فصل: ومات في هذه السنة ممن له ذكر من الأعيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك (نسخة منقحة)



.سنة أربع وتسعين وسبعمائة:

أهل المحرم يوم الأربعاء: فيه قدم البريد بأن السلطان يدخل إلى غزة في ثالثه.
وفي حادي عشره: قدم البريد بنزول السلطان قطيا.
وفيه قدم الحريم السلطاني مع الطواشي بهادُر المقدم، فدقت البشائر، ونودي بالزينة، فشرع الناس فيها، وفي تبييض ظاهر البيوت بشارع القاهرة، وفي نصب القلاع.
وفي ثالث عشره: قدم البريد بالخروج إلى لقاء السلطان على بلبيس، فخرج الأمير كمشبغا، والأمير سودن النائب، وبقية الأمراء.
رفي يوم الأربعاء خامس عشره: نزل السلطان بالعكرشا، وأقام بها إلى ليلة الجمعة، ثم رحل، فخرج سائر الطوائف في يوم الجمعة إلى لقائه، وأقبل في موكب جليل حتى صعد قلعة الجبل، فكان يوما مشهوداً، خلع فيه على جميع الأمراء، وأرباب الوظائف بأسرهم.
وفي عشرينه: استقر أوناط في كشف الوجه البحري على عادته، وعزل شاهين الكلبكي.
وفي ثاني عشرينه: استقر دمرداش السيفي نائب الوجه البحري على عادته، وعزل أبو زلطة، واستقر طُرَقْجي في ولاية منوف على عادته، وعزل على بن محمد بن طاجار الشامي.
وفي خامس عشرينه: قدم البريد بموت الأمير بطا الطولوتمري، نائب دمشق.
وفي سابع عشرينه: استقر الأمير سودن الطرنطاي في نيابة دمشق، واستقر شهاب الدين أحمد بن عبد الله النحريري- قاضي طرابلس- في قضاء القضاة المالكية بالقاهرة ومصر، عوضاً عن الركراكي.
وفيه مات الأمير وزير الوزراء ناصر الدين محمد بن الحسام لاجين الصقري، بعد مرض طويل.
وفيه طلب السلطان الولاة المعزولين وهم: الأمير أيدمَرُ الذي يقال له أبو زلطة، وشاهين الكلفتي، وناصر الدين محمد بن حسن بن ليلى، وعلى بن محمد بن طاز، وأسَنبغا، وضرب أيدمُر بالمقارع، وسلمهم كلهم إلى والي القاهرة، ليدفعهم على حمل المال.
وفي يوم الاثنين ثاني عشر صفر: قبض على الأمير قرا دمرداش نائب حلب، وعلى الأمير ألطبغا المعلم نائب الإسكندرية، وسجنا بالبرج.
وخرج البريد بطلب تاج الدين عبد الرحيم بن الصاحب فخر الدين عبد الله بن الصاحب تاج الدين موسى بن أبي شاكر من الوجه القبلي، وقد توجه ليحضره، حتى يولى الوزارة، فلم يتم ذلك.
واستقر الأمير ركن الدين عمر بن الأمير ناصر الدين محمد بن قايماز، أستادار الأمير بيبرس- ابن أخت السلطان- في الوزارة، وخلع عليه في يوم الأربعاء رابع عشره. واستقر تاج الدين بن كحل في نظر الدولة، رفيقاًُ لشمس الدين المقسي.
وفي خامس عشره: قبض على الأمير قردم الحسني.
وفيه خلع على الشريف صدر الدين مرتضى بن غياث الدين إبراهيم بن صدر الدين حمزة الحسيني، بنظر القدس والخليل.
وفي تاسع عشره: أخرج الأمير قردم إلى غزة، بإمرة عشرة بها.
وفيه استقر الأمير العثماني أمير جاندار، بعد موت قطلوبغا الطَقتمُشي، وأفرج عن الأمير قطلوبغا الطشتمري الحاجب.
وفي ثماني عشرينه: استقر ناصر الدين محمد بن الأمير جمال الدين محمود الأستادار في نيابة الإسكندرية، عوضاً عن ألطنبغا المعلم. وقدم البريد بأن خمسة عشر من المماليك أتوا إلى باب قلعة دمشق مشاة، وشهروا سيوفهم وهجموا على القلعة، وأغلقوا بابها، وأخرجوا المنطاشية والناصرية من الحبس، وهم مائة رجل، وقتلوا نائب القلعة وجماعة معه، وأن الحاجب ركب بالعسكر وقاتلهم ثلاثة أيام حتى اقتحم عليهم القلعة، وأخذهم كلهم، إلا خمسة أنفس منهم، فإنهم فروا، ووسط الجميع.
وفي يومه: استقر صديق الكركي في ولاية الفيوم، وعزل أسَنْبُغا السيفي.
وفي يوم الاثنين ثالث ربيع الأول: برز الأمير سودن الطرنطاي نائب دمشق إلى الريحانية، بعدما لبس قباء السفر. ولبس أيضاً الأمير ناصر الدين محمد بن محمود الأستادار قباء السفر وتوجه إلى الإسكندرية.
وفيه سار الأمير حسن الكَجكَني إلى بلاد الروم بهمة، لخوند كار أبى يزيد بن عثمان.
وفي سادسه: استقر القاضي جمال الدين محمود العجمي في مشيخة الخانكاة الشيخونية ونظرها بعد وفاة الشيخ عز الدين يوسف الرازي.
وفي سادسه: قبض على الأمير ناصر الدين محمد بن عبد الله بن بَكنمُر الحاجب- صهر الأمير بطا- على مال يحمله.
وفيه رحل الأمير سودن نائب دمشق، ومعه الأمير بكتمر شاد الشراب خاناه، ليقتله بدمشق.
وفي رابع عشره: تزوج السلطان بنت المعلم شهاب الدين أحمد الطولوني المهندس.
وفي خامس عشره: عزل قاضي القضاة عماد الدين أحمد الكركي نوابه، واقتصر منهم على خمسة فقط. وكان قد استكثر من النواب حتى زادوا على العشرين، فأنكر عليه السلطان ذلك، فصرفهم.
وفيه نقل علاء الدين على البيري مواقع الأمير يلبغا الناصري، ومحب الدين محمد بن محمد بن الشحنة قاضي الحنفية بحلب، من بيت الأمير جمال الدين محمود الأستادار إلى دار الأمير علاء الدين علي بن الطبلاوي والي القاهرة، وكان قد قبض عليهما بالشام، وحضرا مع السلطان في الترسيم، وأنزلا بدار الأمير محمود، فأكرمهما، وقام لهما. مما يليق بهما.
وفي سادس عشره: عزل قاضي القضاة شهاب الدين أحمد النحريري المالكي نوابه، وترك منهم خمسة على حالهم.
وفي سابع عشره: استقر زين الدين أمير فرج الحلبي في شد الدواوين، وكان والي القاهرة يتحدث في شد الدواوين منذ قبض على ناصر الدين محمد بن أقبغا آص.
وفي يوم السبت ثاني عشرينه: سافر إلى بلاده أبو الحجاج يوسف بن علي بن غانم، أمير العرب ببلاد المغرب، بعد ما حج، وأقام بالقاهرة أشهراً. واجتمع بالسلطان وألبسه كاملية حرير بطرز ذهب.
وفي رابع عشرينه: استقر الفخر عبد الرحمن بن مكانس وزيراً بدمشق.
وفيه قتل علاء الدين على البيري، ودفن خارج باب النصر.
وفي خامس عشرينه: أفرج عن المحب بن الشحنة.
وفي سادس عشرينه: أفرج عن ناصر الدين محمد بن بكتمر الحاجب، على أن يحمل مائتي درهم فضة.
وفي يوم السبت سابع ربيع الآخر: استقر تاج الدين عبد الرحيم بن الصاحب فخر الدين عبد الله بن أبي شاكر في نظر الديوان المفرد. واستقر منجك السيفي والي أشموم الرمان، وعزل ناصر الدين محمد بن الطويل. واستقر يلبغا مملوك مبارك شاه وافي الأشمونين، عوضاً عن محمد بن الأعسر. واستقر شرف الدين أبو البركات موسى بن محمد بن جمعة الأنصاري في قضاء القضاة الشافعية بحلب، عوضاً عن ناصر الدين محمد بن الخطب شمس الدين محمد بن خطيب نقيرين. وأنعم على الأمير قديد بتقدمة ألف، عوضاً عن قُطْلوبُغا الصفوي بعد موته. وأنعم على بلاط المنجكي بإمرة عشرة، واستقر يَلبغا الظاهري نائب الوجه القبلي على عادته.
وفي سادس عشره: أعيد نظر الجامع الطولوني إلى قاضي القضاة عماد الدين أحمد الكركي، وكان قد استقر فيه الأمير قطلوبغا الصفوي مدة.
وفي ثاني عشرينه: استقر الأمير قطلوبغا الأسنقجاوي أبو درقة في ولاية أسوان، عوضاً عن الصارم إبراهيم الباشقردي.
وفي ثالث عشرينه: قتل الأمير أيدكار العمري، وقراكسك، وأرسلان اللفاف، وصنجق، وأرغون شاه.
وفي خامس عشرينه: أعيد النجم محمد الطنبدي إلى حسبة القاهرة، وصرف بهاء الدين محمد بن البرجي.
وفيه رسم السلطان للأمير أبى يزيد الدوادار، والقاضي بدر الدين محمد بن فضل اللّه كاتب السر، بالتحدث في أوقاف الحرمِين، وأن يسترفع حسابها شمس الدين نصر اللّه ابن شظية- مستوفي ديوان المرتجع- فوُكِّل بمباشري أوقاف الحرمين، وألزموا برفع حساب عشر سنين، وألزم مباشرو موادع الحكم بعمل حساب الأيتام، وذكر الترك المهملة، ورسم على أمناء الحكم وجباة الأوقاف.
وفيه أضيف إلى الأمير مبارك شاه كشف الفيوم والبهنسا والأطفيحية، مع كشف الجيزة.
وفي أول جمادى الأولى: أحضرت عدة رؤوس من المسجونين بالإسكندرية من الأمراء. واستقر أبو بكر بن بدر في ولاية البهنسا، عوضاً عن شرف الدين بن طي الدهروطي.
وفي تاسع عشره: استقر الأمير كُمُشبغا الحموي أتابك العساكر بعد موت الأمير الكبير أينال اليوسفي، وتحدث في نظر المارستان المنصوري على العادة. واستقر الأمير أيتمش البجاسي رئيس نوبة النوب.
وفي ثالث رجب: قدم البريد بقتل منطاش، ولم يصح.
وفي حادي عشره: تجمع عدة من المماليك السلطانية على الأمير جمال الدين محمود الأستادار عند نزوله من القلعة، وسبّوه، ورجمه بعضهم من أعلى القلعة بالحجارة، وشهروا دبابيسهم ليقتلوه، وكان قريباً من بيت الأمير أيتمش. فلما بلغه ذلك ركب بنفسه ليخلصه، ففر أكثر المماليك منه، وثبت بعضهم. فما زال بهم يدافعهم عنه بالرفق حتى انصرفوا عنه. وسار به إلى بيتَه حتى سكنت الفتنة، وشيعه في مماليكه إلى داره.
وفي يوم الخميس رابع عشره: استقر تاج الدين عبد الرحيم بن أبي شاكر في الوزارة، عوضاً عن الركن عمر بن قايماز. واستقر ابن قايماز أستاداراً، عوضاً عن الأمير محمود، بعدما أنفق من ماله ستمائة ألف درهم في تكفية ديوان الوزارة، ذهبت عليه ولم يتعوض عنها، واستقر الأمير محمود عَلَى إمرته، وخُلع على الثلاثة.
وفي ثامن عشره: أعيد الشهاب الفرجوطي إلى ولاية قوص، وعُزل محمد بن العادلي.
وفي ثالث عشرينه: استقر كريم الدين عبد الكريم ابن المعلم أفسح في نظر الإسطبلات، بعد أن تعطلت مدة من ناظر.
وفي خامس عشرينه: استقبل الصارم إبراهيم الباشقردي في ولاية منوف.
وفي تاسع عشرينه: بُشّر بزيادة النيل، وأن القاع سبعة أذرع، وعشرون إصبعاً.
وفيه حضر الشريفان عنان بن مغامس وعلي بن جلان- أميرا مكة- باستدعاء، ودخلا على السلطان في يوم الاثنين ثالث شعبان. فأجلس السلطان ابن عجلان- مع صغر سنه- فوق عنان، مع شيخوخته.
وفي ثاني عشره: قبض على الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن مكانس من داره بدلالة بعض النصارى عليه، وسلم لوالي القاهرة، فوكل به من يحفظه في داره.
وفي ثالث عشره: استَقر الغرس خليل الشرفي والي أشموم الرمان، وصرف منجك.
وفي ثامن عشرينه: ابتَدأ بالسلطان مرض لزم منه الفراش.
وفي يوم الاثنين أول شهر رمضان: استقر الأمير كُمُشبغا الخاصكي الأشرفي نائباً بدمشق، بعد موت سودن الطرنطاي.
وفي خامسه: نودي بزينة القاهرة لعافية السلطان من مرضه، فزينت.
وفي سادسه- وهو ثالث مسري:- أوفي النيل ستة عشر ذراعاً، فنزل السلطان إلى المقياس وفتح الخليج على العادة.
وفي عاشره ورد البريد بمحاربة عسكر حلب لمنطاش، وفراره، وأنه عدى الفرات، وقبض على عدة من أصحابه.
وفي حادي عشره: خلع على الشريف علي بن عجلان، واستقر أميراً بمكة وحده من غير شريك له، وخلع على الشريف عنان والشريف علي بن مبارك، خلعتي إنعام. ولبس كمشبغا نائب دمشق قباء السفر، وسار وطُلبه بتجمل عظيم، قاد فيه سبعين جنيباً من الخيل.
وفي ثالث عشره: قُلعت الزينة.
وفي خامس عشره: نزل السلطان من القلعة إلى القاهرة، وصعد إلى مدرسته بخط بين القصرين، وزار أباه، وعاد.
وفيه أنعم على الأمير تغري بردى من كشمبغا بتقدمة ألف، وأنعم بطبلخاناته على الأمير قلمطاي العثماني. وأنعم على حادي خجا بإمرة عشرين.
وفيه أعيد الأمير محمود إلى الأستادارية، عوضاً عن الركن عمر بن قايماز.
واستقر ابن قايماز هن جملة أمراء الطبلخاناه.
وفي سادس عشره: استقر بدر الدين محمد بن الطوخي في الوزارة بدمشق، عوضاً عن الفخر عبد الرحمن بن مكانس. وخرج البريد بإحضاره من دمشق في الترسيم، هو وابنه مجد الدين فضل اللّه وأخوه نصر اللّه.
وفي ثاني عشرينه: قدم البريد بوقوع الحريق في دمشق، يوم السبت حادي عشرين شعبان، بجوار جامع بنى أمية، تلف فيه شيء كثير جداً.
وَفي هذا الشهر: وقع وباء في البقر، حتى أبيعت البقرة بعشرين بعد ما كانت تباع بخمسمائة درهم. ثم فحش الموت فيهن، فأبيعت البقرة بخمسة دراهم، وترك الناس أكل لحم البقر، استقذاراً له. وعم الوباء في البقر أرض مصر كلها، ففنى منها ما لا يقع عليه حصر.
وفي يوم الاثنين سادس شوال: استقر ناصر الدين محمد الضاني في ولاية منفلوط وعزل على بن غَلْبَك.
وفي سابعه: استقر أحمد الأرغوني في ولاية دمياط وعزل أبو بكر بن بدر.
وفي ثامن شوال: استقر القاضي بدر الدين الأقفهسي في نظر الدولة، وعزل ابن شيخ. واستقر ناصر الدين مؤمن في ولاية قليوب، وعزل قطلوبغا الصفوي. واستقر علاء الدين على الطشملاقي والي قطيا. وعزل حسام الدين حسن المؤمني أمير آخور.
وفيه أنعم على الشريف علي بن عجلان أمير مكة بأربعين فرساً، وعشرة مماليك من الأتراك، وثلاثة آلاف أردب قمحاً، وألف أردب شعيراً، وألف أردب فولاً، وحمل على فرش بقماش ذهب، ورسم له أن يستخدم مائة فارس من الترك، يسير بهم إلى مكة.
وفيه قبض على تاج الدين بن كحل، وسلم لشاد الدواويِن على مال يحمله.
وفي خامس عاشره: عزل شيخ الشيوخ المعروف بشيخ الإسلام أصلم بن نظام الدين الأصفهاني، وسلم لشاد الدواوين على حمل مائتي ألف درهم.
وذلك أن السلطان لما اختل أمره بحركة الأمير يلبغا الناصري ومسيره إلى القاهرة، همَّ الملك الظاهر بالهرب، وأعطى شيخ الشيوخ هذا خمسة آلاف دينار، وواعده أن ينزل إليه ويختفي عنده، فلم يِف له بذلك، وغيب عنه فاختفي السلطان عند أبي يزيد كما ذكر. فلما عاد إلى الملك طلب منه الخمسة آلاف دينار على لسان الدوادار، فقال تصدقت بها على الفقراء. فلما ألح الدوادار في مطالبته قال: أعلم السلطان أني أجمع الفقراء من الزوايا والربط وألزمهم بإعادة ما تصدقت به عليهم، وأقول لهم إن لسلطان قد عاد في صدقته فإنه لم يدفع هذا المالإلي إلا لأتصدق به، لا أنه وديعة عندي.
فلما أعاد الدوادار على السلطان هذا القول أسرها في نفسه، وَصبر كعادته حتى وقف إليه من ادعى أن تاجراً ترك عند شيخ الشيوخ عدة أحمال، فيها ثياب ليسافر بها من غير مكر فأمر بطلبه من خانكاه سرياقوس. فلما وقف مع غريمه اعتذر، فقال بعض من حضر أنه مكتوب في يده سحر يسحر به السلطان، فعزله من المشيخة، وتسلمه شاد الدواوين.
وفي سادس عشره: استقر ناصر الدين محمد بن ليلى في نقابة الجيش، وعزل أسندمر.
وفي تاسع عشره: استقر الشريف فخر الدين ناظر المارستان في مشيخة الشيويخ بخانكاة سرياقوس.
وفي عشرينه: استقر جمال الدين محمود العجمي في نظر الجيمش، عوضاً عن كريم الدين عبد الكريم بن عبد العزيز، مع ما بيده من قضاء القضاة الحنفية، ومشيخة الشيخونية، ولم يقع مثل ذلك بدولة الأتراك في مصر.
واستقر قطلوبغا القشتمري الحاجب في كشف الوجه البحري، وعزل قطلوبغا وعزل أوناط.
وفي خامس عشرينه: سار الشريف علي بن عجلان بعسكره إلى مكة، ومنع الشريف عنان من السفر، ورتب له في كل يوم ما يقوم به.
وفي سادس عشرينه: نودي بزيادة النيل ثلاثة أصابع من عشرين ذراعاً.
وفي سابع عشرينه: استقر الأمير تاني بك اليحياوي أمير أخور، عوضاً عن الأمير بكلمش العلاي، واستقر بكْلَمِش أمير سلاح.
وفي سلخه: نودي بخروج القطعان الذين قطعت أيديهم في السرقات، والبرصان، والجذماء، من القاهرة وظواهرها، وهمد من أقام منهم بالتوسيط.
وفي يوم الجمعة أول ذي القعدة- وهو ثالث عشرين توت-: انتهت زيادة النيل إلى اثني عشر إصبعاً من عشرين ذراعاً، وثبت إلى سابع بابه، ثم انحط بعد ما بلغ عشرين إصبعاً من عشرين ذراعاً.
وفي رابعه: أعيد مبارك شاه إلى نيابة الوجه القبلي، وعزل يلبغا الأسعدي. واستقر حسام الدين المؤمني أمير أخور في ولاية الجيزة.
وفي سابعه: أعيد بهاء الدين محمد البرجي إلى حسبة القاهرة، وعزل النجم محمد الطنبدي، وأذن له في الحكم عن قاضي القضاة الشافعي.
وفي تاسعه: سار السلطان إلى سرحة سرياقوس، ونزل بالقصور على العادة.
وفي عاشره: عفي عن القطعان من النفي.
وفي ثالث عشره: قدم ناصر الدين أحمد التنسي من الإسكندرية باستدعاء، واستقر في قضاء القضاة المالكية. وعزل الشهاب أحمد النحريري، ودخل إلى القاهرة من سرياقوس بالتشريف.
وفي سادس عشره: قبض بسرياقوس على ستة مماليك، وحملوا في الحديد إلى والي القاهرة، من أجل أنهم ارتكبوا الفاحشة بصبي حتى مات.
وفي ثامن عشره: عزل المقدم محمد بن عبد الرحمن وألزم بحمل مائتي ألف درهم، واستقر عوضه في تقدمة الدولة تنيتين. واستقر محمد بن عبد الرحمن في تقدمة الخاص، وشرع في حمل ما قرر عليه للوزير.
وفيه قتل الأمير قرا دمرداش، والأمير طغاي تمر- نائب سيس- في عدة من الأمراء.
وفيه استقر تقي الدين أبو محمد بن قاضي القضاة جمال الدين أبى المحاسن يوسف ابن قاضي القضاة شرف الدين أبي العباس أحمد بن الحسين بن سليمان بن فزارة الكفري، في قضاء الحنفية بدمشق، عوضاً عن نجم الدين محمود بن الِكشْك. واستقر البرهان إبراهيم التادلي في قضاء المالكية بدمشق، واستقر عمر بن إلياس أخي قرط في ولاية منفلوط.
وفي خامس عشرين ذي الحجة: قدم مبشرو الحاج، وأخبروا بالسلامة والأمن، وتسلم على بن عجلان مكة، وأنه غرق بجدة نحو الثلاثين مركباً من ريح عاصف. واستقر شرف الدين مسعود في قضاء الشافعية بطرابلس، عوضاً عن ناصر الدين محمد ابن كمال الدين المعري.
وفي سابع عشرينه: أمر قاضي القضاة عماد الدين أحمد الكركي الشافعي بلزوم بيته، وألا يحكم.
وفي هده السنة: ضرب الأمير محمود الأستادار بالإسكندرية فلوساً ناقصة العيار عن الفلوس التي يتعامل بها الناس في ديار مصر.
وفيها استقر الأميران شمس الدين محمد بن الأمير زين الدين قارا بن مهنا، وزين الدين رقيبة بن الأمير ركن الدين عمر بن موسى بن مهنا الشهير بعمر المصمع.
وفي هذه السنة: خرج جماعة من بلاد المغرب يريدون أرض مصر لأداء فريضة الحج، وساروا في بحر الملح، فألقتهم الريح إلى جزيرة صقلية، فأخذهم النصارى وما معهم، وأتوا بهم إلى ملك صقلية، فأوقفهم بين يديه وسألهم عن حالهم، فأخبروه أنهم خرجوا يريدون الحج، فألقاهم الريح إلى هنا، فقال: أنتم غنيمة قد ساقكم الله إلي وأمر بهم أن يقيدوا حتى يباعوا ويستخدموا في مهنهم، وكان من جملتهم رجل شريف، فقال له على لسان ترجمانه: أيها الملك إذا قدم عليك ابن ملك ماذا تَصنع به؟ قال: أكرمه قال: وإن كان على غير دينك؟. قال: وما كرامته إلا إذا كان على غير ديني، وإلا فأهل ديني واجب كرامتهم قال: فإني ابن أكبر ملوك الأرض،. قال: ومن أبوك؟ قال: علي بن أبى طالب رضى الله عنه. قال: ولم لا. قلت: أبى محمد- صلى الله عليه وسلم- قال: خشيت أن تشتموه. قال: لا نشتمه أبداً. قال: بيِّنْ لي صدق ما ادعيت به، فأخرج له نسبته- وكانت معه في رق- فأمر بتخليته وتخلية من معه لسبيلهم، وجهزهم. ثم بلغه أن بعض النصارى من أجناده بال على هذا الشريف، فأمر به فأحرق، وشهر في بلده. ونودي عليه: هذا جزاء من يشتم الملوك، فإنه كان شتم أبا الشريف أيضاً.

.ومات في هذه السنة ممن له ذكر من الأعيان:

سوى من قتل من الأمراء: شهاب الدين أحمد الدَّفري، أحد نواب القضاة المالكية بالقاهرة، في ثاني عشر ذي القعدة.
ومات شهاب الدين أحمد بن محمد بن علي الدّنيسري، المعروف بابن العطار، الشاعر، في سادس عشرين ربيع الآخر.
ومات الأمير الكبير أينال اليوسفي، أحد المماليك اليلبغاوية، في رابع عشر جمادى الآخرة. كان أينال شرس الأخلاق، شجاعاً.
ومات الأمير سيف الدين بُطا الطولوتمري، أحد المماليك الظاهرية برقوق، ونائب الشام في حادي عشرين المحرم بدمشق.
ومات الأمير سيف الدين تلكتمر. تنقل في الخدم حتى أنعم عليه الملك الأشرف شعبان بن حسين، وبعد واقعة الأمير أسندمر بإمرة مائة. واستقر رأس نوبة كبيراً في تاسع عشر صفر سنة تسع وستين وسبعمائة. ثم صار أمير مجلس في خامس عشر رمضان منها، ثم نقل من ذلك وصار أستاداراً في حادي عشر المحرم سنة إحدى وسبعين، عوضاً عن علم دار المحمدي. ثم أخرج إلى صفد في ثالث ربيع الآخر منها، واستقر نائبها. ثم أحضر إلى القاهرة بعد قليل، وأنعم عليه بإمرة مائة. فلما كان في صفر سنة خمس وسبعين، استقر حاجب الحجاب مدة، ثم تعطل ولزم داره، حتى مات في حادي عشرين ربيع الآخر.
ومات الأمير سودُن الطرنطاي نائب دمشق بها، في شعبان.
ومات الشيخ المعتقد طلحة المغربي المجذوب، في رابع عشر شوال بمدينة مصر. وكانت جنازته مشهورة، ودفن خارج باب النصر، وهو أحد من أوصى الملك الظاهر عند موته بدفنه تحت أرجلهم.
ومات صدر الدين عبد الخالق بن علي بن الحسن بن عبد العزيز بن محمد بن الفرات المالكي، موقع الحكم، أخذ الفقه عن الشيخ خليل، وكتب على غازي، وبرع في الفقه والكتابة. ومات في ثالث عشرين جمادى الآخرة.
ومات الشيخ عز الدين يوسف بن محمود بن محمد الرازي العجمي الحنفي الأصم، شيخ الخانكاة الركنية بيبرس، ثم شيخ الخانكاة الشيخونية، ومات في ثالث عشرين المحرم، وقد أناف على السبعين.
ومات القاضي جمال الدين عبد اللّه بن الفيشي المالكي، أحد نواب القضاة المالكية بالقاهرة. وكان نقيباً للقضاة، ثم تولى الحكم، ورتب درساً بالجامع الأزهر، وأجرى عليه وقفاً. ومات في العشرين من ربيع الأول بعد أن ابتلى بالجذام عدة سنين، وهو يباشر الحكم.
ومات الشريف عبد الرحمن بن عبد الكافي بن علي بن عبد الله بن عبد الكافي بن قريش بن عبد الله بن عياد بن طاهر بن موسى بن محمد بن قاسم بن موسى الجليس بن إبراهيم بن طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبى طالب الطباطبي، المؤذن، في ثامن شوال، وكان قد حظي عند السلطان وتمكن منه. حدثني شمس الدين محمد بن عبد الله العمري- موقع الدست- قال: كنت في خدمة جمال الدين محمود العجمي قاضي القضاة، وناظر الجيش، فركب يوماً وأتى معه إلى دار الشريف عبد الرحمن هذا، فتلقاه وأدخله إلى داره، واستعظم مجيئه إليه، فبالغ محمود في التأدب معه، وقال له: يا سيد، أنا أستغفر الله مما وقع مني. فقال: وما الخبر يا سيدي قال: ما دخلت البارحة إلى السلطان، وجئت أنت وجلست فوقي، أنفت من هذا في سري، وقلت: كيف يجلس هذا فوقي؟ ومحلي من الدولةَ ما قد عرف، وشق عليَّ ذلك، وقمت ولم يشعر أحد من خلق الله بشيء من ذلك، بل كان مما حدثت نفسي. فلما نمت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم وهو يقول لي: يا محمود تستقل ابني أن تجلس تحته، فاستغفرت مما وقع مني، وقد جئتك ثانياً بما خطر لي، وأسألك الدعاء. قال: فبكى الجميع، وكانت ساعة عظيمة.
ومات الأديب الوزير فخر الدين عبد الرحمن بن شمس الدين عبد الرزاق بن علم الدين إبراهيم بن مكانس القبطي، ناظر الدولة بديار مصر، ووزير دمشق. مات في خامس عشر ذي الحجة.
ومات علاء الدين علي بن عيسى بن موسى بن عيسى بن سليم بن حميد الأزرقي المقيري الكركي، كاتب السر، في أول ربيع الأول، ودفن خارج باب النصر من القاهرة.
ومات علاء الدين علي بن عبد الله بن يوسف البيري الحلبي، الأديب، الشاعر، المنشئ، الكاتب، في رابع عشرين ربيع الأول، مخنوقاً.
ومات الأمير عنقاء بن شطي أمير آل مرا، قتله الفداوية في رابع المحرم.
ومات الشريف علي بن الشريف شجاع الدين عجلان أمير مكة.
ومات الأمير سيف الدين قطلوبغا الصفوي، حاجب الحاجب، في أول ربيع الآخر. ومات الأمير قطلوبغا الطقتمشي، أحد أمراء العشراوات في عاشر صفر.
ومات الشيخ بدر الدين محمد بن بهاء الدين عبد الله المنهاجي الزركشي، الفقيه الشافعي، ذو الفنون والتصانيف المفيدة، في ثالث رجب. سمع الحديث وأفتى ودرس. ومات الشيخ المعتقد أبو عبد اللّه محمد الركراكي المغربي، في ثاني عشر جمادى الأولى، وقد قارب المائة سنة. وهو ممتع حتى بالنساء.
ومات شمس الدين محمد بن إسماعيل أمين الملك الحلبي الحنفي الأعور أحد نواب القضاة الحنفية بالقاهرة، في رابع شوال.
ومات الشيخ المحدث بدر الدين محمد بن محمد بن مجير، المعروف بابن الصايغ، وابنالمشارف، في ثالث ربيع الآخر.
ومات الأمير الوزير ناصر الدين محمد بن الأمير حسام الدين لاجين، الصقري المنجكي، في ثاني عشر صفر بمرض طويل، من غير أن ينكب.
ومات جمال الدين محمود بن حافظ الدين محمد بن تاج الدين إبراهيم بن شنبكي بن أيوب بن قراجا بن يوسف القيصري، المعروف بابن الحافظ الحنفي، قاضي الحنفية بحلب، وكان فاضلاً، جليل القدر، عفي عنه.