فصل: ومات فيها من الأعيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك (نسخة منقحة)



.سنة سبع وثمانين وسبعمائة:

في يوم الإثنين ثاني المحرم: خلع على الطواشي شمس الدين صواب الشهابي شَنكَل، واستقر نائب المماليك، عوضا عن نصر البلسي. وخلع على ناصر الدين محمد بن أبي الطيب، واستقر كاتب السر بحلب. واستقر الأمير سودُن المظفري، حاجب حلب، في نيابة حماة، عوضا عن صَنجَق، واستقر صنجق من أمراء طرابلس.
وفي ثامنه: أخرج الأمير بلُوط الصَرغُتمشى- نائب الإسكندرية- منفيا إلى الكرك.
وفي تاسعه: خلع على الأمير قطلوبغا الأسَن قُجَاوي- الذي يقال له أبو درقَة- استقر نائب الوجه البحري، عوضا عن قرابلاط الأحمدي، واستقر قرابلاط في نيابة الإسكندرية.
وفي يوم الإثنين سادس عشره: فرش الإيوان، الذي يقال له دار العدل من قلعة الجبل، ببسط جدد، كان الملك الأشرف شعبان بن حسين قد رسم بعملها بالكرك عند توجهه إلى الحج، فأهمل عملها بعد قتله، حتى عرف السلطان برقوق بها فبعث في تجهيزها، فحملت إليه.
وفيه بسط دهليز القصر من القلعة، ورسم للأمراء ألا يدخل أحد منهم إلى القصر، ومعه من مماليكه غير مملوك واحد وتقف مماليكهم بأسرها خارج القصر، فامتثل الأمراء ذلك، واستمر.
وفي سابع عشره: ضرب الأمير على خان والي البهنسي، وأُخذ منه عشرة آلاف درهم وأخرج من القاهرة منفياً.
وفي تاسع عشره: خُلع على الأمير مبارك شاه متولي أسوان، واستقر والي البهنسي.
وفيه قدمت رسل الخان طَقتمُش خان بن أُزبك فخرج الأمراء وأجناد الحلقة إلى لقائهم، ومثلوا بين يدي السلطان، وقدموا هديتهم.
وفي سادس عشرينه: قدم البريد من حلب بورود سولى بن دلغادر طائعا، فخلع على القاصد، وأنعم عليه بثلاثة آلاف درهم.
وفي نصف شهر ربيع الأول: قدم البريد من حلب بأن سولى بنا دلغادر التركماني لما قدم طائعاً بعدما حلف له الأمير يلبغا الناصري، أقام بحلب حتى ورد مرسوم السلطان بالقبض عليه، فسجن بالقلعة من حلب، ثم رسم بإحضاره إلى مصر، فتسلمه حاجب حلب، وأنزله إلى الميدان فهرب منه ليلاً، فركب الأمير يلبغا الناصري في طلبه حتى عدى الفرات، فلم يقدر عليه.
وفي خامس عشرينه: خُلع على بيليك السيفي بولاية أشموم الرمان، عوضًا. عن بَيْرم.
وفي سلخه: خُلع على محمد بن العادلي، واستقر في ولاية أطفيح، عوضاً عن قُطْلوشاه.
وفي يوم السبت ثاني ربيع الآخر: ركب السلطان، وشق القاهرة لرؤية عمارته، ودخل إلى بيت الأمير الطنبُغا الجوباني مسلما عليه، ثم عاد إلى القلعة.
واستقر جمال الدين بن بشارة وزير دمشق في نظر الجيش بها، عوضًا عن ناصر الدين بن مشكور مضافاً إلى الوزارة. وأعيد الأمير نُعير بن حيا بن مهنا إلى إمرة آل فضل، بعد موت عثمان بن قارا، وحمل إليه تقليده وتشريفه، وحمل إلى الأمير يلبغا الناصري نائب حلب تشريف بالاستمرار على نيابته.
وفيه اشترى السلطان تُمُربُغا الأفضلي، المعروف. بمنطاش، أخو الأمير تمرباي، وأعتقه.
وفي ثامن عشره: توجهت شواني الأمير ألطنبغا الجوباني من ساحل مصر نحو دمياط. وقد أنشأها وشحنهما بالعدد والمقاتلة ليغزو بلاد الفرنج.
وخلع على الأمير بجمان، واستقر في نيابة الإسكندرية، بعد موت قرا بلاط الأحمدي.
وفي حادي عشرينه: أخرج جوبان العمري- من أمراء العشرات- منفيا إلى الشام.
وفي يوم السبت سابع جمادى الأولى: خلع على جمال الدين عبد الرحمن بن خير، وأعيد إلى قضاء القضاة المالكية، عوضا عن ولي الدين أبي زيد عبد الرحمن بن خلدون.
وفي عاشره: أخذ قاع النيل، فكان ست أذرع وأربع أصابع وأنعم على أزدمر الشرفي بإمرة جوبان العمري.
وفي ثاني عشرينه: قرىء تقليد ابن خير بالمدرسة الناصرية على العادة.
وفي يوم الأربعاء سابع عشر جمادى الآخرة:قدم الخبر بأن شواني الأمير ألطنبغا الجوباني سارت من ثغر دمياط في بحر الملح، فوجدوا مركبا فيه الفرنج الجنوية، فأخذوه وأسروا منهم خمسة وثلاثين رجلا، وقتلوا منهم جماعة.
وفي حادي عشرينه: قدمت الشواني إلى شاطىء النيل ببولاق- خارج القاهرة- بالأسرى والغنيمة، فعرضت الأسرى من الغد على السلطان.
