فصل: سنة ثالث وتسعين وسبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك (نسخة منقحة)



.سنة ثالث وتسعين وسبعمائة:

أهل المحرم يوم الجمعة.
ففي ثانيه: عزل السلطان أكثر ولاة أعمال مصر، ورسم ألا يولي أحد ممن باشر الولاية، وأن يُعين الأمير سودن النائب جماعة من مقدمي الحلقة، فأحضر مقدمي الحلقة واختار منهم ثلاثة وهم: شاهين الكلفتي استقر في الغربية، وطرقجى في ولاية البهنسا، وقجماس السيفي في المنوفية، وأخلع عليهم في رابعه.
وفي سادسه: قدم البريد من دمشق بأن الأمير يلبغا الناصري تنافس هو والأمير الكبير أيتمش، فأظهر الخروج عن الطاعة، ولبس السلاح، وألبس حاشيته. ونادى بدمشق من كان من جهة منطاش فليحضر، فصار إليه نحو الألف ومائتي فارس من المنطاشية، فقبض عليهم كلهم وسجنهم، وكتب إلى السلطان يُعَرِّفه بذلك، فأجابه بالشكر والثناء.
وفي سادس عشره: قُبض على الصاحب موفق الدين أبي الفرج، وألزم بحمل ستين ألف درهم، وقُبض على الصاحب علم الدين سن إبرة، وأُلزم بعشرين ألف درهم، وعلى الصاحب سعد الدين بن البقري، وألزم بسبعين ألف درهم.
وفي ثامن عشره: ولي شيخ الحديث زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي تدريس الظاهرية العتيقة ونظرها، بعد وفاة القاضي صدر الدين عمر بن عبد المحسن بن رزين، ونقل القاضي فخر الدين محمد القاياتي إلى مكانه بإيوان المدرسة الصالحية، للحكم بين الناس.
وفيه نودي لا يركب متعمم فرساً إلا أرباب الوظائف الكبار، ومن وجد عنده فرس أخذت منه.
وفي يوم الأحد ثامن صفر: هدمت سلالم باب مدرسة السلطان حسن، والسلالم التي تصعد إلى السطح، والمناراتان منها، وفتح بابها من شباك بالرميلة تجاه باب السلسلة، وصار يتطرق إليها منه، ويقف المؤذنون عنده ويؤذنون في أوقات الصلاة، واستمر الأمر على ذلك.
وفي تاسعه: قدم الأمير سيف الدين كُمُشْبُغا الحموي من حلب، فخرج الأمير سودن النائب إلى لقائه، ومعه الحجاب وعدة من الأمراء. وصار به إلى القلعة، فَقَبّل الأرض وجلس فوق الأمير اٍينال اليوسفي أتابك العساكر، ونزل إلى دار أعدت له، وبعث إليه السلطان ثلاثة أروس من الخيل بقماش ذهب، وعدة بقج قماش. وبعث إليه كل من أمراء الألوف فرساً بقماش ذهب، وقدم إليه أمراء الطبلخاناه وغيرهم عدة تقادم من جند وغير ذلك.
وحضر مع الأمير كُمشبغا الأمير حسام الدين حسن الكجكنة- نائب الكرك- في عدة من الأمراء.
وفي حادي عشره: قدم البريد بأن العساكر وصلت إلى مدينة عينتاب، ففر منطاش إلى جهة مرعش، وحضر عدة من جماعته إلى الطاعة.
وفيه حضر الأمير أقبغا المارديني نائب الوجه القبلي، فقبض عليه وسجن بخزانة شمايل في صورة أنه كثر ظلمه وتعسفه. وهذه عادة السلطان، أنه يصير على أعدائه فلا ينتقم منهم لنفسه حتى يتهيأ له فيهم ما يوجب العقوبة فيأخذهم بذلك الذنب، ولا يظهر أنه انتقم لنفسه، وذلك من حسن ملكته وثباته، واستقرى هذا، تجده كما قلت لك.
وفي خامس عشره: أحضر الأمير حسام الدين حسن بن باكيش نائب غزة من السجن، وضُرب بالمقارع بين يدي السلطان، وأحضر أقبغا المارديني وضرب على أكتافه. وأمر والي القاهرة بتخليض حقوق الناس منه.
وفيه استقر الأمير مبارك شاه كاشف الجيزية، عوضاً عن محمد بن ليلى.
وفي تاسع عشره: استقر الأمير يلبغا الأسعدي المجنون نائب الوجه القبلي، عوضاً عن أقبغا المارديني، واستقر أسنبغا السيفي في ولاية الفيوم وكشف البهنسا والأطفيحية، عوضاً عن يلبغا الأسعدي، واستقر تقطاي الشهابي والي الأشمونين، عوضاً عن أسنبغا السيفي.
وفي حادي عشرينه: استقر دمرداش السيفي نائب الوجه البحري، عوضاً عن الشريف بكتمر.
وفي تاسع عشرينه: أحضر القاضي شهاب الدين أحمد بن محمد بن الحبال، قاضي الحنابلة بطرابلس، وضرب بين يدي السلطان، بسبب قيامه مع منطاش وأخذ طرابلس، وقتل من قتل بها، وأن ذلك كان بفتواه لهم.
وفيه وسط من الزهور المقبوض عليهم من الوجه البحري نحو السبعين، بعد تسميرهم وإشهارهم بالقاهرة، وكانوا قد أكثروا من الفساد وقطع الطريق على المسافرين، وأخذ أموالهم.
وفيه سار الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي هلال رسول صاحب تونس بجواب كتابه وهدية سنية.
وفي سابع شهر ربيع الأول: استقر الأمير يونس القشتمري نائب الكرك، عوضاً عن قديد.
وفي ثامنه: أنعم بإقطاع أرغون البجمقدار العثماني نائب الإسكندرية على الأمير حسن الكجكني، وأخرج أرغون منفياً إلى الإسكندرية.
وفيه خرج البريد بإحضار الأمير الكبير أيتمش من دمشق، فسار الأمير قُنقباي الأسعدي رأس نوبة لذلك.
وفي عاشره: قدم الأمير أبو يزيد والشيخ شمس الدين محمد الصوفي على البريد من الشام.
وفي ثالث عشره: شدد العقاب على ابن باكيش لإحضار المال، وقبض على الشريف بكتمر بسبب إهماله مستخرج تزوجه، ثم أُفرج عنه على أن يحمل مائة ألف درهم.
وفيه استقر الأمير علاء الدين بن الطشلاقي في ولاية قطيا، والتزم فيها بحمل مائة ألف وثلاثين ألف درهم، في كل شهر.
وفيه توجه يلبغا السالمي على البريد بتقليد الأمير نُعير الإمرة على عادته.
وفي يوم الأحد أول شهر ربيع الآخر: استقر برمش الكمشبغاوي حاجب الحجاب بطرابلس. واستقر الحاج محمد بن عبد الرحمن مقدم الخاص في تقدمة الدولة، عوضاً عن عبيد البازدار بعد موته، فصار مقدم ديواني الخاص والدولة.
وفي تاسع عشره: قبض على الأمير شاهين أمير آخور، ونُفي إلى الصعيد.
وفي يوم الاثنين رابع جمادى الأولى: قدم الأمير الكبير أيتمش من دمشق على البريد، فتلقاه الأمير سودُن النائب، وقدم معه عدة من الأمراء منهم: آلابغا العثماني الدوادار حاجب دمشق، والأمير جنتمر أخو طاز، وأمير ملك ابن أخت جنتمر المذكور، وألطبغا أستادار جنتمر، ودمرداش اليوسفي، وألطبغا الحلبي، وكثير من المماليك السلطانية، فمثل بالخدمة السلطانية، وقبل الأرض، وجلس بالميسرة تحت الأمير سودُن النائب واحضر بالأمراء القادمين معه، وعدتهم ستة وثلاثون أميراً، وبشهاب الدين أحمد بن عمر القرشي قاضي دمشق، وبفتح الدين محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن الشهيد كاتب السر بدمشق، وابن مشكور ناظر الجيش بدمشق، وكلهم في القيود. فوبخ السلطان الأمير ألطبغا الحلبي، والأمير جنتمر، وابن القرشي وأطال الحديث معهم، وكانوا قد قاتلوه في محاصرته لدمشق، وأفحشوا في أمره فحشاً زائداً، حتى أن ابن القرشي كان يقف على الأسوار وينادي إن قتال برقوق أوجب من صلاة الجمعة، ويجمع العامة ويحرضهم على محاربته. ثم أمر السلطان بهم فسجنوا، وأُسلم ابن مشكور لشاد الدواوين، فعصر والتزم بحمل سبعين ألف درهم، وأفرج عنه. ونزل الأمير أيتمش إلى داره، وبعث إليه السلطان بإنعام كثير، وقدم إليه جميع الأمراء على قدر حالهم.
وفي ثالث عشره: وقع الهدم في أملاك تجاه باب حارة الجوانبة بالقاهرة، وشرع الأمير محمود في عمارة وكالة.
وفيه أحضر من الزهور ستة وثلاثون رجلاً، وقدم الأمير جبرائيل الخوارزمي فاراً من منطاش، فلم يؤاخذه السلطان، ورسم له بالمثنى في الخدمة مع الأمراء.
وفي ثامن عشرينه: استقر جمال الدين محمود بن محمد بن إبراهيم المعروف بابن الحافظ في قضاء الحنفية بحلب، عوضاً عن محب الدين محمد بن محمد بن الشحنة، واستقر جمال الدين محمود بن العديم في قضاء عسكر حلب، عوضاً عن ابن الحافظ، والشريف حمزة الجعفري في وكالة بيت المال بحلب ونظر جامعها، واستقر المعري في قضاء الشافعية بطرابلس، عوضاً عن شهاب الدين أحمد السلاوي، واستقر علم الدين أبو عبد اللّه محمد بن محمد القفصي في قضاء المالكية بدمشق، عوضاً عن السكسيوي، وهي ولايته الخامسة، ثم عزل بالبرهان أبي سالم إبراهيم بن محمد بن علي الصنهاجي. وولى ابن المنجا قضاء الحنابلة بدمشق، عوضاً عن شرف الدين عبد القادر. وولى جمال الدين أبو الثناء محمود بن قاضي العسكر حافظ الدين محمد بن إبراهيم بن سنبكي قضاء الحنفية بحلب، عوضاً عن علي بن الشحنة.
وبرهان الدين إبراهيم التادلي في قضاء المالكية بدمشق، عوضاً عن برهان الدين إبراهيم بن القفصي. وبدر الدين محمد بن شرف الدين موسى بن الشهاب محمود في نظر الجيش بحلب، وخلع على الجميع.
وفيه أفرج عن أقبغا المارديني من خزانة شمايل، وعن طاش بغا السيفي.
وفي يوم الاثنين ثاني جمادى الآخرة: قبض على أسندمر الشرفي، وإسماعيل التركماني، وكزل القرمي، وأقبغا البجاسي، وصربغا، وتسلمهم والي القاهرة.
وفي تاسعه: قبض أيضاً على أحد عشر أميراً وهم: قطلوبغا الطشتمري الحاجب، وتَقْطاي الطشتمري، وآلابغا الطشتمري، وقرابغا السيفي، وأقبغا السيفي، وبيبغا السيفي، وطيبغا السيفي، ومحمد بن بيدمر نائب الشام، وجبرائيل الخوارزمي، ومنجك الزيني، وأرغون شاه السيفي.
وفيه سُمر أسندمر الأشرفي رأس نوبة، وأقبغا الظريف البجاسي، وإسماعيل التركماني أمير البطالين في أيام منطاش، وكُزَل القرمي، وصربغا، وشهروا بالقاهرة، ثم وسطوا بالكوم، ولم يعهد مثل هذا يفعل إلا بقطاع الطريق.
وفيه أُحضر الأمير ألطبغا الحلبي، وألطُنبغا أستادار جَنتمُر إلى مجلس قاضي القضاة شمس الدين محمد الركراكي المالكي، وأُدعى عليهما بما يقتضي القتل، فسجنهما بخزانة شمايل مقيدين.
وفي ثاني عشره: قبض على الأمير صَنْجقَ.
وفي خامس عشره: شكا رجل شهاب الدين أحمد بن عمر القرشي للسلطان فأحضر من السجن، واستدعى عليه غريمه بمال له في قلبه، وبدعاوى شنعة، فضرب بالمقارع وسلم إلى والي القاهرة ليخلص منه مال المدعي الذي أَقَرَّ به، فوالى ضربه وعصره مراراً، وسجنه بخزانة شمايل.
وفي تاسع عشره: استقر الأمير قُطْلُوبغا الصفوي حاجب الحجاب، واستقر الأمير بدخاص حاجب الميسرة، واستقر الأمير قديد نائب الكرك حاجباً ثالثاً، واستقر الأمير على باشاه حاجباً رابعاً.
واستقر يلبغا الآشْقَتُمري أمير أخور في نيابة غزة، وناصر الدين محمد بن شهري في نيابة ملطية.
وفي ثاني عشرينه: وقف شخص وادعى أن أمير ملك- ابن أخت جَنتَمُر- أخذ له ستمائة ألف درهم، وأغرى به منطاش حتى ضربه بالمقارع، فأحضر وادعى عليه غريمه فضرب بالمقارع ضرباً مبرحاً، وتسلمه والي القاهرة، فمات ليلة خامس عشرينه. وفي يومه استقر أرغون شاه الإبراهيمي الخازندار حاجب الحجاب بدمشق، عوضاً عن آلابغا العثماني. واستقر آلابغا في نيابة حماة، وخرج البريد بتقليده.
وفيه أُنعم على كل من قاسم ابن الأمير الكبير كُمُشبغا الحموي، ولاجين الناصري، وسودن العثماني النظامي، وأرغون شاه الأقبغاوي، وسودُن باشاه الطاي تُمري، وشكرباي العثماني، وقجقار القَرْمُشي بإمرة طبلخاناه. وعلى كل من قطلوبغا الطَقتمُشي، وعبد الله أمير زاه بن ملك الكرُجْ وكُزَل الناصري، وآلان اليحياوي، وكُمُشبغا الإسماعيلي طاز، وقَلَمْطاي العثماني بإمرة عشرة.
وفيه قدم آقبغا الصغير نائب غزة بطلب.
وفيه قبض على مماليك الأمير بركة، والمماليك الذين خدموا منطاش، وتُتُبعوا من سائر المواضع، وأُخذوا من كل مكان.
وفي ثاني عشرينه: عرضهم السلطان، وأفرج عن جماعة منهم.
وفي خامس عشرينه: ضرب ابن القرشي نحو مائتي شيب بالمقارع، عند الوالي.
وفي سادس عشرينه: استقر الصارم والي القاهرة في ولاية الأشمونين، عوضاً عن تُقْطاي الشهابي.
وفي أخريات هذا الشهر: ظهر كوكب طوله نحو ثلاثة أرماح، قليل النور، يرى في أول الليل ويغيب نصف الليل، أقام ليالي واختفي.
وفي أول شهر رجب: قدم منطاش دمشق، وسار إليها من مرعش على العمق، حتى قارب من حماة، فانهزم منه نائبها إلى جهة طرابلس من غير لقاء، ودخلها منطاش، ولم يحدث حدثاً. وتوجه منها إلى حمص، ففر منه أيضاً نائبها إلى دمشق، ومعه نائب بعلبك، فخرج الأمير يلبغا الناصري يريد لقائه من طريق الزبداني، فثار أحمد شكر بجماعة البيدمرية، ودخل دمشق من باب كيسان، وأخذ ما في الإصطبلات من الخيول، وخرج في يوم الأحد تاسع عشرين جمادى الآخرة. وقدم منطاش في يوم الإثنين أول رجب من طريق أخرى، ونزل القصر الأبلق، ونزل جماعته حوله. وقد أَحضر إليه أحمد شكر من الخيول التي نهبها ثمانمائة فرس، وندبه ليدخل المدينة ويأخذ من أسواقها المال، فبينا هو كذلك إذ قدم الناصري بعساكر دمشق فاقتتلا قتالاً كبيراً مدة أيام.
وفي ثالثه: استقر أمير بن الدمر في ولاية الغربية، عوضاً عن شاهين الكلفتي.
وفي خامسه: ورد البريد من حلب بدخول منطاش إلى دمشق، ومحاربة الناصري له، كما ذكر.
وفي تاسعه: ضرب الشهاب أحمد بن عمر القرشي حتى مات بخزانة شمايل، وأُخرج من وقف الطرحاء.
وفي حادي عشره: اجتمع القضاة والأمير بدخاص الحاجب بشباك المدرسة الصالحية بين القصرين من القاهرة، وأحضر الأمير ألطبغا دوادار جَنْتمر، وأوقف تحت الشباك في الطريق، وادعى عليه. مما اقتضى إراقة دمه، وشُهد عليه به، فضرب عنقه، وشهد أيضاً على الأمير ألطبغا الحلبي، فضرب عنقه وحملت رؤسهما على رمحين. ونودي عليها في القاهرة.
وفي سادس عشره: أخذ قاع النيل، فجاء أربعة أذرع، وعشرون إصبعاً وفي رابع عشرينه قدم على ابن الأمير نُعير، فقبض عليه.
وفي خامس عشرينه: خلع على نجم الدين الطبدى خلعة استمرار.
وفي سابع عشرينه: قدم البريد من دمشق باستمرار الحرب بين الناصري ومنطاش، وأن منطاش انكسر، وقتل كثير ممن معه، وفر معظم التركمان الذين قدم بهم، وصار محصوراً بالقصر الأبلق.
وفيه استقر الصارم إبراهيم الباشَقَردي في ولاية أسوان، عوضاً عن الصارم الشهابي. وفيه أحضر أنواط- كاشف الوجه البحري- سبعين رجلاً من العرب الزهور وخيولاً كثيرة، فوسط منهم ستة وثلاثون رجلاً.
وفي الأول من شعبان: رسم بتجهيز الأمراء للسفر إلى الشام، وشرع الوزير وناظر الخاص في تهيئة بيوتات السلطان، وعمل ما يحتاج إليه في السفر.
وفي خامسه: قدم البريد من صفد بأن منطاش فر من دمشق، وتبعته العساكر، فسر السلطان والأمراء بذلك.
وفيه قتل حسام الدين حسين بن باكيش، وسببه أن الخبر ورد بأن ولده جمع كثيراً من العشير، ونهب الرملة وقتل عدة من الناس.
وفي سادسه: ضرب حسين بن الكوراني بالمقارع.
وفي عاشره: نصب جاليش السفر، ورسم للقضاة بالتهيؤ إلى السفر.
وفي حادي عشره: تسلم الأمير علاء الدين علي بن الطبلاوي: الأمير صراي تمر داودار منطاش، وتَكا الأشرفي، ودمرداش اليوسفي، ودمرداش القَشتمري، وعلي الجركتمَري، فقتلوا، إلا علي الجَرْكَتَمري فإنه عصر، وقُتل بعد ذلك هو وقطلوبك صفد.
وفي ثاني عشره: عرض السلطان المحابيس من المنطاشية، وأفرد منهم جماعة للقتل، فقتل في ليلة الأحد ثالث عشره منهم: الأمير جَنتمُر أخو طاز وابنه، وألطبغا الجُربُغاوي، والطواشي تُقْطاي الطَشتَمُري، وفتح الدين محمد بن الشهيد، ضربت أعناقهم بالصحراء.
وفي خامس عشره: صرف مجد الدين إسماعيل عن قضاء القضاة الحنفية، واستقر عوضه جمال الدين محمود العجمي القيصري، ونزل معه بعدما خلع عليه الأمير بُطا الدوادار، والأمير جُلبان رأس نوبة في عدة من الأمراء، وسائر القضاة، فكان يوماً مشهوداً. وكتب له في توقيعه الجانب العالي، كما كتب للعماد أحمد الكركي، وهما أول من كُتب به ذلك من قضاة القضاة ولم يُكتب هذا لأحد من المتعممين إلا للوزير فقط، ويكتب للقضاة المجلس العالي، فكتب للعماد الكَرَكي الجناب العالي، وتشبه به الجمال محمود، فكتب له ذلك، واستمر لمن بعدهما.
وفي سابع عشره: أخرج أمير حاج بن مُغْلطاي إلى دمياط، وأخرج الأمراء البطالون إلى ثغر الإسكندرية، وأفرج عن تَلكتمر الدوادار، وصراتمر دوادار يونس الدوادار، ونزلا إلى بيوتهما.
وفي ثامن عشره: قبض على عدة من الأمراء، وسجنوا، وأُمض من الغد فيهم قضاء الله، الذي لا يرد.
وفيه تعين لنيابة الغيبة بديار مصر الأمير الكبير كُمُشْبُغا الحموي، وتحول الإصطبل السلطاني. وتحول الأمير سودن النائب إلى قلعة الجبل، ومعه الأمير بجاس- النوروزي، وأقام بالقلعة ستمائة مملوك عليهم تغرى بردى رأس نوبة، والأمير الطواشي صواب السعدي. وتعين للإقامة بالقاهرة الأمير قُطلوبغا الصفوي، حاجب الحجاب، والأمير بدخاص السودوني أمير حاجب، وقديد وطغاي تمر باشاه، وقرابغا الحاجب، في عدة من أمراء العشراوات.
ورسم لشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني وقضاة العسكر، ومفتيين دار العدل، وبدر الدين محمد بن أبي البقاء الشافعي، وبدر الدين محمد بن فضل الله العمري بالسفر، فتجهزوا لذلك. ونزل السلطان بعد صلاة الظهر من القلعة، وسار إلى الوطاق بالريدانية خارج القاهرة، وتلاحقت الأمراء والعساكر وأرباب الدولة به.
وفي ثاني عشرينه: قبض على الأمير ناصر الدين محمد بن أقبغا آص بالريدانية، وضرب على إحضار أربعمائة ألف درهم فضة. ورسم للأمير علاء الدين علي بن سعد الدين عبد الله بن محمد الطلاوي الوافي بالتحدث في شد الدواوين، عوضاً عن ابن أقبغا آص، وسلم إليه، فشدد في عقوبته ووجد له سبعون فرساً وأربعون جملاً، وأربعة وعشرون مركباً في النيل، وقماش كثير.
وفي ثالث عشرينه: استقر شمس الدين محمد بن الجزري المقرئ في قضاء القضاة الشافعية بدمشق، عوضاً عن شرف الدين مسعود، بمال قام به، وأخرج بسائر من في خزانة شمايل إلى الريدانية، وعُرضوا على السلطان، فأفرد منهم سبعة وثلاثين رجلاً للقتل، منهم: محمد بن الحسام أستادار أرغون أسكي، وأحمد بن النقوعي، ومقبل الصفوي، فغُرِقوا في النيل. وسمر منهم سبعة وهم: شيخ الكريمي، وأسندمر والي القلعة، وثلاثة من أهل الشام، واثنان من التركمان، ثم وسطوا.
وفي رابع عشرينه: استقر ناصر الدين محمد بن رجب بن تلفت في شد الدواوين. وأنعم على الأمير سيدي أبي بكر بن نقر الجمالي بإمرة طبلخاناة، ورسم به بإمرة الحاج.
وفي سادس عشرينه: رحل السلطان من الريدانية.
وفيه نودي بالقاهرة أن يتجهز الناس للحج، على العادة.
وفي ليلة الثلاثاء تاسع عشرينه: قتل اثنا عشر من الأمراء، منهم الأمير أرغون شاه السيفي، وآلابغا الطشتمري، وآقبغا السيفي، وبزلار الخليلي.
وفي ليلة الأربعاء سلخه: قتل من الأمراء سنجق الحسني، وقرابغا السيفي، ومنصور حاجب غزة.
وفي يوم الأربعاء: قدم البريد من السلطان بكسرة منطاش وفراره في سادس عشره، ومعه عنقاء بن شطي، فدقت البشائر، وتخلق الأمراء والممالك، ونودي بذلك في القاهرة.
وفي رابع شهر رمضان: قدم بريد السلطان بنزوله قطيا، وأن الأخبار صحت بفرار منطاش من دمشق في خمسين فارساً.
وفيه قدم الأمير ناصر الدين محمد بن رجب بمثال سلطاني إلى الأمير جمال الدين محمد الأستادار، فإذا هو يتضمن مسكه، وإلزامه بحمل مائة وستين ألف درهم، فقبض عليه، وأخذ منه سبعين ألف درهم.
وفي سادس شهر رمضان: زينت القاهرة.
وفيه أخرج الأمير كُمُشبغا مائتي فارس من أجناد الحلقة إلى كاشف الوجه البحري، تقوية له.
وفيه وُسط أحمد بن علاء الدين علي بن الطشلاقي، والي قطيا.
وفي ثامنه: قلعت الزينة من القاهرة، ولم يكن للزينة سبب يقتضي ذلك.
وفيه استقر بهاء الدين محمد بن البرجي موقع الدست في حسبة القاهرة، عوضاً عن نجم الدين محمد الطنبدي بمال قام به للأمير كُمُشبغا.
وفي عاشره: نودي على النيل بعد توقفه أياماً، وكان عاشر مسرى- وقد ارتفعت الأسعار- فتوالت الزيادة في نهاره، حتى أوفي النيل ستة عشر ذراعاً وكسر الخليج وخرج شرف الدين بن أبي الرداد على البريد ببشارة الوفاء.
وفيه قبض على بكتمر- دوادار الجوباني- فهرب، ولم يوقف له على خبر.
وفي ثاني عشرينه: دخل السلطان إلى دمشق وقد زينت له، وخرج الأمير يلبغا الناصري إلى لقائه. بمنزلة اللجون، فكان يوماً مشهوداً.
وفيه نودي بدمشق بالأمان. وصلى يوم الجمعة ثالث عشرينه بدمشق صلاة الجمعة في جامع بني أمية. وعندها انقضت الصلاة نادى الجاويش في النادي بالأمان، والماضي لا يعاد، ونحن من اليوم تعارفنا، فضج الناس بالدعاء للسلطان، وقد كانوا مترقبين بلاء كبيراً ينزل بهم منه، لسوء ما فعلوا معه في السنة الماضية، وكثرة مبالغتهم في سبه، وإعلانهم بفاحش القول له، وهم يقاتلونه.
وفي ثاني عشرينه: استقر الأمير كمشبغا نائب الغيبة بشاهين الكلفتي في كشف الوجه البحري، وعزل أنواط السيفي، وقبض عليه.
وفي ليلة الأحد خامس عشرينه: قتل خارج القاهرة أمير علي الجَركتمُري القازاني، المهمندار في أيام منطاش.
وفي تاسع عشرينه: نودي في القاهرة. بمنع النساء من الخروج يوم العيد إلى الترب، ومن خرجت وسطت هي والمكاري والحمارة وألا يركب أحد في مركب للتفرج على النيل، وهدد من فعل ذلك بإحراق المركب، فلم يتجاسر أحد يخرج في العيد إلى القرافة، ولا إلى ترب القاهرة.
وفي ثاني شوال: قدم البريد بدخول السلطان إلى دمشق.
وقدم البريد بنزول خوندكار أبي يزيد بن عثمان ملك الروم إلى قيصرية وأخذها.
وفيه استقر قطلوبغا الصفوي في ولاية قليوب، وعزل تنكز البريدي.
وفي سابعه: خرج السلطان من دمشق، يريد حلب.
وفيه استقر فخر الدين عبد الرحمن بن مكانس في وزارة دمشق، وعزل ابن الجزري عن قضاء دمشق قبل أن يدخل إلى دمشق، وأعيد مسعود.
وفي تاسع عشره: قدم البريد إلى القلعة بتوجه السلطان إلى حلب، وأنه ورد عليه دوادار الأمير سولي بن دلغادر بهدية، فيها مائة بقجة قماش، ومائتا فرس، وهو يعتذر عن أخذ سيس، وبعث مفاتيحها، وسأل تعيين من يتسلمها منه، وأنَ نعير ومنطاش نزلا الرحبة وجعبر.
وفيه استقر محمد بن صحفة بن الأعسر في ولاية الأشمونين وعزل الصارم، واستقر محمد بن قرابغا في ولاية دمياط وعزل صديق.
وفي ثالث عشرينه: نودي بالقاهرة ألا تلبس امرأة قميصاً واسعاً، ولا تزيد على تفصيل القميص من أربعة عشر ذراعاً. وكان النساء بالغن في سعة القمصان، حتى كان يفصل القميص الواحد من اثنين وتسعين ذراعاً من البندقي الذي عرضه ثلاثة أذرع ونصف، فيكون مساحة القميص زيادة على ثلاثة وعشرين ذراعاً. وفحش هذا حتى تشبه عوام النساء في اللبس بنساء الملوك والأعيان.
وفي ليلة الأحد رابع عشرينه: أحضر الأمير محمد شاه بن بيدمر من الإسكندرية، فقتل خارج القاهرة ليلة الاثنين خامس عشرينه.
وفي سادس عشرينه: صرف نور الدين علي بن عبد الوارث عن حسبة مصر بالشريف أحمد بن محمد بن حسن بن حيدرة، المعروف بابن بنت عطا، قاضي الحنفية بثغر الإسكندرية.
وفي سلخه: قدم البريد بدخول السلطان إلى حلب في ثاني عشرينه، وأن بدر الدين محمد بن علي بن فضل الله العمري، أعيد إلى كتابة السر، وعزل علاء الدين علي بن عيسى الكركي لضعفه.
وفي يوم الأحد أول ذي القعدة: دقت البشائر، واستمرت ثلاثة أيام.
وفي ثانيه: ندب الأمير كُمُشْبُغا نائب الغيبة جماعة نزلوا إلى أسواق القاهرة وشوارعها، وقطعوا أكمام النساء الواسعة، فامتنع النساء من يومئذ أن يمشين بقمصان واسعة مدة نيابة الأمير كمشبغا، ثم عدن إلى ذلك بعد عود السلطان.
وفيه ورد الخبر بالقبض على منطاش، ولم يصح ذلك.
وفي ثالثه: قدم البريد بموت ناصر الدين محمد بن علي بن الطوسي، واستقرار ناصر الدين محمد بن حسن الفاقوسي موقع الدرج عوضه في توقيع الدست، وموت قاضي القضاة شمس الدين محمد الركراكي المالكي فأذن الأمير كمشبغا لنوابه بالحكم بين الناس على عادتهم.
وفي ثامنه- وهو عاشر بابه:- انتهت زيادة النيل، إلى إصبع، من عشرين ذراعاً.
وفي سادس عشرينه: قدم البريد من حلب بأن الخبر ورد بقبض سالم الذكرى على منطاش، وأن صاحب ماردين قبض على جماعة من المنطاشية حضروا إليه، فبعث السلطان قرا دمراش نائب حلب على عسكر، والأمير يلبغا الناصري نائب دمشق على عسكر، والأمير أينال اليوسفي أتابك العساكر على عسكر، فساروا لإحضار منطاش ومن معه، فنودي في القاهرة بالأمان، وقد حصل غريم السلطان، فدقت البشائر ثلاثة أيام.
وفيه استقر الأمير أيدمر الشمسي أبو زلطة في نيابة البحيرة، وعزل دمرداش السيفي.
وفي سابع عشرينه: قدم البريد من حلب بأن الأمير قرا دمرداش وصل بعسكر حلب إلى أبيات سالم الذكرى، وأقام أربعة أيام يطالبه بتسليم منطاش وهو يماطله، فحنق منه وركب بمن معه، ونهب بيوته، وقتل عدة من أصحابه. ففر سالم بمنطاش إلى سنجار، وامتنع بها. وأن الأمير يلبغا الناصري حضر بعساكر دمشق بعد ذلك، فأنكر على قرا دمرداش ما وقع منه، وأغلظ في القول، وهم بضربه، فكادت تكون فتنة كبيرة، وعادا، وأن الأمير أدينال وصل بعسكر مصر إلى رأس عين، وتسلم من صاحب ماردين الذين قبضهم من المنطاشية، وكبيرهم قشتمر الأشرفي، وحضر بهم وبكتاب صاحب ماردين، وهو يعتذر، ويعد تحصيل غريم السلطان.
وفي يوم الاثنين أول ذي الحجة: خرج السلطان من حلب يريد دمشق.
وفي سادسه: قدم البريد بأن السلطان لما بلغه ما جرى من قرا دمرداش وما وقع بينه وبين الناصري من الفتنة، وأنهما عادا بغير طائل، غلب على ظنه صحة ما نقل عن الناصري من أن قصده مطاولة الأمر مع منطاش، وأنه لم يحضر إلى دمشق إلا بمكاتبته له بذلك، وأَنه قصر في أخذه بدمشق، وأن سالم الذكرى لم يرحل بمنطاش إلى سنجار إلا بكتاب الناصري إليه بذلك. فلما قدم إلى حلب قبض عليه وعلى شهاب الدين أحمد بن المهمندار نائب حماة، وكشلي أمير أخور الناصري، وشيخ حسن رأس نوبته، وقتلهم في ليلة قبضهم.
وما برح يلبغا الناصري من مبدأ أمره سيئ الرأي والتدبير، حتى قيل عنه أنه ما كان مع قوم في أمر من الأمور إلا وانعكس عليهم أمرهم بواسطته.
وولى الأمير بطا الدوادار نيابة دمشق، والأمير جُلْبان الكمشبغاوي، رأس نوبة نيابة حلب، والأمير فخر الدين أياس الجرجاوي في نيابة طرابلس، والأمير دمرداش المحمدي في نيابة حماة. وأنعم على قرا دمرداش نائب حلب بإقطاع الأمير بُطا، وأنعم على الأمير أبي يزيد بن مراد الخازن بالدوادارية، عوضاً عن بطا بإمرة طبلخاناة، وأنعم على الأمير تاني بك اليحياوي بإقطاع جُلبان. ثم سار من حلب في أول ذي الحجة، فنودي بتبييض حوانيت قصبة القاهرة، فشرع الناس في ذلك.
وفي سادس عشره: قدم البريد بأن السلطان عاد إلى دمشق في ثالث عشره، وأنه قتل من الأمراء آلابغا العثماني، وسودن باق السيفي، وسمر ثلاثة عشر أميراً منهم: أحمد ابن بيدمر، ومحمد بن أمير علي المارديني، ويلبغا العلاي، وبغا بن السيفي نائب ملطية وكُمُشْبغا السيفي نائب بعلبك، وغريب الخاصكي، وقرابغا العمري.
وفي ثالث عشرينه: توجه السلطان من دمشق يريد القاهرة.
وفي رابع عشرينه: أعيد نور الدين علي بن عبد الوارث البكري إلى حسبة مصر.
وفي تاسع عشرينه: قدم مبشرو الحاج، وأخبروا بالسلامة والأمن وانقضت السنة وديار مصر قد ساسها الأمير كمشبغا أحسن سياسة، ولم يجسر أحد أن يتظاهر في مدة تحكمه بمنكر، ولا بحمل سلاح.

.ومات في هذه السنة من الأعيان:

ممن له ذكر، سوى من قتل من الأمراء المذكورين.
مات قاضي القضاة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ زين الدين أبو حفص عمر بن مسلم بن سعيد بن بدر بن مسلم القرشي، الواعظ الفقيه، الشافعي، قاضي دمشق، بخزانة دمشق، بعد عتاب شديد، في ليلة الأربعاء تاسع رجب.
ومات الأمير شهاب الدين أحمد بن الأمير الكبير سيف الدين الحاج آل ملك الجوكندار. ولد بالقاهرة، ثم أعطاه الملك الناصر محمد بن قلاون إمرة طبلخاناه في حياة أبيه، وما زالت بيده إلى الأيام الناصرية حسن، فأعطاه إمرة مائة، وبقي عليها إلى عاشر ربيع الآخر سنة خمس وسبعين وسبعمائة. ولي نيابة غزة، عوضاً عن طشبغا المظفري، فسار إليها وباشرها قليلاً.
وأعيد إلى القاهرة على إمرة أربعين، وعمل من جملة الحجاب، فاستمر إلى اثني ربيع الأول سنة تسع وتسعين، فاستعفي من الإمرة، وتركها، ولبس عباءة، وركب حماراً، ومشى بالأسواق، وتقنع بما يتحصل من أوقاف أبيه، وأقبل على عبادة اللّه، حتى مات يوم الأحد ثاني عشرين جمادى الآخرة.
ومات القاضي ولي الدين أبو العباس أحمد بن قاضي القضاة جمال الدين عبد الرحمن ابن محمد بن خير السكندري المالكي، في ثاني عشرين جمادى الآخرة. وقد برع في الفقه والأصول والنحو، وأفتى ودرس.
ومات الشيخ شهاب الدين أحمد بن الأنصاري الشافعي شيخ الخانقاة الصلاحية سعيد السعداء، في عاشر ذي القعدة. وكان مقتصداً في ملبسه، يجلس بحانوت الشهود، ويتكسب من تحمل الشهادات، فأثرى وكثر ماله لقلة مؤنه، فإنه لم يتزوج. وأوقف ربعاً على محرس شافعي عنده عشر طلبة بالجامع الأزهر. ثم سعى بالأمير سودن النائب حتى ولي مشيخة سعيد السعداء، فلم يتناول سوى نصيب واحد، وأنشأ بها مناراً يؤذن عليه، وعمر أوقافها وبالغ في الضبط مع ساعة مَلَكَةٍ، حتى مقته الجميع.
ومات الأمير حسام الدين حسين بن علي الكوراني، والي القاهرة مخنوقاً، في عاشر شعبان.
ومات الشيخ جلال الدين رسولا بن أحمد بن يوسف العجمي التباني الحنفي قدم إلى القاهرة وأخذ عن القوام الأتقاني الفقه، وسمع الحديث على علاء الدين علي التركماني. وأخذ العربية عن الجمال بن هشام، وعن ابن عقيل، والبدر ابن أم قاسم. وبرع في الفقه والأصول والنحو، وتصدى للتدريس والإفتاء عدة سنين، ودرس بمدرسة الأمير ألجاي، والمدرسة الصَرْغَتَمشية وغيرها.
وكان منجمعاً عن الناس، عرض عليه قضاء القضاة فامتنع. وشرح كتاب المنار في أصول الفقه. واختصر شرح البخاري لمغلطاي، وشرح مختصر ابن الحاجب في الأصول، ونظم كتاباً في الفقه وشرحه، وكتب التعليق على البزدوي، وكتب مختصراً في ترجيح مذهب أبي حنيفة، رحمه الله، وكتب على مشارق الأنوار في الحديث، وعلى تلخيص المفتَاح، وله رسالة في زيادة الإيمان ونقصانه، ورسالة في أن الجمعة لا يجوز إقامتها في مصر واحد.
ورسالة في الفرق بين الفرض العلمي والواجب. وتوفي خارج القاهرة يوم الجمعة ثالث عشر رجب. والتباني نسبة إلى موضع خارج القاهرة يقال له التبانة، كان يقف فيه سوق للتبن.
ومات الحاج عبيد بن البازدار مقدم الدولة، في يوم السبت رابع عشر صفر.
ومات شرف الدين عبد القادر بن محمد بن عبد القادر الحنبلي النابلسي، قاضي الحنابلة بدمشق، في يوم الأضحى؛ وقدم القاهرة غير مرة.
ومات الشيخ المعتقد على الروبي، في رابع عشرين ذي الحجة.
ومات صدر الدين عمر بن عبد المحسن بن رزين الشافعي، في ليلة الأحد سادس عشر المحرم، وكان من أجل خلفاء الشافعية بديار مصر.
ومات الشيخ زين الدين عمر بن مسلم بن سعيد بن عمر بن بدر بن مسلم القرشي الدمشقي الشافعي الواعظ؛ لم يجلس للوعظ حتى حفظ أربعين مجلساً.
وبرع في الحديث والفقه والتفسير. وقدم القاهرة ووعظ بها، وحصل له القبول التام. ومولده في شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة. ومات بدمشق في الاعتقال، بسبب ولده القاضي شهاب الدين أحمد.
ومات فتح الدين أبو بكر محمد بن عماد الدين أبى إسحاق إبراهيم بن جلال الدين أبى الكرم محمد المعروف بابن الشهيد الدمشقي الشافعي، كاتب السر بدمشق. كان وافر الفضيلة، عالماً بالفنون، عارفاً في الأدب، مشاركاً في عدة علوم، مليح الكتابة، صحيح الفهم، رئيساً، عالي الرتَبة، رفيع المنزلة، له محاضرة لا تمل، نشأ بدمشق، وأخذ عن مشايخ عصره، وكتب في الإنشاء، ثم ولى كتابة السر بدمشق، ومشيخة الشيوخ، وتدريس الظاهرية، ونظم كتاب السيرة النبوية لابن هشام، وله نظم ونثر وتواليف مفيدة. مات بدمشق في ليلة التاسع والعشرين من شعبان.
ومات أخوه نجم الدين محمد في يوم الجمعة سادس ذي القعدة، ودفن على أخويه فتح الدين محمد، وشمس الدين محمد. وباشر توقيع الدست وكتابة سر طرابلس، وسيس وحماة. وأقام بسيس نحو عشرين سنة، ثم قدم إلى القاهرة حتى مات بها، عن نحو تسعين سنة.
ومات ناصر الدين محمد بن علي الطوسي، موقع الدست، في ثاني عشرين شوال، بحلب.
ومات الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف بن محمد الزيلعي الحنفي، الرجل الصالح، في ثاني عشرين المحرم.
ومات أمين الدين محمد بن الحسن الأنفي المالكي، المحدث الفاضل. ومولده في شوال سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وسمع من البنديجي وغيره.
ومات قاضي القضاة شمس الدين محمد بن يوسف الركراكي المالكي، بحمص، في رابع عشر شوال.
ومات الشيخ تقي الدين محمد بن أحمد بن محمد بن حاتم، شيخ الحديث، في أول ذي القعدة.
ومات الشيخ المقرئ شمس الدين محمد بن محمد بن أَحمد العسقلاني، إمام جامع أحمد بن طولون، في حادي عشر المحرم، أخذ عن التقى الصايغ.
ومات المهتار ناصر الدين محمد بن على الشيخي، في ليلة الثلاثاء أول ربيع الأول.