فصل: خصائص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تعليق مختصر على كتاب لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد **


تعليق مختصر على كتاب لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

حقوق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه

محمد بن صالح العثيمين

 في حقوق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه

أفضل الخلق عند الله الرسل، ثم النبيون، ثم الصديقون، ثم الشهداء، ثم الصالحون‏.‏ وقد ذكر الله هذه الطبقات في كتابه في قوله‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا‏}‏ ‏[‏سورة النساء، الآية‏:‏ 69‏.‏‏]‏‏.‏

وأفضل الرسل أولوا العزم منهم، وهم خمسة‏:‏ نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلوات من الله والتسليم، وقد ذكرهم الله في موضعين من كتابه في ‏"‏الأحزاب‏"‏‏:‏ ‏{‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَم‏}‏‏[‏ سورة الأحزاب، الآية‏:‏ 7‏.‏‏]‏‏.‏ وفي ‏"‏الشورى‏"‏‏:‏ ‏{‏شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى‏}‏‏[‏ سورة الشورى، الآية‏:‏ 13‏.‏‏]‏‏.‏

وأفضلهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏أنا سيد الناس يوم القيامة‏)‏ متفق عليه ‏[‏رواه البخاري، كتاب التفسير ‏(‏4712‏)‏، ومسلم، كتاب الإيمان ‏(‏194‏)‏‏.‏‏]‏ ، وصلاته خلفه ليلة المعراج وغير ذلك من الأدلة‏.‏

ثم إبراهيم؛ لأنه أبو الأنبياء وملته أصل الملل، ثم موسى؛ لأنه أفضل أنبياء بني إسرائيل وشريعته أصل شرائعهم، ثم نوح وعيسى لا يجزم بالمفاضلة بينهما لأن لكل منهما مزية‏.‏

 خصائص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

اختص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بخصائص نتكلم على ما ذكر المؤلف منها‏:‏

1- خاتم النبيين؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ‏}‏ ‏[‏سورة الأحزاب، الآية‏:‏ 40‏.‏‏]‏‏.‏

2- سيد المرسلين وسبق دليله‏.‏

3- لا يتم إيمان عبد حتى يؤمن برسالته؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ‏}‏ ‏[‏سورة النساء، الآية‏:‏ 65‏.‏‏]‏‏.‏ وغيره من الأنبياء يبعثون إلى أقوام معينين كل إلى قومه‏.‏

4- لا يقضى بين الناس إلا بشفاعته، وسبق دليل ذلك في الشفاعة‏.‏

5- سبق أمته الأمم في دخول الجنة لعموم قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏نحن الآخرون السابقون يوم القيامة‏)‏‏.‏ وسبق‏.‏

6- صاحب لواء الحمد، يحمله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم القيامة ويكون الحامدون تحته، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذٍ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر‏)‏ رواه الترمذي ‏[‏‏"‏سنن الترمذي‏"‏، كتاب التفسير ‏(‏3148‏)‏‏.‏‏]‏، وقد روى الأولى والأخيرة مسلم ‏[‏‏"‏صحيح مسلم‏"‏، كتاب الفضائل ‏(‏2278‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

7- صاحب المقام المحمود، أي‏:‏ العمل الذي يحمده عليه الخالق والمخلوق؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا‏}‏ ‏[‏سورة الإسراء، الآية‏:‏ 79‏.‏‏]‏‏.‏ وهذا المقام هو ما يحصل من مناقبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم القيامة من الشفاعة وغيرها‏.‏

8- صاحب الحوض المورود، والمراد الحوض الكبير الكثير واردوه، أما مجرد الحياض فقد مر أن لكل نبي حوضًا‏.‏

9- 11- إمام النبيين، وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم؛ لحديث أبي بن كعب أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم غير فخر‏)‏‏.‏ رواه الترمذي وحسنه ‏[‏‏"‏سنن الترمذي‏"‏، كتاب المناقب ‏(‏3613‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

12- أمته خير الأمم؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاس‏}‏‏[‏ سورة آل عمران، الآية‏:‏ 110‏.‏‏]‏‏.‏ فأما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏سورة البقرة، الآية‏:‏ 47‏.‏‏]‏‏.‏ فالمراد عالمي زمانهم‏.‏

 فضائل الصحابة

الصحابي من اجتمع بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمنًا به ومات على ذلك‏.‏

وأصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل أصحاب الأنبياء؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏خير الناس قرني‏)‏‏.‏ الحديث رواه البخاري وغيره‏[‏رواه البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏3652‏)‏، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة ‏(‏2533‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

وأفضل الصحابة المهاجرون لجمعهم بين الهجرة والنصرة، ثم الأنصار‏.‏

وأفضل المهاجرين الخلفاء الأربعة الراشدون‏:‏ أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم‏.‏

فأبو بكر هو الصديق عبد الله بن عثمان بن عامر من بني تيم بن مرة بن كعب، أول من آمن برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الرجال وصاحبه في الهجرة، ونائبه في الصلاة والحج، وخليفته في أمته، اسلم على يديه خمسة من المبشرين بالجنة عثمان، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، توفي في جمادى الآخرة سنة 13هـ عن 63 سنة وهؤلاء الخمسة مع أبي بكر، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، هم الثمانية الذين سبقوا الناس بالإسلام قاله ابن إسحاق يعني من الذكور بعد الرسالة‏.‏

وعمر هو أبو حفص الفاروق عمر بن الخطاب من بني عدي بن كعب بن لؤي، أسلم في السنة السادسة من البعثة بعد نحو أربعين رجلًا وإحدى عشرة امرأة، ففرح المسلمون به وظهر الإسلام بمكة بعده‏.‏ استخلفه أبو بكر على الأمة فقام بأعباء الخلافة خير قيام إلى أن قتل شهيدًا في ذي الحجة سنة 23هـ عن 63 سنة‏.‏

وعثمان هو أبو عبد الله ذو النورين عثمان بن عفان من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف‏.‏ أسلم قبل دخول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دار الأرقم كان غنيًا سخيًا، تولى الخلافة بعد عمر بن الخطاب باتفاق أهل الشورى إلى أن قتل شهيدًا في ذي الحجة سنة 35هـ عن 90 سنة على أحد الأقوال‏.‏

وعلي وهو أبو الحسن علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب، أول من أسلم من الغلمان، أعطاه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الراية يوم خيبر ففتح الله على يديه، وبويع بالخلافة بعد قتل عثمان رضي الله عنهما، فكان هو الخليفة شرعًا إلى أن قتل شهيدًا في رمضان سنة 40هـ عن 63 سنة‏.‏

وأفضل هؤلاء الأربعة أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما‏:‏ ‏(‏كنا نخير بين الناس في زمن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان‏)‏ رواه البخاري‏[‏‏"‏صحيح البخاري‏"‏، كتاب فضائل الصحابة ‏(‏3655‏)‏‏.‏‏]‏ ولأبي داود‏:‏‏[‏ ‏"‏سنن أبي داود‏"‏، كتاب السنة ‏(‏4628‏)‏، صححه الألباني‏.‏‏]‏ ‏(‏كنا نقول ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حي‏:‏ أفضل أمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان‏)‏ زاد الطبراني في رواية‏:‏ ‏(‏فيسمع ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا ينكره‏)‏‏.‏ هذا ولم أجد اللفظ ذكره المؤلف بزيادة علي بن أبي طالب‏.‏

وأحقهم بالخلافة بعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبو بكر رضي الله عنه؛ لأنه أفضلهم وأسبقهم إلى الإسلام، ولأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدمه في الصلاة، ولأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على تقديمه ومبايعته ولا يجمعهم الله على ضلالة، ثم عمر رضي الله عنه لأنه أفضل الصحابة بعد أبي بكر، ولأن أبا بكر عهد بالخلافة إليه، ثم عثمان رضي الله عنه لفضله، وتقديم أهل الشورى له وهم المذكورون في هذا البيت‏.‏

علي وعثمان وسعد وطلحة ** زبير وذو عوف رجال المشورة

ثم علي رضي الله عنه لفضله، وإجماع أهل عصره عليه‏.‏

وهؤلاء الأربعة هم الخلفاء الراشدون المهديون الذين قال فيهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ‏)‏ ‏[‏سبق تخريجه‏.‏‏]‏‏.‏

وقال‏:‏ ‏(‏الخلافة بعدي ثلاثون سنة‏)‏‏.‏ رواه أحمد وأبو داود والترمذي ‏[‏رواه أبو داود، كتاب السنة ‏(‏4646‏)‏، والترمذي، كتاب الفتن ‏(‏2226‏)‏، وأحمد ‏(‏5/220‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏ قال الألباني‏:‏ وإسناده حسن‏.‏ فكان آخرها خلافة علي، هكذا قال المؤلف وكأنه جعل خلافة الحسن تابعة لأبيه، أو لم يعتبرها حيث إنه رضي الله عنه تنازل عنها‏.‏

فخلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتان وثلاثة أشهر وتسع ليال من 13 ربيع الأول سنة 11هـ إلى 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ‏.‏

وخلافة عمر رضي الله عنه عشر سنوات وستة أشهر وثلاثة أيام من 23 جمادى الآخرة سنة 13هـ إلى 26 ذي الحجة سنة 23هـ ‏.‏

وخلافة عثمان رضي الله عنه أثنتا عشرة سنة إلا اثني عشر يومًا من 1 محرم سنة 24هـ إلى ذي الحجة سنة 35هـ‏.‏

وخلافة علي رضي الله عنه أربع سنوات وتسعة أشهر من 19 ذي الحجة سنة 35هـ إلى 19 رمضان سنة 40هـ‏.‏

فمجموع خلافة هؤلاء الأربعة تسع وعشرون سنة وستة أشهر وأربعة أيام‏.‏

ثم بويع الحسن بن علي رضي الله عنهما يوم مات أبوه علي رضي الله عنه، وفي ربيع الأول سنة 41هـ سلم الأمر إلى معاوية وبذلك ظهرت آية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قوله‏:‏ ‏(‏الخلافة بعدي ثلاثون سنة‏)‏ وقوله في الحسن‏:‏ ‏(‏إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين‏)‏‏.‏ رواه البخاري ‏[‏رواه البخاري، كتاب الصلح ‏(‏2704‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