وفي يوم الجمعة ثالث رجب- وثامن عشر مسرى-: كان وفاء النيل ست عشر ذراعا.
وتوجه الأمير حسن قجا على البريد؛ لإحضار الأمير يلبغا الناصري، نائب حلب.
وفي عشرينه: سار كُمشبغا الخاصكي على البريد، لنقل سودُن المظفري من نيابة حماة إلى نيابة حلب.
وقدم الخبر بأن أولاد الكنز هجموا على ثغر أسوان، وقتلوا معظم أهله، ونهبوا الناس، وأن الوالي فر منهم. فخلع على حسين بن قرط بن عمر التركماني، واستقر في ولاية أسوان. ورُسم أن يتوجه معه الكاشف وابن مازن وخلع على مُقبل مملوك الأزقي، واستقر في ولاية أشموم الرمان، بعد موت بيليك.
وفيه قدم الأًمير يلبغا الناصري إلى بلبيس، فقيد وحمل إلى الإسكندرية فسجن بها.
وفي يوم السبت ثالث شعبان: سار الأمير جمال الدين محمود شاد الدواوين على البريد؛ لاستخلاص أموال الأمير يلبغا الناصري من حلب، وحملها.
وفي ليلة الثلاثاء ثالث عشره: زلزلت القاهرة مرتين، زلزالاً قليلاً.
واتفقت في هذا الشهر حادثة يتعجب منها، وهي أن امرأة رأت في منامها رسول اللّه وهو ينهاها عن لبس الشاش وهو عصبة أحدثها النساء من نحو سنة ثمانين وسبعمائة صارت تشبه أسنمة البخت، وسمينها، الشاش، يكون أوله على جبين المرأة، وآخره عند ظهرها، فمنه ما يبلغ طوله ممتداً نحو الذراع في ارتفاع دون الربع ذراع فلم تنته عن لبسه؛ فرأته- مرة ثانية في منامها، وهو يقول لها: قد نهيتك عن لبس الشاش فلم تسمعي، ولبستيه ما تموتي إلا نصرانية فأتت بها أمها إلى شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، حتى قصت رؤياها عليه، فأمرها أن تذهب إلى كنيسة النصارى، وتصلي بها ركعات، وتسأل الله تعالى لعله يرحمها، ثم تأتيه حتى يدعو لها. فمضت بها أمها من مجلس البلقيني إلى الكنيسة، فصلت ثم خرت ميتة لوقتها، فتركتها أمها وانصرفت عنها، فدفنها النصارى عندهم. نعوذ باللّه من سوء عاقبة القضاء.
وفيه قدم رسل متملك مدينة اصطنبول بهديته وكتابه، يتضمن. أن تمكن تجارهم من القدوم إلى بلاد مصر والشام، وأن يقام لهم قنصل بثغر الإسكندرية أسوة بغيرهم من طوائف الفرنج، فأجيب إلى ذلك.
وفي أول شهر رمضان: استرجع عن الخليفة المتوكل ناحية أَبو رجْوَان.
وفي هذا الشهر: ولدت امرأة ابنة لها رأسان كاملان، على صدر واحد ويدين، ومن تحت السرة تنقسم إلى شكل نصفين، في كل نصف رجلان كاملتان، فلم تعش وفي يوم الإثنين عاشر شهر رمضان: ألبس السلطان المقدم عبيد البازدارزي الأجناد من الكَلْفتاه والقباء والخف.
وفي سابع عشرينه: خلع على همام الدين عبد الواحد السيواسي العجمي، نائب الحسبة بالقاهرة، واستقر في قضاء الحنفية بالإسكندرية، ونظر أوقافها،. بمساعدة جمال الدين محمود العجمي المحتسب.
وفي يوم الثلاثاء عاشر شوال: عدّى السلطان النيل إلى الجيزة، وسار إلى سرحة البحيرة على العادة.
وفيه قدم مصر خُجا أخو بيرم خجا، عم قرا محمد أمير الموصل بعد بيرم خجا، برسالة ابن أخيه قرا محمل يسأل إن دهمه عدو أن يُمكن من الانتماء إلى الدولة وعبور الشام.
وفيه رُسم بعمارة شواني حربية، فابتدىء بعملها في أول ذي القعدة، تجاه المقياس.
وفي يوم الخميس ثالثه: عاد السلطان من سرحة البحيرة.
وفي ثامن عشرينه: كسفت الشمس من قبل نصف النهار إلى العصر.
وفيه حمل الأمير جركس الخليلي قمحًا كثيرًا إلى مكة والمدينة، ليعمل منه في كل يوم بمكة خمسمائة رغيف، وبالمدينة في كل يوم خمسمائة رغيف، تفرق في السؤال ونحوهم من الفقراء. وألا يقرر منها لأحد راتبًا، بل يأخذ من حضر ولا يراعي أحد في التفرقة، فعم النفع بها. ولم يبق بالحرمين من يسأل عن جوع.
وفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ذي الحجة: خسف القمر من آخر الليل.
وفي ثامن عشره: خلع على أمير حاج بولاية الأشمونين، عوضا عن بَكتمُر الشهابي.
وفي يوم الإثنين ثاني عشرينه: قبض على الأمير أَلْطنبُغا الجوباني أمير مجلس وقُيد، ثم أفرج عنه بعد أيام، وخلع عليه بنيابة الكرك، عوضاً عن دمرداش القَشتَمُري. وتوجه إليها في تجمل زائد كبير.
