فصل: كِتَابُ النَّجَاسَاتِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



.كِتَابُ النَّجَاسَاتِ:

(سُئِلَ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَمَّنْ طَبَخَ طَعَامًا بِرَوْسِ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ أَوْقَدَ بِهِ تَحْتَ هِبَابٍ فَصَارَ نَشَادِرًا فَهَلْ هُمَا طَاهِرَانِ أَوْ نَجِسَانِ لِأَجْلِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ؟
(فَأَجَابَ) رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّ الطَّعَامَ الْمَذْكُورَ طَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَا أَصَابَهُ مِنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ كَثِيرًا، وَإِلَّا تَنَجَّسَ وَكَذَا النَّشَادِرُ إنْ كَانَ هِبَابُهُ طَاهِرًا، وَإِلَّا فَهُوَ نَجِسٌ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى عَيْنِ بَوْلٍ هَلْ يَطْهُرُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ الْمَحَلُّ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى عَيْنِ الْبَوْلِ بِهِ إنْ زَادَ بِهَا وَزْنُ الْغُسَالَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ إذَا كَانَتْ عَلَى أَرْضٍ صُلْبَةٍ أَوْ بَلَاطٍ وَغَسَلَهُمَا الْغَسْلَةَ الْأُولَى هَلْ يُشْتَرَطُ تَنْشِيفُ الْمَحَلِّ قَبْلَ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَذَلِكَ الثَّالِثَةُ إلَى آخِرِ السَّبْعِ أَوْ يَكْفِي وُصُولُ الْمَاءِ فِيهِمَا إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي الْأُولَى؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي وُصُولُ الْمَاءِ فِيهِ إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي الْأُولَى.
(سُئِلَ) عَمَّنْ صَبَغَ رَأْسَهُ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ بِنَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَغَسَلَهُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَعَسِرَ إخْرَاجُ لَوْنِ الصَّبْغِ فَهَلْ يَطْهُرُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَطْهُرُ إذَا انْفَصَلَ صَبْغُهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَزِدْ وَزْنُهُ بَعْدَ غَسْلِهِ عَلَى وَزْنِهِ قَبْلَ صَبْغِهِ وَإِنْ بَقِيَ لَوْنُهُ لِعُسْرِ زَوَالِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ سَقَى الْحَدَّادُ سَيْفًا أَوْ سِكِّينًا مَاءً نَجِسًا هَلْ يَطْهُرُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ أَوْ لَا وَهَلْ يَتَنَجَّسُ مَا قُطِعَ بِهِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَطْهُرُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى سَقْيِهِ مَاءً طَاهِرًا فَلَوْ قَطَعَ بِهِ قَبْلَ غُسْلِهِ شَيْئًا رَطْبًا صَارَ مُتَنَجِّسًا.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ غَسَلَ إحْدَى يَدَيْهِ وَشَكَّ فِي الْمَغْسُولِ أَهُوَ يَدُهُ الْيُمْنَى أَمْ الْيُسْرَى ثُمَّ أَدْخَلَ الْيُسْرَى فِي مَائِعٍ فَهَلْ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ نَجَاسَةُ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ ذَلِكَ الْمَائِعِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَائِعٌ بِغَمْسِ الْيَدِ الْيُسْرَى فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ، وَقَدْ اعْتَضَدَ بِاحْتِمَالِ طَهَارَةِ الْيَدِ الْيُسْرَى.
(سُئِلَ) عَنْ خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ هَلْ هُوَ طَاهِرٌ يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ أَمْ لَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَالسَّلَمِ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ هَلْ عِلَّةُ مُقَابِلِهِ الْمَاءُ الَّذِي فِيهِ أَوْ النَّجَاسَةُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ خَلَّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ فَيَحِلُّ تَنَاوُلُهُ وَبَيْعُهُ وَالسَّلَمُ فِيهِ وَغَيْرُهَا، وَإِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِنَجَاسَتِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي كِتَابِ السَّلَمِ بِجَوَازِهِ فِي خَلِّ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ أَنْ يَتَخَمَّرَ ثُمَّ يَتَخَلَّلَ أَمْ لَا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ وَالسَّلَمِ فِيهِ اخْتِلَاطُهُ بِالْمَاءِ لَا النَّجَاسَةِ.
(سُئِلَ) هَلْ حُكْمُ الرَّصَاصِ الْمُذَابِ حُكْمُ الْجَافِّ حَتَّى لَوْ وُضِعَ فِيهِ نَصْلٌ مُتَنَجِّسٌ مَثَلًا يَتَنَجَّسُ مَا حَوْلَهُ فَقَطْ كَالزِّئْبَقِ أَمْ حُكْمُ الْمَائِعِ حَتَّى يَتَنَجَّسَ جَمِيعُهُ، وَمَا حُكْمُ الْقَصْدِيرِ الْمُذَابِ أَيْضًا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الرَّصَاصُ الْمُذَابُ أَوْ الْقَصْدِيرُ الْمُذَابُ إذَا أُخِذَ مِنْهُ قِطْعَةٌ لَا يُتَرَادُّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَوْضِعَهَا عَنْ قُرْبٍ فَهُوَ جَافٌّ، وَإِلَّا فَمَائِعٌ.
