فصل: كِتَابُ التَّيَمُّمِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



.كِتَابُ التَّيَمُّمِ:

(سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى بِصَحْرَاءَ عَالِمًا بِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِهِ وَتَيَمَّمَ بِتُرَابِهَا فَهَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَصَلَاتُهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا الصَّلَاةُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَصَحِيحَةٌ مُجْزِئَةٌ وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِهَا لَكِنْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ رِضَا مَالِكِهَا بِذَلِكَ حَرُمَ.
(سُئِلَ) عَنْ الْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِعَقُورٍ وَلَا نَفْعَ فِيهِ هَلْ يَجُوزُ قَتْلُهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ الْكَلْبِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ الْجَوَازُ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَالْبَيْعِ: إنَّهُ مُحْتَرَمٌ وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ خِلَافَ مَا قَدَّمْت فِي التَّيَمُّمِ وَزَادَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ فِيمَا اعْتَمَدَهُ مُتَّبِعٌ لَا مُخْتَصِرٌ.
(سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ بِمَكَانٍ حَصَلَ لَهُ الْحَبُّ الْفَارِسِيُّ وَانْتَشَرَ عَلَى بَدَنِهِ فَظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ يَضُرُّهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ مِنْهُ بِالطِّبِّ فَتَيَمَّمَ أَيَّامًا فَسَكَنَ مَا كَانَ يَجِدُهُ مِنْ الْأَلَمِ فِي أَيَّامِ التَّوَضُّؤِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ يَتَيَمَّمُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ أَمْ عَلَيْهِ مُرَاجَعَةُ طَبِيبٍ عَدْلٍ رِوَايَةً كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَهَلْ تَلْزَمُهُ إعَادَةُ صَلَوَاتِ تِلْكَ الْأَيَّامِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ إلَّا إذَا اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ فِي الرِّوَايَةِ فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَتَلْزَمُهُ إعَادَةُ صَلَوَاتِ تِلْكَ الْأَيَّامِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ وَغَسَلَ الصَّحِيحَ وَمَسَحَ عَلَى اللُّصُوقِ وَصَلَّى ثُمَّ نَزَعَهُ وَوَضَعَ بَدَلَهُ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَعَ التَّيَمُّمِ مَسْحُ اللُّصُوقِ وَغَسْلُ مَا بَعْدَهُ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ وَالْغَسْلُ الْمَذْكُورَانِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا فِي تَيَمُّمِهِ وَصَلَّى بِهِ فَرْضًا غَيْرَهُ أَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ جَازَ هَلْ يَشْمَلُ مَا لَوْ نَوَى بِهِ طَوَافًا ثُمَّ صَلَّى بِهِ مَكْتُوبَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ لَا.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمِهِ الْمَكْتُوبَةَ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ صَلَّى الْخَمْسَ بِخَمْسِ وُضُوآتٍ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي أَحَدِهَا وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَتَوَضَّأَ، وَأَعَادَ الْخَمْسَ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ أَيْضًا فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِتَارِكِ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي أَحَدِ الْوُضُوآتِ أَحْوَالًا الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يُحْدِثَ بَعْدَ وُضُوءِ الْعِشَاءِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى ثُمَّ يَتَوَضَّأَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَتَلْزَمَهُ إعَادَةُ الْعِشَاءِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ وُضُوءَهَا إنْ كَانَ صَحِيحًا، وَقَدْ تَرَكَ الْمَسْحَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ أَعَادَ الْخَمْسَ بِوُضُوءٍ صَحِيحٍ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْعِشَاءُ فَقَطْ الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يُحْدِثَ بَعْدَ وُضُوءِ الْعِشَاءِ فَتَلْزَمَهُ إعَادَةُ الْخَمْسِ الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يُعِيدَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ لِاعْتِقَادِهِ صِحَّتَهُ فَتَلْزَمَهُ إعَادَةُ الْخَمْسِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إعَادَتَهُ فِي هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَمَا خَالَفَ هَذَا فَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِمَا إلَّا إعَادَةُ الْعِشَاءِ فَقَطْ أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا هِيَ فِي حُدُوثِ مَانِعِ الصِّحَّةِ وَنَحْوِهِ لَا فِي تَرْكِ شَرْطِ الْعِبَادَةِ أَوْ شَطْرِهَا فَإِنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَطَرْحِ الشَّكِّ وَسُلُوكِ أَسْوَأِ التَّقَادِيرِ فَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ: لَوْ صَلَّى فَرْضَيْنِ بِوُضُوءَيْنِ، وَقَدْ نَسِيَ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي أَحَدِهِمَا، وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ مَسَحَ رَأْسَهُ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَأَعَادَهُمَا، وَقَالُوا: لَوْ تَوَضَّأَ مُحْدِثٌ، وَصَلَّى فَرِيضَةً ثُمَّ نَسِيَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ فَتَوَضَّأَ وَأَعَادَهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَسْحَ فِي أَحَدِ وُضُوءَيْهِ وَسَجْدَةً فِي إحْدَى صَلَاتَيْهِ وَجَهِلَ مَحَلَّهُمَا أَعَادَ الصَّلَاةَ وَقَالُوا: لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ فَلَمَّا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَزِمَهُ أَنْ يَقُومَ وَيُصَلِّيَ رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ ثُمَّ يَقْضِيَ الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَقَالُوا لَوْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مُتَّفِقَةٌ لَزِمَهُ قَضَاءُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَنَظَائِرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرَةٌ الْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يَقَعَ مِنْهُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ فِي أَدَاءِ تِلْكَ الصَّلَوَاتِ فَتَلْزَمَهُ إعَادَةُ الْخَمْسِ أَيْضًا؛ إذْ فِعْلُ الْمَتْرُوكِ فِي وُضُوءِ التَّجْدِيدِ لَا عِبْرَةَ بِهِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَ فِي قَوَاعِدِهِ: مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِخَمْسِ وُضُوآتٍ فَلَمَّا فَرَغَ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَجَاءَ إلَى الْمُفْتِي وَلَمْ يُحْدِثْ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: تَوَضَّأْ وَأَعِدْ الْخَمْسَ فَتَوَضَّأَ وَأَعَادَ الْخَمْسَ فَلَمَّا فَرَغَ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ أَيْضًا فَجَاءَ إلَى الْمُفْتِي فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ تَوَضَّأْ وَأَعِدْ الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ ذَلِكَ وَحَلُّهُ أَنَّ وُضُوءَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى إمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلًا فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَتَرَكَ الْمَسْحَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ أَعَادَ الْخَمْسَ بِوُضُوءٍ صَحِيحٍ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بِأَنْ يَكُونَ تَرَكَ الْمَسْحَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْعِشَاءُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْمَسْحَ فِيهِ، وَغَيْرُهُ وَقَعَ صَحِيحًا، وَلَوْ لَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ فِي الْأُولَى بَلْ أَعَادَ الْخَمْسَ مُعْتَقِدًا لِلطَّهَارَةِ كَمَا لَوْ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَتَرَكَ مَسْحَ الرَّأْسِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إعَادَةُ الْعِشَاءِ. اهـ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَمَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ هَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ أُمِرَ بِصَرْفِ مَاءٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَوُجِدَ ثَمَّ مُتَنَجِّسٌ وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ وَمُحْدِثٌ حَدَثًا أَصْغَرَ، وَالْمَاءُ لَا يَكْفِي إلَّا لِلْأَصْغَرِ فَهَلْ يُقَدَّمُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْجُنُبِ حَيْثُ يُقَدَّمُ إذَا كَفَاهُ دُونَ غَيْرِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ الْمُحْدِثُ ذُو الْحَدَثِ هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ بِالْمَاءِ الْمَذْكُورِ الْأَصْغَرُ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ بِهِ حَدَثُهُ بِكَمَالِهِ دُونَ مَنْ ذُكِرَ مَعَهُ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: وَمَا الْقَوْلُ فِيمَنْ قَدْ تَيَمَّمَ وَاجِدًا لِمَاءٍ طَهُورٍ وَهُوَ قَدْ عَدِمَ الْجُرْحَا، وَصَلَّى بِهِ الْخَمْسَ الْفَرَائِضَ كُلَّهَا، وَلَمْ يَتَيَمَّمْ غَيْرَ وَاحِدَةٍ صَحَّا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِلْإِعَادَةِ مَدْخَلٌ عبيدكمو ابْنُ الرَّجَا يَطْلُبُ الشَّرْحَا.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُتَصَوَّرُ بِصُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ الْمَاءِ لِعَطَشِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ حَالًا أَوْ مَآلًا أَوْ مُحْتَاجًا إلَى ثَمَنِهِ لِمُؤْنَتِهِ أَوْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُ مُؤْنَتُهُ أَوْ لِدَيْنِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ الْمَاءُ فِي بِئْرٍ، وَقَدْ ازْدَحَمَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ وَعَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ فِيهَا لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ نَسِيَ فَرِيضَةً مِنْ الْخَمْسِ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ صَلَاةُ الْخَمْسِ وَيَكْفِيهِ لَهُنَّ تَيَمُّمٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ، وَمَا عَدَاهُ وَسِيلَةٌ لَهُ.
(سُئِلَ) هَلْ قَوْلُهُمْ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ يُصَلِّي لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُصَلِّي إلَّا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ لَا وَيُفَرِّقُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَهُمْ: لَا يَقْتَضِي مَا ذُكِرَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ نَعَمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ لَهُ الصَّلَاةُ مَا رَجَى وُجُودَ أَحَدِ الطَّهُورَيْنِ حَتَّى يَضِيقَ الْوَقْتُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا.