وفي هذا الشهر: قدمت رسل تيمورلنك- القائم ببلاد الشرق- بكتابه فأعيدوا بجوابه.
وفيه استقر محب الدين أبو المعالي محمد بن الكمال محمد بن محمد بن الشحنة في قضاء الحنفية بحلب، بعد وفاة جمال الدين إبراهيم بن محمد بن العديم. واستقر جمال الدين عبد اللّه النحريري في قضاء المالكية بحلب بعد وفاة زين الدين عبد الرحمن بن رشد. واستقر شهاب الدين أحمد بن محمد بن موسى بن فياض بن عبد العزيز المقدسي الصالحي في قضاء الحنابلة بحلب، عوضا عن عمه شهاب الدين أحمد ابن موسى بن فياض. واستقر شهاب الدين أَحمد بن السلاوي في قضاء الشافعية بطرابلس، عوضاً عن ابن وهيبة واستقر شهاب الدين أحمد بن عبد الله النحريري في قضاء المالكية بطرابلس عوضا عن ناصر الدين محمد بن سرى الدين إسماعيل بن محمد بن هانىء الأندلسي.
وفي هذه السنة: تزايد سعر الغلال بتوقف النيل، فأبيع الأردب القمح بثلاثين درهما، والأردب الشجر بعشرين درهما، والأردب الفول بثمانية عشر درهما. فلما دخل شهر ذي الحجة أُبيع الأردب القمح بخمسين درهما.
وفيه كثرت رماية القمح على الطحانين بالثمن الغال، والتكلف للأعوان وهذا أيضاً مما أحدث ونشأ منه مفاسد كثيرة.
وحج بالناس في هذه السنة الأمير أبو بكر بن سُنقُر الجمالي. وحج الأمير أحمد بن الأمير يلبغا الخاصكي. وكان الحجاز رخى السعر.
وفيها كان بحلب وباء، بلغ عدة من مات في كل يوم ألف إنسان وزيادة.

.ومات فيها من الأعيان:

قاضي الحنفية بحلب، تاج الدين أحمد بن محمد بن محبوب، المحدث المسند الفاضل الأديب، عن سن عالية بدمشق.
ومات جمال الدين إبراهيم بن قاضي حلب ناصر الدين محمد بن قاضي حلب كمال الدين عمر بن قاضي حلب عز الدين أبي البركات عبد العزيز بن الصاحب محيى الدين أبي عبد الله محمد، ابن قاضي القضاة نجم الدين أبي الحسن أحمد، ابن قاضي القضاة جمال الدين أبي الفضل هبة اللّه، ابن قاضي حلب مجد الدين أبي غانم محمد، ابن قاضي حلب جمال الدين هبة الله، ابن قاضي حلب نجم الدين أحمد، ابن يحيى بن زهير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عامر أبي جرادة بن ربيعة بن خويلد بن عوف ابن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، المعروف بابن العديم الحلبي الحنفي. عن نيف وسبعين سنة حدث عن ابن الشحنة.
وتوفي كبير التجار، زكي الدين أبو بكر بن علي الخروبي، بمصر، في يوم الخميس تاسع عشر المحرم.
ومات الأمير بيليك، والي الأشمونين.
وتوفي قاضي المالكية بحلب، زين الدين عبد الرحمن بن رشد.
ومات الأمير عثمان بن قارا بن مهنا بن عيسى بن مهنا، أمير آل فضل، في ربيع الأول.
ومات نائب الإسكندرية الأمير قرابلاط الأحمدي اليلبغاوي، في نصف ربيع الآخر.
ومات شمس الدين محمد بن أحمد بن سبع العبسي، أحد الأدباء ومستوفي ديوان الأحباس، في ثامن عشر شعبان.
ومات الأمير أقبغا الدوادار، في شهر ربيع الآخر. ومات شيخ الشام نجم الدين أحمد ابن عثمان بن عيسى بن حسن بن حسين بن عبد المحسن، المعروف بابن الجابي الياسوفي الدمشقي الشافعي، في جمادى الآخرة، بعد عوده من مصر.
وتوفي الشيخ محيى الدين عبد القادر بن الإمام شمس الدين أبي عبد اللّه محمد بن سيف الدين يحيى بن أحمد بن محمد بنَ عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الكيلاني.
ومات السيد الشريف شمس الدين أبو المجد محمد ابن النقيب شهاب الدين أحمد ابن النقيب شمي الدين محمد بن أحمد الحسيني الحراني الحلبي، عن تسع وأربعين سنة، بحلب، ولم يل وظيفة.
مات شيخ الشيوخ بحلب نجم الدين عبد اللطيف بن محمد بن موسى بن أبي الفتوح بن أبي سعيد فضل اللّه بن أبي الخير الخراساني ثم الحلبي، عن بضع وسبعين سنة، بحلب.
وتوفي شرف الدين أبو بكر بن زين الدين عمر بن مظفر بن عمر، ابن الوردي، المعرى الحلبي، الفقيه الأديب، عن بضع وسبعين سنة؛ بحلب. واللّه أعلم.

.سنة ثمان وثمانين وسبعمائة:

أهلت بيوم الجمعة.
في سادسه: قدم مبشرو الحاج، وقد تأخروا عن عادتهم.
وفيه أخرج الأمير جوبان العمري، منفياً إلى صفد. وأُنعم بإمرته على أرسبغا السيفي.
وفي تاسعه: عقد السلطان على هاجر ابنة الأمير منكلى بغا الشمسي، وأمها أخت الملك أشرف شعبان.
وفي ثامن عشره: قدم الأمير أحمد بن يلبغا العمري الخاصكي من الحجاز، ومعه الركب الأول.
