فصل: تابع ما حفظ من الأحبار والرهبان والكهان وعبدة الأصنام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير **


  تابع ما حفظ من الأحبار والرهبان والكهان وعبدة الأصنام

روينا عن اسحق قال حدثني عاصم عن محمود عن ابن عباس قال حدثني سلمان الفارسي من فيه قال كنت رجلاً فارسياً من أهل أصبهان من قرية يقال لها جي وكان أبي دهقان قريته وكنت أحب خلق الله إليه لم يزل حبه إياي حتى حبسني في بيت كما تحبس الجارية واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل في بنيان له يوماً فقال لي يا بني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها فاطلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد ثم قال لي ولا تحتبس عني فإنك إن احتبست عني كنت أهم إلي من ضيعتي وشغلتني عن كل أمر من أمري فخرجت أريد ضيعته التي بعثني إليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من الذي نحن عليه فوالله ما برحتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي فلم آتها ثم قلت لهم أين أصل هذا الدين قالوا بالشام فرجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله فلما جئته قال أي بني أين كنت ألم أكن عهدت إليك ما عهدت إليك قلت يا أبت مررت بالناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس قال أي بني ليس في ذلك الدين خير دينك ودين آبائك خير منه فقلت له كلا والله إنه لخير من ديننا قال فخافني فجعل في رجلي قيداً ثم حبسني في بيته وبعثت إلى النصارى فقلت لهم إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم فقدم عليهم تجار من النصارى فأخبروني فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم قال فلما أرادوا الرجعة أخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي ثم قدمت معهم حتى قدمت الشام فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا الدين علماً قالوا الأسقف في الكنيسة فجئته فقلت له إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك فأخدمك في كنيستك وأتعلم من علمك وأصلي معك قال أدخل فدخلت معه فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه شيئاً منها اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق فأبغضته بغضاً شديداً لما رأيته يصنع ثم مات واجتمعت النصارى ليدفنوه قلت لهم إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئاً فقالوا لي وما علمك بذلك قلت أنا أدلكم على كنزه فأريتهم موضعه فاستخرجوا سبع قلال مملوءة ذهباً وورقاً فلما رأوها قالوا والله لا ندفنه أبداً فصلبوه ورموه بالحجارة وجاءوا برجل آخر فجعلوه مكانه فما رأيت رجلاً لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه وأزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلاً ونهاراً منه فأحببته حباً لم أحبه شيئاً قبله فأقمت معه زماناً ثم حضرته الوفاة فقلت يا فلان إني قد كنت معك وأحببتك حباً شديداً لم أحبه شيئاً قبلك وقد حضرك من الأمر ما ترى فإلى من توصي بي وبم تأمرني فقال أي بني والله ما أعلم أحداً على ما كنت عليه ولقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل وهو فلان وهو على ما كنت عليه فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فلان إن فلاناً أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره فقال لي أقم عندي فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة قلت يا فلان إن فلاناً أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال يا بني والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجلاً بنصيبين وهو فلان فالحق به فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فأخبرته خبري وما أمرني به صاحبي فقال أقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبه فأقمت مع خير رجل فوالله ما لبث أن نزل به الموت فلما حضر قلت له يا فلان إن فلاناً كان أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال يا بني والله ما أعلم بقي أحد على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية من أرض الروم فأته فإنه على مثل ما نحن عليه فإن أحببته فأته فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري فقال أقم عندي فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم واكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة ثم نزل به أمر الله فلما حضر قلت يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال أي بني والله ما أعلمه أصبح على مثل ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ولكنه قد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجره إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم احملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه فقالوا نعم فأعطيتموها وحملوني معهم حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي فكنت عنده فرأيت النخل فرجوت أن يكون البلدة التي وصف لي صاحبي ولم يحق عندي فبينا أنا عنده إذ قدم عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة فابتاعني منه فحملني إلى المدينة فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل له فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي إذ أقبل بن عم له حتى وقف عليه قال يا فلان قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن مجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي فلما سمعتها أخذتني العرواء حتى ظننت أني ساقط على سيدي فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك ما تقول فغضب سيدي ولكمني لكمة شديدة ثم قال مالك ولهذا أقبل على عملك فقلت لا شيء إنما أردت أن أستثبته عما قال وقد كان عندي شيء جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له أنه قد بلغني إنك رجل صالح ومعك أصحابي لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم فقربته إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه كلوا وأمسك يده فلم يأكل فقلت في نفسي هذه واحدة ثم انصرفت عنه فجمعت شيئاً وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم جئته فقلت إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه فأكلوا معه فقلت في نفسي هاتان اثنتان ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة من أصحابه وعلي شملتان لي وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني استثبت في شيء وصف لي فألقى الرداء عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فأكببت عليه أقبله وأبكي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول فتحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا بن عباس فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك لأصحابه ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد قال سلمان ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير وأربعين أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين ودية والرجل بخمسة عشر والرجل بعشر والرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب يا سلمان ففقرها فإذا فرغت جئته فأتني أكن أنا أضعها بيدي ففقرت وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته فخرج معي إليها فجعلنا نقرب إليه الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغت فوالذي نفس سلمان بيده ما مات منها ودية واحدة فأديت النخل وبقي علي المال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة دجاجة من ذهب من بعض المعادن فقال ما فعل الفارسي المكاتب فدعيت له فقال خذ هذه فأدها مما عليك يا سلمان قلت وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي قال خذها فإن الله سيؤدي بها عنك فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق ثم لم يفتني معه مشهد‏.‏

