فصل: تفسير الآيات (41- 42):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التسهيل لعلوم التنزيل



.تفسير الآية رقم (4):

{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4)}
{وَعْدَ الله حَقّاً} نصب وعد على المصدر المذكور المؤكد للرجوع إلى الله، ونصب حقاً على المصدر المؤكد لوعد الله {إِنَّهُ يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} أي يبدؤه في الدنيا ويعيده بعد الموت في الآخرة، والبداءة دليل على العودة {لِيَجْزِيَ} تعليل للعودة وهي البعثة {بالقسط} أي بعدله في جزائهم أو بقسطهم في أعمالهم الصالحة.

.تفسير الآيات (5- 6):

{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)}
{هُوَ الذي جَعَلَ الشمس ضِيَآءً والقمر نُوراً} وصف أفعال الله وقدرته وحكمته والضياء أعظم من النور {وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ} الضمير للقمر والمعنى قدر سيره في منازل {والحساب} يعني حساب الأوقات من الأشهر والأيام والليالي {مَّا خَلَقَ الله السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بالحق} [الروم: 8] أي ما خلقه عبثاً، والإشارة بذلك إلى ما تقدم من المخلوقات.

.تفسير الآية رقم (7):

{إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)}
{إِنَّ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا} قيل: معنى يرجون هنا يخافون، وقيل: لا يرجون حسن لقائنا، فالرجاء على أصله، وقل: لا يرجون: لا يتوقعون أصلاً، ولا يخطر ببالهم {وَرَضُواْ بالحياة الدنيا} أي قنعوا أن تكون حظهم ونصيبهم {واطمأنوا بِهَا} أي سكنت أنفسهم عن ذكر الانتقال عنها {والذين هُمْ عَنْ آياتنا غافلون} يحتمل أن تكون هي الفرقة الأولى، فيكون من عطف الصفات، أو تكون غيرها.

.تفسير الآية رقم (9):

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)}
{يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بإيمانهم} أي يسددهم بسبب إيمانهم إلى الاستقامة أو يهديهم في الآخرة إلى طريق الجنة، وهو أرجح لما بعده {دعواهم فِيهَا} أي دعاؤهم.

.تفسير الآيات (11- 12):

{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}
{وَلَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} أي: لو يعجل الله للناس الشر كما يحبون تعجيل الخير لهلكوا سريعاً، ونزلت الآية عند قوم: في دعاء الإنسان على نفسه وماله وولده، وقيل: نزلت في الذين قالوا: {إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء} [الأنفال: 32] {وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا} عتابٌ في ضمنه نهيٌ لمن يدعو الله عند الضر، ويغفل عنه عند العافية {لِجَنبِهِ} أي مضطجعاً، وروي أنها نزلت في أبي حذيفة بن المغيرة لمرض كان به.

.تفسير الآيات (13- 17):

{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17)}
{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا القرون} إخبار ضمنه وعيد للكفار {لِنَنظُرَ} معناه ليظهر في الوجود فتقوم عليكم الحجة به {وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ} يعني على قريش {قُل لَّوْ شَآءَ الله مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ} أي ما تلوته إلا بمشيئة الله، لأنه من عنده وما هو من عندي {وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ} أي ولا أعلمكم به {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ} أي بقيت بينكم أربعين سنة قبل البعث ما تكلمت في هذا حتى جاءني من عند الله {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً} تنصل من الافتراء على الله، وبيان لبراءته صلى الله عليه وسلم مما نسبوه إليه من الكذب، وإشارة إلى كذبهم على الله في نسبة الشركاء له {أَوْ كَذَّبَ بآياته} بيان لظلمهم في تكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

.تفسير الآية رقم (18):

{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)}
{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ} الضمير في يعبدون لكفار العرب، وما لا يضرهم ولا ينفعهم هي الأصنام {وَيَقُولُونَ هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله} كانوا يزعمون أن الأصنام تشفع لهم {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ} رد عليهم في قولهم بشفاعة الأصنام، والمعنى: أن شفاعة الأصنام ليست بمعلومة لله الذي هو عالم بما في السموات والأرض، وكل ما ليس بمعلوم فهو عدم محض، ليس بشيء فقوله: أتنبئون الله تقرير لهم على وجه التوبيخ والتهكم أي: كيف تعلمون الله بما لا يعلم؟

.تفسير الآية رقم (19):

{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)}
{وَمَا كَانَ الناس إِلاَّ أُمَّةً واحدة} تقدم في [البقرة: 213] في قوله: كان الناس أمة واحدة {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ} يعني القضاء.