(سُئِلَ) هَلْ لُصُوقُ الْجِرَاحَةِ إذَا نَفَذَ الدَّمُ مِنْهُ إلَى ظَاهِرِهِ يَجِبُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ وَيُعْفَى عَنْ اخْتِلَاطِهِ بِالْمَاءِ وَيُعْفَى عَنْ اخْتِلَاطِهِ بِالدَّمِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ عَنْ اخْتِلَاطِهِ بِالدَّمِ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ تَحْصِيلِ الْوَاجِبِ عَلَى دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ كَتَقْدِيمِ الْوَاجِبِ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ حَيْثُ يَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَطَ الشُّهَدَاءُ بِغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْكَافِرِ حَرَامًا وَكَذَلِكَ غَسْلُ الشَّهِيدِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَكَوُجُوبِ هِجْرَةِ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ سَفَرُهَا وَحْدَهَا حَرَامًا وَكَوُجُوبِ تَنَحْنُحِ مُصَلِّي الْفَرْضِ حَيْثُ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ يَمَّمَ مَيِّتًا لِفَقْدِ الْمَاءِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ النِّيَّةُ كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي غَسْلِهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ النَّظَافَةُ، وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ التَّيَمُّمَاتِ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ وَالْمَيِّتِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَمَنْ يَمَّمَهُ إنَّمَا هُوَ آلَةٌ وَلَيْسَ بِمُتَعَبِّدٍ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ صَلَّى الْخَمْسَ بِخَمْسِ وُضُوآتٍ ثُمَّ تَيَقَّنَ تَرْكَ لُمْعَةٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ وُضُوءٍ هِيَ فَسَأَلَ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهُ بِإِعَادَتِهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ فَفَعَلَ ثُمَّ تَيَقَّنَ تَرْكَ لُمْعَةٍ مِنْهُ فَسَأَلَ ذَلِكَ الْفَقِيهَ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَأَعِدْ الْعِشَاءَ فَقَطْ وَقَدْ بَرِئْت بِيَقِينٍ فَأَجَابَ شَخْصٌ بِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ وُضُوءَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَرَّةِ الْأُولَى إمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلًا فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، وَقَدْ تَرَكَ اللُّمْعَةَ مِنْ وُضُوءِ غَيْرِهِ فَقَدْ أَعَادَ الْخَمْسَ بِوُضُوءٍ صَحِيحٍ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بِأَنْ تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ مَغْسُولِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْعِشَاءُ لِتَرْكِهِ ذَلِكَ مِنْهُ وَغَيْرُهُ قَدْ وَقَعَ صَحِيحًا مَعَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بَلْ أَعَادَ الْخَمْسَ مُعْتَقِدًا لِلطَّهَارَةِ كَانَ كَمَا لَوْ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَتَرَكَ مِنْهُ لُمْعَةً فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا إعَادَةُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَقَطْ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ آخَرُ بِأَنَّ الْجَوَابَ الصَّحِيحَ أَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ بِخَمْسِ وُضُوآتٍ إذَا وَجَدَ لُمْعَةً بِبَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا إعَادَةُ الصَّلَاةِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ لِتَحَقُّقِ بُطْلَانِهَا بِفِعْلِهَا مَعَ اللُّمْعَةِ فَتَجِبُ إعَادَتُهَا بَعْدَ غَسْلِ اللُّمْعَةِ فَقَطْ إنْ كَانَتْ بِآخِرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَإِلَّا فَيَغْسِلُهَا وَمَا بَعْدَهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِوُضُوءٍ سَادِسٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ اللُّمْعَةِ فِيمَا قَبْلَ الْوُضُوءِ الْخَامِسِ، وَعَدَمُ الْمُفْسِدِ لِلصَّلَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَالشَّكُّ فِي تَرْكِ بَعْضِ الْفَرْضِ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ بَعْدَهُ الشَّكُّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةٍ عَلَى ثَوْبِهِ هَلْ كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَنْ شَكَّ بَعْدَ طَوَافِ نُسُكِهِ هَلْ كَانَ مُتَطَهِّرًا لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ. اهـ. فَمَا الصَّوَابُ مِنْ هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ كِلَا الْجَوَابَيْنِ لَيْسَ بِصَوَابٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ قَائِلَهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسْأَلَةٍ فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ ظَانًّا تَسَاوِيهِمَا حُكْمًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ الَّذِي فِيهَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ فِعْلِ الصَّلَوَاتِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَظَنَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ إسْنَادُ الشَّكِّ فِيهَا إلَى تَيَقُّنِ التَّرْكِ، وَالصَّوَابُ فِيهَا لُزُومُ فِعْلِ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ قَضَاءُ صَلَاةٍ وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ ثَانِيًا لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ عُهْدَةِ شَيْءٍ مِنْ الْخَمْسِ فَوُجُوبُهَا بَاقٍ بِحَالِهِ فَإِنَّهَا مِنْ قَاعِدَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَطَرْحِ الشَّكِّ وَسُلُوكِ اسْتِوَاءِ التَّقَادِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْفَتَاوَى.