وذكر أبو عمر في خبر سلمان من طريق يزيد بن الحباب قال حدثني حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن سلمان أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوم من اليهود بكذا وكذا درهماً وعلى أن يغرس لهم كذا وكذا من النخل يعمل فيها سلمان حتى تدرك فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل كله إلا نخلة غرسها عمر فأطعم النخل كله إلا تلك النخلة التي غرسها عمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرسها قالوا عمر فقلعها وغرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمت من عامها‏.‏

وذكر البخاري رحمه الله حديث سلمان كما ذكره ابن اسحق غير أنه ذكر أن سلمان غرس بيده ودية واحدة وغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرها فعاشت كلها إلا التي غرس سلمان‏.‏

هذا معنى حديث البخاري رحمه الله‏.‏

وعن سلمان أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبره خبره أن صاحب عمورية قال له ائت كذا وكذا من أرض الشام فإن بها رجلاً بين غيضتين يخرج في كل سنة من هذه الغيضة إلى هذه الغيضة مستجيزاً يعترضه ذوو الأسقام فلا يدعو لأحد منهم إلا شفي فسله عن هذا الدين الذي تبتغي فهو يخبرك عنه قال سلمان فخرجت حتى جئت حيث وصف فوجدت الناس قد اجتمعوا بمرضاهم هناك حتى خرج لهم تلك الليلة مستجيزاً من إحدى الغيضتين إلى الأخرى فغشيه الناس بمرضاهم لا يدعو لمريض إلا شفي وغلبوني عليه فلم أخلص إليه حتى دخل الغيضة التي يريد أن يدخل إلا منكبه فتناولته فقال من هذا والتفت إلي فقلت يرحمك الله أخبرني عن الحنيفية دين إبراهيم قال إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم قد أظلك نبي يبعث بهذا الدين من أهل الحرم فأته فهو يحملك عليه ثم دخل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كنت صدقتني لقيت عيسى بن مريم‏.‏

رواه ابن اسحق عن داود ابن الحصين قال حدثني من لا أتهم عن عمر بن عبد العزيز قال قال سلمان فذكره‏.‏

قيل أن الرجل المطوي الذكر في هذا الإسناد هو الحسن بن عمارة فإن يكنه فهو ضعيف عندهم قال السهيلي‏.‏

وقال وإن صح هذا الحديث فلا نكارة في متنه فقد ذكر الطبري أن المسيح عليه السلام نزل بعد ما رفع وأمه وامرأة أخرى عند الجذع الذي فيه الصليب يبكيان فكلمهما وأخبرهما أنه لم يقتل وأن الله رفعه وأرسله إلى الحواريين ووجههم إلى البلاد وإذا جاز أن ينزل مرة جاز أن ينزل مراراً ولكن لا يعلم به أنه هو حتى ينزل النزول الظاهر فيكسر الصليب ويقتل الخنزير كما جاء في الصحيح والله أعلم‏.‏

ويروى أنه إذا نزل تزوج امرأة من جذام ويدفن إذا مات في روضة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقوله فقر لثلثمائة ودية معناه حفر‏.‏

وقوله أحييها له بالفقير قيل الوجه بالتفقير‏.‏

وقطن النار خازن النار وخادمها‏.‏

والعرواء الرعدة‏.‏

ورأيت بخط جدي رحمه الله فيما علقه على نسخته بكتاب السيرة الهاشمية من حواشي كتاب أبي الفضل عياض بن موسى وغيره قال الصدفي العرواء الحمى النافض والبرحاء الحمى الصالب والرحضاء الحمى التي تأخذ بالعروق والمطواء التي تأخذ بالتمطي والثوباء التي تأخذ بالتثاؤب‏.‏

وذكر ابن اسحق في خبر زيد بن عمرو بن نفيل قال وكان زيد قد أجمع الخروج من مكة ليضرب في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام فكانت امرأته صفية بنت الحضرمي كلما رأته تهيأ للخروج وأراده آذنت به الخطاب بن نفيل وكان الخطاب وكلها به فقال إذا رأيتيه هم بأمر فآذنيني به ثم خرج يطلب دين إبراهيم عليه السلام ويسأل الرهبان والأحبار حتى بلغ الموصل والجزيرة كلها ثم أقبل فجال الشام كلها حتى إذا انتهى إلى راهب بميفعة من الأرض البلقاء كان ينتهي إليه علم النصرانية فيما يزعمون فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام فقال إنك لتطلب ديناً ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم ولكن قد أظلك زمان نبي يخرج من بلادك التي خرجت منها يبعث بدين إبراهيم الحنيفية فالحق به فإنه مبعوث الآن هذا زمانه‏.‏

وقد كان زيد شام اليهودية والنصرانية فلم يرض منها شيئاً فخرج سريعاً حين قال له ذلك الراهب ما قال يريد مكة حتى إذا توسط بلاد لجم عدوا عليه فقتلوه‏.‏

قال ابن اسحق وكان فيما بلغني عما كان وضع عيسى بن مريم فيما جاءه من الله من الإنجيل من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أثبت لهم يحنس الحواري حين نسخ لهم الإنجيل من عهد عيسى بن مريم إليهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أبغضني فقد أبغض الرب ولولا أني صنعت بحضرتهم صنايع لم يصنعها أحد قبلي ما كانت لهم خطيئة ولكن من الآن بطروا وظنوا أنهم يغرونني وأيضاً للرب ولكن لابد أن تتم الكلمة التي في الناموس أنهم أبغضوني مجاناً أي باطلاً فلولا قد جاء المنحمنا هذا الذي يرسله الله إليكم من عند الرب روح القسط هذا الذي من عند الرب خرج فهو شهيد علي وأنتم أيضاً لأنكم قديماً كنتم معي على هذا قلت لكم لكي لا تشكوا‏.‏

والمنحمنا بالسريانية هو محمد صلى الله عليه وسلم وهو بالرومية البرقليطس‏.‏

قال ابن هشام وبلغني أن رؤساء نجران كانوا يتوارثون كتباً عندهم فكلما مات رئيس منهم فأفضت الرياسة إلى غيره ختم على تلك الكتب خاتماً مع الخواتم التي قبله ولم يكسرها فخرج الرئيس الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يمشي فعثر فقال ابنه تعس إلا بعد يريد النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أبوه لا تفعل فإنه نبي واسمه في الوضائع يعني الكتب فلما مات لم يكن له همة إلا أن شد فكسر الخواتم فوجد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه فحج وهو الذي يقول‏:‏ مخالفاً دين النصارى دينها وقد روينا عن دحية بن خليفة الكلبي في توجهه بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم وأن ملك الروم قال لقومه هذا كتاب النبي الذي بشرنا المسيح من ولد اسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام‏.‏

وسيأتي بسنده إن شاء الله تعالى عند ذكر كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك‏.‏

أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المقدسي حضوراً في الرابعة بقراءة والدي رحمة الله عليه بالقاهرة وأبو عبد الله محمد بن عبد المؤمن ابن أبي الفتح بقراءتي عليه بمرج دمشق قالا أنا أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب قال أنا أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي قال أنا أبو القاسم يوسف بن أحمد بن محمد المهرواني بانتقاء أبي بكر الخطيب البغدادي الحافظ عليه قال أنا أبو سهل محمود بن عمر العكبري ثنا أبو صالح سهل بن إسماعيل الموسوي ثنا أبو العباس عبد الله بن وهب الغزي بالرملة ثنا محمد بن أبي السري العسقلاني ثنا شيخ بن أبي خالد البصري ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نقش خاتم سليمان بن داود عليهما السلام لا إله إلا الله محمد رسول الله‏.‏

وروينا عن محمد بن سعد قال أخبرنا محمد بن عمر حدثني العطاف بن خالد عن خالد بن سعيد قال قال تميم الداري كنت بالشام حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إلى بعض حاجتي فأدركني الليل فقلت أنا في جوار عظيم هذا الوادي فلما أخذت مضجعي إذا مناد ينادي لا أراه عذ بالله فإن الجن لا تجير أحداً على الله تعالى فقلت أيم تقول فقال قد خرج رسول الأميين رسول الله وصلينا خلفه بالحجون وأسلمنا واتبعناه وذهب كيد الجن ورميت بالشهب فانطلق إلى محمد فأسلم فلما أصبحت ذهبت إلى دير أيوب فسألت راهباً به وأخبرته الخبر فقال صدقوك نجده يخرج من الحرم ومهاجره الحرم وهو خير الأنبياء فلا تسبق إليه قال تميم فتكلفت الشخوص حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت‏.‏

 خبر قس بن ساعدة الإيادي

قرئ على الشيخة الأصيلة أمة الحق شامية ابنة الإمام الحافظ أبي علي الحسن ابن محمد بن محمد بن محمد البكري وأنا أسمع بالقاهرة قالت أنا أبو محمد عبد الجليل ابن أبي غالب بن أبي المعالي بن مندوية الأصبهاني قراءة عليه وأنا أسمع سنة عشر وستمائة قال أنا أبو المحاسن نصر بن المظفر بن الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور قال أنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن الحربي ثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ثنا محمد بن حسان بن خالد السمتي أبو جعفر سنة ثمان وعشرين ومائتين وفيها توفي ثنا محمد بن الحجاج اللخمي عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس قال قدم وفد عبد قيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيكم يعرف قس بن ساعدة الإيادي قالوا كلنا يا رسول الله يعرفه قال فما فعل قالوا هلك قال ما أنساه بعكاظ على جمل أحمر وهو يقول أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت إن في السماء لخبراً وإن في الأرض لعبراً مهاد موضوع وسقف مرفوع ونجوم تمور وبحار لا تغور أقسم قس قسماً حتى لئن كان في الأمر رضى ليكونن سخطاً إن الله لديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا‏.‏

