فصل: تفسير الآيات (11- 14):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التسهيل لعلوم التنزيل



.تفسير الآيات (11- 14):

{فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14)}
{وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} النضرة: التنعم. وهذا في مقابلة عبوس الكافر. وقوله: وقاهم ولقاهم من أدوات البيان {بِمَا صَبَرُواْ} أي بصبرهم على الجوع وإيثار غيرهم على أنفسهم، حسبما ذكرنا من قصة علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم وقد ذكرنا الأرائك {لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً} عبارة عن اعتدال هوائها أي ليس فها حر ولا برد، والزمهرير هو البرد الشديد، وقيل: هو القمر بلغة طيء، والمعنى على هذا أن للجنة ضياء فلا يحتاج فيها إلى الشمس ولا القمر {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا} معناه أن ظلال الأشجار متدلية عليهم قريبة منهم، وإعراب دانية معطوف على متكئين، وقال الزمخشري: هو معطوف على الجملة التي قبلها وهي: لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً، لأن هذه الجملة في حكم المفرد تقديره: غير رائين فيها شمساً ولا زمهريراً ودانية، ودخلت الواو للدلالة على أن الأمرين يجتمعان لهم، أي جامعين بين البعد عن الحر والبرد وبين دنو الضلال، وقيل: هو صفة لجنة عطف بالواو كقولك: فلان علام وصالح. وقيل: هو معطوف عليها أي وجنة أخرى دانية عليهم ظلالها {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً} القطوف جمع قطف وهو العنقود من النخل والعنب، وشبه ذلك، وتذليلها هو أن تتدلى إلى الأرض، ورُوي أن أهل الجنة يقطعون الفواكة على أي حال كانوا من قيام أو جلوس أو اضطجاع، لأنها تتدلى لهم كما يريدون، وهذه الجملة في موضع الحال من دانية، أي دانية في حالة تذليل قطوفها أو معطوفة عليها.

.تفسير الآيات (15- 19):

{وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)}
{بِآنِيَةٍ} هي جمع إناء ووزنها أفعلة وقد ذكرنا الأكواب في الواقعة {قَوَارِيرَاْ} القوارير هي الزجاج، فإن قيل: كيف يتفق أنها زجاج مع قوله من فضة؟ فالجواب: أن المراد أنها في أصلها من فضة وهي تشبه الزجاج في صفائها وشفيفها، وقيل: هي من زجاج، وجعلها من فضة على وجه التشبيه لشرف القضة وبياضها، ومن قرأ قواريرَ بغير تنوين فهو عل الأصل ومن نوّنه فعلى ما ذكرنا في سلاسل {قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} هذه صفة للقوارير والمعنى قدّروها على قدر الأكف أو على قدر ما يحتاجون من الشراب، قال مجاهد: هي لا تغيض ولا تفيض، وقيل: قدروها على حسب ما يشتهون، والضمير الفاعل في قدّروها يحتمل أن يكون للشاربين بها أو للطائفين بها {مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً} هو كما ذكرنا في مزاجها كافوراً {سَلْسَبِيلاً} معناه سلسل منقاد الجرية، وقيل: سهل الانحدار في الحلق، يقال: شراب السلسل وسلسال وسلسبيل بمعنى واحد. وزيدت الباء في التركيب للمبالغة في سلاسته، فصارت الكلمة خماسية، وقيل: سل فعل أمر سبيلاً مفعول به وهذا في غاية الضعف {وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ} ذكر في الواقعة {لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً} شبههم باللؤلؤ في الحسن والبياض، وبالمنثور منه في كثرتهم وانتشارهم في القصور.