(سُئِلَ) عَنْ الطُّبُوعِ وَالصِّئْبَان إذَا عَسُرَتْ إزَالَتُهُ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَهَلْ يُعِيدُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ حَيْلُولَتُهُ بَيْنَ الْمُطَهِّرِ وَالْبَشَرَةِ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ، وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِنْ إيجَابِهِمْ الْإِعَادَةَ إذَا كَانَ السَّاتِرُ مَحَلَّ التَّيَمُّمِ هَذَا إذَا أَمْكَنَ إزَالَتُهُ، وَإِلَّا فَيُعْفَى عَنْهُ وَيَصِيرُ بِمَثَابَةِ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ فَقَدْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ الْوَسَخَ إذَا تَرَاكَمَ عَلَى عُضْوٍ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءَ بِلَمْسِهِ، وَأَنَّ الْوُضُوءَ يَصِحُّ مَعَهُ أَيْضًا، وَقَدْ قَالُوا: لَا يَجِبُ قَطْعُ الْعُضْوِ لِأَجْلِ الطَّهَارَةِ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَيَمِّمِ الطَّوَافُ الْمَفْرُوضُ، وَهَلْ يُعِيدُهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الطَّوَافُ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي بَقَائِهِ مُحْرِمًا خُصُوصًا إذَا عَادَ إلَى التُّرَابِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَهُ كَطَلَبِ الْمَاءِ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُحْتَاجَ إلَى الطَّهَارَةِ طَلَبُ التُّرَابِ كَطَلَبِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ الطَّهُورَيْنِ وَلِأَنَّهُ بَدَلُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْمُبْدَلِ وَقَدَرَ عَلَى بَدَلِهِ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ الْجُنُبِ الْفَاقِدِ لِلْمَاءِ إذَا أَرَادَ الْأَكْمَلَ فِي طَهَارَتِهِ يُطْلَبُ مِنْهُ تَيَمُّمَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْوُضُوءِ، وَالْآخَرُ عَنْ الْغُسْلِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ تَيَمُّمًا وُجُوبًا لِأَجْلِ الْجَنَابَةِ وَتَيَمُّمًا نَدْبًا لِأَجْلِ الْوُضُوءِ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ جزان مِنْ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ فِي الْحَضَرِ لَا يُصَلِّي عَلَى الْمَيِّتِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِخِلَافِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يَجِبُ الْقَضَاءُ إذَا تَيَمَّمَ بِمَكَانٍ يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ وَبِعَدَمِهِ بِمَكَانٍ لَا يَنْدُرُ فِيهِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَيْضًا أَوْ لَا حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ بِمَكَانٍ يَنْدُرُ فِيهِ الْفَقْدُ، وَصَلَّى بِهِ فِي مَكَان لَا يَنْدُرُ فِيهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِ مَكَانِ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ بِهِ فِي نُدْرَةِ فَقْدِ الْمَاءِ وَعَدَمِ نُدْرَتِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالِاعْتِبَارُ حِينَئِذٍ بِمَكَانِ الصَّلَاةِ بِهِ، وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: أَمَّا إذَا رَأَى الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُغْنِيَةً عَنْ الْقَضَاءِ فَكَصَلَاةِ الْحَاضِرِ بِالتَّيَمُّمِ. اهـ. وَقَدْ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَإِنْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَائِهَا أَتَمَّهَا إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مِمَّا يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ أَيْ وَهِيَ صَلَاةُ السَّفَرِ ثُمَّ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: وَتَبْطُلُ إنْ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: أَيْ وَهِيَ صَلَاةُ الْحَضَرِ لِأَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا إذَا أَتَمَّهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى إتْمَامِهَا وَإِعَادَتِهَا وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ وَقَوْلُهُ: كَقَاصِرٍ رَأَى مَاءً فَنَوَى إقَامَةً أَوْ إتْمَامًا يُعَيَّنُ أَنَّ الْمُسَافِرَ الْقَاصِرَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ صَارَ حَاضِرًا فَلَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَاءُ مَعَهُ وَمَا هُنَاكَ غَالِبًا، وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِمَوْضِعٍ يَغْلِبُ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهِ تَبْطُلُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُطْلَقًا.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا نَقَلَ التُّرَابَ وَأَحْدَثَ قَبْلَ مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ وَجْهِهِ هَلْ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الْآنَ وَيَمْسَحَ وَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ نَقَلَ مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ أَوْ عَكْسِهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ ثُمَّ يَمْسَحَ وَجْهَهُ بِالتُّرَابِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى التَّمَعُّكِ وَنَقْلِ التُّرَابِ مِنْ عَلَى كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ فَإِنَّ الْحَدَثَ إنَّمَا أَبْطَلَهَا فَقَطْ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ سَتَرَتْ جَمِيعَ أَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ الْجَبِيرَاتُ هَلْ يَتَيَمَّمُ عَلَيْهَا أَمْ يُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ ثُمَّ يُعِيدُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ وَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ ثُمَّ يُعِيدُ وَلَكِنْ يُسَنُّ لَهُ التَّيَمُّمُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ.
