فصل: قراءات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تيسير التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (45):

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)}
هنا يعود الشارع لعرض نماذج من شريعة التوراة: وقد بقيت هذه الأحكام في شريعة الاسلام. والقاعدة عندنا ان شَرْعَ من قبلنا من الأديان السماوية شرعٌ لنا ما لم يرد نسخُه في القرآن. مثال ذلك: {فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ}.
فالأصلُ القصاصُ: النفسُ بالنفس إلخ.... ثم جاء التسامح الاسلامي بأنَّ من تصدَّق بما ثَبَتَ له من حق القصاص، وعفا عن الجاني، كان عفُوه كفّارةً له، ويكفّر الله بها ذنوبه. وقد تميز الإسلام بتسامحه، وورد ذلك في كثير من الآيات والاحاديث وسِير الصحابة الكرام.
ويقول النبي عليه الصلاة السلام: «أيعجِز أحدكُم أ، يكون كأبي ضمضم؟ كان إذا خرج من بيته تصدَّق بعرضه على الناس» (أي آلى ان يسامح من قد يشتمونه). وأبو ضمضم هذا مّمن كان قبلَنا من الأمم السابقة، كما جاء في رواية أبي داود.
وروي الإمام احمد، قال: كسرَ رجُل من قريش سنَّ رجل من الأنصار، فاستعدى عليه معاوية، فقال: معاوية: استَرضِه. فألحَ الأنصاري، فقال معاوية: شأنك بصاحبكز كان أبو الدرداء جالساً فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما مِن مسلم يصابُ بشيء من جسدِه فيتصدَّق به إلا رفعه اللهُ به درجة، أو حطَّ به عنه خطيئة» فقال الأنصاري: فإني قد عفوت.
هكذا يعلّمنا الله ورسوله ان نكون متسامحين في أمورنا جميعها، وان نطلب العوض من الله. وبعد هذا العرض يعقّب بالحكم الصارم بقوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ الله فأولئك هُمُ الظالمون}.
ان كل من كان بصدد الحكم في شيء من هذه الجنايات، فأعرضَ عما أنزل اللهُ من القصاص المبنيّ على قاعدة العدل والمساواة بين الناس، وحكم بهواه فلْيعتبر نفسَه من الظالمين. وجزاء هؤلاء معروف.
في الآية التي قبلها كان الوصف هو {الكافرون} وهنا {الظالمون}، لكن هذا لا يعني ان الحالة الثانية غير التي سبق الوصف فيها بالكفر، وانما يعني الاضافة. فمن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون الظالمون.

.قراءات:

قرأ نافع: {والأذْن بالأذْن}، باسكان الذال حيث وقع. وقرأ الكسائي وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: {والجروحُ}، بضم الحاء.

.تفسير الآيات (46- 47):

{وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)}
قفّينا: أتبعنا، قفّى فلاناً وبه أتبعه اياه. الفاسق: الخارج عن حظيرة الدين. وبعثنا عيسى بن مريم بعد أولئك النبيّين الذين كانوا يحكمون بالتوراة متّبعاً أَثَرهم جارياً على سُننهم، مصدّقاً للتوراة التي تَقَدَّمتْه بقوله وعمله. فشريعة عيسى عليه السلام هي التوراة التي لم تحرَّف. وقد ورد في الأناجيل انه قال: (ما جئت لأنقُض الناموس، وإنما جئت لأتمِّم)، يعني لأزيد عليها ما شاء الله من الأحكام والمواعظ.
وقد اعطيناه الإنجيل، مشتملاً على الهدى، ومنقذا من الضلال في العقائد والأعمال: كالتوحيد، والتنزيه النافي للوثنية. وقد جعل الله في الانجيل هدى ونوراً وموعظة للمتقين كما جعله منهج حياة وشريعةَ حكمٍ لأهل الانجيل، وليس رسالة عامّة للبشر، شأنه في هذا شأنَ التوراة، لا شأن القرآن الكريم.
{وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإنجيل بِمَآ أَنزَلَ الله فِيهِ}
وهذا أمر قاطع لازم يجب تنفيذه وإطاعته، يعني: وأمرناهم بالعمل بالإنجيل، واتّباعه وعدم تحريفه. وقد جاء في الإنجيل الصحيح بشارةٌ بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة، وكلن ذلك أُخفيَ وحُرّف. كان عند النصارى عدد كبير من الأناجيل يربو على الخمسين، لكنهم في مجمع نيقية (سنة 325 ميلادية) اعتمدوا هذه الأربعة المتداولة الآن وحرقوا ما عداها. وقد وُجد إنجيل منسوبٌ إلى برنابا، تلميذِ المسيح، وتُرجم وطُبع عدة مرات، وفيه البشارة واضحةٌ بالنبيّ في عدة أماكن. وهو قريب جداً من القرآن وتعاليمِه، لكن النصارى لا يعترفون به ويقولون إنه مزّيف.
{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ الله فأولئك هُمُ الفاسقون}
إن كل من يتقيد بالأحكام بشرائع الله لهو من الخارجين عن حكم الله، المتمردين عليه. والنص هنا عام. وصفة الفسق تضاف إلى صفتي الكفر والظلم من قبل. فالكفر برفض ألوهية الله ممثِّلاً ذلك في رفض شريعته، والظلم بحمل الناس على غير شريعة اللة، والفسق بالخروج عن منهج حكم الله واتباع طريق غير طريقه.
فالله سبحانه وتعالى يعرض هذه المسألة بأنها إيمان أو كفر، لا وسَط في هذا الامر، فالمؤمنون هم الذين يحكمون بما أنزل الله، والكافرون الظالمون الفاسقون هم الذين لا يحكمون بما أنزل الله. فإما أن يكون الحكّام قائمين على شريعة الله كاملة فهم من أهل الايمان، واما ان يكونوا قائمين على شريعة أخرى فهم من أهل الكفر والظلم والفسق. وكذلك الديانات.