وفي حادي عشرينه: قدم الأمير أبو بكر بن سنقر. بمحمل الحاج.
وفيه قبض على عدة من المماليك، وضربوا ضربًا مبرحًا بالمقارع، لكلام بلغ السلطان عنهم من الفتك به. وقبض على الأمير تمُربُغا الحاجب، وسُمر ومعه عشرة مماليكِ، وأركب كل مملوكين على جمل، ظهر أحدهما إلى ظهر الآخر، وسُمرا بالحديد وأفرد تمربغا على جمل. وشهروا ونساؤهم حاسرات، يصحن ويلطمن خدودهن، ثم وسطوا، فكان أمرا شنيعا.
وفي خامس عشرينه: قبض على ستة عشر من مماليك الأمير الكبير أَيْتمش ونفوا إلى الشام، وتتبع من بقي من المماليك الأشرفية، فقبض على كثير منهم، ونفوا من مصر.
وفي سلخه: قدم الأمير إبراهيم بن قَراجا بن دلغادر طائعا، فخلع عليه، ورسم له بإمرة طبلخاناة بديار مصر.
وفي يوم الإثنين ثالث صفر: نقل الشريف هيازع بن هبة الله الحسيني، أخو جماز أمير المدينة النبوية، من سجنه بقلعة الجبل إلى الإسكندرية، فسجن بها.
وكان قد قبض عليه، وسجن نحو سنة ونصف، ثم أفرج عنه في ذي، الحجة من السنة الماضية، ثم قبض عليه في هذه السنة وسجن.
وقدم الخبر ماردين باستيلاء تيمورلنك على مدينة تبريز، وقتل أهلها وتخريبها.
وفي ليلة السبت تاسع عشرينه: دخل إلى القاهرة نحو ستين رجلاً، يقال أنهم تدلوا من السور ونهبوا سوق الجمالين بالقرب من جامع الحاكم، وقتلوا نفرين. فركب الأمير حسام الدين حسين بن الكوراني- والي القاهرة- وقبض على ثلاثة منهم في بعض الضواحي ومعهم بعض ما نهبوه، فعاقبهم حتى دلوه على بقيتهم.
وفي يوم الأحد سلخه: وقع حريق بالجسر، قريب قنطرة الحاجب، تلف فيه عدة بيوت، ونزل عدة من الأمراء حتى أطفوه.
وفي أول شهر ربيع الأول: أبيع اللحم البقري كل رطلين ونصف بدرهم وأبيع اللحم الضأن السميط كل رطلين بدرهم.
وفي يوم الجمعة ثاني عشره: رُسم بالإفراج عن الأمير يلبغا الناصري نائب حلب، ونقله من سجنه بالإسكندرية إلى إقامته بدمياط. وأُذن له أن يركب ويتنزه بها.
وفي خامس عشره: سُمر من رجال المنسر ثمانية عشرة على جمال، وثلاثة سمرت أيديهم في الخشب، وألبسوا في أَرجلهم قباقيب خشَب، ثم سمرت أرجلهم فيها. وأكرهوا حتى مشوا وهم مسمرون كذلك، وشهروا جميعا بالقاهرة، ثم وسطوا إلا واحد منهم، وأبقي عليه ليدل على بقيتهم.
وفي يوم الثلاثاء أول ربيع الآخر: أَخرق السلطان بالأمير بَهادُر المنجكي الأستادار، وقبض عليه ثم أفرج عنه.
وفيه قدم البريد من حلب برأس الأمير خليل بن قراجا بن دلغادر، فقبض في الحال على أخيه عثمان بن قراجا، وعلى ابن أخيه إبراهيم.
وفيه غضب السلطان على موفق الدين أبي الفرج- ناظر الجيش-، وضربه نحو مائة وأربعين ضربة بالعصى.
وقدم الخبر بوقوع الوباء بالإسكندرية، وأنه تجاوز عدة من يموت بها في كل يوم مائة إنسان.
وفيه استقر محمد بن عيسى- شيخ عرب العائد بالشرقية- كاشف الحسور بإمرة طبلخاناة. واستقر أخوه مهنا في مشيخة العائد.
وفي تاسع عشرينه: ماتت للسلطان ابنة، فأدفنت بالعمارة بين القصرين قبل أن تكمل، وكانت جنازتها حَفلَة.
وفي يوم الخميس أول جمادى الأولى: خُلع على الوزير الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن مكانس، واستقر في نظر الدولة بعد موت علم الدين يحيى.
وفي خامسه: خلع على الوزير الصاحب علم الدين سن إبرة، واستقر في نظر الأسواق، عوضا عن شرف الدين محمد بن الدماميني وفي ثاني: قدم الأمير أقبُغُا الجوهري- أحد أمراء الألوف بحلب- وقدم أمير زه ابن ملك الكُرْج راغبًا في الإسلام، فأسلم بحضرة القضاة بين يدي السلطان، وسمى عبد الله، وأنعم عليه بإمرة عشرة، وأنزل بقصر الحجازية من رحبة باب العيد بالقاهرة.
وفي حادي عشرينه:- وهو سادس عشرين بؤونة- أخذ قاع النيل على العادة في كل سنة، فكان ستة أذرع سواء.
وفي ثاني عشرينه: خلع على عُبَيد البازدار، وأعيد إلى تقدمة الدولة، على ما كان عليه، وفي سادس عشرينه: خلع على محمد بن أشَقتمُر، واستقر والي منفلوط.