(سُئِلَ) عَنْ الْكَلْبِ إذَا نَزَا عَلَى شَاةٍ مَأْكُولَةٍ فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا هَلْ يَتَنَجَّسُ لَبَنُهَا كَمَا قُيِّدَ فِي الْخَادِمِ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالتَّنَجُّسِ فَهَلْ يَصِيرُ مُؤَبَّدًا أَوْ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَلَدِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ طَاهِرٍ يَكُونُ لَبَنُهَا طَاهِرًا، وَمَا الْمُطَهِّرُ لَهُ، وَهَلْ الْقَائِلُ بِالتَّنَجُّسِ عَلَّلَ بِأَنَّ اللَّبَنَ لِلرَّجُلِ كَمَا عَلَّلُوا بِهِ فِي التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ: لَا فَمَا الْفَرْقُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ طَاهِرٌ وَلَوْ أَحْبَلَهَا كَلْبٌ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ بِحِلِّ لَبَنِ الْفَرَسِ، وَإِنْ وَلَدَتْ بَغْلًا؛ إذْ لَوْ حَكَمَ بِتَبَعِيَّةِ اللَّبَنِ لِلْوَلَدِ فِي هَذِهِ لَحَكَمَ بِتَنْجِيسِهِ وَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ الْحُكْمُ بِتَنْجِيسِهِ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى لَبَنِهَا الْحَاصِلِ بِوِلَادَةِ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ؛ إذْ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ بِتَنْجِيسِهِ كَوْنُهُ حَاصِلًا بِسَبَبِ حَيَوَانٍ نَجِسٍ وَقَدْ زَالَ.
(سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى تَقْيِيدِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ قَوْلَ الْإِمَامِ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيِّ: وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ بِقَوْلِهِ مِنْ الْآدَمِيِّ بِنَجِسٍ فِي الْأَصَحِّ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ ذَكَرَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ مِنْ الْآدَمِيِّ لِيُفِيدَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ آخِرَ الْمَقَالَةِ: وَالثَّلَاثَةُ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَوْلَى بِالنَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الثَّلَاثَةِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْآدَمِيِّ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَقْوَى مِنْ مُقَابِلِهِ فِيهَا مِنْ الْآدَمِيِّ فَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ تَقْيِيدًا مُخْرِجًا لِلثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنْ الطَّهَارَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَعْرِ الْمَأْكُولِ الْمُنَتَّفِ الطَّالِعِ بِأُصُولِهِ فِي الْجِلْدِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ هَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ شَعْرَ الْمَأْكُولِ طَاهِرٌ فَإِنْ انْفَصَلَ أَصْلُهُ مَعَ شَيْءٍ مِمَّا نَبَتَ فِيهِ مِنْ الْجِلْدِ، وَفِيهِ رُطُوبَةٌ فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ يَطْهُرُ بِغُسْلِهِ، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمْ لَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْ مَأْكُولٍ حَالَ حَيَاتِهِ وَعَلَيْهِ شَعْرٌ فَالشَّعْرُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّعْرُ فِي مَسْأَلَتِنَا مَتْبُوعٌ، وَالْجِلْدُ تَابِعٌ لِقِلَّتِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعُضْوِ فَإِنَّ الشَّعْرَ تَابِعٌ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ لَوْنِ النَّجَاسَةِ أَوْ رِيحِهَا عَلَى الِاسْتِعَانَةِ بِأُشْنَانٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ عَلَى الْحَتِّ أَوْ الْقَرْضِ هَلْ يَجِبُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ كُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ.
(سُئِلَ) عَنْ حَمَّامٍ غُسِلَ دَاخِلَهُ كَلْبٌ وَلَمْ يَعْهَدْ تَطْهِيرَهُ وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَى دُخُولِهِ وَالِاغْتِسَالِ بِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ لَا يَخْفَى انْتِشَارُ النَّجَاسَةِ إلَى حُصُرِ الْحَمَّامِ وَأَبْوَابِهَا وَفُوَطِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَابُدَّ مِنْ مُبَاشَرَةِ الدَّاخِلِ لَهُ ضَرُورَةً فَمَا الَّذِي يَجِبُ فِيمَا ذُكِرَ وَإِذَا عَهِدَ دُخُولَ النِّسَاءِ الْحَمَّامَ هَلْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ بِفَرْضِ اغْتِسَالِهِنَّ فِيهِ بِالطِّفْلِ وَنَحْوِهِ وَهَلْ إذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ الْمَذْكُورَ شَخْصٌ وَبَاشَرَ الْمَذْكُورَاتِ أَعْلَاهُ يُحْكَمُ بِتَنَجُّسِ مَا لَاقَاهَا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ طُولِ الزَّمَنِ الْمُتَخَلِّلِ بَيْنَ الْوَاقِعَةِ وَبَيْنَ دُخُولِهِ أَمْ يُفَرَّقُ، وَهَلْ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ تَفَاوُتٌ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا يُتَيَقَّنُ إصَابَةُ الْكَلْبِ لَهُ مِنْ الْحَمَّامِ مَعَ رُطُوبَةٍ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ حَتَّى لَا تَصِحَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَالطِّفْلُ يَحْصُلُ بِهِ التَّتْرِيبُ فِي النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ فَيَطْهُرُ مَا تَنَجَّسَ مِنْ الْحَمَّامِ بِمُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهُنَّ بِالطِّفْلِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ مَا لَاقَى الْمَوْضِعُ الْمُتَيَقَّنُ نَجَاسَتُهُ مِنْ بَدَنٍ دَاخِلَ الْحَمَّامِ مَعَ رُطُوبَةٍ قَبْلَ احْتِمَالِ طَهَارَتِهِ تَنَجَّسَ وَتَنَجَّسَ بِهِ مَا لَاقَاهُ مَعَ رُطُوبَةٍ مِنْ فُوَطٍ وَحُصُرٍ وَثِيَابٍ وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا مَا لَاقَاهُ كَذَلِكَ بَعْدَ احْتِمَالِ طَهَارَتِهِ، وَلَوْ بِوَاسِطَةِ الطِّينِ الَّذِي فِي نِعَالِ دَاخِلِيهِ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ كَمَا لَوْ تَنَجَّسَ فَمُ حَيَوَانٍ مِنْ هِرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ غَابَ غَيْبَةً وَأَمْكَنَ وُرُودُهُ فِيهَا مَاءً كَثِيرًا ثُمَّ وَلَغَ فِي طَاهِرٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ نَجَاسَةِ فَمِهِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ احْتِمَالِ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ وَعَدَمِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ نَجَاسَةُ فَضَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَغَيْرِهِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ طَهَارَتُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْعُمْرَانِيُّ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَصَحَّحَهُ الْبَارِزِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَالشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْإسْفَرايِينِيّ وَغَيْرُهُمْ ثُمَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَبِهِ الْفَتْوَى، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَلْقَى اللَّهَ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا أَقُولُ وَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ.
(سُئِلَ) عَنْ الْكِشْكِ الَّذِي يُعْمَلُ هَلْ هُوَ نَجِسٌ أَوْ طَاهِرٌ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّهُ نَجِسٌ لِأَنَّهُ يَتَخَمَّرُ كَالْبُوظَةِ وَهَلْ يَقُومُ جَفَافُهُ مَقَامَ التَّخَلُّلِ فِي الْخَمْرِ أَمْ مَقَامَ الْخَمْرِ الْمَعْقُودَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْكِشْكَ طَاهِرٌ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْقَائِلِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ صَارَ مُسْكِرًا لَكَانَ طَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَائِعٍ.
(سُئِلَ) عَنْ تُرَابٍ وُضِعَ عَلَى نَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ رَطْبَةٍ ثُمَّ فُصِلَ عَنْهَا قَبْلَ إيرَادِ الْمَاءِ عَلَيْهِ هَلْ يَنْجُسُ أَمْ لَا لِبَقَاءِ الْغَسَلَاتِ السَّبْعِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْجُسُ وَمَا ذَكَرَ تَعْلِيلًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ التَّسْبِيعُ مَعَ التَّتْرِيبِ فِي إزَالَةِ رَائِحَةِ الْبَخُورِ بِعُذْرَةِ نَحْوِ الْكَلْبِ أَمْ لَا كَمَا لَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي تَطْهِيرِ الْفَرْجِ مِنْ خُرُوجِ رَجِيعِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ مَا أَصَابَتْهُ رَائِحَةُ الْبَخُورِ وَلَوْ مَعَ رُطُوبَةٍ؛ لِأَنَّ دُخَانَ النَّجَاسَةِ لَا يَرْتَفِعُ مَعَهُ جُرْمٌ مِنْ النَّجَاسَةِ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ بِخُرُوجِ الرِّيحِ، وَمَوْضِعُ الْحَدَثِ رَطْبٌ لَا يَتَنَجَّسُ، وَلَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ فِي الْأَصَحِّ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْكَمَالِ ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: فَإِنْ تَغَيَّرَ مَاءُ الْغُسَالَةِ أَوْ زَادَ وَزْنُهَا فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْمَغْسُولِ بَلْ يُسْتَأْنَفُ التَّطْهِيرُ مِنْهَا، وَقَوْلُنَا: إنَّ الْغُسَالَةَ الْمُتَغَيِّرَةَ، وَاَلَّتِي ثَقُلَتْ وَزْنًا تُخَالِفُ حُكْمَ الْمَغْسُولِ أَيْ فِي النَّجَاسَةِ يُنَبِّهُ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ يُسْتَأْنَفُ التَّطْهِيرُ مِنْهَا بِسَبْعٍ إحْدَاهَا بِالتُّرَابِ، وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي انْفَصَلَتْ عَنْهُ يَطْهُرُ بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى غُسَالَةِ الْمَرَّةِ الْأُولَى أَوْ الْمُنْفَصِلَةِ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ.
(سُئِلَ) عَنْ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ تَنَجَّسَتْ بِنَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ ثُمَّ تَنَجَّسَ بِهَا ثَوْبٌ مَثَلًا هَلْ يَحْتَاجُ فِي تَطْهِيرِهِ إلَى تَرْتِيبٍ أَوْ لَا تَبَعًا لَهَا.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ فِي تَطْهِيرِهِ التَّتْرِيبُ وَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِ، وَهِيَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ، وَأَيْضًا فَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ تَتْرِيبِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ إلَّا الْأَرْضَ التُّرَابِيَّةَ.
(سُئِلَ) عَنْ صَبِيٍّ بَالَ عَلَى بَلَاطِ جَامِعٍ وَعَيْنُهُ بَاقِيَةٌ هَلْ يَطْهُرُ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ زَادَ وَزْنُ غُسَالَةِ الْمَاءِ الْمَصْبُوبِ عَلَيْهَا بِهَا لَمْ يَطْهُرْ مَحَلُّهَا إلَّا بَعْدَ زَوَالِهَا، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ خِلَافَهُ؛ إذْ مِنْ شُرُوطِ طَهَارَةِ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ أَنْ لَا يَزِيدَ وَزْنُ غُسَالَتِهِ.
(سُئِلَ) أَهْلُ صِنَاعَةِ الْفَاخُورِ لَابُدَّ أَنْ يُضِيفُوا إلَى الطِّينِ الَّذِي يَصْنَعُونَهُ أَوَانِيَ كَالْإِجَّانَاتِ وَالْكِيزَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ السِّرْجِينِ وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةِ الصِّنَاعَةِ، وَأَنَّ الطِّينَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُصْنَعَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِضَافَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟ وَهَلْ يُفْصَلُ فِي ذَلِكَ وَيُقَالُ بِالْعَفْوِ إذَا لَمْ يَقُمْ مَقَامَ السِّرْجِينِ شَيْءٌ مِنْ الطَّاهِرَاتِ وَبِعَدَمِهِ حَيْثُ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لِلْإِنَاءِ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُتَيَقَّنَ اسْتِعْمَالُ السِّرْجِينِ فِيهِ فَفِيهِ قَوْلَا تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ أَيْ الْغَالِبِ، أَظْهَرُهُمَا الْعَمَلُ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ، وَلَوْ اطَّرَدَتْ عَادَةٌ بِمُخَالَفَةِ الْأَصْلِ كَاسْتِعْمَالِ السِّرْجِينِ فِي أَوَانِي الْفَخَّارِ فَكَذَلِكَ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ حَيْثُ حَكَمَ بِالنَّجَاسَةِ ثَانِيهِمَا أَنْ يُتَيَقَّنَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ فَيُعْفَى عَنْهُ بِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ؛ إذْ الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ فَقَدْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سُئِلَ عَنْ الْأَوَانِي الَّتِي تُعْمَلُ بِالنَّجَاسَةِ فَقَالَ: إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ.
(سُئِلَ) عَنْ بَوْلٍ فِي أَرْضٍ صُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ غَمَرَهُ وَاسْتَهْلَكَ فِيهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ لَوْنٌ وَلَا طَعْمٌ وَلَا رِيحٌ هَلْ تَطْهُرُ الْأَرْضُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إذَا أَصَابَ الْأَرْضَ بَوْلٌ فَصُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ غَمَرَهُ وَاسْتُهْلِكَ فِيهِ طَهُرَتْ بَعْدَ نُضُوبِ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَقَبْلَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الطَّهَارَةُ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَالْأَنْوَارِ وَالطِّرَازِ الْمُذْهَبِ وَتَحْرِيرِ التَّنْقِيحِ قَرِيبَةٌ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ يُشْتَرَطُ لِطَهَارَةِ تِلْكَ الْأَرْضِ نَزْحُ الْبَوْلِ مِنْهَا أَمْ نُضُوبُهُ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ الْمَذْكُورِ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا شَرِبَتْ مَا تَنَجَّسَتْ بِهِ لَابُدَّ مِنْ زَوَالِ عَيْنِهِ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ كَانَ فِي إنَاءٍ. اهـ. فَهَلْ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فَإِنْ قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَمَا الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ، وَمَا حُكْمُ الْبَوْلِ وَالْمَاءِ الْمُخْتَلِطَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ هَلْ هُمَا طَاهِرَانِ كَالْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ نَجِسَانِ لِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ فَلَوْ كُوثِرَ بِإِيرَادِ طَهُورٍ فَلَمْ يَبْلُغْهُمَا لَمْ يَطْهُرْ، وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ بَوْلَ كَلْبٍ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ بَوْلِ الْإِنْسَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى طَهَارَةِ الْأَرْضِ، أَوْ حُكْمَ الْمَاءِ وَالْبَوْلِ الْمُخْتَلِطَيْنِ أَوْ يُصَبُّ عَلَيْهَا سَبْعُ دَفَعَاتٍ مِنْ الْمَاءِ بِحَيْثُ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الْبَوْلِ أَوْ لَابُدَّ مِنْ نَزْحِ الْبَوْلِ أَوْ نَزْحِ مَا غَسَلَهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَلَوْ تَنَجَّسَتْ مِعْجَنَةٌ بِنَجَاسَةِ آدَمِيِّ أَوْ كَلْبِيَّةٍ هَلْ يَكُونُ حُكْمُهَا فِي التَّطْهِيرِ كَحُكْمِ الْأَرْضِ أَوْ الْإِنَاءِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَطْهُرُ الْأَرْضُ بِذَلِكَ وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِيهِ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالتَّحْقِيقِ وَغَيْرِهَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا مَا يَزِيدُ بِهِ وَزْنُ الْغُسَالَةِ بَعْدَ انْفِصَالِهَا عَنْ الْأَرْضِ وَلِهَذَا عَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ: وَلَهُ وَإِنْ صَبَّ عَلَى مَوْضِعِ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ مِنْ أَرْضٍ مَا غَمَرَهُ طُهْرٌ وَلَوْ لَمْ يَنْصَبَّ. اهـ. وَحُكْمُ بَوْلِ الْكَلْبِ بَعْدَ التَّسْبِيعِ وَكَذَا التَّرْتِيبُ إنْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ تُرَابِيَّةً كَحُكْمِ بَوْلِ غَيْرِهِ، وَمَتَى انْفَصَلَتْ الْغُسَالَةُ مُتَغَيِّرَةً أَوْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ لَمْ يُحْكَمْ بِطَهَارَتِهَا، وَلَا طَهَارَةُ الْأَرْضِ فَالْمَاءُ وَالْبَوْلُ الْمُخْتَلِطَانِ بَاقِيَانِ عَلَى النَّجَاسَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ بِلَا تَغَيُّرٍ وَحُكْمُ تَطْهِيرِ الْمِعْجَنَةِ كَحُكْمِ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ حُكْمَ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ وَالْإِنَاءِ وَاحِدٌ.