(سُئِلَ) عَنْ جَعْلِهِ فِي تَحْرِيرِ التَّنْقِيحِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ التَّيَمُّمِ الْعِلْمَ بِالْقِبْلَةِ مَعَ أَنَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَعَلَ الْأَوْجَهَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ مَا الْمُعْتَمَدُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ قَبْلَهُ كَصِحَّتِهِ قَبْلَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَنَّهُ أَخَفُّ مِنْهَا؛ وَلِهَذَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَالْمُتَحَيِّرِ فِي الْقِبْلَةِ وَالْعَاجِزِ عَنْ الْأَذْكَارِ الْوَاجِبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا تَرْجَمَ عَنْهَا هَلْ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي الْمُتَحَيِّرُ الْفَرْضَ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُهُ عَنْ الِاجْتِهَادِ، وَلَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الْفَرْضَ فِي وَقْتِهِ مَا دَامَ يَرْجُو أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُهُ بِخِلَافِ الْمُتَرْجِمِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْفَرْضَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَضِقْ وَقْتُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وُجُودُ الْبَدَلِ فِيمَا دُونَهُمَا.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ وَجْهَهُ فَتَيَمَّمَ عَنْهَا هَلْ تَكْفِيهِ النِّيَّةُ لَهُ عَنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ عِنْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْيَدَيْنِ مَثَلًا هَلْ يُجْزِئُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ إذَا نَوَى بِهَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَنْ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِيهِ النِّيَّةُ الْأُولَى فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ عِنْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ؛ إذْ نِيَّةُ الْوُضُوءِ لَا تَكُونُ إلَّا عِنْدَ تَطْهِيرِ الْوَجْهِ، وَقَدْ حَصَلَتْ عِنْدَهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ فَشَمِلَتْ الْمَغْسُولَ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَسْلَةُ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَإِنْ نَوَى بِهَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَنْ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِنَقْلِ التُّرَابِ وَبِمَسْحِ الْوَجْهِ، وَإِنْ بَحَثَ النَّوَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِهَا إذَا نَوَى بِهَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ.
(سُئِلَ) عَنْ مُسَافِرٍ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ فِي مَكَان يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُهُ، وَلَوْ قَصَدَهُ خَرَجَ الْوَقْتُ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إلَيْهِ لِيَتَطَهَّرَ بِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ لِيَتَطَهَّرَ بِهِ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ لَوْ تَيَمَّمَ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْمُقِيمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَاءِ مِنْ مَالِكِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَأَنْ وَجَدَهُ فِي يَدِ فَرْعِهِ الَّذِي وَهَبَهُ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ فِي يَدِ مُشْتَرِيهِ، وَلَهُ خِيَارٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَصْلِ الرُّجُوعُ فِي الْمَاءِ الَّذِي وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ لِطَهَارَتِهِ، وَعَلَى الْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِطِهَارَتِهِ إذَا كَانَ لَهُ خِيَارٌ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالُ هِبَةِ الْمَاءِ وَقَرْضِهِ وَاسْتِعَارَةِ آلَتِهِ مَعَ أَنَّ فِي هِبَةِ الْمَاءِ مِنَّةً، وَفِي قَرْضِهِ احْتِمَالُ عَجْزِهِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ، وَفِي اسْتِعَارَةِ الْآلَةِ احْتِمَالُ تَلَفِهَا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا.
(سُئِلَ) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُنْفَصِلِ عَلَى يَدِ الْمُتَوَضِّئِ وَعَدَمِ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ التُّرَابِ الْمُنْفَصِلِ عَلَى يَدِ الْمُتَيَمِّمِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا عُسْرُ إيصَالِ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ لَاسِيَّمَا مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الضَّرْبَتَيْنِ فَيُعْذَرُ فِي رَفْعِ الْيَدِ وَرَدِّهَا كَمَا يُعْذَرُ فِي التَّقَاذُفِ الَّذِي يَغْلِبُ فِي الْمَاءِ وَلَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُتَقَاذِفِ.