.قراءات:

قرأ حمزة: {وليحكم}، بكسر اللام ونصب الميم، والباقون بجزم الميم كما هو هنا في قراءة المصحف.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)}
المهيمن على الشيء: القائم على شئونه وله حق مراقبته وتولي رعايته. الشرعة والشريعة: مورد الماء، وكل ما شرعت فيه من شيء فهو شريعة. المنهاج: السبيل والسنّة. الابتلاء: الاختبار. استبِقوا: ابتدروا وسارعوا.
بعد أن بين الله تعالى أنه انزل التوراة ثم الإنجيل، وذكر ما أودعه فيهما من فروض وواجبات وأحكام ألزم بها بني اسرائيل جاء البيان هنا إلى الرسالة الاخيرة، الرسالة التي تعرض الإسلامَ في صورته النهائية، ليكون دين البشرية كلّها حتى يرث الارَ ومن عليها.
وأنزلنا اليك ايها النبي الكتاب الكامل، وهو القرآن، الذي أكملنا به دين الله. وقد جاءك مصدّقاً لما تقدَّمه من الكتب السماوية، وشاهداً لها بالصحة ورقيباً عليها، لأننا سنحفظه من التغيير. لذا احكُم بين أهل الكتاب، إذا تحاكموا اليك، بما في هذا القرآن. لا تتّبع أيها الرسول في حكمك شهواتهم ولا تخضع لأهوائهم ورغباتهم. فبسببٍ من ذلك حرّفوا كثيرا من كتبهم.
روي أن اليهود عرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يؤمنوا برسالته إذا تصالح معهم على التسامح في احكام معينة، منها حكم الرجم وغير ذلك، فنزل هذا التحذير.
{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ...}
لكل أُمة منكم أيها الناس جعل الله منهاجاً لبيان الحق، وطريقاً واضحا في الدين تسيرون عليه، ولو شاء لجعلكم جماعة واحدة متفقة، لا تختلف مناهج حياتها وإرشادها في جميع العصور. لقد جعلكم شرائع ليختبركم فيما أتاكم، فيتبين المطيعَ والعاصي. انتهزوا الفرص أيها الناس، وسارِعوا إلى عمل الخيرات، فإنكم إلى الله ترجعون. يومئذ ينبئكم بحقيقة ما كنتم تختلفون فيه من أمور الدين، ويجازي كلاً منكم بعمله.

.تفسير الآيات (49- 50):

{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}
ان يفتنوك: إن يميلوا بك من الحق إلى الباطل. يبغون: يريدون.
نحن نأمرك أيها الرسول ان تحكم بينهم وفق شريعتك التي أنزلناها عليك، فلا تتبع رغباتهم أبداً، ولو لمصحلة في ذلك، كتأليف قلوبهم وجذبهم إلى الاسلام. فالحق لا يوصل اليه بطريق الباطل. واحذَرهم أن يميلوا بك من الحق إلى الباطل، كأن يصرفوك عما أُنزل اليك لتحكم بغيره.
أَخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن عباس قال: قال كعب بن أسد وعبدالله بن صوريا وشاس بن قيس من زعماء اليهود: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه. فأتوه فقالوا: يا محمد، إنك عرفت أنّا أحبار اليهود واشرافهم وساداتهم، وأنّا إن اتّبعنانك اتبَعنا اليهودَ ولم يخالفونا. وأن بيننا وبين قومنا خصومةً، فنخاصمهم إليك فتقضي لنا عليهم، ونؤمن لك ونصدّقل. فأبى الرسول ذلك، فأنزل الله عز وجل فيه {وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ الله....} الآية.
فإن أعرضوا عن حكمك يا محمد بعد تحاكُمهم اليك، فاعلم ان الله إنما يريد أن يصيبهم بفساد أمورهم، لفسادِ نفوسهم، بسبب ذنوبهم التي ارتكبوها، ثم يجازيهم على أعمالهم في الآخرة.
وهذال النص يسمو بالشرع الاسلامي عن غيره، في الحكم بين الناس:
أولا لأنه يسمو بالأحكام العادلة عن ان تكون تابعة لأوضاع الناس، فهي حاكمة على أوضاع الناس بالخير والشر.
وثانيا: لأنه جعل باب القانون في الدولة واحداً لكل الناس ولكل الطبقات.
{أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ}
أيريد أولئك الخارجون عن أمر الله ونهيه ان يحكموا بأحكام الجاهلية التي لا عدل فيه ولا هدى، بل الحِيل والمداهنة!!
روي «ان بني النَّضِير، من اليهود، تحاكموا إلى الرسول الكريم في خصومة كانت بينهم وبين بني قُريضة. وقد طلب بعضُهم ان يجري الحكم وفق ما كان عليه أهل الجاهلية من التفاضل وجعل دية القرظي ضعفَي دية النضيري. فقال عليه الصلاة والسلام: القتلى براء، يعنى سواء. فقالوا: نحن لا نرضى بذلك. فانزل الله تعالى هذه الآية توبيخاً لهم. اذ كيف لهم وهم أهل كتاب وعلم أن يبغوا حكم الجاهلية».

.قراءات:

قرأ ابن عامر {تبغون} بالتاء.

.تفسير الآية رقم (51):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)}
الولاية: التناصر والمحالفة. ومن يتولهم منكم: من يتخذهم أنصاراً وحلفاء.
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة صار الكفّار معه ثلاثة أقسام.
قسم صالحهم ووادعهم على أن لا يحاربوه ولا يظاهروا عليه أحدا ولا يوالوا عليه عدوه، وهم على دينهم آمنون على دمائهم وأموالهم.
وقسم حاربوه ونصبوا له العداوة.
وقسم تركوه فلم يصالحوه ولم يحاربوه، بل انتظروا إلامَ يؤول أمره أمر اعدائه.
وقد عامل الرسول كل طائفة من هؤلاء بما أمره الله به. فصالَح يهودَ المدينة، وكتب بينه وبينهم عهداً بكتاب. وكانوا ثلاثة طوائف هم: بنو قينقاع، وبنو النُضير، وبنو قريظة. فحاركبه بنو قينقاع بعد معركة بدْرٍ وأظهروا البغي والحسد. ثم نقض العهدَ بنو النُّضير بعد ذلك بستة أشهر. ثم نقض بنو قُريظة العهدَ لما خرج إلى غزوة الخندق، وكانوا أشد اليهود عداوة للنبي والاسلام.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير في تفسيره عن عطية بن سعد قال: «جاء الصحابي عبادة ابن الصامت، من الخزرج، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ان لي موالي من اليهود كثيرٌ عددُهم، وإني أبراُ إلى الله ورسوله من ولاية يهود، واتولى الله ورسوله. وكان عبد الله بن أبي رأس المنافقين حاضراً، فقال: إني رجل أخاف الدوائر، لا أبرأ من مولاة مواليّ. فقال له رسول الله: يا أبا الحباب، أرأيتَ الذي نفِستَ به من ولاء يهود على عُبادة، فهو لك دونه قال: اذنْ أقبَل». فأنزل الله تعالى: {يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى}
يا أيها الّذين آمنوا، لا يحِلُّ لكم أن تتّخذوا اليهودَ ولا النصارى نُصراءَ لكم على أهل الإيمان بالله ورسوله، فمن اتخذَهم كذلك فهو منهم، واللهُ ورسوله بريئان منه.
{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ}.
ان اليهود بعضُهم أنصار بعض، والنصارى بعضهم أنصار بعض، وقد يتحالف اليهود والنصارى معاً، أما أن يتحالفوا أو يصدُقوا مع المسلمين فلا. وفي واقعنا الحاضر شاهد على ذلك.. ولقد نقض اليهود ما عقَده الرسول الكريم معهم من العهد من غير أن يبدأهم بقتال. وكذلك فعلت اوروبا في الحروب الصليبية، وتفعل امريكا اليوم مع كل من يطلب الحرية لشبعه، والمسلمين خاصة.
{إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين}
ان الله لا يهدي الذين يظلمون أنفسهم منكم بموالاة أعداء المؤمنين.
فإن اليهود بتدبير من النصارى، وبقوة سلاحهم أيضاً جاؤا واغتصبوا فلسطين وأجواء من سورية ومصر، بمعونة أمريكا وسلاحها ومالها، ولا يزالون في حماية امريكا. وحتى اوروبا والدول الغربية جميعاً فإنهم يعطِفون على اليهود أعداء العالم أجمع ونحن بحكم جهلنا، لا نزال نستنصر أمريكا وغيرها ونطلب المعونة منها، مع أننا لو اجتمعت كلمتُنا ووحّدنا صفوفنا، لما احتجنا إلى شيء من ذلك. ولكنّنا تفرّقنا، وبعُدنا عن ديننا ومزّقتنا الأهواء وحب المناصب. بذلك قوي اليهود من ضعفنا، فهم يهدّدوننا، ويهاجمون بلداننا وقرانا، ويعيثون في الأرض فسادا. هذا وكلُّ منّا يود المحافظة على منصبه ويبيع في سبيله كل ماعداه.
ثم أخبر سبحانه وتعالى أن فريقاً من ضعاف الإيمان يفعل ذلك فقال: {فترى الذين في قلوبهم مرض..} الآية 52.