.تفسير الآيات (20- 25):

{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25)}
{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ} مفعول رأيت محذوف ليكون الكلام على الاطلاق في كل ما يرى فيها، وثم ظرف مكان، وقال الفراء: تقديره إذا رأيت ما ثم فما مفعوله ثم حذفت، قال الزمخشري: وهذا خطاب لأن ثمَّ صلة لما، ولا يجوز حذف الموصول وترك الصلة {وَمُلْكاً كَبِيراً} يعني كثرة ما أعطاهم الله، حتى إذا أدنى أهل الجنة منزلة له مثل الدنيا وعشرة أمثاله معه، حسما ورد في الحديث وقيل: أراد أن الملائكة تسلم عليهم، وتستأذن عليهم، فهم بذلك كالملوك {عَالِيَهُمْ} بسكون الياء مبتدأ خبره {ثِيَابُ سُندُسٍ} أي ما يعلوهم من الثياب ثيابُ سندس، وقُرئ عالِيَهم بالنصب على الحال، من الضمير في يطوف عليهم أو في حسبتهم. وقال ابن عطية: العامل فيه لقَّاهم أو جزاهم، وقال أيضاً يجوز أن ينتصب على الظرف لأن معناه فوقاهم، وقد ذكرنا معنى السندس والإستبرق وقرئ {خُضْرٌ} بالخفض صفة لسندس وبالرفع صفة لثياب {وَإِسْتَبْرَقٌ} بالرفع عطف على ثياب، وبالخفض عطف على سندس {وحلوا} وزنه فعلوا معناه جعل لهم حلي {أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ} ذكرنا الأساور في الكهف، فإن قيل: كيف قال هنا أساور من فضة، وفي موضع أساور من ذهب؟ فالجواب: أن ذلك يختلف باختلاف درجات أهل الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما» فلعل الذهب للمقربين، والفضة لأهل اليمين، ويتحمل أن يكون أهل الجنة لهم أساور من فضة ومن ذهب معاً {شَرَاباً طَهُوراً} أي ليس بنجس كحمر الدنيا. وقيل معناه: أنه لم تعصره الأقدام، وقيل معناه لا يصير بولاً {إِنَّ هذا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً} أي يقال لهم هذا يقوله الله تعالى والملائكة {آثِماً أَوْ كَفُوراً} أو هنا للتنويع، فالمعنى لا تطع النوعين، فاعلاً للإثم ولا كفوراً، وقيل: هي بمعنى الواو أي جامعاً للوصفين لأن هذه حالة الكفار، ورُوي أنه الآية نزلت في أبي جهل، وقيل: أن الآثم عتبة بن ربيعة، والكفور الوليد بن المغيرة، والأحسن أنها على العموم، لأن لفظها عام، وإن كان سبب نزولها خاصاً {بُكْرَةً وَأَصِيلاً} هذا أمر بذكر الله في كل وقت، وقيل: إشارة إلى الصلوات الخمس، فالبكرة صلاة الصبح، والأصيل الظهر والعصر، ومن الليل المغرب والعشاء.

.تفسير الآيات (27- 31):

{إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28) إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)}
{إِنَّ هؤلاء يُحِبُّونَ العاجلة} أي الدنيا والإشارة إلى الكفار واليوم الثقيل يوم القيامة، ووصفه بالثقل عبارة عن هوله وشدته {وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ} الأسر الخلقة وقيل: المفاصل والأوصال، وقيل: القوة {بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} أي أهلكناهم وأبدلنا منهم غيرهم. وقيل: مسخناهم فبدلنا صورهم وهذا تهديد {إِنَّ هذه تَذْكِرَةٌ} الإشارة إلى الآية أو السورة أو الشريعة بجملتها {فَمَن شَآءَ} تحضيض وترغيب ثم قيَّد مشيئتهم بمشيئة الله {والظالمين} منصوب بفعل مضمر تقديره: ويعذب الظالمين.

