فصل: (شِعْرُ بُجَيْرٍ فِي حُنَيْنٍ وَالطّائِفِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» (نسخة منقحة)



.[عُيَيْنَةُ وَمَا كَانَ يُخْفِي مِنْ نِيّتِه ِ]:

فَلَمّا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْن عِلَاجٍ أَلَا إنّ الْحَيّ مُقِيمٌ. قَالَ يَقُولُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ أَجَلْ وَاَللّهِ مَجَدَةً كِرَامًا؛ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَاتَلَك اللّهُ يَا عُيَيْنَةُ أَتَمْدَحُ الْمُشْرِكِينَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ جِئْت تَنْصُرُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ إنّي وَاَللّهِ مَا جِئْت لِأُقَاتِلَ ثَقِيفًا مَعَكُمْ وَلَكِنّي أَرَدْت أَنْ يَفْتَحَ مُحَمّدٌ الطّائِفَ فَأُصِيبَ مِنْ ثَقِيفٍ جَارِيَةً أَتّطِئُهَا لَعَلّهَا تَلِدُ لِي رَجُلًا، فَإِنّ ثَقِيفًا قَوْمٌ مَنَاكِيرُ. وَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي إقَامَتِهِ مِمّنْ كَانَ مُحَاصَرًا بِالطّائِفِ عَبِيدٌ، فَأَسْلَمُوا، فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ.

.[عُتَقَاءُ ثَقِيفٍ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُكَدّمٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ ثَقِيفٍ، قَالُوا: لَمّا أَسْلَمَ أَهْلُ الطّائِفِ تَكَلّمَ نَفَرٌ مِنْهُمْ فِي أُولَئِكَ الْعَبِيدِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا، أُولَئِكَ عُتَقَاءُ اللّهِ، وَكَانَ مِمّنْ تَكَلّمَ فِيهِمْ الْحَارِثُ بْنُ كَلَدَةَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَدْ سَمّى ابْنُ إسْحَاقَ مَنْ نَزَلَ مِنْ أُولَئِكَ الْعَبِيدِ.

.[إطْلَاقُ أُبَيّ بْنِ مَالِكٍ مِنْ يَدِ مَرْوَانَ وَشِعْرُ الضّحّاكِ فِي ذَلِكَ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَتْ ثَقِيفٌ أَصَابَتْ أَهْلًا لِمَرْوَانَ بْنِ قَيْسٍ الدّوْسِيّ وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ، وَظَاهَرَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى ثَقِيفٍ، فَزَعَمَتْ ثَقِيفٌ، وَهُوَ الّذِي تَزْعُمُ بِهِ ثَقِيفٌ أَنّهَا مِنْ قَيْسٍ: أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لِمَرْوَانَ بْنِ قَيْسٍ: «خُذْ يَا مَرْوَانُ بِأَهْلِك».
أَوّلَ رَجُلٍ مِنْ قَيْسٍ تَلْقَاهُ فَلَقِيَ أُبَيّ بْنَ مَالِكٍ الْقُشَيْرِيّ، فَأَخَذَهُ حَتّى يُؤَدّوا إلَيْهِ أَهْلَهُ فَقَامَ فِي ذَلِكَ الضّحّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيّ، فَكَلّمَ ثَقِيفًا حَتّى أَرْسَلُوا أَهْلَ مَرْوَانَ وَأَطْلَقَ لَهُمْ أُبَيّ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ الضّحّاكُ بْنُ سُفْيَانَ فِي شَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُبَيّ بْنِ مَالِكٍ:
أَتَنْسَى بَلَائِي يَا أُبَيّ بْنَ مَالِكٍ ** غَدَاةَ الرّسُولُ مُعْرِضٌ عَنْك أَشْوَسُ

يَقُودُك مَرْوَانُ بْنُ قَيْسٍ بِحَبْلِهِ ** ذَلِيلًا كَمَا قِيدَ الذّلُولُ الْمُخَيّسُ

فَعَادَتْ عَلَيْكَ مِنْ ثَقِيفٍ عِصَابَةٌ ** مَتَى يَأْتِهِمْ مُستَقْبِسُ الشّرّ يُقْبِسُوا

فَكَانُوا هُمْ الْمَوْلَى فَعَادَتْ حُلُومُهُمْ ** عَلَيْك وَقَدْ كَادَتْ بِك النّفْسُ تَيْأَسُ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُقْبِسُوا عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

.[شُهَدَاءُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الطّائِفِ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَهَذِهِ تَسْمِيَةُ مَنْ اُسْتُشْهِدَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ الطّائِفِ. مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمّ مِنْ بَنِي أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ: سَعِيدُ بْنُ سَعِيدٍ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيّةَ، وَعُرْفُطَةُ بْنُ جَنّابٍ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ الْأُسْدِ بْنِ الْغَوْثِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ ابْنُ حُبَابٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَمِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرّةَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصّدّيقُ، رُمِيَ بِسَهْمِ فَمَاتَ مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي أُمَيّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ مِنْ رَمْيَةٍ رُمِيَهَا يَوْمَئِذٍ.
وَمِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ: عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، حَلِيفٌ لَهُمْ.
وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرٍو: السّائِبُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيّ، وَأَخُوهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْحَارِثِ.
وَمِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ جُلَيْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ. وَاسْتُشْهِدَ مِنْ الْأَنْصَارِ: مِنْ بَنِي سَلِمَةَ ثَابِتُ بْنُ الْجَذَعِ.
بَنِي مَازِنِ بْنِ النّجّارِ الْحَارِثُ بْنُ سَهْلِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ.
وَمِنْ بَنِي سَاعِدَةَ الْمُنْذِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ.
وَمِنْ الْأَوْسِ: رُقَيْمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. فَجَمِيعُ مَنْ اُسْتُشْهِدَ بِالطّائِفِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، سَبْعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ،، وَأَرْبَعَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ.

.[شِعْرُ بُجَيْرٍ فِي حُنَيْنٍ وَالطّائِفِ]:

فَلَمّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ الطّائِفِ بَعْدَ الْقِتَالِ وَالْحِصَارِ قَالُ بُجَيْرُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى يَذْكُرُ حُنَيْنًا وَالطّائِفَ:
كَانَتْ عُلَالَةَ يَوْمَ بَطْنِ حُنَيْنٍ ** وَغَدَاةَ أَوْطَاسٍ وَيَوْمَ الْأَبْرَقِ

جَمَعَتْ بِإِغْوَاءِ هَوَازِنُ جَمْعَهَا ** فَتَبَدّدُوا كَالطّائِرِ الْمُتَمَزّقِ

لَمْ يَمْنَعُوا مِنّا مَقَامًا وَاحِدًا ** إلّا جِدَارَهُمْ وَبَطْنَ الْخَنْدَقِ

وَلَقَدْ تَعَرّضْنَا لِكَيْمَا يَخْرُجُوا ** فَتَحَصّنُوا مِنّا بِبَابٍ مُغْلَقِ

تَرْتَدّ حَسْرَانًا إلَى رَجْرَاجَةٍ ** شَهْبَاءَ تَلْمَعُ بِالْمَنَايَا فَيْلَقِ

مَلْمُومَةٍ خَضْرَاءَ لَوْ قَذَفُوا بِهَا ** حَضَنًا لَظَلّ كَأَنّهُ لَمْ يُخْلَقْ

مَشْيَ الضّرَاءِ عَلَى الْهَرَاسِ كَأَنّنَا ** قُدْرٌ تَفَرّقُ فِي الْقِيَادِ وَتَلْتَقِي

فِي كُلّ سَابِغَةٍ إذَا مَا اسْتَحْصَنَتْ ** كَالنّهْيِ هَبّتْ رِيحُهُ الْمُتَرَقْرِقِ

جُدُلٌ تَمَسّ، فُضُولُهُنّ نِعَالَنَا ** مِنْ نَسْجِ دَاوُدٍ وَآلِ مُحَرّقِ

.أَمْرُ أَمْوَالِ هَوَازِنَ وَسَبَايَاهَا وَعَطَايَا الْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْهَا وَإِنْعَامُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيهَا:

ثُمّ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ انْصَرَفَ عَنْ الطّائِفِ عَلَى دَحْنَا حَتّى نَزَلَ الْجِعْرَانَةَ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ النّاسِ وَمَعَهُ مِنْ هَوَازِنَ سَبْيٌ كَثِيرٌ وَقَدْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. يَوْمَ ظَعَنَ عَنْ ثَقِيفٍ: يَا رَسُولَ اللّهِ اُدْعُ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اللّهُمّ اهْدِ ثَقِيفًا وَأْتِ بِهِمْ.

.[مَنّ الرّسُولِ عَلَى هَوَازِنَ]:

ثُمّ أَتَاهُ وَفْدُ هَوَازِنَ بِالْجِعْرَانَةِ وَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ سَبْيِ هَوَازِنَ سِتّةُ آلَافٍ مِنْ الذّرَارِيّ وَالنّسَاءِ وَمِنْ الْإِبِلِ وَالشّاءِ مَا لَا يُدْرَى مَا عِدّتُهُ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنّ وَفْدَ هَوَازِنَ أَتَوْا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ أَسْلَمُوا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ، وَقَدْ أَصَابَنَا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْك، فَامْنُنْ عَلَيْنَا، مَنّ اللّهُ عَلَيْك. قَالَ وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ، ثُمّ أَحَدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، يُقَالُ لَهُ زُهَيْرٌ يُكْنَى أَبَا صُرَدٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّمَا فِي الْحَظَائِرِ عَمّاتُك كُنّ يَكْفُلْنَك، وَلَوْ أَنّا مَلَحْنَا لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، أَوْ لِلنّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ ثُمّ نَزَلَ مِنّا بِمِثْلِ الّذِي نَزَلْت بِهِ رَجَوْنَا عَطْفَهُ وَعَائِدَتَهُ عَلَيْنَا، وَأَنْتَ خَيْرُ الْمَكْفُولِينَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى وَلَوْ أَنّا مَالَحْنَا الْحَارِثَ بْنَ أَبِي شِمْرٍ، أَوْ النّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَبْنَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ أَحَبّ إلَيْكُمْ أَمْ أَمْوَالُكُمْ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ خَيّرْتَنَا بَيْنَ أَمْوَالِنَا وَأَحْسَابِنَا، بَلْ تَرُدّ إلَيْنَا نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَهُوَ أَحَبّ إلَيْنَا، فَقَالَ لَهُمْ أَمّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ وَإِذَا مَا أَنَا صَلّيْت الظّهْرَ بِالنّاسِ فَقُومُوا فَقُولُوا: إنّا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللّهِ إلَى الْمُسْلِمِينَ وَبِالْمُسْلِمِينَ إلَى رَسُولِ اللّهِ فِي أَبْنَائِنَا وَنِسَائِنَا، فَسَأُعْطِيكُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَسْأَلُ لَكُمْ فَلَمّا صَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالنّاسِ الظّهْرَ قَامُوا فَتَكَلّمُوا بِاَلّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَمّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ. فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. وَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ أَمّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا. وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ أَمَا أَنَا وَبَنُو فَزَارَةَ فَلَا. وَقَالَ عَبّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَمّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا. فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: بَلَى، مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. قَالَ يَقُولُ عَبّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ لِبَنِي سُلَيْمٍ وَهّنْتُمُونِي. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمّا مَنْ تَمَسّكَ مِنْكُمْ بِحَقّهِ مِنْ هَذَا السّبْيِ فَرَائِضَ مِنْ أَوّلِ سَبْيٍ أُصِيبُهُ فَرَدّوا إلَى النّاسِ أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي أَبُو وَجْزَةَ يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ السّعْدِيّ: أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَعْطَى عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا رَيْطَةُ بِنْتُ هِلَالِ بْنِ حَيّانَ بْنِ عُمَيْرَةَ بْنِ هِلَالِ بْنِ نَاصِرَةَ بْنِ قُصَيّةَ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَأَعْطَى عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ حَيّانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَيّانَ، وَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ جَارِيَةً فَوَهَبَهَا لِعَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ ابْنِهِ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ بَعَثْتُ بِهَا إلَى أَخْوَالِي مِنْ بَنِي جُمَحٍ لِيُصْلِحُوا لِي مِنْهَا، وَيُهَيّئُوهَا، حَتّى أَطُوفَ بِالْبَيْتِ ثُمّ آتِيَهُمْ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُصِيبَهَا إذَا رَجَعْت إلَيْهَا. قَالَ فَخَرَجْت مِنْ الْمَسْجِدِ حِينَ فَرَغْتُ فَإِذَا النّاسُ يَشْتَدّونَ فَقُلْت: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: رَدّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقُلْت: تِلْكُمْ صَاحِبَتُكُمْ فِي بَنِي جُمَحٍ فَاذْهَبُوا فَخُذُوهَا، فَذَهَبُوا إلَيْهَا، فَأَخَذُوهَا. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَمّا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ فَأَخَذَ عَجُوزًا مِنْ عَجَائِزِ هَوَازِنَ، وَقَالَ حِينَ أَخَذَهَا: أَرَى عَجُوزًا إنّي لَأَحْسِبُ لَهَا فِي الْحَيّ نَسَبًا، وَعَسَى أَنْ يَعْظُمَ فِدَاؤُهَا. فَلَمّا رَدّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ السّبَايَا بِسِتّ فَرَائِضَ أَبَى أَنْ يَرُدّهَا، فَقَالَ لَهُ زُهَيْرٌ أَبُو صُرَدٍ خُذْهَا عَنْك، فَوَاَللّهِ مَا فُوهَا بِبَارِدِ وَلَا ثَدْيُهَا بِنَاهِدِ وَلَا بَطْنُهَا بِوَالِدِ وَلَا زَوْجُهَا بِوَاجِدِ وَلَا دَرّهَا بِمَاكِدِ فَرَدّهَا بِسِتّ فَرَائِضَ حِينَ قَالَ لَهُ زُهَيْرٌ مَا قَالَ فَزَعَمُوا أَنّ عُيَيْنَةَ لَقِيَ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ فَشَكَا إلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ إنّك وَاَللّهِ مَا أَخَذْتهَا بَيْضَاءَ غَرِيرَةً وَلَا نَصَفًا وَثِيرَةً.

