فصل: بَابُ الرِّبَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



.بَابُ الرِّبَا:

(سُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ نِصْفًا فِضَّةً بِأَرْبَعِينَ فِضَّةً وَزْنُهَا وَزْنُ الْفِضَّةِ أَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الرُّبْعُ بِوَزْنِهِ مِنْ هَذَا النِّصْفِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نُحَاسٌ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ لِاخْتِلَاطِ النُّحَاسِ بِالْفِضَّةِ بِحَيْثُ صَارَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَلَا يَكُونُ كَبَيْعِ مُدٍّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ إذْ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ وَأَمَّا الِاخْتِلَاطُ بِشَرْطِهِ فَإِنَّمَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ فِي الْمَكِيلِ لَا فِي الْمَوْزُونِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ يَقْتَضِيهَا فِيهِ أَيْضًا فَمَحِلُّهُ إذَا عُرِفَتْ مُمَاثَلَةُ الرِّبَوِيِّ.
(سُئِلَ) لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دَيْنٌ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ذَهَبًا بُنْدُقِيًّا فَعَوَّضَهُ عُمَرُ وَعَنْهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ذَهَبًا سَلِيمًا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَتَسَلُّمِ شَرْعِيَّاتٍ فَهَلْ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَاخْتِلَافِ الْقِيمَتَيْنِ وَلَوْ أَعْطَاهَا لَهُ بِغَيْرِ تَعْوِيضٍ أَوْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ أَنْصَافٍ غُورِيَّةٍ أَوْ سُلَيْمِيَّةٍ بِغَيْرِ تَعْوِيضٍ وَهُمَا سَاكِنَانِ رَاضِيَانِ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا بَدَلُ مَا فِي الذِّمَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَكُونُ اسْتِيفَاءً تُبَرَّأُ بِهِ ذِمَّتَاهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ وَيَدُلُّ لِلصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ جَازَ وَكَانَ اسْتِيفَاءً لِلْبَعْضِ الْمَقْبُوضِ وَيُبَرَّأُ مِنْ الْبَاقِي أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَا ذُكِرَ وَالدَّيْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَمَا أَخَذَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إذْ لَا تَعْوِيضَ وَلَا اسْتِيفَاءَ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مُخَالِفٌ لِدَيْنِهِ فِي الصِّفَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا رَجَّحَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالْكَافِي وَالتَّتِمَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ صِحَّةِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَقْتَضِي قَنَاعَةَ الْمُسْتَحَقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ وَبَرَاءَةَ الْمَدْيُونِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِيهِ بِصِفَةِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فِيهِمَا.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اسْتَخْرَجَ مِنْ الْمَاءِ الْمِلْحِ مَاءً عَذْبًا هَلْ هُوَ رِبَوِيٌّ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِشُمُولِ كَلَامِهِمْ لَهُ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْفُولَ رِبَوِيٌّ وَلَوْ كَانَ أَكْلُ الْبَهَائِمِ لَهُ أَغْلَبَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفُولَ رِبَوِيٌّ إذْ هُوَ فِي ذَاتِهِ لَيْسَ مِمَّا يَغْلِبُ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَصَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَا اسْتَوَوْا فِيهِ رِبَوِيٌّ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الشَّعِيرَ مِمَّا غَلَبَ تَنَاوَلَ الْآدَمِيِّينَ لَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْبِلَادِ خُصُوصًا الْمُدُنُ لَا يَتَنَاوَلُونَ شَيْئًا مِنْهُ وَإِنَّمَا يَعْلِفُونَهُ لِلْبَهَائِمِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُشَاحَّةَ لِشَيْخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كَوْنِ الْفُولِ مِمَّا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى بِلَادٍ غَلَبَ فِيهَا لِئَلَّا يُخَالِفَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ.
(سُئِلَ) عَنْ التَّخَايُرِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ فِي الرِّبَوِيِّ كَالتَّفَرُّقِ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ كَمَا ذُكِرَ وَالتَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ جَمَعَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ بِهِ وَالْقَوْلِ بِعَدَمِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِإِبْطَالِهِ قَوْلَهُمْ أَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ إذْ لَا أَثَرَ لِلتَّخَايُرِ حِينَئِذٍ وَأَنَّ الْمُبْطِلَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا التَّخَايُرُ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ عَلَى آخَرَ نِصْفٌ فِضَّةً فَأَعْطَاهُ عَنْهُ عُثْمَانَيْنِ مُصَالَحَةً عَنْ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ هَلْ يَكُونُ اسْتِيفَاءً مُبَرِّئًا لِلذِّمَّةِ لَا تَعْوِيضًا وَهَلْ إذَا عَوَّضَهُ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُهُمَا فِي الْوَزْنِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْمُعَاوَضَةِ وَأَمَّا فِي الِاعْتِيَاضِ فَلَابُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْوَزْنِ.
(سُئِلَ) هَلْ الرِّبَا أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الزِّنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ: «إنَّ الدِّرْهَمَ يُصِيبُ الرَّجُلُ مِنْ الرِّبَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْخَطِيئَةِ مِنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً يَزْنِيهَا الرَّجُلُ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَمْ الزِّنَا أَعْظَمُ مِنْ الرِّبَا لِأَنَّ فِيهِ الْحَدَّ وَمِنْ جُمْلَتِهِ الرَّجْمُ وَلَا حَدَّ فِي الرِّبَا وَهَلْ الرِّبَا أَعْظَمُ فِي الْإِثْمِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الرِّبَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يُطْعَمَ مَعَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تُزَانِي حَلِيلَةَ جَارِك» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا: {وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} الْآيَةَ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ: «فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ التَّشْدِيدِ فِي الرِّبَا فَخَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ وَالتَّنْفِيرِ مِنْهُ لِمَا أَلِفُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَعَاطِيهِ وَقَدْ قَالُوا إنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَلِتَعَلُّقِهِ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُضَايِقَةِ وَالْمُشَاحَّةِ لِافْتِقَارِهِ وَلِتَعَلُّقِ حَقِّ الزِّنَا بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَبْنِيِّ عَلَى الِاتِّسَاعِ وَالْمُسَاهَلَةِ لِكَرْمِهِ وَغِنَاهُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ عَوَّضَ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ الذَّهَبِ ذَهَبًا وَفِضَّةً هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَعَلَى الْمَنْعِ فَمَا الْجَوَابُ عَمَّا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ الْكَلَامِ عَلَى قَاعِدَةِ مُدٍّ عَجْوَةٍ وَالْكَلَامُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ. اهـ. وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الصُّلْحَ الْمَذْكُورَ بَيْعٌ أَفِيدُوا ذَلِكَ وَاضِحًا.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّعْوِيضَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا دَيْنًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَيْثُ جَعَلُوهُ مُسْتَوْفِيًا لِأَلْفٍ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِ وَمُعْتَاضًا عَنْ الذَّهَبِ بِالْأَلْفِ الْآخَرِ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ عَوَّضْتُك هَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ عَنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا لَمْ يَصِحَّ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مُعِينًا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ فَكَأَنَّهُ بَاعَ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ أَنْصَافٍ وَسَلَّمَ الْبَائِعُ خَمْسَةً ثُمَّ اقْتَرَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ الْخَمْسَةِ الْأُخْرَى هَلْ هَذَا عَقْدٌ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الدِّينَارِ الْمُقَابِلِ لِلْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ إقْرَاضَ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي الْخَمْسَةَ أَجَازَهُ لِلْبَيْعِ مِنْهُمَا وَهِيَ كَالتَّفَرُّقِ مِنْهُمَا فَبَطَلَ الْبَيْعُ فِيهَا وَإِنْ زَعَمَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ الصَّوَابَ الصِّحَّةُ وَأَنَّ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبِعَ فِيهِ نُسَخَ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةَ وَأَنَّ الثَّابِتَ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنَّ مَحِلَّ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِإِلْزَامِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ فِي مَجْلِسِهِ وَمَا رَجَّحَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِإِلْزَامِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ فِي بَابِ الرِّبَا غَرِيبَةٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيِّ إلَى أَنْ قَالَ لَوْ بَاعَ أَمَةً ذَاتَ لَبَنٍ بِلَبَنٍ جَازَ بِخِلَافِ الشَّاةِ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ إلَخْ هَلْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَمَةِ مِنْ الْحُكْمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّاةِ مُعْتَمَدٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ وَالْفَرْقِ مُعْتَمَدٌ.
(سُئِلَ) عَنْ بَيْعِ الْكَسْبِ بِالطَّحِينَةِ وَعَنْ بَيْعِهَا بِالشَّيْرَجِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا وَفِي الْقِشْدَةِ هَلْ هِيَ نَوْعٌ مِنْ اللَّبَنِ أَمْ جِنْسٌ بِرَأْسِهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْكَسْبِ بِالطَّحِينَةِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالشَّيْرَجِ وَالْقِشْدَةُ نَوْعٌ مِنْ اللَّبَنِ.
(سُئِلَ) عَنْ وَاقِعَةِ حَالٍ وَقَعَتْ بِبِلَادِ مَكَّةَ مِنْ الْيَمَنِ صُورَتُهَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حِصَّتَهُ مِنْ قَرَارِ عَيْنٍ جَارِيَةٍ وَهَذِهِ الْحِصَّةُ قَدْرُهَا سُدُسُ سَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا شَائِعًا فِي جَمِيعِ الْعَيْنِ لَكِنْ عَبَّرَ عَنْهَا فِي مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ بِمَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ عُيُونِ بَلْدَةِ الْبَيْعِ مِنْ التَّعْبِيرِ عَنْ أَجْزَاءِ السَّهْمِ مِنْ الْقَرَارِ وَالْمَاءِ الْجَارِي بِهِ بِالسَّاعَاتِ وَعَنْ السَّهْمِ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ الَّتِي هِيَ اثْنَا عَشَرَ سَاعَةً كَمَا يُعَبَّرُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ بِالْأَصَابِعِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْبَيْعِ كُلِّهِ سُقْيَةً لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْقَرَارِ شَرِيكٌ فِي الْمَاءِ النَّابِعِ بِهِ مِنْ أَجْلِ مُشَارَكَتِهِ فِي الْقَرَارِ فَعَبَّرَ كَاتِبُ الشِّرَاءِ عَنْ الْمَبِيعِ الَّذِي هُوَ حِصَّةٌ مِنْ الْقَرَارِ بِمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ وَفِيمَا هُوَ تَابِعٌ لَهُ مِنْ الْمَاءِ وَمُلَخَّصُ عِبَارَةِ مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ الْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ فُلَانَ الشَّافِعِيَّ لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي شِرَاءِ الْمَبِيعِ الْآتِي ذِكْرُهُ لِنَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ مِنْ الْبَائِعِ الْآتِي ذِكْرُهُ فِيهِ إذْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا اشْتَرَى فُلَانٌ الْمَأْذُونُ لَهُ لِنَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ الْمَشْمُولِينَ بِحَجْرِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ مِنْ فُلَانٍ الْبَائِعِ عَنْ نَفْسِهِ جَمِيعَ الْحِصَّةِ السُّقْيَةَ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ بِمَا لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ حَقِّ قَرَارِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَمَقَرَّهَا وَمَمَرَّهَا وَشُعُوبَهَا وَذُيُولَهَا وَمَجَارِيَ مَائِهَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى شِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُسْتَكْمِلًا لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ بِثَمَنٍ جُمْلَتُهُ كَذَا مَقْبُوضٍ بِيَدِ الْبَائِعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَتَسَلَّمَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي جَمِيعَ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ تَسَلُّمًا شَرْعِيًّا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْآذِنِ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ وَمَاتَ الْحَاكِمُ وَالْمُتَعَاقِدَانِ وَالشَّاهِدَانِ فَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ هُوَ صَحِيحٌ فَهَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ التَّبَايُعِ الْمَذْكُورِ أَمْ فَسَادَهُ وَهَلْ لِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ نَقْضَ التَّبَايُعِ وَالْحُكْمِ بِهِ أَمْ لَا لَاسِيَّمَا مَعَ كَوْنِ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوَافِرِ وَكَمَالِ النَّظَرِ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ بِذَلِكَ وَهَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رَوْضَتِهِ.
وَلَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ نُظِرَ إنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَائِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ أَرْبَعَةِ أَسْطُرٍ وَلَوْ بَاعَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْبِئْرِ أَوْ الْقَنَاةِ جَازَ وَمَا يَنْبُعُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ مَا ذَكَرُوا إذَا قُلْتُمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْقَرَارِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ يُرَجِّحُ صِحَّةَ بَيْعِ الْقَرَارِ فَقَطْ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُسْتَحِقًّا لِلْمَاءِ النَّابِعِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا فِي مِلْكِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَأَيْضًا فَهَلْ التَّعْبِيرُ فِي مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ عَلَى الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْقَرَارِ بِقَوْلِهِ الْحِصَّةُ السَّقِيَّةُ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ مُخِلٌّ بِالتَّبَايُعِ أَوْ بِالْحُكْمِ بِهِ أَمْ غَيْرُ مُخِلٍّ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ تَأْوِيلِهَا بِمَا يُصَحِّحُهَا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهِ يَسْتَلْزِمُ شَيْئَيْنِ وَهُمَا أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ وَصِحَّةُ صِيغَتِهِ فَيُحْكَمُ بِمُوجِبِهَا وَهُوَ مُقْتَضَاهَا وَالصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ مُخْتَلَّةٌ لِإِدْخَالِهَا الْمَاءَ الْجَارِي بِهَا فِي الْمَبِيعِ بِقَوْلِهِ فِيهَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فِيهِ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ وَمَتَى بَطَلَ فِيهِ بَطَلَ فِي قَرَارِهِ أَيْضًا فَقَدْ قَالُوا لَوْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ بَطَلَ فِي الْكُلُّ لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَلَوْ بَاعَ مَاءَ الْقَنَاةِ مَعَ قَرَارِهِ وَالْمَاءُ جَارٍ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهَالَةِ وَفِي الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ. اهـ. وَعِبَارَتُهَا لَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ نُظِرَ إنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَائِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلًا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ تَخْرِيجِهَا عَلَى قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَعَ أَنَّ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ مَجْهُولٌ وَقَدْ سَبَقَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ بِالْقِسْطِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِلْجَهَالَةِ. اهـ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَاءَ الرَّاكِدَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالرُّؤْيَةُ تُحِيطُ بِهِ وَمَعْرِفَةُ عُمْقِهِ مِمَّا يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ مِنْ قَوْلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أُفْرِدَ مَاءُ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ بِالْبَيْعِ فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِأَنْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ فِي نَهْرٍ أَوْ وَادٍ صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالشِّرْبِ: الْمَاءُ الرَّاكِدُ عَلَيْهَا أَوْ جَمِيعُ الْمَاءِ الَّذِي أَحَاطَ بِهِ الْوَادِي أَوْ النَّهْرُ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَاءُ النَّهْرِ جَارِيًا. اهـ.
فَكَلَامُ النَّوَوِيِّ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ الصِّحَّةَ فِي الْقَرَارِ وَكَلَامُهُ الثَّانِي يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ الصِّحَّةَ فِي الْمَاءِ أَيْضًا وَقَدْ عُلِمَ مَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِمَّا ذَكَرْته.
(سُئِلَ) عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ بَيْعُ دُهْنِ الْوَرْدِ بِدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ مُتَفَاضِلًا مَعَ قَوْلِهِمْ يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ فِي بَيْعِ دُهْنِ السِّمْسِمِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ دُهْنُ سِمْسِمٍ مَمْزُوجٍ بِأَوْرَاقِ كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ وَأَيُّمَا كَانَ فَهُوَ دُهْنُ سِمْسِمٍ بِمِثْلِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ عَذْبٍ بِأُخْرَى كَذَلِكَ وَعَلَّلُوهُ بِتَبَعِيَّةِ الْمَاءِ مَعَ قَوْلِهِمْ بِالْمَنْعِ فِيمَا إذَا بَاعَ أَرْضًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى دُخُولِ الْمَاءِ فِي الْمَبِيعِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمَاءُ مَقْصُودًا غَيْرَ تَابِعٍ وَيُقَابَلُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةُ الدَّارَيْنِ كَذَلِكَ فَتَكُونُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَبَيْنَ اسْتِثْنَائِهِمْ مِنْ قَوْلِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ الْفَسَادَ مَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذُّرْعَانِ ثُمَّ ادَّعَى إرَادَةَ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ لِيُفْسِدَ الْبَيْعَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي شُيُوعَهُ فَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذُّرْعَانِ إلَّا إذَا كَانَ شَائِعًا دُونَ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مَعَ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ بَيْعُ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَرْضِ مُطْلَقًا وَبَيْنَ مَنْعِهِمْ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا لِقِصَارَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقِصَارَةِ وَبَعْدَهَا مَا لَمْ يُوَفِّ الْأُجْرَةَ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي الْإِجَارَةِ يَجُوزُ إبْدَالُ مَا يَسْتَوْفِي بِهِ الْمَنْفَعَةَ فَهَلَّا يُقَالُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الثَّوْبِ الْمَذْكُورِ وَيُبْدَلُ بِمِثْلِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَخَالُفَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا لِأَنَّ الْأَدْهَانَ الْمُطَيِّبَةَ كَدُهْنِ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ كُلَّهَا مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ السِّمْسِمِ ثُمَّ إنْ رَبَّى السِّمْسِمَ فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجَ دُهْنَهُ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا وَإِنْ اُسْتُخْرِجَ الدُّهْنُ ثُمَّ طُرِحَتْ أَوْرَاقُهَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ أَصْلَهَا الشَّيْرَجُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَيْضًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَقْصُودُهُ الْأَصْلِيُّ مَنْفَعَةُ الدَّارِ وَالْمَاءُ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَيْهِ غَالِبًا وَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ كَوْنُهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَيْضًا لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ذِرَاعًا مُعَيَّنًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذُّرْعَانِ صَحَّ شِرَاؤُهُ وَنَزَلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُرَادِ بِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ مَنْعُ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي جَوَازُهُ وَلَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ بِالْأَوَّلِ الثَّانِي إنَّا إذَا قُلْنَا بِجَوَازِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الثَّوْبِ إلَّا بَعْدَ إبْدَالِهِ بِغَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.