؛ لأنه بشارة لغة، والكلام في العرف‏.‏ وفي المحيط لو قال أول من بشرني بقدوم فلان من عبيدي فهو حر فأرسل بعض عبيده عبدا آخر فقال قل للمولى إن فلانا يقول لك قد قدم فلان فأبلغه ذلك العبد قال يعتق المرسل دون الرسول، وهو بمنزلة الكتابة، ولو قال الرسول إن فلانا قد قدم، ولم يقل أرسلني إليك فلان عبدك بكذا عتق الرسول دون المرسل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن بشروه معا عتقوا‏)‏ لتحققها من الجميع قال تعالى‏:‏ ‏{‏وبشروه بغلام عليم‏}‏‏.‏

قوله ‏(‏وصح شراء أبيه للكفارة لا شراء من حلف بعتقه وأم ولده‏)‏؛ لأن شراء القريب إعتاق؛ لأنه عليه السلام جعل نفس الشراء إعتاقا؛ لأنه لا يشترط غيره فصار نظير قوله سقاه فأرواه فصادف النية العلة فأجزأه عن الكفارة، وأما شراء من حلف بعتقه كما إذا قال إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه ينوي به كفارة عن يمينه أو غيرها فإنه لا يجزئه؛ لأن الشرط قران النية بعلة العتق، وهي اليمين فأما الشراء فشرطه، وأما أم الولد فقد تقدم في الظهار أنه لو أعتقها عن كفارته لا يجوز، وليس هذا بمراده هنا‏.‏ وأما قوله‏:‏ أم الولد معطوف على من يعني أنه لو قال لأمة قد استولدها بالنكاح إن اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني ثم اشتراها فإنها تعتق لوجود الشرط، ولا تجزئه عن الكفارة؛ لأن حريتها مستحقة بالاستيلاد فلا تضاف إلى اليمين من كل وجه بخلاف ما إذا قال لقنة إن اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني حيث يجزئه عنها إذا اشتراها؛ لأن حريتها غير مستحقة بجهة أخرى فلم تختل الإضافة إلى اليمين، وقد قارنته النية‏.‏ والحاصل أن النية إذا قارنت علة العتق، ورق المعتق كامل صح التكفير، وإلا فلا، وقولهم هنا أن اليمين علة العتق من باب إطلاق الكل، وإرادة الجزء؛ لأن العلة هو الجزاء، وهو أنت حر لا مجموع اليمين من الشرط والجزاء، وقيد بالشراء؛ لأنه لو ورث قريبه ونواه عن كفارته لا يصح؛ لأنه لم يوجد من جهته فعل حتى يجعل تحريرا كذا في المحيط وينبغي أنه لو وهب له قريبه أو تصدق به عليه أو أوصي له به أو جعل مهرا لها فنوى أن يكون عن كفارته عند قبوله فإنه يجوز؛ لأن النية صادفت العلة الاختيارية بخلاف الإرث؛ لأنه جبري، ولم أره منقولا صريحا، وكلامهم يفيده دلالة‏.‏

قوله ‏(‏إن تسريت أمة فهي حرة صح لو في ملكه وإلا لا‏)‏ أي، وإن لم يكن في ملكه لم يصح التعليق؛ لأنها إن كانت في ملكه فقد انعقدت اليمين في حقها لمصادفتها الملك، وهذا؛ لأن الجارية منكرة في هذا الشرط فتتناول لكل جارية على الانفراد‏.‏ وأما إذا اشترى جارية وتسراها فإنها لا تعتق خلافا لزفر فإنه يقول التسري لا يصح إلا في الملك فكان ذكره ذكرا لملك فصار كما إذا قال لأجنبية إن طلقتك فعبدي حر يصير التزوج مذكورا، ولنا أن الملك يصير مذكورا ضرورة صحة التسري، وهو شرط فيتقدر بقدره، ولا يظهر في حق صحة الجزاء هو الحرية‏.‏ وفي مسألة الطلاق إنما يظهر في حق الشرط دون الجزاء حتى لو قال لها إن طلقتك فأنت طالق ثلاثا فتزوجها وطلقها واحدة لا تطلق ثلاثا فهذا وزان مسألتنا قيد بقوله فهي حرة؛ لأنه لو قال إن تسريت أمة فأنت طالق أو عبدي حر فتسرى من في ملكه أو من اشتراه بعد التعليق، وأنها تطلق ويعتق العبد لوجود الشرط بلا مانع قال في التبيين لو قال لأمة إن تسريت بك فعبدي حر فاشتراها فتسرى بها عتق عبده الذي كان في ملكه وقت الحلف، ولا يعتق من اشتراه بعده‏.‏ ا هـ‏.‏ فاحفظ هذا فإن بعض أهل العصر قاس مسألة تعليق الطلاق بالتسري على مسألة المختصر، وهو غلط فاحش؛ لأن المنكوحة يصح تعليق طلاقها بأي شرط كان‏.‏ ثم اعلم أن التسري هنا تفعل من السرية، وهو اتخاذها والسرية إن كانت من السرور فإنها تسر بهذه الحالة ويسر هو بها أو من السرو والسيادة فضم سينها على الأصل وإن كانت من السر بمعنى الجماع أو بمعنى ضد الجهر فإنها قد تخفى على الزوجات الحرائر فضمها من تغييرات النسب كما قالوا دهري بالضم في النسبة إلى الدهر، وفي النسبة إلى السهل من الأرض سهلي بالضم والفعل منه بحسب اعتبار مصدره، ومعنى التسري عند أبي حنيفة ومحمد أن يحصن أمته ويعدها للجماع أفضى إليها بمائه أو عزل عنها، وعند أبي يوسف أن لا يعزل ماءه مع ذلك فعرف أنه لو وطئ أمة له، ولم يفعل ما ذكرناه من التحصين والإعداد لا يكون تسريا، وإن لم يعزل عنها وإن علقت منه، ولو حلف لا يتسرى فاشترى جارية فحصنها ووطئها حنث ذكره القدوري في التجريد عن أبي حنيفة ومحمد كذا في فتح القدير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كل مملوك لي حر‏)‏ ‏(‏عتق عبيده القن وأمهات أولاده، ومدبروه لا مكاتبه‏)‏ لوجود الإضافة المطلقة فيما عدا المكاتب إذ الملك ثابت فيهم رقبة ويدا ولا يدخل المكاتب إلا بالنية؛ لأن الملك غير ثابت يدا فيه، ولهذا لا يملك أكسابه، ولا يحل له وطء المكاتبة بخلاف المدبر وأم الولد فاختلت الإضافة ومعتق البعض كالمكاتب لما ذكرنا، وقد قدمنا الكلام عليه في العتق المعلق فراجعه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ هذه طالق أو هذه، وهذه‏)‏ ‏(‏طلقت الأخيرة وخير في الأولين، وكذا العتق والإقرار‏)‏ يعني لو قال لعبيده هذا حر أو هذا، وهذا عتق الأخير، وله الخيار في الأولين، وكذا لو قال لفلان علي ألف درهم أو لفلان، وفلان لزمه خمسمائة للأخير، وله أن يجعل خمسمائة لأيهما شاء والأصل هنا أن كلمة أو لإثبات أحد المذكورين، وقد أدخلها بين الأولين، وعطف الثالث على الواقع منهما؛ لأن العطف للمشاركة في الحكم فيختص بمحل الحكم، وذكر في المغني في مسألة الإقرار أن النصف للأول والنصف للأخيرين والصواب الأول، وعليه المعنى؛ لأن الثالث معطوف على من له الحق منهما فيكون شريكا له، ولو كان معطوفا على ما يليه كما ذكر لكان المقر به للأول وحده أو للأخيرين؛ لأنه أوجبه لأحد المذكورين لا لهما فتنتفي الشركة إلا إذا مات قبل البيان قيد بكون أو دخلت في الإثبات؛ لأنها لو دخلت في النفي كما إذا قال والله لا أكلم فلانا أو فلانا، وفلانا فإن كلم الأول وحده حنث، ولا يحنث بكلام أحد الأخيرين حتى يكلمهما فجعل الثالث في الكلام مضموما إلى الثاني على التعيين، وفيما تقدم جعل مضموما إلى من وقع له الحكم؛ لأن أو إذا دخلت بين شيئين تناولت أحدهما منكرا إلا أن في الطلاق ونحوه الموضع موضع الإثبات فتخص فتطلق إحداهما، وفي الكلام الموضع موضع النفي فتعم عموم الإفراد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تطع منهم آثما أو كفورا‏}‏ فصار كأنه قال لا أكلم فلانا ولا فلانا فينضم الثالث إلى ما يليه؛ لأنه لما كانت أو لعموم الإفراد صار كل واحد منهما كلاما على حدة كأن الأول انقطع وشرع في الكلام الثاني والعطف فيه لا ينصرف إلى الأول بخلاف الطلاق، وأمثاله فإن الاتصال فيه بين الكلامين ثابت فيكون الثالث معطوفا على من وجب له الحكم وتمامه في التبيين‏.‏ وقيد بما إذا لم يذكر للثاني والثالث خبرا فإن ذكر له خبرا بأن قال هذه طالق أو هذه، وهذه طالقان أو قال هذا حر أو هذا، وهذا حران فإنه لا يعتق واحد ولا تطلق بل يخير إن اختار الإيجاب الأول عتق الأول وحده وطلقت الأولى وحدها، وإن اختار الإيجاب الثاني عتق الأخيران وطلقت الأخيرتان، والله أعلم‏.‏

باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

لما كانت الأيمان على هذه التصرفات أكثر منها على الصلاة والصوم والحج، وما بعدها قدمها عليها‏.‏ والحاصل أن كل باب فوقوعه أقل مما قبله وأكثر مما بعده‏.‏ واعلم أن العقود أنواع ثلاثة منها ما يتعلق حقوقه بمن، وقع له العقد لا بالعاقد كالنكاح ومنها ما يتعلق حقوقه بالعاقد إذا كان العاقد أهلا لتعلق الحقوق به كالبيع والشراء، ومن العقود ما لا حقوق له أصلا كالإعارة والإبراء والقضاء والاقتضاء كذا في فتاوى قاضي خان، وهذا أولى مما في التبيين، وفتح القدير وغيرهما من تقسيمها إلى نوعين نوع تتعلق حقوقه بالعاقد ونوع لا تتعلق حقوقه بالآمر فإنه يخرج عنها ما ليس له حقوق أصلا فما تتعلق حقوقه بالعاقد فإن الحالف لا يحنث بمباشرة وكيله لوجود الفعل من الوكيل حقيقة وحكما، وما تتعلق حقوقه بالآمر، وما لا حقوق له أصلا فإنه يحنث الحالف أن لا يفعله بفعل وكيله كما يحنث بمباشرته؛ لأن الوكيل فيه سفير ومعبر، وقد جعل في المحيط العارية ونحوها مما تتعلق حقوقها بالآمر‏.‏ قوله ‏(‏ما يحنث بالمباشرة لا بالآمر البيع والشراء والإجارة والاستئجار والصلح عن مال والقسمة والخصومة وضرب الولد‏)‏؛ لأن العقد وجد من العاقد حتى كانت الحقوق عليه، ولهذا لو كان العاقد هو الحالف يحنث في يمينه فلم يوجد ما هو الشرط، وهو العقد من الآمر، وإنما الثابت له حكم العقد إلا أن ينوي غير ذلك أطلقه المصنف، وهو مقيد بما إذا كان الحالف يتولى العقود بنفسه أما إذا كان الحالف ذا سلطان كالأمير والقاضي ونحوهما لا يتولى العقد بنفسه فإنه يحنث بالأمر أيضا؛ لأنه يمنع نفسه عما يعتاده فإن كان الآمر يباشره مرة ويفوض أخرى يعتبر الأغلب كما في المحيط، وأطلق في الصلح عن مال، وهو مقيد بأن يكون عن الإقرار؛ لأنه حينئذ بيع أما الصلح عن إنكار فهو فداء لليمين في حق المدعى عليه فيكون الوكيل من جانبه سفيرا محضا فكان من القسم الثاني كما سنبينه في كتاب الوكالة فعلى هذا إذا حلف المدعي أن لا يصالح فلانا عن هذه الدعوى أو عن هذا المال فوكل فيه لا يحنث مطلقا، وإذا حلف المدعى عليه ثم وكل به فإن كان عن إقرار حنث، وإن كان عن إنكار أو سكوت لا يحنث، وقيد بالصلح عن المال احترازا عما صرح به في القسم الثاني من الصلح عن دم العمد، وفي المحيط لو حلف لا يصالح رجلا في حق يدعيه عليه فوكل رجلا فصالحه لم يحنث‏.‏ ولو قال والله لا أصالح فلانا فأمر غيره فصالحه حنث في القضاء؛ لأن الصلح لا عهدة فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ ولعل المراد بالفرع الثاني الصلح اللغوي بمعنى عدم العداوة والغيظ لا بمعنى أنه عقد برفع النزاع الذي هو الصلح الفقهي، وفي الواقعات حلف لا يشتري من فلان فأسلم إليه في ثوب حنث؛ لأنه اشترى مؤجلا حلف لا يشتري عبد فلان فآجر به داره لا يحنث؛ لأنه ليس بشراء ألا ترى أنه لا شفعة فيها مع أن الشفعة تثبت في الشراء حلفه السلطان أن لا يشتري طعاما للبيع ثم اشترى طعاما لبيته ثم بدا له فباعه لا يحنث لأنه ما اشترى للبيع، وهذا كمن حلف لا تخرج امرأته إلى بيت والدتها فخرجت للمسجد ثم زارت والدتها لا يحنث حلف لا يشتري ثوبا جديدا فتفسير الجديد ما لا ينكسر حتى يصير شبه الخلق ويجب أن يكون جديدا قبل الغسل وبعده لا لاعتبار العرف حلف لا يشتري بقلا فاشترى أرضا فيها مبقلة قد نبتت وشرط ذلك معها حنث وكذلك لو حلف لا يشتري رطبا واشترى نخلا بها رطب وشرط ذلك حنث؛ لأنه لو لم يشترط لا يدخل في البيع فإذا شرطه حتى دخل يكون له حصة من الثمن فصار مشتريا له حلف أن لا يبيع داره فأعطاها امرأته في صداقها حنث كذا ذكر هنا ويجب أن يكون الجواب على التفصيل إن تزوجها على الدار لا يحنث؛ لأن هذا ليس ببيع وإن تزوجها على الدراهم ثم أعطاها عوضا عن تلك الدراهم حنث؛ لأن هذا بيع‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي البدائع حلف لا يشتري ذهبا، ولا فضة فاشترى من دراهم أو دنانير أو آنية أو تبر أو مصوغ حلية أو غير ذلك مما هو ذهب أو فضة فإنه يحنث في قول أبي يوسف، وقال محمد لا يحنث في الدراهم والدنانير للعرف، ولو حلف لا يشتري حديدا فهو على مضروبه، وإبره سلاحا كان أو غير سلاح في قول أبي يوسف، وقال محمد إن اشترى شيئا من الحديد يسمى بائعه حدادا يحنث، وإلا فلا وبائع الإبر لا يسمى حدادا، ولو حلف لا يشتري صفرا فاشترى طست صفر أو كوزا أو تورا حنث، وكذلك عند محمد، وقال محمد لو اشترى فلوسا لا يحنث، ولو حلف لا يشتري صوفا فاشترى شاة على ظهرها صوف لم يحنث، وكذا لو حلف لا يشتري لحما فاشترى شاة حية لم يحنث، ولو حلف لا يشتري دهنا فهو على دهن جرت العادة بالادهان به، ولو حلف لا يشتري بنفسجا أو لا يشمه فهو على الدهن والورق، وأما الحناء والورد فهو على الورق دون الدهن ولو حلف لا يشتري بذرا فاشترى دهن بذر حنث، وإن اشترى حبا لم يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية‏:‏ ولو قال لامرأته إن اشتريت شيئا فأنت طالق فاشترت الماء قالوا إن اشترته في قربة أو جرة طلقت، وإن دفعت الجرة إلى السقاء وخبزا حتى يحمل لها الماء لا تطلق، ولو باع عبده من رجل وسلم إلى المشتري ثم حلف البائع أن لا يشتريه من فلان ثم إن المشتري أقال البيع، وقبل البائع الإقالة لا يحنث، ولو كان الثمن ألف درهم فوقعت الإقالة بمائة دينار أو بأكثر من الثمن الأول أو أقل حنث قيل هذا قولهما، وأما على قول أبي حنيفة لا يحنث لكونه إقالة على كل حال على ما عرف‏.‏ ولو حلف وقال والله ما اشتريت اليوم شيئا، وقد كان اشترى في ذلك اليوم أشياء لكن بالتعاطي فقد قيل يحنث في يمينه، وفي مجموع النوازل وضع المسألة في طرف المبيع فقال إذا حلف لا يبيع الخبز فجاء رجل فأعطاه دراهم لأجل الخبز ودفع هو إليه الخبز لا يحنث وذكر في شهادات القدوري ما يؤيد ما ذكر في مجموع النوازل فقال لا يسع لمن عاين ذلك أن يشهد على البيع بل يشهد على التعاطي وإلى هذا مال الماتريدي‏.‏ ولو حلف لا يشتري قميصا فاشترى قميصا مقطعا غير مخيط لا يحنث، ولو قال إن بعث غلامي هذا أحدا من الناس فامرأته كذا فباعه من رجلين حنث، وكذا إذا قال إن أكل هذا الرغيف أحد فأكله اثنان حنث في يمينه، وفي القنية حلف لا يبيع فوهب بشرط العوض ينبغي أن يحنث باع جاريته ثم قال إن دخلت هي في بيعي فهي حرة فإن ردت عليه بغير قضاء تعتق، وإلا فلا حلف إن اشتراها يحنث بالإقالة حلف لا يبيع يحنث ببيع التلجئة‏.‏ ا هـ‏.‏ وعلى هذا فالهبة بشرط العوض داخلة تحت يمين لا يهب نظر إلى أنها هبة ابتداء فيحنث وداخلة تحت يمين لا يبيع نظر إلى أنها بيع انتهاء فيحنث بها، ولو قال إن آجرت داري هذه فهي صدقة ثم احتاج إلى إجارتها فالمخرج له عن اليمين أن يبيعها الحالف من غيره ثم يوكل المشتري الحالف بالإجارة فيؤاجرها بعد القبض ثم يشتريها فتخرج عن يمينه بالإجارة على ملك المشتري‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد يقال لا حاجة إلى هذا التكليف؛ لأنه لو وكل في إجارتها لا يحنث فكذا لا يلزمه التصدق بها إلا أن يفرق بين النذر واليمين وسيأتي الفرق بين ضرب الولد وضرب الغلام، وفي الذخيرة حلف لا يؤجر، وله مستغلات آجرتها امرأته، وقبضت الأجرة فأنفقت أو أعطتها زوجها لا يحنث وتركها في أيدي الساكنين لا يكون إجارة فلو قال للساكنين اقعدوا في هذه المنازل فهو إجارة ويحنث، وكذا إذا تقاضى منهم أجرة شهر لم يسكنوا فيه بخلاف ما إذا أنقدوه أجرة شهر قد سكنوا فيه فإنه ليس بإجارة ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏وما يحنث بهما النكاح والطلاق، والخلع والعتق، والكتابة والصلح عن دم العمد، والهبة والصدقة، والقرض والاستقراض وضرب العبد، والذبح والبناء والخياطة والإيداع والاستيداع والإعارة والاستعارة، وقضاء الدين وقبضه والكسوة والحمل‏)‏ بيان لثلاثة أنواع‏:‏ الأول ما ترجع حقوقه إلى الآمر‏.‏ الثاني ما لا حقوق له أصلا‏.‏ الثالث ما كان من الأفعال الحسية‏.‏ والضمير في قوله بهما عائد إلى المباشرة والأمر وفيه تسامح؛ لأنه لا يحنث بمجرد الأمر بل لا بد من فعل الوكيل حتى لو حلف لا يتزوج فوكل به لا يحنث حتى يزوجه الوكيل فلو قال وما يحنث بفعله، وفعل مأموره لكان أولى، وفسر الشارح الزيلعي الأمر بالتوكيل، وليس مقتصرا عليه بل هو أعم من التوكيل والرسالة؛ لأنه يحنث بالرسالة والدليل على عدم اقتصاره على التوكيل أن من هذا النوع الاستعواض والتوكيل به غير صحيح، وإنما حنث في هذا النوع بفعل المأمور لما أن غرض الحالف التوقي عن حكم العقد وحقوقه، وهذه العقود تنتقل إليه بحقوقها فصار كمباشرته في حق الأحكام وصار الوكيل سفيرا، ومعبرا، ولهذا لا يستغنى عن إضافتها إلى الآمر، وما كان من الأفعال حسيا كضرب الغلام والذبح ونحوهما منقول أيضا إلى الآمر حتى لا يجب الضمان على الفاعل فكان منسوبا إليه فيحنث، وقد فرق المصنف بين ضرب الولد وضرب العبد فلو حلف لا يضرب ولده فضربه غيره بأمره لا يحنث‏.‏ ولو حلف لا يضرب عبده فضربه غيره بأمره حنث بناء على أن منفعة ضرب الولد عائدة إلى الولد المضروب، وهي التأدب والتثقيف أي التقويم وترك الاعوجاج في الدين والمروءة والأخلاق فلم ينسب فعل المأمور إلى الآمر وإن كان يرجع إلى الأب أيضا لكن أصل المنافع وحقيقتها إنما ترجع إلى المتصف بها فلا موجب للنقل بخلاف ضرب العبد فإن منفعته راجعة إلى الآمر على الخصوص، وهو ما يحصل من أدبه وانزجاره، وإن كان نفعه يرجع إلى العبد لكنه غير مقصود فالحاصل أن المقصود من ضرب الولد حاصل له، وإن حصل للأب ضمنا والمقصود من ضرب العبد حاصل للمولى، وإن حصل للعبد ضمنا فافترقا، وفي فتح القدير، وما في عرفنا، وعرف عامتنا فإنه يقال ضرب فلان اليوم، ولده، وإن لم يباشر ويقول العامي لولده غدا أسقيك علقة ثم يذكر لمؤدب الولدان يضربه فيعد الأب نفسه أنه قد حقق إيعاده ذلك، ولم يكذب فمقتضاه أن تنعقد على معنى لا يقع به ضرب من جهتي ويحنث بفعل المأمور‏.‏ ا هـ‏.‏ وينبغي أن يكون مرادهم بالولد الولد الكبير؛ لأنه لا يملك ضربه فهو كما لو حلف لا يضرب حرا أجنبيا فإنه لا يحنث إلا بالمباشرة؛ لأنه لا ولاية له عليه فلا يعتبر أمره إلا أن يكون الحالف سلطانا أو قاضيا؛ لأنهما يملكان ضرب الأحرار حدا وتعزيرا فملكا الأمر به، وأما الولد الصغير فكالعبد لما في فتاوى قاضي خان، ولو حلف لا يضرب ولده الصغير فأمر غيره فضربه ينبغي أن يحنث الحالف لأن الأب يملك ضرب ولده الصغير فيملك التفويض إلى غيره ويكون بمنزلة القاضي والسلطان‏.‏ ا هـ‏.‏ وإنما لم يجزم به في الفتاوى؛ لأن الولد أعم من الصغير والكبير ولم يخصص بالكبير في الروايات، وفي الذخيرة، ولو حلف على امرأته لا يضربها فأمر غيره حتى ضربها فقد قيل إنها نظير العبد فيحنث في يمينه، وقيل إنها نظير الولد فلا يحنث الحالف في يمينه‏.‏ ا هـ‏.‏ ولم يرجح وينبغي ترجيح الثاني؛ لأن معظم المنفعة تعود لها، وإن حصلت للزوج ضمنا، ولو نوى المباشرة بنفسه فقط في هذا النوع قالوا فما كان من الحكميات كالتزوج والطلاق فإنه يصدق ديانة لا قضاء، وما كان من الحسيات كالضرب والذبح فإنه يصدق ديانة، وقضاء، والفرق أن الطلاق ليس إلا تكلما بكلام يفضي إلى الوقوع، والأمر بذلك مثل التكلم به واللفظ ينتظمهما فإذا نوى أن لا يليه فقد نوى الخصوص في العام فلا يصدق قضاء؛ لأنه خلاف الظاهر، وما كان حسيا فإنه يعرف بأثره المحسوس في المحل، وإنما يحصل بالفعل فكان فيه حقيقة، والنسبة إلى الآمر بالسبب مجاز فإذا نوى الفعل بنفسه فقد نوى حقيقة كلامه، وقيد بالنكاح؛ لأنه لو قال والله لا أزوج فلانة فأمر رجلا فزوجها لا يحنث بخلاف التزوج‏.‏ قال محمد بن الوليد سألت نجم الدين عن الفرق فقال التزويج بأمره لا يلحقه حكمه والتزوج بأمره يثبت حكمه له وهو الحل كذا في الفيض معزيا إلى مجموع النوازل، وفي البدائع حلف لا يزوج بنته الصغيرة فتزوجها رجل بغير أمره فأجاز حنث؛ لأن حقوقه تتعلق بالمجيز، ولو حلف لا يزوج ابنا له كبيرا فأمر رجلا فزوجه ثم بلغ الابن فأجاز أو زوجه رجل، وأجاز الأب ورضي الابن لم يحنث وسيأتي تمامه في قوله لو حلف لا يتزوج فأجاز بالقول حنث وبالفعل لا، وفي الظهيرية رجل قال لامرأة لا يحل له نكاحها إن تزوجتك فعبدي حر فتزوجها حنث؛ لأن يمينه تنصرف إلى ما يتصور عبد حلف أن لا يتزوج فزوجه مولاه، وهو كاره لذلك لم يحنث؛ لأن لفظ النكاح وجد من المولى، ولو حلف رجل أن لا يتزوج امرأة فأكره على النكاح فتزوج حنث في يمينه؛ لأنه وجد لفظ النكاح منه رجل حلف أن لا يتزوج من أهل هذه الدار، وليس للدار أهل ثم سكنها قوم فتزوج منهم أو قال لا أتزوج من بنات فلان، وليس لفلان بنت ثم ولدت له بنت فتزوجها الحالف لا يحنث‏.‏ ولو حلف لا يتزوج من أهل الكوفة فتزوج امرأة من أهل الكوفة لم تكن ولدت قبل اليمين حنث، ولو حلف أن لا يتزوج بالكوفة ثم أراد أن يتزوج فالمخرج له أن يوكل الرجل وكيلا والمرأة كذلك ثم يخرج الوكيلان ويعقدان عقد النكاح خارج الكوفة فلا يحنث الحالف؛ لأن المعتبر مكان العقد، ولو حلف لا يتزوج امرأة إلا على أربعة دراهم فتزوج امرأة على أربعة دراهم، وكمل القاضي عشرة أو زاد الزوج بعد العقد من تلقاء نفسه في مهرها لا يحنث، ولو حلف لا يتزوج من نساء أهل البصرة فتزوج امرأة كانت ولدت بالبصرة ونشأت بالكوفة يحنث الحالف في قول أبي حنيفة لأن المعتبر عنده في هذا المولد دون المنشأ، ولو حلف لا يتزوج امرأة كان لها زوج قبله فطلق امرأته تطليقة بائنة ثم تزوجها قال محمد لا يحنث في يمينه؛ لأن يمينه تنصرف إلى غيرها، ولو طلق امرأته ثم قال إن تزوجت امرأة باسمك فهي طالق ثم تزوجها لم تطلق، ولو قال إن تزوجت امرأة بهذا الاسم فهي طالق فتزوجها طلقت والفرق أن فيما تقدم صارت معرفة بكاف الخطاب فلا تدخل النكرة، وفيما تأخر لم تصر معرفة فتدخل تحت النكرة، ولو حلف لا يتزوج امرأة على وجه الأرض ونوى امرأة بعينها دين فيما بينه وبين الله تعالى لا في القضاء، ولو نوى كوفية أو بصرية لا يدين أصلا، وكذا لو نوى امرأة عوراء أو عمياء، ولو نوى عربية أو حبشية دين فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنه نوى الجنس‏.‏ ا هـ‏.‏ وأطلق المصنف في الطلاق والعتاق، وهو مقيد بأن يقعا بكلام وجد بعد اليمين أما إذا وقعا بكلام وجد قبل اليمين فلا يحنث حتى لو قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق ثم حلف أن لا يطلق فدخلت لم يحنث؛ لأن وقوع الطلاق عليها بكلام كان قبل اليمين‏.‏ ولو حلف أن لا يطلق ثم علق الطلاق بالشرط ثم وجد الشرط حنث، ولو وقع الطلاق عليها بمضي مدة الإيلاء فإن كان الإيلاء قبل اليمين لا يحنث، وإلا حنث، ولو فرق بينهما بالعنة لا يحنث عند زفر، وعن أبي يوسف روايتان، وعلى هذا لو حلف أن لا يعتق يشترط للحنث وقوع العتق بكلام وجد بعد اليمين، ولو أدى المكاتب فعتق فإن كانت الكتابة قبل اليمين لا يحنث، وإن كانت بعده يحنث كذا في التبيين، وفي الظهيرية حلف ليطلقن فلانة اليوم، وفلانة أجنبية أو مطلقته ثلاثا أو ممن لا يحل له نكاحها أبدا تنصرف يمينه إلى صورة الطلاق‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المحيط إذا حلف لا يكاتبه ففعله إنسان بغير أمره فأجازه حنث‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما الهبة والصدقة ففي الظهيرية حلف أن لا يهب لفلان فوهب هبة غير مقسومة حنث، وكذلك الإعمار والنحل والإرسال إليه مع رسوله وصورة الإعمار أن يقول صاحب الدار لغيره هي لك ما دمت حيا فإذا مت ردت إلي، وكذا لو أمر غيره حتى وهب حنث، وكذا لو أجاز هبة الفضولي عبده، ولو حلف لا يهب لفلان فوهب على عوض حنث، ولا يحنث بالصدقة في غير الهبة‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما القرض والاستقراض ففي الظهيرية حلف لا يستقرض فاستقرض، ولم يقرضه حنث، وأما الإعارة والاستعارة ففي الظهيرية لو حلف لا يعير ثوبه فلانا فبعث فلان، وكيلا إلى الحالف واستعاره فأعاره الحالف حنث، ولو حلف لا يستعير من فلان شيئا فأردفه فلان على دابته فردفه لا يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة حلف لا يستعير من فلان شيئا ينصرف إلى كل موجود تصح إعارته، وكان ذلك عينا ينتفع به مع بقاء عينه فإن دخل دار المحلوف عليه ليستقي من بئره فاستعار منه الرشا والدلو اختلف المشايخ فيه قيل يحنث، وقيل لا؛ لأنه لم تثبت يده عليهما؛ لأنهما في يد صاحب الدار فلا يكون مستعيرا، وهذا إشارة إلى أن الإعارة لا تتم إلا بالتسليم، وهذا هو الطريق فيما إذا أردفه على دابته فعلى قياس هذا التعليل إذا استعار منه الرشا والدلو من بئر ليس في ملك المحلوف عليه يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد زاد في الخانية أن من هذا القسم تسليم الشفعة والإذن فيحنث فيهما بالأمر أيضا، وفي الظهيرية حلف لا يسلم الشفعة فسكت، ولم يخاصم حتى بطلت شفعته لا يحنث في يمينه، وإن وكل وكيلا بالتسليم حنث، ولو حلف لا يأذن لعبده في التجارة فرآه يبيع ويشتري فسكت يصير العبد مأذونا له في التجارة، ولا يحنث، وكذلك البكر إذا حلفت أن لا تأذن في تزويجها فسكتت عند الاستئمار لا تحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ وزاد الإمام الإسبيجابي أن من هذا القسم النفقة فإذا حلف لا ينفق فوكل حنث، ولم يذكر المصنف الشركة، وفي الظهيرية، ولو حلف لا يعمل مع فلان في قصارة ففعل مع شريك فلان حنث، ولو عمل مع عبده المأذون لا يحنث؛ لأن كل واحد من الشريكين يرجع بالعهدة على صاحبه ويصير الحالف عاملا مع المحلوف عليه، وإن كان عقد الشركة نفسه لا يوجب الحقوق أما العبد المأذون فلا يرجع بالعهدة على المولى فلا يصير الحالف شريكا لمولاه، ولو حلف لا يشارك فلانا في هذه البلدة ثم خرجا عنها، وعقدا عقد الشركة ثم دخلاها، وعملا فيها إن كان الحالف نوى في يمينه أن لا يعقد عقد الشركة في البلدة لا يحنث‏.‏ وإن نوى أن لا يعمل بشركة فلان حنث، وإن دفع أحدهما إلى صاحبه مالا مضاربة فهذا والأول سواء؛ لأن المضاربة شركة في عرفنا، ولو حلف لا يشارك فلانا فأخرج كل واحد منهما دراهمه واشتركا حنث الحالف خلطا أو لم يخلطا، ولو حلف لا يشارك فلانا فشاركه بمال ابنه الصغير لا يحنث، ولو حلف لا يشارك فلانا ثم إن الحالف دفع إلى رجل مالا بضاعة، وأمره أن يعل فيه برأيه فشارك المدفوع إليه المال الرجل الذي حلف رب المال أن لا يشاركه يحنث؛ لأن الحالف؛ لأنه صار شريكا للمحلوف عليه؛ لأن المستبضع لا حق له في الربح فكان العامل شريكا لرب المال، ولو كان مكان المستبضع مضارب، والمسألة بحالها لا يحنث لأن المضارب له حق في الربح فكان المحلوف عليه شريكا للمضارب، ولو كان المستبضع حلف أن لا يشارك أحدا فدفع المال شريكه بإذن المستبضع لا يحنث رجل قال لأخيه إن شاركتك فحلال الله علي حرام ثم بدا لهما أن يشتركا قالوا إن كان للحالف ابن كبير ينبغي أن يدفع الحالف ماله إلى ابنه مضاربة ويجعل لابنه شيئا يسيرا من الربح ويأذن لابنه أن يعمل فيه برأيه ثم أن للابن أن يشارك عمه فإذا فعل الابن ذلك كان للابن ما شرط له الأب من الربح والفاضل على ذلك إلى النصف يكون للأب، ولا يحنث ولو كان مكان الأب أجنبي فالجواب كذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ وأشار المصنف بقضاء الدين إلى أن الدفع كذلك قال في المحيط حلف لا يدفع إلى فلان ماله فأمر غيره فضمنه ونقده بضمانه فهو حانث؛ لأنه إذا أنقده رجع به عليه فصار كأنه دفعه إليه، وكذلك لو أحاله عليه فأعطاه، ولو كانت الحوالة والكفالة بغير أمره لا يحنث بأدائه، وكذا إذا تبرع رجل بالأداء‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال‏:‏ وفي النوازل، ولو قال لامرأته إن لم تكوني غسلت هذه القصعة فأنت طالق فأمرت المرأة خادمها بغسل القصعة فغسلتها فإن كان من عادة المرأة أنها تغسل بنفسها لا غير يقع الطلاق لوجود الشرط، وإن كان من عادتها أنها لا تغسل إلا بخادمها، وعرف الزوج ذلك لا يقع، وإن كان من عادتها أنها تغسل بنفسها وبخادمها فالظاهر أنه يقع إلا إذا عنى الزوج الآمر بالغسل فلا يقع‏.‏ ا هـ‏.‏ وأشار المصنف بقضاء الدين إلى أن الإعطاء كذلك، ولذا قال في المحيط حلف ليعطين فلانا حقه فأمر غيره بالأداء أو أحاله فقبض بر، ولو كان بغير أمره حنث ا هـ‏.‏ وإذا حنث بالأمر في حلفه لا يقضي دينه بر بالتوكيل في حلفه ليقضين دينه، وكذا في قبضه نفيا، وإثباتا فإذا حلف ليقضين من فلان حقه فأخذ من وكيله أو كفيله أو من المحتال عليه بأمر المطلوب بر، وإن كانت الحوالة والكفالة بغير أمر المطلوب لم يبر كذا في المحيط، ولم يذكر المصنف الحوالة والكفالة قال في المحيط حلف لا يكفل عنه شيئا فكفل نفسه لا يحنث؛ لأنه كفل به لا عنه؛ لأن كلمة عنه إنما تستعمل في الكفالة بالمال لا في الكفالة بالنفس يقال كفل عنه أي بماله، وكفل به أي بنفسه، ولو كفل عن كفيله بأمره لا يحنث؛ لأنه ما كفل عنه وإنما كفل عن غيره، ولو حلف لا يكفل فلانا أو لفلان فكفل بنفسه حنث، ولو كفل عنه بالمال لا يحنث حلف لا يكفل عن فلان فأحاله فلان على الحالف لغريمه إن كان للمحتال له دين على المحيل يحنث، وإلا فلا؛ لأن في الحوالة ما في الكفالة وزيادة؛ لأن فيها التزاما وضمانا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة حلف لا يوصي بوصية فوهب في مرض موته شيئا لا يحنث؛ لأن ذلك ليس بوصية لكن أعطى الشرع لها حكم الوصية فلا يظهر في حق حكم الحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الواقعات حلف لا يأتمن فلانا على شيء فأراه درهما، وقال انظر إلى هذا، ولم يفارقه لا يحنث؛ لأنه لم يأتمنه، ولو دفع إليه دابته، وقال أمسكها حتى أصلي فهو حانث؛ لأنه ائتمنه عليها ولم يذكر المصنف التولية، وقد صارت حادثة الفتوى فسئلت عن قاضي القضاة لو حلف لا يولي فلانا القضاء فوكل من ولاه فأجبت يحنث؛ لأنه من قسم ما لا حقوق له فيحنث بفعل وكيله‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ‏(‏ودخول اللام على البيع والشراء والإجارة والصياغة والخياطة والبناء كإن بعت لك ثوبا لاختصاص الفعل بالمحلوف عليه بأن كان بأمره كان ملكه أو لا وعلى الدخول والضرب والأكل والشرب والعين كإن بعت ثوبا لك لاختصاصها به بأن كان ملكه أمره أو لا‏)‏ يعني أن اللام إذا تعلقت بفعل قبلها فلا يخلو إما أن يكون ذلك الفعل تجري فيه النيابة أو لا فإن كان الأول فلا يخلو إما أن تلي اللام الفعل متوسطة بينه وبين المفعول أو تلي المفعول فإن كان الأول كقوله إن بعت لك ثوبا إن اشتريت لك ثوبا إن آجرت لك بيتا إن صنعت لك خاتما إن خطت لك ثوبا إن بنيت لك بيتا فإن اللام للاختصاص والوجه الظاهر فيها التعليل، ووجه إفادتها الاختصاص أنها تضيف متعلقها، وهو الفعل لمدخولها، وهو كاف الخطاب فيفيد أن المخاطب مختص بالفعل، وكونه مختصا به يفيد أن لا يستفاد إطلاق فعله إلا من جهته وذلك يكون بأمره، وإذا باع بأمره كأن يبيعه إياه من أجله، وهي لام التعليل فصار المعقود عليه أن لا يبيعه من أجله فإذا دس المخاطب ثوبه بلا علمه فباعه لم يكن باعه من أجله؛ لأن ذلك لا يتصور إلا بالعلم بأمره ويلزم من هذا كون هذا لا يكون إلا في الأفعال التي تجري فيها النيابة، وإن كان الثاني أعني ما إذا وقعت عقب المفعول كإن بعت ثوبا لك فهي للاختصاص أيضا، وهو اختصاص العين بالمخاطب، وهو كون العين مملوكة للمخاطب فيحنث إذا باع ثوبا مملوكا للمخاطب سواء كان بإذنه أو بغير إذنه؛ لأن المحلوف عليه يوجد مع أمره، وعدم أمره، وهو بيع ثوب مختص بالمخاطب؛ لأن اللام هنا أقرب إلى الاسم الذي هو الثوب منه للفعل والقرب من أسباب الترجيح‏.‏ وأما الثاني أعني ما إذا كان الفعل لا تجري فيه النيابة مثل الأكل والشرب وضرب الغلام لأنه لا يحتمل النيابة فلا فرق بين أن تكون اللام عقب الفعل أو عقب العين فإنها تكون لاختصاص العين بالمخاطب نحو إن أكلت لك طعاما أو طعاما لك أو شربت لك شرابا أو شرابا لك أو ضربت لك غلاما أو غلاما لك أو دخلت لك دارا لك فيحنث بدخول دار تنسب إلى المخاطب وبأكل طعام يملكه سواء كان بعلمه أو بأمره أو دونهما‏.‏ وفي فتاوى قاضي خان في فصل الأكل رجل قال والله لا أبيع لفلان ثوبا فباع الحالف ثوبا للمحلوف عليه ليجيز صاحب الثوب حنث الحالف أجاز المحلوف عليه أو لم يجز، ولو باعه الحالف، وهو لا يريد بذلك أن يكون البيع للمحلوف عليه، وإنما يريد بيعه لنفسه لا يكون حانثا‏.‏ ا هـ‏.‏ فهذا يفيد أن المحلوف عليه بيعه لأجله سواء كان بأمره أو لا، وهو يتحقق بدون الأمر بأن يقصد الحالف بيعه لأجل فلان، وهذا مما يجب حفظه فإن ظاهر كلامهم هنا يخالفه مع أنه هو الحكم فلو حذف المصنف قوله بأن كان بأمره لكان أولى إلا أن يراد أن كلامهم هنا في تعليق العتق والطلاق، وكلام قاضي خان في اليمين بالله تعالى بدليل ما ذكره قاضي خان في الفتاوى أيضا رجل قال إن بعت لك ثوبا فعبدي حر فهذا على أن يبيع ثوبا بأمر المحلوف عليه كان الثوب ملكا للمحلوف عليه أو لم يكن، ولو قال إن بعت ثوبا لك فهو على أن يبيع ثوبا ملكا للمحلوف عليه‏.‏ ا هـ‏.‏ والفرق بين اليمين بالله تعالى وبين غيرها بعيد كما لا يخفى لكن ذكر في المحيط ما في المختصر عن الجامع وذكر الفرع المذكور في الخانية من فصل الأكل عن ابن سماعة عن محمد فظاهره أنه ضعيف، وفي المحيط أيضا حلف لا يشتري لفلان فأمر غيره بالشراء، والآمر ينوي الشراء للمحلوف عليه لا يحنث؛ لأنه لم يشتر له؛ لأن الشراء يقع للآمر؛ لأنه قد وجد نفاذا عليه فينفذ عليه فلا يقع للمحلوف عليه‏.‏ ا هـ‏.‏ وبهذا علم أنه لا فرق في المسألة الأولى بين أن يذكر المفعول به أو لا، وفي الظهيرية، وإن حلف لا يشتري لفلان ثوبا فأمره فلان أن يشتري لابنه الصغير ثوبا فاشتراه لا يحنث، وكذا لو أمره أن يشتري لعبده ثوبا فاشتراه لا يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه علم أن في المسألة الأولى لا بد أن يكون قد أمره المحلوف عليه بأن يفعله لنفسه لا مطلق الأمر كما في المختصر وغيره، وأطلق المصنف الضرب فشمل ضرب الغلام وضرب الولد ووقع في الهداية التعبير بضرب الغلام فاختلفوا في الغلام فذكر ظهير الدين أن المراد بالغلام الولد دون العبد؛ لأن ضرب العبد يحتمل النيابة والوكالة فصار نظير الإجارة لا نظير الأكل والشرب والغلام يطلق على الولد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فبشرناه بغلام حليم‏}‏ وذكر قاضي خان أن المراد به العبد للعرف؛ ولأن الضرب مما لا يملك بالعقد، ولا يلزم به فانصرف إلى المحل المملوك بالتقديم والتأخير على ما بينا‏.‏ قوله ‏(‏فإن نوى غيره صدق فيما عليه‏)‏ أي فإن نوى غير ما هو ظاهر كلامه صدق فيما فيه تشديد على نفسه ديانة، وقضاء بأن باع ثوبا مملوكا للمخاطب بغير أمره في المسألة الأولى ونوى بالاختصاص الملك فإنه يحنث، ولولا نيته لما حنث أو باع ثوبا لغير المخاطب بأمر المخاطب في المسألة الثانية ونوى الاختصاص بالأمر فإنه يحنث، ولولا نيته لما حنث؛ لأنه نوى ما يحتمله كلامه بالتقديم والتأخير، وليس فيه تخفيف فيصدقه القاضي أيضا قيد بما عليه؛ لأنه لو نوى ما فيه تخفيف كعكس هاتين المسألتين فإنه يصدق ديانة؛ لأنه محتمل كلامه، ولا يصدق قضاء؛ لأنه خلاف الظاهر، وهو متهم، وقدمنا أن هذا الفرق بين الديانة والقضاء لا يتأتى في اليمين بالله تعالى؛ لأن الكفارة لا مطالب لها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إن بعته أو ابتعته فهو حر فعقد بالخيار‏)‏ ‏(‏حنث‏)‏ لوجود الشرط في المسألة الأولى، وهو البيع والملك فيه قائم فينزل الجزاء، وكذا في المسألة الثانية قد وجد الشرط، وهو الشراء والملك قائم فيه، وقوله عقد بالخيار أي باع في الأولى وشرط الخيار لنفسه واشترى في الثانية وشرط الخيار لنفسه، وكون الملك موجودا في المسألة الأولى ظاهر؛ لأنهم اتفقوا أن البائع إذا شرط الخيار لنفسه لا يخرج المبيع عن ملكه، وأما في الثانية فكذلك عندهما؛ لأن المبيع مملوك للمشتري عندهما‏.‏ وأما عند الإمام فلأن هذا العتق بتعليقه والمعلق كالمنجز، ولو نجز المشتري بالخيار العتق يثبت الملك سابقا عليه فكذا هذا، قيد بالخيار؛ لأنه لو حلف لا يبيعه بأن قال إن بعته فهو حر فباعه بيعا صحيحا بلا خيار لا يعتق؛ لأنه خرج عن ملكه وسيأتي حكم الفاسد والباطل، ولا يخفى أنه إذا باعه بشرط الخيار للمشتري أنه لا يعتق أيضا؛ لأنه بات من جهته، وكذا إذا قال إن اشتريته فهو حر فاشتراه بالخيار للبائع لا يعتق أيضا؛ لأنه باق على ملك بائعه كما صرح به في الذخيرة وسواء أجاز البائع بعد ذلك أو لم يجز وذكر الطحاوي أنه إذا أجاز البائع البيع يعتق؛ لأن الملك يثبت عند الإجازة مستند إلى وقت العقد بدليل أن الزيادة الحادثة بعد العقد قبل الإجازة تدخل في العقد كذا في البدائع، وقيد بقوله إن ابتعته؛ لأنه لو قال إن ملكته فهو حر فاشتراه بشرط الخيار لا يعتق عند الإمام؛ لأن الشرط، وهو الملك لم يوجد عنده لعدم الملك عنده كما عرف في بابه، وقيد بالتعليق؛ لأن المشتري بالخيار لو كان ذا رحم محرم من المبيع فإنه لا يعتق عليه إلا بمضي المدة عند الإمام لعدم الملك فإنه لم يوجد منه تكلمه بالإعتاق بعد الشراء بشرط الخيار حتى سقط خياره، وإنما يعتق على القريب بحكم الملك، ولا ملك للمشتري بالخيار، والشارع إنما علق عتقه بالملك لا بالشراء أما هنا فالإيجاب المعلق صار منجزا عند الشرط وصار قائلا أنت حر فينفسخ الخيار ضرورة كذا في فتح القدير‏.‏ وفي الذخيرة إذا قال إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه لغيره هل تنحل يمينه لم يذكر محمد هذه المسألة في شيء من الكتب وحكي عن الفقيه أبي بكر البلخي أنه قال لقائل أن يقول تنحل يمينه، ولقائل أن يقول لا تنحل وهو الأشبه؛ لأنه إنما يراد بمثل هذه اليمين عرفا الشراء لنفسه لا الشراء لغيره؛ لأن العتق من جهة الحالف لا يقع إلا بالشراء لنفسه وصار تقدير المسألة كأنه قال إن اشتريتك لنفسي فأنت حر، ولو صرح بذلك واشتراه لغيره لا تنحل يمينه فكذا هذا وبهذا الحرف يقع الفرق بين هذا وبين ما إذا قال لامرأته إن اشتريت غلاما فأنت طالق فاشتراه لغيره أن اليمين تنحل؛ لأن هناك لم يوجد ما يدل على إرادته الشراء لنفسه فإن الطلاق من قبله يقع على امرأته اشتراه لنفسه أو لغيره أما هنا بخلافه‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية رجل قال لأمته إن بعت منك شيئا فأنت حرة ثم باعها نصفها من الزوج الذي ولدت منه أو باع نصفها من أبيها لا يقع عتق المولى عليها باليمين، ولو كان البيع من الأجنبي وقع عتق المولى عليها والفرق أن الولادة من الزوج والنسب من الأم مقدم فيقع ما تقدم سببه أولا، وهذا المعنى لا يمكن اعتباره في حق الأجنبي وكذا لو قال إن اشتريت من هذه الجارية شيئا فهي مدبرة ثم اشتراها هو وزوجها الذي ولدت منه فهي أم ولد لزوجها، ولا يقع عليها تدبير المشتري للمعنى الذي أشرنا إليه‏.‏ ا هـ‏.‏ وقيد بكونه حلف بعتق العبد المبيع؛ لأنه لو حلف لا يبيع أو علق طلاق زوجته على البيع أو عتق عبده على البيع فباع بيعا فيه خيار للبائع أو للمشتري لم يحنث في قول أبي يوسف وحنث في قول محمد قال محمد سمعت أبا يوسف قال فيمن قال إن اشتريت هذا العبد فهو حر فاشتراه على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام فمضت مدة الثلاث ووجب البيع يعتق، وهو على أصله صحيح لأن اسم البيع عنده لا يتناول البيع المشروط فيه الخيار فلا يصير مشتريا بنفس القبول بل عند سقوط الخيار والعبد في ملكه عند ذلك فيعتق وذكر القاضي الإسبيجابي في البيع بشرط خيار البائع أو المشتري أنه يحنث ولم يذكر الخلاف، وأصل فيه أصلا وهو أن كل بيع يوجب الملك أو تلحقه الإجازة يحنث به، وما لا فلا كذا في البدائع‏.‏ قوله ‏(‏وكذا بالفاسد والموقوف لا بالباطل‏)‏ أي يحنث إذا عقد فاسدا أو موقوفا في المسألتين، وهو مجمل لا بد من بيانه أما في المسألة الأولى، وهو ما إذا قال إن بعتك فأنت حر فباعه بيعا فاسدا فإن كان في يد البائع أو في يد المشتري غائبا عنه بأمانة أو رهن يعتق عليه؛ لأنه لم يزل ملكه عنه، وإن كان في يد المشتري حاضرا أو غائبا مضمونا بنفسه لا يعتق؛ لأنه بالعقد زال ملكه عنه، وأما في الثانية، وهي ما إذا قال إن اشتريته فهو حر فاشتراه شراء فاسدا فإن كان في يد البائع لا يعتق؛ لأنه على ملك البائع بعد، وإن كان في يد المشتري وكان حاضرا عنده، وقت العقد يعتق؛ لأنه صار قابضا له عقب العقد فملكه، وإن كان غائبا في بيته أو نحوه فإن كان مضمونا بنفسه كالمغصوب يعتق؛ لأنه ملكه بنفس الشراء، وإن كان أمانة أو كان مضمونا بغيره كالرهن لا يعتق؛ لأنه لا يصير قابضا عقب العتق كذا في البدائع، وفي المحيط عن أبي يوسف لو قال إن اشتريت عبدا فهو حر فاشترى عبدا شراء فاسدا ثم تتاركا البيع ثم اشتراه شراء صحيحا قال لا يعتق؛ لأنه حنث في الشراء الفاسد؛ لأنه شراء حقيقة فانحلت اليمين وارتفعت بخلاف النكاح‏.‏ لو حلف، وقال إن تزوجتك فأنت طالق فتزوجها فاسدا ثم تزوجها صحيحا طلقت؛ لأن اليمين لم تنحل بالنكاح الفاسد لأنه ليس بنكاح مطلق‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا يحنث في يمينه، وهو الصحيح؛ لأنه بيع تام ليس في المحل ما ينافي انعقاده إلا أنه تراخى حكمه، وهو الملك، وأنه لا يدل على نقصان فيه، وكذا إذا عقد يمينه على الماضي بأن قال إن كنت اشتريت اليوم أو قال إن كنت بعت اليوم‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما في الموقوف فصورته فيما إذا كان الحالف البائع أن يبيعه لشخص غائب قبل عنه فضولي فيعتق العبد على البائع لوجود الشرط، وإذا كان الحالف المشتري فإنه إذا اشتراه ببيع الفضولي له فإنه يحنث عند إجازة البائع فيعتق العبد، وفي التبيين ما يخالفه، وأما إذا حلف لا يشتري أو لا يبيع فاشترى أو باع موقوفا فإنه يحنث في يمينه قبل الإجازة، وأما بالعقد الباطل فإنه لا يحنث به؛ لأنه ليس ببيع لانعدام معناه، وهو ما ذكر، ولانعدام حصول المقصود منه، وهو الملك؛ لأنه لا يفيد الملك‏.‏ وفي المحيط حلف لا يشتري اليوم شيئا فاشترى عبدا بخمر أو خنزير قبض أو لم يقبض أو اشترى عينا لم يأمره صاحبه بالبيع حنث قبل إجازة صاحبه؛ لأن هذا بيع فاسد والبيع الفاسد بيع حقيقة لما بينا، وكذا لو اشترى بالدين لأنه مال، ولو اشتراه بدم أو ميتة لا يحنث؛ لأنه ليس ببيع لعدم المال بخلاف الخمر والخنزير؛ لأنهما مال، ولو اشترى مكاتبا أو مدبرا أو أم ولد لم يحنث؛ لأن في المحل ما ينافي التمليك والتملك، وهو حق الحرية فلا ينعقد العقد فيه تمليكا فلا يتحقق بيعا إلا أن في المكاتب والمدبر يحنث إن أجاز القاضي أو المكاتب؛ لأن المنافي زال بالقضاء؛ لأنه فصل مجتهد فيه وبإجازة المكاتب انفسخت الكتابة فارتفع المنافي فتم العقد‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذا إذا اشترى هذه الأشياء فلو اشترى بهذه الأشياء لم يذكر محمد هذا الفصل واختلف المشايخ فيه قال بعضهم يحنث، وقال بعضهم لا يحنث كذا في الذخيرة، وفي الظهيرية إذا حلف ليبيعن هذه، وهي أم ولد له أو هذه المرأة الحرة أو هذا الحر المسلم فباعهم بر في يمينه عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف في الحر المسلم كذلك فأما في أم الولد والحرة فاليمين على الحقيقة‏.‏ ا هـ‏.‏ وقيد بالبيع والشراء؛ لأنه لو حلف لا يتزوج هذه المرأة فهو على الصحيح دون الفاسد حتى لو تزوجها نكاحا فاسدا لا يحنث؛ لأن المقصود من النكاح الحل، ولا يثبت بالفاسد بخلاف البيع المقصود منه الملك فإنه يحصل بالفاسد، وكذا لو حلف لا يصلي ولا يصوم هو على الصحيح حتى لو صلى بغير طهارة أو صام بغير نية لا يحنث، ولو كان ذلك كله في الماضي بأن قال إن كنت تزوجت أو صليت أو صمت فهو على الصحيح والفاسد؛ لأن الماضي لا يقصد به الحل والتقرب، وإنما يقصد به الإخبار عن المسمى بذلك فإن عنى به الصحيح دين في القضاء؛ لأنه النكاح المعنوي كذا في البدائع، وقدمنا أنه لو حلف لا يهب فوهب هبة غير مقسومة حنث كما في الظهيرية فعلم أن فاسد الهبة كصحيحها، ولا يخفى أن الإجارة كذلك؛ لأنها بيع‏.‏

قوله ‏(‏إن لم أبع فكذا فأعتق أو دبر حنث‏)‏ يعني لو قال إن لم أبع هذا العبد فامرأته طالق فأعتقه أو دبره فإنه يقع عليه الطلاق؛ لأن الشرط قد تحقق، وهو عدم البيع لفوات المحلية، وأورد عليه منع وقوع اليأس في العتق مطلقا بل في العبد أما في الأمة فجاز أن ترتد بعد العتق فتسبى فيملكها هذا الحالف فيعتقها، وفي التدبير مطلقا لجواز أن يقضي القاضي ببيع المدبر أجيب بأن من المشايخ من قال لا تطلق لهذا الاحتمال والصحيح أنها تطلق؛ لأن ما فرض من الأمور الموهومة الوقوع فلا تعتبر؛ لأن الحلف على بيع هذا الملك لا كل ملك وأجيب أيضا عن المدبر أن بيعه بيع قن لانفساخ التدبير بالقضاء فيعتق، ولا فرق بين كون العبد ذميا أو مسلما فيجري اختلاف المشايخ فيه والتصحيح‏.‏ وأشار بالتدبير إلى أن الاستيلاد كذلك كما في الذخيرة والمراد بالتدبير المطلق منه، ولا يحنث بالمقيد كما أشار إليه في فتح القدير وينبغي أنه إذا قال إن لم أبعك فأنت حر فدبره تدبيرا مطلقا أن يعتق لوجود الشرط كما ذكروه، وكذا لو استولدها، وأما إذا قال إن لم أبعك فأنت حر فأعتقه فإنه يبطل التعليق؛ لأن تنجيز العتق يبطل تعليقه كتنجيز الثلاث يبطل تعليقه ويتفرع على الحنث لفوات المحل فرعان في القاسمية الأول لو قال لها إن لم تضعي هذا في هذا الصحن فأنت طالق فكسرته وقع الطلاق الثاني، وعزاه إلى الذخيرة لو قال لها إن لم تذهبي فتأتي بهذا الحمام فأنت طالق فطار الحمام وقع الطلاق‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قالت تزوجت علي فقال كل امرأة لي طالق طلقت المحلفة‏)‏ بكسر اللام أي المرأة التي دعته إلى الحلف، وكانت سببا فيه، وعن أبي يوسف أنها لا تطلق؛ لأنه أخرجه جوابا فينطبق عليه؛ ولأن غرضه إرضاؤها، وهو بطلاق غيرها فيتقيد به وجه الظاهر عموم الكلام، وقد زاد على حرف الجواب فيجعل مبتدئا، وقد يكون غرضه إيحاشها حين اعترضت عليه فيما أحله الشرع ومع التردد لا يصلح مقيدا، ولو نوى غيرها يصدق ديانة لا قضاء؛ لأنه تخصيص العام واختار شمس الأئمة السرخسي، وكثير من المشايخ رواية أبي يوسف، وفي جامع قاضي خان وبه أخذ مشايخنا وذكر في الغاية معزيا إلى الذخيرة الأولى تحكيم الحال إن كان قد جرى بينهما مشاجرة وخصومة تدل على غصبه يقع الطلاق عليها أيضا، وإن لم يكن كذلك لا يقع‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الولوالجية رجل قيل له ألك امرأة غير هذه المرأة فقال كل امرأة لي فهي طالق لا تطلق هذه المرأة فرق بين هذا وبين ما إذا قالت المرأة لزوجها إنك تريد أن تتزوج علي امرأة أخرى فقال‏:‏ إن تزوجت امرأة فهي طالق حيث تطلق هذه المرأة إذا أبانها ثم تزوجها والفرق هو قول الزوج بناء على القول الأول فإنما يدخل تحت قوله ما يحتمل الدخول تحت القول الأول فقولها إنك تزوجت علي امرأة اسم المرأة يتناولها كما يتناول غيرها أما هنا قوله‏:‏ غير هذه المرأة لا يحتمل هذه المرأة فلا تدخل تحت قوله‏.‏ ثم اعلم أن النكرة تدخل تحت النكرة والمعرفة لا تدخل تحت النكرة إلا في العلم وبيانه كما في البدائع قال إن دخل داري هذه أحد فكذا فدخل الحالف لم يحنث؛ لأن قوله أحد نكرة والحالف معرفة بياء الإضافة، وكذا لو قال لرجل إن دخل دارك هذه أحد فكذا ففعله المحلوف عليه لم يحنث الحالف؛ لأن المحلوف عليه معرفة بكاف الخطاب، وكذا لو قال إن ألبست هذا القميص أحدا فكذا فلبسه المحلوف عليه لم يحنث لكونه معرفة بالتاء التي للمخاطب، وإن ألبسه المحلوف عليه الحالف حنث؛ لأن الحالف نكرة فيدخل تحت النكرة ولو قال إن مس هذا الرأس أحد، وأشار إلى رأسه لم يدخل الحالف فيه، وإن لم يضفه إلى نفسه بياء الإضافة؛ لأن رأسه متصل به خلقة فكان أقوى من إضافته إلى نفسه بياء الإضافة، ولو قال إن كلم غلام عبد الله بن محمد أحدا فعبدي حر فكلم الحالف، وهو غلام الحالف واسمه عبد الله بن محمد حنث؛ لأنه يجوز استعمال العلم في موضع النكرة فلم يخرج الحالف عن عموم النكرة‏.‏ ا هـ‏.‏ وتمام تعريفاته في الذخيرة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ على المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة حج أو اعتمر ماشيا فإن ركب أراق دما بخلاف الخروج أو الذهاب إلى بيت الله أو المشي إلى الحرم أو الصفا والمروة‏)‏ لما قدمنا في باب الهدي من كتاب الحج، والفارق العرف، وعدمه أطلقه فشمل ما إذا كان في الكعبة أو غيرها كما في الهداية؛ لأن إيجاب أحد النسكين ليس باعتبار أنه مدلول اللفظ ولا يستلزمه، ولا باعتبار الحكم بذلك مجازا، ولا بالنظر إلى الغالب بل؛ لأنه تعورف إيجاب أحد النسكين به فصار مجازا لغويا حقيقة عرفية مثل قوله علي حجة أو عمرة ماشيا وتمامه في فتح القدير، وقد قدم المصنف أنه لا يركب حتى يطوف للركن فيلزمه المشي من بيته لا من حيث يحرم فإن كان الناذر في مكة، وأراد أن يجعل النسك الذي لزمه حجا فإنه يحرم من الحرم ويخرج إلى عرفات ماشيا إلى أن يطوف للركن، وإن أراد إسقاطه بعمرة فعليه أن يخرج إلى الحل فيحرم منه واختلفوا في أنه يلزمه المشي في ذهابه إلى الحل أو لا يلزمه إلا بعد رجوعه منه محرما والوجه يقتضي أنه يلزمه المشي لما قدمنا من أنه يلزمه المشي من بلدته مع أنه ليس محرما منها بل هو ذاهب إلى محل الإحرام فيحرم منه أعني المواقيت في الأصح لما قدمناه عن أبي حنيفة لو أن بغداديا قال إلى آخره، وإنما لزمه دم بركوبه؛ لأنه أدخل نقصا فيه ومثل الخروج السفر إلى بيت الله تعالى، وكذا الشد والهرولة والسعي إلى مكة، وقيد بالمشي إلى بيت الله لأنه لو قال علي المشي إلى أستار الكعبة أو باب الكعبة أو ميزابها أو أسطوانة البيت أو إلى عرفات، ومزدلفة لا يلزمه شيء، ومسألة المشي إلى الحرم قوله‏:‏ وقالا يلزمه أحد النسكين والوجه في ذلك أن يحمل على أنه تعورف بعد أبي حنيفة إيجاب النسك به فقالا به كما تعورف بالمشي إلى الكعبة فيرتفع الخلاف كذا في فتح القدير‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ عبده حر إن لم يحج العام فشهدا بنحره بالكوفة لم يعتق‏)‏، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد يعتق؛ لأن هذه شهادة قامت على أمر معلوم، وهو التضحية، ومن ضرورته انتفاء الحج فتحقق الشرط، ولهما أنها قامت على النفي؛ لأن المقصود منها نفي الحج لا إثبات التضحية؛ لأنه لا مطالب لها فصار كما إذا شهدوا أنه لم يحج غاية الأمر أن هذا النفي مما يحيط به علم الشاهد ولكنه لا يميز بين نفي ونفي تيسيرا كذا في الهداية‏.‏ وحاصله أنه لا يفصل في النفي بين أن يحيط به علم الشاهد فتقبل الشهادة به أو لا فلا بل لا تقبل الشهادة على النفي مطلقا، ولا يرد عليه ما ذكره في السير الكبير شهد على رجل أنه قال المسيح ابن الله، ولم يقل قول النصارى والرجل يقول وصلت به ذلك قبلت هذه الشهادة وبانت امرأته، وليس هو إلا؛ لأنه أحاط به علم الشاهد؛ لأنا نقول إنها شهادة على أمر وجودي، وهو السكوت؛ لأنه انضمام الشفتين فصار كشهود الإرث إذا قالوا نشهد إنه وارثه لا نعلم له وارثا غيره حيث يعطى كل التركة؛ لأنها شهادة على الإرث، والنفي في ضمنه والإرث مما يدخل تحت القضاء بخلاف النحر، وأما ما في المبسوط من أن الشهادة على النفي تقبل في الشروط حتى لو قال لعبده إن لم تدخل الدار اليوم فأنت حر فشهدا أنه لم يدخلها قبلت ويقضى بعتقه وما نحن فيه من قبيل الشروط فأجيب عنه بأنها قامت بأمر ثابت معاين، وهو كونه خارجا فيثبت النفي ضمنا وتعقبه في فتح القدير بأنه يرد عليه أن العبد كما لا حق له في التضحية إذا لم تكن هي شرط العتق فلم تصح الشهادة بها كذلك لا حق له في الخروج؛ لأنه لم يجعل الشرط بل عدم الدخول كعدم الحج في مسألتنا فلما كان المشهود به مما هو وجودي متضمن للمدعى به من النفي المجعول شرطا قبلت الشهادة عليه، وإن كان غير مدعى به لتضمنه المدعى به كذلك يجب قبول شهادة التضحية المتضمنة لنفي المدعى به فقول محمد رحمه الله أوجه‏.‏ ا هـ‏.‏ فإن قلت‏:‏ إن عدم الدخول هو الخروج لأنه لا واسطة فله حق الخروج قلت‏:‏ لا نسلم أنه الخروج؛ لأنه الانفصال من الداخل إلى الخارج فإن كان خارجا وقت اليمين واستمر صدق عليه أنه لم يدخل، ولم يخرج؛ لأنه لو حلف لا يخرج من هذه الدار، وهو خارجها لا يحنث حتى يدخل ثم يخرج كما قدمنا فليس عدم الدخول هو الخروج فالحاصل أن الشهادة على النفي المقصود لا تقبل سواء كان نفيا صورة أو معنى سواء أحاط به علم الشاهد أو لا وسيأتي تفاريعه في الشهادات إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله ‏(‏وحنث في لا يصوم بصوم ساعة بنية، وفى صوما أو يوما بيوم‏)‏ لوجود الشرط في الأول بإمساك ساعة إذ الصوم هو الإمساك عن المفطرات على قصد التقرب، وأما إذا حلف لا يصوم صوما أو لا يصوم يوما فإنه لا يحنث بإمساك ساعة؛ لأنه يراد به الصوم التام المعتبر شرعا وذلك بإنهائه إلى آخر اليوم واليوم صريح في تقدير المدة به، ولا يقال المصدر مذكور بذكر الفعل فلا فرق بين حلفه لا يصوم، ولا يصوم صوما فينبغي أن لا يحنث في الأول إلا بيوم؛ لأنا نقول الثابت في ضمن الفعل ضروري لا يظهر أثره في غير تحقيق الفعل بخلاف الصريح؛ لأنه اختياري يترتب عليه حكم المطلق فيوجب الكمال قيد بيوم؛ لأنه لو حلف ليصوم من هذا اليوم، وكان بعد أن أكل أو بعد الزوال صحت اليمين وطلقت في الحال مع أنه مقرون بذكر اليوم، ولا كمال؛ لأن اليمين تعتمد التصور، والصوم بعد الزوال والأكل متصور كما في صورة الناسي، وهو كما لو قال لامرأته إن لم تصل اليوم فأنت طالق فحاضت من ساعتها أو بعدما صلت ركعة صحت اليمين وطلقت للحال؛ لأن دور الدم لا يمنع كما في الاستحاضة بخلاف مسألة الكوز؛ لأن محل الفعل، وهو الماء غير قائم أصلا فلا يتصور بوجه واستشكله في فتح القدير على قول أبي حنيفة ومحمد؛ لأن التصور شرعا منتف، وكونه ممكنا في صورة أخرى، وهي صورة النسيان والاستحاضة لا يفيد فإنه يحنث كان في صورة الحلف مستحيلا شرعا لا يتصور الفعل المحلوف عليه؛ لأنه لم يحلف إلا على الصوم والصلاة الشرعيين أما على قول أبي يوسف فظاهر أنهما ينعقدان ثم يحنث‏.‏ واعلم أن التمرتاشي ذكر أنه لو حلف لا يصوم فهو على الجائز؛ لأنه لتعظيم الله تعالى وذلك لا يحصل بالفاسد إلا إذا كانت اليمين في الماضي وظاهره أنه يشكل على مسألة الكتاب فإنه حنثه بعدما قال ثم أفطر من يومه لكن مسألة الكتاب أصح؛ لأنها نص محمد في الجامع الصغير‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد قدمنا في مسألة الكوز أن الأصح عدم الحنث فيما إذا قال لامرأته إن لم تصل الفجر غدا فأنت كذا فحاضت بكرة ونقلناه عن المنتقى فهو مؤيد لبحث المحقق ابن الهمام والمراد بالبكرة، وقت طلوع الفجر إلى طلوع الشمس كما لا يخفى فحينئذ لا يحنث في مسألة الصوم أيضا على الأصح لكن جزم في المحيط بالحنث فيهما، وفي الظهيرية بعدما ذكر الحنث قيل هذا الجواب يستقيم على قول أبي يوسف، وأما على قولهما فلا يستقيم أصله مسألة الكوز، وقيل لا بل هذا الجواب مستقيم على قول الكل وذكر أبو الفضل في المسألة تفصيلا فقال‏:‏ إن كانت أطالت الصلاة بحيث لولا إطالتها إياها أمكنها أداؤها حنث، وإن لم يكن منها هذه الإطالة لم يحنث إلا أن الصحيح ما قلنا إنه يحنث على كل حال؛ لأن اليمين لا تعتمد الصحة لكنها تعتمد الإمكان والتصور، وأنه ثابت هاهنا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه أيضا لو قال إن لم أصم شهرا فعبدي حر لا ينصرف إلى شهر يليه بل ينصرف إلى شهر في عمره بخلاف إن لم أساكنك شهرا، وإن لم آت البصرة شهرا ينصرف إلى ما يليه، ولا يحنث حتى يتركه شهرا من حين حلف، والفرق أن النفي معتبر بالإثبات؛ لأن الأشياء تعرف بأضدادها، وفي الإثبات لو قال إن صمت شهرا فعبدي حر تعلق الحنث بصوم شهر، ولا ينصرف إلى ما يليه فكذلك في النفي تعلق الحنث بترك الصوم في شهر، ولا ينصرف إلى ما يليه فذكر الوقت فيه لتقدير الصوم به بخلاف المساكنة والضرب والإتيان ونحوه ما ذكر الوقت لتقدير الفعل به، وإنما هو لتقدير اليمين فتقيدت بالشهر الذي يليه‏.‏ ولو قال إن تركت الصوم شهرا ينصرف إلى ما يليه، وإن صام يوما قبل مضي الشهر لم يحنث، ولو قال إن تركت صوم شهر أو قال إن لم أصم شهرا أو قال إن صمت شهرا انصرف إلى جميع العمر وتمامه فيه، وفي حيل الولوالجية حلف بطلاق امرأته أن لا يصوم شهر رمضان فالحيلة فيه أن يسافر، ولا يصوم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي لا يصلي بركعة وفي صلاة بشفع‏)‏ أي لو حلف لا يصلي حنث إذا صلى ركعة، ولو حلف لا يصلي صلاة لا يحنث إلا بصلاة شفع، والقياس في الأول أن يحنث بالافتتاح اعتبارا بالشروع في الصوم وجه الاستحسان أن الصلاة عبارة عن الأركان المختلفة فما لم يأت بجميعها لا تسمى صلاة بخلاف الصوم؛ لأنه ركن واحد، وهو الإمساك ويتكرر في الجزء الثاني، وأما في الثانية فالمراد بها الصلاة المعتبرة شرعا، وأقلها ركعتان للنهي عن البتيراء، وقد صرح في الهداية في الأولى بأنه إذا سجد ثم قطع حنث ويشكل عليه ما ذكره التمرتاشي حلف لا يصلي يقع على الجائزة فلا يحنث بالفاسدة إلا إذا كان اليمين في الماضي إلا أن يكون المراد بالفاسدة أن تكون بغير طهارة ويكون ما في الذخيرة بيانا له، وهو قوله‏:‏ حلف لا يصلي فصلى صلاة فاسدة بأن صلى بغير طهارة مثلا لا يحنث استحسانا‏.‏ ولو نوى الفاسدة يصدق ديانة، وقضاء، ومع هذا يحنث بالصحيحة أيضا إلى آخره فظهر من كلامه أن المراد بالفاسدة بهي التي لا يوصف منها شيء بوصف الصحة في وقت بأن يكون ابتداء الشروع غير صحيح، وأورد أن من أركان الصلاة القعدة، وليست في الركعة الواحدة فيجب أن لا يحنث بها وأجيب بأن القعدة موجودة بعد رفع رأسه من السجدة، وهذا أولا مبني على توقف الحنث على الرفع منها، وفيه خلاف المشايخ والحق أنه تفرع على الخلاف بين أبي يوسف ومحمد في ذلك والأوجه أن لا يتوقف لتمام حقيقة السجود بوضع بعض الوجه على الأرض، ولو سلم فليست تلك القعدة هي الركن، والأركان الحقيقية هي الخمسة والقعدة ركن زائد على ما تحرر، وإنما وجب للختم فلا تعتبر ركنا في حق الحنث كذا في فتح القدير وقد قدمنا أن الأركان الأصلية ثلاثة القيام والركوع والسجود، وأما القراءة فركن زائد، والتحريمة شرط، ولذا قال في الظهيرية، ولو حلف لا يصلي فقام وركع وسجد، ولم يقرأ فقد قيل لا يحنث وقد قيل يحنث، وهكذا ذكر في المنتقى، وقد علم مما ذكرنا أن النهي عن البتيراء مانع لصحة الركعة لو فعلت والبتيراء تصغير البتراء تأنيث الأبتر، وهو في الأصل مقطوع الذنب ثم صار يقال للناقص‏.