.[إسْلَامُ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النّصْرِيّ]:

وَقَالَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِوَفْدِ هَوَازِ نَ، وَسَأَلَهُمْ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ مَا فَعَلَ؟ فَقَالُوا: هُوَ بِالطّائِفِ مَعَ ثَقِيفٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَخْبِرُوا مَالِكًا أَنّهُ إنْ أَتَانِي مُسْلِمًا رَدَدْت عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَأَعْطَيْته مِئَةً مِنْ الْإِبِلِ فَأَتَى مَالِكٌ بِذَلِكَ فَخَرَجَ إلَيْهِ مِنْ الطّائِفِ. وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ خَافَ ثَقِيفًا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهُ مَا قَالَ فَيَحْبِسُوهُ فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَهُيّئَتْ لَهُ وَأَمَرَ بِفَرَسِ لَهُ فَأُتِيَ بِهِ إلَى الطّائِفِ، فَخَرَجَ لَيْلًا، فَجَلَسَ عَلَى فَرَسِهِ فَرَكَضَهُ حَتّى أَتَى رَاحِلَتَهُ حَيْثُ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُحْبَسَ فَرَكِبَهَا، فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَدْرَكَهُ بِالْجِعْرَانَةِ أَوْ بِمَكّةَ فَرَدّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَأَعْطَاهُ مِئَةً مِنْ الْإِبِلِ وَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلَامُهُ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ حِينَ أَسْلَمَ:
مَا إنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ ** فِي النّاسِ كُلّهِمْ بِمِثْلِ مُحَمّدِ

أَوْفَى وَأَعْطَى لِلْجَزِيلِ إذَا اُجْتُدِيَ ** وَمَتَى تَشَأْ يُخْبِرْكَ عَمّا فِي غَدِ

وَإِذَا الْكَتِيبَةُ عَرّدَتْ أَنْيَابُهَا ** بِالسّمْهَرِيّ وَضَرْبِ كُلّ مُهَنّدِ