(سُئِلَ) عَنْ مُسَافِرٍ وَجَدَ خَابِيَةً أَوْ نَحْوَهَا مُسَبَّلَةً هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْهَا أَوْ يَتَيَمَّمُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلشُّرْبِ فَقَطْ فَيَتَيَمَّمُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ لِجَنَابَةٍ فِي مَكَان يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ كَالْحَضَرِ وَصَلَّى هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ مَعَ الْفَاتِحَةِ السُّورَةَ، وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الصَّلَاةِ السُّورَةَ مَعَ الْفَاتِحَةِ خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْخُوَارِزْمِيِّ وَيَجُوزُ لَهُ أَيْضًا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَفِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ لِلنَّوَوِيِّ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ الْمَاءَ تَيَمَّمَا، وَجَازَ لَهُمَا الْقِرَاءَةُ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَيَمُّمُهُ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ بَعْدَهُ وَإِنْ أَحْدَثَ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ كَانَ فِي الْحَضَرِ صَلَّى بِهِ وَقَرَأَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ كَمَا قَيَّدْنَاهُ؛ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ قَامَ مَقَامَ الْغُسْلِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ اسْتِبَاحَةَ فَرْضَيْنِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ أَحَدِهِمَا هَلْ يَبْطُلُ وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضِي أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ الْمَذْكُورُ لِوُجُودِ مُقْتَضَى صِحَّتِهِ، وَهُوَ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ فَرْضٍ فِي وَقْتِهِ، وَلَيْسَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهِ بَلْ نِيَّتُهُ صَحِيحَةٌ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَرْضِ الثَّانِي إذَا صَلَّاهُ بِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ حَيْثُ لَمْ يُصَلِّ بِهِ الْأَوَّلَ وَقَدْ قَالُوا: لَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ اسْتِبَاحَةَ فَرْضَيْنِ أَوْ فُرُوضٍ صَحَّ وَاسْتَبَاحَ بِهِ فُرُوضًا وَنَوَافِلَ فَشَمِلَ مَسْأَلَتِنَا، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمَانِعَ إنَّمَا هُوَ اسْتِبَاحَتُهُمَا مَعًا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ لَا نِيَّةُ اسْتِبَاحَتِهِمَا بِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ دَائِمِ الْحَدَثِ إذَا تَيَمَّمَ بَدَلَ الْوُضُوءِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَيَمُّمِهِ الْوَلَاءُ كَمَا فِي وُضُوئِهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا الْوَلَاءُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
(سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ لَا يَتَيَمَّمُ لِفَرْضٍ قَبْلَ وَقْتِ فِعْلِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَقَدْ شَمِلَهُ كَلَامُهُمَا؛ لِأَنَّ وَقْتَهُمَا يَدْخُلُ بِالزَّوَالِ وَإِنْ اُشْتُرِطَ تَقَدُّمُ الْخُطْبَةِ عَلَيْهَا.
(سُئِلَ) عَنْ بُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالسِّنِّ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ هَلْ هُوَ مُبْطِلٌ لَهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ بَقَاءُ تَيَمُّمِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ إلَّا النَّفَلَ.
(سُئِلَ) هَلْ يُنْدَبُ قَتْلُ الْخِنْزِيرِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُنْدَبُ قَتْلُهُ.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا وَجَدَ الشَّخْصُ مَاءً طَاهِرًا وَمَاءً نَجِسًا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا فَهَلْ يَتَوَضَّأُ بِالطَّاهِرِ وُجُوبًا وَيَشْرَبُ النَّجِسَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ شُرْبُ النَّجِسِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ بَلْ يَشْرَبُ الطَّاهِرَ وَيَتَيَمَّمُ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ جَمِيعَ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ هَلْ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ أَمْ لَابُدَّ مِنْ تَيَمُّمَيْنِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ؛ إذْ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ حِينَئِذٍ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ نَوَى التَّيَمُّمَ لِلصَّلَاةِ هَلْ تَكْفِيهِ هَذِهِ النِّيَّةُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِيهِ هَذِهِ النِّيَّةُ وَلَا يَسْتَبِيحُ بِهَا الْفَرْضَ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ إذَا اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ الْبَارِدَ حَصَلَ لَهُ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَوَجَدَ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ لَكِنْ إذَا سَخَّنَهُ خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْخِينُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَوْ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ فِي الْوَقْتِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْخِينُهُ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ تِلْكَ الْفَرِيضَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ آلَةَ اسْتِقَاءِ الْمَاءِ مِنْ نَحْوِ بِئْرٍ وَلَكِنْ فِي يَدَيْهِ وَجَعٌ يَمْنَعُ الِاسْتِقَاءَ فَهَلْ إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الِاسْتِقَاءِ بِنَفْسِهِ وَنَائِبِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ إنْ وَجَدَهَا وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ.
(سُئِلَ) عَنْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إذَا حَصَلَ فِي صَلَاتِهِ مَا يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ هَلْ يَسْجُدُ لَهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ؛ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِالْفَرِيضَةِ الْمُؤَدَّاةِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ، وَهُوَ لَا يَنْتَفِلُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرَأْسَهُ، وَرِجْلَاهُ سَلِيمَتَانِ وَفَقَدَ الْمَاءَ وَقُلْتُمْ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ فَهَلْ إذَا رَأَى الْمَاءَ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِالنَّظَرِ إلَى الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ أَوْ يَبْطُلُ مُطْلَقًا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى رِجْلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ عَنْهُمَا لِفَقْدِ الْمَاءِ، وَقَدْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَا يَبْطُلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ عَنْهَا لِلْعِلَّةِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ؛ إذْ بُطْلَانُ بَعْضِ الطَّهَارَةِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِالْمَاءِ أَمْ بِالتُّرَابِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَهُ وَعَجَزَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ فَهَلْ يَلْحَقُ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ حَتَّى تَلْزَمَهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقْضِي مَا صَلَّى عَلَى حَالَتِهِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ إذْ الْفَقْدُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ.
(سُئِلَ) عَنْ مُسَافِرٍ عَلِمَ مَاءً فِي حَدِّ غَوْثٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَصْدُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ هَذِهِ الصَّلَاةِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ وَعَلَى كُلِّ عُضْوٍ سَاتِرٌ عَمَّهُ وَاسْتَمْسَكَ عَمَّا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ مَا الْحُكْمُ فِيهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِ السَّاتِرِ عَنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِلَّا تَيَمَّمَ مِنْ فَوْقِ السَّاتِرِ لِعَجْزِهِ عَنْ رَفْعِهِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ جُرِحَ بَعْضُ عُضْوٍ وَوُضِعَ عَلَى الْجُرْحِ سَاتِرٌ، أَوْ اسْتَمْسَكَ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّحِيحِ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ وَعِنْدَ إرَادَةِ الطَّهَارَةِ غُسِلَ الصَّحِيحُ مِنْ أَعْضَائِهِ حَتَّى مَا أُخِذَتْ الْجَبِيرَةُ لِلِاسْتِمْسَاكِ، وَتَيَمَّمَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُجُوبِ الْمَسْحِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ: إنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَهَا مِنْ الْأَجْزَاءِ الصَّحِيحَةِ وَهَلْ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يُخَالِفُهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَاضٍ لَا تَخْلُو أَحْوَالُهُ عَنْ الضِّيَافَةِ عِنْدَ أَهْلِ عَمَلِهِ تَارَةً فِي مُقَابَلَةِ ضِيَافَةٍ وَتَارَةً فِي غَيْرِ مُقَابَلَةٍ، وَلَا تَخْلُو مَكَاسِبُهُ مِنْ أَخْذِ مَا تَأْخُذُهُ الْقُضَاةُ فِي هَذَا الزَّمَنِ لِفَقْرِهِ وَعَدَّى مَا يُعْطَاهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ أَرَادَ السَّفَرَ لِلْحِجَازِ الشَّرِيفِ فَحَلَّلَ مَنْ أَمْكَنَهُ مُحَلَّلَتَهُ مِمَّنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَقِيَ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ لَا تُمْكِنُهُ مُحَالَتُهُ لِغَيْبَتِهِ أَوْ لِعُذْرِ الِاجْتِمَاعِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ ضَعِيفَ الْبِنْيَةِ وَلَا يَعْلَمُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَعَذَّرِينَ محاللتهم رِضًا بِالسَّفَرِ وَلَا يَتَضَرَّرُ لِعَدَمِ التَّرْخِيصِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّرْخِيصُ وَالتَّيَمُّمُ مَعَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ وَيَجُوزُ لَهُ التَّرَخُّصُ فِيهِ، وَالتَّيَمُّمُ فِيهِ مَعَ اسْتِنْجَائِهِ بِالْحَجَرِ لِإِتْيَانِهِ بِمَا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَيَنْوِي أَنَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَى رِضَاءِ بَاقِيهِمْ فَعَلَهُ.