.تفسير الآية رقم (20):

{وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20)}
{وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ} كانوا يطلبون آية من الآيات التي اقترحوها، ولقد نزل عليه آيات عظام فما اعتدوا بها لعنادهم وشدة ضلالهم {فَقُلْ إِنَّمَا الغيب للَّهِ} إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل لا يطلع على ذلك أحد {فانتظروا} أي انتظروا نزول ما اقترحتموه {إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المنتظرين} أي منتظر لعقابكم على كفركم.

.تفسير الآية رقم (21):

{وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)}
{وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ} هذه الآية من الكفار وتضمنت النهي لمن كان كذلك من غيرهم، والمكر هنا الطعن في آيات الله وترك شكره ومكر الله الموصوف بالسرعة هو عقابه لهم سماه مكراً مشاكلة لفعلهم، وتسمية للعقوبة باسم الذنب.

.تفسير الآيات (22- 24):

{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23) إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}
{وَجَرَيْنَ بِهِم} الضمير المؤنث في جرين للفلك، والضمير في بهم للناس، وفيه الخروج من الخطاب إلى الغيبة، وهو يسمى الالتفات، وجواب إذا كنتم قوله: جاءتها ريح عاصف، وقوله: دعوا الله.
قال الزمخشري: هو بدل من ظنوا، ومعناه: دعوا الله وحده وكفروا بمن دونه {مَّتَاعَ الحياوة الدنيا} رفع على أنه خبر ابتداء مضمر تقديره: وذلك متاع، أو يكون خبر إنما بغيكم، ويختلف الوقف باختلاف الإعراب {إِنَّمَا مَثَلُ الحياوة الدنيا كَمَآءٍ أنزلناه مِنَ السمآء} معنى الآية تحقير الدنيا وبيان سرعة فنائها وشبهها بالمطر الذي يخرج به النبات، ثم تصيب ذلك النبات آفة عند حسنه وكماله {مِمَّا يَأْكُلُ الناس} كالزرع والفواكه {والأنعام} يعني: المرعى التي ترعاها من العشب وغيره {أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا} تمثل بالعروس إذا تزينت بالحلي والثياب {قادرون عَلَيْهَآ} أي متمكنون من الانتفاع بها {أَتَاهَآ أَمْرُنَا} أي بعض الجوائح كالريح، والصر، وغير ذلك {فجعلناها حَصِيداً} أي جعلنا زرعها كالذي حصد وإن كان لم يحصد {كَأَن لَّمْ تَغْنَ} كأن لم تنعم. أي لم توجد. انظر الطبري.

.تفسير الآيات (25- 26):

{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)}
{والله يدعوا إلى دَارِ السلام} أي إلى الجنة، وسميت دار السلام أي دار السلامة من العناء والتعب، وقيل: السلام هنا اسم الله: أي يدعو إلى داره {وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ} ذكر الدعوة إلى الجنة عامة مطلقة والهداية خاصة بمن يشاء {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ} الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله، وقيل: الحسنى جزاء الحسنة بعشر أمثالها والزيادة التضعيف فوق ذلك إلى سبعمائة، والأول أصح لوروده في الحديث وكثرة القائلين به {قَتَرٌ} أي غبار بغير الوجه.

.تفسير الآيات (27- 30):

{وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30)}
{والذين كَسَبُواْ السيئات} مبتدأ على حذف مضاف تقديره: جزاء الذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها أو على تقدير: لهم جزاء سيئة بمثلها، أو معطوفاً على الذين أحسنوا، ويكون: جزاء سيئة مبتدأ وخبره بمثلها {مَّا لَهُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ} أي لا يعصمهم أحد من عذاب الله {قِطَعاً مِّنَ الليل مُظْلِماً} من قرأ بفتح الطاء فهو جمع قطعة وإعراب مظلماً على هذه القراءة: حال من الليل، ومن قرأ قِطْعاً بإسكان الطاء، فمظلماً صفة له أو حال من الليل {مَكَانَكُمْ} تقدير الزموا مكانكم أي لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل الله بكم {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} أي فرقنا {تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ} أي تختبر بما قدمت من الأعمال، وقرئ تتلو بتاءين بمعنى تتبع أو تقرأه في المصاحف.

