فصل: سنة أربع وسبعين وسبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك (نسخة منقحة)



.سنة اثنتن وسبعين وسبعمائة:

في يوم الاثنين ثاني عشر المحرم: استقر سعد الدين ماجد بن التاج أبي إسحاق في وزارة الشام.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشره: سافر زين الدين أبو بكر بن علي بن عبد الملك المازوني- قاضي المالكية بدمشق- إلى محل ولايته.
وفي حادي عشرينه: أخرج الأمير يعقوب شاه الخازندار منفياً إلى ملطة.
وفي أول صفر: قدمت رسل الفرنج لطلب الصلح، فحلفوا على ألا يغدروا ولا يحزنوا، وخلع عليهم، وسافروا ومعهم من يحلف ملكهم، وأخذت منهم رهائن بالقلعة.
وفي شهر ربيع الأول عزل الأمير شهاب الدين أحمد بن قنغلى من ولاية الجيزة بسؤاله، وارتجعت عنه إمرة طبلخاناه، وأنعم على طيبغا العمري الفقيه بإمرة عشرة. واستقر محمد بن قرطاي الموصلي نقيب الجيش، عوضاً عن أرغون بن قيران، ثم أعيد أرغون واستدعى محمد بن قماري من غزة، وأنعم عليه بإمرة طبلخاناه، واستقر أمير شكار على عادته.
وفي يوم السبت ثامن عشر ربيع الآخر: ركب السلطان للصيد، وعبر القاهرة من باب زويلة، ونزل إلى القبة المنصورية، فزار جده وجد أبيه، وركب فخرج من باب النصر، وتصيد، وعاد يريد التوجه إلى الوجه القبلي، فقدمت له أرباب الأدراك تقادم جليلة.
وفي ليلة الخميس الخامس من جمادى الأولى: ظهر بالسماء على القدس ودمشق وحلب، حمرة شديدة جداً كأنها الجمر، وصارت في خلل النجوم، كالعمد البيض حتى سد ذلك الأفق طول ليلة الخميس حتى طلع الفجر، فارتاع الناس، واشتد خوفهم، وباتوا يستغفرون الله ويذكرونه.
وفي آخره: خلع على الأمير سيف الدين طشتمر العلاى، واستقر دوادارا بإمرة طبلخاناه، نقل إليها من الجندية بعد وفاة منكوتمر عبد الغني الدوادار.
وفيه عادت رسل الفرنج ومعهم عدة ممن أسروهم من المسلمين نحو المائة.
وكان الوقت خريفاً، فكثرت الأمراض في الناس بالقاهرة، والوجه البحري، وتجاوز عدد الأموات بالقاهرة ثمانين في كل يوم.
وفي أول جمادى الآخرة: استقر شرف الدين عبد المنعم بن سليمان بن داود البغدادي الحنبلي، في إفتاء دار العدل وتدريس مدرسة أم السلطان بخط التبانة، عوضاً عن بدر الدين حسن النابلسي بعد وفاته.
وفيه بعث الفرنج من بقي من أسرى المسلمين ببلادهم، وتم الصلح، وفتحت كنيسة القمامة بالقدس.
وفي ثالث عشرين شهر رجب: سار ركب الحجاج الرحبية إلى مكة.
وفي سابع شعبان: استقر بدر الدين عبد الوهاب بن أحمد بن محمد الأخناي في إفتاء دار العدل، عوضاً عن تاج الدين محمد بن بهاء الدين بعد وفاته بعقبة أيلة صحبة الرجبية.
وفي تاسعه: استقر علم الدين صالح الإسنوي موقع الحكم، واستقر في وكالة الخاص، عوضاً عن ابن بهاء الدين، واستقر بدر الدين الأقفهسي شاهد الأمير ألجاي اليوسفي عوضه في شهادة الجيش، واستقر محب الدين السمسطاي في نظر المارستان عوض ابن بهاء الدين.
وفي يوم الإثنين رابع عشر شعبان: خلع على الصاحب شمس الدين أبي الفرج المقسي، واستقر وكيل الخاص عوضاً عن علم الدين صالح، مضافاً لما بيده.
وفي أول شهر رمضان: خلع على الأمير علم دار، واستقر في نيابة صفد عوضاً عن تَلَكتمُر الفقيه من بركة، وقدم تَلَكتمُر واستقر أستادارا عوضاً عن علم دار.
وفي عاشر شوال: خلع على الأمير أرغون شاه، واستقر رأس نوبة بعد موت الأمير بَشتَاك.
وفي سابع عشر ذي القعدة: خلع على الأمير طيدمر البالسي، واستقر في نيابة الإسكندرية، عوضاً عن ابن عرام، وأنعم على أبن عرام بإمرة طبلخاناه بالقاهرة.
وفي رابع عشرينه: خلع على بدر الدين بن السكري، واستقر في قضاء الحنفية بالإسكندرية بعد موت ابن الزبيبة، وخلع على محمد بن سرتُقطَاي، واستقر نقيب الجيش، عوضاً عن أرغون بن قيران.
وفيه خلع أبو البقاء، خالد بن إبراهيم بن أبي بكر متملك تونس، بعد إقامته في الملك سنة وتسعة أشهر تنقص يومين، وقام بعده ابن عمه أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن يحيى بن إبراهيم، في يوم السبت ثامن عشر ربيع الآخر.

.ومات في هذه السنة ممن له ذكر:

من الأعيان قاضي الحنفية بثغر الإسكندرية شهاب الدين أحمد بن إبراهيم بن عمر الصالحي، عرف بابن زْبيبّة- تصغير زبيبة- في خامس عشر ربيع الأول وهو أول من ولي من قضاء المدينة بالإسكندرية.
ومات الأمير أرغون بن قيران السلاري نقيب الجيش في جمادى الأولى.
ومات الأمير أسندمر حرفوش العلاى الحاجب، بعد ما أخرج إلى الشام، وأنعم عليه بإمرة ألف في دمشق.
ومات الأمير علي المارديني نائب الشام وديار مصر، في يوم الثلاثاء سابع المحرم، وكان مشكور السيرة.
ومات الأمير بَشْتَاك العمري رأس نوبة.
ومات الأمير جرجي نائب حلب، وهو أمير كبير بدمشق، في صفر.
ومات الأمير جرجي البالسي، أحد الطبلخاناه.
ومات الأمير جرقطلو المظفري، أحد العشرات.
ومات بدر الدين حسن بن محمد بن صالح بن محمد بن محمد بن عبد المحسن النابلسي، الفقيه الحنبلي، مفتي دار العدل، ومدرس الحنابلة بمدرسة أم السلطان، في رابع عشر جمادى الآخرة، توفي بالقاهرة.
ومات شرف الدين سالم بن قاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء، في يوم الخميس رابع عشر شوال، بالقاهرة.
ومات الشيخ عبد الرحيم جمال الدين أبو محمد بن الحسن بن علي بن عمر الأموي الإسنوي الشافعي، فجأة، ليلة الأحد ثامن جمادى الأولى، وقد انتهت إليه رياسة العلم. وأكثر من التصانيف في الفقه وغيره.
وتوفي قاضي الحنفية بالمدينة النبوية، نور الدين علي بن الفقيه عز الدين يوسف بن الحسن بن محمد بن محمود الزرندي.
وتوفي علاء الدين على بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى، المعروف بابن الظريف، الفقيه المالكي، موقع الحكم، وأحد نواب المالكية، والمقدم في عمل المناسخات، في ليلة الأربعاء رابع عشر جمادى الأولى.
ومات سراج الدين عمر بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن الفرات، موقع الحكم، في ليلة الثلاثاء حادي عشر جمادى الآخرة.
ومات الأمير قُطْلو أَقتَمُر الناصري رأس نوبة، في ثامن عشر جمادى الأولى.
ومات تاج الدين محمد بن بهاء الدين المالكي، المعروف بابن شاهد الجمال، مفتي دار العدل، وشاهد الجيش، وناظر المارستان، ووكيل الخاص، في أول شعبان، بمنزل العقبة.
وتوفي شمس الدين محمد بن عبد الله بن محمد الزركشي، أحد أعيان الفقهاء الحنابلة، في ليلة السبت رابع عشرين جمادى الأولى.
ومات الأمير منكوتمر عبد الغني الأشرفي الدودار، في يوم الجمعة ثالث عشرين جمادى الأولى.
ومات الشيخ أبو الظاهر تقي الدين محمد بن محمد إمام أهل الميقات، في يوم السبت حادي عشرين شهر رجب.
ومات الشيخ المجذوب المعتقد ذو الكرامات العجيبة، أبو زكريا يحيى بن علي بن يحيى الصنافيري الأعمى، في يوم الأحد سابع عشرين شعبان، وحزر الجمع الذين صلوا عليه بمصلى خولان من القاهرة، فكان ينيف على خمسين ألفاً.
وتوفي زين الدين عبد الرحمن بن عبد الله بن إبراهيم، أحد قراء السبع، وشيخ خانكاه بكتمر بالقرافة، في سابع عشرين ربيع الآخر، أخذ القراءات عن التقي الصايغ. ومات الأمير أروس النظامي أحد الطبلخاناه.
ومات الأمير أزْدَمُر الصفوي الجوكندار.
وتوفي الطيب الفاضل جمال الدين يوسف الشربكي، في تاسع عشر جمادى الأولى. والله تعالى أعلم.

.سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة:

في أول المحرم: استقر الأمير أيدمر الدوادار في نيابة حلب، عوضاً عن أَشَقتمُر المارديني.
وفي صفر: طُلب شمس الدين محمد الركراكي المغربي من فقهاء المالكية إلى مجلس الأمير الكبير ألجاي، وادعى عليه بقوادح توجب إراقة دمه، فتعصب له قوم، وتعصب عليه آخرون.
وكثرت زيادة النيل، فنودي عليه في يوم الثلاثاء ثاني عشر شهر ربيع الأول، وهو خامس عشرين توت، أربعة أصابع لتتمة إصبعين من عشرين ذراعاً، ثم زاد بعد ذلك عدة أيام، فلم يناد عليه، فإنه فاض حتى تقطعت الطرقات، وتأخرت الزراعة، ثم نقص قليلاً، وثبت حتى مضى من هاتور عدة أيام، فاجتمع الناس بجامع عمرو من مدينة مصر، والجامع الأزهر بالقاهرة، ودعوا الله لهبوط النيل عدة مرار، فهبط وزرع الناس على العادة.
وركب السلطان للعب بالكرة في الميدان الكبير بشاطىء النيل خمس سبوت متوالية ولم يتقدمه لذلك أحد، وإنما العادة أن يكون الركوب بعد وفاء النيل إلى الميدان في ثلاثة سبوت متوالية.
وفي يوم الإثنين أول جمادى الأولى: ضرب عنق بعادة مشارف ديوان المواريث الحشرية، لقوادح أوجبت إراقة دمه شرعاً.
وفي هذا الشهر: تنجز لقاضي القضاة سراج الدين عمر الهندي الحنفي مرسوماً بأن يلبس الطرحة، ويستنيب عنه قضاة في أعمال مصر قبليهاوبحريها، ويفرد له مودعاً لأموال يتامى الحنفية، كما يفعل قاضي القضاة الشافعي، فشغله الله عن إتمام ذلك بمرض نزل به، فلزم الفراش حتى مات.
وفيه أيضاً جرى بين قاضي القضاة بهاء الدين أبي البناء الشافعي، وبين قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم الأخناي المالكي، كلام في مسألة، وكان أبو البقاء بحر علم لا يدركه الدلاء، والأخناي بضاعته في العلم مزجاة، فأنجز الكلام إلى أن قال أبو البقاء: لو كان مالك حياً لناظرته في هذه المسألة. فعد الأخناي ذلك خروجاً من بهاء الدين وقال: إيش أنت حتى تذكر مالكاً، والله لو كان غيرك لفعلت به كذا يعني القتل، وهجره. فاتفق عن قريب عزل أبي البقاء، فطار البرهان كل مطار، وعدى هو وأصحابه ذلك من كرامات الإمام، رحمه الله.
وفي يوم الإثنين ثامنه: كانت الخدمة السلطانية بدار العدل من القلعة، وحضر قضاة القضاة على العادة، ثم انقضت الخدمة، فمضى القضاة على عادتهم، وجلسوا بالجامع من القلعة، إذ أتاهم رجل من عند السلطان وأسر إلى أبي البقاء، ثم التفت إلى بقية القضاة وبلغهم عن السلطان، أنه قد عزل أبا البقاء، وأمره أن يلزم بيته، فانفضوا على ذلك، وخرج البريد بطلب خطيب القدس، برهان الدين إبراهيم بن عبد الرحيم بن جماعة، فقدم في يوم الأحد خامس جمادى الآخرة، ودخل على السلطان، فبالغ في إكرامه وخلع عليه، وولاه قضاء القضاة، عوضاً عن أبي البقاء، فنزل وبين يديه حاجبين من حجاب السلطان. ولم يتقدم لأحد من القضاة، قبله أن تركب معه الأمراء، وركب معه أيضاً الأعيان، فكان يوماً مشهوداً.
وكانت مدة عطلة الناس من ولاية قاضي القضاة سبعة وعشرين يوماً، وقد وقع مثل ذلك في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون، تعطلت القاهرة من بعض قضاة القضاة بسبعة وعشرين يوماً.
ووقع نظير ذلك في سنة إحدى وسبعين وثمانمائة في الأيام الظاهرية خشقدم- يبقى الله عهده- عند عزله قاضي القضاة بدر الدين أبو السعادات محمد بن تاج الدين البلقيني الكناني الشافعي، وطلب السلطان الشيخ أبي يحيى زكريا السبكي الأنصاري الشافعي ليوليه وظيفة القضاء، فاختفي عند طلبه، وشغر منصب القضاء سبعة وعشرين يوماً، ثم ظهر بعد ذلك، وطلب إلى عند السلطان هو والشيخ كمال الدين محمد بن إمام الكاملية، وعرض عليهما وظيفة القضاء، وسألهما السلطان في ذلك، فأصرا على عدم الدخول في ذلك، وسعى جماعة فلم يجابوا إلى شيء، فاستشار السلطان الشيخ أمين الدين يحيى بن الأقصري الحنفي فيمن يوليه، فأشار بولاية الشيخ ولي الدين أبي الفضل أحمد بن أحمد السيوطي الشافعي، أحد خلفاء الحكم العزيز، وذكر الشيخ أمين المذكور أنه أصلح الموجودين، فطلب ولي الدين المذكور، وخلع عليه، واستقر في وظيفة القضاء، وسار سيرة حسنة بالسبة إلى مستنيبه القاضي المنفصل، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وفي يوم الخميس رابع عشر شهر رجب: دار محمل الحاج على العادة في كل سنة، فاستدعى صدر الدين محمد بن جمال الدين عبد الله بن علاء الدين علي التركماني قاضي العسكر، وخلع عليه، واستقر قاضي القضاة الحنفية، عوضاً عن السراج عمر الهندي. ونزل والمحمل والقضاة وغيرهم وقوف بالرميلة تحت القلعة، كما هي العادة، فوقف معهم ثم مضى في موكب المحمل حتى انقضى دورانه، فكان يوماً مشهوداً.
وفي يوم الإثنين ثامن عشرة: خلع على الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن الصائغ الحنفي، واستقر قاضي العسكر عوضاً عن صدر الدين محمد التركماني، وأضيف إليه أيضاً تدريس الحنفية بالجامع الطولوني، عوضاً عن السراج الهندي، واستقر جلال الدين جار الله في تدريس الحنفية بالمدرسة المنصورية، عوضاً عن حميه السراج الهندي.
وفي شعبان: على الشيخ سراج الدين عمر البلقيني، واستقر في قضاء العسكر عوضاً عن الشيخ بهاء الدين أحمد بن السبكي بعد موته، واستقر في تدريس المدرسة الناصرية بجوار قبة الإمام الشافعي- رحمه الله- من القرافة، وتدريس الشافعية بالمدرسة المنصورية بين القصرين من القاهرة، قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء. واستقر في إفتاء دار العدل كمال الدين أبو البركات بن السبكي، وخلع عليه في يوم الخميس ثالث عشره، واستقر الشيخ ضياء الدين عبيد الله بن سعد القرمي في تدريس الشافعية بخانكاه شيخو، وحضر معه القضاة والأعيان، وعدة من الأمراء، منهم الأمير الكبير منكلى بغا الشمسي الأتابك والأمير أرغون اللالا، والأمير تلكتمر الفقيه أستادار السلطان، والأمير أرغون شاه رأس نوبة، والأمير طشتمر الدوادار، في آخرين، ومد سماط عظيم بالخانكاه، فكان يوم مشهوداً، ثم انفضوا بعد ما ألقى الدرس وأكلوا السماط.
وفي هذا الشهر: ألزم الأشراف بأن يتميزوا بعلامة خضراء في عمائم الرجال وأزر النساء، فعملوا ذلك واستمر، وقال: في ذلك الأديب شمس الدين محمد بن أحمد بن جابر الأندلسي:
جعلوا لأبناء الرسول علامة ** إن العلامة شأن من لم يشهر

نور النبوة في كريم وجوهم ** يغني الشريف عن الطراز الأخضر

وقال الأديب المنشىء زين الدين طاهر بن حبيب الحلبي:
ألا قل لمن يبغي ظهور سيادة ** تملكها الزهر الكرام بنو الزهرا

لئن نصبوا للفخر أعلام خضرة ** فكم رفعوا للمجد ألوية حمرا

وفيها استقر شهاب الدين أحمد بن العماد محمد بن محمد بن المسلم بن علان القيسي في كتابة السر بحلب، بعد وفاة علاء الدين علي بن إبراهيم بن حسن بن تميم.

.ومات فيها من الأعيان ممن له ذكر:

الشيخ بهاء الدين أبو حامد أحمد بن تقي الدين أبي الحسن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام الأنصاري السبكى الشافعي، بمكة، ليلة الخميس سابع رجب.
ومات الأمير أيدمر الشيخي، أحد أمراء الألوف ونائب حماة، بعد ما أقام بحلب.
ومات قاضي القضاة سراج الدين عمر بن إسحاق بن أحمد الغزنوي الهندي الحنفي، في ليلة الخميس سابع رجب، الليلة التي مات بها ابن السبكي بمكة.
ومات كمال الدين أبو الغيث محمد بن تقي الدين عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر، المعروف بابن الصايغ، الأنصاري الدمشقي الشافعي، قاضي حمص، عن بضع وأربعين سنة.
ومات الأديب يحيى بن زكريا بن محمد بن يحيى بن الخباز العامري الحمري، وهو من أبناء الثمانين، بدمشق.
ومات تقي الدين أبو بكر بن محمد العراقي، أحد فقهاء الحنابلة، في ثامن عشرين جمادى الأولى.
ومات الفقير المعتقد عبد الله درويش، في سابع عشر رجب.
ومات الأمير أسنبغا التَلَكسي أحد العشرات.
ومات الأديب الشاعر شهاب الدين أحمد بن محمد بن عثمان بن شيحان، المعروف بابن المجد البكري التيمي القرشي البغدادي، في عاشر شهر رمضان. بمنية بني خصيب. والله تعالى أعلم بالصواب.

.سنة أربع وسبعين وسبعمائة:

وفيها استقر الأمير قُرُطاى الكركي شاد العماير في كشف الوجه القبلي، واستقر شاد العماير عوضه أسنبغا البهادري، واستقر محمد بن قيران الحسامي، في كشف الوجه البحري، عوضاً عن عثمان الشرفي، واستقر قطلوبغا العزى أمير علم. واستقر قرابغا الأحمد أمير جاندار، واستقر تمراز الطازي حاجباً صغيراً، واستقر شهاب الدين أحمد بن شرف الدين موسى بن فياض بن عبد العزيز بن فياض المقدسي قاضي القضاة الحنابلة بحلب، عوضاً عن أبيه برغبته له، واستقر شمس الدين محمد بن أحمد بن مهاجر في كتابة السر بحلب، عوضاً عن ابن علان بعد وفاته.
وفيها فشت الطواعين ببلاد الشام مدة ستة أشهر.
وفيها استقر الأمير شرف الدين موسى بن الأزكشي في نيابة غزة، عوضاً عن طيدَمُر البالسي.
وفي يوم الإثنين جمادى الأولى: ضرب البرهان الأخناي قاضي القضاة المالكية عنق رجل، لوقوعه فيما أوجب ذلك.
وفي عشرينه: تقدم الأمير الكبير ألجاي اليوسفي بألا يجلس في كل حانوت من حوانيت الشهود سوى أربعة، وأمر قضاة القضاة ألا يجلس كل قاض من الشهود إلا من كان على مذهبه، فانحصر الشهود من ذلك، ثم تنجزوا مرسوم السلطان بإعادتهم إلى ما كانوا عليه، فبطل ذلك.
وفي يوم الأحد أول جمادى الآخرة: قدم قود الأمير منجك نائب الشام وفيه أسدان، وضبع، وإبل، وثمانية وأربعون كلباً سلوقياً، وأربعون فرساً، وخمسون بقجة قماش، وقطاران بخاتى بقماشها الفاخر، وأربعة قط بخاتى بقماش دون قماش القطارين الأولين، وخمس جمال بخاتى، لكل واحد منها سنامان، وقماشها من حرير، وستة قطر جمال عراب، بقماشها، وأربعة وأربعون هجيناً، وثلاثة قباقيب نساوية من ذهب، فيها اثنان مرصعان بالجوهر، قيمتها مائة وخمسون ألف درهم، عنها نحو ثمانية آلاف مثقال من الذهب، وعدة قنادير من حرير مزركش، بتراكيب مرصعة من الجوهر من ملابس النساء، وعدة كنابيش زركش، وعرقيات زركش برسم الخيل وعدة عبي من حرير، وكثير من أحمال الحلاوات والفواكه والأشربة، والنخللات، فاستكثر ذلك. وفيه أنعم على الأمير منكلى بغا الإحمدي بتقدمة ألف، وعلى سلطان شاه بإمرة طبلخاناه، واستقر الأمير يلبغا الناصري الخازندار شاد الشراب خاناه، عوضاً عن منكلى بغا الأحمدي، واستقر تلكتَمُر خازندار.
وفي ثانيه: عرضت مماليك الأمير الكبير الأتابك منكلى بُغا الشمسي على السلطان بعد موته، وهم مائتان وواحد، فجعلهم في خدمة ولده أمير علي.
وفيه ورد قود الأمير أَشقتمر المارديني نائب طرابلس، وهو خمسة وعشرون فرساً، وخمسة وعشرون بقجة قماش، ولكل من ولدي السلطان- أمير علي وأمير حاجي- أربعة أَفراس وأربع بقج، فأنعم عليه بنيابة حلب، عوضاً عن الأمير عز الدين أزدَمُر الدوادار، ونقل أيدمر إلى نيابة طرابلس، واستقر الأمير ألجاي اليوسفي أتابك العساكر وناظر المارستان، عوضاً عن الأمير منكلى بغا الشمسي، فسأل قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن جماعة في التحدث عنه في نظر المارستان فلم يقبل، فولى الصاحب كريم الدين شاكر بن إبراهيم بن غنام في نيابة النظر عنه بالمارستان، كل ذلك والسلطان بسرحة البحيرة، على عادته في كل سنة.
فلما قدم السلطان من السرحة، وقع في ليلة الأحد تاسع عشرينه بالدور السلطانية من قلعة الجبل حريق عظيم تمادى عدة أيام، والخلائق في إطفائه، حتى قيل إنه صاعقة سماوية، وضاق صدر السلطان بسببه.
وفي يوم الثلاثاء أول شهر رجب: عرض الشريف فخر الدين محمد بن علي بن حسين- نقيب الأشراف- عامة الأشراف لتحدث الشريفي بدر الدين حسن بن النسابة بأن النقيب أدخل في الأشراف من ليس بشريف ثابت النسب، وقدح فيه بسبب ذلك، فرسم على النسابة حتى يثبت ما رمى به النقيب.
وفي ثالثه: استقر الأمير كَجَك أمير سلاح، عوضاً عن الأمير ألجاي اليوسفي.
وفيه خلع ما استجده السلطان عند قدومه كل سنة من سرحة البحرة من الخلع على الأمراء الألوف، وهى أقبية حرير بفرو سمور، وأطواق سمور بزركش، وعلى أمراء الطبلخاناه والعشرات أقبية حرير بطرز زركش، منها ما تحته فرو قاقم، ومنها ما فروه سنجاب. واستجد في هذه السنة خلعة للأمير سابق الدين مقدم المماليك، وهي قباء حرير أزرق بطرز زركش عريض، فخلع عليه ذلك، ولم يتقدم قبله لأحد من مقدمي المماليك مثل هذا.
واستقر الأمير أحمد بن جميل في ولاية الغربية، والأمير علم دار المحمدي في نيابة صفد، عوضاً عن موسى بن أرقطاى.
وفي يوم الخميس ثاني شعبان: استقر الأمير صلاح الدين خليل بن عرام في نيابة الإسكندرية، عوضاً عن شرف الدين موسى بن الأزكشي.
وفي هذا الشهر: قصد الأمير ألجاي أن يجدد بالمدرسة المنصورية بين القصرين من القاهرة منبراً، ويقرر بها خطباً لتقام بها الجمعة، فأفتاه سراج الدين عمر البلقيني من الشافعية، وشمس الدين محمد بن الصايغ من الحنفية بجواز ذلك، وأنكره من عداهما من الفقهاء لقرب المدرسة الصالحية- وبها خطة للجمعة- بحيث يرى من المنصورية منبر الصالحية، وكثر الكلام في ذلك، فعقد مجلس في يوم السبت سادس عشرينه، اجتمع فيه القضاة والفقهاء بالمدرسة المنصورية لهذا، فجرى بينهم نزاع طويل، آل أمره إلى المنع من تجديد الخطة، وانفضوا على أحن في نفوس من أفتى بالجواز على من منع في الجواز.
وفي يوم الخميس تاسع عشر شوال: خلع على الشريف عاصم، واستقر نقيب الأشراف، عوضاً عن السيد فخر الدين، لما رمى به من أخذ الرشوة على إدخال من ليس بثابت النسب في جملة الأشراف، وذلك بعناية الأمير الكبير ألجاي بعاصم.
وفي الثلاثاء سادس عشر ذي القعدة: ركب السلطان من قلعة الجبل إلى رباط الآثار النبوية، خارج مدينة مصر للزيارة، ثم توجه لعيادة أمه بالروضة، فأقام عندها على شاطىء النيل حتى عاد إلى القلعة في يوم الخميس ثامن عشره.
وفيه استقر الأمير أرغون العزى شاد الدواوين، عوضاً عن شرف الدين موسى بن الديناري، واستقر أبو بكر القرماني في ولاية الغربية، عوضاً عن أحمد بن جميل، واستقر فخر الدين عثمان الشرفي والي الجيزة.
وفي يوم الإثنين عشرين ذي الحجة: أعيد الشريف فخر الدين إلى نقابة الأشراف، وعزل الشريف عاصم الحسيني، واستقر الصاحب كريم الدين شاكر بن إبراهيم بن غنام في الوزارة، عوضاً عن فخر الدين ماجد بن موسى بن أبي شاكر، وخلع عليه، واستقر علم الدين عبد الله بن الصاحب كريم الدين شاكر بن غنام في نظر البيوت، عوضاً عن أبيه.
وفي ثالث عشرينه: خلع على الوزير كريم الدين بن الرويهب، واستقر في نظر الدولة، فرسم له الصاحب كريم الدين بن غنام أن يجلس مقابله بشباك قاعة الصاحب من القلعة إجلالاً له، فإنه جلس بالشباك المذكور وهو وزير، فصارا يجلسان معاً به.
وفيه خلع على جمال الدين عبد الرحيم بن الوراق الحنفي مؤدب ولدي السلطان، واستقر في نظر الخزانة الكبرى، وخلع على تاج الدين النشو المالكي، واستقر في استيفاء الصحبة.
وفي سابع عشرينه: أخرج الأمير محمد بن أياز الدواداري نقيب الجيش منفياً إلى الشام.

.ومات في هذه السنة من الأعيان:

الصارم إبراهيم بن خليل بن شعبان الرمحدار في ذي القعدة.
وتوفي كاتب السر بحلب، شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن المسلم بن علاء القبيسي.
وتوفي من فقهاء الحنابلة بالقاهرة الشهاب أحمد العباسي سبط فتح الدين القلانسي المحدث، في حادي عشرين جمادى الأولى.
ومات من فقهاء الشافعية الشهاب أحمد بن عبد الوارث البكري، في سابع عشرين رمضان.
ومات الأمير أرغون ططر الناصري رأس نوبة، بعد ما نفي بحماة في المحرم.
وتوفي خطيب حلب، شهاب الدين أحمد بن محمد بن جمعة بن أبي بكر الأنصاري الحلبي، الفقيه الشافعي عن ست وسبعين سنة بحلب، وله رحلة إلى القاهرة.
وتوفي الشيخ عماد الدين أبو الفدا إسماعيل بن الخطيب شهاب الدين عمر بن كثير بن ضو بن كثير القرشي الشافعي، الإمام المفسر المحدث، الواعظ الفقيه، في يوم الخميس سادس عشر شعبان، بدمشق، عن أربع وسبعين سنة.
وتوفي بدر الدين حسن بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن أبي طالب بن علي، مستوفي ديوان الجيش، يقال إنه من لخم، في يوم العشرين من جمادى الأولى. كانت له مروءة غزيرة ومكارم مشهورة.
وتوفي الشيخ ولي الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم الملوي الدمياجي الشافعي ذو الفنون بالقاهرة، في ليلة الخميس خامس عشرين ربيع الأول، عن بضع وستين سنة، وحزر الجمع في جنازته بثلاثين ألف رجل.
وتوفي الشيخ العارف المُسَلك بهاء الدين محمد الكازروني، في ليلة الأحد خامس ذي الحج، بزاويته التي يقال لها المشتهي بالروضة، أخذ عن أحمد الحويري خادم ياقوت الحبشي خادم أبي العباس المرسي، عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي، وصحبه زماناً.
وتوفي تقي الدين محمد بن الجمال رافع بن هجرس بن محمد بن شافع السلامي المصري، الفقيه الشافعي المحدث، عن سبعين سنة بدمشق، يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادى الأولى.
ومات الأديب البارع الفقيه شمس الدين محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان الموصلي، بطرابلس، في جمادى الآخرة، عن خمس وسبعين سنة.
وتوفي ناظر الجيش بحلب، بدر الدين محمد بن محمد بن الشهاب محمود بن سليمان الحلبي، بها، عن خمس وسبعين سنة.
ومات الأمير منكلى بغا الشمسي الأتابك، في جمادى الأولى.
ومات الأمير موسى بن الأمير أرقطاي نائب صفد.
ومات الشيخ يحيى بن الرهوني المالكي، في ليلة الأربعاء، ثالث ذي القعدة.
ومات الأمير أَلطنبغا المارديني أحد العشرات.
ومات الفقيه المعتقد عبد الله بن عمر بن سليمان المغربي، المعروف بالسبطير، بالجامع الأزهر، في ثاني عشرين صفر.
ومات ناصر الدين محمد الزفتاوي، المعروف بسباسب، رئيس المؤذنين وقد اختص بالسلطان، في عاشر شهر وجب.
وتوفيت خوند بركة أم السلطان، في يوم الثلاثاء آخر ذي القعدة، وهي التي بنت المدرسة المعروفة بمدرسة أم السلطان، بخط التبانة، قريباً من قلعة الجبل، وبنت الربع المعروف بربع أم السلطان، وقيسارية الجلود التي تحت الربع المذكور، بخط الركن المخلق، وكانا في جملة أوقاف مدرستها هذه حتى أخذهما الأمير جمال الدين يوسف الأستادار فيما أخذ من الأوقاف والأملاك، وهما الآن وقف على مدرسته التي أَنشأها بخط رحبة باب العيد، ومن غريب الاتفاق أن الأديب شهاب الدين أحمد السعدي قال في موتها:
في مستهل العشر من ذي الحج ** ة كانت صبيحة موت أم الأشرف

فالله يرحمها، ويعظم أجره ** يكون عاشورا موت اليوسفي

يعنى الأمير ألجاي اليوسفي زوجها، فكان كذلك، ومات يوم عاشوراء، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. أنشدني البيتين المذكورين صاحبنا صارم الدين إبراهيم ابن دقماق، قال: أنشدنيهما الأديب شهاب الدين أحمد الأعرج السعدي.
ومات ملك المغرب صاحب فاس، عبد العزيز بن السلطان أبي الحسن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني، ليلة الثاني والعشرين من ربيع الآخر، وأقيم بعده ابنه السعيد محمد بن عبد العزيز أبي الحسن.