‏ وأشار المصنف بالمسألة الثانية إلى فرع مذكور في الذخيرة قال لعبده إن صليت ركعة فأنت حر فصلى ركعة ثم تكلم لا يعتق ولو صلى ركعتين عتق بالركعة الأولى؛ لأنه في الصلاة الأولى ما صلى ركعة؛ لأنها بتيراء بخلاف الثانية ثم إذا حلف لا يصلي صلاة فهل يتوقف حنثه على قعوده قدر التشهد بعد الركعتين اختلفوا فيه والأظهر والأشبه أنه إن عقد يمينه على مجرد الفعل، وهو إذا حلف لا يصلي صلاة لا يحنث قبل القعدة، وإن عقدها على الفرض، وهي من ذوات المثنى فكذلك لا يحنث حتى يقعد، وإن كان من ذوات الأربع يحنث، ولو حلف لا يصلي الظهر لا يحنث حتى يتشهد بعد الأربع كذا في الظهيرية، وفيها حلف لا يصلي خلف فلان فأمه فلان، وقام الحالف عن يمينه حنث، وإن لم تكن له نية‏.‏ وإن نوى أن يكون حلفه لم يدين في القضاء، وعن أبي يوسف لو قال لا أصلي معك فصليا خلف إمام حنث إلا أن ينوي أن يصلي معه ليس بينهما غيرهما، ولو حلف أن لا يؤم أحدا فشرع في الصلاة ونوى أن لا يؤم أحدا فجاء قوم واقتدوا به يحنث؛ لأنه أمهم، وقصده أن لا يؤم أحدا أمر بينه وبين الله تعالى فإذا نوى ذلك لا يحنث ديانة وإن أشهد الحالف قبل الشروع في الصلاة أنه يصلي صلاة نفسه، ولا يؤم أحدا لا يحنث قضاء وديانة، وكذلك لو صلى هذا الحالف بالناس الجمعة فهو على ما ذكرنا، ولو أم الناس في صلاة الجنازة أو سجدة التلاوة لا يحنث لأن يمينه انصرفت إلى الصلاة المطلقة، ولو أمهم في النافلة حنث، وإن كانت الإمامة في النوافل منهيا عنها، وذكر الناطفي في المسألة الأولى أنه إذا نوى أن لا يؤم أحدا فصلى خلفه رجلان جازت صلاتهما، ولا يحنث؛ لأن شرط الحنث أن يقصد الإمامة، ولم يوجد، ولو حلف لا يصلي الظهر خلف فلان أو قال مع فلان فكبر معه ثم أحدث فذهب وتوضأ ثم عاد بعدما خرج الإمام من الصلاة فأتم بصلاته لا يحنث، ولو أنه كبر مع فلان ونام في الركعة الأولى حتى فرغ الإمام من تلك الركعة ثم انتبه فاتبعه وصلى تمام صلاته معه حنث‏.‏ ولو حلف لا يصلي الجمعة مع فلان فأحدث الإمام فقدم الحالف فصلى بهم الجمعة لا يحنث، ولو حلف لا يصلي الظهر بصلاة فلان فدخل معه في الظهر فأحدث الإمام في أول الصلاة أو بعدما صلى ثلاث ركعات فتقدم الحالف فصلى الحالف ما بقي وسلم فقد صلى الظهر بصلاة فلان، وهو حانث، وكذا لو أدرك معه منها ركعة وصلى ما بقي فقد صلى بصلاته فيكون حانثا، ولو حلف ليصلين هذا اليوم خمس صلوات بالجماعة ويجامع امرأته، ولا يغتسل سئل الإمام ابن الفضل عن هذا فقال ينبغي أن يصلي الفجر والظهر والعصر بالجماعة ثم يجامع امرأته ثم يغتسل كما غربت الشمس ويصلي المغرب والعشاء بالجماعة ولا يحنث، وإذا حلف الرجل، وقال والله ما أخرت صلاة عن، وقتها، وقد كان نام عن صلاة خرج، وقتها فصلاها فقد قيل يحنث، وقد قيل لا يحنث، ولو حلف لا يصلي بأهل هذا المسجد ما دام فلان يصلي فيه فمرض فلان ثلاثة أيام ولم يصل أو كان فلان صحيحا فلم يصل فيه فصلى الحالف بعد ذلك فيه لا يحنث، ولو حلف لا يصلي في هذا المسجد فزيد فيه فصلى في موضع الزيادة لا يحنث، ولو حلف لا يصلي في مسجد بنى فلان فزيد فيه فصلى في موضع الزيادة يحنث رجل قال لامرأته إن تركت الصلاة فأنت طالق فأخرت الصلاة عن وقتها ثم قضتها هل يقع الطلاق عليها اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يقع وبه كان يفتي الشيخ الإمام سيف الدين عبد الرحيم الكرميني وبعضهم قالوا يقع الطلاق وبه كان يفتي القاضي الإمام ركن الإسلام علي السغدي، وهو الأشبه والأظهر‏.‏ رجل قال لامرأته إن لم تصبحي غدا، ولم تصلي فأنت طالق فأصبحت وشرعت في الصلاة ثم طلعت الشمس أفتى شمس الأئمة الحلواني بعدم وقوع الطلاق، وأفتى ركن الإسلام السغدي رحمه الله هنا بالوقوع، وهو الأظهر، وإلا بين وعن محمد في رجل قال والله ما صليت اليوم يعني بجماعة قال يصدق فيما بينه وبين الله تعالى، وكذلك لو قال والله ما صليت اليوم ظهرا يعني ظهر أمس يصدق فيما بينه وبين الله تعالى، ولو قال والله ما صليت الظهر يعني بجماعة قال محمد لم يصدق عندي في هذا، ولو صلى الظهر في السفر ثم قال والله ما صليت ظهرا يعني ظهر مقيم يصدق فيما بينه وبين الله تعالى‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المحيط لو قال لعبده إن صليت فأنت حر فقال صليت، وأنكر المولى لا يعتق؛ لأنه من الأمور الظاهرة يمكن لغيره الوقوف عليه بلا حرج‏.‏ ا هـ‏.‏ ولم يذكر المصنف اليمين في الحج والعمرة والوضوء والغسل ونحن نذكر بعض مسائلها تتميما للفائدة قال في الظهيرية، ولو حلف لا يحج فهو على الصحيح دون الفاسد كما في الصوم والصلاة قال الإمام الصفار اختلف المشايخ في أنه هل يجوز أن يقال فسد الحج أم لا إذا واقع امرأته قبل الوقوف بعرفة قال بعضهم لا يجوز، وقال بعضهم يجوز كذا ذكره في مناسك الجامع الصغير، ولو حلف لا يحج أو لا يحج حجة لا فرق بينهما فأحرم بالحج لا يحنث حتى يقف بعرفة رواه ابن سماعة عن محمد وروى بشر عن أبي يوسف أنه لا يحنث حتى يطوف أكثر طواف الزيارة، ولو حلف لا يعتمر أو لا يعتمر عمرة لا فرق بينهما لم يحنث حتى يحرم بالعمرة ويطوف أربعة أشواط رواه بشر عن أبي يوسف، وإذا حلف لا يتوضأ من الرعاف فرعف ثم بال أو بال ثم رعف ثم توضأ فالوضوء منهما جميعا فيحنث‏.‏ ولو حلف أن لا يغتسل من امرأته هذه من جنابة فأصابها ثم أصاب أخرى أو أصاب امرأة أخرى ثم أصاب المحلوف عليها واغتسل فهذا اغتسال منهما ويحنث في يمينه، وكذلك المرأة إذا حلفت أن لا تغتسل من جناية أو من حيض فأصابها زوجها وحاضت واغتسلت فهو اغتسال منهما وتحنث في يمينها وروي عن أبي حنيفة فيمن قال إن اغتسلت من زينب فهي طالق، وإن اغتسلت من عمرة فهي طالق فجامع زينب ثم جامع عمرة واغتسل فهذا الاغتسال منهما ويقع الطلاق عليهما قال أبو عبد الله الجرجاني إذا أجنبت المرأة ثم حاضت ثم اغتسلت كان الاغتسال من الأول دون الثاني وكذلك الرجل إذا رعف ثم بال فالوضوء يكون من الأول دون الثاني عند أبي عبد الله الجرجاني فالحاصل أن على قول أبي عبد الله الجرجاني إذا اجتمع الحدثان فالوضوء بعدهما يكون من الأول إن اتحد الجنس أو اختلف، وقال الفقيه أبو جعفر إن اتحد الجنس بأن بال ثم بال أو رعف ثم رعف فالوضوء من الأول، وإن اختلف الجنس فالوضوء يكون منهما، وقال الشيخ الإمام الزاهد عبد الكريم كنا نظن أن الوضوء من الحدثين إذا استويا في الغلظ والخفة، ومتى كان أحدهما أغلظ فالوضوء من أغلظهما، وقد وجدنا الرواية عن أبي حنيفة أن الوضوء يكون منهما فرجعنا إلى قوله وذكر الفقيه أبو جعفر في تأسيس النظائر أن المرأة إذا أجنبت ثم حاضت فاغتسلت عند أبي يوسف يكون الغسل من الأول، وعند محمد يكون منهما‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إن لبست من غزلك فهو هدي فملك قطنا فغزلته فلبس فهو هدي‏)‏ أي إن لبست ثوبا من مغزولك، وهذا عند أبي حنيفة، وقالا ليس عليه أن يهدي حتى تغزله من قطن ملكه يوم حلف، ومعنى الهدي التصدق به بمكة؛ لأنه اسم لما يهدى إليها لهما أن النذر إنما يصح في الملك أو مضافا إلى سبب الملك، ولم يوجد؛ لأن اللبس وغزل المرأة ليسا من أسباب الملك وله أن غزل المرأة عادة يكون من قطن الزوج والمعتاد هو المراد وذلك سبب لملكه، ولهذا يحنث إذا غزلت من قطن مملوك له وقت النذر؛ لأن القطن لم يصر مذكورا وأفاد أنه لو كان القطن مملوكا له وقت الحلف فغزلته فلبسه فإنه هدي بالأولى، وهو متفق عليه، وفي فتح القدير والواجب في ديارنا أن يفتى بقولهما؛ لأن المرأة لا تغزل إلا من كتان نفسها أو قطنها فليس الغزل سببا لملكه للمغزول عادة فلا يستقيم جواب أبي حنيفة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المحيط حلف لا يلبس من غزل فلانة ونوى الغزل بعينه لا يحنث إذا لبسه لأنه نوى حقيقة كلامه، وإن كان لبس الغزل قبل النسج غير ممكن كما لو حلف لا يشرب الماء ونوى شرب جميع المياه لم يحنث حتى لو لم تكن له نية يحمل على المنسوج عرفا؛ لأنه عقد يمينه على ما لا يتصور لبسه عرفا فينصرف إلى ما يصنع منه مجازا عرفا كما لو حلف لا يأكل من هذه النخلة حلف لا يلبس ثوبا من غزل فلانة فلبس ثوبا من غزلها وغزل أخرى لا يحنث؛ لأن بعض الملبوس ليس من غزلها وبعض الثوب لا يسمى ثوبا كما لو حلف لا يلبس ثوب فلان فلبس ثوبا بين فلان وبين آخر لم يحنث فكذا هنا حتى لو حلف لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوبا من غزلها وغزل غيرها حنث، وإن كان من غزل فلانة خيط واحد؛ لأن الغزل ليس باسم لشيء مقدر فالبعض منه يسمى غزلا وفي الجامع الصغير حلف لا يلبس ثوبا من غزل فلبس ثوبا من غزل، وقطن كان في ملكه وقت اليمين يحنث، وكذلك إن لم يكن في ملكه عند أبي حنيفة خلافا لهما‏.‏ وفي المنتقى حلف لا يلبس من غزل فلانة، ولم يقل ثوبا فلبس ثوبا زره وعراه من غزلها لا يحنث؛ لأن الزر والعراء قبل الشد لا يصير ملبوسا بلبس القميص وبعد الشد لا يحنث، وإن صار لابسا؛ لأن هذا يسمى شدا ولا يسمى لبسا عرفا، وفي اللبنة والزيق يحنث لأنه يسمى لابسا لهما عرفا بلبس الثوب، ولو لبس تكة من غزلها لا يحنث عند أبي يوسف، وعند محمد يحنث والفتوى على قول أبي يوسف؛ لأنه لا يسمى لابسا في التكة عرفا بخلاف ما إذا لبس تكة من حرير فإنه يكره اتفاقا؛ لأن المحرم استعمال الحرير مقصودا سواء صار لابسا أو لم يصر، وقد وجد، وهذا المحرم باليمين اللبس، ولم يوجد، ولم يكره الزر والعرى من حرير؛ لأنه لا يعد لابسا، ولا مستعملا وكذا اللبنة والزيق لا يكره من الحرير؛ لأنه مستعمل له تبعا لا مقصودا فصار كالإعلام، ولو أخذ الحالف خرقة من غزلها قدر شبرين ووضعها على عورته لا يحنث؛ لأنه لا يسمى لابسا، وقال أبو يوسف إذا رقع في ثوبه شبرا حنث، ولو لبس ثوبا من غزلها فلما بلغ الذيل إلى السرة، ولم يدخل كميه ورجلاه بعد تحت اللحاف يحنث؛ لأنه لبس، ولو حلف لا يلبس ثوبا من نسج فلان فنسجه غلمانه فإن كان فلان لم يعمل بيديه لم يحنث وإن كان عمل حنث؛ لأن حقيقة النسج ما يفعله بيده فيحمل على الحقيقة ما أمكن، وإلا يحمل على المجاز، وهو الأمر به، ولو حلف لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس كساء من غزلها حنث؛ لأن هذا ثوب من غزلها، وإن كان من الصوف‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية حلف لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوبا خيط من غزل فلانة لا يحنث، ولو لبس قلنسوة أو شبكة من غزل فلانة يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي فتح القدير، ومعنى من غزل الهدي هنا ما يتصدق به بمكة؛ لأنه اسم لما يهدى إليها فإن كان نذر هدي شاة أو بدنة فإنما يخرجه عن العهدة ذبحه في الحرم والتصدق به هناك فلا يجزئه إهداء قيمته، وقيل في إهداء قيمة الشاة روايتان فلو سرق بعد الذبح فليس عليه غيره، وإن نذر ثوبا جاز التصدق في مكة بعينه أو بقيمته، ولو نذر إهداء ما لم ينقل كإهداء دار ونحوها فهو نذر بقيمتها‏.‏ ا هـ‏.‏ فالحاصل أنه في مسألة الكتاب لا يخرج عن العهدة إلا بالتصدق بمكة مع أنهم قالوا لو التزم التصدق على فقراء مكة بمكة ألغينا تعيينه الدرهم والمكان والفقير فعلى هذا يفرق بين التزام بصيغة الهدي وبينه بصيغة النذر‏.‏

قوله ‏(‏لبس خاتم ذهب أو عقد لؤلؤ لبس حلي‏)‏ يعني لو حلف لا يلبس حليا فلبس خاتم ذهب أو عقد لؤلؤ حنث أما الذهب فلأنه حلي، ولهذا لا يحل استعماله للرجال، وأما عقد اللؤلؤ فأطلقه فشمل المرصع وغيره، وهو قولهما، وقال الإمام لا يحنث بغير المرصع؛ لأنه لا يتحلى به عرفا إلا مرصعا، ومبنى الأيمان على العرف لهما أن اللؤلؤ حلي حقيقة حتى سمي به في القرآن في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وتستخرجون حلية تلبسونها‏}‏، وقيل هذا اختلاف عصر وزمان ويفتى بقولهما؛ لأن التحلي به على الانفراد معتاد كذا في الهداية، ولهذا اختاره في المختصر، وأطلق الخاتم من الذهب فشمل ما له فص، وما لا فص له اتفاقا وشمل ما إذا كان الحالف رجلا أو امرأة كما في الظهيرية قوله ‏(‏لا خاتم فضة‏)‏ أي ليس بحلي عرفا ولا شرعا بدليل أنه أبيح للرجال مع منعهم من التحلي بالذهب والفضة، وإنما أبيح لهم لقصد التختم لا لقصد الزينة فلم يكن حليا كاملا في حقهم، وإن كانت الزينة لازم وجوده لكنها لم تقصد به أطلقه فشمل ما إذا كان مصوغا على هيئة خاتم النساء أو لا، وقيده في النهاية بما إذا لم يكن مصوغا؛ لأن ما صيغ على هيئة خاتم النساء بأن كان ذا فص يحنث به، وهو الصحيح، وأطلقه بعضهم كما في المختصر ورجحه في فتح القدير؛ لأن العرف في خاتم الفضة نفي كونه حليا، وإن كان زينة‏.‏ ا هـ‏.‏ وأشار المصنف إلى أنه على قياس قول الإمام لا بأس للرجال بلبس اللؤلؤ الخالص كذا في التبيين وذكر القلانسي في تهذيبه أنه على قياس قوله الذهب والفضة ليس بحلي قبل الصياغة حتى لو علقت في عنقها تبر الذهب والفضة لا تحنث وعندهما‏.‏ ا هـ‏.‏ وقيد بخاتم الفضة؛ لأن الخلخال والدملج والسوار حلي؛ لأنه لا يستعمل إلا للتزين فكان كاملا في معنى الحلي كذا في المحيط‏.‏ وأشار المصنف بعقد اللؤلؤ إلى أن عقد الزبرجد أو الزمرد كذلك فأبو حنيفة شرط الترصيع، وهما أطلقا كما في المحيط والحلي بضم الحاء وتشديد الياء جمع حلي بفتح الحاء وسكون اللام كثدي وثدي، وقيد به؛ لأنه لو حلف لا يلبس سلاحا، ولا نية له فقلد سيفا أو ترسا لا يحنث؛ لأنه لم يلبس السلاح، ولو لبس درعا من حديد أو غيره يحنث، ولو حلف لا يشتري سلاحا فاشترى سكينا أو حديدا لا يحنث؛ لأن بائعه لا يسمى بائع السلاح كذا في المحيط، وفي الظهيرية حلف لا يلبس ثوبا أو لا يشتري فيمينه على كل ملبوس يستر العورة وتجوز الصلاة فيه حتى لو اشترى مسحا أو بساطا أو طنفسة، ولبسها لا يحنث والمسح الحلس، وهو البساط المنسوج من شعر المعزى والطنفسة البساط المحشو، ولو اشترى فروا أو لبس فروا يحنث ولو اشترى قلنسوة أو لبسها لا يحنث، ولو اشترى ثوبا صغيرا يحنث هكذا ذكر في المبسوط قالوا أراد به أن يكون إزارا أو سراويل بل يستر العورة وتجوز الصلاة فيه حتى لو اشترى منديلا يمتخط به لا يحنث، ولو حلفت المرأة أن لا تلبس ثوبا فتقنعت بقناع لم تحنث إذا لم يبلغ مقدار الإزار، وإن بلغ حنثت، وإن حلف لا يلبس ثوبا فلبس لفافة لا يحنث، وعلى قياس مسألة الخمار ينبغي أن يحنث إذا كانت اللفافة تبلغ مقدار الإزار، وإن اعتم بعمامة عن محمد أنه لا يحنث، وعن أبي يوسف كذلك إلا أن تكون عمامة لو لفها كانت إزارا أو رداء فحينئذ يحنث، وفي السير الكبير إن اسم الثوب لا ينتظم العمامة والقلنسوة والخف وذكر خواهر زاده أن هذا الجواب في عمائم العرب؛ لأنها صغيرة لا يجيء منها الثوب الكامل فأما في عمائمنا فالجواب بخلافه؛ لأنه يجيء منها المئزر، ولو حلف لا يلبس قميصا فاتزر بقميص أو ارتدى بقميص لا يحنث‏.‏ والأصل في جنس هذه المسائل أن من حلف على لبس ثوب لا بعينه لا يحنث ما لم يوجد منه اللبس المعتاد، وإذا حلف على لبس ثوب بعينه فعلى أي وصف لبسه حنث في يمينه، ولو حلف لا يلبس ثوبا فوضعه على عاتقه يريد حمله أو عرضه على البيع لا يحنث، ولو حلف لا يلبس قباء أو هذا القباء فوضعه على كتفيه، ولم يدخل يديه في كميه ففي الوجه الأول اختلف المشايخ بعضهم قالوا لا يحنث استدلالا بما ذكره محمد في المناسك أن المحرم إذا فعل هكذا لا كفارة عليه وبعضهم قالوا يحنث؛ لأن القباء قد يلبس هكذا، وفي الوجه الثاني يحنث بلا خلاف ولو حلف لا يلبس قباء أو هذا القباء فوضعه على اللحاف حالة النوم لا يحنث هكذا حكى ظهير الدين المرغيناني فتوى عمه شمس الإسلام الأوزجندي ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏لا يجلس على الأرض فجلس على بساط أو حصير أو لا ينام على هذا الفراش فجعل فوقه فراشا آخر فنام عليه أو لا يجلس على سرير فجعل فوقه سريرا آخر لا يحنث‏)‏ بيان لثلاث مسائل الأولى حلف لا يجلس على الأرض فجلس على بساط أو حصير المقصود أنه جلس على حائل بينه وبين الأرض ليس بتابع للحالف فلا يحنث لأنه لا يسمى جالسا على الأرض بخلاف ما إذا كان الحائل ثيابه؛ لأنه تبع له فلا يصير حائلا، ولو خلع ثوبه فبسطه وجلس عليه لا يحنث لارتفاع التبعية الثانية حلف لا ينام على هذا الفراش فجعل فوقه فراشا آخر فنام عليه فإنه لا يحنث؛ لأنه مثله، والشيء لا يكون تبعا لمثله فتنقطع النسبة إلى الأسفل قيد بكون الفراش مشارا إليه؛ لأنه لو نكره فحلف لا ينام على فراش حنث بوضع الفراش على الفراش؛ لأنه نام على فراش نكرة الثالثة حلف لا يجلس على سرير فجعل فوقه سريرا آخر لا يحنث هكذا ذكر المصنف، وهو مشكل؛ لأن هذا الحكم إنما هو فيما إذا كان السرير المحلوف عليه معينا كما إذا حلف لا يجلس على هذا السرير فجعل فوقه سريرا آخر فجلس عليه؛ لأنه غيره، وأما إذا كان السرير المحلوف عليه نكرة يحنث بالجلوس على السرير الأعلى؛ لأن اللفظ المنكر يتناوله كما في التبيين، وقيد بالسرير؛ لأنه لو حلف لا ينام على ألواح هذا السرير أو ألواح هذه السفينة ففرش على ذلك فراشا لم يحنث؛ لأنه لم ينم على الألواح كذا في المحيط قوله ‏(‏ولو جعل على الفراش قرام أو على السرير بساط أو حصير حنث‏)‏؛ لأن القرام تبع للفراش؛ لأنه ساتر رقيق يجعل فوقه كالتي في عرفنا الملاءة أي الملاءة المجعولة فوق الطراحة فصار كأنه نام على نفس الفراش، وذكر الشمني أن القرام بكسر القاف ستر فيه رقم ونقش، وفي الثانية يعد جالسا على السرير؛ لأن الجلوس عليه في العادة هو الجلوس على ما يفرش عليه‏.‏ قال في فتح القدير، وهكذا الحكم في هذا الدكان، وهذا السطح إذا حلف لا يجلس على أحدهما فبسط عليه وجلس حنث، ولو بنى دكانا فوق الدكان أو سطحا على السطح انقطعت النسبة عن الأسفل فلا يحنث بالجلوس على الأعلى، ولذا كرهت الصلاة على سطح الكنيف والإصطبل، ولو بنى على ذلك سطحا آخر وصلى عليه لا يكره، وفي كافي الحاكم حلف لا يمشي على الأرض فمشى عليها بنعل أو خف حنث، وإن كان على بساط لم يحنث، وإن مشى على أحجار حنث؛ لأنها من الأرض‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الواقعات حلف لا ينام على هذا الفراش فأخرج منه الحشو ونام عليه لا يحنث ظاهرا؛ لأنه لا ينطلق عليه اسم الفراش، ولو رفع الظهارة ونام على الصوف والحشو ذكر بعد هذا أنه لا يحنث؛ لأنه لا يسمى فراشا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المحيط قال لامرأته إن نمت على ثوبك فأنت طالق فاتكأ على وسادة لها أو وضع رأسه على مرفقة لها أو اضطجع على فراشها إن وضع جنبه أو أكثر بدنه على ثوب من ثيابها حنث؛ لأنه يعد نائما، وإن اتكأ على وسادة أو جلس عليها لم يحنث لأنه لا يعد نائما‏.‏ ا هـ‏.‏ والله أعلم‏.‏