فصل: ومات فيها من الأعيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك (نسخة منقحة)



.سنة سبع وثلاثين وسبعمائة:

المحرم أوله السبت:
في سابعه: رسم بنيابة صفد للأمير طشتمر البدري أحد مقدمي الألوف، عوضاً عن أيتمش المحمدي وتوجه ومعه طاجار الدوادار في ثالث عشره.
وفي ثاني عشرة: قدم الخبر بالواقعة التي كانت قرب توريز على ما تقدم ذكره.
ثم قدم في سابع عشره: مضر بن خضر رسول الشيخ حسن بك الكبير ابن أمير حسين، وهو ابن أخت غازان، وهو القائم بأمر محمد بن يلقطون بن عنبرجي فخلع عليه، وسافر في ثالث صفر.
وفي سابع عشر المحرم: عقد عقد الأمير أبي بكر ابن السلطان على ابنة الأمير سيف الدين طقزدمر أمير مجلس، بدار الأمير قوصون.
وفي يوم الخميس عشريه: وهو يوم النوروز كان وفاء النيل. وانتهت الزيادة في سابع عشر بابه إلى سبعة عشر ذراعاً وستة عشر إصبعاً.
وفي سادس عشرى المحرم: قدم الأمير سيف الدين طينال نائب طرابلس، وأخلع عليه عند وصوله، وسافر سلخ صفر، فكانت إقامته ثلاثة وثلاثين يوماً.
وفيها كتب بأخبار آل مهنا وآل فضل لعدة من أمراء الشام تنكز والأمير نائب الشام، وذلك من أجل أن العرب قطعوا الطريق على قافلة وأخذوا ما فيها، فلما ألزم آل مهنا بذلك اعتذروا بأن الذي فعل هذا عرب زبيد، وليسوا من عرب الطاعة. وفيها كانت واقعة الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد المؤمن بن اللبان، في شهر المحرم، وذلك أنه نسبت إليه عظائم: منها أنه قال في ميعاده بجامع مصر إن السجود للصنم غير محرم، وأنه يفضل الشيخ ياقوت العرش شيخه على بعض الصحابة، وشهد عليه بها. واستؤذن السلطان عليه فمكن منه، فترامى على الأمير جنكلي بن البابا، والأمير الحاج آل ملك، والأمير أيدمر الخطير حتى حكم بتوبته، ومنع من الوعظ، هو والشيخ زكي الدين إبراهيم بن معضاد الجعبري وجماعة من الوعاظ.
وفيه قدم ركب الحاج على العادة، وأخبروا بأن الشريف رميثة كان قد أقام ببطن مر، وأقام أخوه الشريف عطيفة بمكة، فتسلط ولده مبارك على المجاورين، وأخذ مال التجار، فركب إليه رميثة وحاربه، فقتل بينهم جماعة، وفر رميثة، ودلك في ثامن عشرى رمضان من السنة الماضية.
وفيها قبض على الأمير بهادر البدري بدمشق، وضرب وسجن، لجرأته على الأمير قطلوبغا الفخري وعلى الأمير تنكز نائب الشام وإفحاشه لهما.
وفيها أجدبت زراعة الفول، فألزم النشو سماسرة الغلال ألا يباع الفول إلا للسلطان فقط، فتضرر أرباب الدواليب.
وفيها صادر النشو جماعة من أرباب الدواليب بالوجه القبلي وأخذ من محتسب البهنسا وأخيه مائتي ألف درهم وألف أردب غلة. فرافع ابن زعازع من أمراء الصعيد أولاد قمر الدولة عند النشو، فاقتضى رأيه فصادره ابن زعازع لكثرة ماله، وأوقع الحوطة على موجوده، وكتب إلى متولي البهنسا ليعاقبه أشد العقوبة. فلف والي البهنسا على أصابعه الخروق وغمسها في القطران، وأشعل فيها النار، ثم عراه ولوحه على النار، حتى أخذ منه ما قيمته ألف ألف وخمسمائة ألف درهم، ووجد له أربعمائة مرجية بفرو، ومائة وعشرين جارية، وستين عبداً، ثم كتب عليه حجة بعد ذلك بمبلغ مائة درهم، واحتج النشو لمصادرته بأنه وجد كنزاً.
وفيها كتب بطلب الأمير سنجر الحمصي.
وفيها ارتفع سعر اللحم لقلة حلب الأغنام حتى أبيع الرطل بدرهم وربع، وسبب ذلك أن النشو كان يأخذ الغنم بنصف قيمتها، فكتب إلى نائب الشام ونائب حلب بجلب الأغنام. ثم إن النشو أستجد للسواقي التي بالقلعة أبقاراً، وأحضر أبقارها التي قد ضعفت وعجزت مع الأبقار التي ضعفت بالدواليب، وطرحها على التجار والباعة بقياسر القاهرة ومصر وأسواقها، حتى لم يبق صاحب حانوت حتى خصه منها شيء على قدر حاله، فبلغ كل رطل منها درهمين وثلثاً، ورميت تلك الأبقار على الطواحين والحمامات كل رأس بمائة درهم، ولا تكاد تبلغ عشرين درهماً، فبلي الناس من ذلك بمشقة وخسارة كبيرة.