فَكَأَنّهُ لَيْثٌ عَلَى أَشْبَالِهِ ** وَسْطَ الْهَبَاءَةِ خَادِرٌ فِي مَرْصَدِ

فَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ وَتِلْكَ الْقَبَائِلُ ثُمَالَةُ وَسَلِمَةُ وَفَهْمٌ فَكَانَ يُقَاتِلُ بِهِمْ ثَقِيفًا، لَا يَخْرُجُ لَهُمْ سَرْحٌ إلّا أَغَارَ عَلَيْهِ حَتّى ضَيّقَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَبُو مِحْجَنِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ الثّقَفِي:
هَابَتْ الْأَعْدَاءُ جَانِبَنَا ** ثُمّ تَغْزُونَا بَنُو سَلِمَهْ

وَأَتَانَا مَالِكٌ بِهِمْ ** نَاقِضًا لِلْعَهْدِ وَالْحُرْمَهْ

وَأَتَوْنَا فِي مَنَازِلِنَا ** وَلَقَدْ كُنّا أُولِي نَقِمَهْ

.[قَسْمُ الْفَيْءِ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ رَدّ سَبَايَا حُنَيْنٍ إلَى أَهْلِهَا، رَكِبَ وَاتّبَعَهُ النّاسُ يَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللّهِ اقْسِمْ عَلَيْنَا فَيْئًا مِنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ حَتّى أَلْجَئُوهُ إلَى شَجَرَةٍ فَاخْتَطَفَتْ عَنْهُ رِدَاءَهُ فَقَالَ أَدّوا عَلَيّ رِدَائِي أَيّهَا النّاسُ فَوَاَللّهِ أَنْ لَوْ كَانَ لَكُمْ بِعَدَدِ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَمْته عَلَيْكُمْ ثُمّ مَا أَلْفَيْتُمُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذّابًا، ثُمّ قَامَ إلَى جَنْبِ بَعِيرٍ فَأَخَذَ وَبَرَةً مِنْ سَنَامِهِ فَجَعَلَهَا بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ ثُمّ رَفَعَهَا، ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ وَاَللّهِ مَالِي مِنْ فَيْئِكُمْ وَلَا هَذِهِ الْوَبَرَةُ إلّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ. فَأَدّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ فَإِنّ الْغُلُولَ يَكُونُ عَلَى أَهْلِهِ عَارًا وَنَارًا وَشَنَارًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِكُبّةٍ مِنْ خُيُوطِ شَعَرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَخَذْت هَذِهِ الْكُبّةَ أَعْمَلُ بِهَا بَرْذَعَةَ بَعِيرٍ لِي دَبِرَ فَقَالَ أَمّا نَصِيبِي مِنْهَا فَلَك قَالَ أَمّا إذْ بَلَغَتْ هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا، ثُمّ طَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذَكَرَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ دَخَلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ عَلَى امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَسَيْفُهُ مُتَلَطّخٌ دَمًا، فَقَالَتْ إنّي قَدْ عَرَفْت أَنّك قَدْ قَاتَلْت، فَمَاذَا أَصَبْت مِنْ غَنَائِمِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ دُونَكِ هَذِهِ الْإِبْرَةَ تَخِيطِينَ بِهَا ثِيَابَك، فَدَفَعَهَا إلَيْهَا، فَسَمِعَ مُنَادِيَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَلْيَرُدّهُ حَتّى الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ. فَرَجَعَ عَقِيلٌ فَقَالَ مَا أَرَى إبْرَتَكِ إلّا قَدْ ذَهَبَتْ فَأَخَذَهَا، فَأَلْقَاهَا فِي الْغَنَائِمِ.