.سورة المرسلات:

.تفسير الآيات (1- 7):

{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7)}
اختلف في معنى المرسلات والعاصفات والناشرات والفارقات على قولين: أحدهما: أنها الملائكة، والآخر: أنها الرياح. فعلى القول بأنها الملائكة سماهم المرسلات لأن الله تعالى يرسلهم بالوحي وغيره، وسماهم العاصفات لأنهم يعصفون كما تعصف الرياح في سرعة مضيهم إلى امتثال أمر الله تعالى، وسماهم ناشرات لأنهم ينشرون أجنحتهم في الجو، وينشرون الشرائع في الأرض، أو ينشرون صحائف الأعمال، وسماهم الفارقات لأنهم يفرقون بين الحق والباطل، وعلى القول بأنها الرياح، سماها المرسلات لقوله: {الله الذي يُرْسِلُ الرياح} [الروم: 48] وسماها الناشرات لأنها تنشر السحاب في الجو، ومنه قوله: {يُرْسِلُ الرياح فَتُثِيرُ سَحَاباً} [الروم: 48] وسماها الفارقات لأنها تفرق بين الحساب ومنه قوله: {وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً} [الروم: 48] وأما {فالملقيات ذِكْراً} فهم الملائكة لأنهم يلقون الذكر للأنبياء عليهم السلام، والأظهر في الملاسلات والعاصفات أنها الرياح لأن وصف الريح بالعصف حقيقة، والأظهر في الناشرات والفارقات أنها الملائكة لأن الوصف بالفارقات أليق بهم من الرياح، ولأن الملقيات المذكورة بعدها هي الملائكة ولم يقل أحد أنها الرياح، ولذلك عطف المتجانسين بالفاء فقال: والمرسلات فالعاصفات ثم عطف ما ليس من جنس بالواو فقال: والناشرات، ثم عطف عليه المتجانسين بالفاء، وقد قيل في المرسلات والملقيات أنهم الأنبياء عليهم السلام {عُرْفاً} معناه: فضلاً وإنعاماً، وانتصابه على أنه مفعول من أجله وقيل: معناه متتابعة وهو مصدر في موضع الحال وأما عصفاً ونشراً وفرقاً فمصادر، وأما ذكراً فمفعول به {عُذْراً أَوْ نُذْراً} العذر فسَّره ابن عطية وغيره بمعنى: إعذار الله إلى عباده لئلا تبقى لهم حجة أو عذر. وفسره الزمخشري بمعنى الاعتذار. يقال: عذر إذا محا الإساءة، وأما نذراً فمن الإنذار وهو التخويف، وقرأ الأعشى التميمي بضم الذال في الموضعين وبقية القراء بإسكانها، ويحتمل أن يكونا مصدَرين فكيون نصبهما على البدل من ذكراً أو مفعولاً بذكر، أو يحتمل أن يكون عذراً جمع عذير أو عاذر، ونذراً جمع نذير فيكون نصبهما على الحال {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} يعني البعث والجزاء وهو جواب القسم.

.تفسير الآيات (8- 15):

{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)}
{فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ} أي زال ضوؤها وقيل: محيت {وَإِذَا السمآء فُرِجَتْ} أي انشقت {وَإِذَا الجبال نُسِفَتْ} أي صارت غباراً {وَإِذَا الرسل أُقِّتَتْ} أي جعل لها وقت معلوم، فحان ذلك الوقت وجمعت للشهادة على الأمم يوم القيامة، وقرأ أبو عمرو وُقِّتَتْ بالواو وهو الأصل، والهمزة بدل من الواو {لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} هو الأجل كما أن التوقيت من الوقت، وفيه توقيف يراد به تعظيم لذلك اليوم، ثم بينه بقوله: {لِيَوْمِ الفصل} أي يفصل فيه بين العباد، ثم عظّمه بقوله: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الفصل * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} تكراره في هذه السورة قيل: إنه تأكيد وقيل: بل في كل آية ما يقتضي التصديق فجاء ويل يومئذ للمذكبين راجعاً إلى ما قبله في كل موضع منها.

.تفسير الآيات (16- 18):

{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18)}
{أَلَمْ نُهْلِكِ الأولين} يعني الكفار المتقدمين، كقوم نوح وغيرهم {ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخرين} يعني قريشاً وغيرهم من الكفار بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا وعيد لهم ظهر مصداقه يوم بدر وغيره {كَذَلِكَ نَفْعَلُ بالمجرمين} أي مثل هذا الفعل نفعل بكل مجرم يعني الكفار.