واتفق أن النشو أغرى السلطان بموسى بن التاج إسحاق، حتى رسم بضربه إلى أن يموت، فضرب زيادة على مائتين وخمسين شيباً حتى سقط كالميت، ثم ضرب من الغد أشد من ذلك، وحمل على أنه قد مات، فسر النشو بذلك سروراً زائداً، وذهب ليرى موسى وهو ميت، فوجد به حركة. وفي أثناء طلب السلطان إحضار الأمير لؤلؤاً، فأخبره بأن موسى قد بدأ يئن وبعد ساعة يموت، فرسم ألا يضرب بعد ذلك، فشق هذا على النشو.
وفي سابع عشرى صفر: ابتدئ بهدم الطبقة الحسامية المجاورة لدار النيابة بالقاهرة، وكانت قد عمرت سنة ثمان وثمانين وستمائة وفي رابع عشر ربيع الأول: قدم حمزة رسول الملك محمد بن بلقطلو بن عنبرجي وصحبته عماد الدين السكري نائب علي بادشاه بالموصل، فأدوا رسالتهم وسافروا أول ربيع الآخر.
وفي ثامن عشر ربيع الأول. سافر الأفضل صاحب حماة إلى محل ولايته بحماة، وكان قد حضر في مستهل ذي الحجة من السنة الحالية.
وفي تاسع عشريه: وصلت رسل الملك موسى وسافروا في نصف ربيع الآخر.
وفي سلخ ربيع الأول: عزل بدر الدين بن التركماني عن الكشف بالوجه البحري. وفي ثالث ربيع الآخر: قدم رسول ملك الحبشة.
وفي خامس عشره: قدم الأمير سيف الدين أبو بكر البابيري وخلع عليه بولاية القاهرة عوضاً عن ابن التركماني.
وفي سادس عشره: استقر نكبيه البريدي في ولاية قطيا، عوضاً عن أيبك الحسامي بإمره عشرة.
وفي سلخ جمادى الأولى: قدم مراد قجا رسول أزبك ملك الترك، فأقام خمسة أشهر ونصف شهر، وسافر في رابع عشر ذي القعدة، ومن ثالث ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وسبعمائة لم يحضر من عند أزبك إلا هذا.
وفي سادس عشرى جمادى الآخرة: استقر بهاء الدين قراقوش الجيشي في ولاية البهنساوية، عوضاً عن علي بن حسن المرواني.
وفيها هدمت دار النيابة بالقلعة، وهي التي عمرت في الأيام المنصورية قلاوون، سنة سبع وثمانين وستمائة، وأزيل ألشباك الذي كان يجلس فيه طرنطاي النائب، وذلك في يوم الأحد ثامن ربيع الآخر.
وفيها أغرى النشو السلطان بالصفي كاتب الأمير قوصون، بأنه يظهر في جهته للديوان عما كان يحضر إليه من أصناف المتجر أيام مباشرته بديوان الأمير قجليس، وهو جملة كثيرة، وإن بعض الكتاب يحاققه على ذلك. فطلب السلطان الأمير قوصون وأغلظ في مخاطبته، وقال: كاتبك يأكل مالي وحقوقي وينجوه بك، وذكر له ما قال عنه النشو، فتخلى عنه قوصون ولم يساعده. فأمر السلطان النشو ولؤلؤاً والمستوفين أن يمضوا إلى عند الأمير قوصون، ومعهم الرجل المحاقق للصفي ويطالعوا السلطان بما يظهر، فاجتمعوا لذلك، وقام المرافع للصفي فلم يظهر لما ادعاه صحة.
وفي يوم الثلاثاء ثاني رجب: قدم الأمير تنكز نائب الشام والسلطان بسرياقوس، فطلع وهو معه في يومه إلى القلعة، وهي القدمة الحادية عشرة، وسافر في ثاني عشريه.
وفي يوم عشريه: عزل شهاب الدين بن الأقفهسي وعلاء الدين البرلسي عن نظر الدولة، وولي شمس الدين بن قزوينه النظر بمفرده، وكان بطالاً، ورسم له ألا يتصرف في شيء إلا بعد مشاورة شرف الدين النشو ناظر الخاص.
وفي تاسع عشريه: استقر علاء الدين بن الكوراني في ولاية الأشمونين، عوضاً عن أبي بكر الردادي نقل إليها من ولاية أشموم الرمان.
وفيها عدم فرو السنجاب، فلم يقدر على شيء منه لعدم جلبه. فأمر النشو بأخذ ما على التجار من الفرجيات المفراة، فكبست حوانيت التجار والبيوت، حتى أخذ ما على الفرجيات من السنجاب. فبلغ النشو وقوع التجار فيه ودعاؤهم عليه، فسعى عند السلطان عليهم، ونسب جماعة منهم إلى الربا في المقارضات، وأنهم جمعوا من ذلك ومن الفوائد على الأمراء شيئاً كثيراً وأن عنده أصناف الخشب والحديد وغيره واستأذنه في بيعها عليهم. فأذن له السلطان، فنزل وطلب تجار القاهرة ومصر وكثيراً من أرباب الآموال، ووزع عليهم من ألف دينار كل واحد إلى ثلاثة ألاف دينار، ليحضروا بها ويأخذوا عنها صنفاً من الأصناف، فبلغت الجملة خمسين ألف دينار، عاقب عليها غير واحد بالمقارع حتى أخذها.