(سُئِلَ) عَنْ مَاءٍ مُسَبَّلٍ لِلشُّرْبِ فَقَطْ فَهَلْ إذَا أَخَذَ مِنْهُ شَخْصٌ شَيْئًا وَتَيَمَّمَ فِي إنَاءٍ وَادَّخَرَهُ لِيَشْرَبَهُ فِي الْمَآلِ وَهُنَاكَ غَيْرُهُ حَاجَتُهُ بِهِ حَالًا لِلشُّرْبِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إدْخَارُهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِادِّخَارُ الْمَذْكُورُ إذَا انْدَفَعَتْ حَاجَةُ الْعَطْشَانِ بِغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ لِلَمْسِ الْمُصْحَفِ هَلْ يُبَاحُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَالْعَكْسُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ بِالتَّيَمُّمِ الْمَذْكُورِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ هَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ الْمَذْكُورُ لِوُقُوعِهِ فِي وَقْتِهَا.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَقُلْتُمْ بِالصِّحَّةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ بِهَذَا التَّيَمُّمِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ لِسُنَّةِ الظُّهْرِ الَّتِي بَعْدَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ فَهَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَيَكُونُ فِعْلُ الظُّهْرِ قَبْلَهَا شَرْطًا لِصِحَّتِهَا كَمَا فِي التَّيَمُّمِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَمْ تَقُولُونَ: إنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا إلَّا بِفِعْلِ الظُّهْرِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِذَلِكَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ مَثَلًا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ، وَيَصِحُّ مِنْهُ تَقْدِيمُ سُنَّتِهِ الَّتِي بَعْدَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ الْمَذْكُورُ وَلَا يَصِحُّ فِعْلُهَا قَبْلَ فِعْلِ الظُّهْرِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ؛ إذْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَّا بِفِعْلِ الظُّهْرِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته الْفَرْقُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ فِي الْأُولَى وَعَدَمُ دُخُولِهِ فِي الثَّانِيَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَلَوْ نَقَلَ مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ أَوْ عَكْسٍ وَالثَّانِي لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالنَّقْلِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ هَلْ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ مَعْنَى الْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَقَلَ مِنْ أَعْلَى الْوَجْهِ إلَى أَسْفَلِهِ أَوْ مِنْ السَّاعِدِ إلَى الْكَفِّ فَيَكُونُ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى صَحِيحٍ وَقَوْلُ الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ ذَلِكَ: وَدُفِعَ بِأَنَّهُ بِالِانْفِصَالِ انْقَطَعَ حُكْمُ ذَلِكَ الْعُضْوِ بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ كَالنَّقْلِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ دَفْعًا لِلْقِيَاسِ أَمْ مَعْنَاهُ خِلَافُ ذَلِكَ، وَهَلْ تَعْتَمِدُونَ مَا اعْتَمَدَهُ الْقَمُولِيُّ فِي النَّقْلِ مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى فِي عِبَارَةِ الْمَحَلِّيِّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى الْمَقِيسِ أَنَّهُ نَقَلَ التُّرَابَ مِنْ وَجْهِهِ إلَى يَدِهِ، أَوْ نَقَلَهُ مِنْ يَدِهِ إلَى وَجْهِهِ وَصُورَةُ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَقَلَ التُّرَابَ مِنْ بَعْضِ عُضْوِهِ إلَى بَعْضٍ آخَرَ بِأَنْ رَدَّدَهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَحَّحَهُ الْقَمُولِيُّ.
(سُئِلَ) عَنْ حَنَفِيٍّ يَقُولُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا أَوْ طَهُورًا» وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» أَنَّ النَّوَوِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إخْرَاجِ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ، وَإِخْرَاجُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ لَا يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ كَمَا فِي حَدِيثِ: «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» هُوَ عَامٌّ وَحَدِيثُ مَيْمُونَةَ: «هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا» إلَخْ أَوْ كَمَا قَالَ فَهُوَ مِنْ إخْرَاجِ فَرْدٍ فَلَوْ قِيلَ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لَزِمَ مِنْهُ طَهَارَةُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ دُونَ الْمُذَكَّاةِ فَهَلْ الَّذِي قَالَهُ الْحَنَفِيُّ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَمَا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ النَّوَوِيَّ قَدْ غَلِطَ فِي اسْتِدْلَالِهِ فَهُوَ الْغَالِطُ؛ لِأَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى تَعْيِينِ التُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ بِمَا فَهِمَهُ الْمُعْتَرِضُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَدَلَّ عَلَى تَعْيِينِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} لِأَنَّ الْإِتْيَانَ فِيهَا بِمِنْ الدَّالَّةِ عَلَى التَّبْعِيضِ يَقْتَضِي أَنْ يَمْسَحَ بِشَيْءٍ يُجْعَلُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْضُهُ وَقَدْ أَنْصَفَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ الزَّمَخْشَرِيُّ فَإِنَّهُ أَبْرَزَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي صُورَةِ سُؤَالٍ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قُلْت هُوَ كَمَا يَقُولُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَالصَّعِيدُ الطَّيِّبِ فِيهَا فَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِالتُّرَابِ الطَّاهِرِ وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ».
وَهَذَا خَاصٌّ فَيُحْمَلُ الْعَامُّ عَلَيْهِ فَتَخْتَصُّ الطَّهُورِيَّةُ بِالتُّرَابِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِدْلَالَ بِالتُّرْبَةِ عَلَى خُصُوصِيَّةِ التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ فَقَالَ تُرْبَةُ كُلِّ مَكَان مَا فِيهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ التُّرَابِ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: «وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا» وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ فَاخْتَصَّ بِجِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْوُضُوءِ.