فصل: تفسير الآية رقم (49):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (49):

{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)}
أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: قال كعب بن أسد، وعبد الله بن صوريا، وشاس بن قيس، اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه، فأتوه فقالوا: يا محمد، إنك عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم، وإنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا، وإن بيننا وبين قومنا خصومة، فنحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم ونؤمن لك ونصدقك، فأبى ذلك، وأنزل الله عز وجل فيهم {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} إلى قوله: {لقوم يوقنون}.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} قال: أمر الله نبيه أن يحكم بينهم بعدما كان رخص له أن يعرض عنهم إن شاء، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: نسخت من هذه السورة {فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} [ المائدة: 42] قال: فكان مخيراً حتى أنزل الله: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم بما في كتاب الله.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم قال: نسخت ما قبلها {فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} [ المائدة: 42].
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مسروق. أنه كان يحلف أهل الكتاب بالله، وكان يقول {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}.

.تفسير الآية رقم (50):

{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أفحكم الجاهلية يبغون} قال: يهود.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {أفحكم الجاهلية يبغون} قال: هذا في قتيل اليهود، إن أهل الجاهلية كان يأكل شديدهم ضعيفهم وعزيزهم ذليلهم. قال: {أفحكم الجاهلية يبغون}.
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبغض الناس إلى الله مبتغ في الإسلام سنة جاهلية، وطالب امرئ بغير حق ليريق دمه».
وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال: الحكم حكمان: حكم الله، وحكم الجاهلية، ثم تلا هذه الآية {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة قال: كانت تسمى الجاهلية العالمية حتى جاءت امرأة فقالت: يا رسول الله، كان في الجاهلية كذا وكذا. فأنزل الله ذكر الجاهلية.

.تفسير الآية رقم (51):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)}
أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عبادة بن الوليد «أن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبث بأمرهم عبد الله بن سلول وقام دونهم، ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم،- وكان أحد بني عوف بن الخزرج- وله من حلفهم مثل الذي كان لهم من عبد الله بن أبي، فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ إلى الله ورسوله من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم، وفيه وفي عبد الله بن أبي نزلت الآيات في المائدة {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} إلى قوله: {فإن حزب الله هم الغالبون}».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: إن عبد الله بن أبي بن سلول قال: أن بيني وبين قريظة والنضير حلف، وإني أخاف الدوائر فأرتد كافراً. وقال عبادة بن الصامت: أبرأ إلى الله من حلف قريظة والنضير، وأتولى الله ورسوله والمؤمنين، فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} إلى قوله: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم} يعني عبد الله بن أبي. وقوله: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} [ المائدة: 55] يعني عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون} [ المائدة: 81].
وأخرج ابن مردويه من طريق عبادة بن الوليد عن أبيه عن جده عن عبادة بن الصامت قال: فيّ نزلت هذه الآية حين أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبرأت إليه من حلف اليهود، وظاهرت رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين عليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عطية بن سعد قال: «جاء عبادة بن الصامت من بني الحارث بن الخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي موالي من يهود كثير عددهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود، وأتولى الله ورسوله فقال عبد الله بن أبي: إني رجل أخاف الدوائر، لا أبرأ من ولاية مواليّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أُبَيِّ: يا أبا حباب، أرأيت الذي نفست به من ولاء يهود على عبادة،.. فهو لك دونه. قال: إذن أقبل. فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} إلى أن بلغ إلى قوله: {والله يعصمك من الناس}».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: لما كانت وقعة أُحد اشتد على طائفة من الناس وتخوَّفوا أن يدال عليهم الكفار، فقال رجل لصاحبه: أما أنا فألحق بفلان اليهودي، فآخذ منه أماناً وأتهوّد معه فإني أخاف أن يدال على اليهود. وقال الآخر: اما أنا فألحق بفلان النصراني ببعض أرض الشام، فآخذ منه أماناً وأتنصر معه. فأنزل الله تعالى فيهما ينهاهما {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} في بني قريظة، إذ غدروا ونقضوا العهد بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه إلى أبي سفيان بن حرب، يدعونه وقريشاً ليدخلوهم حصونهم، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا لبابة بن عبد المنذر إليهم ان يستنزلهم من حصونهم، فلما أطاعوا له بالنزول وأشار إلى حلقه بالذبح، وكان طلحة والزبير يكاتبان النصارى وأهل الشام، وبلغني أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يخافون العوز والفاقة، فيكاتبون اليهود من بني قريظة والنضير، فيدسون إليهم الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم يلتمسون عندهم القرض والنفع، فنهوا عن ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كلوا من ذبائح بني تغلب، وتزوّجوا من نسائهم، فإن الله يقول {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم} فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء...} الآية. قال: إنها في الذبائح من دخل في دين قوم فهو منهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عياض. أن عمر أمر أبا موسى الأشعري أن يرفع اليه ما أخذ وما أعطى في أزيم واحد، وكان له كاتب نصراني، فرفع إليه ذلك، فعجب عمر وقال: إن هذا لحفيظ، هل أنت قارئ لنا كتاباً في المسجد جاء من الشام؟ فقال: إنه لا يستطيع أن يدخل المسجد. قال عمر: أجنب هو؟ قال: لا، بل نصراني. فانتهرني وضرب فخذي ثم قال: أخرجوه، ثم قرأ {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء...} الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن حذيفة قال: ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر وتلا {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}.

.تفسير الآيات (52- 53):

{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية {فترى الذين في قلوبهم مرض} كعبد الله بن أبي {يسارعون فيهم} في ولايتهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم} قال: هم المنافقون في مصانعة اليهود وملاحاتهم واسترضاعهم أولادهم اياهم {يقولون نخشى} أن تكون الدائرة لليهود بالفتح حينئذ {فعسى الله أن يأتي بالفتح} على الناس عامة {أو أمر من عنده} خاصة للمنافقين {فيصبحوا} المنافقون {على ما أسروا في أنفسهم} من شأن يهود {نادمين}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي {فترى الذين في قلوبهم مرض} قال: شك {يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة} والدائرة ظهور المشركين عليهم {فعسى الله أن يأتي بالفتح} فتح مكة {أو أمر من عنده} قال: والأمر هو الجزية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {فترى الذين في قلوبهم مرض} قال: أناس من المنافقين كانوا يوادّون اليهود ويناصحونهم دون المؤمنين. قال الله تعالى {فعسى الله أن يأتي بالفتح} أي بالقضاء {أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}.
وأخرج ابن سعد وسعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن عمرو. انه سمع ابن الزبير يقرأ «فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم من موادتهم اليهود ومن غمهم الإسلام وأهله نادمين».
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن عمرو. أنه سمع ابن الزبير يقرأ «فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبح الفساق على ما أسروا في أنفسهم نادمين» قال عمر: ولا أدري كانت قراءته أم فسر.

.تفسير الآية رقم (54):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن قتادة قال: أنزل الله هذه الآية وقد علم أنه سيرتد مرتدون من الناس، فلما قبض الله نبيه ارتد عامة العرب عن الإسلام إلا ثلاثة مساجد: أهل المدينة، وأهل الجواثي من عبد القيس، وقال الذين ارتدوا: نصلي الصلاة ولا نزكي والله يغصب أموالنا، فكلم أبو بكر في ذلك ليتجاوز عنهم، وقيل لهم أنهم قد فقهوا أداء الزكاة فقال: والله لا أفرق بين شيء جمعه الله، والله لو منعوني عقالاً مما فرض الله ورسوله لقاتلتهم عليه، فبعث الله تعالى عصائب مع أبي بكر، فقاتلوا حتى أقروا بالماعون وهو الزكاة، قال قتادة: فكنا نحدث أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وأصحابه {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه...} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال: هو أبو بكر وأصحابه، لما ارتد من ارتد من العرب عن الإسلام جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردهم إلى الإسلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وخيثمة الاترابلسي في فضائل الصحابة والبيهقي في الدلائل عن الحسن {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال: هم الذين قاتلوا أهل الردة من العرب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو بكر وأصحابه.
وأخرج ابن جرير عن شريح بن عبيد قال: «لما أنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال عمر: أنا وقومي هم يا رسول الله؟ قال: بل هذا وقومه، يعني أبا موسى الأشعري».
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة في مسنده وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن عياض الأشعري قال: لما نزلت {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هم قوم هذا، وأشار إلى أبي موسى الأشعري».
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والحاكم في جمعه لحديث شعبة والبيهقي {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} فقال النبي صلى الله عليه وسلم «هم قومك يا أبا موسى، أهل اليمن».
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وأبو الشيخ والطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند حسن عن جابر بن عبد الله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال: «هؤلاء قوم من أهل اليمن من كندة، من السكون، ثم من التحبيب».
وأخرج البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال: هم قوم من أهل اليمن، ثم كندة من السكون.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس {فسوف يأتي الله بقوم} قال: هم أهل القادسية.
وأخرج البخاري في تاريخه عن القاسم بن مخيمرة قال: أتيت ابن عمر فرحَّب بي، ثم تلا {من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم} ثم ضرب على منكبي وقال: احلف بالله أنهم لمنكم أهل اليمن ثلاثاً.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد {فسوف يأتي الله بقوم} قال: هم قوم سبأ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال: هذا وعيد من عند الله، انه من ارتد منكم سيتبدل بهم خيراً. وفي قوله: {أذلة} له قال: رحماء.
وأخرج ابن جرير عن قوله: {أذلة على المؤمنين} قال: أهل رقة على أهل دينهم {أعزة على الكافرين} قال: أهل غلظة على من خالفهم في دينهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله: {أذلة على المؤمنين} قال: رحماء بينهم {أعزة على الكافرين} قال: أشداء عليهم. وفي قوله: {يجاهدون في سبيل الله} قال: يسارعون في الحرب.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد طوائف من العرب، فبعث الله أبا بكر في أنصار من أنصار الله، فقاتلهم حتى ردهم إلى الإسلام، فهذا تفسير هذه الآية.
قوله تعالى: {ولا يخافون لومة لائم}
أخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بحب المساكين وأن أدنو منهم، وأن لا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أصل رحمي وإن جفاني، وأن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنز تحت العرش، وأن أقول الحق وإن كان مرًّا، ولا أخاف في الله لومة لائم، وأن لا أسأل الناس شيئاً».
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول الحق إذا رآه وتابعه، فإنه لا يقرِّب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق، أو أن يذكر بعظيم».
وأخرج أحمد وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمر الله فيه يقال فلا يقول فيه مخافة الناس، فيقال: إياي كنت أحق أن تخاف».
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن سهل بن سعد الساعدي قال: «بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أنا، وأبو ذر، وعبادة بن الصامت، وأبو سعيد الخدري، ومحمد بن مسلمة، وسادس، على أن لا تأخذنا في الله لومة لائم، فأما السادس فاستقاله فأقاله».
وأخرج البخاري في تاريخه من طريق الزهري أن عمر بن الخطاب قال: إن وليت شيئاً من أمر الناس فلا تبال لومة لائم.
وأخرج ابن سعد عن أبي ذر قال: ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ما ترك لي الحق صديقاً.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة عن عبادة بن الصامت قال: «بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثره علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة».