فصل: تفسير الآية رقم (165):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (165):

{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)}
أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والحكيم الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شخص أحب إليه العذر من الله ولذلك بعث الرسل مبشرين ومنذرين، ولا شخص أحب إليه المدح من الله ولذلك وعد الجنة».
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} فيقولوا: ما أرسلتَ إلينا رسولاً.

.تفسير الآيات (166- 170):

{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)}
أخرج ابن اسحاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: دخل جماعة من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: «إني والله أعلم أنكم تعلمون أني رسول الله، فقالوا: ما نعلم ذلك.. ! فأنزل الله: {لكن الله يشهد..} الآية».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {لكن الله يشهد..} الآية. قال: شهود والله غير متهمة.

.تفسير الآية رقم (171):

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)}
أخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله: {لا تغلوا} قال: لا تبتدعوا.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {وكلمته ألقاها إلى مريم} قال: كلمته إن قال: كن فكان.
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أبي موسى. أن النجاشي قال لجعفر: ما يقول صاحبك في ابن مريم؟ قال: يقول فيه قول الله: روح الله، وكلمته أخرجه من البتول العذراء لم يقربها بشر، فتناول عوداً من الأرض فرفعه فقال: يا معشر القسيسين والرهبان ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ونحن ثمانون رجلاً ومعنا جعفر بن أبي طالب، وبعثت قريش عمارة، وعمرو بن العاص، ومعهما هدية إلى النجاشي، فلما دخلا عليه سجدا له وبعثا إليه بالهدية، وقالا: إن ناساً من قومنا رغبوا عن ديننا وقد نزلوا أرضك، فبعث إليهم حتى دخلوا عليه فلم يسجدوا له، فقالوا: ما لكم لم تسجدوا للملك؟! فقال جعفر: إن الله بعث إلينا نبيه فأمرنا أن لا نسجد إلا لله. فقال عمرو بن العاص: إنهم يخالفونك في عيسى وأمه. قال: فما يقولون في عيسى وأمه؟ قالوا: نقول كما قال الله: هو روح الله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسسها بشر، فتناول النجاشي عوداً فقال: يا معشر القسيسين والرهبان ما تزيدون على ما يقول هؤلاء ما يزن هذه، مرحباً بكم وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه نبي، ولوددت أني عنده فأحمل نعليه، فانزلوا حيث شئتم من أرضي».
وأخرج البخاري عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبدالله ورسوله».
وأخرج مسلم عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله من أبواب الجنة الثمانية، من أيها شاء على ما كان من العمل».

.تفسير الآيات (172- 173):

{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لن يستنكف} قال: لن يستكبر.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والإسماعيلي في معجمه بسند ضعيف عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {فيوفِّيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} قال: {أجورهم} يدخلهم الجنة {ويزيدهم من فضله} الشفاعة فيمن وجبت لهم النار ممن صنع إليهم المعروف في الدنيا» والله سبحانه أعلم.

.تفسير الآيات (174- 175):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)}
أخرج ابن أبي شيبة عن عبدالله بن مسعود. أنه كان إذا تحرك من الليل قال: {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً}.
وأخرج ابن عساكر عن سفيان الثوري عن أبيه عن رجل لا يحفظ اسمه في قوله: {قد جاءكم برهان من ربكم} قال: محمد صلى الله عليه وسلم {وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً} قال: الكتاب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {برهان من ربكم} قال: حجَّة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {قد جاءكم برهان من ربكم} قال: بيِّنة {وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً} قال: هذا القرآن.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {واعتصموا به} قال: القرآن.

.تفسير الآية رقم (176):

{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)}
أخرج ابن سعد وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن جابر بن عبدالله قال: «دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ ثم صب عليَّ فعقلت، فقلت إنه لا يرثني إلا كلالة فكيف الميراث؟ فنزلت آية الفرائض».
وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن جابر قال: أنزلت فيَّ {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وأخرج ابن راهويه وابن مردويه عن عمر. أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تورث الكلالة؟ فأنزل الله: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة..} إلى آخرها. فكأن عمر لم يفهم فقال لحفصة: إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب نفس فسليه عنها، فرأت منه طيب نفس فسألته فقال: «أبوك ذكر لك هذا، ما أرى أباك يعلمها؟ فكان عمر يقول ما أراني أعلمها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن مردويه عن طاوس «أن عمر أمر حفصة أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلالة، فسألته، فأملاها عليها في كتف، وقال: من أمرك بهذا، أعمر..؟ ما أراه يقيمها، أو ما تكفيه آية الصيف؟ قال سفيان: وآية الصيف التي في النساء {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة} [ النساء: 12] فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت الآية التي في خاتمة النساء».
وأخرج مالك ومسلم وابن جرير والبيهقي عن عمر قال: «ما سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء أكثر ما سألته عن الكلالة، حتى طعن بأصبعه في صدري وقال: تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء».
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والبيهقي عن البراء بن عازب قال: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة؟ فقال: تكفيك آية الصيف».
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في المراسيل والبيهقي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة؟ فقال: «أما سمعت الآية التي أنزلت في الصيف {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} فمن لم يترك ولداً ولا والداً فورثته كلالة»وأخرجه الحاكم موصولا عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر عن عمر قال: «ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه. الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا».
وأخرج أحمد عن عمر قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال: تكفيك آية الصيف»، فلأن أكون سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنها أحب إليّ من أن يكون لي حمر النعم.
وأخرج عبد الرزاق والعدني وابن المنذر والحاكم عن عمر قال: «لأن أكون سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاث أحب إليَّ من حمر النعم: عن الخليفة بعده، وعن قوم قالوا: نقر بالزكاة من أموالنا ولا نؤديها إليك أيحل قتالهم؟ وعن الكلالة».
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والعدني وابن ماجه والساجي وابن جرير والحاكم والبيهقي عن عمر قال: «ثلاث لأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بيَّنهنَّ لنا أحب إليّ من الدنيا وما فيها: الخلافة، والكلالة، والربا».
وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل يستفتيه في الكلالة أنبئني يا رسول الله أكلالة الرجل يريد إخوته من أبيه وأمه؟ فلم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، غير أنه قرأ عليه آية الكلالة التي في سورة النساء، ثم عاد الرجل يسأله، فكلما سأله قرأها حتى أكثر وصخب الرجل، واشتد صخبه من حرصه على أن يبيِّن له النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه الآية، ثم قال له: «إني والله لا أزيدك على ما أعطيت».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: كنت آخر الناس عهداً بعمر، فسمعته يقول: القول ما قلت. قلت: وما قلت؟ قال: قلت: الكلالة من لا ولد له.
وأخرج ابن جرير عن طارق بن شهاب قال: أخذ عمر كتفاً وجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: لأقضين في الكلالة قضاء تحدث به النساء في خدورهن، فخرجت حينئذ حية من البيت فتفرقوا، فقال: لو أراد الله أن يتم هذا الأمر لأتمه.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب. إن عمر كتب في الجد والكلالة كتاباً فمكث يستخير الله يقول: اللهم إن علمت أن فيه خيراً فامضه، حتى إذا طعن دعا بالكتاب فمحا ولم يدر أحد ما كتب فيه، فقال: إني كنت كتبت في الجد والكلالة كتاباً، وكنت أستخير الله فيه فرأيت أن أترككم على ما كنتم عليه.
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد عن ابن عباس قال: أنا أوّل من أتى عمر حين طعن فقال: احفظ عني ثلاثاً فإني أخاف أن لا يدركني الناس: أما أنا فلم أقض في الكلالة، ولم أستخلف على الناس خليفة، وكل مملوك له عتيق.
وأخرج أحمد عن عمرو القاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على سعد وهو وجع مغلوب، فقال: يا رسول الله إن لي مالاً، وإني أورث كلالة، أفأوصي بمالي أو أتصدَّق به؟ قال: لا. قال: أفأوصي بثلثيه؟ قال: لا. قال: أفأوصي بشطره؟ قال: لا. قال: أفأوصي بثلثه؟ قال: «نعم، وذاك كثير».
وأخرج ابن سعد والنسائي وابن جرير والبيهقي في سننه «عن جابر قال: اشتكيت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ، فقلت: يا رسول الله أوصي لأخواني بالثلث؟ قال: أحسن. قلت: بالشطر؟ قال: أحسن، ثم خرج، ثم دخل علي فقال: لا أراك تموت في وجعك هذا، إن الله أنزل وبيَّن ما لأخواتك وهو الثلثان،» فكان جابر يقول: نزلت هذه الآية في {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وأخرج العدني والبزار في مسنديهما وأبو الشيخ في الفرائض بسند صحيح عن حذيفة قال: «نزلت آية الكلالة على النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو بحذيفة فلقاه إياه، فنظر حذيفة فإذا عمر فلقاه إياه، فلما كان في خلافة عمر نظر عمر في الكلالة فدعا حذيفة فسأله عنها، فقال حذيفة: لقد لقانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيتك كما لقاني- والله- لا أزيدك على ذلك شيئاً أبداً».
وأخرج أبو الشيخ في الفرائض عن البراء قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلالة؟ فقال: «ما خلا الولد والوالد».
وأخرج ابن أبي شيبة والدارمي وابن جرير عن أبي الخير. أن رجلاً سأل عقبة بن عامر عن الكلالة؟ فقال: ألا تعجبون من هذا يسألني عن الكلالة، وما أعضل بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء ما أعضلت بهم الكلالة؟!.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والدرامي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن الشعبي قال: سئل أبو بكر عن الكلالة فقال: إني سأقول فيها برأيي، فإذا كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله منه بريء، أراه ما خلا الولد والوالد، فلما استخلف عمر قال: الكلالة ما عدا الولد، فلما طعن عمر قال: إني لأستحي من الله أن أخالف أبا بكر رضي الله عنه.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر الصديق. أنه قال: من مات ليس له ولد ولا والد فورثته كلالة، فضج منه علي ثم رجع إلى قوله.
وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن شرحبيل قال: ما رأيتهم إلا قد تواطأوا، إن الكلالة من لا ولد له ولا والد.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والدرامي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق الحسن بن محمد بن الحنفية قال: سألت ابن عباس عن الكلالة قال: هو ما عدا الوالد والولد.
فقلت له {إن امرؤ هلك ليس له ولد} فغضب وانتهرني.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس قال: الكلالة. من لم يترك ولداً ولا والداً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن السميط قال: كان عمر يقول: الكلالة: ما خلا الولد والوالد.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال: الكلالة ما كان سوى الوالد والولد من الورثة، إخوة أو غيرهم من العصبة. كذلك قال: علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر عن ابن عباس قال: الكلالة. الميت نفسه.
وأخرج ابن جرير عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: قال عمر بن الخطاب «ما أغلظ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ما نازعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ما نازعته في آية الكلالة، حتى ضرب صدري فقال: يكفيك منها آية الصيف {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} وسأقضي فيها بقضاء يعلمه من يقرأ ومن لا يقرأ، هو ما خلا الرب».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن سيرين قال: نزلت {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} والنبي صلى الله عليه وسلم في مسير له، وإلى جنبه حذيفة بن اليمان، فبلغها النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة، وبلغها حذيفة عمر بن الخطاب وهو يسير خلفه، فلما استخلف عمر سأل عنها حذيفة ورجا أن يكون عنده تفسيرها، فقال له حذيفة: والله إنك لعاجز إن ظننت أن أمارتك تحملني أن أحدثك ما لم أحدثك يومئذ، فقال عمر: لم أرد هذا رحمك الله.
وأخرج ابن جرير عن عمر قال: لأن أكون أعلم الكلالة أحب إليَّ من أن يكون لي جزية قصور الشام.
وأخرج ابن جرير عن الحسن بن مسروق عن أبيه قال: سألت عمر وهو يخطب الناس عن ذي قرابة لي ورث كلالة، فقال: الكلالة الكلالة الكلالة، وأخذ بلحيته ثم قال: والله لأن أعلمها أحب إليَّ من أن يكون لي ما على الأرض من شيء، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ألم تسمع الآية التي أنزلت في الصيف؟»فأعادها ثلاث مرات.
وأخرج ابن جرير عن أبي سلمة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة، فقال: «ألم تسمع الآية التي أنزلت في الصيف {وإن كان رجل يورث كلالة} [ النساء: 12] إلى آخر الآية».
وأخرج أحمد بسند جيد عن زيد بن ثابت أنه سئل عن زوج وأخت لأب وأم؟ فأعطى الزوج النصف، والأخت النصف، فكلم في ذلك فقال: حضرت النبي صلى الله عليه وسلم قضى بذلك.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري والحاكم عن الأسود قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنة وأخت للإبنة النصف، وللأخت النصف.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري والحاكم والبيهقي عن هزيل بن شرحبيل. أن أبا موسى الأشعري سئل عن ابنة، وابنة ابن، وأخت لأبوين؟ فقال: للبنت النصف، وللأخت النصف، وائت ابن مسعود فيتابعني. فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى، فقال: لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، اقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم للابنة النصف، ولابنة الإبن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت، فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والحاكم والبيهقي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل توفي وترك ابنته وأخته لأبيه وأمه فقال: للبنت النصف، وليس للأخت شيء، وما بقي فلعصبته فقيل: إن عمر جعل للأخت النصف. فقال ابن عباس: أأنتم أعلم أم الله؟ قال الله: {إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فنصف ما ترك} فقلتم أنتم لها النصف وإن كان له ولد.
وأخرج ابن المنذر والحاكم عن ابن عباس قال: شيء لا تجدونه في كتاب الله، ولا في قضاء رسول الله، وتجدونه في الناس كلهم، للابنة النصف، وللأخت النصف، وقد قال الله: {إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك}.
وأخرج الشيخان عن ابن عباس. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت فلأول رجل ذكر».
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {يستفتونك} قال: سألوا نبي الله عن الكلالة {يبين الله لكم أن تضلوا} قال في شأن المواريث.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن البراء قال: آخر سورة نزلت كاملة [براءة] وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وأخرج ابن جرير وعبد بن حميد والبيهقي في سننه عن قتادة قال: ذكر لنا أن أبا بكر الصديق قال في خطبته: ألا إن الآية التي أنزلت في سورة النساء في شأن الفرائض أنزلها الله في الولد والوالد، والآية الثانية أنزلها في الزوج والزوجة والإخوة من الأم، والآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الإخوة والأخوات من الأب والأم، والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله مما جرت به الرحم من العصبة.
وأخرج الطبراني في الصغير عن أبي سعيد «أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حماراً إلى قباء يستخير في العمة والخالة، فأنزل الله لا ميراث لهما».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن سيرين قال: كان عمر بن الخطاب إذا قرأ {يبيِّن الله لكم أن تضلوا} قال: اللهم من بيِّنت له الكلالة فلم تتبيَّن لي.
وأخرج أحمد عن عمرو القاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على سعد وهو وجع وغلوب، فقال: يا رسول الله إن لي مالاً، وإني أورث كلالة، أفأوصي بمالي أو أتصدَّق به؟ قال: لا. قال: أفأوصي بثلثيه؟ قال: لا. قال: أفأوصي بشطره؟ قال: لا. قال: أفاوصي بثلثه؟ قال: «نعم، وذاك كثير».
وأخرج الطبراني عن خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت كتب لمعاوية رسالة: بسم الله الرحمن الرحيم. لعبدالله معاوية أمير المؤمنين من زيد بن ثابت، سلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإنك كتبت تسألني عن ميراث الجد والإخوة، وإن الكلالة وكثيراً مما قضى به في هذه المواريث لا يعلم مبلغها إلا الله، وقد كنا نحضر من ذلك أموراً عند الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوعينا منها ما شئنا أن نعي، فنحن نفتي بعد من استفتاناً في المواريث. والله أعلم.