(سُئِلَ) عَمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ عَمَلِ الْجُبْنِ بِإِنْفَحَةِ الْحَيَوَانِ الْمُتَغَذِّي بِغَيْرِ اللَّبَنِ هَلْ يُعْفِي عَنْ ذَلِكَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ؛ إذْ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وَقَدْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِالْعَفْوِ عَنْ النَّجَاسَةِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ الْمَشَقَّةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ.
(سُئِلَ) عَنْ مَرَارَةِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ الْمُذَكَّى هَلْ هِيَ طَاهِرَةٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا يَسْتَحِيلُ فِي الْبَاطِنِ كَالدَّمِ؛ إذْ هِيَ مَا فِي الْمَرَارَةِ مِنْ الْمَائِعِ، وَأَمَّا الْمَرَارَةُ فَطَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا مَأْكُولَةٌ لِكَوْنِهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِنُهَا مُتَنَجِّسًا.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا لَمْ تَزُلْ النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ الْكَلْبِيَّةُ إلَّا بِسِتِّ غَسَلَاتٍ هَلْ تُحْسَبُ وَاحِدَةً أَوْ سِتًّا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تُحْسَبُ تِلْكَ الْغَسَلَاتُ وَاحِدَةً عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مُزِيلَ عَيْنِ النَّجَاسَةِ يُعَدُّ غَسْلَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْغَسْلُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ أَلْقَى تُرَابًا طَهُورًا فِي قُلَّتَيْنِ مِنْ الْمَاءِ إلَى أَنْ كَدَّرَهُ ثُمَّ إنَّهُ غَمَسَ عُضْوَهُ الْمُتَنَجِّسَ نَجَاسَةً كَلْبِيَّةً فِيهِ حَالَ كُدْرَتِهِ هَلْ يَطْهُرُ وَإِذَا رَسَبَ فِي الْمَاءِ، وَاسْتَخْرَجَهُ إنْسَانٌ هَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ أَيْضًا فِي نَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ، وَهَلْ إذَا جَفَّ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا غَمَسَهُ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ طَهُرَ عُضْوُهُ الْمَذْكُورُ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التُّرَابِ الْمَمْزُوجِ بِالْمَاءِ كَوْنُهُ طَهُورًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ سلار شَيْخُ النَّوَوِيِّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ كَوْنَهُ مِمَّا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَالتُّرَابُ الْمَذْكُورُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْخَبَثِ فَهُوَ طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ لَبَنِ الثَّوْرِ هَلْ هُوَ نَجِسٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ طَهَارَةُ لَبَنِ الثَّوْرِ؛ لِأَنَّهُ لَبَنُ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ لَحْمُهُ.
(سُئِلَ) عَنْ الْحَصَاةِ الَّتِي تَخْرُجُ مَعَ الْبَوْلِ لِمَرَضٍ أَوْ بِغَيْرِ بَوْلٍ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ تَكُونُ طَاهِرَةَ الْعَيْنِ أَوْ نَجِسَةَ الْعَيْنِ فَإِذَا قُلْتُمْ بِطَهَارَتِهَا كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الْأَحْدَاثِ: وَأَمَّا قَوْلُهُ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الطَّاهِرِ الْمَنِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ الدُّودُ وَالْحَصَى، وَسَائِرُ مَا هُوَ طَاهِرُ الْعَيْنِ هَذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَتَعَصَّبَ مُتَعَصِّبٌ وَقَالَ: إنَّ الْحَصَاةَ الْمَذْكُورَةَ نَجِسَةُ الْعَيْنِ، وَإِنَّهَا تُخْلَقُ مِنْ الْبَوْلِ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْأَطِبَّاءِ فَقِيلَ لَهُ: الْأَطِبَّاءُ لَا يَعْلَمُونَ كَيْفَ خُلِقَتْ الْحَصَاةُ فِي الْبَاطِنِ، وَلَا مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خُلِقَتْ مِنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَنْ خُلِقَتْ مِنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَنْ أَخْبَرَ بِنَجَاسَةِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ، وَكَيْفِيَّةُ التَّخْلِيقِ وَالتَّكْوِينِ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فَلَا يُقَاوِمُ قَوْلُهُمْ الْحُجَّةَ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي نَصَّتْ عَلَى طَهَارَةِ عَيْنِهَا بِحُجَّتِهِمْ الْوَاهِيَةِ الَّتِي لَا يَعْلَمُونَ حَقِيقَتَهَا فَهَلْ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ وَتَصِيرُ الْحَصَاةُ الْمَذْكُورَةُ الْمَحْكُومُ بِطَهَارَتِهَا نَجِسَةَ الْعَيْنِ بِقَوْلِهِمْ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَصَاةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهَا جَامِدَةٌ الطَّهَارَةُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الطَّهَارَةُ إلَّا مَا اسْتَثْنَى، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ فَإِنْ أَخْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ مَنْ يَقْبَلُ خَبَرَهُ بِأَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ مِنْ الْبَوْلِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا عَمَلًا بِخَبَرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ التَّنْجِيسُ وَالْإِخْبَارُ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ الدِّينِ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْمُخْبِرِ كَإِخْبَارِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا فِي الْوَصَايَا وَغَيْرِهَا بِقَبُولِ خَبَرِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي كَوْنِ الْمَرَضِ مَخُوفًا، وَإِنْ كَانَ بَاطِنًا، وَقَدْ قَالَ الْبَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَمَّا الْخَرَزَةُ الَّتِي تُوجَدُ دَاخِلَ الْمَرَارَةِ، وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْأَدْوِيَةِ فَيَنْبَغِي نَجَاسَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَنَجَّسَتْ مِنْ النَّجَاسَةِ فَأَشْبَهَتْ الْمَاءَ النَّجِسَ إذَا انْعَقَدَ مِلْحًا. اهـ.