وفيه عزل شهاب الدين أحمد بن ظهيرة عن قضاء مكة وخطابتها، بمكاتبة الشريف أحمد بن عجلان أمير مكة فيه، وكُتب بنقل محب الدين محمد بن.، أبي االفضل، النويري من قضاء المدينة النبوية وخطابتها إلى قضاء مكة وخطابتها. وخلع على شيخ الحديث زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي واستقر في قضاء المدينة النبوية وخطابتها.
وفيه كملت عمارة ثمانية غربان حربية، وشحنت بالأسلحة والعدد والمقاتلة.
وفي سلخه: قدمت هدية أحمد بن أويس، صاحب بغداد. وقدم الشريف ثابت بن نعير الحسيني من المدينة النبوية، بموت ابن عمه محمد بن عطية- أمير المدينة- فقبض عليه، وحمل إلى الإسكندرية، وسجن بها.
وفيه قدم الشريف عنان بن مَغَامس الحسني من مكة، فارًا من سجن ابن عمه الشريف أحمد بن عجلان أمير مكة.
وفي أول جماى الآخرة: قدم البريد من حلب بمسير عساكر الشام لمحاربة التركمان، وكانت بينهم وقعة عظيمة، قتل فيها سبعة عشر أميراً، منهم سودن العلاي نائب حماة. وقتل من الأجناد خلق كثير، وانكسر بقية العسكر.
وفيه كملت عمارة المدرسة الظاهرية بين القصرين.
وفي يوم الخميس رابع عشره: نُقلت رمم أولاد السلطان الخمسة من مدافنهم إلى القبة بالمدرسة الظاهرية المستجدة، ونقلت رمة الأمير آنص والد السلطان، عشاء، والأمراء مشاة قدامه، حتى دفن بالقبة المذكورة.
وفي يوم الإثنين ثامن عشره: زلزلت القاهرة في الساعة الرابعة زلزلة خفيفة.
وفي ثامن عشرينه: استقر سودن العثماني الساقي في نيابة حماة، عوضاً عن سودن العلاي.
وفي سلخه: قدمت رسل الفرنج بهدية جليلة القدر.
وفي يوم الثلاثاء ثالث شهر رجب- وسابع مسرى:- كان وفاء النيل ستة عشر ذراعا، فركب الأمير قُرْدُم الحسني رأس نوبة، والأمير يونس الدوادار إلى المقياس، حتى خُلق العمود بحضرتهما على العادة، ثم فتح الخليج.
وفي يوم الأربعاء حادي عشره: نزل الأمير جركس الخليلي إلى المدرسة الظاهرية المستجدة، وهيأ بها الأطعمة والحلاوات والفواكه، فركب السلطان من الغد يوم الخميس ثاني عشره من القلعهّ، بأمرائه ومماليكه ونزل بها، وقد بسطت. واجتمع فيها قضاة القضاة والفقهاء والأعيِان، فمد سماط أوله عند المحراب وآخره عند البحرة التي في وسط المدرسة، مملوء كله بأنواع الأطعمة الفاخرة، والأشوية من الخيل والخراف والأوز والدجاج والغزلان، فأكل القضاة والأعيِان أولا، ثم أكل الأمراء والمماليك، وتناهب الناس بقيته. ثم مُد سماط الحلاوات الفواكه، وملئت البحرة من مشروب السكر. فلما انقضى الأكل والشرب، خلع على علاء الدين علي السيرامي الحنفي، وقد استدعاه السلطان من بلاد المشرق، واستقر مدرس الحنفية وشيخ الصوفية. وفرش له الأمير جركس الخليلي السجادة بنفسه، حتى جلس عليها. ثم خلع على الأمير جركس، وعلى المعلم شهاب الدين أحمد الطولوني المهندس، وأركبا فرسين بقماش ذهب، وخلع على خمسة عشر من مماليك الخليلي، وأنعم على كل منهم بخمسمائة درهم. وخُلع على مباشري العمارة وشاديها، وعلى المهندسين والبنائين. وتكلم العلاء السيرامي على قوله تعالى: {قل اللهم ملك الملك} ثم قرأ القارئ عشرا من القرآن، ودعا. وقام السلطان وركب إلى القلعة، فكان يوما مشهوداً.
وفي يوم الخميس تاسع عشره: دار محمل الحاج القاهرة ومصر، على العادة في كل سنة.
وفي يوم الإثنين أول شعبان: خلع على الأمير اًحمد بن الأمير يلبغا العمري الخاصكي، واستقر أمير مجلس، عوضا عن الأمير ألطُنْبُغا الجوباني.
وفي يوم السبت سادسه: ركب السلطان إلى الميدان على العادة، ولعب بالكرة مع الأمراء.
وفيه أنعم على أحمد بن هُمز التركماني، بإمرة طبلخاناة، عوضا عن علي بن الأمير منجك، بعد وفاته.
وفي ثماني عشرينه: خُلع على سودن الطُرنطاي الخاصكي- أحد أمراء العشرات- واستقر رأس نوبة صغيرا. وأنعم على مُقْبل الرومي الطويل بإمرة عشرة، عوضا عن أحمد بن همز.
وفي ثالث عشرينه: أسلم ميخائيل الصبان- من نصارى مدينة مصر- خلع عليه، وأركب بغلة سلطانية، واستقر ناظر المتجر السلطاني.
وانتهت زيادة ماء النيل إلى عشرين ذراعا، وثبت إلى عيد الصليب، ثم هبط بعده بيِومين.
وفي ثامن عشرينه: خُلع على أمير موسى بن سلار- من الطبر دارية- واستقر أمير طبر بإمرة عشرة.