.[عَطَاءُ الْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَعْطَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمُؤَلّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَكَانُوا أَشْرَافًا مِنْ أَشْرَافِ النّاسِ يَتَأَلّفُهُمْ وَيَتَأَلّفُ بِهِمْ قَوْمَهُمْ فَأَعْطَى أَبَا سُفْيَانَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى الْحَارِثَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ، أَخَا بَنِي عَبْدِ الدّارِ مِئَةَ بَعِيرٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: نَصِيرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُ اسْمُهُ الْحَارِثَ أَيْضًا. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَعْطَى الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ أَبِي قَيْسٍ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى الْعَلَاءَ بْنَ جَارِيَةَ الثّقَفِيّ حَلِيفَ بَنِي زُهْرَةَ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ التّمِيمِيّ مِئَةَ بَعِيرٍ. وَأَعْطَى مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ النّصْرِيّ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى صَفْوَانَ بْنَ أُمَيّةَ مِئَةَ بَعِيرٍ فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْمِئِينَ وَأَعْطَى دُونَ الْمِئَةِ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْهُمْ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الزّهْرِيّ، وَعُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمْرٍو أَخُو بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ، لَا أَحْفَظُ مَا أَعْطَاهُمْ وَقَدْ عَرَفْت أَنّهَا دُونَ الْمِئَةِ وَأَعْطَى سَعِيدَ بْنَ يَرْبُوعِ بْنَ عَنْكَثَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومٍ خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ وَأَعْطَى السّهْمِيّ خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْمُهُ عَدِيّ بْنُ قَيْسٍ.

.[شِعْرُ ابْنِ مِرْدَاسٍ يَسْتَقِلّ مَا أَخَذَ وَإِرْضَاءُ الرّسُولِ لَهُ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَعْطَى عَبّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ أَبَاعِرَ فَسَخِطَهَا، فَعَاتَبَ فِيهَا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ عَبّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ يُعَاتِبُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ:
كَانَتْ نِهَابًا تَلَافَيْتُهَا ** بِكَرّي عَلَى الْمُهْرِ فِي الْأَجْرَعِ

وَإِيقَاظِي الْقَوْمَ أَنْ يَرْقُدُوا ** إذَا هَجَعَ النّاسُ لَمْ أَهْجَعْ

فَأَصْبَحَ نَهْبِي وَنَهْبُ الْعَبِيدِ ** بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ

وَقَدْ كُنْتُ فِي الْحَرْبِ ذَا تُدْرَإٍ ** فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعْ

إلّا أَفَائِلَ أُعْطِيتُهَا ** عَدِيدَ قَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ

وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ ** يَفُوقَانِ شَيْخِي فِي الْمَجْمَعِ

وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئِ مِنْهُمَا ** وَمَنْ تَضَعْ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعْ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي يُونُسُ النّحْوِيّ:
فَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ ** يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوا عَنّي لِسَانَهُ، فَأَعْطَوْهُ حَتّى رَضِيَ فَكَانَ ذَلِك قَطْعَ لِسَانِهِ الّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنّ عَبّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ أَتَى رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْتَ الْقَائِلُ:
فَأَصْبَحَ نَهْبِي وَنَهْبُ الْعَبِي ** دِ بَيْنَ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هُمَا وَاحِدٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَشْهَدُ أَنّك كَمَا قَالَ اللّهُ {وَمَا عَلّمْنَاهُ الشّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}

.[تَوْزِيعُ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ عَلَى الْمُبَايِعِينَ]:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدّثَنِي، مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إسْنَادٍ لَهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزّهْرِيّ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، قَالَ بَايَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ فَأَعْطَاهُمْ يَوْمَ الْجِعْرَانَةِ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ. مِنْ بَنِي أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ: أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيّةَ، وَطَلِيقُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ أُمَيّةَ، وَخَالِدُ بْنُ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيّةَ. بَنِي عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَيّ: شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدّارِ وَأَبُو السّنَابِلِ بْنِ بَعْكَكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْلَةَ بْنِ السّبّاقِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ. وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَخَالِدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَهِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَسُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَالسّائِبُ بْنُ أَبِي السّائِبِ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ. وَمِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ: مُطِيعُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ نَضْلَةَ وَأَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ.
وَمِنْ بَنِي جُمَحِ بْنِ عَمْرٍو: صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَأُحَيْحَةُ بْنُ أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ وَهْبِ بْنِ خَلَفٍ.
وَمِنْ بَنِي سَهْمٍ عَدِيّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ.
وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ: حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدّ وَهِشَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حُبَيّبٍ. وَمِنْ أَفْنَاءِ الْقَبَائِلِ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ صَخْرِ بْنِ رَزْنِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ نُفَاثَةَ بْنِ عَدِيّ بْنِ الدّيلِ.
وَمِنْ بَنِي قَيْسٍ، ثُمّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ ثُمّ مِنْ بَنِي كِلَابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ وَلَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ.
وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: خَالِدُ بْنُ هَوْذَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَحَرْمَلَةُ بْنُ هَوْذَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرٍو. وَمِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَالِكُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ.
وَمِنْ بَنِي سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورٍ عَبّاسُ بْنُ مِرْدَاسِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ: أَخُو بَنِي الْحَارِثِ بْنِ بُهْثَةَ بْنِ سُلَيْمٍ. وَمِنْ بَنِي غَطَفَانَ، ثُمّ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ.
بَنِي تَمِيمٍ ثُمّ مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسِ بْنِ عِقَالٍ مِنْ بَنِي مُجَاشِعِ بْنِ دَارِم.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التّيْمِيّ: أَنّ قَائِلًا قَالَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللّهِ أَعْطَيْت عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِئَةً مِئَةً وَتَرَكْت جُعَيْلَ بْنَ سُرَاقَةَ الضّمْرِيّ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَا وَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ لَجُعَيْلُ بْنُ سُرَاقَةَ خَيْرٌ مِنْ طِلَاعِ الْأَرْضِ كُلّهُمْ مِثْلُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَلَكِنّي تَأَلّفْتهمَا لِيُسْلِمَا، وَوَكَلْتُ جُعَيْلَ بْنَ سُرَاقَةَ إلَى إسْلَامِهِ.

.[اعْتِرَاضُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التّمِيمِيّ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ عَمّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ مِقْسَمِ أَبِي الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، قَالَ خَرَجْت أَنَا وَتَلِيدُ بْنُ كِلَابٍ اللّيْثِيّ، حَتّى أَتَيْنَا عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ مُعَلّقًا نَعْلَهُ بِيَدِهِ فَقُلْنَا لَهُ هَلْ حَضَرْتَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ كَلّمَهُ التّمِيمِيّ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ نَعَمْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُعْطِي النّاسَ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ قَدْ رَأَيْتُ مَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَجَلْ فَكَيْفَ رَأَيْت؟ فَقَالَ لَمْ أَرَك عَدَلْت؟ قَالَ فَغَضِبَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ قَالَ وَيْحَك إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَدْلُ عِنْدِي، فَعِنْدَ مَنْ يَكُونُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَلَا أَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ لَا، دَعْهُ فَإِنّهُ سَيَكُونُ لَهُ شِيعَةٌ يَتَعَمّقُونَ فِي الدّينِ حَتّى يَخْرُجُوا مِنْهُ كَمَا يَخْرُجُ السّهْمُ مِنْ الرّمِيّةِ يُنْظَرُ فِي النّصْلِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ ثُمّ فِي الْفِدْحِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ ثُمّ فِي الْفُوقِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدّمَ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَسَمّاهُ ذَا الْخُوَيْصِرَةِ.

.[شِعْرُ حَسّانَ فِي حِرْمَانِ الْأَنْصَارِ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَلَمّا أَعْطَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا أَعْطَى فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا، قَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُعَاتِبُهُ فِي ذَلِكَ:
زَادَتْ هُمُومٌ فَمَاءُ الْعَيْنِ مُنْحَدِرُ ** سَحّا إذَا حَفَلَتْهُ عَبْرَةٌ دَرِرُ

وَجْدًا بِشَمّاءَ إذْ شَمّاءُ بَهْكَنَةٌ ** هَيْفَاءُ لَا دَنَسٌ فِيهَا وَلَا خَوَرُ

دَعْ عَنْك شَمّاءَ إذْ كَانَتْ مَوَدّتُهَا ** نَزْرًا وَشَرّ وِصَالِ الْوَاصِلِ النّزِرُ

وَأْتِ الرّسُولَ فَقُلْ يَا خَيْرَ مُؤْتَمَنٍ ** لِلْمُؤْمِنِينَ إذَا مَا عُدّدَ الْبَشَرُ

عَلَامَ تُدْعَى سُلَيْمٌ وَهْي نَازِحَةٌ ** قُدّامَ قَوْمٍ هُمْ آوَوْا وَهُمْ نَصَرُوا

سَمّاهُمْ اللّهُ أَنْصَارًا بِنَصْرِهِمْ ** دِينَ الْهُدَى وَعَوَانُ الْحَرْبِ تَسْتَعِرُ

وَسَارَعُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْتَرَفُوا ** لِلنّائِبَاتِ وَمَا خَامُوا وَمَا ضَجِرُوا

وَالنّاسُ أَلْبٌ عَلَيْنَا فِيك لَيْسَ لَنَا ** إلّا السّيُوفَ وَأَطْرَافَ الْقَنَا وَزَرُ

نُجَالِدُ النّاسَ لَا نُبْقِي عَلَى أَحَدٍ ** وَلَا نُضَيّعُ مَا تُوحِي بِهِ السّوَرُ

وَلَا تَهِرّ جُنَاةُ الْحَرْبِ نَادِيَنَا ** وَنَحْنُ حِينَ تَلَظّى نَارُهَا سُعُرُ

كَمَا رَدَدْنَا بِبَدْرٍ دُونَ مَا طَلَبُوا ** أَهْلَ النّفَاقِ وَفِينَا يُنْزَلُ الظّفَرُ

وَنَحْنُ جُنْدُك يَوْمَ النّعْفِ مِنْ أُحُدٍ ** إذْ حَزّبَتْ بَطَرًا أَحْزَابَهَا مُضَرُ

فَمَا وَنِيّنَا وَمَا خِمْنَا وَمَا خَبَرُوا ** مِنّا عِثَارًا وَكُلّ النّاسِ قَدْ عَثَرُوا

.

.[وَجَدَ الْأَنْصَارُ لِحِرْمَانِهِمْ فَاسْتَرْضَاهُمْ الرّسُولُ]:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدّثَنَا ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ وَحَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ،. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ. قَالَ لَمّا أَعْطَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا، فِي قُرَيْشٍ وَفِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ وَجَدَ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ؟ حَتّى كَثُرَتْ مِنْهُمْ الْقَالَةُ حَتّى قَالَ قَائِلُهُمْ لَقَدْ لَقِيَ وَاَللّهِ رَسُولُ اللّهِ قَوْمَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْك فِي أَنْفُسِهِمْ لِمَا صَنَعْت فِي هَذَا الْفَيْءِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُ فِي هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ. قَالَ فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا أَنَا إلّا مِنْ قَوْمِي. قَالَ فَاجْمَعْ لِي قَوْمَك فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ. قَالَ فَخَرَجَ سَعْدٌ فَجَمَعَ الْأَنْصَارَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ. قَالَ فَجَاءَ رِجَالٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَتَرَكَهُمْ فَدَخَلُوا، وَجَاءَ آخَرُونَ فَرَدّهُمْ. فَلَمّا اجْتَمَعُوا لَهُ أَتَاهُ سَعْدٌ فَقَالَ قَدْ اجْتَمَعَ لَك هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمّ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ: مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا عَلَيّ فِي أَنْفُسِكُمْ؟ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلّالًا فَهَدَاكُمْ اللّهُ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللّهُ وَأَعْدَاءً فَأَلّفَ اللّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ قَالُوا: بَلَى، اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنّ وَأَفْضَلُ. ثُمّ قَالَ أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟ قَالُوا: بِمَاذَا نُجِيبُك يَا رَسُولَ اللّهِ؟ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنّ وَالْفَضْلُ. قَالَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَا وَاَللّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدّقْتُمْ أَتَيْتَنَا مُكَذّبًا فَصَدّقْنَاك، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاك، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاك، وَعَائِلًا فَآسَيْنَاك. أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدّنْيَا تَأَلّفْت بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا. وَوَكَلْتُكُمْ إلَى إسْلَامِكُمْ أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النّاسُ بِالشّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللّهِ إلَى رِحَالِكُمْ؟ فَوَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْت امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ. اللّهُمّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ. وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ. قَالَ فَبَكَى الْقَوْمُ حَتّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللّهِ قَسْمًا، وَحَظّا. ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتَفَرّقُوا.