فصل: سنة تسع وستين وستمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك (نسخة منقحة)



.سنة ثمان وستين وستمائة:

فيها صلي الملك الظاهر صلاة الجمعة غرة المحرم بالكرك، وركب في مائة فرس وبيد كل فارس فرس، وساق إلى دمشق. هذا والناس. بمصر والشام لا يعرفون شيئا من خبر السلطان: هل هو في الشام أو الحجاز أو غيره، ولا يستطع من مهابته والخوف منه أحد أن يتكلم، فلما قارب السلطان دمشق سير أحد خواصه على البريد بكتب إلى دمشق، وفيها البشارة بسلامته وقضاء الحج، فأحضر الأمير جمال الدين النجيبي نائب دمشق الناس لسماع كتب البشارة، فبينا هم في القراءة إذ بلغهم أن السلطان في الميدان، فساروا إليه فإذا هو بمفرده، وقد أعطي فرسه لبعض منادية سوق الخيل، فقبل النائب له الأرض وحضر الأمير آقسنقر الأستادار والأمراء المصريون، فأكل السلطان شيئا وقام يستريح، وانصرف الناس، فركب السلطان في نفر يسير وتوجه إلى حلب، وحضر أمراء دمشق للخدمة فلم يجدوا السلطان، ودخل السلطان إلى حلب والأمراء في الموكب، فساق إليهم وبقي ساعة ولا يعرفه أحد، حتى فطن به بعضهم فنزلوا وقبلوا الأرض. ودخل السلطان دار نائب السلطنة وكشف القلعة، وخرج من حلب ولم يعرف به أحد، فوصل دمشق في ثالث عشره، ولعب فيها بالكرة، وركب في الليل وسار إلى القلس، وزار الخليل وتصدق. وكان العسكر المصري قد صار به الأمير آقسنفر الفارقاني من دمشق ونزل بتل العجول، فخرج السلطان من القدس إلى تل العجول. وكل ذلك في عشرين يوما، ما غير السلطان فيها عباءته التي حج فيها.
ثم سار السلطان من تل العجول بالعساكر في حادي عشريه إلى القاهرة، فخرج الملك السعيد إلى لقائه بالصالحية، وعاد معه إلى قلعة الجبل، فأقام السلطان بها إلى ثاني عشر صفر، ثم خرج منها ومعه الأمراء والمقدمون، فركب في الحراريق إلى الطرانة، ودخل السلطان البرية وضرب حلقة، فأحضر إلى الدهليز ثلاثمائة غزال وخمس عشرة نعامة: أعطي عن كل غزال بغلطاق بسنجاب، وعن كل نعامة فرسا ثمينا بسرجه ولجامه.
ودخل السلطان إلى الإسكندرية في حادي عشريه، وكان الصاحب بهاء الدين بن حنا قد سبق إليها وحصل الأموال والقماش، فخلع السلطان على الأمراء، وحمل إليهم التعابي والنفقة، ولعب الكرة ظاهر الإسكندرية، وتوجه إلى الحمامات ونزل بالليونة وابتاعها من وكيل بيت المال، فبلغه هناك حركة التتار، وأنهم واعدوا فرنج الساحل، فعاد إلى قلعة الجبل، فورد الخبر بغارة التتار على الساجور بالقرب من حلب، فجرد السلطان الأمير علاء الدين البندقدار في جماعة من العسكر، وأمره أن يقيم في أوائل البلاد الشامية على أهبة.
وسار السلطان من قلعة الجبل في ليلة الإثنين حادي عشري ربيع الأول ومعه نفر يسير فوصل إلى غزة، ثم دخل دمشق في سابع ربيع الآخر، ولحق الناس في الطريق مشقة عظيمة من البرد، فخيم على ظاهر دمشق. ووردت الأخبار بانهزام التتار عندما بلغهم حركة السلطان، وكأن قد ألقي الله في أنفس الناس أن السلطان وحده يقوم مقام العساكر الكثيرة في هزيمة الأعداء، وأن اسمه يرد الأعداء من كل جانب، فورد الخبر بأن جماعة من الفرنج خرجوا من الغرب، وبعثوا إلى أبغا بن هولاكو بأنهم واصلون لمواعدته من جهة سيس في سفن كثيرة، فبعث الله على تلك السفن ريحا أتلفت عدة منها، ولم يسمع بعدها لمن بقي في الأخرى خبر. وورد الخبر أنه قد خرج فرنج عكا وخيموا بظاهرها، وركبوا وأعجبتهم أنفسهم بمن قدم إليهم من فرنج الغرب، وتوجهت طائفة منهم إلى عسكر جينين وعسكر صفد، فخرج السلطان من دمشق على أنه يتصيد في مرج برغوث وبعث من أحضر إليه العدد ومن أخرج العساكر كلها من الشام، فتكاملوا عنده بكرة يوم الثلاثاء حادي عشريه بمرج برغوث، وساق بهم إلى جسر يعقوب فوصل آخر النهار، وشاق بهم في الليل فأصبح في أول المرج.
وكان السلطان قد سير إلى عساكر عين جالوت وعساكر صفد بالإغارة في ثاني عشريه، فإذا خرج إليهم الفرنج انهزموا منهم، فاعتمدوا ذلك، ودخل السلطان الكمين، فعندما خرج جماعة من الفرنج لقتال عسكر صفد تقدم إليهم الأمير إيغان، ثم بعده الأمير جمال الدين الحاجبي، ومعهما أمراء الشام. ثم ساق الأمير أيتمش السعدي، والأمير كندغدي أمير مجلس، ومعهما مقدمو الحلقة، فقاتل الأمراء الشاميون أحسن قتال، وتبع السلطان مقدمي الحلقة، فما أدركهم إلا والعدو قد انكسر، وصارت الخيالة بخيلها مطرحة في المرج. وأسر السلطان كثيرا من أكابرهم، ولم يعدم من المسلمين سوي الأمير فخر الدين ألطونبا الفائزي، فسارت البشائر إلى البلاد.
وعاد السلطان إلى صفد والرءوس بين يديه، وتوجه منها إلى دمشق فدخلها في سادس عشريه، والأسري ورءوس القتلى قدامه، وخلع على الأمراء، ثم سار إلى حماة وخرج منها إلى كفر طاب، ولم يعلم أحد قصده، وفرق العساكر وترك النقل، وأخذ خيار عسكره وساق إلى جهة المرقب فأصابته مشقة زائدة من كثرة الأمطار، فعاد إلى حماة وأقام بظاهرها تسعة عشر يوما، وتوجه على جهة المرقب، فانتهى إلى قريب بلاد الإسماعيلية، وعاقته الأمطار والثلوج فعاد.
ثم ركب السلطان في ثالث جمادى الآخرة. بمائتي فارس من غير سلاح، وأغار على حصن الأكراد وصعد الجبل الذي عليه حصن الأكراد ومعه قدر أربعين فارسا، فخرج عليه عدة من الفرنج ملبسين، فحمل عليهم وقتل منهم جماعة، وكسر باقيهم وتبعهم حتى وصل إلى خنادقهم، وقال يستخف بهم: خلوا الفرنج يخرجوا، فما نحن أكثر من أربعين فارسا بأتبية بيض، وعاد إلى مخيمه، ورعي الخيول مروجها ورعى الخيول مروجها وزروعها.
وفي أثناء ذلك حضر إلى خدمة السلطان كثير من أصحاب البلاد المجاورة، فلم يبق أحد إلا وقدم على السلطان مثل: صاحب حماة، وصاحب صهيون، إلا نجم الدين حسن بن الشعراني صاحب قلاع الإسماعيلية، فإنه لم يحضر بل بعث يطلب تنقيض القطعة التي حملوها لبيت المال، بدلا مما كانوا يحملونه إلى الفرنج. وكان صارم الدين مبارك بن الرضي صاحب العليقه قد تغير السلطان عليه من مدة، فدخل صاحب صهيون بينه وبين السلطان في الصلح، وأحضره إلى الخدمة، فقلده السلطان بلاد الدعوة استقلالا، وأعطاه طبلخاناه، وعزل نجم الدين حسن بن الشعراني وولده من نيابة الدعوة، وتوجه صارم الدين إلى مصياف كرسي بلاد الإسماعيلية في سابع عشرى جمادى الآخرة، وصحبته جماعة لتقرير أمره.
ويقال: بل الذي قام في حقه الملك المنصور صاحب حماة، وإنه شفع فيه إلى أن عفي عنه السلطان، وحضر بهدية فأكرمه السلطان، وكتب له منشورا بالحصون كلها: وهي قلعة الكهف وقلعة الخوابي والدينقه والعليقة والقدموس والرصافة، ليكون نائبا عن السلطان، وكتب له بأملاكه التي كانت بالشام على أن تكون مصياف وبلادها خاصا للسلطان. وبعث السلطان معه نائبا بمصياف، وهو الأمير بدر الدين العديمي أحد مفاردة الشام، وجرد معه جماعة من شيزر وغيرها، فلما وصلوا إلى مصياف امتنع أهلها من تسليمها لصارم الدين، وقالوا: لا نسلمها إلا لنائب السلطان، فقال العديمي: أنا نائب السلطان. فلما فتحوا هجم صارم الدين عليهم وقتل منهم جماعة، وتسلم الحصن في نصف رجب، فلم يجد نجم الدين وولده بدا من الدخول في الطاعة، فسألا في الحضور فأجيبا، وحضر نجم الدين حسن وعمره تسعون سنة، فرق له السلطان وولاه النيابة شريكا لصارم الدين بن الرضي، وقرر عليه حمل مائة وعشرين ألف درهم نقرة في كل سنة، وتوجه نجم الدين وترك ابنه شمس الدين في الخدمة. وتقرر على صارم الدين بن مبارك بن الرضي في كل سنة ألفا دينار، فصارت الإسماعيلية يؤدون المال بعد ما كانوا يجبون من ملوك الأرض القطائع.
ثم رحل السلطان من حصن الأكراد إلى دمشق، فدخلها في ثامن عشريه وقدم الخبر بأن الفرنسيس وعدة من ملوك الفرنج قد ركبوا البحر ولا يعلم قصدهم، فاهتم السلطان بالثغور والشواني، وسار إلى مصر فدخلها في ثاني شوال. وفيه تمت عمارة الجامع الظاهري بالحسينية خارج القاهرة، فرتب السلطان أوقافه، وجعل خطيبه حنفي المذهب، ووقف عليه حكر ما بقي من الميدان. وفيه بعث السلطان عدة رسل بهدايا إلى بلاد الفرنج.
وفي هذه السنة: قتل الشريف إدريس بن قتادة بخليص، بعد أن ولي مكة منفردا أربعين يوما، فاستبد ابن أخيه أبو نمي بإمرة مكة وحده.
وفيها مات الطواشي جمال الدين محسن الصالحي النجمي، شيخ الخدام بالمسجد النبوي.
وفيها تنكر الخان منكوتمر بن طغان، ملك التتر ببلاد الشمال، على الأشكري ملك قسطنطنية، فبعث الخان جيشا من التتر حتى أغاروا على بلاده، وحملوا عز الدين كيقباد بن كيخسرو وكان محبوسا كما تقدم في القلعة وساروا به وبأهله إلى منكوتمر، فأكرمه وزوجه وأقام معه حتى مات في سنة سبع وسبعين، فسار ابنه مسعود ابن عز الدين وملك بلاد الروم، كما سيأتي ذكره إن شاء الله.
وفيها انقرضت دولة بني عبد المؤمن بقتل الواثق أبي العلاء إدريسي المعروف بأبي دبوس بن عبد الله بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، في محرم على يد بني مرين. وبنو مرين قبيلة من البربر يقال لهم حمامة كان مقامهم قبلي تازا، فخرجوا عن طاعة الموحدين بني عبد المؤمن، وتابعوا الغارات حتى ملكوا مدينة فاس، سنة بضع وثلاثين وستمائة: وأول من اشتهر منهم أبو بكر بن عبد الحق ابن محبو بن حمامة، ومات سنة ثلاث وخمسين. فملك بعده يعقوب بن عبد الحق، وقوي أمره وحصر مراكش وبها أبو دبوس، وملكها وأزال ملك بني عبد المؤمن في أول سنة ثمان وستين هذه، وملك مراكش.

.ومات في هذه السنة من الأعيان:

قاضي القضاة بدمشق محيي الدين أبو الفضل يحيي بن محيي الدين أبي المعالي محمد ابن زكي الدين أبي الحسن على بن المجد أبي المعالي محمد بن زكي الدين أبي الفضل يحيى بن على بن عبد العزيز العثماني المعروف بابن الزكي القرشي الأموي الشافعي، عن اثنتين وسبعين سنة بالقاهرة.
وتوفي الوزير الصاحب زين الدين أبو يوسف يعقوب بن عبد الرفيع بن بكر بن مالك القرشي الزبيري، عن اثنتين وثمانين سنة بالقاهرة، بعد عزله ومحنته، وله شعر جيد.
وتوفي زين الدين أبو العباس أحمد بن عبد الدائم بن نعدة المقدسي الحنبلي وقد انتهي إليه علو الإسناد، عن ثلاث وتسعين سنة بدمشق.
وتوفي الولي العارف داود الأعزب بناحية تفهنا، في ليلة الجمعة سابع عشرى جمادى الآخرة، وبها دفن، وقبره مشهور يتبرك الناس بزيارته، ومناقبه وكراماته شهيرة قد جمعت في مجلد.
وتوفي الولي العارف تقي الدين أبو المكارم عبد السلام بن سلطان بن، الماجري من هوارة، في يوم الأحد ثامن ذي الحجة، بناحية قليب. وله كرامات كثيرة، وأخذ الطريق عن الشيخ أبي الفتح الواسطي عن الشيخ أحمد بن أبي الحسن الرفاعي، وقبره يزار بقليب ويتبرك به.

.سنة تسع وستين وستمائة:

في المحرم: ورد كتاب بيسو نوغاي قريب الملك بركة ملك التتار، وهو أكبر مقدمي جيوشه، يخبر فيه أنه دخل في دين الإسلام، فأجيب بالشكر والثناء عليه. وفيه ورد الخبر. بمسير الفرنسيس وملوك الفرنج إلى تونس ومحاربة أهلها، فكتب السلطان إلى صاحب تونس بوصول العساكر إليه نجدة له على الفرنج، وكتب إلى عربان برقة وبلاد الغرب بالمسير إلى نجدته، وأمرهم بحفر الآبار في الطرقات برسم العساكر، وشرع في تجريد العساكر، فورد الخبر. بموت الفرنسيس وابنه وجماعة من عسكره، ووصول نجدات العربان إلى تونس وحفر الآبار، وأن الفرنج رحلوا عن تونس في خامس صفر.
وفي سابعة: توجه السلطان إلى عسقلان، ليهدم ما بقي منها خوفا من مجيء الفرنج إليها، فنزل عليها وهدم بنفسه ما تأخر من قلعتها وأسوار المدينة حتى سوي بها الأرض وعاد إلى قلعة الجبل في ثامن ربيع الأول.
وفي حادي عشريه: هلك الملك المجير هيتوم بن قنسطنطين متملك سيس.
وفي عاشر جمادى الآخرة. سار السلطان من القاهرة ومعه ابنه الملك السعيد إلى الشام، فدخل دمشق في ثامن رجب، وخرج إلى طرابلس فقتل وأسر. واتصلت الغارات إلى صافيتا وتسلم السلطان صافيتا من الفرنج الديوية وأنزلهم منها، وعدتهم سبعمائة رجل سوي النساء والأطفال، وتسلم الحصون والأبراج المجاورة لحصن الأكراد مثل تل خليفة وغيره.
وفي تاسع رجب: نازل السلطان حصن الأكراد، وقدم عليه صاحب حماة وصاحب صهيون، وصاحب دعوة الإسماعيلية الصاحب نجم الدين.
وفي آخره: نصب السلطان عدة مجانيق على الحصن، إلى أن أخذ القلعة عنوة في سادس عشر شعبان فطلب أهلها الأمان فأمنهم السلطان على أن يتوجهوا إلى بلادهم، فخرج الفرنج منها في رابع عشريه، ورتب السلطان الأمير صارم الدين الكافري نائبا بحصن الأكراد، وأمر بعمارته.
وبعث صاحب أنطرسوس وهو مقدم بيت الداوية يطلب الصلح من السلطان، فصولح على أنطرسوس خاصة، خارجا عن صافيتا وبلادها. واسترجع السلطان منهم جميع ما أخذوه في الأيام الناصيرية، وعلى أن جميع ما لهم من المناصفات والحقوق على بلاد الإسلام يتركونه، وعلى أن تكون بلاد المرقب ووجوه أمواله مناصفة بين السلطان وبين الإسبتار، وعلى ألا تجدد عمارة في المرقب، فتم الصلح، وأخلي الفرنج عدة حصون تسلمها السلطان.
وفي سابع عشر رمضان: نازل السلطان حصن عكار ونصب عليه المجانيق، وجد أهله في المناضلة وقاتلهم السلطان قتالا شديدا، فقتل الأمير ركن الدين منكورس الدواداري وهو يصلي في خيمته بحجر منجنيق أصابه.
ولما كان في تاسع عشريه: سأل الفرنج الأمان، ورفعت السناجق السلطانية على الأبراج، وخرجوا منه في سلخه، وعيد السلطان بالحصن، ورحل إلى مخيمه بالمرج، وكتب إلى متملك طرابلس يحذره وينذره.
وفي رابع شوال: ركب السلطان بجميع عساكره جريدة من غير ثقل يريد طرابلس، وساق إليها، فبينا هو عازم على ذلك، إذ ورد عليه الخبر بأن ملك الإنكتار وصل إلى عكا في أواخر رمضان، بثلاثمائة فارس وثماني بطس وشواني ومراكب تكملة ثلاثين مركبا، غير ما سبقه صحبة أستاداره، وإنه يقصد الحج إلى القدس، فغير السلطان عزمه ونزل قريبا من طرابلس، وبعث إليهم الأتابك والأمير الدوادار فاجتمعا بصاحبها، وجرت أمور آخرها إنهم سألوا السلطان الصلح فكتبت الهدنة لمدة عشر سنين، وجهز الأمير فخر الدين بن جلبان، والقاضي شمس الدين الإخنائي شاهد الخزانة، بثلاثة آلاف دينار مصرية لفكاك الأسري، وعاد السلطان إلى مخيمه، وسار إلى حصن الأكراد فدبر أمر عمارته، ورتب أحوال تلك الجهات.
وفي حادي عشره: استولي السلطان على حصن العليقة من حصون الإسماعيلية، واستخدم به الرجال، ورحل إلى دمشق فدخلها للنصف منه، ورحل منها في رابع عشريه، فنزل صفد وحمل منها المجانيق إلى القرين وساق إليه ونازله حتى أخذه في ثاني ذي القعدة، وركب منه فما أصبح إلا على أبواب عكا مطلبا، فما تحرك أحد من الفرنج، فعاد إلى مخيمه بالقرين، وهدم القلعة في رابع عشري ذي القعدة، ورحل منه إلى قريب عكا، ونزل اللجون.
وكان السلطان قد كتب إلى مصر بتسفير الشواني لقصد قبرص، فسارت في شوال حتى قاربت قبرص، فانكسرت كلها. وشعر بهم أهل قبرص فأسروا جميع من كان فيها من الرجال، وبعث صاحب قبرص كتابا إلى السلطان يقرعه فيه بأن شواني مصر وهي أحد عشر شينيا خرجت إلى قبرص فكسرها الريح، وأخذتها وأسرت من فيها فلما قرأه السلطان قال: الحمد لله منذ ملكني الله تعالى الملك ما خذلت لي راية، وكنت أخاف من إصابة عين، فبهذا ولا بغيره وكتب إلى القاهرة بإنشاء عشرين شينيا، وإحضار خمس شواني كانت بقوص، وكتب إلى قبرص جوابا أرعد فيه وأبرق. وقدمت رسل صاحب صور تطلب الصلح، فوقع الاتفاق على أن يكون للفرنج من بلاد صور عشرة بلاد فقط، ويكون للسلطان خمسة بلاد يختارها، وبقية البلاد تكون مناصفة، ووقع الحلف على ذلك. وسار السلطان إلى القاهرة، ودخل قلعة الجبل في ثاني عشر ذي الحجة، فبلغه أن الشهرزورية قد عزموا على سلطنة الملك العزيز عثمان بن صاحب الكرك الملك المغيث عمر بن العادل أبي بكر بن الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب، وكان السلطان قد جعله أحد أمراء مصر، فقبض عليه وعلى عدة أمراء منهم الأمير بهاء الدين يعقوبا: وقبض أيضاً على عدة أمراء كانوا قد اتفقوا على قتله وهو بالشقيف. منهم الأمير علم الدين سنجر الحلبي، والأمير أقوش المحمدي، والأمير أيدغدي الحاجبي، والأمير إيغان سم الموت، والأمير سنقر المساح، والأمير بيدغان الركني، والأمير طرطح الأمدي وسجنهم بقعلة الجبل.
وفيه جهز السلطان الأمير آقسنقر الفارقاني بعسكر إلى الشام، وفيه وردت هدية صاحب اليمن، وفيها تحف ودب أسود وفيل. وفيه أكثر السلطان من الركوب إلى مصر لمباشرة عمل الشواني، حتى كملت ضعفي ما انكسر.
وفي سابع عشريه: أمر السلطان بإهراق الخمور، وأبطل ضمانها وكان في كل سنة ألف دينار، وكتب بذلك ترقيما قرئ على المنابر.
وفيه خلع السلطان بالميدان، وفرق على ألف وسبعمائة شخص لثمان خيل، وفرق ألف وثمانمائة فرس، كل ذلك وهو جالس حتى فرغ وفيه لازم السلطان الصناعة. بمصر عدة أيام لرمي النشاب. وفيه ورد الخبر بأن الفرنج أغاروا على جهة الشاغور، وأخذوا غلة وخربوا وأحرقوا غلالا.
وفيها عزل شمس الدين أحمد بن محمد بن خلكان عن قضاء الشافعية بدمشق، وأعيد عز الدين أبو المفاخر محمد بن عبد القادر بن عبد الباقي بن خليل بن مقلد بن جابر، الشهير بابن الصائغ.
وفيها وصل سيل عظيم إلى دمشق، فأخذ كثيرا من الناس والدواب، وقلع الأشجار وردم الأنهار، وخرب الدور وارتفع حتى نزل مرامي السور، وذلك زمن الصيف.
وفيها ولي قضاء المالكية بمصر نفيس الدين أبو البركات محمد المخلص ضياء الدين أبي الفخر هبة الله بن كمال الدين أبي السعادات أحمد بن شكر المالكي. ولم يحج أحد في هذا العام من مصر، لا في البر ولا في البحر. وهجم مكة سيل عظيم في شعبان حتى دخل الكعبة.

.ومات في هذه السنة من الأعيان:

الأمير علم الدين سنجر الصيرفي، في سادس صفر بدمشق.
وتوفي قاضي القضاة المالكي شرف الدين عمر بن عبد الله بن صالح بن عيسي بن عبد الملك بن موسى بن خالد بن على بن عمر بن عبد الله بن إدريس بن إدريس بن الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب السبكي، في ليلة الخامس والعشرين من ذي القعدة، عن أربع وثمانين سنة. وولي بعده قضاء المالكية بالقاهرة نفيس الدين أبو البركات محمد بن القاضي المخلص ضياء الدين هبة الله أبو الفخر بن كمال الدين أبي السعادات أحمد بن شكر.
وتوفي الشريف إدريس بن على بن قتادة بن إدريس الحسني أمير مكة، قتيلا بظاهر مكة، فانفرد بعده أبو نمي بن أبي سعد.
وتوفي قاضي حماة شمس الدين أبو الظاهر إبراهيم بن المسلم بن هبة الله بن حسان ابن محمد بن منصور البارزي الجهني الحموي الشافعي، عن تسع وثمانين سنة بحماة.
وتوفي الأديب تاج الدين أبو المكارم محمد بن عبد المنعم بن نصر الله بن جعفر بن شقير المغربي الحنفي بدمشق، عن ثلاث وستين سنة.
وتوفي قطب الدين أبو محمد عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن سبعين المرسي الصوفي بمكة، عن نحو خمسين سنة.

.سنة سبعين وستمائة:

أهلت والسلطان متشدد في إراقة الخمور وإزالة المنكرات، فكان لذلك يوما مشهودا. وفيه أفرج السلطان عن الأمير سيف الدين بيدغان الركني، وأعطاه إقطاعا بالشام، ثم أحضره بعد قليل، هو وسيف الدين ملاجا الركني، واشتراهما ورتبهما سلاح دارية وورد الخبر باختلاف الحال بين عيسي بن مهنا وبين العربان، وإنه يريد التوجه إلى التتار. فخشي السلطان إنه إن استدعاهم لا يحضروا، وإن توجه إلى الشام تسحبوا، فكتم أمره.
ونزل السلطان إلى الميدان في سابعه، وفرق في خواصه مبلغ أربعمائة ألف درهم نقرة، واثني عشر ألف دينار عينا، ونيفا وستين حياضة، وأمر بتحهيز العساكر إلى عكا بعد الربيع، ولازم النزول إلى الصناعة في كل يوم حتى تنجزت الشواني، ونزل الأمير آقسنقر الفارقاني. بمن معه من العسكر على جينين.
فلما كان ليلة السابع عشر: منه توجه السلطان بعد المغرب، ومعه جماعة يسيرة من خواصه، وأخفي حركته ورسم بأن أحدا من المجردين معه لا يشتري عليقا ولا مأكولا، وقرر لهم ما يحتاجون إليه. وسار إلى الزعقة، ثم عرج منها في البرية إلى الكرك، ودخلها من غير أن يعلم به أحد في سادس صفر، ونزل قلعتها. وقرر السلطان في نيابة الكرك علاء الدين أيدكين الفخري، ونقل الأمير عز الدين أيدمر نائب الكرك إلى نيابة الشام، ولم يظهر السلطان ذلك حتى نسلم أيدكين نيابة الكرك في ثامنه، واستدعى عز الدين أيدمر وأفهمه أنه طلبه لنيابة حصن الأكراد.
وسار السلطان إلى دمشق فدخلها في ثالث عشره من غير أن يعلم أحد بحضوره، وكان قبل دخوله إلى دمشق قد كتب القاضي فتح الدين بن عبد الظاهر بين يديه ثمانين كتابا في يوم وليلة، إلى النواب والأمراء بتفويض نيابة الشام لعز الدين أيدمر الظاهري، عوضاً عن أقوش النجيبي، وسير السلطان تشريفا للنجيبي نائب دمشق، وأمره أن يتوجه إلى مصر ويسلم الأمر لعز الدين أيدمر، فاعتمد ذلك.
وأنفق السلطان فيمن خرج معه مالا وافرا وخيولا، وركب بهم في ليلة السادس عشر منه، ونزل خارج حماة بالجوسق، ونزل صاحب حماة في خيمة. ورتب السلطان أستادارا وأمير جاندار وحاشية السلطة، فإنه كان قد خرج من مصر جريدة، وقام له صاحب حماة بالأسمطة، وقدم عليه وهو بحماة جماعة من أكابر العرب فأكرمهم، وكتم عنهم أمره وما أظهر لهم شيئا، وكتب إلى عيسى بن مهنا يطلب منه خيولا عينها له ليطمنه، وكتب إليه: إنك بعثت وأنا. بمصر تطلب الحضور، فكتبت إليك لا تحضر حتى أطلبك، وقد حضرت إلى حماة فإن أردت الحضور فاحضر. فحضر عيسي وسأله السلطان عما نقل عنه، فقال. نعم والصدق أنجي من الكذب فأحسن السلطان إليه وإلى أكابر العرب.
وفي سادس عشريه: قدم شمس الدين بن نجم الدين صاحب الدعوة الإسماعيلية، فقبض عليه وعلى أصحابه وسيروا إلى مصر، واستمرت مضايقة حصونهم حتى تسلم نواب السلطان حصن الخواني وحصن العليقة.
وفي أول شهر ربيع الأول: ركب السلطان من ظاهر حماة بعد عشاء الآخرة، من غير أن يعلم أحد قصده، وسار على طريق حلب، ثم عرج من شيزر وأصبح على حمص، وتوجه إلى حصن الأكراد وحصن عكار وكشف أمورهما، وسار إلى دمشق، وكتب إلى مصر كتابا يقول فيه لأكابر الأمراء: ولدكم- ولبقيتهم أخوكم- ووالدكم يسلم عليكم ويتشوق إليكم، وإيثاره ألا يفارقكم. وإنما قدمنا راحتكم على راحتنا،. فطالما تعبوا واسترحنا ونعلمهم بالمتجددات ليكونوا لا كالمشاهدين وكمشاركينا في أكثر المجاهدين: فمنها حديث الإسماعيلية وحديث العربان، وقد ورد الخبر بحركة التتار، ولو عدنا لجفلت أهل البلاد. وأما الفرنج فعملوا سلالم من حديد، وعزموا على مهاجمة صفد ووردوا بيروت، فلما وصلنا البلاد انعكست آمالهم ومما يدل على التمكين تارة بالسيف وتارة بالسكين، أن صاحب مرقية الذي أخذنا بلاده توجه إلى التتار مستصرخا، وسيرنا وراءه فداوية، وقد وصل أحدهم وذكر إنهم قد قفزوا عليه وقتلوه، وبلغتنا حركة التتار وأنا والله لا أبيت إلا وخيلي مشدودة، وأنا لابس قماشي حتى المهماز.
وورد الخبر بأن التتار أغاروا على عين تاب، وتوجهوا على العمق في نصف ربيع الأول، فكتب إلى مصر بتجريد الأمير بيسري بثلاثة آلاف فارس. وخرج البريد من دمشق في الثالثة من يوم الأحد ثامن عشره، فدخل القاهرة الثالثة من ليلة الأربعاء حادي عشريه، فخرج بيسري والعسكر بكرة يوم الأربعاء المذكور. وقدم التتار إلى حارم وقتلوه جماعة، وتأخر العسكر الحلبي إلى حماة، ووصل آقسنقر بالعسكر من جينين، فجفل أهل دمشق، وبلغ ثمن الجمل ألف درهم، وأجرته إلى مصر مائتي درهم. ودخل الأمير بيسري بالعسكر المصري إلى دمشق في رابع ربيع الآخر، فخرج السلطان بالعساكر إلى حلب، وجرد الأمير آقسنقر ومعه عدة من العربان إلى مرعش، وجرد الحاج طيبرس الوزيري والأمير عيسي بن مهنا إلى حران والرها. فوصل العسكر إلى حران وقتل من فيها من التتار، وهزم باقيهم.
فورد الخبر بأن الفرنج قد أغاروا على قاقون. بمواعدة التتار، وقتل الأمير حسام الدين الأستادار، وجرح الأمير ركن الدين الجالق، ورحل يجكا العلائي والي قاقون، فخرج السلطان من حلب، ومنع أحدا أن يتقدم حتى لا يعلم الفرنج خبره، ودخل إلى دمشق وبين يديه عدة من التتار المأسورين من حران، وسار الأمير أقوش الشمسي بعسكر عين جالوت، فولي الفرنج منهزمين من قاقون، وتبعهم العسكر فاسترجعوا منهم عدة من التركمان، وقتلوا كثيرا حتى أنه عد ما تلف من خيل الفرنج وبغالهم فكان خمسمائة رأس.
وخرج السلطان من دمشق في ثالث جمادى الأولى، ومعه عساكر مصر والشام للغلوة على عكا، فتكاثرت الأمطار عليه في مرج برغوث، وزاد الأمر عن الوصف، فكاد الناس يهلكون لعدم ما يستظلون به، فرد السلطان عسكر الشام وسار إلى مصر، فدخل قلعة الجبل في ثلث عشريه.
وقدمت هدية صاحب تونس، وفي مكاتبته تقصير في المخاطبة، ففرقت هديته على الأمراء، وكتب إليه بالإنكار عليه في التظاهر بالمنكرات واستخدام الفرنج، وكونه لم يخرج لما نازلوه، وكان مستخفيا، وقيل له: مثلك لا يصلح أن يلي أمور المسلمين، وخوف وأنذر، وقدمت رسل رجار وهو يشفع في صاحب عكا، والسلطان في الصناعة جالس بين الأخشاب والصناع، والأمراء تحمل بأنفسهم آلات الشواني وهي تمد فراعهم ما شاهدوا.
وفي رجب: خرج السلطان متصيدا بجهة الصالحية، فورد الخبر بحركة التتار فعاد إلى القلعة، وخرج في ثالث شعبان إلى الشام، وأتته رسل الفرنج بعكا- وهو بالسواد- تطلب الهدنة، فسار وبعث إليهم الأمير فخر الدين أغار القرى، والصدر فتح الدين ابن القيسراني كاتب الدرج، في حادي عشري رمضان، ونزل السلطان. بمروج قيسارية فعقد الهدنة مع الفرنج لمدة عشر سنين وعشرة أشهر وعشرة ساعات من التاريخ المذكور وخرج أهل عكا لمشاهدة العسكر، فركب السلطان ولعب هو وجميع العسكر بالرمح.
ورحل السلطان إلى دمشق فدخلها ثاني شوال، وحضرت رسل التتار في طلب الصلح. فجهز السلطان إليهم الأمير مبارز الدين الطوري أمير طبر، والأمير فخر الدين القري الحاجب، ومعهما الرسل وهدية لأبغا بن هولاكو وغيره، فساروا في خامس عشره، فلما قدما على أبغا أكرمهما وأخلع عليهما وأعادهما.
وفيه كثر اشتغال السلطان بعمل النشاب بيده، فاقتدي به جميع الأمراء والخواص، وكتب إلى الملك السعيد وسائر النواب بذلك، فلم يبق أحد إلا وهو متوفر على العمل. وعمل السلطان جملة نشاب بيده، نحتها وريشها ونصلها.
فلما صحي السلطان توجه إلى حصن الأكراد، ووصل إليه في حادي عشري ذي الحجة، وشاهد العمارة به، وأمر جميع من معه من الأمراء بنقل حجارة المنجنيق إلى داخل القلعة، ونقل معهم بنفسه، ثم نزل وعمل بيده في مرئة مكان بالخندق، وحفر بنفسه، ثم سار إلى حصن عكار، وعمل في عمارته بيده أيضاً، وأمر برمي المنجنيقات ليعرف مواضع سقوط أحجارها، وعاد إلى حصن الأكراد، وخلع على من به من الأمراء وأرباب الوظائف، وخرج يتصيد، فكان الذي خلعه خمسمائة تشريف على من أحضر إليه الصيد.
وفي هذه السنة: امتحن قاضي القضاة شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد ابن على بن سرور بن واقع بن حسن بن جعفر المقدسي الحنبلي: وذلك أن القضاة الأربعة الذين ولاهم السلطان الملك الظاهر بديار مصر، كان كل منهم يستنيب قضاة عنه في النواحي، وكان لتقي الدين شبيب الحراني أخ ينوب عن قاضي القضاة شمس الدين الحنبلي بالمحلة فعزله، فغضب شبيب لذلك، وكتب ورقة للسلطان بأن عند القاضي القضاة شمس الدين الحنبلي ودائع للتجار من أهل بغداد وحران والشام، بجملة كبيرة وقد ماتوا، فاستدعاه السلطان وسأله عن ذلك، فأنكر وحلف ووري في يمينه، فأمر السلطان بالهجم على داره، فوجد فيها كثير مما ادعاه شيب: بعضه قد مات أهله، وبعضه لقوم أحياء فأخذ السلطان مما وجد لمدة الزكاة سنين، وسلم لمن كان حيا وداعته وغضب السلطان عليه واعتقله، وأوقع الحوطة على داره في يوم الجمعة ثاني شعبان.
وسار السلطان إلى الشام قاضي شمس الدين الحنبلي في الاعتقال. ممصر، فتسلط شبيب عليه وادعي أنه حشوي، وأنه يقدح في السلطان، وكتب بذلك محضراً، فأمر الأمير بدر الدين بيليك نائب السلطنة بعقد مجلس، فعقد في يوم الإثنين حادي عشره، وحضر الشهود، فنكل بعضهم وأقام بعضهم على شهادته فأحرق النائب. بمن شهد وجرسهم، وذلك إنه تبين له تحامل تقي الدين شبيب على القاضي، واعتقل شبيب ووقعت الحوطة على موجوده، وأعيد القاضي إلى اعتقاله بقلعة الجبل، فأقام معتقلا سنتين، ولم يول السلطان بعده قضاء الحنابلة أحدا.
وفيها قدم الشريفان جماز وغانم بن إدريس مكة، وملكاها أربعين يوما، ثم قدم أبو نمي فملكها منهما. وفيها ولدت زرافة بقلعة الجبل في جمادى الآخرة، فأرضتها بقرة، وليها ولدت امرأة بدمشق في بطن واحد سبعة بنين وأربع بنات، وكانت مدة حملها أربعة أشهر وعشرة أيام، فماتوا كلهم وعاشت الأم.

.ومات في هذه السنة من الأعيان:

تاج الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن رضي الدين أبي عبد الله محمد بن عماد الدين أبي حامد محمد بن يونس الموصل الشافعي، عن اثنتين وسبعين سنة ببغداد.
وتوفي كمال الدين أبو الفضل سلار بن الحسن بن عمر بن سعيد الإربلي الشافعي، بدمشق عن سبعين سنة.
وتوفي عماد الدين أبو عبد الله محمد بن سني الدين أبي الغنائم سالم بن الحسن بن هبة الله محفوظ بن صصرى التغلبي الدمشقي، بها عن، سبعين سنة.
وتوفي أمين الدين أبو الحسن على بن عثمان بن على بن سليمان الإربلي الأديب الشاعر، وقد ترك الجندية وتنتك، عن ثمان وستين سنة، بطريق الفيوم.
ومات ببلد الخيل عليه السلام الشيخ على البكا، الرحل الصالح، في أول شهر رجب، وله كرامات كثيرة.