.تفسير الآيات (31- 32):

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)}
{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم} الآية: احتجاج على الكفار بحجج كثيرة واضحة لا محيص لهم عن الإقرار بها {يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت} مذكور في [آل عمران: 27] {رَبُّكُمُ الحق} أي الثابت الربوبية بخلاف ما تعبدون من دونه {فَمَاذَا بَعْدَ الحق إِلاَّ الضلال} أي عبادة غير الله ضلال بعد وضوح الحق، وتدل الآية على أنه ليس بين الحق والباطل منزلة في علم الاعتقادات، إذ الحق فيها في طرف واحد، بخلاف مسائل الفروع.

.تفسير الآية رقم (33):

{كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)}
{كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الذين فسقوا} المعنى: كما حق الحق في الاعتقادات كذلك حقت كلمة ربك على الذين عتوا وتمردوا في كفرهم أنهم لا يؤمنون، والكلمات يراد بها في القدر والقضاء.

.تفسير الآيات (34- 35):

{قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)}
{قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} الآية: احتجاج على الكفار، فإن قيل: كيف يحتج عليهم بإعادة الخلق، وهم لا يعترفون بها؟ فالجواب، أنهم معترفون أن شركاءهم لا يقدرون على الابتداء ولا على الإعادة، وفي ذلك إبطال لربوبيتهم، وأيضاً فوضعت الإعادة موضع المتفق عليه لظهور برهانها {أَمَّن لاَّ يهدي} بتشديد الدال معناه: لا يهتدي في نفسه، فكيف يهدي غيره، وقرئ بالتخفيف بمعنى يهدي غيره والقراءة الأولى أبلغ في الاحتجاج {فَمَا لَكُمْ} ما استفهامية معناها تقرير وتوبيخ ولكم خبرها ويوقف عليه {كَيْفَ تَحْكُمُونَ} أي تحكمون بالباطل في عبادتكم لغير الله.

.تفسير الآيات (36- 38):

{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)}
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً} أي غير تحقيق، لأنه لا يستند إلى برهان {إِنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً} ذلك في الاعتقادات إذ المطلوب فيها اليقين بخلاف الفروع {تَصْدِيقَ الذي بَيْنَ يَدَيْهِ} مذكور في البقرة {أَمْ يَقُولُونَ} أم هنا بمعنى بل والهمزة {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ} تعجيز لهم وإقامة حجة عليهم {مَنِ استطعتم} يعني من شركائكم وغيرهم من الجن والإنس {مِّن دُونِ الله} أي غير الله.

.تفسير الآيات (39- 40):

{بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40)}
{بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ} أي سارعوا إلى التكذيب بما لم يفهموه ولم يعلموا تفسيره {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} أي علم تأويله ويعني بتأويله الوعيد الذي لهم فيه {وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ} الآية فيها. قولان: أحدهما إخبار بما يكون منهم في المستقبل، وأن بعضهم يؤمن وبعضهم يتمادى على الكفر، والآخر أنها إخبار عن حالهم أن منهم من هو مؤمن به ويكتم إيمانه، ومنهم من هو مكذب.

.تفسير الآيات (41- 42):

{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42)}
{فَقُل لِّي عَمَلِي} الآية: موادعة، منسوخة بالقتال {مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} أي يستمعون القرآن، وجمع الضمير بالحمل على معنى من {أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصم} المعنى أتريد أن تسمع الصم وذلك لا يكون. لاسيما إذا انضاف إلى الصمم عدم العقل {أَفَأَنْتَ تَهْدِي العمي} المعنى أتريد أن تهدي العمي، وذلك لا يكون ولاسيما إذا انضاف إلى عدم البصر عمى البصيرة، والصمم والعمى عبارة عن قلة فهمهم.