وقام عدة من الأمراء الأكابر في حق جماعة من التجار فلم يسمع السلطان لأحد منهم قولاً. وقامت ست حدق وأم آنوك ابن السلطان في رفع الخشب عن تاجر ألزمه النشو بألفي دينار، وعرفتاه بظلم النشو، وهو أن هذا الخشب قيمته مبلغ ألفي درهم. فطلب السلطان النشو وأنكر عليه ذلك وتجهم له، فانصرف على غير رضى ثم ندب النشو رجلاً مضى إلى ذلك التاجر وسأله في قرض مبلغ مال، فأخذ التاجر في الشكوى مما به من إلزامه بألفي دينار عن ثمن خشب طرحه عليه النشو، فقال له الرجل: أرني الخشب فإني محتاج إليه، فلما رأه أعجبه واشتراه منه بفائدة ألف درهم إلى شهر، فامتلأ التاجر فرحاً، وأشهد عليه بذلك. ومضى الرجل ليأتي بثمن الخشب، فدخل على النشو وأخبره الخبر، ودفع إليه نسخة المبايعة، فقام من فوره إلى السلطان وأعلمه أنه نزل ليرفع الخشب من حاصل التاجر فوجده قد باعه بفائدة ألف درهم. فطلب السلطان التاجر وسأله عما رماه عليه النشو، فاغتر البائس وأخذ يقول: ظلمني وأعطاني خشباً بألفي دينار يساوي ألفي درهم. فقال له السلطان: وأين الخشب،؟ قال: بعته بالدين، فقال النشو: قل الصحيح فإن هذه معاقدتك ببيعه فلم يجد بداً من الاعتراف. فحنق عليه السلطان، وقال ويلك تقيم الغاثة وأنت تبيع بضاعتي بفائدة، ثم أمر النشو بضربه وأخذ الألفي دينار منه مع مثلها، وعظم النشو عند السلطان ثم عبر السلطان إلى نسائه وسبهن، وعرفهن ما جرى وقال: مسكين النشو ما وجدت له أحداً يحبه كونه ينصحني ويحصل مالي.
وفيها ترافع يعقوب الأسلمي مستوفي الجهات والأمير بن المجاهدي والي دمياط فرسم بمصادرتهما، فعوقبا عقوبة شديدة، وغرما مالاً جزيلاً.
وفيها كثر ضبط علم الدين سنجر الجاولي لأوقاف المارستان، وتوقفه فيما يصرف منه للصدقات. فأنكر السلطان عليه ذلك، وقال له: المارستان كله صدقة، ولم يقبل له عذراً.
وفيها امتنع ابن الأقفهسي ناظر الدولة من الكتابة على توقيع الضياء المحتسب، وقد عمل معلومة على الجوالي فشق ذلك على السلطان، وأمر الأمير طاجار الدوادار أن يبطحه ويضربه، ويقول له: كيف يعلم السلطان على شيء وتأبى أن تكتب عليه!!، فضربه ضرباً مؤلماً. وكان السلطان لا يتغاضي في خرق حرمته، ويعاقب من فعل ذلك. وفيها شكا المماليك السلطانية من تأخر كسوتهم، فطلب النشو وألزمه بحمل كسوتهم من الغد، ومعها مبلغ عشرين ألف دينار. فنزل النشو وألزم الطيبي ناظر المواريث بتحصيل خمسة ألاف دينار، وبعث المقدمين إلى الأسواق، ففتحوا حوانيت التجار، وأخذوا كسوة المماليك وحوائصهم وأخفافهم ونعالهم وغير ذلك، وأخذوا مركباً لبعض الكارم فيه عدة بضائع طرحوها على الناس بثلاثة أمثال قيمتها. وأحيط بتركة نجم الدين محمد الأسعردي- وقد مات وترك زوجة وابنة ابن- وأخذت كلها.، وأخذت وديعة من تركته لأولاد أيتام تحت حجره، مبلغها نحو خمسين ألف درهم، وأنفقت في يومها على المماليك والخدام. وفتحت قيسارية جهاركس، وأخذ منها مقاطع الشرب برسم الكسوة.
فارتجت المدينة بأهلها، وترك كثير من التجار حوانيتهم وغيبوا، فصارت مفتحة والأعوان تنهب لأنفسها ما أرادت، فلم ير يومئذ بالقاهرة ومصر إلا باك أو شاك أو صائح أو نائح، فكانا يومين شنعين. وعول أرباب الحوانيت على وقع ما فيها وخلوها، فعرف النشو السلطان ذلك، فنودي: من أغلق حانوته أخذ ماله وشنق ففتحوها. ثم أخرج النشو من الأهراء عشرة ألاف أردب قمحاً، وطرحها على أصحاب الطواحين والأبازرة، وقبض على ابن فخر السعداء ناظر قليوب، وأخذ منه نحو ثمانين ألف درهم.
