فصل: سنة ثمان وتسعين وسبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك (نسخة منقحة)



.سنة ثمان وتسعين وسبعمائة:

أهل المحرم يوم الأحد.
ففي ثانيه: تناقص سعر القمح وأبيع الأردب بستين درهماً.
وفيه غير السلطان كتاب وقف مدرسته، وكان شرط النظر عليها من بعده للقضاة، فجعله لمن يكون سلطاناً.
وفي خامسه: قرر الأمير قلمطاي الدوادار في نظرها، ونزل إليها بالتشريف في موكب جليل.
وفي تاسعه: توجه السلطان إلى سرحة سرياقوس على العادة. وارتفع السعر حتى أبيع الأردب القمح بمائة درهم، والبطة الدقيق بستة وعشرين درهماً، والخبز كل رطلين ونصف بدرهم.
وفي عاشره: قدم يلبغا السالمي من الحجاز.
وفي ثامن عشره- وهو في أفناء هاتور-: كان النيل ثابتاً على ثمانية عشر أصبعاً من تسعة عشر ذراعاً، وهذا من غرائب أحوال النيل.
وفي سادس عشره: عاد السلطان من سرياقوس.
وفي يوم الخميس رابع صفر: نقل الأمير يلبغا الأسعدي المجنون من كشف الوجه البحري إلى نيابة الوجه القبلي، وعزل أوناط. ورسم ليلبغا أن يقيم بالقاهرة، ويخرج لعمل مصالح الإقليم. وبطل كشف الوجه البحري، وصارت نيابة بتقدمة ألف، رهو أول من عمل هنا.
وفيه عزل شرف الدين محمد بن الدماميني من حسبة القاهرة بنور الدين على الفور.
وفي سادسه: بعث السلطان الطواشي فارس الدين شاهين الحسني الجمدار، فأخذ من دار الأمير محمود وهو مريض مالاً كبيراً، يقال إنه مبلغ مائة ألف دينار وجد في عقد سلم غمز عليه، وعمدة أحمال من قماش. وقبض على زوجته، وكاتبه سعد الدين إبراهيم بن غراب، وصار بهم إلى القلعة، وعاد فأخذ ابنه الأمير ناصر الدين محمد.
وفي سابعه: تسلم سعد الدين إبراهيم بن غراب الأمير إلى باي الخازندار ونزل به إلى دار محمود ليدله على دخيرة اعترف بها، فكانت جملتها خمسين ألف دينار.
وفي ثامنه: استقر علي بن غلبك بن المكللة في ولاية الشرقية، عوضاً عن علي بك بحكم انتقاله إلى ولاية البحيرة.
وفي تاسعه: استقر قطلوبغا الطشتمري نائباً بالوجه القبلي، عوضاً عن أمير فرج بن أيدمر بعد وفاته. واستمر الأمير بيسق الشيخي في كشف الجيزة عوضاً عن قطلوبغا.
وفي حادي عشره: استقر قطلوبك العلاي أستادار الأمير أيتمش في وظيفة الأستادارية، عوضاً عن الأمير محمود، وأنعم عليه بإمرة عشرين. واستقر محمود على إمرته وهو مريض. واستقر سعد الدين إبراهيم بن غراب ناظر الديوان المفرد.
وفي خامس عشره: استقر الأمير قديد القلمطاوي في نيابة الإسكندرية، عوضاً عن الأمير مبارك شاه. واستقر علاء الدين علي بن الطلاوي أستادار خاص الخاص، وناظر كسوة الكعبة، عوضاً عن نجم الدين محمد الطنبدي وكيل بيت المال ومحتسب القاهرة- كان- مضافاً لما معه من الحجوبية، والتحدث في ولاية القاهرة، ودار الضرب، والمتجر، وشق القاهرة في محفل حفل. واستقر الأمير أزدمر في كشف الجيزة، عوضاً عن بيسق، وعاد بيسق أمير أخور كما كان، وأَضيف إليه كشف الجسور بالقليوبية.
وفي ثامن عشره: قدمت رسل الأمير قرا يوسف بن قرا محمد- صاحب تبريز- برجل يقال له أطلمش من نواب تيمور لنك، قبض عليه، فسلم لابن الطبلاوي.
وفي خامس عشرينه: استقر الأمير زين الدين مبارك شاه في الوزارة، بعد موت الوزير ناصر الدين محمد بن رجب. واستقر سعد الدين نصر الله بن البقري ناظر الدولة، واستقر أمير فرج الحلبي شاد الدواوين.
وفي سابع عشرينه: أعيد شرف الدين محمد بن الدماميني إلى حسبة القاهرة، وعزل القور لعجزه عن القيام. مما التزم به من المال، وأضيف إلى ابن الدماميني نظر الكسوة، ونزعت من النجم الطنبدي بعد ما تحدث فيها ابن الطبلاوي كما ذكر.
وفي سلخه: أنعم على الوزير مبارك شاه بإمرة ناصر الدين محمد بن رجب.
وفي يوم الثلاثاء سابع ربيع الأول: استقر أحمد بن محمد بن ماما في ولاية المنوفية، عوضاً عن محمد بن العادلي. ثم عزل في اليوم الرابع، وأعيد ابن العادلي.
وفي حادي عشره: توجه السلطان إلى ناحية صقيل من الجيزة، وعاد في سادس عشره.
وفيه تسلم ابن الطبلاوي سعد الدين أبا الفرج بن تاج الدين موسى ناظر الخاص، وابنه أمين الدين ليخلص منهما أربعمائة ألف وسبعين ألف درهم، وجد بها حجة لابن رجب الوزير، ثم أفرج عنهما بعد يومين.
وفي تاسع عشره: سلم ناصر الدين محمد بن محمود الأستادار لابن الطبلاوي، على مائة ألف دينار يخلصها منه، فأخرق به وبالغ في إهانته ونزع عنه ثيابه ليضربه بحضرة الناس، فقال له: يا أمير: قد رأيت عزناً وما كنا فيه، وقد زال، فعزك أيضاً ما يدوم، وهذا أول يوم زال عني: عن أبي فيه السعادة وأقبل الإدبار،. فلم يضربه.
وفي عشرينه: أفرج عن سعد الدين ناظر الخاص وابنه، وخلع عليهما خلع الرضا.
وفيه نقل ابن محمود إلى الطواشي شاهين الحسني، فأقام عنده يومين.
وفي ليلة الخميس ثالث عشرينه: نزل الطواشي صندل، والطواشي شاهين الحسني، وابن الطبلاوي إلى خربة خلف مدرسة الأمير محمود، وأخرجوا من الأرض- بعد حفر كثير- عدة أزيار فيها ألف ألف درهم فضة، حملت إلى السلطان.
وفي بكرة يوم الخميس: وجد بالخربة أيضاً بعد حفر كثير، ستة آلاف دينار، وأربعة عشر ألف وخمسمائة درهم فضة.
وفي رابع عشرينه: أعيد ابن محمود إلى ابن الطبلاوي.
وفي خامس عشرينه: أحضرت أمه إلى السلطان.
وفي ثامن عشرينه: ظفر أيضاً بمبلغ ثمانية وثلاثين ألف ومائتين وثلاثين ديناراً في مخزن حمار بثغر الإسكندرية، حملت إلى السلطان.
وفي يوم الخميس ثامن ربيع الآخر: ابتدأ السلطان بعمل الخبز الذي يفرق في الفقراء، وهو عشرون إردباً من القمح تعمل خبزاً، وتولى ابن الطبلاوي ذلك، فعمت فقراء القاهرة ومصر وأهل السجون وسكان القرافة، فكفى الله الناس بهذا الخبز هماً عظيماً، بحيث لم يعرف أن أحداً مات في هذا الغلاء بالجوع، واغتنى جماعة منه، فإنهم صاروا يأخذون الخبز من عدة مواضع ويبيعونه، ثم يستجدون الناس أيضاً.
وفي تاسعه: عدى السلطان إلى بر الجيزة، ونزل بشاطئ النيل، تجاه القاهرة.
وفي رابع عشره: عاد إلى القلعة.
وفي خامس عشره: استقر تاج الدين عبد الرزاق بن أبي الفرج الملكي- ناظر قطا- في ولايتها مع وظيفة النظر، والتزم كل شهر بحمل مائة ألف وخمسين ألف درهم. وكان في ابتداء أمره صيرفياً بقطا، وترقى حتى باشر بها، ثم ولي النظر إلى أن جمع بين النظر والولاية.
وفيه ظفر أيضاً بديخرة لمحمود عند لاجين أمير سلاحه، فكان مبلغها ثلاثين ألف دينار.
وفي سابع عشره: استعفي أزدمر من كشف الجيزة، فأعفي. واستقر عوضه يلبغا مملوك الوزير مبارك شاه.
وفيه ارتجع عن شهاب الدين أحمد بن الوزير ناصر الدين محمد بن رجب إمرته، وهى عشرة، وعوضه عنها إقطاعاً برمح واحد.
وفي تاسع عشره: قدم محمد بن العادلي والي المنوفية في الحديد فتسلمه ابن الطبلاوي، واستقر عوضه حسام الدين.
وفيه قدم الأمير نوروز الحافظي رأس نوبة، ومعه علي بن غريب أمير هوارة، وثلاثة وثلاثين رجلاً من أهله وأولاده في الحديد، فسجن ابن غريب بالبرج في القلعة، وأودع أصحابه بخزانة شمايل.
وفيه تصدق السلطان بنصب كثير، فاجتمع بالإصطبل خمسمائة نفس، حصل لكل منهم مبلغ خمسين درهماً.
وفي رابع عشرين: جلس السلطان لتفرقة الصدقة أيضاً، فاجتمع عالم لا يقع عليه حصر، بحيث مات منهم في الازدحام بباب الإصطبل سبعة وأربعون نفساً، تولى تكفينهم ودفنهم الأميران فارس حاجب الحجاب، والوزير مبارك شاه.
وقدم الخبر من الحجاز بأن الشريف حسن بن عجلان هزم بني حسن إلى ينبع، وهو في طلبهم، ثم عاد إلى خليص، ومعه أمير ينبع، فكبس عليهم وظفر بهم، وأن الأترك الذين استخدمهم أمير ينبع ركبوا عليه وقاتلوه، وقتلوا جماعة من أصحابه، فظفر بهم، وقتل منهم اثني عشر، وأخرج باقيهم من بلاده.
وفي يوم الخميس سابع جمادى الأولى: أوقعت الحوطة على دار الأمير محمود الأستادار، وأخذت مماليكه، وترك عنده ثلاثة يخدمونه في مرضه.
وفيه فر شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن الدزري الدمشقي، من ترسيم ابن الطبلاوي. وكان قد تحدث للأمير أيتمش فيما يتعلق به في دمشق وأحضره لعمل حسابه، فوقف عليه مال عجز عنه فهرب، ولم يوقف له على خبر.
وفيه توجه السلطان إلى بر الجيزة وعمل في كل يوم طعاماً للفقراء يفرق فيهم اللحم والمرق والخبز، فبلغ عدد الفقراء الذين يأخذون ذلك خمسة آلاف نفس. ومن فاته الأخذ من الطعام أخذ مع الرغيف درهماً، فإن فاته الخبز وأخذ من الطعام، أخذ عوض الخبز نصف درهم، ومن فاته الطعام والخبز أخذ درهماً ونصف.
وكانت الأسعار قد تزايدت لقلة وجود الغلال، وفقد الخبز من الحوانيت بالقاهرة ومصر سبعة أيام متوالية، وازدحم الناس على الأفران، وأبيع القمح بمائة وخمسة وسبعين درهماً الأردب في غلته، فإذا غربل تعدى المائتين.
وبلغت البطة الدقيق إلى أربعة وأربعين درهماً، والخبز كل رطل وربع، بدرهم.
وفي عاشره: وجدت دخيرة لمحمود، فيها مبلغ سبعين ألف دينار.
وفي يوم الجمعة خامس عشره: حضِر شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني بالجامع الأزهر من القاهرة بعد العصر للدعاء برفع الغلاء، ومعه خلائق، فكان وقتاً عظيماً. فلما كان من الغد قدم إلى ساحل القاهرة ومصر عدة مراكب بها الغلال، فانحط سعر الأردب عشرة دراهم، وأخذ يتناقص حتى أبيع الأردب بمائة وثلاثين درهماً، والخبز كل رطلين بدرهم، ثم انحط عن ذلك أيضاً.
وفي عشرينه: وجدت دخيرة لمحمود أيضاً، فيها ثلاثة وستون ألف دينار ووجدت أيضاً أخرى فيها مبلغ أربعين ألف دينار، ووجد له عند شخص مبلغ أربعين ألف دينار، وعند آخر عشرين ألف دينار. ووجد في بيت مبلغ مائة دينار وسبعة وثلاثون ألف دينار، وفي موضع آخر مائة ألف دينار وثلاث براني في إحداها أحجار البلخش وفي اثنتين اللؤلؤ كبار، ووجد أيضاً عند شخص حلي ذهب له قدر كبير.
وفي ليلة الثلاثاء سادس عشرينه: شدد على محمود حتى التزم بإرضاء السلطان.
وفي سابع عشرينه: وجد له في موضع مائة ألف دينار، وثمانية وثلاثون ألف دينار. وكثرت صمتات السلطان في هذا الشهر، وأكثر من تفرقة دنانير الذهب والدارهم الفضة، والخبز والطعام، حتى عم الفقراء والمساكين وغيرهم، وصار لبعضهم من ذلك غنى.
وفي يوم الثلاثاء ثالث جمادى الآخرة: خرج البريد إلى دمشق بإحضار الوزير بدر الدين محمد بن الطوخي.
وفيه سُلم محمود الأستادار إلى شاد الدواوين ليعاقبه، فعصره من ليلته.
وفي خامسه: أخرج الأمير شهاب الدين أحمد بن يَلبغا الخاصكي المعمري إلى طرابلس.
وفيه أنعم على تمربُغا المنجكي بتقدمة ألف، وعلى قُطلوبَك الأستادار بتقدمة ألف. وعلى كل من طُولُو بن علي شاه، ويَلْبُغا الناصري، وسراي تمر الناصري، وشاذي خُجا العثماني، وقينار العلاي بإمرة طبلخاناه. وعلى كل من طَيبغا الحلبي أمير خور، وسودن طاز من علي باي، ويعقوب شاه الخازندار، ويَشبك الخازندار، وتَمَان تَمُر الأشَقتمُري رأس نوبة الجمدارية بإمرة عشرة.
وفي عاشره: قدم البريد من الوجه القبلي بأن العرب الأحامدة قتلوا قُطُلوبُغا الطَشتمري نائب الوجه القبلي، فاستقر عوضه عمر بن إلياس والي منفلوط مضافاً لما بيده.
وفيه استقر الشيخ زين الدين أبو بكر القمني في مشيخة الصلاحية بالقدس، عوضاً عن شمس الدين محمد بن الجزري، وبعث بالنيابة عنه، وذلك بسفارة الأمير قَلْمطاي الدوادار لاختصاصه به.
وفي رابع عشره: استقر الشيخ شمس الدين محمد ويقال له شيخ زاده الدويزاتي في مشيخة الشيخونية، عوضاً عن البدر الكُلُستاني كاتب السر. واستقر الجمالي محمود العجمي ناظر الجيش وقاضي القضاة الحنفية في تدريس الصرغتمشية، عوضاً عن البدر الكُلُسْتاني. واستقر شهاب الدين أحمد بن النقيب اليغموري الدمشقي في التحدث على مستأجرات خاص الخاص، والمتجر نيابة عن ابن الطبلاوي، واستقر حاجباً بدمشق.
وفي سادس عشره: استقر الأمير فارس حاجب الحجاب في نظر الصرغتمشية والشيخونية، واستقر تمُر بُغا المنجكي حاجباً ثانياً، عوضاً عن قديد.
وفي ثامن عشره: قدم بدر الدين محمد بن الطوخي وزير الشام على البريد.
وفي تاسع عشره: استقر ألطنبغا البريدي في ولاية البهنسا، عوضاً عن الصارم إبراهيم الشهابي، وأحضر الصارم، وضرب بالمقارع عند ابن الطبلاوي واستقر ألطُنْبُغا المرادي في ولاية أسوان عوضاً عن حسين صهر أبي درقة، واستقر أقبغا المُزَوَّق في ولاية قوص، بعد موت سُنقُر.
وفي العشر الثاني من هذا الشهر: انحلت الأسعار لكثرة ما جُلب، وأبيع الأردب القمح بخمسين درهماً، وأبيع الأردب من الشعير والفول بثلاثين درهماً، وأبيع في ثاني عشرينه الخبز أربعة أرطال بدرهم، فسخط جلابة الغلال، وانحدروا بها إلى جهة الإسكندرية طلباً للسعر الغالي، فتكالب الناس على شراء الخبز والدقيق في يوم الاثنين ثالث عشرينه، وتخاطفوه من رؤوس الحمالين، فكان يوماً مهولاً، ووقف الناس من الغد إلى السلطان وضجوا من عدم ما يأكلونه، فندب الأمير علاء الدين علي بن الطبلاوي للتحدث في ذلك وتمادى الأمر في الشدة يوم الأربعاء.
وفي يوم الخميس: رُسم أن يباع الرغيف بربع درهم، والناس في غاية الإنهماك على طلبه، وخطفه من الأفران، وقتال بعضهم لبعض بسببه، وأبيع القمح كل قدح بدرهم ونصف سدس، والشعير بربع وسدس درهم القدح. واختفى شرف الدين محمد ابن الدماميني المحتسب في بيته ثلاثة أيام، خوفاً من العامة أن تبطش به، وطلب القمح كل أردب بمائة وعشرين درهماً، والشعير بستين درهماً، فلم يكد يقدر عليه. وفقد الخبز من الأسواق، فلم يره أحد، فصرف السلطان ابن الدماميني واستدعى شمس الدين محمد المخانسي الصعيدي، وولاه الحسبة- بسفارة ابن الطبلاوى- بغير مال، في يوم الخميس سادس عشرينه، فاستمر الأمر على ما ذكر بقية الشهر، فكانت أيام شنعة.
وفي آخره: استقر علاء الدين علي بن محمد بن محمد بن منجا في قضاء الحنابلة بدمشق، عوضاً عن شمس الدين محمد النابلسي.
وفي يوم الخميس رابع رجب: استقر سعد الدين نصر الله بن البقري في الوزارة، وبدر الدين محمد بن الطوخي، عوضاً عنه في نظر الدولة، وبقى مبارك شاه على إمرته. واستقر شرف الدين محمد بن الدماميني في نظر الكسوة، وخلع على الجميع. واستقر محمد بن حسن بن ليلى في ولاية الجيزة، عوضاً عن الشهاب أحمد الأرغوني.
وفي هذا الشهر: سارت الأحامدة من عرب الصعيد في جمع من هوارة علي ابن غريب إلى أسوان، واتفقوا مع أولاد الكنز، ففر منهم حسين صهر أبي درقة، ونهبوا داره، وكل ما في البلد، فخرج البريد بتوجه عمر بن إلياس نائب الوجه القبلي لطلبهم، فسار بهوارة عمر بن عبد العزيز، فلم يقدر عليهم، وعاد بغير طائل.
وفيه استقر علاء الدين علي بن السنجاري الدمشقي وزيراً بدمشق.
وفي أول شعبان: نقل الأمير محمود إلى ابن الطبلاوي، فعاقبه بالضرب والعصر لرجليه، وعاقب ابنه ناصر الدين محمداً، وألزمه بأربعمائة ألف درهم، فباع سائر موجوده، فلم يبلغ ثلاثمائة ألف.
وفيه استقر الحسام بن أخت الغرس في شد الدواوين بغير إمرة. واستقر أمير فرج على إمرته بغير وظيفة الشد. واستقر ناصر الدين محمد بن الأمير علاء الدين علي بن كلفت التركماني في نقابة الجيش. وعزل علاء الدين علي بن سنقر العينتابي.
وفي ثالث عشره: أخذ قاع النيل، فكان ستة أذرع سواء.
وفي ليلة الخميس رابع رمضان: خسف جميع جرم القمر بعد صلاة العشاء، حتى أظلم الجو.
وفي يوم السبت تاسع عشرين شوال: أوفى النيل ستة عشر ذراعاً، وذلك في ثاني عشر مسرى، فنزل السلطان إلى المقياس وفتح الخليج على العادة.
وفي يوم الخميس تاسع عشر ذي القعدة: قبض على سعد الدين أبي الفرج بن تاج الدين موسى ناظر الخاص، وأحبط بداره، واستقر عوضه في نظر الخاص سعد الدين إبراهيم بن غراب الإسكندراني كاتب الأمير محمود بن علي.
وفي أول ذي الحجة: عزل ابن السنجاري من وزارة دمشق بشهاب الدين أحمد بن الشهيد، وتوجه من القاهرة، وقد أضيف إليه نظر المهمات والأسوار بدمشق.
وانتهت زيادة النيل إلى تسعة عشر ذراعاً.
وفي رابع عشرينه: استقر علاء الدين على بن الطبلاوي في نظر المارستان المنصوري، عوضاً عن الأمير الكبير كمشبغا الحموي.
وفي سابع عشرينه: قدم مبشرو الحاج، وهو الأمير سودن طاز، وأخبروا بالأمن والرخاء، وأن حسن بن عجلان واقع بني حسن في خامس عشرين شوال، وقتل من أعيانهم اثني عشر شريفاً، وقتل من القواد ثلاثين قائداً، وهزم من بقي منهم.
وفي يوم الأربعاء سلخه: قبض الوزير الصاحب سعد الدين بن البقري على مقدم الدولة محمد بن عبد الرحمن، وأقام عوضه ابن صابر وعلى ابن الفقيه.
وفيها ولي الأمير شرف الدين موسى بن عَسَّاف بن مهنا بن عيسى إمرة فضل. عوضاً عن الأمير شمس الدين محمد بن قارا بن مهنا بن عيسى في المحرم. واستقر الأمير علم الدين أبو سليمان بن عنقاء بن مهنا بن عيسى في إمرة آل فضل، عوضاً عن موسى بن عساف، في شوال، بعد موته.

.ومات في هذه السنة ممن له ذكر:

برهان الدين إبراهيم بن الشيخ عبد الله المنوفي خطيب جامع ابن شرف الدين بالحسينية، الفقيه المالكي، في ليلة الثلاثاء تاسع رجب، ودفن بتربة أبيه خارج باب النصر.
ومات المقرئ الجندي شهاب الدين أحمد بن محمد بن بيبرس، المعروف بابن الركن البيسري الحنفي؛ أخذ القراءات عن الشيخ شمس الدين محمد بن نمير بن السراج المقرئ الكاتب.
ومات تقي الدين عبد الرحمن بن أحمد بن علي، المعروف بابن الواسطي، وبابن البغدادى، وكان عارفاً بالقراءات، وعلم الميقات، ويقرأ بالمصحف في الجامع الأزهر، ويقوم في رمضان بعد التراويح إلى طلوع الفجر. ومات بالفيوم في صفر عن خمس وسبعين سنة، ومولده بالقاهرة في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة.
ومات ولي الدين أحمد بن تقي الدين عبد الرحمن بن محب الدين محمد ناظر الجيش، وهو يلي كتابة الدست، ونظر خزائن السلاح، في سادس عشرين جمادى الآخرة. واستتر بموته، فإنه أسرف حتى ذهب ماله.
ومات شهاب الدين أحمد بن محمد الشاوي، في ثاني جمادى الأولى. كان أولاً يعاني كَحْل الأعين، ويقيم أوده من ذلك، فتعلق بفخر الدين عبد الرحيم بن أبي شاكر، وهو يلي نظر دار الضرب، فاستنابه فيها، وخدم ابن الطبلاوي ففخم أمره، وعين لنظر الخاص، فعاجلته المنية، دون بلوغ الأمنية.
ومات شهاب الدين أحمد بن تاج الدين عبد الوهاب بن الشامية موقع الحكم، في سابع عشرين شعبان.
ومات أمير فرج بن عز الدين أحمد السيفي نائب الوجه القبلي. قتل في سادس صفر.
ومات الأمير سيف الدين بهادر الأعسر في يوم عيد الفطر، كان مشرفاً بمطبخ الأمير خجا أمير شكار، ثم خدم زرد كاش الأمير الكبير يلبغا العمري، وانتقل حتى صار أحد الأمراء، وولي مهمندارا ثم شاد الدواوين.
ومات الأمير سيف الدين تمر الشهابي الحاجب، أحد أمراء الطبلخاناه. وكان ينظر في الفقه على مذهب الحنفية، ويتدين، وخرج عليه العرب، فقاتلهم وجرحوه، فمات من جراحه بعد أيام بالقاهرة.
ومات الأمير سيف الدين تغري بردي القُرْدُمي، أحد العشراوات، قتل في محبسه.
ومات رضي الدين محمود بن الأقفهسي، نقيب القضاة الحنفية، في خامس عشرين جمادى الآخرة. وكان يعرف الفقه على مذهب أبى حنيفة، ويتقن العربية، وله سيرة مشكورة.
ومات صلاح الدين خليل بن محمد الشطنوفي، موقع الحكم، في خامس عشر رمضان.
ومات الأمير سيف الدين سودن الشيخوني الفخري، نائب السلطان، بديار مصر، في يوم الثلاثاء خامس جمادى الأولى بعد ما شاخ، وعلت سنه، وكان خيراً ديناً. ومنذ مات تجاهر الملك الظاهر بمنكرات لم تكن تعرف عنه.
ومات الفقيه صَفَر شاه الحنفي، رسول متملك الروم خوند كار أبي يزيد بن مراد بك بن عثمان، بالقاهرة في جمادى الأولى.
ومات فتح الدين عبد اللّه بن فرج المكيني أحد الأقباط الكتاب، في العشرين من شعبان، ويحكى عنه مكارم جمة.
ومات زين الدين عبد الرحمن بن محمد الشريشي، الموقت الفاضل، في تاسع عشر رمضان.
ومات نور الدين علي بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر بن عوض الدميري المالكي، شيخ القراء بخانكاة شَيْخو، وأخو القاضي تاج الدين بهرام، في ثاني عشرين رمضان.
ومات الأمير سيف الدين قرابغا الأحمدي، أحد الطبلخاناه، وأمير جاندار في ؟؟.
ومات الأمير سيف الدين قطلوبغا الطشتمري، أحد الأمراء الألوف، فقتله العرب.
ومات الأمير الوزير ناصر الدين محمد بن رجب بن محمد بن كلفت، في يوم الجمعة سادس عشرين صفر، وهو ممن مات بغير نكبة من وزراء مصر.
ومات الأمير ناصر الدين محمد جُمُق بن الأمير الكبير أيتمش البجاسي، أحد أمراء الطبلخاناه، في يوم الجمعة خامس صفر.
ومات الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير جركس الخليلي، أحد الطبلخاناه، في يوم الثلاثاء تاسع صفر.
ومات ناصر الدين محمد بن الشيخ زين الدين مقبل الصرغتمشي. كان بارعاً في علوم الحساب، وكان قصير القامة، أحدباً. مات يوم السبت سادس رجب.
ومات القاضي شمس الدين محمد بن محمد بن موسى الشنشي المعروف بالرخ- أحد نواب الحنفية- خارج القاهرة، في يوم الخميس سادس جمادى الأول.
ومات تقي الدين محمد بن محمد بن أحمد القاياتي موقع القضاة الحنفية، في يوم الخميس ثالث عشر جمادى الأولى.
ومات شمس الدين محمد بن عبد الله بن عبد العزيز صاحب ديوان الجيش، في ليلة السبت ثالث عشر صفر.
ومات الشيخ شمس الدين محمد الزرزاري الحجاجي الصوفي المعتقد أمين مطبخ المارستان، في رابع عشر ربيع الآخر.
ومات فتح الدين صدقة- الذي يقال له أبو دقن- ناظر المواريث، كان يتوكل في بواب القضاة، ثم دولب وكالة قوصون بالقاهرة، وخدم معامل الحوائج خاناه السلطانية. ثم ولي نظر المواريث، فشكرت سيرته. مات في أوائل جمادى الآخرة.
ومات الشريف صدر الدين مرتضى بن غياث الدين إبراهيم بن حمزة الحسني العراقي، في ليلة السبت ثالث ربيع الآخر، ودفن على أبيه خارج القاهرة. قدم مع أبيه إلى القاهرة واتصل أبوه بأرباب الدولة، فدرت أرزاقه، وتمكن من الأمير الكبير يلبغا العمري، حتى مات في رجب سنة أربع وستين وسبعمائة. دفنه الأمير يلبغا بتربته خارج القاهرة، وأجرى على ابن مرتضى ما كان يجريه عليه. وكثر اتصاله بأرباب الدولة حتى أثرى، وولي نظر وقف الأشراف ونظر القدس والخليل، وكان شكلاً بهياً جميلاً، صاحب عبارة وفصاحة بالألسن الثلاثة، العربية والفارسية والتركية.
ومات الشيخ زين الدين مقبل الصرغتمشي الحنفي، أحد الأجناد، في أول رمضان، وكان عارفاً بالفقه والنحو، وهو والد الأحدب.
وماتت خوند عائشة القردمية بنت الملك الناصر محمد بن قلاوون، في أول جمادى الأولى، بعد ما كبر سنها، وتلف مالها، بتبذيرها وإسرافها، حتى افتقرت.
ومات ملك المغرب أبو فارس عبد العزيز بن أبي العباس أحمد بن أبي سالم إبراهيم ابن أبي الحسن المريني، صاحب فاس. وأيم بعده أخوه أبو عامر عبد الله. رحمة اللّه تعالى عليهم أجمعين، والحمد الله رب العالمين.