فصل: باب ما يجب فيه الشفعة وما لا يجب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب ما يجب فيه الشفعة وما لا يجب

ذكر تفصيل ما تجب فيه الشفعة وما لا تجب بعد ذكر نفس الوجوب مجملا؛ لأن التفصيل بعد الإجمال أوقع في النفس كذا في العناية قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏إنما تجب الشفعة في عقار ملك بعوض هو مال‏)‏ قوله في عقار يتناول ما يقسم وما لا يقسم وقال الشافعي لا تجب فيما لا يقسم كالبئر والرحا والحمام والنهر والطريق وهذا مبني على أصل عنده وهو أن الشفعة تجب لدفع ضرر أجرة القسام عنده وعندنا لدفع ضرر سوء العشرة واحترز بقوله بعوض عما إذا ملك بالهبة، فإن الشفعة لا تجب فيها وبقوله هو مال عما إذا ملك بعوض غير مال كالمهر والخلع والصلح عن دم عمد والعتق، فإن الشفعة لا تجب في هذه الأشياء على ما بينه قريبا والعقار لغة الضيعة وقيل ما له أصل من دار وضيعة نقله الإمام المطرزي ونقل الشراح هنا العقار كل ما له أصل من دار وضيعة‏.‏ ا هـ‏.‏ فهو مطابق للتفسير الثاني ونقل الجوهري في فصل العين من باب الراء العقار بالفتح الأرض والضياع والنخل ومنه قولهم ما له دار ولا عقار والجمع ضياع وفي فصل الضاد من باب العين الضيعة العقار‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي كلامه اختلال؛ لأنه فسر العقار أولا بما يشمل الأقسام الثلاثة الأرض والضياع والنخل ثم فسر الضيعة بالعقار فلزم تفسير الأخص بالأعم كما ترى وفي المحيط ويدخل في الحمام ما كان مركبا في بنيانه دون المنفصل كالقصعة ويدخل في الرحا الحجر الأسفل دون الأعلى؛ لأنه مبني في الأرض ولو اشترى أجمة فيها قصب وسمك يوجد بلا صيد استحق الأجمة والقصب بالشفعة دون السمك؛ لأنه منقول والقصب يشعب الأرض وفي التتارخانية، وإنما تجب في الأراضي التي تملك رقابها حتى تجب في الأراضي التي حازها الإمام للمسلمين يدفعها بزراعة، وإنما تجب لحق الملك في الأراضي حتى لو بيعت دار بجنبها دار الوقف فلا شفعة للواقف ولا للمتولي لعدم الملك كذا في المحيط وغيره وفي السراجية رجل له دار في أرض الوقف فلا شفعة له ولو باع هو عمارته فلا شفعة لجاره وفي التجريد ولو جعل داره مسجدا وأفرزه وجعل بابه إلى الطريق فبيعت دار إلى جنب المسجد لم يكن للواقف ولا للمتولي شفعة لعدم الملك وفي المحيط وغيره ما لا يجوز بيعه في العقارات كالأوقاف والحانوت المسبل فلا شفعة في ذلك عند من يرى جواز الوقف وفي المبسوط لو اشترى أرضا فيها شجر صغار فأثمرت أو فيها زرع فأدرك فللشفيع أن يأخذ ذلك بجميع الثمر لاتصاله بالأرض‏.‏ ا هـ‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏لا في عرض وفلك‏)‏ يعني لا تجب الشفعة في عرض وفلك وقال مالك لا تجب في السفينة؛ لأنها تسكن كالعقار ولنا ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال‏:‏ «لا شفعة إلا في ربع أو حائط» ولأن الأخذ بالشفعة ثبت على خلاف القياس فلا يجوز إلحاق المنقول به؛ لأنه ليس في معنى العقار وهذا الاستدلال فيه شيء، فإن ظاهره حصر ثبوت الشفعة في الربع والحائط فدل ذلك على انتفاء حق الشفعة في غيرهما ومن غيرهما العروض والسفن فيرد عليه أن مقتضى الحصر أن لا تثبت الشفعة في عقار غير ربع وحائط كضيعة خالية مثلا وليس كذلك قطعا فكيف يتمسك به قلت يمكن حمل القصر على القصر الإضافي دون الحقيقي فالقصر بالنسبة إليهما لا بالنسبة إلى جميع ما عداهما فتأمل قال في العناية الربع الدار والحائط البستان وأصله ما أحاط به‏.‏ ا هـ‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وبناء ونخل بيعا بلا عرصة‏)‏؛ لأنهما منقولان فلا تجب فيهما إذا بيعا بلا أرض، وإن بيعا معها تجب فيها الشفعة تبعا لها بخلاف العلو حيث يستحق بالشفعة وتستحق به الشفعة على أنه مجاوره وذلك إذا لم يكن طريقه غير طريق السفل، وإن كان طريقهما واحدا يستحق بالطريق الشفعة على أنه خليط في الحقوق‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ودار جعلت مهرا أو أجرة أو بدل خلع أو بدل صلح عن دم أو عوض عتق أو وهبت بلا عوض مشروط‏)‏؛ لأن الشارع لم يشرع التملك بالشفعة إلا بما يملك به المشتري صورة ومعنى أو معنى بلا صورة ولا يمكن ذلك إذا تملك العقار بهذه الأشياء؛ لأنها ليست بأموال ولا مثل لها حتى يأخذها الشفيع بمثلها فلم يمكن مراعاة شرط الشرع فيه وهو التملك بما يملك به المشتري فلم يكن مشروعا وقال الإمام الشافعي تجب فيهما الشفعة فيأخذها بقيمتها عند تعذر الأخذ بمثلها بخلاف الهبة بلا عوض لتعذر الأخذ بلا عوض إذ هو غير مشروع ولنا ما تقدم ولأن الشفيع يتملك بما يملك به المشتري من السبب لا بسبب آخر وهاهنا لو أخذه كان يأخذ بسبب آخر ولو تزوجها بغير مهر ثم فرض لها عقارا مهرا لم يكن فيها الشفعة؛ لأنه تعين بمهر المثل وهو مقابل بالبضع بخلاف ما لو باعها العقار بمهر المثل أو بالمسمى عند العقار أو بعده حيث تجب فيه الشفعة؛ لأنه مبادلة مال بمال؛ لأن ما أعطاه من العقار بدل عما في ذمته من المهر ولو تزوجها على دار على أن يرد عليه ألف درهم فلا شفعة في جميع الدار عند الإمام وقالا تجب الشفعة في حصة الألف؛ لأنه مبادلة مال بمال في حقه ولهذا ينعقد بلفظ النكاح ولا يفسد بشرط النكاح وهو يقول معنى البيع فيه تابع فلا شفعة في الأصل فكذا في البيع‏.‏ ألا ترى أن المضارب إذا كان رأس ماله ألفا فاتجر وربح ألفا ثم اشترى بالألفين دارا في جوار رب المال ثم باعها بألفين فإن رب المال لا يستحق الشفعة في حصة المضارب تبعا لرأس المال؛ لأن المضارب وكيل في حقه وليس في بيع الوكيل شفعة وكذا في حق المضارب وهو البيع كذا في العتابية قوله جعلت الدار مهرا مثال قال في العتابية ولو قال صالحتك على أن تجعل هذه الدار مهرا لك وأعطيتك هذه الدار مهرا فلا شفعة للشفيع فيها وقوله جعلت مهرا محترز عن البيع ولو باعها دارا بمهر مثلها أو صالحها على دار أو صالحها من دعوى حق على دار ففيهما الشفعة والقول قول المصالح في قيمة ذلك أو في قدره وفي السراجية صالح في دار ادعاه على مائة درهم وهو جاحد لا شفعة فيها فإن أقام الشفيع البينة أنها التي ادعاها فله الشفعة وفي شرح الطحاوي رجل تزوج امرأة ولم يسم مهرا ثم دفع لها دارا مهرا فهو على وجهين إن قال الزوج جعلتها مهرك فلا شفعة فيها، وإن قال جعلتها بمهرك ألفا ففيها الشفعة وفي المحيط لو خالع امرأته على ذلك على أن ترد عليه ألفا فهو كما لو تزوج على دار على أن ترد عليه ألفا كما تقدم وفيه أيضا أسلم دارا لرجل في مائة قفيز حنطة واستلم الدار فللشفيع أخذها بالشفعة ولو افترقا قبل أن يقبض الدار بطل السلم ولا شفعة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي العتابية لا شفعة في دار هي بدل عن سكنى دار وخدمة عبد وقيد بقوله عن دم عمد احترازا عن الخطأ قال في المبسوط ولو كان عن جناية خطأ تجب الشفعة ولو صالح بها عن جنايتين أحدهما عمدا والأخرى خطأ فلا شفعة فيها على قول الإمام وعندهما تجب فيها الشفعة فيما يخص جناية الخطأ ولو صالح عن كفالة رجل بنفسه على دار فلا شفعة فيها؛ لأن هذا صلح باطل‏.‏ ا هـ‏.‏ قيد بقوله بلا عوض مشروط؛ لأنه لو شرط في العقد تجب الشفعة ففي الخانية وهب دارا من إنسان بشرط أن يعوضه كذا فلا شفعة للشفيع ما لم يتقابضا وبعد التقابض تجب الشفعة بمثل العوض إن كان مثليا وإلا فبقيمته إن كان قيميا وفي السغناقي وهب له عقارا من غير عوض مشروط في العقد ثم عوضه عن الدار دارا فلا شفعة في الهبة ولا في العوض وفي الأصل لو وهب شقصا مسمى في دار غير محجور ولا مقسوم على أن يعوضه كذا فهو باطل ولا شفعة للشفيع والجواب في الصدقة بألفاظها والعطية نظير الجواب في الهبة، أما الوصية على هذا الشرط إذا قبل الوصي له ثم مات، فإنه تجب فيه الشفعة قال في الكتاب إذا قال أوصيت بداري لفلان بألف درهم فقال الموصى له قبلت ثبت للشفيع الشفعة، وإن قال أوصيت أن يوهب له على عوض ألف درهم فهو مثل الهبة بالشرط، وإن ادعى حقا على إنسان وصالحه المدعى عليه على الدار فللشفيع أن يأخذ الدار بالشفعة كان الصلح عن إقرار أو إنكار وفي الفتاوى العتابية والقول للمدعي في مقدار الدين في حق الشفيع وكذا لو صالحه عن عيب على دار بعد القبض فالقول للمصالح في نقصان العيب ولو ادعى دارا في يد رجل وصالحه المدعى عليه على أن يعطيه المدعي دراهم وترك الدار ينظر إن كان الصلح عن إنكار فلا شفعة للشفيع‏.‏ ا هـ‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن بيعت بخيار البائع‏)‏؛ لأن خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه وبقاء ملكه يمنع وجوب الشفعة؛ لأن شرط وجوبها الخروج عن ملكه، فإذا سقط الخيار أو سقط الخيار عند سقوط الخيار؛ لأن البيع إنما صار سببا لإفادة الحكم في ذلك الوقت ووجوب الشفعة تنبني على انقطاع حق الملك بالبيع وهو ينقطع حينئذ، وإن اشترى بشرط الخيار وجبت الشفعة أما عندهما فظاهر؛ لأن المشتري تملكها، أما عنده فلخروجه عن ملك البائع ألا ترى أن البائع إذا أقر بالبيع وأنكر المشتري تجب الشفعة، فإذا أخذها الشفيع في الثالث لزم البيع لعجز المشتري عن الرد ولا خيار للشفيع؛ لأن خيار الشرط لا يثبت إلا بالشرط وهو كان للمشتري دون الشفيع وإذا بيعت دار بجنبها والخيار لأحدهما كان له الأخذ بالشفعة؛ لأن البائع لم يخرج المبيع عن ملكه إذا كان الخيار له ويلزم البيع؛ لأن الأخذ بالشفعة نقض منه للبيع وكذلك المشتري عند هما إن كان الخيار له؛ لأن المبيع دخل في ملكه عندهما؛ لأنه يصير بالأخذ مختارا للبيع فيصير إجازة وتملك به المبيع و؛ لأنه صار أحق به من غيره وذلك يكفي لاستحقاق الشفعة كالمأذون له والمكاتب إذا بيعت دار بجنب دارهما‏.‏ وكذا إذا اشترى دارا ولم يرها فبيعت دار بجنبها كان له أن يأخذها بالشفعة؛ لأن ملكها فيها ثابت وإذا أخذ المشفوعة لم يسقط خياره؛ لأن خيار الرؤية لا يبطل بصريح الإبطال فبدلالته أولى، فإذا حضر شفيع الأولى وهي التي اشتراها المشتري كان له أن يأخذها بالشفعة؛ لأنه أولى بها من المشتري وليس له أن يأخذ الثانية وهي التي أخذها المشتري بالشفعة إذا لم تكن متصلة بملكه لانعدام سبب الشفعة في حقه، واتصاله لا يفيد لعدم ملكه فيها وقت بيع الأخرى، وإن كانت متصلة بملكه كان له أن يشاركه فيها بالشفعة، فإذا جاء الشفيع الأول بعدما أخذ المشتري الثاني بالشفعة كان لهذا الذي جاء أن يأخذها بالشفعة وليس له أن يأخذ الثانية بالشفعة وفي التجريد ولو كان المشتري شرط الخيار لغيره فأجاز وهو شفيعها فله الشفعة ولو باع عقارا وشرط الخيار لغيره فأمضى ذلك الغير البيع وهو شفيعها فلا شفعة له وفي الفتاوى ولو باعه بخيار ثلاثة أيام ثم زاده ثلاثة أخرى يأخذها الشفيع إذا انقضت المدة الأولى‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏أو بيعت فاسدا ما لم يسقط حق الفسخ بشيء يسقطه كالبناء‏)‏؛ لأن البيع الفاسد بعد القبض لا يفيد الملك للمشتري فلا يثبت للشفيع فيه حق مع بقاء ملكه وبعد القبض، وإن كان يفيده لكن حق البائع باق فيها ألا ترى أنه واجب الدفع لدفع الفساد ولهذا يحرم على المشتري التصرف فيه وفي إثبات الحق له تقرير فلا يجوز وإذا سقط حق الفسخ زال المانع من وجوب الشفعة فتجب وقوله بالبناء مثال؛ لأنه ينقطع حق البائع بإخراج المشتري المبيع عن ملكه بالبيع أو غيره على ما تقرر في البيع الفاسد، فإذا أخرجه عن ملكه بالبيع كان للشفيع أن يأخذها بأي البيعين، فإن أخذها بالبيع الأول أخذها بالقيمة، وإن أخذها بالبيع الثاني أخذها بالثمن؛ لأن البيع الثاني صحيح وإذا أخرجها عن ملكه بالهبة أو جعلها مهرا أو غير ذلك نقض تصرفه وأخذ بقيمته لما ذكرنا وإذا بيعت دار بجنبها قبل القبض فللبائع الشفعة في المبيع لبقاء ملكه فيها، وإن سلمها بعد الحكم له لا تبطل، فإذا بيعت بعد القبض فاستردها البائع منه قبل أن يقضي له بالشفعة بطلت شفعته لخروجها عن ملكه قبل الأخذ فصار كما إذا باعها قبله‏.‏ وإذا استردها بعد الحكم له بقيت على ملكه لما ذكرنا وقيد بقوله بيعت فاسدا ليفيد أن الفاسد قارن العقد واستمر بعده قيدناه به؛ لأن الفساد إذا كان بعد انعقاده صحيحا فحق الشفعة على حاله كذا في العناية واعترض على هذا بأنه لم لا يجوز أن لا يثبت المفسد في حق الشفيع كي لا يلزم تقرير الفساد وإذا ثبت في حق المشتري كما قلنا في خيار الشرط لا يثبت في حق الشفيع، وإن ثبت في حق المشتري وأجيب إن فساد البيع إنما يثبت لمعنى راجع إلى العوض فلو أسقطنا العوض بقي بيع بلا عوض وهو فاسد أيضا والخيار ثبت لمعنى خارج عن العوضين فلو أسقطنا الخيار بقي بيع بلا خيار وهو مشروع قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏أو قسمت بين الشركاء‏)‏ يعني لو قسمت الدار بين الشركاء لا تجب الشفعة لجارهم بالقسمة بينهم؛ لأن القسمة فيها معنى الإفراز ولهذا يجري فيها الخيار والشفعة لم تشرع إلا في المبادلة المطلقة وهي المبادلة من كل وجه قال في العناية ولأنها لو وجبت للقاسم لكونه جارا بعد استحقاق الشفعة وهو غير صحيح؛ لأن سببه الإفراز وهو متأخر وهو لا بد أن يكون متقدما على زوال الملك القائم كما تقدم وكونه جارا متأخر وقول صاحب غاية البيان و؛ لأنها لو وجبت للقاسم؛ لأنه شريك والشريك أولى من الجار فيه نظر؛ لأنه قبل القسمة لا بعدها والكلام فيما بعدها‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏أو سلمت شفعته ثم ردت بخيار رؤية أو شرط أو عيب بقضاء‏)‏ يعني إذا أسلم الشفيع الشفعة ثم ردت إلى البائع بخيار رؤية أو شرط كيفما كان أو بيعت بقضاء القاضي لا تجب الشفعة فيها؛ لأنه فسخ من كل وجه فلا يمكن أن يجعل عقدا جديدا فعاد إليه قديم ملكه والشفعة تجب في الإنشاء لا في استمرار البقاء وعلى ما كان ولا فرق في ذلك بين أن يكون الفسخ قبل القبض أو بعده وفي الجامع الصغير ولا شفعة في قسمة ولا خيار رؤية بالجر معناه لا شفعة في الرد بخيار رؤية وليس معناه أن خيار الرؤية لا يثبت في القسمة؛ لأن المذكور في كتاب القسمة أن خيار الرؤية يثبت في القسمة وخيار الشرط أيضا؛ لأن ثبوتها لخلل في الرضا بالعقد الذي لا ينعقد لازما إلا بالرضا والقسمة منه لما فيها من معنى المبادلة والمبادلة أغلب في غير الكيلي والوزني فيجوز فيه خيار الرؤية والشرط ولا يجوز في المكيل والموزون؛ لأن الإقرار فيهما هو الغالب وقال في الكافي‏.‏ وصحح شمس الأئمة السرخسي أن خيار الرؤية لا يثبت في القسمة سواء كانت بقضاء أو رضاء قاله الشيخ وقلنا لا فرق بين أن يكون الفسخ قبل القبض أو بعده كذا في العناية ولا عبرة بقول من قال المراد بعد القبض؛ لأنه لو كان هذا مرادا كان مناقضا لقولهم في غير هذا المحل ولا فرق بين أن يكون قبل القبض أو بعده كذا في العناية‏.‏ ا هـ‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وتجب لو ردت بلا قضاء أو تقايلا‏)‏ يعني تجب الشفعة إن ردها المشتري بعيب بغير قضاء أو تقايلا البيع وقال زفر لا تجب؛ لأن شفعته بطلت بالتسليم والرد بالعيب بغير قضاء إقالة والإقالة فسخ لقصدهما ذلك والعبرة بقصد العاقدين قلنا الإقالة سبب للملك بتراضيهما كالبيع غير أنهما قصدا الفسخ فيصح فيما لا يتضمن حق الغير؛ لأن لهما ولاية على أنفسهما فيكون فسخا في حقهما ولا ولاية لهما على غيرهما فيكون بيعا جديدا في حق الشفيع فيتجدد له به حق الشفعة قال الشارح قال صاحب الهداية ومراده بالرد بالعيب الرد بعد القبض قال رحمه الله‏:‏ وهذا إنما يستقيم على قول محمد؛ لأن بيع العقار عنده قبل القبض لا يجوز كما في المنقول، أما على قولهما يجوز بيعه قبل القبض فلا يفيد القيد المذكور والله أعلم‏.‏

باب ما تبطل به الشفعة

لما كان بطلان الشيء يقتضي سابقة وجوده ذكر ما تبطل به الشفعة بعد ذكر ما تثبت به الشفعة قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وتبطل بترك المواثبة أو التقرير‏)‏ حين علم مع القدرة عليه بأن لم يمنعه أحد ولم يكن في الصلاة؛ لأنها تبطل بالإعراض وترك الطلبين أو أحدهما مع القدرة إعراض على ما تقدم والأصل في هذا الباب أن تسليم الشفعة قبل البيع لا يصح وأن من ثبت له الحق إذا أسقطه بعد ثبوته له سقط علم بثبوته له أو لم يعلم وتعبير المؤلف بترك الطلب أولى من تعبير صاحب الهداية بترك الإشهاد؛ لأنه يرد على صاحب الهداية أن الإشهاد ليس بشرط وترك ما ليس شرطا في الشيء لا يبطله وفي المحيط لو سلم الشفعة للوكيل صح وسقط ويصح تعليق الإسقاط بشرط ولو قال سلمت لك إن اشتريت لنفسك لم تبطل إذا كان اشتراها لغيره ولو قال لأجنبي سلمت شفعة هذا سقطت شفعته؛ لأنه سلم مطلقا فصرفناه إلى المشتري حملا لكلام العاقل على الصحة ولو قال سلمت لك لا يصح؛ لأن الأجنبي بمعزل عن هذا العقد ولو قال له أجنبي سلم للمشتري فقال سلمت لك صح استحسانا كأنه قال سلمت الشفعة للمشتري لشفاعتك

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وبالصلح عن شفعته على عوض وعليه رده‏)‏ يعني تبطل الشفعة إذا صالح المشتري الشفيع على عوض وعلى الشفيع رد العوض؛ لأن حق الشفيع ليس بمقرر في المحل، وإنما هو مجرد التملك فلا يجوز أخذ العوض عنه ولا يتعلق إسقاطه بالجائز من الشرط وفيما إذا قال الشفيع أسقطت شفعتي فيما اشتريت على أن تسقط حصتك فيما اشتريت أو على أن لا تطلب الثمن مني لكونه ملائما حتى لو تراضيا سقط حق كل واحد منهما ومع هذا لا يتعلق إسقاط الشفعة بهذا الشرط بل يسقط بمجرد قوله أسقطت تحقق الشرط أو لم يتحقق فأولى أن لا يتعلق بالشرط الفاسد وهو شرط الاعتياض عن حق ليس بمال بل هو رشوة محضة فيصح الإسقاط ويبطل الشرط وكذا إذا باع شفعته بمال بما بينا ونظير ما نحن فيه إذا قال للمخيرة اختاري بألف أو قال ألفين لامرأته اختاري ترك الفسخ بألف فاختارت سقط الخيار ولا يثبت المال والكفالة بالنفس في هذا بمنزلة الشفعة في رواية وفي أخرى لا تبطل الكفالة ولا يجب المال قال في شرح الجامع الكبير إذا لم يجب العوض يجب أن لا تبطل شفعته كما في الكفالة والفرق أن حق الشفيع قد سقط بعوض معنى، فإن الثمن سلم له والمكفول له لم يرض بسقوط حقه عن الكفيل بغير عوض ولم يحصل له بعوض معنى، فإن الثمن سلم له عوضا أصلا فلا يسقط حقه في الكفالة‏.‏ ا هـ‏.‏ قال الشارح والأصح أن الكفالة والشفعة يسقطان ولا يجب المال قيد بقوله صالح عن شفعته؛ لأنه لو صالح على أخذ نصيب الدار بنصف الثمن يجوز ولو صح عن أخذ بيت بحصته من الثمن لا يجوز الصلح ولا تسقط شفعته؛ لأنه لم يوجد منه الإعراض غير أن الثمن مجهول ومثله من الجهالة يمنع صحة البيع ابتداء والأخذ بالشفعة بيع وفي المبسوط ساوم الشفيع المشتري أو سأله أن يوليه إياها بذلك الثمن فقال نعم فهو تسليم منه‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المحيط وهذه على ثلاثة أوجه أحدها ما ذكره المؤلف الثاني أن يصالح على أن يأخذ نصف الدار بنصف الثمن أو ثلث الدار بثلث الثمن فالصلح جائز؛ لأنه أخذ بعوض معلوم بثمن معلوم المسألة الثالثة أن يأخذ بعضها غير معلوم أو شيئا معلوما يبطل الصلح ولا تبطل شفعته؛ لأن هذا لا يدل على الإعراض وفي الجامع صالح أن يسلم الشفعة على مال بطلت الشفعة بلا مال، فإن قال المصالح على أن تكون الشفعة لي لم تبطل الشفعة؛ لأنه لم يسقط حقه بل أقام الأجنبي مقام نفسه في طلب الشفعة وفي ابن فرشتا ولو استأجر الشفيع الدار أو أخذها منه مزارعة أو معاملة مع علمه بالشراء بطلت شفعته‏.‏ ا هـ‏.‏ والله تعالى أعلم

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وبموت الشفيع لا المشتري‏)‏ يعني بموت الشفيع قبل الأخذ بعد الطلب أو قبله تبطل الشفعة ولا تورث عنه ولا تبطل بموت المشتري وقال الإمام الشافعي لا تبطل بموت الشفيع أيضا؛ لأنه حق معتبر كالقصاص وحق الرد بالعيب ولنا أنه مجرد حق وهو حق التمليك وأنه مجرد رأي وهو الصفقة فلا يورث عنه بخلاف القصاص؛ لأن من عليه القصاص صار كالمملوك لمن له القصاص ولهذا جاز له أخذ العوض عنه وملك العين يبقى بعد الموت فأمكن إرثه بخلاف الشفعة؛ لأنه مجرد رأي ولهذا لا يجوز الاعتراض عنها ولأن ملك الشفيع فيما يأخذ به الشفعة يشترط أن يكون باقيا من وقت البيع إلى وقت الأخذ بالشفعة ولم يوجد في حق الميت وقت الأخذ ولا في حق الوارث وقت البيع فبطلت؛ لأنها لا تستحق بالملك الحادث بعد البيع ولا بالزائل بعد الأخذ، وإنما لا تبطل بموت المشتري؛ لأن المستحق باق ولم يتغير بسبب حقه، وإنما حصل الانتقال إلى الورثة فصار كما إذا انتقل إلى غيره فيأخذها قيدنا بقولنا قبل الأخذ قال في العناية إذا مات بعد قضاء القاضي له بالشفعة أو سلم المشتري الدار له فهي لورثته يأخذونها ولا تباع الدار في دين المشتري؛ لأن حق الشفيع مقدم على حق المشتري، فإن باعها القاضي أو وصيه في دين الميت فللشفيع أن ينقضه كما لو باعها المشتري في حياته لا يقال بيع القاضي حكم منه فكيف ينقض؛ لأنه قضاء منه مخالف للإجماع‏.‏ ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وبيع ما يشفع به قبل القضاء بالشفعة‏)‏ يعني تبطل الشفعة ببيع الدار التي يشفع بها قبل الأخذ بالشفعة؛ لأن سبب استحقاقه قد زال قبل القضاء بالشفعة ولا فرق بين أن يكون عالما وقت بيع الدار بشراء المشفوعة أو لم يكن عالما وكذا إبراء الغريم؛ لأن كل ذلك إسقاط فلا يتوقف على العلم كالطلاق والعتاق ألا ترى أنه لا يرتد برد المشتري ولو باع التي يشفع بها بشرط الخيار لا تبطل شفعته ولو اشتراها الشفيع من المشتري بطلت شفعته؛ لأنه بالإقدام على الشراء أعرض عن الشفعة ولمن هو بعده من الشفعاء أو مثله أن يأخذها منه بالشفعة بالعقد الأول، وإن شاء بالثاني بخلاف ما إذا اشتراها ابتداء من غير أن يثبت له فيها حق الأخذ؛ لأن شراءها هناك لم يتضمن إعراضا‏.‏ ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولا شفعة لمن باع أو بيع له‏)‏ يعني بيع له بالوكالة والأصل فيه أن من باع أو بيع فلا شفعة له ومن اشترى أو اشتري له كان له الشفعة؛ لأن الأخذ بالشفعة في الأول يلزم منه نقض ما تم من جهته وهو بالبيع؛ لأن البيع تمليك والأخذ تملك وبينهما منافاة وفي الثاني لا يلزم الثاني ذلك بل فيه تقريره؛ لأن الأخذ بالشفعة مثل الشراء ولا فرق بين أن يكون ذلك صدر من الأصيل أو الوكيل حتى لا تكون له الشفعة في الأول ولا لموكله وفي الثاني لهما ذلك فلو باع المضارب أو العبد المأذون العقار ليس للمولى ولا لرب المال الأخذ بالشفعة ولو اشترياها كان لرب المال الشفعة لما ذكرنا وكذا للمولى إن كان على العبد دين، وإن لم يكن عليه دين فلا فائدة بالأخذ؛ لأنه ملكه والمخير للعقد الذي باشره الفضولي كالموكل لما عرف وفائدة قوله أن المشتري لا تبطل شفعته إن شارك غيره من الشفعاء إن لم يتقدموا عليه وإن تقدم هو على من هو بعده من الشفعاء فهي لا تسلم له عند ترك غيره من الشفعاء والبائع ليس له أن يطلب المبيع بالشفعة في دار أخرى غيرها بلزقها لأنه لما باعها رغب عنها والأخذ رغبة فيها فتنافيا بخلاف المشتري وفي التجريد ومن باع دراهم وهو شفيعها فله الشفعة ا هـ‏.‏ والظاهر أنه ومن اشترى دارا ولا يخفى أن قوله ولا شفعة لمن باع متكررا مع قوله وبيع ما يشفع كما تقدم قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولو شرط البائع الخيار لثالث فأجاز فهو كالبائع‏)‏، فإن كان المشتري هو الذي فعل ذلك فأجاز فهو كالمشتري وقد بيناه

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏أو ضمن الدرك عن البائع‏)‏ يعني إذا ضمن الشفيع الدرك عن البائع فلا شفعة له؛ لأن تمام المبيع إنما كان من جهته فليس له أن ينقض ما تم من جهته وقد بيناه

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ومن ابتاع أو ابتيع له فله الشفعة‏)‏ وقد بينا وجهه فيما تقدم وفي فتاوى الفضلي الوكيل بشراء الدار إذا قبض الدار وهي في يده يطلب الشفيع منه ويأخذها منه، فإن كان سلم الدار إلى الموكل يطلب من الموكل ويأخذ منه ولا يطلب من الشفيع وفي جامع الفتاوى اشترى الوكيل فحضر الشفيع يأخذها من الوكيل ولا يلتفت إلى حضرة الموكل ولو كان وكيلا بالبيع فباع فحضر الشفيع يأخذها من الشفيع وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى والوكيل بالشراء لا يملك الأخذ‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الجامع دار لها شفيعان قال المشتري لأحدهما اشتريت الدار لك فصدقه لا يبطل حقه، وإن أقر بعد ذلك أنه لم يأمره؛ لأنا تيقنا ثبوت الشفعة له بالشراء سواء اشترى المشتري الدار لنفسه أو اشتراها للمقر له بأمره؛ لأن من اشترى أو اشتري له كان له الشفعة ولم يوجد منه ما يبطلها؛ لأن تملكه الدار بالشراء طلب منه للشفعة وزيادة ولأن من يطلب الشفعة يتملك الدار بالشفعة في الطلب الثاني، فإذا ملكها للحال قام ذلك منه مقام الطلب والزيادة ولو قال المشتري هذه الدار كلها كانت لك ولم تكن لي ولا للبائع أو قال كنت اشتريتها قبل أو قال البائع وهبها لك فصدقه بطلت شفعته ولو لم يصدقه على ذلك للشفيع الأخذ فله أن يأخذها كلها بالشفعة؛ لأن الشراء قد صح من حيث الظاهر وجبت الشفعة للشفيعين بعدما ثبت لهما من حيث الظاهر فبطل حق المصدق لتصديقه ولم يبطل حق المكذب؛ لأنهما يصدقان عليه وفي النوادر ولو أقر الشفيع قبل القضاء له بالشفعة أن هذه الدار لفلان الغائب وأنه لم يأمره بالبيع وقال المشتري بل هو للبائع لم تبطل شفعته وكذلك لو قال البائع وكلني صاحبها بالبيع وقال الشفيع لم يأمره صاحبها بالبيع فله الشفعة؛ لأن قول الشفيع لا يصدق في حق المتبايعين فكان المبيع محكوما بصحته في حقهما فجاز للشفيع أن يطالب بحقوقه وكذلك لو ادعى هذه الدار رجل فشهد له هذا الشفيع فلم يعدل ثم باعها ذو اليد فللشفيع أن يأخذها بالشفعة ذكره ابن سماعة ولو قال الشفيع هذه الدار لي، فإن أقمت البينة وإلا أخذتها بالشفعة فلا شفعة؛ لأنه ادعى ملكها والشفعة للتملك ويمتنع أن يملك ما هو على ملكه والشفعة حقه فلا يجوز أن يتملك بالعوض ما هو على ملكه ذكره ابن سماعة عن أبي يوسف وفي المسائل المتقدمة اعترف بكون الشيء على ملك غيره فجاز أن يتملكه بعوض هذا إذا علم أنه وكيل بالشراء فقد قدمنا حكمه، أما إذا لم يعلم ذلك إلا بقوله وأنكر الشفيع الوكالة فهو خصم ولا فائدة في هذه الخصومة؛ لأنا لو علمنا بالوكالة كان خصما؛ لأن حقوق العقد تتعلق به فكذا إذا لم تكن معلومة ولو قال المشتري قبل أن يخاصمه الشفيع اشتريت لفلان وسلم ثم حضر الشفيع فلا خصومة بينه وبين المشتري؛ لأن إقراره قبل الخصومة لفلان صحيح كما لو كانت الوكالة معلومة ولو أقر بذلك بعدما خاصمه الشفيع لم تسقط الخصومة عنه؛ لأنه صار خصما للشفيع وهو بهذا الإقرار يريد إسقاط حقه فلا يملكه ولو أقام بينة أنه قال قبل شرائه أنه وكيل فلان لم تقبل بينته؛ لأنه يدفع بهذه البينة الخصومة عن نفسه‏.‏ وروى عن محمد أنه تقبل بينته لدفع الخصومة حتى يحضر المقر له والوكيل بطلب الشفعة خصم؛ لأن الأخذ بالشفعة يتضمن للشراء والخصومة والوكيل بهما جائز إلا عند أبي حنيفة؛ لأنه لا يصح إلا برضا الخصم وعندهما جائز بغير رضا الخصم ولو طلب وكيل الشفيع فقال المشتري قد سلم الشفيع لا يقبل قوله وكذلك لو أراد يمينه أنه لم يفرط في طلب الشفعة ولكن يؤمر بتسليم الدار إلى الوكيل ثم يتبع الموكل ويستحلفه وصار كالوكيل بقبض الدين إذا ادعى المديون الإبراء من الموكل، فإنه يؤمر بدفع الدين للوكيل ثم يتبع الموكل ويستحلفه على ذلك ولو سلم الوكيل الشفعة أو أقر بالتسليم عند القاضي جاز تسليمه؛ لأن من ملك الأخذ بالشفعة ملك التسليم كما في الأب والوصي ولا يجوز عند غير القاضي عندهما وقال أبو يوسف يجوز بناء على أن الوكيل إذا أقر على موكله بالتسليم في غير مجلس الحكم يقبل لما يأتي في الوكالة للدار شفيعان فوكلا رجلا فقال سلمت شفعة أحدهما ولم يبين أيهما هو وقال أطلب الآخر ليس له ذلك حتى يبين؛ لأن القاضي يحتاج إلى أن يقضي بالشفعة لأحدهما وبالتسليم على الآخر ولا يمكنه ذلك إلا بعد البيان وكل الشفيع المشتري فأخذهما لم يصح؛ لأن الأخذ بالشفعة شراء‏.‏ والواحد لا يصح وكيلا بالشراء من الجانبين وكذلك لو وكل البائع استحسانا؛ لأنه يصير أخذا من نفسه فيؤدي إلى التضاد في الحقوق إن كان المبيع في يده وبعد التسليم يصير ساعيا في نقض ما قد تم من جهته؛ لأنه بأخذه ينفسخ العقد بينه وبين المشتري ولا يجوز لأحد المتعاقدين السعي في نقض ما تم به وكله بأن يأخذ الشفعة بكذا أو كان المشتري اشترى بأكثر لا يأخذ؛ لأن الوكيل بالشفعة وكيل بالشراء والوكيل بالشراء لا يملك الشراء بأكثر مما بين له الموكل من الثمن وكذلك لو قال اشترها من فلان فاشتراها من غيره لا ينفذ؛ لأنه خالف فخاصمه في أخرى ليس له ذلك إلا إذا عمم في التوكيل؛ لأن الوكيل بشراء دار بعينها لا يملك شراء دار أخرى ولو طلب المشتري من الوكيل بطلب الشفعة أن يكف عنه مدة على أنه على خصومته وشفعته جاز؛ لأن الشفيع لو أخر وأمهل المشتري بعد الإشهاد بدون طلبه جاز فكذلك بطلب وكيله ولا تبطل الشفعة بموت الوكيل وتبطل بموت الموكل ولحاقه بدار الحرب مرتدا؛ لأن الحق ثابت للموكل لا للوكيل وفي المنتقى ولو وكل رجلا بطلب كل حق له وبالخصومة والقبض ليس له أن يطلب شفعته؛ لأن الشفعة شراء والوكيل بالخصومة لا يملك الشراء وله أن يقبض شفعة قد قضي بها

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏فإن قيل للشفيع إنها بيعت بألف فسلم ثم علم أنها بيعت بأقل أو ببر أو شعير قيمته ألف أو أكثر فله الشفعة‏)‏؛ لأن تسليمه كان لاستكثار الثمن أو لتعذر الجنس ظاهرا، فإذا تبين له خلاف ذلك كان له الأخذ للتيسير وعدم الرضا على تقدير أن الثمن غيره؛ لأن الرغبة في الأخذ تختلف باختلاف الثمن قدرا وجنسا، فإذا سلم على بعض الوجوه لا يلزم منه التسليم في الوجوه كلها وكذا كل موزون أو مكيل أو عددي متفاوت بخلاف ما إذا علم أنها بيعت بعروض قيمتها ألف أو أكثر؛ لأن الواجب فيه القيمة وهي دراهم أو دنانير فلا يظهر فيه التيسير فلا يكون له الأخذ وكذا لو أخبر أن الثمن عروض كالثياب والعبيد فظهر أنه مكيل أو موزون أو أخبر أن الثمن مكيل أو موزون فظهر من خلاف جنسه من المكيل والموزون فهو على شفعته لما ذكرنا، وإن ظهر أنه جنس آخر من العروض قيمته مثل قيمة الذي بلغه أو ظهر أنه ذهب أو فضة قدره مثل قيمة ذلك فلا شفعة له لعدم الفائدة؛ لأن غير المكيل والموزون الواجب القيمة فلا يظهر التفاوت قال صاحب النهاية تقييده بقوله قيمته ألف أو أكثر غير مفيد، فإنه لو كان قيمته أقل من ألف فتسلمه باطل لإطلاق المبسوط والإيضاح حيث قالا ثم ظهر له مكيل أو موزون فهو على شفعته‏.‏ وأجيب بأنه مفيد؛ لأنه إذا علم أن الشفعة لا تبطل إذ ظهر أنه أكثر علم بطريق الأولى أنها لا تبطل إذ ظهر أنه أقل وفي المحيط ولو بلغه أن الثمن عبد فظهر أنه جارية ينظر إن كان قيمة الجارية كقيمة العبد أو أكثر بطلت، وإن كان أقل من قيمة العبد لا تبطل فهو كما لو أخبر بالثمن ألف وظهر أقل ولو أخبر أن الثمن ألف درهم فسلم، فإذا هو مائة دينار لم يذكره في الأصل أيضا وذكر الكرخي ينظر إن كان قيمة الدنانير ألف درهم أو أكثر صح التسليم وهو قول شيخ الإسلام كذا في التجريد وروي عن زفر له في الوجهين الشفعة وهو قول الإمام ولو أخبر أنه باع نصفها فسلم ثم علم أنه باع كلها فله الشفعة؛ لأن من رغب عن البعض لعيب الشركة لا يكون راغبا عن الكل وليس فيه عيب ولو أخبر أنه باع الكل فسلم ثم علم أنه باع نصفها بطلت شفعته؛ لأن من رغب عنها وليس بها عيب الشركة كان راغبا عنها وبها عيب الشركة بالطريق الأولى قالوا وتأويلها أن يكون ثمن النصف ثمن الكل فلو أخبر أنه باع الكل بألف ثم علم أنه باع النصف بخمسمائة، فإنه يجب أن يكون على شفعته؛ لأنه إذا رغب في الأول لعجزه عن الألف فلا يكون راغبا عن الخمسمائة‏.‏ ولو أخبر أنها بيعت بألف فسلم الشفيع الشفعة ثم حط البائع عن المشتري شيئا من الثمن وقبل الحط فله الشفعة؛ لأنه يلتحق بأصل العقد فصار كما لو أخبر أنها بيعت بألف فظهر أنها بيعت بأقل منه ولو زاد البائع مشتري الدار عليها عبدا أو أمة بعدما سلم الشفيع الشفعة كان للشفيع أن يأخذ الدار بحصتها من الثمن؛ لأنه تبين أن حصة الدار من الثمن أقل ولو قضى القاضي له بالشفعة ولم يعلم بالثمن ثم علم فله الخيار؛ لأن رضاه بالأخذ إنما يتم إذا علم بالثمن‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي التجريد وغيره أخبر أن الثمن عبد أو جارية فظهر أنه مكيل أو موزون فهو على شفعته‏.‏ ا هـ‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولو بان أنها بيعت بدنانير قيمتها ألف فلا شفعة له‏)‏ وهو قول أبي يوسف وقد بينا المسألة بفروعها فيما تقدم وفي المحيط سلم الشفيع الشفعة فقال المشتري للبائع كان تلجئة لا يتجدد شفعته؛ لأنه بعدما سلم لم يبق له حق فصح إقرارهما بأن البيع تلجئة فكان فاسدا ولو ثبت معاينة أن البيع تلجئة لا يتجدد للشفيع حق الشفعة بخلاف ما لو كان قبل التسلم؛ لأن حق الشفيع ثبت من حيث الظاهر فإقرارهما يتضمن إبطال حقه فلا يقبل تسلم الشفيع في هبة بعوض فظهر أنه بيع لم تعد الشفعة ولو سلم في هبة بغير شرط العوض ثم تصادقا أنه كان بشرط العوض فله الشفعة وفي النوادر ولو سلم الشفعة ثم جعل المشتري للبائع خيار يوم جاز، فإن نقض البائع البيع في ذلك اليوم لا يتجدد للشفيع حق الشفعة رواه ابن سماعة عن محمد وروى ابن سماعة عن أبي يوسف أن له الشفعة ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن قيل له إن المشتري فلان فسلم ثم ظهر أنه غيره فله الشفعة‏)‏ لتفاوت الناس في الأخلاق فمنهم من يرغب في معاشرته ومنهم من يجتنب مخافة شره فالتسليم في حق البعض لا يكون تسليما في حق غيره ولو علم أن المشتري هو مع غيره كان له أن يأخذ نصيب غيره؛ لأن التسليم لم يوجد في حقه قال محمد في الجامع الصغير ولو قال الشفيع سلمت الشفعة في هذه الدار إن كنت اشتريتها لنفسك وقد اشتراها لغيره فهذا ليس بتسليم وذلك؛ لأن الشفيع علق التسليم بشرط وصح هذا التعليق؛ لأن تسليم الشفعة إسقاط الحق كالطلاق فصح تعليقه بالشرط ولا يترك إلا بعد وجوده قال صاحب العناية بعدما نقل كلام محمد هذا وهذا كما ترى يناقض قوله ولا يتعلق إسقاطه بالشرط الجائز فبالفاسد أولى‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد يجاب بأنه فرق بين شرط وشرط فما سبق كان من الشروط التي تدل على الإعراض عن الشفعة والرضا بالجوار مطلقا وما ذكر هنا من الشروط التي لا تدل على الإعراض ولا على الرضا فتأمل‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن باعها إلا ذراعا في جانب الشفيع فلا شفعة له‏)‏ يعني إذا باع الدار إلا مقدار ذراع في طول الحد الذي يلي الشفيع فلا شفعة له؛ لأن الاستحقاق بالجوار ولم يوجد الاتصال بالمبيع وكذا لو وهب هذا القدر للمشتري لعدم الاتصال وهو حيلة وفي التتارخانية الحيلة في هذا الباب نوعان نوع لإسقاطه بعد الوجوب وذلك بأن يقول للشفيع أنا أبيعها منك فقال الشفيع نعم فتبطل شفعته وهو مكروه بالإجماع كذا ذكره شيخ الإسلام وذكره شمس الأئمة أنه لا يكره إذا لم يقصد المشتري الإضرار بالشفيع وفي الينابيع قيل الاختلاف قبل المبيع أما بعده فمكروه بالإجماع وهو الأصح وفي العتابية ونوع منه يمنع وجوبه وقد اختلف المشايخ قالوا على قول أبي يوسف وعلى قول محمد مكروه وفي الذخيرة ومنهم من قال في الشفعة لا تكره الحيلة لمنع وجوبها بلا خلاف وفي الخلاصة الحيلة لإبطال الشفعة إن كان قبل الوجوب لا بأس به سواء كان الشفيع عدلا أو فاسقا فهو المختار وفي فتاوى الفضلي عن أبي بكر بن سعيد فقال الحيلة بعد المبيع مكروهة وفي الأحوال كلها وقبل البيع إن كان الجار فاسقا يتأذى به فلا يكره وقيل يكره في جميع الأحوال ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن ابتاع منهما سهما بثمن ثم ابتاع بقيمتها فالشفعة للجار في السهم الأول فقط‏)‏؛ لأن الشفيع جار في السهم الأول والمشتري شريك في السهم الثاني وهو مقدم على الجار ولو أراد الحيلة يشتري السهم الأول بجميع الثمن إلا درهما والسهم الثاني بدرهم فلا يرغب الجار في أخذه لكثرة الثمن وكذا في المسألة الأولى ما يأتي مثل هذه الحيلة بأن يبيع ما يلي الجار بجميع الثمن إلا درهما ثم يشتري الباقي بدرهم، فإن أخذه بالشفعة أخذ قدر الذراع بجميع الثمن وليس له أن يأخذ الباقي؛ لأنه ليس بجار فأيهما خاف أن لا يوفي صاحبه شرط الخيار لنفسه، وإن خافا شرط كل منهما الخيار لنفسه ثم يخيران معا، وإن خاف كل منهما إذا أجاز لا يجيز صاحبه وكل منهما وكيلا ويشترط عليه أن يجيز بشرط أن يجيز صاحبه وفي الفتاوى ومن جملة ذلك أن يتصدق بطبقة معينة على المشتري من الدار بطريقها ويسلمها إليه ثم يبيع الباقي منه فلا يكون للجار شفعة وفي الخانية أو المشتري يتصدق بمثل الثمن على البائع وهي والهبة سواء إلا أن في الهبة من الأجنبي يملك الرجوع وفي الصدقة لا يملك الرجوع ومنها أن يهب جزءا شائعا ثم يترافعا إلى حاكم يرد هبة المشاع فيما يحتمل القسمة فيحكم بجواز الهبة ثم يبيع بقية الدار منه فيكون الموهوب له مقدما على الجار ومن جملة ذلك أن يهب قدر ذراع من الجانب الذي هو متصل بملك الجار ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن ابتاعها بثمن ثم دفع ثوبا عنه فالشفعة بالثمن لا بالثوب‏)‏؛ لأن الثوب عوض عما في ذمة المشتري فيكون البائع مشتريا للثوب بعقد آخر غير العقد الأول وهذه الحيلة تمنع الجار والشريك؛ لأنه يبتاع العقد بأضعاف قيمته ويعطيه بها ثوبا قدر قيمة العقار غير أنه يخاف أن يتضرر البائع بذلك؛ لأنه لو استحقت الدار تبقى الدراهم كلها في ذمة البائع لوجوبه عليه بالبيع وبراءته حصلت بطريق المقاصة بثمن العقار، فإذا استحق تبين أنه ليس عليه ثمن العقار فبطلت المقاصة فيجب على البائع الثمن كله والحيلة فيه أن يدفع إليه بدل الدراهم الثمن الدنانير بقدر قيمة العقار فيكون صرفا بما في ذمته من الدراهم ثم إذا استحق العقار تبين أن لا دين على المشتري فيبطل الصرف للافتراق قبل القبض فيجب رد الدنانير لا غير والحيلة الأولى تختص بالجوار وهذه لا وحيلة أخرى تعم الجار والشريك أن يشتريه بأضعاف قيمته من الدراهم ثم يوفيه من الدراهم قدر قيمة العقار لا قدر قيمة الدنانير مثلا ثم يعطيه الدنانير بالباقي فيصير صرفا فيه، فإذا استحق المشفوع يرد ما قبض كله فغير الدنانير على أنه بدل عن العقار المستحق والدينار لبطلان الصرف، وإن كان الشفيع خليطا في نفس المبيع فأراد أن يبيعها من أحدهم وتسقط الشفعة من الباقين فالحيلة فيه أن يجعل الثمن مجهولا والصبي والمجنون بمنزلة البالغ في هذه المسألة بعد أن يكون مثل القيمة أو بنقصان يتغابن فيه وهذه حيلة عامة وذكر الخصاف حيلة لم يذكرها محمد وهو أن يدعي أن الدار لابن صغير له في يد هذا الرجل ثم إن المدعي يدعي له مائة دينار ولا يقول إنها من مال ابنه الصغير على أنه يسلم الذي في الدار فيجوز ولا شفعة فيها؛ لأن الأب لم يأخذ الدار بطريق المعاوضة ومن جملة الحيل أن يقر البائع بجزء معلوم من الدار للمشتري ثم يبيع الباقي منه ومن الحيل أن يوكل المشتري وكيلا بالشراء فيشتري الوكيل ويغيب ولا يكون الموكل خصما للشفيع فهذا على قول محمد وعلى قول أبي يوسف يكون خصما له ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولا تكره الحيلة لإسقاط الشفعة والزكاة‏)‏ هذا عند أبي يوسف وعند محمد يكره؛ لأن الشفعة وجبت لدفع الضرر وهو واجب وإلحاق الضرر به حرام فكانت مكروهة ضرورة ولأبي يوسف أنه يحتاج لدفع الضرر عن نفسه والحيلة لدفع الضرر عن نفسه مشروع، وإن كان غيره يتضرر بذلك وقد قدمنا هذه المسألة بفروعها قال في النهاية قيل هذا الاختلاف بينهم قبل الوجوب، أما بعده فمكروه بالإجماع ولقائل أن يقول إما أن يراد بالإجماع والاختلاف إجماع المجتهدين واختلافهم في نفس المسألة أو يراد إجماع المشايخ واختلافهم في الرواية أيما كان لا يخلو عن اضطراب؛ لأن الاختلاف بين المجتهدين مقرر وبين المشايخ أيضا مقرر‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وأخذ حظ البعض بتعدد المشتري لا بتعدد البائع‏)‏ يعني أن المشتري إذا تعدد بأن اشترى جماعة عقارا والبائع واحد يتعدد الأخذ بالشفعة بتعددهم حتى كان للشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم ويترك الباقي، وإن تعدد البائع بأن باع جماعة عقارا مشتركا بينهم والمشتري واحد لا يتعدد الأخذ بالشفعة بتعددهم حتى لا يكون للشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم دون بعض والفرق أن الشفيع في الوجه الثاني لو أخذ نصيب بعضهم تتفرق الصفقة على المشتري فيتضرر بعيب الشركة وهي شرعت على خلاف القياس لدفع الضرر عن الشفيع فلا تشرع على وجه يتضرر المشتري ضررا زائدا على الأخذ بالشفعة وفي الأول لا تتفرق الصفقة على أحد ولا فرق في هذا بين أن يكون قبل القبض أو بعده في الصحيح إلا أن الشفيع إذا اختار أخذ الجميع لا يمكنه أن يأخذ نصيب أحدهم إذا نقد حصته من الثمن حتى ينقد الجميع لئلا يؤدي إلى تفريق اليد على البائع بمنزلة المشترين أنفسهم؛ لأنه كواحد منهم وكما إذا كان المشتري واحدا فنقد البعض من الثمن وسواء سمى لكل ثمنا أو سمى الكل جملة؛ لأن العبرة في هذا لاتحاد الصفقة لا لاتحاد الثمن واختلافه والعبرة في التعدد والاتحاد للعاقد دون المالك حتى لو وكل واحد جماعة بالشراء فاشتروا له عقارا واحدا بصفقة واحدة يتعدد وأخذه يتعدد وكان للشفيع أن يأخذ نصيب أحدهم‏.‏ ولو وكل جماعة واحدا ليس للشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم؛ لأن حقوق العقد تتعلق بالعاقد وهو أصل فيه فيتحدد باتحاده ويتعدد بتعدده قيدنا بقولنا لا فرق بين أن يكون الأخذ قبل القبض أو بعده في الصحيح وروى الحسن عن الإمام أنه فصل فقال‏:‏ إن أخذ قبل القبض نصيب أحدهم ليس له ذلك وبعده كان له ذلك؛ لأنه قبل القبض يتضرر البائع بأخذ البعض منه بتفريق اليد عليه وبعده لا يتضرر؛ لأنه لم يبق له يد وجوابه له أن يحبس الجميع إلى أن يستوفي جميع الثمن فلا يؤدي إلى تفريق اليد عليه وإذا اشترى الرجل دارين صفقة واحدة وشفيعها واحد فأراد أن يأخذ أحدهما دون الآخر فليس له ذلك وفي فتاوى العتابية ولو كانا متلاصقين وشفيع أحدهما خاصة ولو كانا أرضين أو قرية أو أرضها أو قريتين وأرضهما وهو شفيع ذلك كله، فإنما له أن يأخذ جميع ذلك كله، فإنما له أن يأخذ جميع ذلك أو يدعه سواء كانا متلاصقين أو في مصرين أو قريتين بعد أن يكون ذلك صفقة‏.‏ وذكر شيخ الإسلام في شرحه أن له أن يأخذ الدار الذي هو شفيعها في ظاهر الرواية ولو اشترى الدار بمتاع فيها صفقة واحدة فالشفيع يأخذ الدار مع المتاع أو يدع الكل وذكر شمس الأئمة السرخسي في شرحه كان أبو حنيفة يقول أولا هذا ثم رجع وقال يأخذ واحدا منهما ثم رجع وقال يأخذ الذي هو شفيعها خاصة وفي الفتاوى العتابية ولو اشترى دارين ورفع الحائط من الدار الأخرى وجعلها دارا واحدة أخذ الشفيع كلها، وإن كان ذلك الباب بحاله؛ لأنه دار لها بابان ولو فتح باب البيت التي اشتراها إلى داره وسد الباب الأول وصار معروفا بهذا البيت معها أخذها بالشفعة‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن اشترى نصف دار غير مقسوم أخذ الشفيع حظ المشتري بقيمته‏)‏ يعني لو اشترى نصف دار غير مقسوم فقاسم المشتري البائع يأخذ الشفيع نصيب المشتري الذي حصل له بقيمته وليس له أن ينقض القسمة سواء كانت بقضاء أو تراض؛ لأن القسمة من تمام القبض لما فيه من تكميل الانتفاع والشفيع لا ينقض القبض ليجعل العهدة على البائع ولهذا لو باع أو أجر يطيب له الثمن والأجرة وليس للشفيع فيه ملك، وإنما له حق الأخذ بالشفعة وذلك لا يمنع نفوذ تصرفاته غير أنه ينقض تصرفا يبطل حقه لدفع الضرر عن نفسه ولا ضرر في القسمة فيبقى على الأصل في حق البيع الأول وفي حق ما له حكمه وهو القبض بجهته فظاهر عبارة الشارح أنه يأخذ سواء وقع في جانب الدار المشفوع بها أو لا وفي التجريد عن الإمام أن الشفيع إنما يأخذ النصيب الذي أصاب المشتري إذا وقع في جانب الدار المشفوع بها وفي واقعات الناطفي أن القسمة إذا كانت بحكم ففي نقض القسمة روايتان‏.‏ قال الصدر الشهيد في واقعاته والمختار لا نقض بخلاف ما إذا أخذ أحد الشريكين نصيبه من الدار المشتركة وقاسم المشتري الشريك الذي لم يبع حيث يكون للشفيع نقضه؛ لأن العقد لم يقع من الذي قاسم فلم تكن القسمة من تمام القبض الذي هو حكم البيع الأول بل هو تصرف بحكم الملك فينقضه الشفيع كما ينقض بيعه وهبته وفي التجريد رجلان اشتريا دارا وهما شفيعان ولهما شفيع ثالث اقتسماها ثم جاء الثالث فله أن ينقض القسمة سواء اقتسماها بقضاء أو بغير قضاء‏.‏ ا هـ‏.‏ أما إذا لم يكن للشفيع نقض القسمة في مسألة الكتاب فيأخذ نصيب المشتري في أي جانب كان؛ لأنه استحقه بالشراء والمشتري لا يقدر على إبطاله فيأخذه وهو قول أبي يوسف وإطلاق الكتاب يدل عليه وقدمنا قول الإمام وإطلاق الماتن صادق على ما إذا قاسم البائع أو غيره وليس كذلك فلو زاد أو قاسم البائع لسلم من الاعتراض ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وللعبد المأذون الأخذ بالشفعة من سيده كعكسه‏)‏ يعني إذا باع رجل دارا وللبائع عبد مأذون له في التجارة وعليه دين يحيط برقبته وماله فللعبد أن يأخذ الدار بالشفعة وكذا عكسه وهو ما إذا كان العبد المأذون هو البائع فلمولاه الأخذ بالشفعة؛ لأن الأخذ بالشفعة بمنزلة الشراء وشراء أحدهما من صاحبه جائز إذا كان على العبد دين؛ لأنه يفيد ملك اليد للعبد لكون المولى لا يملك ما في يد عبده المديون أو لكون العبد أحق به بخلاف ما إذا لم يكن عليه دين والعبد بائع؛ لأن بيعه لمولاه ولا شفعة لمن يبيع له بخلاف ما إذا اشترى؛ لأنه ابتيع له وقد بينا أن من ابتاع أو ابتيع له لا تبطل شفعته ولو قيد بالمديون لكان أولى‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وصح تسليمهم الشفعة من الأب والوصي والوكيل‏)‏ يعني أن الحمل والصغير في استحقاق الشفعة كالكبير لاستوائهما في سببه فيقوم بالطلب والأخذ والتسلم من يقوم مقامهما وهو الأب ثم وصيه ثم أب الأب ثم وصيه ثم الوصي الذي نصبه القاضي، فإن لم يكن أحد فهو على شفعته حتى يدرك وهذا قول الإمام وأبي يوسف وقال محمد وزفر هو على شفعته إذا بلغ وعلى هذا الخلاف بطلان الشفعة بسكوت الأب والوصي عند العلم بالشراء للإمام ومحمد وزفر أن هذا إبطال لحق الصبي فلا يصح كالعفو عن القود وإعتاق عبده وإبراء عن يمينه ولأن تصرفهما نظري والنظر في الأخذ يتعين ألا ترى أنه شرع لدفع الضرر فكان في إبطاله إلحاق الضرر به فلا يملك ولهما أن الأخذ بالشفعة في معنى التجارة بل هو عينها ألا ترى أنه مبادلة المال بالمال وترك الأخذ بها ترك التجارة فيملكه كما يملك ترك التجارة أنه لو أخذه بالشفعة ثم باعه من ذلك الرجل بعينه جاز‏.‏ فكذا إذا سلمه إليه بل أولى؛ لأنه أخذه ثم باعه من ذلك الرجل بعينه جاز كانت العهدة على الصبي وفي الأول على البائع أو المشتري و؛ لأن هذا تصرف دائر بين النفع والضرر فيحتمل أن يكون الترك أنفع بإيفاء الثمن على ملك الصبي بخلاف العفو عن القود وما ذكر معه؛ لأنه محض غير متردد ولأنه إبطال بغير عوض هذا إذا بيعت بمثل قيمتها، وإن بيعت بأكثر من قيمتها بما لا يتغابن الناس في مثله قيل جاز التسليم بالإجماع؛ لأن النظر متعين فيه وقيل لا يجوز التسليم بالإجماع وهو الأصح؛ لأنه لا يملك الأخذ فلا يملك التسليم كالأجنبي، وإن بيعت بأقل من قيمتها بمحاباة كثيرة فعند الإمام لا يصح تسليم الأب والوصي ولا رواية عن أبي يوسف قال في النهاية ولما لم يصح التسليم على قول الإمام لا يصح على قول محمد وزفر بالأولى ولو كان المشتري هو الأب لنفسه كان له أن يأخذه بالشفعة ما لم يكن فيه ضرر ظاهر على الصغير وكذا لو اشترى لابنه الصغير كان له أن يأخذه بالشفعة ما لم يكن فيه ضرر ظاهر وهو أن لا يكون فيه غبن فاحش فكذا في الأخذ والوصي كالأب في هذا إلا أنه يشترط في حقه أن يكون فيه نفع بالصغير ظاهر حتى إذا كان بمثل القيمة لا يجوز‏.‏ وكذا إذا باع من نفسه بمثل القيمة لا يجوز حتى يكون أكثر وفي الأب يجوز إذا كان بمثل القيمة فيهما ثم كيفية طلبه أن يقول اشتريت وأخذت بالشفعة متصلا ولو باع كل واحد منهما مال الصغير أو مال نفسه ليس له أن يأخذ بالشفعة لا لنفسه ولا للصغير لما ذكرنا أن من باع أو بيع له إلخ، وإن كان في الشراء غبن فاحش كان للصغير أن يطلب الشفعة إذا بلغ وفي الأصل الحمل، فإن وضعت لأقل من ستة أشهر منذ وقع الشراء، فإنه لا شفعة لها إلا أن يكون أبوه مات قبل البيع ورث الحمل عنه حينئذ يستحق الشفعة، وإن جاءت بالولد لستة أشهر فصاعدا وفي السغناقي وإذا كانت الشفعة لكبير وصغير وحمل وقد ثبت نسبه من الميت شركهم في الشفعة، وإن جاءت لأكثر من ستة أشهر‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي التتمة وإذا بيعت بأقل من قيمتها فتسليم الأب والوصي لا يصح والصغير على شفعته إذا بلغ وفي الأصل إذا اشترى الأب لنفسه دارا وابنه الصغير شفيعها فلم يطلب الشفيع للصغير حتى بلغ قياس قول أبي حنيفة لا شفعة للصغير أما الوصي فهو على شفعته ويجب أن يكون الجواب في شراء الأب دارا وابنه الصغير شفيعها على التفصيل إن لم يكن فيه ضرر فلو وقع بأكثر من القيمة بما يتغابن الناس فيه لا يكون للصغير شفعة إذا بلغ، وإن وقع شراء الأب بأكثر من القيمة بما لا يتغابن الناس فيه كان للصغير الشفعة إذا بلغ‏.‏ ا هـ‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏والوكيل‏)‏ بالجر عطفا على الأب يعني الوكيل بالشراء تسليم الشفعة منه صحيح والمراد بالوكيل هاهنا الوكيل بطلب الشفعة أما الوكيل بالشراء فتسليمه الشفعة صحيح بالإجماع وكذا سكوته إعراض بالإجماع والوكيل بطلب الشفعة إنما يصح تسليمه في مجلس القاضي عند الإمام وعند أبي يوسف يصح في مجلس القاضي وغيره وعند محمد وزفر لا يصح تسليمه أصلا؛ لأنه أتى بضد ما أمر به فصار كما وكله باستيفاء الدين فأبرأه منه ولهما أن الوكيل بالشراء له؛ لأن الأخذ بها شراء والوكيل بالشراء له أن يشتري فله أن يترك الشفعة غير أن أبا يوسف يقول هو وكيل مطلق فينفذ تصرفه مطلقا والإمام يقول الوكيل بطلب الشفعة وكيل بالخصومة ولا تعتبر الخصومة في غير مجلس القاضي فلا يكون وكيلا في غير مجلس الحاكم ولو أقر الوكيل بطلب الشفعة على موكله بأن سلم الشفعة جاز إقراره عليه عند الإمام ومحمد إذا كان في مجلس القاضي، وإن كان في غيره فلا يجوز إلا أنه يخرج من الخصومة‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال أبو يوسف يجوز مطلقا وقال زفر لا يجوز مطلقا وقد قدمنا بعض هذه والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

كتاب القسمة

مناسبة القسمة بالشفعة من حيث إن كلا منهما من نتائج النصيب الشائع لما أن أقوى أسباب الشفعة الشركة فأحد الشريكين إذا أراد الافتراق مع بقاء ملكه طلب القسمة ومع عدم البقاء باع فوجب عنده الشفعة وقدم الشفعة لأن بقاء ما كان على ما كان أصل وهنا يحتاج إلى معرفة شرعية القسمة وتفسيرها وركنها وشرطها وحكمها وسببها ودليلها‏.‏ أما دليل المشروعية فهو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ونبئهم أن الماء قسمة بينهم‏}‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم‏}‏ ومن السنة ما روي أنه عليه الصلاة والسلام‏:‏ «فتح خيبر وقسمها بين الغانمين» وعليه إجماع الأمة، وأما تفسيرها لغة فهو عبارة عن الاقتسام كالقدرة للاقتدار والأسوة للاتساء، وأما شرعا فسيذكرها المؤلف‏.‏ وأما ركنها فالفعل الذي يقع به الإقرار، وأما شرطها فمتاع لا تتبدل منفعته بالقسمة ولا يفوت، وأما حكمها فتعين نصيب كل واحد منهما من نصيب الآخر ملكا وانتفاعا، وسببها طلب كل واحد من الشريكين الانتفاع بنصيبه على الخصوص، وأما محاسنها أن أحد الشريكين يحصل له من صاحبه سوء الخلق وضيق الفطن وقوة الرأس وليس له مخرج من هذه الأمور إلا الركون إلى الاقتسام، وأما صفتها فهي واجبة على الحاكم عند طلب بعض الشركاء قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏هي جمع نصيب شائع في معين‏)‏ هذا معناه شرعا لأن ما من جزء معين إلا وهو مشتمل على النصيبين فكان ما يقبضه كل واحد منهما نصفه قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وتشتمل على الإفراز والمبادلة وهو الظاهر في المثلي فيأخذ حظه حال غيبة صاحبه وهي في غيره فلا يأخذ‏)‏ يعني‏:‏ القسمة تشتمل على تمييز الحقوق والمبادلة، والتمييز هو الظاهر من ذوات الأمثال حتى كان لأحد الشريكين أن يأخذ نصيبه حال غيبة صاحبه، والمبادلة هي الظاهرة في غير المثلي كالثياب والعقار والحيوان حتى لا يأخذ نصيبه حال غيبة صاحبه، وإن كان معنى الإفراز ظاهرا في المثلي لأن ما يأخذ كل واحد منهما مثل حقه صورة ومعنى فأمكن أن يجعل عين حقه في القرض والصرف والسلم لأنه لو كان مبادلة لما صح في القرض قبض للافتراق قبل أحد العوضين ولا في الصرف والسلم لحرمة الاستبدال فيهما قال في النهاية‏:‏ فإن قلت‏:‏ ليس أن محمدا ذكر كتاب القسمة إذا كان وصي الذمي مسلما، وفي التركة خمور أنه يكره قسمتهما ولو كان الرجحان في هذه القسمة للإفراز ينبغي أن يجوز من غير كراهة فإن الذمي إذا وكل مسلما أن يقبض خمرا له جاز قبضها من غير كراهة‏.‏ قلت‏:‏ ذكر شمس الأئمة الحلواني إذا كان في التركة خمور لا يكره للوصي المسلم قسمتها لأن هذا إفراز محض ليس فيه شبهة المبادلة، وإنما تكره القسمة إذا كان مع الخمر الخنازير لأن القسمة حينئذ تكون مبادلة، وغيره من المشايخ قالوا‏:‏ لا بل يكره قسمة الخمور وحدها لأن العمل بالشبهين في قسمة الخمور وحدها يمكن بإثبات الكراهة، ومعنى الكراهة هنا هو ما بين الحلال المطلق والحرام المحض، وإنما كان معنى المبادلة في غير المثلي أظهر للتفاوت فلا يمكن أن يجعل كأنه أخذ عين حقه لعدم المعادلة بينهما بيقين ولو اشترى دارا فاقتسماها لا يبيع أحدهما نصيبه مرابحة بعد القسمة ولك أن تقول‏:‏ إن القسمة لا تعرى عن معنى الإفراز والمبادلة في جميع الصور، سواء كانت في ذوات الأمثال أو في غيره لأنها بالنظر إلى البعض إفراز وبالنظر إلى البعض الآخر مبادلة، وإذا كان كذلك فغاية الأمر أن البعض الذي يأخذه كل منهما عوض مما في يد صاحبه وليس بمثل له بيقين فلم يتحقق معنى الإفراز فيه بالنظر إلى ذلك البعض فلا يلزم منه أن لا يتحقق الإفراز فيه بالنظر إلى البعض الآخر وهو كونه بعض حقه في الجملة فثبتت المساواة بين المبادلة والإفراز غير أن الظهور للمبادلة‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ويجبر في متحد الجنس عند طلب أحد الشركاء لا في غيره‏)‏ يعني إذا طلب بعض الشركاء القسمة يجبر الآبي على القسمة في متحد الجنس سواء كان من ذوات الأمثال، أو لا، ولا يجبر في غير متحد الجنس كالغنم مع الإبل لما بينا من المعنى، وفي غاية البيان قال في الفتاوى الصغرى‏:‏ القسمة ثلاثة أنواع؛ قسمة لا يجبر الآبي عليها كقسمة الأجناس المختلفة، وقسمة يجبر عليها الآبي كقسمة ذوات الأمثال كالمكيل والموزون، وقسمة يجبر الآبي في غير المثليات كالثياب من نوع واحد والبقر والغنم‏.‏ والخيارات ثلاثة‏:‏ خيار شرط، وخيار رؤية، وخيار عيب ففي قسمة الأجناس المختلفة تثبت الخيارات الثلاث، وفي قسمة ذوات الأمثال كالمكيل يثبت خيار العيب دون خيار الشرط والرؤية، فخيار الرؤية والعيب يثبتان من غير شرط بخلاف خيار الشرط، وفي قسمة الثياب من نوع واحد والبقر والغنم يثبت خيار العيب وهل يثبت خيار الرؤية على رواية أبي سليمان‏؟‏ يثبت وهو الصحيح وعليه الفتوى ويثبت فيه خيار العيب من غير خلاف‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة‏:‏ القاضي لا يقسم الأجناس المختلفة قسمة جمع إذا أبى بعض الشركاء بأن كان بينهم إبل وغنم وطلب أحدهم من القاضي أن يجمع نصيبه في الإبل والبقر والغنم فالقاضي لا يقسم على هذا الوجه، وفي الجنس المتحد يقسم قسمة جمع عند طلب البعض بأن كان بينهم غنم كثيرة، أو إبل كثيرة وطلب أحدهم من القاضي أن يجمع نصيبه في طائفة منها فعل القاضي ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي النهاية اعترض على قوله ‏"‏ يجبر ‏"‏ بأن المبادلة معتبرة فيها فكيف يجبر وأجيب بأنه يجبر لدفع الضرر عن غيره كالغريم يحبس حتى يباع ماله لبعض الدين ولهذا لا يثبت حكم الغرور فيها حتى لو أخذ أحدهما الدار وبنى في نصيبه فاستحق الدار التي بنى فيها لا يرجع على صاحبه بقيمة بنائه إذا نقض ا هـ‏.‏ وظاهر العبارة صادق بطلب صاحب القليل والكثير وسيأتي تقييده‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وندب نصب قاسم - رزقه في بيت المال - ليقسم بلا أجر‏)‏‏.‏ يعني يستحب نصب قاسم ورزقه في بيت المال لأن القسمة من جنس القضاء من حيث إنه يتم به قطع المنازعة فأشبه رزق القاضي ولأن منفعته تعود إلى العامة كمنفعة القضاء والمقاتل والمفتي فتكون كفايته في بيت المال لأنه أعد لمصالحهم كمنفعة هؤلاء، وفي العتابية وغيرها‏:‏ وينصب القاضي قاسما، ويجوز للقاضي أن يقسم بنفسه ويأخذ على ذلك من المتقاسمين أجرة وهذا لأن القسمة ليست بقضاء على الحقيقة حتى لا يفترض على القاضي مباشرتها وإنما الذي يفترض عليه جبر الآبي على القسمة إلا أن لها شبها بالقضاء لأنها تستفاد منه ا هـ‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإلا نصب قاسما يقسم بأجرة بعدد الرءوس‏)‏ يعني إن لم ينصب قاسما رزقه في بيت المال نصبه وجعل رزقه على المتقاسمين لأن النفع لهم على الخصوص وليس بقضاء حقيقة حتى جاز للقاضي أن يأخذ الأجرة على القسمة وإن كان لا يجوز له على القضاء ألا ترى أنه لا يفترض عليه أن يقسم عليهم بالمباشرة، ومباشرة القضاء فرض عليه ويقدر له القاضي أجرة مثله كي لا يطمع في أموالهم ويتحكم بالزيادة، والأفضل أن رزقه من بيت المال لأنه أرفق وأبعد من التهمة وقوله‏:‏ بعدد الرءوس يعني يجب عليهم الأجرة على عدد الرءوس ولا يتفاوت بتفاوت الأنصباء وهذا عند الإمام كما سيجيء بيانه عن قريب‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ويجب أن يكون عدلا أمينا عالما بالقسمة‏)‏ لأنه من جنس عمل القضاء لأنه لا بد من الاعتماد على قوله والقدرة على القسمة وذلك بما ذكرنا قال تاج الشريعة‏:‏ ذكر الأمانة بعد العدالة، وإن كانت من لوازمه لجواز أن يكون غير ظاهر الأمانة ورد بهذا ما به يلزم من ظهور العدالة ظهور الأمانة ورد عليه بأن المذكور العدالة لا ظهورها فاستلزام ظهورها ظهور الأمانة لا يقتضي استدراك ذكر الأمانة فإن قلت‏:‏ لا يجوز أن يراد بالعدالة ظهورها كما أريد الأمانة حتى يستغنى بذكر العدالة عن ذكر الأمانة بالكلية قلت‏:‏ ظهور العدالة من لفظ العدالة غير ظاهر لا يفهم من لفظها وحده بدون القرينة، وإرادة ظهور الأمانة من لفظ الأمانة الواقعة في الكتاب ابتداء ظاهر العدالة لا غنى عن ذكر الأمانة‏.‏ قال‏:‏ رحمه الله ‏(‏ولا يتعين قاسم واحد‏)‏ لأنه لو تعين لتحكم بالزيادة على أجرة مثله ولهذا المعنى لا يجبرهم الحاكم على أن يستأجروه ولأن القسمة فيها معنى المبادلة وهي تشبه القضاء على ما بينا ولا جبر فيهما ولو اصطلحوا فاقتسموا جاز لما ذكرنا أنه فيها معنى المبادلة إلا إذا كان فيهم صغير لأن تصرفهم عليه لا ينفذ ولا ولاية لهم عليه قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولا يشترك القسام‏)‏ يعني يمنعهم القاضي من الاشتراك كي لا يتضرر الناس لأن الأجرة تصير بذلك غالية لأنهم إذا اشتركوا يتواكلون وعند عدم الاشتراك يتبادرون إليها خشية الفوات فيرخص الأجر بسبب ذلك والأجرة على عدد الرءوس على قول الإمام وقالا‏:‏ على قدر الأنصباء لأنها مؤنة الملك فتتقدر بقدره كأجرة الكيال والوزان وحافر البئر وحمل الطعام وغسل الثوب المشترك وكبناء الدار والجدار لأن المقصود بالقسمة أن يتوصل كل واحد منهما إلى الانتفاع بنصيبه، ومنفعة صاحب الكثير أكثر فكانت مؤنة القسمة عليه أكثر وللإمام أن الأجرة بمقابلة التمييز، وإنه لا يتفاوت وربما يصعب الحساب بالنظر إلى القليل وقد ينعكس الأمر باعتبار المكسور فيتعذر اعتباره ألا ترى أنه لا يتصور تمييز القليل من الكثير إلا بما يفعله فيهما فيتعلق الحكم بأصل التمييز لأن عمل الإفراز واقع لهم جملة بخلاف ما ذكراه لأن الأجرة مقابلة بالعمل وهو يتفاوت فتتفاوت الأجرة بتفاوته وروى الحسن عن أبي حنيفة أن الأجرة على الطالب للقسمة لأنه هو المنتفع بالقسمة دون الآخر ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولا يقسم العقار بين الورثة بإقرارهم حتى يبرهنوا على الموت وعدد الورثة‏)‏ وهذا عند الإمام وقالا‏:‏ يقسم باعترافهم لأن اليد دليل الملك، والإقرار دليل الصدق فصار كالمنقول والعقار المشترى وهذا لأنه لا منكر لهم ولا بينة إلا على المنكر فلا تفيد البينة بلا إنكار لكنه يذكر في كتاب القسمة أنه قسمه باعترافهم ليقتصر عليه ولا يتعداه حتى لا تعتق أمهات أولاده ومدبره لعدم ثبوت موته بخلاف ما إذا كانت القسمة بالبينة وللإمام أنها قضاء على الميت لأن التركة مبقاة على ملكه قبل القسمة ينفذ فيها وصاياه بخلاف ما بعد القسمة، وإذا كان قضاء على الميت فلا بد من البينة وقد يمكن بأن يجعل أحدهم خصما عن الميت، وغيره عن أنفسهم، وأورد بأنه لا أولوية لأحدهم أن يكون مدعيا والآخر أن يكون مدعى عليه فكلاهما مجهول ولا قضاء مع الجهالة وأجيب بأن للقاضي ولاية التعين تحصيلا لمقصوده فترتفع الجهالة بتعينه ولأن الوارث نائب عنه، وإقرار الخصم لا يمنع من قبول البينة ألا ترى أنه لو ادعى إنسان على الميت دينا فأقر به الوارث فأقام المدعي البينة تقبل لأنها تثبت الدين على الورثة كلهم ويزاحم الغرماء ولا كذلك إذا كان ثبوته بإقرار الوارث فإنه لا يثبت إلا في حصته خاصة وكذلك الجواب ولو قال مكان الوارث‏:‏ وصي بخلاف المنقول لأن في قسمته نظرا لأنه يخشى عليه التلف وبخلاف العقار المشترى لأن البيع زال عن ملك البائع قبل القسمة فلم تكن القسمة قضاء عن الغير‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ويقسم في المنقول والعقار المشترى ودعوى الملك‏)‏ يعني يقسم في الموروث المنقول والعقار المشترى وفيما إذا ادعوا الملك ولم يذكروا كيفية انتقاله إليهم قسم بقولهم من غير إقامة بينة أما في المنقول والعقار المشترى فلما بينا من المعنى والعرف، وأما إذا ادعوا الملك ولم يذكروا كيفية الانتقال إليهم فلأنه ليس في القسمة قضاء على الغير فإنهم لم يقروا بالملك لغيرهم ويكون مقتصرا عليهم فيجوز، ثم قيل هذا قول الإمام وقيل قول الكل وهو الأصح ولفظ الجامع الصغير يفيد أنه لا يقسم حتى يقيموا البينة على الملك لاحتمال أن يكون الملك في يد غيره ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولو برهنا أن العقار في أيديهما لم يقسم حتى يبرهنا أنه لهما‏)‏ يعني لو أقام رجلان بينة أن العقار في أيديهما لم يقسم حتى يبرهنا، وطلبا من القاضي أن يقسمه بينهما لا يقسمه بينهما حتى يقيما البينة بأن العقار ملكهما لاحتمال أن يكون هو لغيرهما وهذه عبارة الجامع الصغير وما تقدم رواية القدوري وكلاهما في دعوى الملك المطلق، ومثل هذا لا يليق بهذا المختصر‏.‏ قال‏:‏ رحمه الله تعالى ‏(‏ولو برهنا على الموت وعدد الورثة والدار في أيديهم ومعهم وارث غائب، أو وصي قسم ونصب وكيل، أو وصي يقبض نصيبه‏)‏ يعني يقبض الوكيل نصيب الغائب والوصي نصيب الصغير لأن في نصبه نظرا للصغير والغائب إن حضر ولا بد من إقامة البينة عند الإمام لما بينا لأن في هذه القسمة قضاء على الغائب والصغير وعندهما يقسم بقوله لما ذكرنا ويشهد أنه قسمها باعتراف الحاضرين فإن الصغير والغائب على حجته قال في العناية‏:‏ قولهم في أيديهم وقع سهوا من الكاتب والصحيح‏:‏ في أيديهما لأنه لو كان في أيديهم لكان في الغائب والصغير وسيأتي أنه لا يقسم وأجيب بأنه أطلق الجمع وأراد به المثنى وفي الخانية هذا إذا كان العقار كله في يد الحاضرين فإن كانت الدار كلها، أو شيء منهما في يد الغائب أو الصغير وطلب هؤلاء من القاضي القسمة فإنه لا يقسم حتى يحضرا، أو يقيما البينة على الموت، وفي الجامع أنه لا يقسمه ولو أقاما البينة ما لم يحضرا‏.‏ ا هـ‏.‏ وأفاد بقوله قسم أن القاضي فعل ذلك قال في المحيط فلو قسما بغير قضاء لم تجز القسمة إلا أن يحضرا فيجيزا، أو يبلغ فيجيز فإن مات الغائب، أو الصغير فأجاز ورثته جاز عند الإمام وقال محمد لا يجوز لأنه مات من له الإجازة فبطلت وللإمام أنا لو أبطلنا القسمة بالموت احتجنا إلى إعادة مثلها فإجازتها أولى ا هـ‏.‏ وفيه أيضا ولو قسموا بأمر صاحب الشرطة لم يجز لأن القسمة لم تفوض إليه لأنه فوض إليه أمر الجنايات ا هـ‏.‏

قال‏:‏ رحمه الله ‏(‏ولو كانوا مشترين وغاب أحدهم، أو كان العقار في يد الوارث الغائب، أو حضر وارث واحد لم يقسم‏)‏ يعني لا يقسم المال المشترك مع غيبة بعضهم أما في الشراء فلأن الملك الثابت ملك جديد بسبب مباشرة ولهذا لا يرد بالعيب على بائعه فلا يصلح الحاضر أن يكون خصما على الغائب بخلاف الإرث لأن الملك الثابت فيه ملك خلافه حتى يرد بالعيب فيما اشتراه المورث ويصير مغرورا بشراء المورث فانتصب أحدهما خصما عن الميت فيما في يده والآخر عن نفسه فصارت القسمة قضاء بحضرة المتخاصمين فيصح القضاء بقيام البينة على خصمه، وفي الشراء قامت على خصم غائب فلا يقبل وأما إذا كان العقار في يد الوارث الغائب فلأن القسمة قضاء على الغائب بإخراج الشيء من يده من غير خصم عنه فلا يجوز وكذا إذا كان بعضه في يده والباقي في يد الحاضر وكذا إذا كان في يد مودعه، أو مستعيره، أو في يد الصغير لأن المودع والصغير ليسا بخصم ولا فرق في هذا بين إقامة البينة وعدمها في الصحيح ا هـ‏.‏ فإن قلت‏:‏ التعليل في قولهم إذا كان شيء منه في يد الصغير أو الغائب يكون قضاء بإخراجه من يده لك أن تقول هذا يستقيم إذا كان كله، أو كان البعض الذي في يد الصغير، أو الغائب زائدا على قدر حصته ما إذا كان قدر حصته من الدار أو أقل فلا يظهر أن فيه قضاء على الصغير والغائب بإخراج شيء مما كان في يده بل يلزم إبقاء ما كان في يده في صورة التساوي وزيادة شيء عليه فيما كان في يد الحاضرين في صورة النقصان‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما إذا حضر وارث واحد فلأنه لا يصلح أن يكون مخاصما ومخاصما فلا يصلح أن يكون مقاسما ومقاسما فلا بد من حضور شخصين على ما بينا هذا هو ظاهر الرواية وعن أبي يوسف أن القاضي ينصب عن الغائب خصما وتقام البينة ولو حضر صغير وكبير نصب وصيا عن الصغير وقسم إذا أقيمت البينة وكذا إذا حضر وارث وموصى له بالثلث في الدار وطلب القسمة وأقاما البينة على الإرث والوصية يقسم لأن الموصى له شريك في الدار فصار كواحد من الورثة فانتصب عن نفسه والوارث عن الميت وبقية الورثة فصار كما إذا حضر وارثان ولو حضر الموصى له وحده لا يقسم ذكره في الذخيرة، وفي النهاية إنما ينصب القاضي وصيا عن الصغير إذا كان حاضرا بخلاف الغائب، وفي المحيط لو كانت مشتركة بالشراء فجرى فيها الميراث بأن مات واحد منهم لا يقسم إذا حضر البعض لأن الوارث لم يقم مقام المورث في الشركة الأولى بالشراء فينظر في هذا إلى الشركة الأولى فإن كانت بالميراث يقوم الثاني مقام الأول وإن كانت بالشراء لا يقوم‏.‏ ضيعة بين خمسة؛ واحد صغير واثنان غائبان واثنان حاضران فاشترى رجل نصيب أحد الحاضرين وطالب شريكه الحاضر بالقسمة عند القاضي وأخبراه عن القضية فالقاضي يأمر شريكه بالقسمة وجعل وكيلا عن الغائبين والصغير لأن المشتري قائم مقام البائع وكان للبائع أن يطالب شريكه فكذا من قام مقامه‏.‏ أرض بين رجلين فطلب أحدهما القسمة وقدمه إلى القاضي فأتى شريكه وقال‏:‏ بعت نصيبي وأقام البينة على البائع لا تقبل البينة لدفع القسمة عنه لأنه يريد إبطال حق القسمة بإثبات فعل نفسه بالبيع فلا يقدر على الإثبات ولو كان على الميت دين لغائب غير مستغرق حبس القاضي قدر الدين وقسم الباقي لأن التركة ملك للورثة إذا لم يكن الدين مستغرقا إلا أنه لا يقسم قدر الدين حتى لا يحتاج إلى نقض قضائه، وإن كان الدين مستغرقا لا يقسم لأنهم لا ملك لهم في التركة في هذه الحالة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي التجريد ولو بنى رجلان في أرض لرجل بإذنه ثم أرادا قسمة البناء ومؤاجرة الأرض لغائب فلهما ذلك فإن أبى أحدهما لم يجبر على القسمة، وفي النوازل سئل أبو بكر عن قرية مشاع بين أهلها، ربعها وقف وربعها مقبرة ونصفها ملك يريدون أن يتخذوه مقبرة قال‏:‏ إن قسمت القرية كلها على مقدار كل نصيب جازت وإن أرادوا أن يقتسموا موضعا منها لا يجوز‏.‏ وعن الحسن‏:‏ رجل اشترى من آخر نصف دار، ثم قاسمه قبل أن يقبضها جازت القسمة فإن استحق النصف الذي في يد المشتري بطل البيع فيه والمشتري بالخيار إن شاء أخذ نصف ما في يد البائع بحصته من الثمن، وإن شاء ترك، وإن استحق نصف البائع بطل البيع فيه والمشتري بالخيار إن شاء أخذ النصف من النصف الذي صار له بالحصة من الثمن، وإن شاء ترك ولو لم يستحق شيئا حتى باع المشتري النصف الذي صار له، ثم استحق النصف الذي صار للمشتري يبطل البيع فيه وكان للمشتري أن يأخذ نصف ما باع البائع، ويبطل البيع في نصفه وكذا إن باع كل واحد منهما نصيبه ثم استحق أحد النصيبين فالجواب فيه كالجواب فيما باع أحدهما وهذا كله على قياس قول أبي يوسف وزفر رحمهما الله تعالى وبه أخذ الحسن قال‏:‏ وفي قول أبي حنيفة‏:‏ أي النصفين استحق جاز البيع في الآخر وله أن يبيع من الذي اشتراها منه قبل القبض ومن الأجنبي، وفي المنتقى عن أبي يوسف إذا اشترى رجل من أحد الورثة بعض نصيبه، ثم حضرا - يعني الوارث والمشتري - وطلبا القسمة فالقاضي لا يقسم بينهما حتى يحضر وارث آخر غير البائع ولو اشترى منه نصيبه، ثم ورث البائع شيئا بعد ذلك، أو اشترى لم يكن خصما للمشتري في نصيبه الأول في الدار حتى يحضر وارث آخر غيره ولو حضر المشتري من الوارث ووارث آخر وغاب الوارث والبائع وأقام المشتري البينة على شرائه وقبضه وعلى الدار وعدد الورثة فإن هذا على وجهين‏:‏ أحدهما إن كانت الدار في أيدي الورثة ولم يقبض المشتري لم تقبل بينة المشتري على الشراء من الغائب، وإن كان المشتري قبض وسكن الدار معهم ثم طلب القسمة هو ووارث آخر غير البائع فأقام البينة على ما ذكرنا فالقاضي يقسم الدار وكذلك إن طلبت الورثة القسمة دون المشتري فالقاضي يقسم الدار بينهم بطلبهم وجعل نصيب الغائب في يد المشتري ولا يقضي بالشراء، وإن لم يكن المشتري قبض الدار عزل نصيب الوارث الغائب ولا يدفع إلى المشتري، وإن كان المشتري هو الذي طلب القسمة وأبى الورثة لم أقسم لأني لا أعلم ما لكل ولا أقبل بينة على الشراء والبائع غائب‏.‏ وفيه أيضا عن أبي يوسف‏:‏ دار بين رجلين باع أحدهما نصيبه وهو مشاع من رجل، ثم إن المشتري أمر البائع أن يقاسم صاحب الدار ويقبض نصيبه فقاسمه لم تجز القسمة، وإذا كان بين رجلين دار ونصف دار اقتسما على أن يأخذ أحدهما الدار ويأخذ الآخر نصف الدار جاز، وإن كان الدار أقل قيمة من نصف الدار‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وقسم القاضي بطلب أحدهم لو انتفع كل بنصيبه‏)‏ لأن فيه تكميل المنفعة إذا كان كل واحد منهم ينتفع بنصيبه بعد القسمة وكانت القسمة حقا لهم فوجب على القاضي إجابتهم قال في العناية‏:‏ يعني يقسم جبرا ومراده إذا كان من جنس واحد لأن فيه معنى الإقرار لتفاوت المقاصد‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن تضرر الكل لم يقسم إلا برضاهم‏)‏ وذلك كما لو طلبوا قسمة البئر والرحى والحائط والحمام لأن القسمة لتكميل المنفعة، وفي قسمة هذا تفويت فيعود على موضعه بالنقص ولأن الطالب للقسمة متعنت ويريد إدخال الضرر على غيره فلا يجيبه الحاكم إلى ذلك لأنه اشتغال بما لا يفيد بل بما يضر ويجوز بالتراضي لأن الحق لهم وهم أعرف بحاجتهم لكن القاضي لا يباشر ذلك، وإن طلبوه منه لأن القاضي لا يشتغل بما لا فائدة فيه لا سيما إذا كان فيه إضرار وإضاعة مال لأن ذلك حرام ولا يمنع منه ا هـ‏.‏ كلام الشارح لكن ظاهر المتن أن القاضي يقسم عند رضاهم وفي الينابيع والذخيرة ذكر شيخ الإسلام أن القاضي لا يقسم، وبعض المشايخ قال‏:‏ يقسم فظهر أن في المسألة روايتين‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن انتفع البعض وتضرر البعض لقلة حظه قسم بطلب ذي الكثير فقط‏)‏ يعني بطلب صاحب الكثير كذا ذكره صاحب الخصاف ووجهه أن صاحب الكثير يطلب من القاضي أن يخصه بالانتفاع بملكه ويمنع غيره عن الانتفاع بملكه وهذا منه طلب الحق والإنصاف فإن له أن يمنع غيره من الانتفاع بملكه فوجب على القاضي أن يجيبه إلى ذلك ولا يعتبر ضرر الآخر لأنه يريد أن ينتفع بملك غيره فلا يمكن من ذلك ولو طلب صاحب القليل مع أنه لا ينتفع بحقه مع أنه متعنت في طلب القسمة فلا يشتغل القاضي بما لا يفيد وذكر الجصاص أنه إن طلب صاحب القليل قسم، وإن طلب صاحب الكثير لا يقسم وذكر الحاكم أيهم طلب القسمة يقسم القاضي والأصح ما ذكر الخصاف لأن القاضي يجب عليه إيصال الحق إلى مستحقه ولا يلزمه أن يجيبهم إلى إضرار أنفسهم ولم يتعرض المؤلف لما إذا كان كل واحد منهم لا ينتفع؛ قال في المبسوط‏:‏ بيت بين رجلين أراد أحدهما القسمة وامتنع الآخر وهو صغير لا ينتفع به واحد منهما، لا يجيبهما القاضي إلى ذلك والأصح أنه لا يقسم إلا إذا طلب صاحب الكثير خاصة ومنهم من صحح ما ذكره الحاكم، والأول أصح‏.‏ ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ويقسم العروض من جنس واحد‏)‏ لأن اعتبار المبادلة في المنفعة المالية ممكن عند اتحاد الجنس لاتحاد المقصود فيه فيقع تمييزا فيملك القاضي الإجبار عليهما‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولا يقسم الجنسين والجواهر‏)‏ أما الجنسان فلعدم الاختلاط بينهما فلا تقع القسمة تمييزا بل تقع معاوضة فيعمل التراضي دون جبر القاضي ولهذا قيد بالتراضي، وأما الجواهر فلأن جهالتها متفاحشة ألا ترى أنه لا يصلح غير المعين منها عوضا عما ليس بمال كالنكاح والخلع وقيل‏:‏ لا يقسم الكبار منها لفحش التفاوت ويقسم الصغار لقلة التفاوت وقيل‏:‏ إن اختلف جنسهما لا يقسم، وإن اتحد يقسم كسائر الأجناس، وفي العتابية‏:‏ والقمقم والطشت المتخذة من صفر ملحقة مختلفة الجنس فلا يقسمها جبرا وكذلك الأثواب المتخذة من القطن والكتان إذا اختلف بالصنعة كالقباء والجبة والقميص كذلك، وفي مختصر خواهر زاده‏:‏ ولا يقسم السرج ولا الفرس ولا المصحف، وفي التجريد لو أوصى لهما بصوف على ظهر غنم، أو لبن في ضرع، أو بما في بطون الغنم لا يقسم قبل الجز والحلب والولادة وفي الخانية إذا كان بين رجلين ثوب مخيط لا يقسم القاضي بينهم ولو غير مخيط فاقتسماها طولا، أو عرضا جازت القسمة قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏والرقيق والحمام والبئر والرحى إلا برضاهم‏)‏ أما الرقيق فالمذكور هنا قول الإمام وعندهما يجوز لاتحاد الجنس، والتفاوت في الجنس الواحد لا يمنع القسمة كما في الإبل والغنم ولهذا يقسم الرقيق في الغنيمة بين الغانمين وللإمام‏:‏ أن التفاوت بينهما فاحش لتفاوت المعاني الباطلة كالدهن والكياسة بخلاف سائر الحيوانات لأن الانتفاع بهما لا يختلف إلا شيئا يسيرا وذلك مغتفر في القسمة ألا ترى أن الذكر والأنثى من بني آدم جنسان مختلفان ومن الحيوانات جنس واحد فلا يجوز القياس وقسمة الغنائم تجري في الأجناس فلا تلزم وهذا الخلاف فيما إذا كان الرقيق وحدهم وليس معهم شيء آخر من العروض، وهم ذكور فقط، أو إناث فقط، وأما إذا كانوا مختلطين بين الذكور والإناث لا يقسم بالإجماع لأن الذكور والإناث من بني آدم جنسان لاختلاف المقاصد، وإن كان مع الرقيق شيء آخر مما يقسم جازت القسمة في الرقيق تبعا لغيرهم بالإجماع ويجبرهم القاضي بطلب البعض وكم من شيء يدخل تبعا، وإن لم يجز دخوله قصدا، وأما الحمام والبئر والرحى فلما ذكر من إلحاق الضرر بالكل ولو اقتسما الحمام، أو البئر بأنفسهم جاز ولكل واحد نوع منفعة بأن يتخذ نصيبه من الحمام بيتا، وإن طلبا جميعا القسمة من القاضي هل يقسم‏؟‏ فيه روايتان‏:‏ في رواية لا يقسم لأنها تضمنت تفويت منفعة وليس للقاضي ذلك لأنه يكون سفها يمكنه، وفي رواية يقسم لأنهم رضوا بذلك وإليه أشار في الكتاب لأنه فيه نوع منفعة كذا في المحيط، وفي التتارخانية، وإذا كانت قناة، أو بئر أو نهر وليس معه أرض فأراد بعض الشركاء القسمة فإنها لا تقسم، وإذا كانت أرض لها شرب قسم الأرض وترك الشرب، والقناة والبئر كالشركة، وفي الخلاصة ولكل منهما شربه فإن كان يقدر كل واحد منهما أن يجعل أرضه شربا من موضع آخر قسم ذلك كله فيما بينهم، وفي الأصل لو كانت أنهارا وآبارا لأرض مختلفة قسم الآبار والعيون والأراضي‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي النوادر ولو قسم البئر بالجبال جاز لأن التفاوت فيها قليل‏.‏ ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏دور مشتركة، أو دار وضيعة، أو دار وحانوت قسم كل على حدة‏)‏ أما الدور المشتركة فالمذكور ههنا قول الإمام وقالا‏:‏ تقسم الدور بعضها في بعض إذا كانت في مصر واحد وكانت القسمة أصلح لهم لأنهم جنس واحد نظرا إلى اتحاد الاسم والصورة وأصل السكنى جنسان نظرا إلى اختلاف الأغراض وتفاوت السكنى، وإذا قسم كل دار على حدة ربما يتضرر لقلة نصيبه وللإمام أن الدور أجناس مختلفة لاختلاف المقصود باعتبار المحال والجيران والقرب من المسجد فكان اختلافا فاحشا فلا يمكن التعديل في القسمة فلا يجوز جمع نصيب كل واحد في دار إلا بالتراضي، والإبل والبقر والغنم يقسم كل جنس منه بانفراده ولا يجمع بين الأجناس كما ذكرنا بخلاف الدور، والمنازل المتلازمة كالبيوت والساحة كالدور لأنه بين البيت والدار فأخذ حظه من كل واحد منهما، والدور في مصرين لا تقسم بالإجماع، وأما الدور والضيعة والدار والحانوت فلاختلاف الجنس ذكره الخصاف، وفي رواية الأصل ما يشير إلى أنه يجوز ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ويصور القاسم ما يقسمه‏)‏ أي يكتب على قرطاس ليمكنه حفظه قال في العناية‏:‏ يكتب‏:‏ إن نصيب فلان كذا وفلان كذا إن أرادوا رفع تلك الكاغضة إلى القاضي ليتولى الإقراع بينهم بنفسه‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ويعدله‏)‏ أي يسويه على سهام القسمة ويروى ويعزله حتى يقطعه بالقسمة عن غيره قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ويذرعه ويقوم البناء‏)‏ لأن قدر الساحة يعرف بالذرع والمالية بالتقويم ولا بد من معرفتها ليمكنه التسوية في المالية ولا بد من ذرع الأرض وتقويم البناء‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ويفرز كل نصيب بطريقه وشربه‏)‏ لأن القسمة تكميل المنفعة وبه يكمل لأنه إذا لم يفرز يبقى نصيب بعضهم متعلقا بنصيب الآخر فلم يحصل الانفصال من كل وجه وهذا بيان الأفضل فإذا لم يفرزه، أو لم يمكن جاز‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ويلقب الأنصباء بالأول والثاني والثالث ويكتب أسماءهم ويقرع فمن خرج اسمه أولا فله السهم الأول ومن خرج ثانيا فله السهم الثاني‏)‏ والقرعة لتطييب قلوبهم فلو قسم الإمام بلا قرعة جاز لأنه في معنى القضاء فيملك الإلزام فيه وكيفيته أن ينظر إلى أقل الأنصباء فيقدر به آخر السهام حتى إذا كان العقار بين ثلاثة لأحدهم النصف وللآخر الثلث وللآخر السدس جعلها أسداسا لأنه أقل الأنصباء فيكتب أسماء الشركاء في بطاقات ويجعلها شبه البندقة، ثم يخرجها حتى إذا انشقت وهي مثل البندقة يدلكها، ثم يجعلها في كمه، أو وعي فيخرجها واحدا بعد واحد فمن خرج اسمه أولا فله السهم الأول ومن خرج ثانيا فله السهم الثاني ومن خرج ثالثا فله السهم الثالث إلى أن ينتهي إلى الأخير فإن خرج أولا في المثال الذي ذكرناه اسم صاحب النصف فإن له ثلاثة أسداس من الجانب الملقب بالأول، وإن خرج ثانيا كان له كذلك من الجانب الذي يلي الأول، وإن خرج ثالثا كان له كذلك من الجانب الذي يلي الثاني وعلى هذا كل واحد منهم لا يقال تعليق الاستحقاق بالقرعة قمار وهو حرام ولهذا لم يجز علماؤنا استعمالها في دعوى النسب ودعوى الملك وتعين العتق والمطلقة لأنا نقول‏:‏ لا يحصل الاستحقاق لأن الاستحقاق كان ثابتا قبله وكان للقاضي ولاية إلزام كل واحد منهم، وإنما القمار على زعمهم اسم لما يستحقون به ما لم يكن لهم قبل لا مثل هذه بل هذه مشروعة كما أخبر الله سبحانه وتعالى عن يونس وزكريا عليهم الصلاة والسلام كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل‏}‏ الآية وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فساهم فكان من المدحضين‏}‏ الآية‏.‏ ولقائل أن يقول‏:‏ بين أول كلامهم وآخره تدافع لأنهم صرحوا أولا بأن مشروعية استعمال القرعة هنا جواب استحسان والقياس يأبى ذلك وقالوا آخرا‏:‏ إن هذا ليس بقمار وبينوا الفرق بينه وبين القمار وذكروا له نظائر في الكتاب والسنة فقد دل على أنه لا يأباه القياس أصلا بل هو يقتضيه القياس أيضا فتدافعا‏.‏ ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولا تدخل في القسمة الدراهم إلا برضاهم‏)‏ يعني‏:‏ جماعة في أيديهم عقار فطلبوا القسمة، وفي أحد الجانبين فضل عن الآخر فأراد أحدهم أن يدفع عوضه من الدراهم والآخر لم يرض بذلك لم تدخل الدراهم في القسمة لأنه لا شريك له فيها ويفوت به التعديل في القسمة لأن بعضهم يصل إلى عين المال المشترك في الحال ودراهم الآخر في الذمة فيخشى عليها التوى، وإذا كان أرض وبناء فعن الثاني أنه يقسم باعتبار القيمة لأنه لا يمكن اعتبار التعديل فيه إلا بالتقويم لأن تعديل البناء لا يمكن إلا بالمساحة والمساحة هي الأصل في الممسوحات ثم يرد من وقع البناء في نصيبه قيمة البناء، أو من كان أجود دراهم على الآخر فتدخل الدراهم في القسمة ضرورة كالأخ لا ولاية له في المال، ثم يملك تسمية الصداق ضرورة صحة التزويج وعن محمد أنه يرد على شريكه بمقابلة البناء ما يساويه من العرصة، وإذا بقي فضل ولم يمكن تحقيق التسوية فيه بأن لم تف العرصة بقيمة البناء فحينئذ ترد الدراهم لأن الضرورة في هذا القدر فلا يترك الأصل وهو القسمة بالمساحة إلا بالضرورة وهذا يوافق رواية الأصل، وفي المحيط ولو رفع القسمة على أن يزيد أحدهما شيئا معلوما فلا يخلو إما أن يكون المشروط دراهم، أو دنانير، أو مكيلا، أو موزونا، أو عروضا أو حيوانا فإن كان المشروط دراهم معلومة جاز بأن كانت مشروطة لتعديل الأنصباء فيجوز بالتراضي، وإن كانت الزيادة مشروطة لتقع القسمة على المفاضلة فيكون بيعا من كل وجه وهو جائز بتراضيهما، وإن كانت الزيادة مكيلا، أو موزونا ولم يسم مكان الإيفاء لم تجز عند الإمام وعندهما تجوز ويسلمها عند الدار كما في السلم، وإن كانت الزيادة عرضا يجوز السلم فيها كالثوب جاز مؤجلا ولا يجوز حالا وإن كان عروضا لا يجوز السلم فيه، وإن كان حيوانا بعينه جاز وبغير عينه لا يجوز‏.‏ ثلاثة بينهم دور صغرى وكبرى فأخذ أحدهم الكبرى على أن يرد على الآخرين دراهم مسماة جاز وكذلك لو أخذ الكبرى بنصيبين والصغرى بنصيب جاز ولو اقتسموا الباب على أن من أصابه هذا رد درهما ومن أصابه هذا رد درهمين جاز ولو اقتسموا الأراضي على أن من أصابه شجرا ونبت في أرضه فعليه بقيمته دراهم جاز ولو اقتسما على أن لأحدهما الصامت وللآخر العروض والنحاس والدين على أنه إن بقي عليه شيء من الدين يرد عليه نصفه فالقسمة فاسدة ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن قسم ولأحدهم مسيل، أو طريق في ملك الآخر لم يشترط في القسمة صرف عنه إن أمكن وإلا فسخت القسمة‏)‏ لأن المقصود من القسمة تكميل المنفعة باختصاص كل بنصيبه وقطع أسباب تعلق حق الغير فإذا أمكن حصل المقصود، وإلا لم يحصل فتعين الفسخ والاستئناف لنفي الاختلاط بخلاف البيع حيث لا يفسخ ولا يفسد فيما إذا لم يتمكن المشتري من الاستطراق ومن مسيل الطريق الماء لأن المقصود ملك الرقبة ولا يشترط فيه الانتفاع في الحال ولا كذلك القسمة ولو ذكر الحقوق في الوجه الأول وهو ما إذا أمكن صرفه عن الآخر بأن قال هذا لك بحقوقه كان الجواب فيه مثل ما إذا لم يقل بحقوقه فيصرف عنه إن أمكن كما تقدم إلا إذا قال خذ هذا بطريقه وشربه ومسيله فحينئذ لا يصرف عنه لأنه أثبت له بأبلغ وجوه الإثبات بخلاف البيع إذا ذكر فيه الحقوق حيث يدخل فيه ما كان من الطريق والمسيل فيدخل عند التنصيص واختلفوا في إدخال الطريق في القسمة بأن قال بعضهم لا يقسم الطريق بل يبقى مشتركا مثل ما كان قبل القسمة ينظر فيه الحاكم فإن كان يستقيم أن يفتح كل في نصيبه قسم الحاكم من غير طريق يرفع لجماعتهم تكميلا للمنفعة وتحقيقا للإقرار من كل وجه، وإن كان لا يستقيم ذلك رفع طريقا بين جماعتهم لتحقق تكميل المنفعة فيما وراء الطريق ولو اختلفوا في مقدار عرضه يجعل على قدر عرض الباب بطوله أي ارتفاعه حتى يخرج كل واحد منهم جناحا في نصيبه إن كان فوق الباب لا فيما دونه لأن باب الدار طريق متفق عليه والمختلف فيه يرد إلى المتفق عليه، وفي هذا القدر كفاية في الدخول ولو شرطوا أن يكون الطريق في الدار على التفاوت جاز، وإن سهامهم في الدار متساوية لأن القسمة على التفاوت بالتراضي في غير الأموال الربوية جائزة، وإن كان ذلك أرضا يرفع قدر ما يمر به ثور لوقوع الكفاية به في المرور ولم يذكر حكمه فيما إذا لم يكن له طريق، وفي المحيط ولو اقتسموا دارا فإذا لا طريق لأحدهم وقدر على أن يفتح في نصيبه طريقا يمر فيه الرجل دون الحمولة جازت القسمة لأنها لم تتضمن تفويت منفعة، وإن لم يقدر ينظر إن لم يعلم أنه لا طريق له فالقسمة فاسدة، وإن علم أنه لا طريق له جازت القسمة لأنه رضي بهذه القسمة‏.‏ دار في سكة غير نافذة اقتسموها على أن يفتح كل واحد بابا إلى السكة جاز ولا يمنعون منه لأنهم تصرفوا في خالص حقهم وهو الجدار ولا ضرر على غيرهم في ذلك‏.‏ مقصورة بين قوم طريقها في دار الآخر فاقتسموها فليس لكل واحد أن يفتح بابا من المقصورة إلى الدار، وإنما لهم طريق على مقدار الباب ولا يكون لهم حق المرور فيما سوى الطريق، وإن كان بجنب المقصورة دار لهم وقعت في قسمة رجل فأراد أحدهم أن يجعل الطريق إلى داره في هذه المقصورة لم يكن له ذلك‏.‏ طريق مشترك بين جماعة ليس لواحد منهم أن يفتح بابا لدار أخرى لا حق لها في هذه الطريق ولو اقتسموا قرية فأصاب أحدهم قراح والآخر كرم والآخر بيوت جاز بتراضيهم، وإذا اقتسما كرما وفيه عنب وثمر ينظر إن قالا على أن النصف لفلان بكل قليل وكثير وما فيه من الأعشاب والثمار فهي مقسومة، وإلا فهي على الشركة بينهما‏.‏ دار وفيها طريق لآخر لا يمنعها عن قسمتها ويترك طريقه على عرض الباب العظمى فإن باعوا الدار والطريق برضاهم ضرب صاحب الدار على مثلي ثمن الطريق وصاحب الممر بثلث الثمن لأن الطريق بينهم أثلاثا إذا لم يعلم قدر الأنصباء فيكون الثمن بينهم أثلاثا وكذا إذا كان رقبة الطريق لاثنين وللآخر حق المرور ومن مات منهم وتعددت ورثته اعتبر حقه كحق واحد، وإن لم يعرف أن الدار ميراث بينهم فالطريق على عدد الرءوس وقسمة الطريق على عدد الرءوس ولو كان فيها طريق من ناحية وطريق لآخر من ناحية أخرى يعزل لهما طريق واحدة والطريق الواحد يكفي للمرور، ولو اقتسموا دارا و فيها كنيف شارع إلى الطريق أو ظلة لم يحسب في ذرع الدار لأن الظلة والكنيف ليس لهما حق القرار على طريق العامة بل مستحق النقض ومستحق النقض كالمنقوض ولكنهما يقومان على من وقع في حيزه ولا يحسبان في ذرعان الدار بعد قسمة الوالي وترك طريقا للعامة فرأى الوالي بعد ذلك أن يعطي الطريق لواحد فينتفع بها ولا يضر بأهل الطريق جاز إن كانت المدينة له، وإن كانت للمسلمين لم يجز ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏سفل له علو وسفل مجرد وعلو مجرد قوم كل على حدة وقسم بالقيمة‏)‏ وهذا قول محمد وعليه الفتوى، وقال الإمام‏:‏ والثاني يقسم بالذرع لأن القسمة بالذرع هي الأصل في المذروع والكلام فيه والعبرة للتسوية في أصل السكنى كما في المرافق، قال في العناية‏:‏ وصورتها علو مشترك بين رجلين وسفله لآخر وسفل مشترك بينهما وعلو لآخر وبيت كامل مشترك بينهما والكل في دار واحد، أو في دارين قيدنا بهذا لئلا يقال‏:‏ قسمة العلو مع السفل قسمة واحدة إذا كانت البيوت متفرقة لا يصح عند الإمام لمحمد أن السفل يصلح لما لا يصلح له العلو كالبئر والإصطبل والسرداب وغيره فصار كالجنسين فلا يمكنه التعديل إلا بالقسمة وكيفية القسمة على قول الإمام ذراع سفل بذراعين من العلو وقال أبو يوسف‏:‏ ذراع بذراع قيل‏:‏ أجاب كل منهما على عادة أهل عصره وقيل هو اختلاف حجة بينهم؛ قال الإمام‏:‏ لصاحب السفل منافع كثيرة ولصاحب العلو منفعة واحدة وهي منفعة السكنى وأبو يوسف قال‏:‏ هما سواء في الانتفاع‏.‏ وتفسير المسألة على قول الإمام أن يجعل بمقابلة مائة ذراع من العلو المجرد ثلاثة وثلاثون وثلث ذراع من البيت الكامل، فثلاثة وثلاثون وثلث من العلو الكامل في مقابلة مثله من العلو المجرد، وثلاثة وثلاثون وثلث من السفل الكامل في مقابلة ست وستين وثلثين من العلو المجرد فذلك تمام مائة ويجعل بمقابلة مائة ذراع من السفل المجرد ستة وستون وثلثا ذراع من البيت الكامل لأن علوه مثل نصف سفله فستة وستون وثلثان من سفل الكامل بمقابلة مثله من السفل المجرد، وستة وستون وثلثان من العلو الكامل في مقابلة ثلاثة وثلاثين وثلث ذراع من السفل المجرد فذلك تمام مائة، وتفسير قول الإمام أبي يوسف أن يجعل بمقابلة شيء من السفل المجرد، أو من العلو المجرد قدر نصفه من البيت الكامل ويقابل نصف العلو بنصف السفل لاستواء العلو والسفل عنده ويجعل بمقابلة شيء من السفل المجرد قدره من العلو المجرد، وقال محمد‏:‏ يقسم على قيمة السفل والعلو فإن كان قيمتها على السواء يحسب ذراع بذراع، وإن كان قسمة أحدهما أعلى من الآخر يحسب الذي قيمته أعلى على النصف ذراعا بذراعين من الآخر حتى يستويا في القيمة، وفي الذخيرة فإن قيل كيف يقسم العلو من السفل قسمة واحدة عند الإمام ومن مذهبه أن البيوت المتفرقة لا تقسم قسمة واحدة إن لم تكن في دار واحدة قلنا موضوع المسألة أنهما كانا في دار واحدة والبنيان في دار واحدة‏.‏ وإنما يقسم عند الإمام رضي الله تعالى عنه - وإن كان في دارين - بطريق التراضي فلهذا قيد في النهاية بما سبق وعلم من قوله قوم كل على حدة أن البناء لا يقسم بالذراع قال، وإن قسما دارا فإنه يقسم العرصة بالذراع ويقسم البناء بالقيمة ثم هذا على ثلاثة أوجه فتارة يقسما الأرض نصفين ويشترطا أن من وقع البناء في نصيبه يعطي لصاحبه نصف قيمة البناء، وقيمة البناء معلومة، أو اقتسموا ذلك وقيمة البناء غير معلومة بأن اقتسموا الأرض ولم يقتسموا البناء فإن اقتسموا الأرض وشرطا في البناء كما تقدم فيكون بيعا مشروطا في القسمة وهذا البيع من ضرورات القسمة فيكون له حكم القسمة فيجوز، وإن لم تعرف قسمة البناء واقتسموا كذلك جاز استحسانا ويفسد قياسا لجهالة ثمن البناء‏.‏ وجه الاستحسان أن القسمة لاقت العرصة ولا جهالة فيها ومن وقع في نصيبه يتملك على صاحب نصف البناء القيمة فيها ضرورة، وإن اقتسما الأرض ولم يقتسما البناء جازت القسمة، ثم يتملك من وقع البناء في نصيبه نصف البناء فالقيمة لأنه لا وجه لإبقاء البناء مشتركا لأن صاحب الأرض يتضرر به ولا وجه لدفع الضرر إلا بتملك الأرض وتملك بالبناء بالقيمة لأنه أقل ضررا من تملك الأرض بالقيمة من غير رضا صاحبها كالغاصب إذا صبغ الثوب يتملك صاحب الثوب الصبغ دون صاحب الصبغ كذا في المحيط هذا إذا اقتسما الأرض فلو وقع القسم في الأرض لواحد والبناء لآخر، قال‏:‏ دار بين رجلين فاقتسما على أن يأخذ أحدهما الأرض والآخر البناء ولا شيء له من الأرض فهذا على ستة أوجه‏:‏ إذا شرطا في القسمة على أن من له البناء يكون مشتريا نصيب صاحبه من البناء بما تركه على صاحبه من الأرض فإن سكتا عن القلع، أو شرطا ذلك جازت القسمة وإن شرطا الترك فالقسمة فاسدة كذا في الكافي، وفي الذخيرة يجب بأن يعلم أن الملك لا يقع لواحد من الشركاء بنفس القسمة بل يتوقف ذلك على أحد معان‏:‏ إما القبض أو قضاء القاضي، أو الفرقة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المحيط‏:‏ أرض ودار بين اثنين فأحدهما أخذ الدار والآخر الأرض على أن يرد صاحب الأرض عليه عبدا قيمته ألف وقيمة الدار ألف وقيمة الأرض ألفان فباع صاحب الدار داره فاستحق علو بيت والبيت والعلو عشر الدار‏:‏ يرجع المشتري على البائع بنصف عشر الدار ومسك الباقي فإن صاحب الدار يرجع بستة عشر درهما وثلثي درهم من قيمة الأرض على صاحب الأرض عند الإمام وقال أبو يوسف‏:‏ يرجع بذلك في رقبتها‏.‏

قال رحمه الله‏:‏‏.‏ ‏(‏ويقبل شهادة القاسمين إن اختلفوا‏)‏ يعني إذا أنكر بعض الشركاء بعد القسمة استيفاء نصيبه فشهد القاسمان أنه استوفى نصيبه تقبل شهادتهما سواء كانا من جهة القاضي، أو غيره وهذا عند الإمام والثاني، وقال محمد‏:‏ لا تقبل، وهو قول الثاني أولا وبه قال الشافعي وذكر الخصاف قول محمد مع قولهما لمحمد إنهما شهدا على فعل أنفسهما فلا تقبل كمن علق عتق عبده على فعل فلان فشهد ذلك الغير على فعله ولهما أنهما شهدا على الاستيفاء والقبض هو فعل غيرهما لأن فعلهما التمييز لا غير ولا حاجة إلى الشهادة على التمييز وقال الطحاوي‏:‏ إن اقتسما الأجرة لا تقبل شهادتهما بالإجماع، وإليه مال بعض المشايخ لأنهما يدعيان إيفاء عمل استؤجرا عليه فكانت شهادة صورة ودعوى معنى فلا تقبل قلنا هنا لم يجرا بهذه الشهادة إلى أنفسهما نفعا لأن الأخصام يوافقاهما على إيفاء العمل وهو التمييز، وإنما الخلاف في الاستيفاء فانتهت التهمة ولو شهد قاسم واحد لا تقبل شهادته لأن شهادة الفرد غير مقبولة ولو أمر القاضي أمينه بدفع المال فيقبل قول الأمين في دفع الضمان عن نفسه ولا يقبل في إلزام الآخر إذا كان منكرا‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولو ادعى أحدهم أن من نصيبه شيئا في يد صاحبه وقد أقر بالاستيفاء لا يصدق إلا ببينة‏)‏ لأن القسمة من العقود اللازمة، والمدعي للغلط يدعي حق الفسخ لنفسه بعد تمامها فلا يقبل إلا بحجة، وإن لم يقم ببينة استحلف الشركاء لأنهم لو أقروا بذلك فإذا أنكروا حلفوا عليه ولقائل أن يقول‏:‏ لو صح هذا الدليل لوجب تحليف المقر له إذا ادعى المقر أنه كذب في إقراره مع أنه لا يحلف عند الإمام ومحمد، الجواب أن يقال‏:‏ إن هذا إذا أقر المقر له أن المقر كذب في إقراره فلو لم يقر المقر له أنه كذب في إقراره لزمه ذلك ولا يظهر فيه أنه لو أنكر استحلف كما لو قالوا فيما نحن فيه لا أنه إذا أنكر كان مصدقا في إقراره فافترقا ومن حلف منهم لم يكن عليه سبيل ومن نكل عن اليمين جمع نصيبه مع نصيب الآخر المدعي فيقسم على قدر حقوقهما فيه قالوا‏:‏ وينبغي أن لا يقبل دعواه أصلا لأنه متناقض وإليه أشار من بعد حيث شرط التحالف إن لم يشهد على نفسه بالاستيفاء، ويشير بذلك إلى أنه لو شهد على نفسه بذلك لا يتحالفان لأن دعواه لم تصح للتناقض فإذا منع التحالف لعدم صحة الدعوى للتناقض فكذا هنا قال صدر الشريعة في شرح الوقاية بعد أن نقل ما نقل صاحب الهداية وينبغي إلى آخره، وفي المبسوط وقاضي خان ما يؤيد هذا‏.‏ ا هـ‏.‏ قال‏:‏ وأما ما لا يوجب التحالف ويكون القول قول المدعى عليه مع يمينه وهو ما إذا أقر كل واحد منهما بالاستيفاء، ثم ادعى أحدهما على الآخر أنه غصب شيئا من نصيبه إلى آخر ما ذكرناه أولا قال‏:‏ وهكذا المكيل والموزون والمذروعات إلا أن يكون في المكيل والموزون متى ثبت الغلط بالبينة لا تعاد القسمة بل يقسم الباقي على قدر حقهم لأنه لا ضرر في قسمة الباقي فأما في الأشياء المتفاوتة تعاد للقسمة ولا يقسم الباقي، وفي التجريد والأصل، وأما دعوى الغلط في مقدار الواجب بالقسمة وهو نوعان نوع يوجب التحالف ونوع لا يوجب التحالف فالذي يوجب التحالف أن يدعي أحدهما غلطا في القسمة على وجه لا يكون مدعيا للغصب بدعوى الغلط كمائة شاة بين رجلين اقتسماها ثم قال أحدهما لصاحبه‏:‏ صابك خمس وخمسون غلطا وأنا خمس وأربعون، ولم تقم لواحد منهما بينة وهذا كله إذا لم يسبق منهما إقرار بالاستيفاء أما إذا سبق منهما إقرار بالاستيفاء لم تسمع إلا من حيث دعوى الغصب وهي التي لا توجب التحالف‏.‏ ا هـ‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن قال‏:‏ استوفيت وأخذت بعضه كان القول قول الخصم مع اليمين‏)‏ لأنه يدعي عليه الغصب وهو ينكر والقول قول المنكر ولو اقتسما مائة شاة وقبضا ثم ادعى أحدهما على صاحبه إنك أخذت خمسة من نصيبي غلطا وأنكر الآخر وقال اقتسمنا على أن يكون لي خمسة وخمسون ولك خمسة وأربعون فالقول قوله‏:‏ مع يمينه لأن القسمة قد تمت، ثم ادعى أحدهما على الآخر أنه أخذ خمسة غلطا وأنكر الآخر فإن قامت بينة عمل بها وإلا استحلف المدعى عليه كذا في المحيط ففي المسألة الأولى هو مدعي الأخذ - بطريق الغصب -، وفي هذه الأخذ بطريق الغلط فافترقا‏.‏ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن لم يقر بالاستيفاء وادعى أن ذا حظه ولم يسلم إليه وكذبه شريكه تحالفا وفسخت القسمة‏)‏ لأن الاختلاف فيما يحصل له بالقسمة فصار نظير الاختلاف في البيع والثمن ا هـ‏.‏ ويخفى أنه يبدأ بيمين أيهما شاء ولقائل أن يقول‏:‏ التحالف في البيع فيما إذا كان قبل القبض على وفاق القياس كما علم في محله وأما بعد القبض فمخالف للقياس لأن أحدهما لا يدعي على الآخر شيئا حتى ينكره الآخر فيحلف عليه، والآخر يدعي، ولكنا عرفناه في البيع بالنص وفيما نحن فيه بالتحالف مخالف للقياس لأن كلا منهما ليس مدعيا وهو وارد في البيع بعد القبض على خلاف القياس وقد تقرر أن ما ورد على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس ولا يمكن إلحاقه بطريق دلالة النص لأن القسمة ليست في معنى البيع من وجه، إذ فيها معنى الإقرار والمبادلة معا فليتأمل في الجواب قال فإن أراد أحدهما القسمة بعد التحالف فليس له ذلك لأنه لا يمكن لأنها لا تكون إلا بالقرعة وقد يقع نصيب أحدهما في جانب الآخر فيتضرر وقال في موضع آخر‏:‏ ولو أقام أحدهما بينة عمل بها، ولو أقام بينة عمل بالبينة التي هي أكثر إثباتا كذا في المحيط وقيد أيضا‏:‏ قسم القسام الدار فأعطى أحدهم أكثر من حقه غلطا وبنى فيها فإنهم يستقبلون القسمة فإن وقع البناء في قسم غيره دفع نقصه ولا يرجع على القاسم بقيمة البناء ويرجعون عليه بالأجر الذي أخذه، وإذا قسما دورا وأخذ أحدهما دارا والآخر أخرى، ثم ادعى أحدهما غلطا وجاء بالبينة فإنه ينقض القسمة ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولو ظهر غبن فاحش في القسمة تفسخ‏)‏ وهذا إذا كانت بقضاء القاضي فظاهر لأن تصرفه مقيد بالعدل والنظر، وأما إذا كان بالتراضي فقد قيل لا يلتفت إلى قول مدعيه لأن دعوى الغبن لا تعتبر في البيع فكذا في القسمة لوجود التراضي وفيه يفسخ هو الصحيح ذكره في الكافي، وفي العناية وهو الصحيح وعليه الفتوى، وإذا اقتسما دارا وأصاب كل واحد منهما جانب، وادعى أحدهما بيتا في يد الآخر أنه مما أصابه بالقسمة وأنكر الآخر فعليه إقامة البينة، وإن أقاما البينة فبينة المدعي مقدمة لأنه الخارج، وإن كان قبل الإشهاد تحالفا وتفسخ ولو اختلفا في الحدود وأقاما البينة يقضى لكل واحد منهما بالجزء الذي في يد صاحبه لأنه خارج فيه وبينة الخارج مقدمة، وإن أقام أحدهما بينة يقضى بها، وإن لم يقم لواحد منهما بينة تحالفا وترادا كما في البيع قال‏:‏ دعوى الغلط في القسمة نوعان ما يصح وما لا يصح، وما يصح نوعان‏:‏ ما يوجب التحالف وما لا يوجب التحالف أما ما لا يصح وهو أن يدعي أحدهم الغلط في التقويم بغبن يسير وهو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين ولا تعاد القسمة به لأنه لا يمكن الاحتراز عنه والذي يصح فيه الدعوى هو أن يدعي الغلط بغبن فاحش وهو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين كذا في المحيط ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولو استحق بعض شائع من حظه رجع بقسطه في حظ شريكه ولا تفسخ القسمة‏)‏ وهذا عند الإمام، وظاهر عبارة المؤلف أن هذا محتم لكن قال في العناية إن شاء رجع بذلك إلى نصيب صاحبه، وإن شاء رد ما بقي واقتسما ثانيا عند الإمام وقوله‏:‏ بقسطه يعني لو كان قيمة نصيبه ستمائة وقيمة الآخر مثله فاستحق نصف ما في يده رجع بنصف النصف وهو الربع وهو مائة وخمسون وقال الثاني‏:‏ تفسخ كذا ذكر الاختلاف في الجزء الشائع في الإسرار وغيره قيد بالشائع يحترز عن المعين وذكر القدوري إذا استحق بعض نصيب بعض أحدهما بعينه فالصحيح أن الاختلاف في الشائع، وفي استحقاق البعض المعين لا تنفسخ بالإجماع ولو استحق بعض شائع في الكل تفسخ بالإجماع فهذه ثلاثة أوجه ومحمد مع الإمام فيما حكاه أبو حفص ومع الثاني فيما حكاه أبو سليمان‏.‏ والأول أصح للثاني أن يأخذ، بالاستحقاق ظهر شريك آخر والقسمة بدونه لا تصح فصار كما لو استحق بعض الشائع في الكل بخلاف المعين لأن ما وراء المستحق بقي مقررا على حاله ليس للغير فيه حق ولهما أن المقصود بالقسمة التميز والإفراز ولا ينعدم باستحقاق جزء من شائع من نصيب الواحد ولهذا جازت القسمة في الابتداء على هذا الوجه بأن كان البعض المتقدم مشتركا بين ثلاثة نفر، والبعض المؤخر بين اثنين فاقتسم الاثنان على أن لأحدهما ما لهما من المقدم وللآخر المؤخر، أو اقتسما على أن لأحدهما ما لهما من المقدم وبعض المؤخر مفرزا يجوز فكذا هذا بخلاف استحقاق الشائع في الكل لأن معنى الإفراز والتميز لم يتحقق مع بقاء نصيب البعض ولو استحق نصيب أحدهم كله يرجع به على الشركاء ولو باع بعضهم بفضل نصيبه شائعا، ثم استحق بعض ما بقي شائعا كان له أن يرجع على الشركاء بحسابه وسقط خيار الفسخ ببيع البعض وعند أبي يوسف يرجع على ما في أيديهم بحسابه ويضمن حصتهم مما باع لأن القسمة تنقلب فاسدة عنده والمقبوض بالفاسد مملوك وينفذ بيعه وهو مضمون بالقيمة فيضمن لهم‏.‏ ولو قسم الورثة التركة، ثم ظهر فيها دين محيط قيل للورثة‏:‏ اقضوا دين الميت فإن قضوه صحت القسمة، وإلا فسخت لأن الدين مقدم على الإرث فيمتنع وقوع الملك لهم إلا إذا قضوا الدين، أو أبرأهم الغرماء فيصح لزوال المانع ولو كان الدين مستغرقا فكذا الجواب إلا إذا بقي من التركة ما يفي بالدين فحينئذ لا تنفسخ لعدم الحاجة ولو ادعى أحد المتقاسمين للتركة دينا في التركة صح دعواه ولا تناقض لأن الدين يتعلق بالذمة والقسمة تصادف الصورة ولو ادعى عيبا بأي سبب كأن لم تسمع دعواه لأن الإقدام على الشركة اعتراف بأن المقسوم مشترك قال ولو كان بينهما مائة شاة أخذ أحدهما أربعين قيمتها خمسمائة والآخر ستين قيمتها خمسمائة فاستحقت شاة من الأربعين قيمتها عشرة فإنه يرجع بخمسة دراهم في الستين ولا خيار له في نقض الإمام عند القسمة بخلاف الأرض، وإن كان بينهما أربعون قفيزا‏:‏ ثلاثون رديئة أخذها، وعشرة جيدة أخذها الآخر لم يجز فإن أخذ العشرة الجيدة وثوبا جاز لأن الزائد في مقابلة الثوب فإن استحق من الثلاثين عشرة رجع عليه بنصف الثوب، وفي الزيادات يرجع عليه بثلث الثوب وقفيز وثلثي قفيز قيل هذا قياس والأول استحسان كذا في المحيط، وفي المنتقى ويستوي في هذا الحكم ما إذا وقعت القسمة بالقضاء، أو بالرضا ا هـ‏.‏ وفي السراجية دار بين اثنين اقتسماها نصفين وبنى كل واحد في نصيبه، ثم استحقت لم يرجع واحد منهما على صاحبه بقيمة البناء، وفي المحيط دار وأرض فيها القسمة فإذا بنى أحدهما، أو غرس، ثم استحق أحد النصيبين لم يرجع بقيمة البناء والغرس على الآخر لأنه لم يصر مغرورا من جهته هذا إذا كانت القسمة لو امتنع أحدهما يجبر فلو كانت القسمة لو امتنع أحدهما لم يجبر كقسمة الأجناس المختلفة يرجع بقيمة البناء عند الاستحقاق لأن كل واحد منهما مغرور من جهة صاحبه لأنه ضمن له سلامة نصيبه، وفي التجريد وكل قسمة وقعت باختيار القاضي، أو باختيارهما على الوجه المذكور يخيرهما القاضي عليه إذا بنى أحدهما بناء، أو غرس ثم استحق أحد النصيبين لم يرجع بقيمة البناء والغرس على الآخر ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولو تهايآ في سكنى دار، أو دارين أو خدمة عبد، أو عبدين، أو غلة دار، أو دارين صح‏)‏ يحتاج إلى تفسيرها - لغة وشرعا - وشرطها وصفتها ودليلها وحكمها أما دليلها فقوله‏:‏ تعالى‏:‏ ‏{‏هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم‏}‏ ومن السنة فما روي‏:‏ «أنه عليه الصلاة والسلام قسم في غزوة بدر كل بعير بين ثلاثة نفر وكانوا يتناوبون في الركوب» واجتمعت الأمة على جوازها ولأن التهايؤ قسمة المنافع فيصار إليها لتكميل المنفعة لتعذر الاجتماع على عين واحدة فكان التهايؤ هنا جمعا للمنافع في زمان واحد، وتفسيرها لغة فهي مأخوذة من التهيؤ وهو أن يهيئ كل واحد منهما لصاحبه ما شرط له، وفي الشارح هي مشتقة من الهيئة وهي الحالة الظاهرة للتهيؤ للشيء، وإبدال الهمزة ألفا فيها والتهايؤ تفاعل منها وهو أن يتوافقوا على أمر فيتراضوا به وحقيقته أن كلا منهم يرضى بهيئة واحدة ويختارها‏.‏ وأما تفسيرها شرعا فهي مبادلة معنى وليست بإقرار من كل وجه لأنها لا تجري في المثليات كالمكيل والموزون، وأما شرطها أن تكون العين يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، وصفتها أنها واجبة إذا طلبها بعض الشركاء ولم يطلب الشريك الآخر قسمة الأصل وقد يكون بالزمان وقد يكون بالمكان، وتكلم العلماء فقالوا‏:‏ إن جرت في الجنس الواحد والمنفعة متساوية أو تفاوتا تفاوتا يسيرا فهي إقرار، وإن جرت في الجنس المختلف كالدار والعبيد يعتبر مبادلة من كل وجه حتى لا يجوز من غير رضاهم، وفي الكافي ولا يبطل التهايؤ بموت أحدهما ولا بموتهما‏.‏ ا هـ‏.‏ ولو طلب أحد الشريكين القسمة والآخر المهايأة يقسم القاضي لأنه أبلغ ولو وقع التهايؤ فيما يحتمل القسمة، ثم طلب أحدهما القسمة يقسم ويبطل التهايؤ لأنه أبلغ أما إذا تهايآ في سكنى دار واحدة على أن يسكن أحدهما بعضها والآخر البعض، أو أحدهما العلو والآخر السفل جازت لأن القسمة على هذا الوجه جائزة فكذا التهايؤ وهو إقرار لا مبادلة لأنها لا تجوز في الجنس الواحد الربا‏.‏ وقيل هو إقرار من وجه، عارية من وجه ولا يخفى أن كلا القولين مشكل لأن كل واحد منهما يترك ما له من المنفعة فيما أخذه صاحبه بعوض وهو الانتفاع بنصيب صاحبه فكيف يتصور أن يكون إقرارا في الكل، أو عارية في البعض والعارية غير لازمة والمهايأة لازمة فإن قيل‏:‏ جمع المنافع الشائعة في السن في بيت واحد محال لعدم جواز انتقال العرض من محل إلى محل آخر فكيف يمكن للقاضي جمعها فالجواب أن المراد ليس للقاضي أن يجمعها حقيقة حتى يتوجه ما ذكر بل المراد أن القاضي يعتبرهما جميعا ضرورة ا هـ‏.‏ والأوجه أنه إقرار من كل وجه في التهايؤ في المكان ولهذا لا يشترط التأقيت، وفي المهايأة في الزمان إقرار من كل وجه ولو أشغل أحدهما نصيبه جاز شرط في المهايأة، أو لم يشترط لأنه يجوز المهايأة في الاشتغال حال الانفراد فيجوز تبعا للمهايأة في السكنى كذا في المحيط ولو تهايآ في دارين جاز ويجبر الآبي عنها ويعتبر إفرازا كالأعيان المتفاوتة فلو وضع أحدهما في داره شيئا، أو ربط فيها دابة فعثر به إنسان ومات لا يضمن ولو بنى، أو حفر بئرا ضمن لأن الأول من مرافق السكنى حتى يملكه المستعير فلا يكون متعديا في نصيب شريكه فلا يضمن، وفي البناء والحفر يكون متعديا في مقدار نصيب شريكه فيضمن ولا يضمن مقدار نصيبه ولو تهايآ في دارين على أن يسكن كل واحد منهما دارا، أو يؤجرها، وإن زادت غلة أحدهما لا يشارك الآخر في الفضل والفرق أن في الدارين أمكن تصحيح قسمة المنفعة حقيقة ولو تهايآ في الزمان في الخدمة عبدا جاز لأنها متعينة فيه لتعذر التهايؤ في المكان، والبيت الصغير كالعبد ولو اختلفا في التهايؤ من حيث الزمان والمكان في محل يحتملهما يأمرهم القاضي بالاتفاق فإن اختاروا من حيث الزمان يقرع في البداية تطييبا لمعمره ونفيا للتهمة عن نفسه ولو تهايآ في عبدين على الخدمة جاز‏.‏ أما عندهما فظاهر لأن قسمة الرقيق جائزة عندهما فكذا المنفعة، وأما عند الإمام فروي عنه أنها لا تجوز إلا بالتراضي لأن قسمة الرقيق لا يجري فيها الجبر عنده فكذا المهايأة والأصح أن القاضي يهايئ بينهما جبرا بطلب أحدهما لأن المنافع من حيث الخدمة قلما تتفاوت بخلاف أعيان الرقيق لأنها تتفاوت تفاوتا فاحشا على ما بينا ولو تهايآ على أن نفقة كل عبد على من يخدمه جاز استحسانا لأن العادة جرت بالتسامح فيها بخلاف كسوة المماليك لأنها لا تسامح فيها عادة وقيد بقوله ‏"‏ خدمة عبد ‏"‏ لأنه لا يجوز التهايؤ في غلة عبد واحد كذا في المحيط وقيد بقوله ‏"‏ خدمة عبدين ‏"‏ لأنهما لو تهايآ في غلتهما لم يجز عند الإمام وعندهما يجوز إذا استوت الغلتان، لهما أن تفاوت العبدين في الغلة يسير فيجوز عند الاستواء بخلاف العبد الواحد فإنها فاحشة فإن العبد المستأجر في الشهر الأول يستأجر في الشهر الثاني بمثل ما استؤجر في الأول بل بزيادة، وفي السراجية تحل بين شريكين اقتسما على أن يأخذ كل واحد منهما طائفة ويثمرها جاز‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المنتقى جاريتان بين رجلين تهايآ على أن ترضع هذه ابن هذه سنتين وترضع هذه ابن هذه سنتين جاز قالوا ولا يشبه هذا لبن البقر والإبل وعلل فقال ألبان الإنسان لا قيمة لها ولا تقسم وألبان البهائم تقسم ولها قيمة‏.‏ وفي الخانية رجلان تواضعا في بقرة على أن تكون عند كل واحد منهما خمسة عشر يوما يحلب لبنها كان باطلا ولا يحل فضل اللبن لأحدهما وإن جعله صاحبه في حل لأن هذا هبة المشاع فيما يقسم إلا أن يكون صاحب الفضل استهلك الفضل فإذا جعله صاحبه في حل كان إبراء عن الضمان فيجوز أما حال قيام الفضل يكون هبة، أو إبراء عن العين وهو باطل، وفي الكافي غنم بين اثنين واتفقا على أن يأخذ كل واحد منهما طائفة يرعاها وينتفع بألبانها لم يجز والحيلة أن يبيع حصته من الآخر، ثم يشتري كلها بعد مضي نوبته أو ينتفع باللبن بالوزن المعلوم‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الكافي ولو تهايآ في مملوكين استخداما فمات أحدهما، أو أبق انتقضت المهايأة بخلاف ما إذا استخدمه شهرا إلا ثلاثة أيام لو أبق فيه ثلاثة أيام فإنه ينتقض ولو أبق أحد الخادمين في خدمة من شرط له الخادم، أو انهدم الحائط فلا ضمان عليه‏.‏ ا هـ‏.‏ ولو ولدت منه صارت أم ولد وانقضت المهايأة كذا في المحيط ولو كان بينهما عبد وأمة فتهايآ فيهما صح ذلك كذا في الأصل والتهايؤ في الركوب في دابة واحدة لا يجوز عند الإمام وعندهما يجوز وظاهر عبارة المؤلف أنه يشترط لصحة التهايؤ اتحاد المنفعة، وفي المحيط ما يخالفه قال في المحيط ولو تهايآ في دار ومملوك على أن يسكن هذا الدار سنة والآخر يخدمه العبد سنة جاز استحسانا ا هـ‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وفي غلة عبد وعبدين، أو بغل وبغلين أو ركوب بغل، أو بغلين، أو ثمر شجرة، أو لبن شاة لا‏)‏ يعني لا يجوز في هذه الأشياء التهايؤ أما في عبد واحد، أو بغل واحد فيجوز فلأن النصيبين يتعاقبان في الاستيفاء فالظاهر التغير في الحيوان فتفوت المعادلة بخلاف التهايؤ في استغلال دار واحدة حيث يجوز في ظاهر الرواية وقد مر بيانه ولو زادت غلة الدار في نوبة أحدهما يشتركان في الزيادة تحقيقا للمساواة بخلاف التهايؤ في المنافع فتعتبر المعادلة فيها إلا في الغلة وبخلاف ما لو تهايآ في الاستغلال في الدارين وفضلت غلة أحدهما حيث لا يشتركان لأن معنى الإقرار راجح في الدارين فلا تعتبر الغلة، وأما لو تهايآ في استغلال عبدين، أو بغلين فالمذكور هنا قول الإمام وعندهما يجوز لإمكان المعادلة فيها وللإمام أن التهايؤ في الخدمة جوز للضرورة لعدم إمكان قسمتها ولا ضرورة في الغلة لأنه يمكن قسمتها لأنه عين مال ولأنه يتغير بالاستغلال بخلاف الدارين لأن الظاهر عدم التغير في العقار، وجملة مسائل التهايؤ اثنا عشر مسألة‏:‏ ففي استخدام عبد جائز بالاتفاق وكذا في استخدام العبدين على الأصح، وفي استغلال عبد واحد لا يجوز بالاتفاق وكذا في غلتها وكذا في سكنى دارين، وفي غلتهما خلاف والأظهر أنه يجوز بالاتفاق وفي ركوب بغل، أو بغلين على الخلاف ولا يجوز في استغلال عبد واحد بالاتفاق، وفي بغلين على الخلاف، وأما التهايؤ في ثمر شجرة، أو لبن غنم فإنها أعيان باقية ترد عليهما القسمة عند حصولها فلا حاجة إلى التهايؤ لأن التهايؤ في المنافع ضرورة بخلاف لبن بني آدم حيث يجوز التهايؤ فيه كما تقدم وتقدم بيان الحيلة في ذلك قال‏:‏ ولم يذكر في الكتاب المهايأة على لبس الثوبين قال بعض مشايخنا‏:‏ لا يجوز عند الإمام خلافا لهما لأن الناس يتفاوتون في اللبس تفاوتا فاحشا كذا في المحيط ولو كان عبدان بين رجلين غاب أحدهما فجاء أجنبي وقاسم الشريك وأخذ عبدا للغائب فقدم الغائب وأجاز فمات العبد في يد الأجنبي فلا ضمان عليه وإن مات قبل الإجازة بطلت القسمة وللغائب نصف العبد الباقي، وإن شاء ضمن حصته في الميت لشريكه، أو للأجنبي القبض كذا في الأصل‏.‏

‏(‏فروع‏)‏

قال في نوادر ابن رستم‏:‏ إذا كان لأحدهما شجرة أغصانها مطلة على قسمة الآخر فله أن يطالبه بقطع أغصانه رواه عن محمد وروى ابن سماعة عن محمد ليس له ذلك، وفي الذخيرة وبه يفتى وإذا أراد أحدهما أن يرفع بناءه ويسد الريح والشمس على الآخر قال نصر بن يحيى وأبو القاسم الصفار‏:‏ لصاحبه أن يمنع من ذلك وقال في الفتاوى ليس له منعه وعليه الفتوى، وإذا أراد أن يجعل داره طاحونا، أو مدقا للقصارين لم يجز له ذلك ولو تنورا صغيرا جاز والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب‏.‏