وفي جمادى الأولى: استدعى الضياء ابن خطيب بيت الآبار محتسب مصر، وخلع عليه واستقر في حسبة القاهرة، مضافاً لما بيده من نظر الأوقاف ونظر المارستان عوضاً عن نجم الدين محمد بن حسين بن علي الأسعردي. وكان الشهاب أحمد بن الحاج علي الطباخ قد سعى في حسبة القاهرة، وقام معه الأمير بشتاك والأمير قوصون والأمير أقبغا عبد الواحد، فلما ولي السلطان الضياء رسم أن يستقر ابن الطباخ في حسبة الدخان على الطباخين والحلاويين ونحوهم، وخلع عليه وجلس في دكة الحسبة، وعرض أرباب الدخان. وأنزل الضياء الحلاويين والفكاهين ألا يشعلوا سرجهم في الليل بالزيت الحار، وألزم حواس الحمامات بعمل فوط سابغة طويلة، ورتب القبانيين في جهات معينة، بجلس كل قباني في موضع من البلد.
وفيه قدم خليل بن الطرفي من أمراء التركمان بناحية أبلستين، وقدم سبعمائة إكديش وعدة تحف وسأل أن يستقر في نيابة الأبلستين بألف فارس وعشرة أمراء، فقبلت تقدمته وخلع عليه، وكتب منشوره بذلك.
وفيه قدم من جهة بدر الدين لؤلؤ الفندشي الحلبي شاد الدواوين ثلاثة ألاف رأس من الغنم الضأن، فمشت حال الدولة، وصارت سبباً للوقيعة بين لؤلؤ وبين النشو. وتحدث لؤلؤ مع الأمير بشتاك أنه إن أسلم إليه النشو وحاشيته قام بأربعمائة ألف دينار منهم، فقامت قيامة النشو ومازال بالسلطان حتى غيره عليه. واتفق مع ذلك وصول سنجر الحمصي من حلب باستدعاء، فأجلسه السلطان وعرض عليه شد الدواوين، فقبل الأرض وطلب الإعفاء منها، وكان أميناً ناهضاً، فلم يزل السلطان به حتى خلع عليه، واستقر عوضاً عن لؤلو في رابع جمادى الآخرة. فأول ما بدأ به سنجر أن قبض على لؤلو، وأوقع الحوطة على بيته وألزمه بالحمل، وأخذت حواصله وهو يورد شيئاً بعد شيء.
وفي يوم الأربعاء جمادى عشرى ربيع الأول: أفرج عن الخليفة من سجنه بالقلعة، فكانت مدة اعتقاله خمسة أشهر وسبعة أيام. ثم أمر به فأخرج إلى قوص، ومعه أولاده وابن عمه، وكتب لوالي قوص أن يحتفظ بهم. وكان سبب ذلك أن السلطان لما نزل عن الملك في سنة ثمان وسبعمائة، وحصل الاجتماع على المظفر بيبرس وقلده المستكفي بالسلطنة، نقمها عليه السلطان الناصر وأسرها له ثم لما قام السلطان لاسترجاع ملكه، جدد المستكفي للمظفر الولاية، ونسبت في السلطان أقوال إليه حملت السلطان على التحامل عليه. فلما عاد السلطان إلى الملك في سنة تسع وسبعمائة أعرض عن المستكفي كل الإعراض، ولم يزل يكدر عليه المشارب حتى تركه في برج بالقلعة، في بيته وحرمه وخاصته، فقام الأمير قوصون في أمره، وتلطف بالسلطان إلى أن أنزله إلى داره. ثم نسب إلى ابنه صدقة أنه تعلق ببعض خاصة السلطان، وأن ذلك الغلام يتردد إليه، فنفي الغلام وبلغ السلطان أنه هو يكثر من اللهو في داره التي عمرها على النيل بخط جزيرة الفيل، وأن أحد الجمدارية يقال له أبو شامة جميل الوجه ينقطع عنده ويتأخر عن الخدمة، فقبض على الجمدار وضرب، ونفي إلى صفد، وضرب رجل من مؤذني القلعة- اتهم أنه كان السفير بين الجمدار وبين الخليفة- حتى مات، واعتقل الخليفة كما تقدم. ثم لما أفرج عنه اتهم أنه كتب على قصة رفعت إليه يحمل مع غريمه إلى الشرع، فأحضره السلطان إلى القلعة ليجتمع به بحضرة القضاء، فخيله قاضي القضاة جلال الدين القزويني من حضوره أن يفرط منه كلام في غضبه يصعب تداركه. فأعجب السلطان ذلك، وأمر به أن يخرج إلى قوص، فسار صحبة الأمير سيف الدين قطلوا تمرقلي في يوم السبت تاسع عشر ذي الحجة، بجميع عياله وهم مائة شخص. وكان مرتبه في كل شهر خمسة ألاف درهم، فعمل له بقوص ثلاثة ألاف درهم، ثم استقر ألف درهم، فاحتاج حتى باع نساؤه ثيابهن.