ثم قال أيكم يروي شعره فأنشدوه‏:‏ في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر لما رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر ورأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر والأكابر لا يرجع الماضي إلى ولا من الباقين غابر أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر وقرأت على أبي الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني بدمشق أخبركم أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قراءة عليه وأنتم تسمعون قال أنا الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن السمرقندي قراءة عليه وأنا أسمع قال أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن ثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي ثنا أبو العباس الوليد بن سعيد بن حاتم بن عيسى الفسطاطي بمكة من حفظه وزعم أن له خمساً وتسعين سنة في ذي الحجة سنة ست وستين وثلاثمائة على باب إبراهيم قال ثنا محمد بن عيسى بن محمد الأخباري ثنا أبي عيسى بن محمد بن سعيد القرشي ثنا علي بن سليمان عن سليمان بن علي عن علي بن عبد الله عن عبد الله بن عباس قال قدوم الجارود ابن عبد الله وكان سيداً في قومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والذي بعثك بالحق لقد وجدت صفتك في الإنجيل ولقد بشر بك ابن البتول فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله قال فآمن الجارود وآمن من قومه كل سيد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بهم وقال يا جارود هل في جماعة وفد عبد القيس من يعرف لنا قساً قالوا كلنا نعرفه يا رسول الله وأنا من بين يدي القوم كنت أقفو أثره كان من أسباط العرب فصيحاً عمر سبعمائة سنة أردك من الحواريين سمعان فهو أول من تأله من العرب كأني أنظر إليه يقسم بالرب الذي هو له ليبلغن الكتاب أجله وليوفين كل عامل عمله ثم أنشأ يقول‏:‏ هاج للقلب من جواه ادكار وليال خلالهن نهار فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلك يا جارود فلست أنساه بسوق عكاظ على جمل أورق وهو يتكلم بكلام ما أظن أني أحفظه فقال أبو بكر يا رسول الله فإني أحفظه كنت حاضراً ذلك اليوم بسوق عكاظ فقال في خطبته‏:‏ يا أيها الناس اسمعوا وعوا وإذا وعيتم فانتفعوا إنه من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت مطر ونبات وأرزاق وأقوات وآباء وأمهات وأحياء وأموات جمع وأشتات وآيات وأرض ذات رتاج وبحار ذات أمواج ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا هناك فناموا أقسم قس قسماً لا حانث فيه ولا آثماً إن الله ديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ونبياً قد حان حينه وأظلكم أوانه فطوبى لمن آمن به فهداه وويل لمن خالفه وعصاه ثم قال تباً لأرباب الغفلة من الأمم الخالية والقرون الماضية يا معشر إياد أين الآباء والأجداد وأين المريض والعواد وأين الفراعنة الشداد أين من بنى وشيد وزخرف ونجد وغره المال والولد أين من بغى وطغى وجمع فأوعى وقال أنا ربكم الأعلى ألم يكونوا أكثر منكم أموالاً وأطول منكم آجالاً وأبعد منكم آمالاً طحنهم الثرى بكلكله ومزقهم بتطاوله فتلك عظامهم بالية وبيوتهم خاوية عمرتها الذئاب العاوية كلا بل هو الله الواحد المعبود ليس والد ولا مولود ثم أنشأ يقول في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر ورأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر والأكابر لا يرجع الماضي إلي ولا من الباقين غابر أيقنت أني لا محا - لة حيث صار القوم صائر قال ثم جلس وقام رجل أشدق أجش الصوت فقال ما رأيت من قس عجباً خرجت أطلب بعيراً لي حتى إذا عسس الليل وكاد الصبح أن يتنفس هتف بي هاتف يقول يا أيها الراقد في الليل الأحم قد بعث الله نبياً في الحرم من هاشم أهل الوفاء والكرم يجلو دجنات الليالي والبهم قال فأدرت طرفي فما رأيته شخصاً فأنشأت أقول يا أيها الهاتف في داجي الظلم أهلاً وسهلاً بك من طيف ألم بين هداك الله في لحن الكلم من ذا الذي تدعو إليه تغتنم قال فإذا أنا بنحنحة وقائل يقول ظهر النور وبطل الزور وبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالحبور صاحب النجيب الأحمر والتاج والمغفر والوجه الأزهر والحاجب الأقمر والطرف الأحور صاحب قول شهادة أن لا إله إلا الله فلذلك محمد المبعوث إلى الأسود والأحمر أهل المدر والوبر ثم أنشأ يقول أرسل فينا أحمداً خير نبي قد بعث صلى عليه الله ما حج له ركب وحث قال ولاح الصباح وإذا بالفنيق يشقشق إلى النوق فملكت خطامه وعلوت سنامه حتى إذا لغب فنزل في روضة خضرة فإذا أنا بقس بن ساعدة في ظل شجرة وبيده قضيب من أراك ينكث به في الأرض وهو يقول‏:‏ يا ناعي الموت والملحود في جدث عليهم من بقايا بزهم حرق دعهم فإن لهم يوماً يصاح بهم فهم إذا انتبهوا من نومهم فرقوا حتى يعودوا بحال غير حالهم خالقاً جديداً كما من قبله خلقوا منهم عراة ومنهم في ثيابهم منها الجديد ومنها المنهج الخلق قال فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي السلام فإذا أنا بعين خرارة في أرض خوارة ومسجد بين قبرين وأسدين عظيمين يلوذان به وإذا بأحدهما قد سبق الآخر إلى الماء فتبعه الآخر يطلب الماء فضربه بالقضيب الذي في يده وقال له ارجع ثكلتك أمك حتى يشرب الذي ورد قبلك فرجع ثم ورد بعده فقلت له ما هذان القبران قال هذان قبرا أخوين كانا لي يعبدان الله عز وجل معي في هذا المكان لا يشركان بالله شيئاً فأدركهما الموت فقبرتهما وها أنا بين قبريهما حتى ألحق بهما ثم نظر إليهما وجعل يقول ألم تعلما أني بسمعان مفرداً ومالي فيه من خليل سواكما مقيم على قبريكما لست بارحاً طوال الليالي أو يجيب صداكما أبكيكما طول الحياة وما الذي يرد على ذي لوعة إن بكاكما كأنكما والموت أقرب غائب بروحي في قبريكما قد أتاكما أمن طول نوم لا تجيبان داعياً كأن الذي يسقي العقار سقاكما فلو جعلت نفس لنفس وقاية لجدت بنفسي أن تكون فداكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله قساً إني أرجو أن يبعثه الله عز وجل أمة وحده