.تفسير الآيات (20- 23):

{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23)}
{أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ} يعني المني، والمهين الضعيف {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} يعني رحم المرأة {إلى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ} يعني وقت الولادة، وهو معلوم عند تسعة أشهر، أو أقل منها أو أكثر {فَقَدَرْنَا} بالتشديد من التقدير وبالتخفيف من القدرة، فإذا كان من القدرة اتفق مع قوله فنعم القادرون، وإذا كان من التقدير فهو تجنيس.

.تفسير الآيات (25- 27):

{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (27)}
{أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض كِفَاتاً * أَحْيَآءً وَأَمْواتاً} الكِفات من كفت إذا ضم وجمع. أنه مفعول بكِفاتاً لأن الكفات اسم لم يضم ويجمع، فكأنه قال: جامعة أحياء وأمواتاً ويجوز أن يكون المعنى: تكفتهم أحياء وأمواتاً. فيكون نصبهما على الحال من الضمير. وإنما نكَّر أحياء وأمواتاً للتفخيم ودلالة على كثرتهم {رَوَاسِيَ} يعني الجبال أي مرتفعات {شَامِخَاتٍ} {مَّآءً فُرَاتاً} أي حلوا.

.تفسير الآيات (29- 33):

{انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33)}
{انطلقوا} خطاب للمكذبين وقرأ يعقوب فتح اللام على أنه فعل ماض ثم كرره لبيان المنطلق إليه {إلى ظِلٍّ} يعني دخان جهنم ومنه ظل من يحموم {ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ} أي يتفرع من الدخان ثلاث شعب فتظلهم، بينما يكون المؤمنون في ظلال العرش، وقيل: إن هذه الآية في عَبَدَةِ الصليب لأنهم على ثلاثة شعب فيقال لهم انطلقوا إليه {لاَّ ظَلِيلٍ} نفى عنه أن يظلهم كما يظل العرشُ المؤمنين ونفى أيضاً أن يمنع عنهم اللهب {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كالقصر} الضيمر في إنها لجهنم والقصر واحد القصور، وهي الديار العظام، وشبه الشرر به في عظمته وارتفاعه في الهواء، وقيل: هو الغليظ من الشجر واحده قصرة كجمرة وجمر {كَأَنَّهُ جمالت صُفْرٌ} في الجمالات قولان أحدهما: أنها جمع جمال شبه بها الشرر وصُفر على ظاهره؛ لأن لون النار يضرب إلى الصفرة. وقيل: صفر هنا بمعنى سود يقال: حمل أصفر أي أسود. وهذا أليق بوصف جهنم. الثاني: أن الجمالات قطع النحاس الكبار، فكأنه مشتق من الجملة. وقرئ جمالات بضم الجيم وهي قلوس السفن وهي حبالها العظام.

.تفسير الآية رقم (35):

{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)}
{هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} هذا في مواطن، وقد يتكلمون في مواطن أخر لقوله: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا} [النحل: 111].

.تفسير الآية رقم (39):

{فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39)}
{فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} تعجيز لهم وتعريض بكيدهم في الدنيا وتقريع عليه.

.تفسير الآية رقم (43):

{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)}
{كُلُواْ واشربوا} يقال لهم ذلك في الجنة بلسان الحال أو بلسان المقال {هنيائا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} نصب هنيئاً على الحال أو على الدعاء.

.تفسير الآية رقم (46):

{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46)}
{كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ} خطاب للكفار على وجه التهديد، تقديره: قل لهم كلوا وتمتعوا قليلاً في الدنيا.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48)}
{وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اركعوا لاَ يَرْكَعُونَ} هذا إخبار عن حال الكفار في الدنيا، وذكر الركوع عبارة عن الصلاة، وقيل: معنى اركعوا اخشعوا وتواضعوا. وقيل: هو إخبار عن حال المنافقين يوم القيامة لأنهم إذا قيل لهم: اركعوا لا يقدرون على الركوع كقوله: {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] والأول أشهر وأظهر.

.تفسير الآية رقم (50):

{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)}
{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} الضمير للقرآن.