وفيها كتب إلى الأمير تنكز نائب الشام أن يحضر بأولاده وأهله لعمل عرس الأمير أبي بكر ابن السلطان على ابنة الأمير طقزتمر، واحتفل السلطان لقدومه احتفالاً زائداً. وكانت عادته أن يصرف عليه إذا قدم مبلغ خمسين ألف دينار، ما بين خلع وإنعام، فرسم أن يكون في هذه السنة مبلغ سبعين ألف دينار. ثم خرج السلطان لملاقاته، ونزل قصور سرياقوس حتى سقط الطائر بنزول الأمير تنكز إلى الصالحية، فركب الأمير قوصون إلى لقائه، وصحبته جميع ما يليق من الأطعمة والمشروب، فلما لقيه مد بين يديه سماطاً جليلاً إلى الغاية، وأقبل به حتى دنا من سرياقوس. فركب السلطان إليه ومعه أولاده، وقدم إليه الحاحب ليخبره بأنه لا يترجل عن فرسه حتى يرسم له، وتقدمت أولاد السلطان إليه أولاً. فلما قرب تنكز نزل السلطان عن فرسه إلى الأرض على حين غفلة من الأمراء، فألقوا أنفسهم عن خيولهم، وألقي تنكز نفسه إلى الأرض، وعدا في مشيه جهد قدرته، وهو يقبل الأرض ويقوم إلى أن قبل رجلي السلطان، وقد دهش، فقال له السلطان: اركب فرسك. وركب السلطان والأمراء وسايره وهو يحادثه، فلم يسمع عن ملك أنه فعل مع مملوكة من التعظيم ما فعله السلطان في هذا اليوم مع الأمير تنكز. وكان العرس يوم الإثنين سلخ صفر، والدخول ليلة الثلاثاء أول ربيع الأول.
وفي خامس عشر شعبان: توجهت التجريدة إلى بلاد سيس وخراب مدينة.
وسبب ذلك وصول رسول القان موسى وعلي بادشاه بطلب النجدة على الشيخ حسن الكبير وطغاي بن سونتاي وأولاد دمرداش ليكون علي بادشاه نائب السلطنة ببغداد. فاستشار السلطان نائب الشام والأمراء، واستقر الرأي على تجريد العسكر نحو سيس فإن تكفور نقض الهدنة بقبضه على عدة مماليك وإرسالهم إلى مدينة آياس فلم يعلم خبرهم وقطع الحمل المقرر عليه، ويكون في ذلك إجابة علي بادشاه إلى ما قصده من نزول العسكر قريباً من الفرات، مع معرفة الشيخ حسن بأنا لم نساعد علي بادشاه عليه، وإنما بعثنا العسكر لغزو سيس. وعمل مقدم العسكر الأمير أرقطاي ويكون في الساقة، ويتقدم الجاليش صحبة الأمير طوغاي الطباخ ومعهما من الأمراء قباتمر وبيدمر البدري وتمر الموساري وقطلوبغا الطويل، وجوكتمر بن بهادو وبيبغا تتر حارس الطير، ومن أمراء الشام قطلوبغا الفخري مقدم الجيش الشامي. وكتب بخروج عسكر دمشق وحماة وحلب وحمص وطرابلس إلى ناحية جعبر، فإذا وصل عسكر مصر إلى حلب عادت عساكر الشام ثم مضوا جميعاً إلى سيس، فيكون في ذلك صدق ما وعد به علي بادشاه، وبلوغ الغرص من غزو سيس فسار العسكر من القاهرة في ثاني عشر شعبان، وتوجه الأمير تنكز إلى محل ولايته.
وفيها أفرج عن طرنطاي المحمدي بعدما أقام في السجن سبعاً وعشرين سنة وأخرج إلى دمشق، وأفرج عن علاء الدين بن هلال الدولة، وأخرج إلى الشام، وأفرج عن ابن المحسني وأخرج إلى طرابلس، وذلك في يوم الجمعة ثاني رمضان. وكان ابن هلال الدولة وابن المحسني معتقلين بالإسكندرية من ثالث عشر رجب سنة ست وثلاثين، فخلع السلطان عليهما، ورسم أن يقيم ابن المحسني مع أبيه بطرابلس، ويقيم ابن هلال الدولة بدمشق، فسار كل منهما في حادي عشريه صحبة بريدي وكان هذا كله بشفاعة نائب الشام.
وفيها كتب سنجر الحمصي شاد الدواوين أوراقاً بما على السلطان من القرض للتجار، فبلغ ألفي درهم، فلم يعترف السلطان بها، وقال: هذه أخذها الدواوين على اسمي، ورسم أن توزع على المباشرين فنزل بهم من ذلك شدة، وحملوا المبلغ شيئاً بعد شيء، وكان هذا من فعلات النشو بهم.
وفيها رسم ألا يضرب أحد بالمقارع، وطردت الرسل والأعوان من باب شد الدواوين، وكانوا قد كثرت مضرتهم، واشتد تسلطهم على الناس، وحصلوا من ذلك مالاً كبيراً. وكان هذا بسفارة سنجر الحمصي فكثر الثناء عليه.
وفيه توجه النشو ليتفقد ناحية فارس كور والمنزلة ودمياط، فقبض على علاء الدين بن توتل والي أشوم، وعلى أقبغا والي المحلة، وصادرهما فأخذ من والي أشوم خمسين ألف درهم، ومن والي المحلة مائة ألف درهم.
وفيه كتب النشو بالحوطة على مباشري المعاصر والدواليب، وجميع أعمال الصيد والفيوم وألزم ابن المشنقص مدولب مطبغ الأمير قوصو بمائة ألف درهم، واحتج بأنه يعمل الزغل في السكر والعسل، فحنق من ذلك قوصون، وقام مع السلطان في أمره حتى أفرج عنه. فشق هذا على النشو، وأثبت محضراً على القاضي ابن مسكين بأن أبا الدراليب مات على غير الملة، وأن ابنه لا يستحق إرثه، بحكم أنه لبيت المال، وطلع بالمحضر إلى السلطان.، فطلب السلطان قوصون وأغلظ عليه، فاحتد قوصون وهال. أنا ما أسلم مالي الذي عنده. فوهب السلطان قوصون ما أثبته النشو، فأوقع الحوطة على جميع موجوده، وأخذه.
وفيها وقفت العامة للسلطان في الفار ضامن المعاملات، وشكوا ما أحدثه على القصب والمقاثي وصاحوا: يكفينا النشو، فلا تسلط علينا الفار وتحبسه وتكتب على قيده مخلد، وتضمن غيره بناقص عشرة ألاف درهم، فطلب السلطان النشو وأنكر عليه، ورسم لسنجر الحمصي أن يضرب الفار، ويحبسه ويكتب على قيده مخلد، ويضمن غيره بناقص عشرة ألاف درهم، ففعل ذلك، ومشت أحوال الناس.
وفيها طرح النشو الفدان القلقاس على القلاقسية بألف ومائتي درهم، وصادر الشماسرة، وأخذ عدة مخازن للتجار، وأخرج ما فيها من البضائع وطرحها بثلاثة أمثال قيمتها، وعوض أربابها سفانج على الخشب والبوري فكان منها مخزن فيه حديد قومه بخمسين ألف درهم على المارستان، فأبى الأمير سنجر الجاولي ناظر المارستان أن يأخذه، فألزمه السلطان بأخذه للوقف فأخذه، ووزن ثمنه.
وفي ئالث عشر شوال. قدمت مفاتيح القلاع التي كانت بيد صاحب سيس. وهي آياس الجوانية، وآياس البرانية، والهارونية، وكوارة وحميضة ونجيمة وسرفندكار، فرسم بخراب بعضها، وأقامت النواب بباقيها.
وفي تاسع ذي القعدة: أضيف شد الصيارف للأمير نجم الدين بن الزيبق عوضاً عن بهادر البكتمري، ثم أضيف إليه مع ذلك ولاية مصر، عوضاً عن شمس الدين جنغر ابن بكجري.
وفي تاسع عشره: خلع علي شهاب الدين محمد بن علاء الدين أحمد ابن قاضي القضاه تاج الدين ابن بنت الأعز، واستقر في حسبه مصر، عوضاً عن القاضي ضياء الدين محتسب القاهرة.
وفي سادس ذي الحجة: استقر نجم الدين أيوب في ولاية الفيوم، عوضاً عن بهادر أستادار الجمالي، وكان أيوب هذا أستادر الأكز.
وفيه قدم الخبر بأن القان موسى لما كانت الواقعة بينه وبين الشيخ حسن الكبير، وانكسر هو وعلي بادشاه، صار إلى بغداد وصادر الناس بها، ثم خرج علي بادشاه إلى الموصل، فسار إليه الشيخ بمن معه ولقبه شمالي توريز، فكانت حرب شديدة فر منها القان موسى وقتل علي بادشاه وخلق كثير، فكانت دولتهما ثلاثة أشهر. ولما انكسرت عساكرهما مضى الشيخ الكبير إلى بغداد فملكها، وقد أقام سلطاناً محمد بن يلقطلو بن هلاكو بن عنبرجي وبعث الشيخ حسن إلى السلطان بهدية، فأكرم رسله وجهزهم بهدية سنية، وكتب بتهنئة.
وفيه خلع علي نجم الدين داود بن أبي بكر محمد بن الزبيق، واستقر في ولاية الصناعة والأهراء، وخلع علي صلاح الدين محمد بن علي بن صورة، واستقر في نظر الأهراء رفيقاً له.
وفي يوم الإثنين ثاني عشر رمضان: ركب النشو على عادته في السحر، فاعترضه في طريقه فارس هو عبد المؤمن بن عبد الوهاب السلامي الذي ولي قوص وقيل أبو بكر بن الناصري محمد وضربه، فأخطأ سيفه رأس النشو، وسقطت عمامة النشو عن رأسه، وقد جرح كتفه، ثم خر إلى الأرض ونجا الفارس، وفي ظنه أن رأس النشو قد سقطت عن بدنه. فغضب السلطان من ذلك، ولم يحضر السماط، وبعث إلى النشو بعدة من الجمدارية بالجرائحية، فقطب ذراعه بست إبر وجبينه باثنتي عشرة إبرة. وألزم السلطان والي القاهرة ومصر بإحضار غريم النشو، وأغلظ على الأمراء بالكلام، ومازال يشتد ويحتد حتى عادت القصاد بسلامة النشو فسكن ما به، ثم بعث النشو مع أخيه رزق الله يخبر السلطان بأن هذا من فعل الكتاب بموافقة لؤلؤ، فطلب السلطان ابن المرواني والي القاهرة، ورسم بمعاقبة الكتاب الذين في المصادرة على الاعتراف بغريم النشو وعقوبة لؤلؤ معهم. فضرب لؤلؤ ضرباً مبرحاً، وعوقب العلم أبو شاكر وعلق والمقايرات في يديه، وعوقب قرموط وعدة من الكتاب، وحرثت بيوتهم وأخذ رخامها، وخرجت بالمحاريث لإظهار ما فيها من الخبايا. ثم أن النشو عوفي من جراحه، وطلع إلى القلعة، فخلع عليه ونزل وقد رتب السلطان المقدم إبراهيم بن أبي بكر شداد بن صابر أن يمشي في ركابه، ومعه عشرة من رجاله، وكان لا يطلع الفجر إلا وهم على بابه، فإذا ركب كانوا معه حتى يدخل القلعة، فإذا نزل مشوا في ركابه حتى يدخل بيته. وعندما نزل النشو إلى القاهرة كان أول ما بدأ به أن عاقب المقدمين وغيرهم، حتى مات عدة منهم تحت العقوبة.
وفي حادي عشرى ذي الحجة: سافر خواجا عمر وسرطقطاي مقدم البريدية بهدية إلى أزبك، ومعهما مبلغ عشرين ألف دينار لشراء مماليك وجواري من بلاد الترك. وفيها كملت عمارة جامع الأمير عز الدين أيدمر الخطيري على شاطئ النيل بمنية بولاق، وكان موضعه ساقية لشرف الدين موسى بن زنبور. وأصل بناء هذا الجامع أنه لما أنشئت العمائر ببولاق عمر الحاج محمد بن عز الفراش بجوار الساقية المذكوره داراً على النيل، ثم انتقلت تلك الدار بعد موته إلى ابن الأزرق، فعرفت بدار الفاسقين من كثرة اجتماع النصارى بها على ما لا يرضى الله، فلما صادره النشو باعها فيما باعه. فاشتراها الأمير أيدمر الخطيري بثمانية ألاف درهم، وهدمها وبنى مكانها ومكان الساقية جامعاً أنفق فيه مالاً جزيلاً، وأخذ أراضي حوله من بيت المال، وأنشأ عليها الحوانيت والرباع والفنادق، وأنعم السلطان عليه بعدة أصناف من خشب وغيره. فلما تم بناء الجامع قوي عليه النيل، فهدم جانباً منه، فأنشأ الخطيري تجاهه زريبة رمى بها ألف مركب موسوقة بالحجارة، وسماه جامع النوبة، فجاء من أحسن مباني مصر وأبدعها وأنزهها. فلما أفرج عن ابن الأزرق ادعي أنه كان مكرهاً في بيعه، فأعطاه الخطيري ثمانية ألاف درهم أخرى، فمازال به النشو حتى قبض عليه مرة ثانية، وحبسه، فمات بعد قليل في حبسه.
وفيها فرغ بناء جامع الأمير سيف الدين بشتاك، بخلاف قبو الكرماني على بركة الفيل خارج القاهرة، وكان موضعه مساكن للفرنج والنصارى ومسالمة الكتاب. وعمر بشتاك تجاه هذا الجامع خانكاه على الخليج، ورتب فيها شيخاً وصوفية، وقرر لهن المعاليم الجارية، ونظم ما بين الجامع والخانكاه بساباط على الطريق المسلوك، فجاء من أحسن شيء بنى، وتحول كثير من النصارى من هناك.
وفيها أعيدت إلى عربان آل فضل وآل مهنا إقطاعاتها التي أقطعت للأمراء.
وفيها خلع علي عز الدين عبد العزيز ابن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة يوم الثلاثاء تاسع شعبان، واستقر في وكالة بيت المال، عوضاً عن نجم الدين الأسعردي مضافاً لما بيده من وكالة الخاص.
وفيه استقر جمال الدين بن العديم في قضاء الحنفية بحماة، عوضاً عن التقي محمود ابن محمد بن الحكيم.
وفيها مات متملك تلمسان أبو تاشفين عبد الرحمن بن موسى بن عثمان بن يغمراسن من عبد الواد الزياني قتيلاً في محاربة سلطان المغرب أبي الحسن المريني أخر شهر رمضان، بعدما ملك نيفا وعشرين سنة.
وفيها وقع الغلاء في جمادى الأولى، وأبيع الأردب القمح بأربعين درهماً. والشعير بثمانية وعشرين درهماً، والفول باثنين وثلاثين درهماً، والبرسيم الأخضر كل فدان بنحو مائة وسبعين درهماً، والحمص المسلوق بثلاثة دراهم القدح.
وفيها كبست الفيوم في أخريات جمادى الأولى وأحضر منها ألف ومائتان فرس. ثم قدم والي الفيوم وأمراء العربان، وأحضروا ستين حمل سلاح، ومائة فرس وغير ذلك. وفي سابع ذي الحجة: وردت الفصاد بأن الملك موسى قدم إليه من خراسان طغاي تمر، وسارا لمحاربة محمد بن عنبرجي، فانكسرا في رابع عشر ذي القعدة، واستقل محمد بالملك، وكانت الوقعة قريبا من السلطانية بموضع يقال له صولق.
وفي رابع عشريه: استقر الجمالي عبدالله أخو ظلظية في ولاية البحيرة، عوضاً عن الغرس خليل.

.ومات فيها من الأعيان:

قطب الدين إبراهيم بن محمد بن علي بن مطهر بن نوفل التغلبي الأدفوي بعد كف بصره، في يوم عرفة بأدفو، وله شعر.
وتوفي شهاب الدين أحمد بن محمد بن سليمان بن حمائل بن غانم، بدمشق في ثالث عشر المحرم، وله شعر ونثر، ورحل إلى مصر وغيرها.
وتوفي شهاب الدين أحمد بن علي بن أحمد بن الخولي القوصي الشافعي بقوص. ومات الأمير سيف الدين الأكز بدمشق، في نصف رمضان.
وتوفي الشيخ الإمام القدوة أبو عبدالله محمد بن محمد بن محمد بن الحاج الفاسي المغربي العبدري الفقيه المالكي عرف بابن الحاج في العشرين من جمادى الأولى، ودفن بالقرافة وقد علت سنه، وكانت جنازته عظيمة، وحدث، وكان زاهداً صالحاً، وأخذ عن جماعة منهم الشيخ أبو عبدالله محمد بن سعيد بن أبي جمرة، وصنف كتاب المدخل، جامع في بابه.
ومات الأمير عز الدين أيدمر الخطيري أحد الأمراء مقدمي الألوف المنسوب إليه جامع الخطيري في أول رجب، كان مملوك الخطير الرومي والد الأمير مسعود بن خطير ثم انتقل إلى الملك المنصور قلاوون، فرقاه حتى صار من أجل الأمراء البرجية، وكان جواداً كبير الهمة فيه خير كثير.
ومات الأمير أزبك الحموي في يوم الأربعاء خامس عشرى ذي القعدة على أياس، وقد بلغ مائة سنة، فحمل إلى حماة ودفن بها، وكان مهاباً كثير العطاء.
ومات الأمير بغا الدوادار بصفد منفياً، وكان مشكور السيده.
وتوفي عمر بن الشيخ برهان الدين أبو اسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد ابن تميم بن عبد الصمد بن أبي الحسن بن عبد الصمد بن تميم المقريزي البعلى الصوفي، ببعلبك في ذي القعدة، ومولده في ثاني عشر رمضان سنة ثمان وستين وستمائة سمع من المسلم بن عدلان، وحدث، وسمع منه الأمير الواني وابن الفخر وغيرهما. ومات الشيح حسين بن إبراهيم بن حسين خطيب جامع الحاكمي من سويقة لاريش في يوم الخميس العشرين من شوال، فكانت جنازته عظيمة جداً لكثرة صلاحه، وقبره يزار خارج باب النصر.
وتوفي المحدث محب الدين عبدالله بن أحمد بن المحب المقدسي في ربيع الأول بدمشق، حدث عن الفخر وغيره.
وتوفي شيخ الحنابلة بنابلس شمس الدين عبدالله بن العفيف محمد بن يوسف، في ربيع الآخر.
ومات أسد الدين عبد القادر بن عبد العزيز بن المعظم عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب بن شادي في ثاني شوال برملة، فدفن بالقدس، ومولده في ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وستمائة، حدث بالسيرة النبوية عن خطيب مردا.
وتوفي علاء الدين علي بن محمد بن سليمان بن حمائل بن غانم الدمشقي المنشأ، في ثالث المحرم بتبوك، وهو عائد من الحج.
وتوفي الشيخ محمد بن عبدالله بن المجد إبراهيم المرشدي صاحب الأحوال والمكاشفات، بناحية منية المرشد في ثامن رمضان.
وتوفي ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن معضاد بن شداد بن ماجد الجعبري الواعظ، في يوم الإثنين رابع عشرى المحرم.
وتوفي شيخ الخانكاه الناصرية سعيد السعداء كمال الدين أبو الحسين علي بن حسن بن علي الحويزاني في خامس عشر صفر، واستقر عوضه شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن النقجواني.
وتوفي محتسب القاهرة ووكيل بيت المال نجم الدين محمد بن حسين بن علي الأسعردي، في يوم الجمعة خامس عشر شعبان.
وتوفي نجم الدين أحمد بن العماد إسماعيل بن الأمير، أحد كتاب الدرج، في يوم الثلاثاء رابع عشرى المحرم.
وتوفي سعد الدين سعيد بن الشيخ محيي الدين محمد بن محمد بن عبدالله بن محمد ابن عبد الله عرف جده بابن أكنس البغدادي المنجم كاتب التقاويم، وكانت له إصابات في النجامة عجيبة، وكانت وفاته في خامس عشر صفر.
وتوفي مسند مصر شرف الدين يحيى بن يوسف المقدسي والمعروف بابن المصري عن نيف وسبعين سنة بمصر.