فصل: تفسير الآيات (40- 41):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن العظيم (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (38- 39):

{إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَارًا (39)}.
يخبر تعالى بعلمه غيب السموات والأرض، وأنه يعلم ما تكنه السرائر وتنطوي عليه الضمائر، وسيجازي كل عامل بعمله.
ثم قال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ} أي: يخلف قوم لآخرين قبلهم، وجيل لجيل قبلهم، كما قال: {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ} [النمل: 62] {فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} أي: فإنما يعود وبال ذلك على نفسه دون غيره، {وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا} أي: كلما استمروا على كفرهم أبغضهم الله، وكلما استمروا فيه خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، بخلاف المؤمنين فإنهم كلما طال عمر أحدهم وحَسُن عمله، ارتفعت درجته ومنزلته في الجنة، وزاد أجره وأحبه خالقه وبارئه رب العالمين، فسبحان المقدر المدبر رب العالمين.

.تفسير الآيات (40- 41):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلا غُرُورًا (40) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)}.
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين: {أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: من الأصنام والأنداد، {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ} أي: ليس لهم شيء من ذلك، ما يملكون من قطمير.
وقوله: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ} أي: أم أنزلنا عليهم كتابا بما يقولون من الشرك والكفر؟ ليس الأمر كذلك، {بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلا غُرُورًا} أي: بل إنما اتبعوا في ذلك أهواءهم وآراءهم وأمانيهم التي تمنوها لأنفسهم، وهي غرور وباطل وزور.
ثم أخبر تعالى عن قدرته العظيمة التي بها تقوم السماء والأرض عن أمره، وما جعل فيهما من القوة الماسكة لهما، فقال: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا} أي: أن تضطربا عن أماكنهما، كما قال: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ} [الحج: 65]، وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأرْضُ بِأَمْرِهِ} [الروم: 25] {وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} أي: لا يقدر على دوامهما وإبقائهما إلا هو، وهو مع ذلك حليم غفور، أي: يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه، وهو يحلم فيؤخر وينظر ويؤجل ولا يَعْجَل، ويستر آخرين ويغفر؛ ولهذا قال: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.
وقد أورد ابن أبي حاتم هاهنا حديثا غريبا بل منكرًا، فقال: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثني هشام بن يوسف، عن أمية بن شبل، عن الحكم بن أبان، عن عِكْرِمَة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى، عليه السلام على المنبر قال: «وقع في نفس موسى عليه السلام: هل ينام الله عز وجل فأرسل الله إليه ملكا، فأرقه ثلاثا، وأعطاه قارورتين، في كل يد قارورة، وأمره أن يحتفظ بهما. قال: فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى، حتى نام نومه، فاصطفقت يداه فَتَكَسَّرت القارورتان. قال: ضرب الله له مثلا إن الله لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض».
والظاهر أن هذا الحديث ليس بمرفوع، بل من الإسرائيليات المنكرة فإن موسى عليه السلام أجَلّ من أن يُجَوّز على الله سبحانه وتعالى النوم، وقد أخبر الله تعالى في كتابه العزيز بأنه: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ} [البقرة: 255]. وثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القِسْطَ ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه».
وقد قال أبو جعفر بن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: جاء رجل إلى عبد الله- هو ابن مسعود- فقال: من أين جئت؟ قال: من الشام. قال: مَنْ لقيت؟ قال: لقيت كعبًا. قال: ما حدثك كعب؟ قال: حدثني أن السموات تدور على مِنْكَب مَلَك. قال: أفصدقته أو كذبته؟ قال: ما صدقته ولا كذبته. قال: لوددت أنك افتديت مَن رحلتك إليه براحلتك ورَحْلِها، كَذَب كعب. إن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}.
وهذا إسناد صحيح إلى كعب وإلى ابن مسعود. ثم رواه ابن جرير عن ابن حميد، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: ذهب جُنْدب البَجَلي إلى كعب بالشام، فذكر نحوه. وقد رأيت في مصنف الفقيه يحيى بن إبراهيم بن مُزَين الطليطلي، سماه سير الفقهاء، أورد هذا الأثر عن محمد بن عيسى بن الطَّبَّاع، عن وَكِيع، عن الأعمش، به. ثم قال: وأخبرنا زونان- يعني: عبد الملك بن الحسن- عن ابن وهب، عن مالك أنه قال: السماء لا تدور. واحتج بهذه الآية، وبحديث: «إن بالمغرب بابا للتوبة لا يزال مفتوحا حتى تطلع الشمس منه».
قلت: وهذا الحديث في الصحيح، والله أعلم.

.تفسير الآيات (42- 43):

{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الأرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ الأوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلا (43)}.
يخبر تعالى عن قريش والعرب أنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم، قبل إرسال الرسول إليهم: {لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأمَمِ} أي: من جميع الأمم الذين أرسل إليهم الرسل. قاله الضحاك وغيره، كقوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا} [الأنعام: 156، 157]، وكقوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الأوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الصافات: 167- 170].
قال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ}- وهو: محمد صلى الله عليه وسلم- بما أنزل معه من الكتاب العظيم، وهو القرآن المبين، {مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا}، أي: ما ازدادوا إلا كفرًا إلى كفرهم، ثم بين ذلك بقوله: {اسْتِكْبَارًا فِي الأرْضِ} أي: استكبروا عن اتباع آيات الله، {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} أي: ومكروا بالناس في صدِّهم إياهم عن سبيل الله، {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ} أي: وما يعود وبال ذلك إلا عليهم أنفسهم دون غيرهم.
قال ابن أبي حاتم: ذكر علي بن الحسين، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياك ومكر السيئ، فإنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، ولهم من الله طالب»، وقد قال محمد بن كعب القُرَظِي: ثلاث من فعلهن لم ينجُ حتى ينزل به من مكر أو بغي أو نكث، وتصديقها في كتاب الله: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ}. {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس: 23]، {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح: 10].
وقوله: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ الأوَّلِينَ} يعني: عقوبة الله لهم على تكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره، {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا} أي لا تغير ولا تبدل، بل هي جارية كذلك في كل مكذب، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلا} أي: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ} [الرعد: 11]، ولا يكشف ذلك عنهم، ويحوله عنهم أحد.

.تفسير الآيات (44- 45):

{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)}.
يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الرسالة: سيروا في الأرض، فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل؟ كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها، فَخُلِيَتْ منهم منازلهم، وسلبوا ما كانوا فيه من النَّعَم بعد كمال القوة، وكثرة العدد والعُدَد، وكثرة الأموال والأولاد، فما أغنى ذلك شيئا، ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء، لما جاء أمر ربك لأنه تعالى لا يعجزه شيء، إذا أراد كونه في السموات والأرض؟ {إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} أي: عليم بجميع الكائنات، قدير على مجموعها.
ثم قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} أي: لو آخذهم بجميع ذنوبهم، لأهلك جميع أهل الأرض، وما يملكونه من دواب وأرزاق.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سِنان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: كاد الجَعْلُ أن يعذب في جُحْره بذنب ابن آدم، ثم قرأ: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}.
وقال سعيد بن جُبَيْر، والسُّدِّيّ في قوله: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} أي: لما سقاهم المطر، فماتت جميع الدواب.
{وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} أي: ولكن يُنْظرهُم إلى يوم القيامة، فيحاسبهم يومئذ، ويوفي كل عامل بعمله، فيجازي بالثواب أهلَ الطاعة، وبالعقاب أهل المعصية؛ ولهذا قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا}.
آخر تفسير سورة فاطر ولله الحمد والمنة.

.سورة يس:

وهي مكية.
قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا قتيبة وسفيان بن وَكِيع، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرُّؤاسي، عن الحسن بن صالح، عن هارون أبي محمد، عن مقاتل بن حيان، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل شيء قلبا، وقلب القرآن يس. ومَنْ قرأ يس كَتَبَ الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات».
ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حُميد بن عبد الرحمن. وهارون أبو محمد شيخ مجهول. وفي الباب عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، ولا يصح لضعف إسناده، وعن أبي هريرة منظور فيه.
أما حديث الصديق فرواه الحكيم الترمذي في كتابه نوادر الأصول. وأما حديث أبي هريرة فقال أبو بكر البزار: حدثنا عبد الرحمن بن الفضل، حدثنا زيد- هو ابن الحباب- حدثنا حُميد- هو المكي، مولى آل علقمة- عن عطاء- هو ابن أبي رباح- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل شيء قلبا، وقلب القرآن يس».
ثم قال: لا نعلم رواه إلا زيد، عن حميد.
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا حجاج بن محمد، عن هشام بن زياد، عن الحسن قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ يس في ليلة أصبح مغفورًا له. ومن قرأ: حم التي فيها الدخان أصبح مغفورًا له». إسناد جيد.
وقال ابن حبان في صحيحه: حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم- مولى ثقيف- حدثنا الوليد بن شجاع بن الوليد السكوني، حدثنا أبي، حدثنا زياد بن خَيْثَمة، حدثنا محمد بن جُحَادة، عن الحسن، عن جُنْدَب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله، غفر له».
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عارم، حدثنا معتمر، عن أبيه، عن رجل، عن أبيه، عن معقل بن يَسَار، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «البقرة سِنام القرآن وذِرْوَته، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكا، واستخرجت {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] من تحت العرش فوصلت بها- أو: فوصلت بسورة البقرة- ويس قلب القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة، إلا غفر له، واقرؤوها على موتاكم».
وكذا رواه النسائي في اليوم والليلة عن محمد بن عبد الأعلى، عن معتمر بن سليمان، به.
ثم قال الإمام أحمد: حدثنا عارم، حدثنا ابن المبارك، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان- وليس بالنهدي- عن أبيه، عن مَعْقِل بن يَسَار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرؤوها على موتاكم»- يعني: يس.
ورواه أبو داود، والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجه من حديث عبد الله بن المبارك، به إلا أن في رواية النسائي: عن أبي عثمان، عن معقل بن يسار.
ولهذا قال بعض العلماء: من خصائص هذه السورة: أنها لا تقرأ عند أمر عسير إلا يسره الله. وكأن قراءتها عند الميت لتنزل الرحمة والبركة، وليسهل عليه خروج الروح، والله أعلم.
قال الإمام أحمد، رحمه الله: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان قال: كان المشيخة يقولون: إذا قرئت- يعني يس- عند الميت خُفِّف عنه بها.
وقال البزار: حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي»- يعني: يس.