وَقَالَ الْكَمَال الدَّمِيرِيُّ وَالْمِرَّةُ الصَّفْرَاءُ نَجِسَةٌ وَمَا فِيهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خَرَزَتِهَا الصَّفْرَاءِ الَّتِي تُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأَبْقَارِ.
(سُئِلَ) عَنْ نَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَلَهَا جُرْمٌ تُرِّبَتْ وَهِيَ عَلَى مَحَلٍّ ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ وَمُزِجَ بِهَا فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَوْ لَابُدَّ مِنْ التَّتْرِيبِ بَعْدَ إزَالَةِ جُرْمِهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ تَتْرِيبِهَا بَعْدَ إزَالَةِ جُرْمِهَا.
(سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ كَلْبِيَّةٌ فَتُرِّبَ وَغُسِّلَ سَبْعًا وَجُعِلَ التُّرَابُ فِي غَيْرِ السَّابِعَةِ ثُمَّ انْتَقَلَ رَشَاشٌ مِنْ السَّابِعَةِ مِنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ هَلْ يَجِبُ تَتْرِيبُهُ، وَتَسْبِيعُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ تَتْرِيبُهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَحَلِّ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مِنْ رَشَاشِ السَّابِعَةِ لِانْتِقَالِهِ بَعْدَ طُهْرِ الْمَحَلِّ.
(سُئِلَ) عَنْ الْخَمْرَةِ إذَا غُلِيَتْ بِالنَّارِ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ هَلْ تَطْهُرُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَطْهُرُ بِتَخَلُّلِهَا.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وُضِعَ خَمْرٌ فِي دَنٍّ ثُمَّ نُزِعَ مِنْهُ وَلَمْ يُغْسَلْ الدَّنُّ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ خَمْرٌ آخَرُ وَلَمْ يَصِلْ إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ ثُمَّ ارْتَفَعَ بِالْغَلَيَانِ حَتَّى وَصَلَ إلَى مَوْضِعِ الْأَوَّلِ أَوْ زَادَ ثُمَّ تَخَلَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَطْهُرُ بَدَنُهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَطْهُرُ مَعَ دَنِّهَا.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَخْبَرَنَا شَخْصٌ أَنَّ هَذَا الْجِلْدَ جِلْدُ مَيْتَةٍ وَلَمْ نَدْرِ هَلْ دُبِغَ أَمْ لَا فَهَلْ نَحْكُمُ بِطَهَارَتِهِ أَوْ بِنَجَاسَتِهِ اسْتِصْحَابًا بِالْأَصْلِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ عَمَلًا بِخَبَرِ الثِّقَةِ وَبِالْأَصْلِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ عَنْ جِلْدٍ: إنَّهُ جِلْدٌ مَأْكُولٌ وَلَمْ نَدْرِ هَلْ مِنْ مُذَكَّاةٍ أَوْ مَيْتَةٍ وَلَمْ يُدْبَغْ مَا الْحُكْمُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَدْلُولَ خَبَرِ الثِّقَةِ أَنَّهُ جِلْدٌ مُذَكًّى؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُذَكَّ حَيَوَانُهُ لَا يَكُونُ إلَّا جِلْدَ غَيْرِ مَأْكُولٍ فَإِنْ أَرَادَ الْمُخْبِرُ أَنَّ حَيَوَانَهُ مِمَّا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ ذُكِّيَ أَمْ لَا لَا يَحْكُمُ بِطَهَارَتِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الذَّكَاةِ.
(سُئِلَ) عَنْ دُخَانِ الْعُودِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْبَخُورِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ نَجَاسَةِ مُحْتَرِقَةٍ إذَا لَاقَى ثَوْبًا رَطْبًا أَوْ جَافًّا هَلْ يُحْكَمُ بِتَنْجِيسِ ذَلِكَ الثَّوْبِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُنَجَّسُ الثَّوْبُ بِالدُّخَانِ الْمَذْكُورِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ دَبَغَ جِلْدَ الْمَيْتَةِ جَمِيعًا بِأَنْ عَمَّ الدِّبَاغُ جِلْدَهُ وَشَعْرَهُ هَلْ يَطْهُرُ الْجِلْدُ وَالشَّعْرُ أَمْ الْجِلْدُ فَقَطْ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا الْجِلْدُ دُونَ الشَّعْرِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مُغَلَّظَةٌ فَغَسَلَهَا سَبْعًا فَلَمْ تَزُلْ عَيْنُهَا إلَّا بِالثَّامِنَةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ تَرَّبَهَا فِي أَوَّلِ الْغَسَلَاتِ السِّتِّ فَهَلْ يَحْتَاجُ فِي بَقِيَّةِ الْغَسَلَاتِ إلَى تَتْرِيبٍ لِأَنَّ التَّتْرِيبَ وُجِدَ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ التَّتْرِيبِ بَعْدَ زَوَالِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ انْفَصَلَتْ غُسَالَةُ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ مُتَغَيِّرَةَ الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ وَأَصَابَتْ شَيْئًا آخَرَ يُغْسَلُ سَبْعَةً أَوْ بَقِيَّةَ الْغَسَلَاتِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُغْسَلُ الْمُصَابُ سَبْعًا.
(سُئِلَ) عَنْ كَيْفِيَّةِ غَسْلِ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ سَبْعًا وَمَا الْمُرَادُ بِالْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ هَلْ هِيَ الَّتِي خُلِقَ فِيهَا التُّرَابُ كَأَرْضِ الْمَزَارِعِ أَوْ مَتَى وُجِدَ التُّرَابُ عَلَى أَرْضٍ سُمِّيَتْ تُرَابِيَّةً، وَلَوْ عَلَى جَبَلٍ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ غَسْلَ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ كَغَيْرِهَا مَا عَدَا التَّتْرِيبِ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا فِيهَا تُرَابٌ.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا غَسَلَ الثَّوْبَ مَثَلًا مِنْ نَجَاسَةٍ عَيْنِيَّةٍ أَوْ حُكْمِيَّةٍ وَبِهِ دَمُ بَرَاغِيثَ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ، وَلَمْ يَزُلْ لَوْنُهُ بِالْغَسْلِ مَعَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ فَهَلْ تَجِبُ إزَالَتُهُ وَلَوْ بِالْقَرْضِ وَالصَّابُونِ أَمْ يُعْفَى عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمَا ذُكِرَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الثَّوْبِ مَعَ بَقَاءِ لَوْنِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ لِعُسْرِ إزَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَثُرَ الْعَفْوُ عَنْهُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا كَانَ فِي إنَاءٍ خَمْرٌ فَأُدْخِلَ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى ارْتَفَعَتْ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ فَهَلْ يَطْهُرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ لَا إلَّا إذَا صُبَّ عَلَيْهَا خَمْرٌ، وَارْتَفَعَتْ إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْجَفَافِ كَمَا حُكِيَ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَوْ بَعْدَ الْجَفَافِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ، وَهَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ الْبَغَوِيِّ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ فِي إنَاءٍ خَمْرٌ فَأُرِيقَتْ مِنْهُ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ خَمْرٌ آخَرُ قَبْلَ غَسْلِهِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى آخَرَ طَاهِرٍ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ فِيهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا أَوْ لَا لِمُلَاقَاتِهَا الْمَحَلَّ الْمُتَنَجِّسَ بِالْخَمْرِ فِي الْإِنَاءِ الْأَوَّلِ وَهَلْ يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَ مَا إذَا صُبَّ قَبْلَ الْجَفَافِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَا وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ فِي مَلِيبَارَ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِتَنْجِيسِهَا إنْ صَبَّ بَعْدَ الْجَفَافِ قَالَ: وَنَظِيرُهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا لَوْ أُدْخِلَ فِي الْخَمْرِ شَيْءٌ فَارْتَفَعَتْ بِسَبَبِهِ ثُمَّ أُخْرِجَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَنَزَلَتْ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَوَّلًا قَالَ وَذَلِكَ لِكَوْنِهَا مُتَّصِلَةً حَالَ صَبِّهَا بِنَجِسٍ جَافٍّ لَا ضَرُورَةَ إلَى اغْتِفَارِهِ خَالَطَهَا وَلَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهَا فَإِنَّ مَا خَالَطَ الْمَائِعَ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ أَبَدًا، وَأَفْتَى آخَرُ بِطَهَارَتِهَا لِعَدَمِ الْمُنَجِّسِ لَهَا بِنَقْلِهَا إلَى إنَاءٍ آخَرَ، وَقَالَ: إنَّمَا النَّظَرُ فِي الْمُتَنَجِّسِ بِاتِّصَالِهَا بِالْخَمْرِ الْجَافِّ وَالطَّهَارَةُ حَالَ الْخَلِّيَّةِ لَا فِي حَالِ الْخَمْرِيَّةِ، وَلَا يَضُرُّ مُلَاقَاةُ الْخَمْرِ الْجَافِّ لِلْخَمْرِ وَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ كَمَا لَوْ أُلْقِيَ فِي الْخَمْرِ مُتَنَجِّسٌ بِغَيْرِهَا ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهَا قَبْلَ التَّخَلُّلِ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ؟ أَوْ كَمَا لَوْ أُلْقِيَ فِيهَا عَيْنٌ طَاهِرَةٌ ثُمَّ أُزِيلَتْ عَنْهَا ثُمَّ تَخَلَّلَتْ؟، وَقَدْ رَأَيْنَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي مَا يُفْهَمُ مِنْهُ طَهَارَةُ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ طَهَارَةِ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ: وَيَتْبَعُهَا فِي الطَّهَارَةِ دَنُّهَا لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ عَلَتْ إلَى رَأْسِهَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، والإيلاقي بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ وَقَافٍ وَأَقَرَّاهُ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فَلَوْ تَنَجَّسَ مُرْتَفَعُهَا بِفِعْلٍ لَا يَطْهُرُ الْمُرْتَفِعُ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ.
وَكَذَا الْخَمْرُ إذَا تَخَلَّلَتْ لِاتِّصَالِهَا بِالْمُتَنَجِّسِ نَعَمْ لَوْ نَقَلَهَا قَبْلَ تَخَلُّلِهَا إلَى آخَرَ طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ فِيهِ وِفَاقًا لِعَدَمِ الْمُنَجِّسِ لَهَا، وَلَوْ غَمَرَهُ بِخَمْرٍ أُخْرَى قَالَ الْبَغَوِيّ: تَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ فَإِنَّ أَجْزَاءَ الدَّنِّ الْمُلَاقِيَةِ لِلْخَلِّ لَا خِلَافَ فِي طَهَارَتِهَا تَبَعًا لَهُ، وَوَافَقَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا أَنَّ الْبَغَوِيَّ قَيَّدَ التَّخَمُّرَ بِمَا قَبْلَ الْجَفَافِ، وَهُمْ أَطْلَقُوا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ لَا يَطْهُرُ مُطْلَقًا لِاتِّصَالِهَا بِنَجِسٍ لَا ضَرُورَةَ إلَى اغْتِفَارِهِ إلَى هُنَا آخِرُ مَا رَأَيْنَا مَنْقُولًا، وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ مِنْ الْخَادِمِ فَهَلْ هُوَ لَفْظُ الْخَادِمِ أَوْ حَاصِلُ مَا فِيهِ بِاخْتِصَارٍ وَتَغْيِيرٍ لِلَفْظِهِ أَوْ لَفْظِ غَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ وَكَيْفَ أَمْرُ هَذَا النَّقْلَ، وَهَلْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ نَقَلَهَا إلَخْ أَنَّ الدَّنَّ كَانَ مُتَنَجِّسًا بِالْخَمْرِ أَوْ لَا فَيُوَافِقُ كَلَامَ الْأَنْوَارِ وَلَوْ نُقِلَتْ مِنْ دَنٍّ إلَى آخَرَ إلَخْ وَهَلْ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَطْلَبِ ثَابِتٌ فِيهِمَا أَوْ لَا وَهَلْ الْمُرَادُ بِالِاتِّصَالِ الِاتِّصَالُ بِمَا فَوْقَهَا مِمَّا جَفَّ مِنْ الْخَمْرِ أَوْ يَشْمَلُهُ وَمَا كَانَ دَاخِلًا فِي مَوْضِعِ الْخَمْرِ مِنْ الدَّنِّ؟ وَكَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ فَبَيِّنُوا لَنَا أَمْرَهُ بَيَانًا شَافِيًا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا أَفْتَى بِهِ الثَّانِي مِنْ طَهَارَتِهَا لَمَّا عَلَّلَ بِهِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرَ مَا لَوْ أُلْقِيَ فِي الْخَمْرِ مُتَنَجِّسٌ بِغَيْرِهَا ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهَا قَبْلَ التَّخَلُّلِ لِتَنَجُّسِهِ فِي هَذِهِ بِنَجَاسَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا مَا لَوْ أُلْقِيَتْ فِيهَا عَيْنٌ طَاهِرَةٌ ثُمَّ أُزِيلَتْ عَنْهَا ثُمَّ تَخَلَّلَتْ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْخَادِمِ صَحِيحٌ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: لَوْ نَقَلَهَا إلَخْ مَا لَوْ كَانَ دَنُّ خَمْرٍ قَبْلَ غَسْلِهِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ وَالْمَطَالِبِ ثَابِتٌ فِيهِمَا وَلَيْسَ لِلْكِفَايَةِ لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِيمَا عَلِمْتُهُ شَرْحٌ فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِ بَيَانِيَّةٌ وَالِاتِّصَالُ شَامِلٌ لِكُلِّ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْحَافِظِ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي حَدِيثِ: «أَخْذِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النُّخَامَةَ فِي طَرَفِ رِدَائِهِ ثُمَّ رَدِّ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ» قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ: هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَمِ أَوْ يَنْزِلُ مِنْ الرَّأْسِ أَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّدْرِ فَهُوَ نَجِسٌ فَلَا يُدْفَنُ فِي الْمَسْجِدِ. اهـ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا عَلَى اخْتِيَارِهِ لَكِنْ يَظْهَرُ التَّفْصِيلُ فِيمَا إذَا كَانَ طَرَفًا مِنْ قَيْءٍ، وَكَذَا إذَا خَالَطَ الْبُزَاقَ الدَّمُ هَلْ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ هُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ مَا قَالَهُ الْحَافِظُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا أَمَّا فِي قَوْلِ الْقَفَّالِ أَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّدْرِ فَهُوَ نَجِسٌ فَظَاهِرٌ أَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ لَا يُخَالِفُ فِي نَجَاسَتِهِ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ يُعْرَفُ بِصُفْرَتِهِ وَنَتْنِهِ، وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَمِ أَوْ يَنْزِلُ مِنْ الرَّأْسِ فَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا فَإِنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ لَا يُخَالِفُ فِي طَهَارَتِهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَالْقَفَّالُ لَا يُخَالِفُ فِي تَنَجُّسِهِ بِحَسْبِ مَا عَرَضَ لَهُ مِنْ اتِّصَالِهِ بِطَرَفٍ مِنْ قَيْءٍ وَاخْتِلَاطِ الْبُزَاقِ بِالدَّمِ.