فصل: تفسير الآيات (46- 47):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (45):

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)}
أخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: «لما رأت قريظة النبي صلى الله عليه وسلم حكم بالرجم، وقد كانوا يخفونه في كتابهم، فنهضت قريظة فقالوا: يا محمد، اقض بيننا وبين إخواننا بني النضير، وكان بينهم دم قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت النضير ينفرون على بني قريظة دياتهم على انصاف ديات النضير، فقال: دم القرظي وفاء دم النضير، فغضب بنو النضير وقالوا: لا نطيعك في الرجم ولكنا نأخذ بحدودنا التي كنا عليها، فنزلت {أفحكم الجاهلية يبغون} [ المائدة: 50] ونزل {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس...} الآية».
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وكتبنا عليهم فيها} قال: في التوراة.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} قال: كتب عليهم هذا في التوراة، فكانوا يقتلون الحر بالعبد، ويقولون: كتب علينا أن النفس بالنفس.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال: كتب ذلك على بني إسرائيل، فهذه الآيات لنا ولهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه سئل عن قوله: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس...} إلى تمام الآية. أهي عليهم خاصة؟ قال: بل عليهم والناس عامة.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {وكتبنا عليهم فيها} قال: في التوراة {أن النفس بالنفس...} الآية. قال: إنما أنزل ما تسمعون في أهل الكتاب حين نبذوا كتاب الله، وعطّلوا حدوده، وتركوا كتابه، وقتلوا رسله.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه، فراجعوه، فقال: قضى الله {أن النفس بالنفس}».
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن شهاب قال: لما نزلت هذه الآية {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} أقيد الرجل من المرأة، وفيما تعمده من الجوارح.
وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب قال: الرجل يقتل بالمرأة إذا قتلها. قال الله: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه في قوله: {أن النفس بالنفس} قال: تقتل بالنفس {والعين بالعين} قال: تفقأ بالعين {والأنف بالأنف} قال: يقطع الأنف بالأنف {والسن بالسن والجروح قصاص} قال: وتقتص الجراح بالجراح {فمن تصدَّق به} يقول: من عفا عنه فهو كفارة للمطلوب.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين} بنصب النفس ورفع العين وما بعده الآية كلها».
وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس «أن الربيع كسرت ثنية جارية، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخوها أنس بن النضر: يا رسول الله تكسر ثنية فلانة؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس كتاب الله القصاص».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال: الجروح قصاص، وليس للإمام أن يضربه ولا أن يحبسه، إنما القصاص- ما كان الله نسياً- لو شاء لأمر بالضرب والسجن.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عبد الله بن عمر. في قوله: {فمن تصدَّق به}.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: {فمن تصدَّق به فهو كفارة له} قال كفارة للمجروح.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر بن عبد الله {فهو كفارة له} قال للذي تصدق به.
وأخرج ابن مردويه عن رجل من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وسلم «في قوله: {فمن تصدق به فهو كفارة له} قال: الرجل تكسر سنه، أو تقطع يده، أو يقطع الشيء، أو يجرح في بدنه، فيعفو عن ذلك، فيحط عنه قدر خطاياه، فإن كان ربع الدية فربع خطاياه، وإن كان الثلث فثلث خطاياه، وإن كانت الدية حطت عنه خطاياه كذلك».
وأخرج الديلمي عن ابن عمر قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فمن تصدق به فهو كفَّارة له} الرجل تكسر سنه، أو يجرح من جسده، فيعفو عنه فيحط من خطاياه بقدر ما عفا من جسده، إن كان نصف الدية فنصف خطاياه، وإن كان ربع الدية فربع خطاياه، وإن كان ثلث الدية فثلث خطاياه، وإن كانت الدية كلها فخطاياه كلها»
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن مردويه عن عدي بن ثابت. «أن رجلاً هتم فم رجل على عهد معاوية، فأعطاه دية فأبى إلا أن يقتص، فاعطاه ديتين فأبى، فأعطى ثلاثاً. فحدث رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تصدق بدم فما دونه فهو كفارة له من يوم ولد إلى يوم يموت».
وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن جرير عن أبي الدرداء قال: كسر رجل من قريش سن رجل من الأنصار، فاستعدى عليه، فقال معاوية: أنا أسترضيه، فألح الأنصاري فقال معاوية: شأنك بصاحبك؟ وأبو الدرداء جالس فقال أبو الدرداء «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يصاب بشيء من جسده فيصدق به إلا رفعه الله به درجة وحط عنه به خطيئة» فقال الأنصاري: فاني قد عفوت.
وأخرج الديلمي عن ابن عمر قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فمن تصدق به فهو كفَّارة له} قال: هو الرجل تكسر سنه، ويجرح من جسده، فيعفو عنه فيحط عنه من خطاياه بقدر ما عفا عنه من جسده، إن كان نصف الدية فنصف خطاياه، وإن كان ربع الدية فربع خطاياه، وإن كان ثلث الدية فثلث خطاياه، وإن كان الدية كلها فخطاياه كلها».
وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن جرير عن أبي الدرداء. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم يصاب بشيء من جسده فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة وحط به خطيئة» فقال الانصاري: فإني قد عفوت.
وأخرج أحمد والنسائي عن عبادة بن الصامت. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مامن رجل يجرح من جسده جرحة فيتصدق بها إلا كفر الله عنه مثل ما تصدق به».
وأخرج أحمد عن رجل من الصحابة قال: من أصيب بشيء من جسده فتركه بعد كان كفارة له.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن يونس بن أبي إسحاق قال: سأل مجاهد أبا إسحاق عن قوله: {فمن تصدق به فهو كفارة له} فقال له أبو إسحاق: هو الذي يعفو. قال مجاهد: بل هو الجارح صاحب الذنب.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {فمن تصدق به فهو كفَّارة له} قال: كفارة للجارح، وأجر المتصدق على الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد وإبراهيم {فمن تصدق به فهو كفارة له} قال: كفارة للجارح، وأجر المتصدق على الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد وإبراهيم {فمن تصدق به فهو كفارة له} قالا: للجارح.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فمن تصدق به فهو كفارة له} للمتصدق عليه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فمن تصدق به فهو كفارة له} يقول: من جرح فتصدق به على الجارح، فليس على الجارح سبيل، ولا قود، ولا عقل، ولا جرح عليه من أجل أنه تصدق عليه الذي جرح، فكان كفارة له من ظلمه الذي ظلم.
وأخرج الخطيب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة».

.تفسير الآيات (46- 47):

{وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)}
أخرج أبو الشيخ في قوله: {وقفينا على آثارهم} يقول: بعثنا من بعدهم عيسى ابن مريم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قول الله: {وقفينا على آثارهم} قال: اتبعنا آثار الأنبياء، أي بعثنا على آثارهم، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت عدي بن زيد وهو يقول:
يوم قفت عيرهم من عيرنا ** واحتمال الحي في الصبح فلق

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه} قال: من أهل الإنجيل {فأولئك هم الفاسقون} قال: الكاذبون. قال ابن زيد: كل شيء في القرآن فاسق فهو كاذب إلا قليلا، وقرأ قول الله: {إن جاءكم فاسق بنبأ} [ الحجرات: 6] فهو كاذب. قال: الفاسق هاهنا كاذب.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)}
أخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة قال: لما أنبأكم الله عن أهل الكتاب قبلكم بأعمالهم أعمال السوء، وبحكمهم بغير ما أنزل الله وعظ نبيه والمؤمنين موعظة بليغة شافية، وليعلم من ولي شيئاً من هذا الحكم أنه ليس بين العباد وبين الله شيء يعطيهم به خيراً ولا يدفع عنهم به سوءاً إلا بطاعته والعمل بما يرضيه، فلما بيَّن الله لنبيه والمؤمنين صنيع أهل الكتاب وجورهم قال: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه} يقول: للكتب التي قد خلت قبله.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {ومهيمناً عليه} مؤتمناً عليه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {ومهيمناً عليه} قال: المهيمن الأمين، والقرآن أمين على كل كتاب قبله.
وأخرج أبو الشيخ عن عطية {ومهيمناً عليه} قال: أميناً على التوراة والإنجيل، يحكم عليهما ولا يحكمان عليه قال: مؤتمنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن مجاهد {ومهيمناً عليه} قال: محمد صلى الله عليه وسلم مؤتمناً على القرآن، والمهيمن الشاهد على ما قبله من الكتب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ومهيمناً عليه} قال: شهيداً على كل كتاب قبله.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي روق {ومهيمناً عليه} قال: شهيداً على خلقه بأعمالهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فاحكم بينهم بما أنزل الله} قال: بحدود الله.
وأخرج عبد بن حميد وسعيد بن منصور والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله: {شرعة ومنهاجاً} قال: سبيلاً وسنة.
وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عزوجل {شرعة ومنهاجاً} قال: الشرعة الدين، والمنهاج الطريق. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يقول:
لقد نطق المأمون بالصدق والهدى ** وبين لنا الإسلام ديناً ومنهاجاً

يعني به النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} قال: الدين واحد والشرائع مختلفة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} يقول: سبيلاً والسنن مختلفة، للتوراة شريعة، وللإنجيل من يطيعه ممن يعصيه، ولكن الدين الواحد الذي لا يقبل غيره التوحيد والإخلاص الذي جاءت به الرسل.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن كثير في قوله: {ولكن ليبلوكم فيما آتاكم} قال: من الكتب.