وفي أول شهر رمضان: عُزل ناصر الدين أحمد التنسي من قضاء الإسكندرية، وركب طاش البريدي البريد للقبض على الأمير بيدمر نائب الشام، وعلى جميع ألزامه، وإيقاع الحوطة على موجوده. وركب الأمير تمربغا المنجكي البريد، لتقليد الأمير أشقتَمُر المارديني نيابة الشام، وحمله من القدس إلى دمشق، وحمل إليه التقليد والتشريف.
وقدم الشريف محمد بن مبارك بن رميثة الحسني من مكة، وأَخبر بموت الشريف أحمد بن عجلان أمير مكة، وأن ابنه محمد بن أحمد أقيم بعده، وقام بإمرة عمه كُبيش بن عجلان. وقدم الخبر من المدينة النبوية أن الشريف جماز بن هبة حضر المدينة بحشده، فحاربه على بن عطية، وهزمه عنها.
وفي سادسه: ركب السلطان إلى بركة الحاج، وعاد إلى القاهرة من باب النصر، ونزل بمدرسته، ثم مضى إلى القلعة.
وفي يوم الجمعة عاشره: أقيمت الجمعة بالمدرسة الظاهرية المستجدة بين القصرين، وخطب بها جمال الدين محمود العجمي المحتسب، بثياب بيض.
وفي يوم الجمعة سابع عشره: نزل من قلعه الجبل أحد أمراء الدولة بسواد الخطبة إلى المدرسة الظاهرية، فلبسه جمال الدين محمود، وخطب بثياب السواد على العادة وصلى بالناس الجمعة. فلما انقضت الصلاة أَخرج له الأمير المذكور خلعة سلطانية، وأفاضها عليه، فسار إلى منزله في موكب جليل وقدم الخبر بأن كبيش بن عجلان سمل أعين جماعة من بني حسن، وهم: أحمد وحسن ابنا ثقبة، ومحمد بن عجلان، وابن أحمد بن ثقبة وعمره نحو اثنتا عشرة سنة، فتغير السلطان على كبيش وابن أخيه محمد بن عجلان.
وفي سلخه: أنعم على ناصر الدين محمد بن الأمير جُلبان العلاي بطبلخاناة أبيه، بعد موته.
وارتفع سعر لب الفستق، حتى بلغ خمسة وثلاثين درهما الرطل، وعنها يومئذ قريب من مثقال ونصف، ولم يعهد مثل ذلك فيما سلف.
وفيه خلع على الشريف عنان بن مُغامس، واستقر أمير مكة.
وفي يوم الإثنين رابع شوال: ركب السلطان وتوجه إلى سرحة سرياقوس على العادة في كل سنة.
واستقر شيخنا سراج الدين عمر بن الملقن في مشيخة دار الحديث الكاملية عوضاً عن زين الدين عبد الرحيم العراقي، بحكم انتقاله إلى قضاء المدينة النبوية.
وفيه أخرج السلطان خمسة من مماليكه، على إمريات بدمشق.
وفيه ضرب شهاب الدين أحمد بن الجندي الشافعي- من فقهاء ناحية دمنهور من أجل أنه أنكر على الضمن ما يأخذه من المكوس، وألزم بألا يسكن دمنهور. ثم بلغ السلطان ما هو عليه من الورع وكثرة العلم، فاعتذر إليه، وخلع عليه، وأعاده إلى دمنهور مكرمًا.
وفي يوم الأحد عاشره: حضر المدرسون بالمدرسة الظاهرية المستجدة، وهم سبعة، أربعة مدرسين الفقه على المذاهب الأربعة، ومدرس تفسير، ومدرس حديث، ومُصدر لإقراء القراءات السبع.
وفي ثامن عشره: سار محمل الحاج صحبة الأمير أقبغا المارديني، وحج أيضاً الأمير جركس الخليلي بتجمل كثر. وحج من الأمراء أيضاً كُمُشبُغا الخاصكي، ومحمد بن تنكربُغا، وجركس المحمدي. وكنب لنواب الشام باستخدام المماليك البطّالين الذين نفوا من الأشرفية وغيرهم.
وفي حادي عشرينه عاد السلطان من سرحه سرياقوس.
وفي يوم الإثنين خامس عشرينه: استدعى السلطان زكريا بن الخليِفة المعتصم بالله أبي إسحاق إبراهيم بن المستمسك باللهّ أبي عبد الله محمد بن الحاكم بالله أحمد وأعلمه أنه يريد أن ينصبه خليفة، عوضًا عن الخليفة الواثق بالله عمر بن المعتصم إبراهيم بعد وفاته. ثم استدعى بقضاة القضاة وأهل الدولة، فلما اجتمعوا أظهر زكريا عهد عمه- المعتضد بالله أبي الفتح أبي بكر إليه بالخلافة، فخلع عليه خلعة الخلافة، ونزل إلى داره. فلما كان يوم الخميس ثامن عشرينه طلع الخليفة زكريا إلى القصر من قلعة الجبل، وحضر أعيان الأمراء وقضاة القضاة الأربع، وشيِخ الإسلام سراج الدين البلقيني، وصدر الدين محمد بن إبراهيم المناوي مفتي دار العدل- وبدر الدين محمد بن فضل الله كاتب السر، ونجم الدين محمد الطنْبَدي- وكيل بيت المال- فبدأ شيخ الإسلام بالكلام مع السلطان في مبايعة زكريا على الخلافة، فبايعه السلطان أولا، ثم بايعه من حضر على مراتبهم. ونعت نفسه بالمستعصم بالله أبي يحيى. ثم أشهد عليه الخليفة أنه قلد السلطان أمور العباد والبلاد وأقامه في ذلك مقام نفسه، فخلع عليه خلعة الخلافة، وخلع على عامة من حضر، وركب القضاة بين يدي الخليفة إلى منزله، فكان يوماً مشهوداً.
وفي سلخه: قدمت رسل أحمد بن أويس- متملك بغداد- بكتابه، يتضمن أن تيمورلنك نزل قرا باغ، ليشتي بها ثم يعود، وحذر منه.
وفي يوم الإثنين ثالث ذي القعدة: خُلع على الخليفة المستعصم بالقصر، واستقر في نظر مشهد السيدة نفيسة. وخلع على شهاب الدين أحمد الأنصاري واستقر في مشيخة خانكاه سعيد السعداء، عوضا عن برهان الدين إبراهيم الأبناسي، بواسطةَ الأمير سُودن النائب. وذلك أنه التزم أن يعمّر أوقاف الخانكاه من ماله، بمبلغ ثلاثين ألف درهم، ولا يتناول معلوم المشيخة، بل يقنع بماله من معلوم التصوف، فإنه كان من جملة صوفيتَها على أنه لا يستجد بها صوفيا، وأنه يوفر نصيب من مات منهم، حتى تُعمر أوقافها.
وفي سادسه: خلع على رسل ابن أويس وسافروا.
وفي ثامنه: عدّى السلطان النيل، ونزل تحت الأهرام، فأقام في سرحته حتى وصل إلى ناحية دلنجة، ثم عاد فطلع إلى القلعة في عشرينه.
وفي هذا الشهر أخرج الوزير الصاحب شمس الدين إبراهيم كاتب أرنان مائة ألف وثمانية عشر ألف أردب قمحًا، طرحه على التجار، كل أربعة أرادب بثلاثة وتسعين درهما- عنها أربعة دنانير- سعر كل دينار ثلاثة وعشرون درهما وربع درهم. فمن هذه الأربعة أرادب، إردب بسبعة وعشرين درهما، وإردب بستة وعشرين درهما، وإردب بأحد وعشرين درهما؛ وإردب بتسعة عشر درهما، فيجيء معدل كل إردب بدينار.
وفيه خلع على قوزي السيفي، واستقر في ولاية قوص، عوضا عن مقبل الطيبي. وخلع على سعد الدين نصر الله بن البقري، واستقر ناظر الديوان المفرد الذي استَجده السلطان، وناظر ديوان المماليك. واستقر برهان الدين إبراهيم بن عبد الله بن عمر الصنهاجي في قضاء المالكية بدمشق، عوضا عن علم الدين محمد بن محمد القفصي. واستقر في قضاء الحنفية بحلب موفق الدين، عوضا عن محب الدين محمد بن الشحنة.
وفي أول ذي الحجة: أحضر من دمشق بأربعة من الفقهاء في الحديد، اتهموا أنهم سعوا في نقض المملكة، والدعاء لإمام قرشي، فسجنوا. ثم أحضروا في يوم الأربعاء رابع عشرينه إلى بين يدي السلطان وتقدم كبيرهم- أحمد بن البرهان- فكلم السلطان عما سأله عنه، وصدع بالإنكار عليه، وأنه غير أهل للقيام بأمر المسلمين، وعدد له ما هو عليه من أخذ المكوس ونحو ذلك، وأنه لا يقوم بأمر المسلمين إلا إمام قرشي. فأمر به وأصحابه أن يعاقبوا حتى يعترفوا. بمن معهم من أمراء الدولة، فتولى عقوبتهم الأمير حسام الدين حسين والي القاهرة، ثم سجنهم بخزانة شمايل.
وفي خامس عشرينه: قدم مبشرو الحاج، وفيهم بطا الخاصكي، وأخبروا أن أقبغا المارديني- أمير الحاج- لما قدم مكة في أول ذي الحجة خرج الشريف محمد بن أحمد عجلان لتلقيه على العادة، وقبل الأرض، ثم خُفَّ الجمل. وعندما انحنى ليقبل عقب الرمح، وثب عليه فداويان ضربه أحدهما بخنجر في جنبه، وضربه الآخر بخنجر في عنقه، وهما يقولان: غريم السلطان فخر ميتا وترك نهاره ملقى، ثم حمله أهله، وواروه، وكان كبيش على بعد، فقتل الفداوية رجلا يظنوه كبيشا، ففر كبيش، وأقام الأمراء لابسين السلاح سبعة أيام، خوفا من الفتنة. فلم يتحرك أحد ولبس الشريف عنان خلعته، وتسلم مكة، وخطب له بها.
وفي تاسع عشرينه: قدمت رسل الحبشة بكتاب ملكهم الحطي، واسمه داود بن سيف أرعد، ومعهم هدية على أحد وعشرين حمالا، فيها من ظرائف بلادهم، ومن جملتها قد ملئت قد صيغ على قدرالحمص.

.ومات في هذه السنة من الأعيان:

أديب مصر بدر الدين أحمد بن الشرف محمد بن الوزير الصاحب فخر الدين محمد بن الوزير الصاحب بهاء الدين علي بن محمد بن سليم بن حنا، في يوم الجمعة تاسع عشرين جمادى الآخرة بمدينة مصر، عن نيف وسبعين سنة.
وتوفي الشريف أبو سليمان أحمد بن عجلان بن رميثة بن أبي نمي محمد بن أبي سعد الحسني أمير مكة، في حادي عشرين شعبان عن نيف وستين سنة بمكة، ودفن بالمعلا، وكان حسن السيرة.
وتوفي الشيخ المعتقد شهاب الدين أحمد بن شرف الدين عبد الهادي بن الشيخ أبي العباس أحمد الشاطر الدمنهوري، الأديب الشاعر ذو الفنون، في المحرم وهو عائد من الحج.
وتوفي شهاب الدين أحمد بن محمد بن على الزركشي- أمن الحكم- فجأة في ليلة الجمعة تاسع عشر شهر ربيع الأول. واتهم أنه سم نفسه، فإنه نقص من مال الأيتام عليه نحو خمسمائة ألف درهم، ذهبت كأمس الذاهب.
ومات أحمد بن الناصر حسن بن الناصر محمد بن المنصور قلاون، في ليلة الخميس رابع عشر جمادى الآخرة، ودفن بمدرسة أبيه، وكان أسن أولاده.
وتوفي عماد الدين إسماعيل بن الزمُكحُل الناسخ، أحد الأفراد، كان يكتب سورة {قل هُو اللّه أَحَد} بكمالها على حبة أرز، كتابة بينة لا يطمس فيها واوا، إلى غير ذلك من بدائعه.
ومات الأمير جلبان الحاجب، أحد أمراء الطبلخاناه، في أخريات شهر رمضان. وكان مشكور السيرة.
ومات الأمير خليل بن قراجا بن دلغادر، كبير التركمان البزوقية، وأمير أبلستين، قتيلا في الحرب، مع الصارم إبراهيم بن همز التركماني، قريبا من مدينة مرعش، عن نيف وستين سنة.
ومات الأمير سودن العلاي، نائب حماة، قتيلا في محاربة التركمان.
وتوفي المقرىء فتح الدين عبد المعطي بن عبد الله في سادس عشر رمضان، وقد أسن. أخذ القراءات عن أثير الدين أبي حيان.
وتوفي الشريف محمد بن عطيفة بن منصور بن جماز بن شيحة الحسيني، أمير المدينة النبوية.
وتوفي أحد الأفراد في العبادة والزهد والورع، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان القرمي بالقدس، في صفر. ومولده في ذي الحجة سنة ست وعشرين وسبعمائة. كان لا يزال يتلو القرآن، فيقال إنه قرأ في اليوم والليلة ثماني ختمات، وقدم القاهرة.
وتوفي الشديد في الله، الورع، شمس الدين محمد بن يوسف بن إلياس القونوي الحنفي، بدمشق، عن نيف وسبعين سنة. قدم القاهرة غير مرة. وأقسم باللّه أنه إذا رأى منكرا يحُمُّ.
وتوفي قاضي الحنابلة بدمشق شمس الدين أبو عبد الله محمد بن تقي الدين عبد الله بن محمد ابن محمود بن أحمد بن عزاز الحنبلي، المعروف بابن التقي.
وتوفي شيخ أهل الميقات ناصر الدين محمد بن الخطائي في يوم الأربعاء ثالث عشرين شعبان.
وتوفي قرينه في العلم بالميقات شمس الدين محمد بن الغزولي، في رابع رجب.
وتوفي زين الدين أبو بكر بن نور الدين علي بن تقي الدين محمد بن يوسف السعدي الخزرجي الأنصاري، المعروف بالسندوبي، أحد موقعي الدست، في يوم الخميس ثالث ربيع الأخر، وهو أحد من أدركناه من الأفراد، في الجود والكرم.
وتوفي شرف الدين موسى بن الفافا، أستادار الأمير أَيتمش الأتابك، في تاسع شوال، وكان من رءوس الظاهرية.
وتوفي الشريف هيازع بن هبة بن جماز بن هبة بن جماز بن منصور الحسيني، أمير المدينة النبوية، في سجنه بالإسكندرية، لأيام من شهر ربيع الأول.
وتوفي شيخ القادرية شرف الدين صدقة ويدعى محمد بن عمر بن محمد بن محمد العادلي، في سادس عشر جمادى الآخرة بالفيوم، وأحرم مرة بالحج من القاهرة.
وتوفي ناظر الدولة علم الدين يحيى بن فخر الدولة، المعروف بكاتب ابن الديناري؛في يوم الأربعاء تاسع شهر ربيع الأخر بالقاهرة، كان أولا نصرانيا ثم أسلم، وهو في خدمة الأمير شرف الدين موسى بن الديناري شاد الدواوين. وصاهر المقسي ناظر الخاص. ثم ولي نظر الدولة، وتمذهب لأبي حنيفة، رحمه اللّه وسمع الحديث، وجمع عنده الفقهاء، وأفضل عليهم وجمع كتبا كثيرة. وكان غاية في الترف، يقول عن نفسه أن بدنه يحتاج في كل يوم إلى ثمانين درهما، عنها نحو أربعة مثاقيل ذهبا، يصرفها فيما يأكله ويشربه خاصة. وترك أواني وقماشا وأثاثا أبيعت بجملة كبيرة، وخلف من الكتب النفيسة عدة يحل ثمنها، مع كثرة شكواه الفقر.
ومات ملك المغرب صاحب فاس موسى بن السلطان أبي عنان فارس بن أبي الحسن المريني في جمادى، وأقيم بعده المنتصر بالله محمد بن أبي العباس أحمد المخلوع ابن أبي سالم ثم خلع بعد قليل، وأقيم الواثق محمد بن أبي الفضل بن السلطان أبي الحسن كل ذلك بتدبير الوزير مسعود بن رحوب ماساي واللّه تعالى أعلم.