فصل: كِتَابُ الْحَجِّ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



.بَابُ الِاعْتِكَافِ:

(سُئِلَ) مَا الْمُرَادُ بِرَحْبَةِ الْمَسْجِدِ الَّتِي قَالُوا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا كَانَ خَارِجَهُ مُجْهَرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَإِنْ خَالَفَ فِيهَا ابْنُ الصَّلَاحِ حَيْثُ قَالَ إنَّهَا صَحْنُهُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ خَرَجَ مِنْ اعْتِكَافِهِ الْمُطْلَقِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ بَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى الْعَوْدِ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ أَوْ لَا وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهَا وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ.
(سُئِلَ) عَنْ الْمُرَادِ بِسِقَايَةِ الْمَسْجِدِ فِي هَذَا الْبَابِ هَلْ الْمُرَادُ بِهَا طَهَارَةُ الْمَسْجِدِ أَوْ الْفَسَاقِي الَّتِي تَعْمَلُ فِي دَاخِلِ بَعْضِ الْمَسَاجِدِ.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَقِيقَةَ السِّقَايَةِ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِشُرْبِ النَّاسِ مِنْهُ.

.كِتَابُ الْحَجِّ:

(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ صَحَّ حَجُّهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِغَيْرِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» هَلْ هُوَ مُصِيبٌ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ وَخَرْقُهُ حَرَامٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ أَرْكَانَ الْحَجِّ خَمْسَةٌ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ أَجْمَعَ عَلَيْهَا الْأَئِمَّةُ وَهِيَ الْإِحْرَامُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالرَّابِعُ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَّا وَالْمَرْوَةِ وَخَالَفَ فِيهِ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْخَامِسُ الْحَلْقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» فَصَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مُعْظَمُ الْحَجِّ عَرَفَةَ فَهُوَ مَجَازٌ مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} أَيْ أَنَامِلَهُمْ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ فَهَلْ لِوَالِدَيْهِ مَنْعُهُ عَنْ الْحَجِّ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ وَأَيْضًا إذَا مَاتَ وَالِدَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَهُمَا غَيْرُ مُسْتَطِيعَيْنِ فَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الْحَجَّ لَهُمَا بِالتَّبَرُّعِ فَهَلْ يَصِحُّ إحْرَامُهُ لَهُمَا بِذَلِكَ وَيَسْقُطُ عَنْهُمَا بِذَلِكَ فَرْضُ الْحَجِّ أَوْ لَا يَصِحُّ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إذَا تَكَلَّفَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ وَيَصِحُّ إحْرَامُهُ لَهُمَا بِذَلِكَ وَيَسْقُطُ عَنْهُمَا بِهِ فَرْضُ الْحَجِّ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ مَعَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِبَنْدَرِ جُدَّةَ شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَهَلْ يُبَاحُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ لِتَحِلَّ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ بِجُدَّةِ أَمْ لَا تُبَاحُ لَهُ الْمُجَاوَزَةُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ بَلَغَ مِيقَاتًا مُرِيدًا نُسُكًا لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَإِنْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ بِبَنْدَرٍ بَعْدَ الْمِيقَاتِ شَهْرًا مَثَلًا لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْإِقَامَةَ بِالْبَنْدَرِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْحَجِّ: «خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» هَلْ الْمُرَادُ بِهِ غُفْرَانُ كُلِّ الذُّنُوبِ حَتَّى التَّبَعَاتِ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ أَفْتُونَا فِي ذَلِكَ بِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ مَعْزُوَّةً وَهَلْ مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ غُفْرَانُ الذُّنُوبِ صَغَائِرُهَا وَكَبَائِرُهَا حَتَّى التَّبَعَاتِ فَفِي خَبَرٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَزَّارُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «وَأَمَّا وُقُوفُك عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَهْبِطُ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمْ كَعَدَدِ الرَّمْلِ أَوْ كَقَطْرِ الْمَطَرِ أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتهَا أَفِيضُوا مَغْفُورًا لَكُمْ وَأَمَّا رَمْيُك الْجِمَارَ فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاةٍ رَمَيْتهَا تَكْفِيرُ كَبِيرَةٍ مِنْ الْمُوبِقَاتِ.
وَأَمَّا طَوَافُك بِالْبَيْتِ فَأَنْ تَطُوفَ وَلَا ذَنْبَ عَلَيْك يَأْتِي مَلَكٌ فَيَضَعُ يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْك فَيَقُولُ اعْمَلْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَقَدْ غُفِرَ لَك فِيمَا مَضَى»
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ بِلَفْظٍ: «وَأَمَّا وُقُوفُك بِعَرَفَةَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِمَلَائِكَتِهِ يَا مَلَائِكَتِي مَا جَاءَ بِعِبَادِي قَالُوا جَاءُوك يَلْتَمِسُونَ رِضْوَانَك وَالْجَنَّةَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنِّي أُشْهِدُ نَفْسِي وَخَلْقِي أَنِّي قَدْ غَفَرْت لَهُمْ وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمْ عَدَدَ أَيَّامِ الدَّهْرِ وَعَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ» وَرَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْأَصْبَهَانِيُّ بِلَفْظِ: «وَأَمَّا وُقُوفُك بِعَرَفَاتٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَطَّلِعُ عَلَى أَهْلِ عَرَفَاتٍ فَيَقُولُ عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا أَتَوْنِي مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فَيُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ فَلَوْ كَانَ عَلَيْك مِنْ الذُّنُوبِ مِثْلُ رَمْلِ عَالِجٍ وَنُجُومِ السَّمَاءِ وَقَطْرِ الْبَحْرِ وَالْمَطَرِ لَغَفَرَ اللَّهُ لَك» وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمَامِينِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ تُغْفَرُ الصَّغَائِرُ وَالْكَبَائِرُ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ وَقَوْلُهُ: «رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ أَيْ بِغَيْرِ ذَنْبٍ» وَظَاهِرُهُ غُفْرَانُ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ وَالتَّبَعَاتِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الشَّوَاهِدِ لِحَدِيثِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْمُصَرِّحِ بِذَلِكَ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ. اهـ. وَحَدِيثُ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ أَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
وَفِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ لِأُمَّتِهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ فَأَكْثَرَ الدُّعَاءَ فَأَجَابَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ قَدْ فَعَلْت وَغَفَرْت لِأُمَّتِك إلَّا مَنْ ظَلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَالَ يَا رَبِّ إنَّك قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ وَتُثِيبَ الْمَظْلُومَ خَيْرًا مِنْ مَظْلِمَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ دَعَاهُ غَدَاةَ الْمُزْدَلِفَةِ فَعَادَ يَدْعُو لِأُمَّتِهِ فَلَمْ يَلْبَثْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَبَسَّمَ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ضَحِكْت فِي سَاعَةٍ لَمْ تَكُنْ تَضْحَكُ فِيهَا فَمَا أَضْحَكَك أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّك قَالَ تَبَسَّمْت مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ إبْلِيسَ حِينَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ اسْتَجَابَ لِي فِي أُمَّتِي وَغَفَرَ الْمَظَالِمَ أَهْوَى يَدْعُو بِالثُّبُورِ وَالْوَيْلِ وَيَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ فَتَبَسَّمْت مِمَّا يَصْنَعُ مِنْ جَزَعِهِ» وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَفِيهِ: «إنَّك قَادِرٌ أَنْ تُثِيبَ الْمَظْلُومَ وَتَغْفِرَ لِهَذَا الظَّالِمِ فَأَجَابَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ قَدْ فَعَلْت» وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ صَالِحٌ عِنْدَهُ وَأَخْرَجَهُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَارَةِ مِمَّا لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طُرُقٍ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا الْحَدِيثُ لَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الْبَعْثِ. اهـ. وَجَاءَ أَيْضًا عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدٍ جَدِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَإِنْ قُلْت هَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الذُّنُوبِ قُلْت هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ مَظَالِمَ النَّاسِ تَحْتَاجُ إلَى اسْتِرْضَاءِ الْخُصُومِ. اهـ. وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ بِمَعْنَى أَنَّ حُقُوقَ النَّاسِ لَا تَسْقُطُ بِهِ بَلْ يُعَوِّضُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْجَنَّةِ وَقَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي فَتَاوِيه ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَغْفِرُ لَهُ بِذَلِكَ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ لَكِنْ الْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْكَبَائِرِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْآدَمِيِّ. اهـ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ إطْلَاقِ غُفْرَانِ الذُّنُوبِ جَمِيعِهَا عَلَى فِعْلِ بَعْضِ الطَّاعَاتِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ كَحَدِيثِ الْوُضُوءِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وَحَدِيثُ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، «وَمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، «وَمَنْ حَجَّ وَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» وَنَحْوُهُ فَحَمَلُوهُ عَلَى الصَّغَائِرِ فَإِنَّ الْكَبَائِرَ لَا يَغْفِرُهَا غَيْرُ التَّوْبَةِ وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَقَالَ فَضْلُ اللَّهِ أَوْسَعُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَافِ فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» قَالَ يُغْفَرُ لَهُ جَمِيعُ ذُنُوبِهِ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ بَعْضِ الْمُعَاصِرِينَ لَهُ يُرِيدُ بِهِ أَبَا مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيَّ الْمُحَدِّثَ أَنَّ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ تُكَفِّرُهَا الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ قَالَ وَهُوَ جَهْلٌ بَيِّنٌ وَمُوَافَقَةٌ لِلْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمُوا لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ بِالتَّوْبَةِ مَعْنًى وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ وَالْفُرُوضُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بِقَصْدٍ.
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ». اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْمُكَفَّرَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الصَّغَائِرُ دُونَ الْكَبَائِرِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِيهَا مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْحَجِّ الْمَذْكُورِ لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ أَوْ أَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى مَجْمُوعِهَا فَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ تَكْفِيرِ الْحَجِّ الْمَذْكُورِ لِجَمِيعِ الذُّنُوبِ صَغَائِرِهَا وَكَبَائِرِهَا حَتَّى التَّبِعَاتِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ اُسْتُؤْجِرَ لِيَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ هَلْ لِأَبَوَيْهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَمْنَعَانِهِ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ أَمْ لَا.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ زَادَتْ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ عَلَى مُؤْنَةِ سَفَرِهِ فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ كَمَا لَا يَمْنَعَانِهِ مِنْ سَفَرِهِ لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا فَلَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا مَنْعُهُ.
(سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ لِمُصَلِّي الصُّبْحِ بِمَكَّةَ الْمُكْثُ ذَاكِرًا حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَمْ الطَّوَافُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ الطَّوَافُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ طَافَ وَبَعْضُ مَلْبُوسِهِ فَوْقَ الشَّاذَرْوَانِ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا.
(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ سَعَى مُعْتَرِضًا أَوْ مَشَى قَهْقَرَى أَوْ مَنْكُوسًا هَلْ يَصِحُّ؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ.
(سُئِلَ) هَلْ ضُبِطَ عَرْضُ الْمَسْعَى؟
(فَأَجَابَ) لَمْ أَرَ مَنْ ضَبَطَهُ وَسُكُوتُهُمْ عَنْهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ اسْتِيعَابُ الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ كُلَّ مَرَّةٍ بِأَنْ يُلْصِقَ عَقِبَهُ بِمَا يَذْهَبُ مِنْهُ وَرُءُوسَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ بِمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ وَالرَّاكِبُ يُلْصِقُ حَافِرَ دَابَّتِهِ.
(سُئِلَ) هَلْ تُسَنُّ النِّيَّةُ فِي السَّعْيِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسَنُّ بَلْ قِيلَ إنَّهَا شَرْطٌ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ هَلْ يَفُوتُ طَوَافُ الْقُدُومِ بِالتَّأْخِيرِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟
(فَأَجَابَ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا عَدَمُ فَوَاتِهِ بِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ وَلِذَا قَالُوا إنَّ مَنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ أَوْ وَجَدَ النَّاسَ فِي مَكْتُوبَةٍ أَوْ خَافَ فَوْتَ فَرِيضَةٍ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ قَدَّمَ ذَلِكَ عَلَى الطَّوَافِ بَلْ لَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فِي أَثْنَائِهِ قَدَّمَ الصَّلَاةَ وَيُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ الْجَمِيلَةِ أَوْ الشَّرِيفَةِ وَالْخُنْثَى تَأْخِيرُهُ إلَى اللَّيْلِ وَمَنْ لَهُ عُذْرٌ يَبْدَأُ بِإِزَالَتِهِ.
(سُئِلَ) هَلْ لَهُ أَنْ يَطُوفَ أُسْبُوعَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي النَّفْلِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُطْلَقَ النِّيَّةِ إنَّمَا يَكْفِي لِأُسْبُوعٍ وَاحِدٍ.
(سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ تَقْبِيلُ الْيَدِ عِنْدَ الْإِشَارَةِ إلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ يُسَنُّ.
(سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَمْ بَعْدَهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ سَارَ إلَى الْمَوْقِفِ وَاغْتَسَلَ لِلْوُقُوفِ وَأَقَامَ بِنَمِرَةَ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ خَطَبَ وَقَوْلُ ابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ وَلِلْوُقُوفِ فِي عَشِيِّ عَرَفَةَ لَا يُخَالِفُ هَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي عَشِيِّ عَرَفَةَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِلْوُقُوفِ.
(سُئِلَ) هَلْ تَمْتَدُّ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ لِمَنْ وَقَفَ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ غَلَطًا أَوْ يَكُونُ يَوْمُ النَّحْرِ فِي أَحْكَامِهِ هُوَ ثَانِي يَوْمِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَأَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي إنَّ وُقُوفَهُمْ فِي الْعَاشِرِ يَقَعُ أَدَاءً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا وَقَدْ قَالُوا لَيْسَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوَّلَ شَوَّالٍ مُطْلَقًا بَلْ يَوْمُ فِطْرِ النَّاسِ وَكَذَا يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ يُضَحِّي النَّاسُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ سَوَاءٌ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ لِخَبَرِ: «الْفِطْرِ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ وَعَرَفَةُ يَوْمَ يُعَرِّفُونَ.
لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَلْ يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَمْ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ وَفِي جَوَازِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ نَظَرٌ وَهَلْ يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْيَوْمِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَهَلْ يَفُوتُ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فِي الْيَوْمِ الزَّائِدِ هَلْ يَجُوزُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فِي الْعَاشِرِ هَلْ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِمْ يَوْمُ عَرَفَةَ أَوْ يَجُوزُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَوْمَ أُضْحِيَّةٍ ثُمَّ قَالَ رَأَيْت فِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ أَنَّهُمْ إذَا وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا حُسِبَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ وَإِنْ وَقَفُوا الثَّامِنَ وَذَبَحَ يَوْمَ التَّاسِعِ ثُمَّ بَانَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إعَادَةُ التَّضْحِيَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُقِيمُونَ بِمِنًى إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ خَاصَّةً.
(سُئِلَ) هَلْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي مَنَاسِكِهِ الْكُبْرَى وَلَوْ وَقَعَ الْغَلَطُ فِي الْوُقُوفِ فِي الْعَاشِرِ لِطَائِفَةٍ يَسِيرَةٍ لَا لِلْحَجِيجِ الْعَامِّ لَمْ يُجْزِئْهُمْ أَنَّهُ يُجْزِئُ جَمِيعَ الْحَجِيجِ وَإِنْ قَلَّ إذَا وَقَعَ الْغَلَطُ لِجَمِيعِهِمْ أَوْ لَابُدَّ مِنْ كَثْرَتِهِمْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وُقُوفُ الْحَجِيجِ فِي الْعَاشِرِ إلَّا إنْ كَثُرُوا عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ وَعِبَارَةُ الْمَنَاسِكِ الْمَذْكُورَةِ تُفِيدُ مَا ذَكَرْنَاهُ إذْ قَوْلُهُ لَا لِلْحَجِيجِ الْعَامِّ أَيْ الْكَثِيرِ فَهِيَ كَعِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَنْ نَفَرَ النَّفْرَ الْأَوَّلَ قَبْلَ رَمْيِ يَوْمِهِ ثُمَّ عَادَ عَدَمُ إجْزَائِهِ مُطْلَقًا أَمْ التَّفْصِيلُ فَيُجْزِئُهُ إنْ رَمَى قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِهِ وَإِلَّا فَلَا أَمْ يُجْزِئُهُ مَا لَمْ تَخْرُجْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ إجْزَاءُ رَمْيِهِ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِهِ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ قَبْلَ رَمْيِ يَوْمِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُهُ.
(سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فِيمَنْ تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ يَوْمَهُ انْصَرَفَ إلَى الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ.
(فَأَجَابَ) بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ.
(سُئِلَ) هَلْ يَنْعَقِدُ إحْرَامُ مَنْ قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا الْآنَ فَقَدْ أَحْرَمْت إحْرَامًا مُطْلَقًا أَمْ لَا يَنْعَقِدُ لِلتَّعْلِيقِ كَمَا لَوْ قَالُوا إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَذْكُورَ تَعْلِيقٌ لِأَصْلِ الْإِحْرَامِ فَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَهَذَا الْمُعَلَّقُ مُحْرِمًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت.
(سُئِلَ) هَلْ يُجْزِئُهُ الطَّوَافُ وَهُوَ مَطْرُوحٌ عَلَى بَطْنِهِ أَوْ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَالْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ طَوَافُهُ لَاسِيَّمَا إنْ كَانَ مَعْذُورًا وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ الْمُتَّجِهَ خِلَافُهُ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ عَلَى النَّائِبِ فِي الرَّمْيِ أَنْ يَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ أَوْ يَكْفِي أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةً عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَرْمِيَهَا عَنْ مُسْتَنِيبِهِ وَهَكَذَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ فَيَرْمِيَ عَنْهَا الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ ثُمَّ عَنْ مُسْتَنِيبِهِ بَعْدُ.
(سُئِلَ) هَلْ يَلْحَقُ بِالْحَائِضِ فِي تَرْكِ طَوَافِ الْوَدَاعِ مَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاحَةٌ كَمَا أَلْحَقُوهُ بِهَا فِي حُرْمَةِ عُبُورِهِ الْمَسْجِدَ وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ سُورِ مَكَّةَ أَوْ بَعْدَهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْحَائِضِ فِي حُكْمِهَا النُّفَسَاءُ وَالْمُسْتَحَاضَةُ إذَا نَفَرَتْ فِي يَوْمِ حَيْضِهَا وَنَحْوُهُمَا مِمَّنْ يَخْشَى تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ كَذِي الْجِرَاحَةِ النَّضَّاحَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي رَكْعَتِي الطَّوَافِ وَلَا تَفُوتَانِ إلَّا بِمَوْتِهِ هَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا مِنْ فَرْضٍ وَلَا غَيْرِهِ بَعْدَ طَوَافِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِهِمْ عَلَى مَا ذُكِرَ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بَعْدَ الْفَرِيضَةِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَوَى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لَيْلًا مَعَ سُنَّةٍ أُخْرَى كَسُنَّةِ الْعِشَاءِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ هَلْ يُسَنُّ لَهُ الْجَهْرُ مُرَاعَاةً لَهُمَا أَوْ السِّرُّ مُرَاعَاةً لِلسُّنَّةِ الْأُخْرَى؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُتَوَسَّطُ بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ مُرَاعَاةً لِلصَّلَاتَيْنِ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِي تَرْكِ حَصَاةٍ مِنْ حَصَى الْجِمَارِ كَمَا قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ الْمَدُّ إنْ اخْتَارَ الدَّمَ وَإِنْ اخْتَارَ الصَّوْمَ فَيَوْمٌ أَوْ الْإِطْعَامَ فَصَاعٌ قِيَاسًا عَلَى الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ أَوْ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الصَّوْمِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ طَوَافِ الْوَدَاعِ إذَا أَطَالَ بَعْدَهُ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اعْتَمَرَ شَخْصٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ، وَآخَرُ طَافَ كَذَلِكَ فَهَلْ مَا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ أَوْ مَا أَتَى بِهِ الثَّانِي حَتَّى قَالَ مَالِكٌ وَالْمُزَنِيُّ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَارُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثُمَّ عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إلَّا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ أَوْ عُمْرَةٌ مَبْرُورَةٌ» وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي» وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ قَالَ لَا يُعْتَمَرُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً خَالَفَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ أَعْمَرَ عَائِشَةَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّتَيْنِ وَاعْتَمَرَ ابْنُ عُمَرَ أَعْوَامًا مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ وَاسْتُحِبَّ لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَأْتِيَ عَلَيْهِ شَهْرٌ إلَّا اعْتَمَرَ فِيهِ وَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي الشَّهْرِ الْمَرَّتَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَ أَحْبَبْت لَهُ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) عَنْ خَبَرِ: «خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ أَيْ نُزُولَ الْوَحْيِ فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا». اهـ. فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَشْكَلَ عَلَيْنَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُنَاسِبَ الْعَكْسُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ فِيهِ ظَاهِرَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْحَجَّ أَكْمَلُ النُّسُكَيْنِ وَمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ تَقَرُّبًا أَكْمَلُ حَالًا مِمَّنْ لَمْ يَسُقْهُ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَكْمَلُ النُّسُكَيْنِ وَأَمَّا كَوْنُ ظَاهِرِ الْخَبَرِ أَنَّ الْإِهْدَاءَ يَمْنَعُ الِاعْتِمَارَ فَغَيْرُ مُرَادٍ إجْمَاعًا.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ الْمُكْثُ فِي مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي الْمُرُورُ كَوُقُوفِ عَرَفَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَظْهَرُ حُصُولُهُ بِالْحُضُورِ فِيهَا سَاعَةٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَنَصَّ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِسَاعَةٍ بَيْنَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يَكْفِي الْمُرُورُ كَعَرَفَةَ. اهـ. زَادَ فِي قُوَّتِهِ.
قَوْلُهُ: وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَالْمُرَادُ يَمْكُثُونَ فِي بُقْعَةٍ مِنْهَا عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ. اهـ. وَلَعَلَّهُ مُسْتَنَدُ شَيْخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ فَإِنَّهُ حَمَلَ الْمُكْثَ فِي كَلَامِهِمَا عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمُرُورَ بِتَجَوُّزٍ فَلَا مُخَالَفَةَ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَذَرَ الْحَجَّ فِي الْعَامِ الثَّالِثِ هَلْ لَهُ أَنْ يَحُجَّ فِي الثَّانِي تَطَوُّعًا أَوْ عَنْ غَيْرِهِ؟ قِيلَ نَعَمْ وَقَيْلَ لَهُ الْحَجُّ عَنْ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ مَا الْمُعْتَمَدُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا أَوَّلُهُمَا لِعَدَمِ دُخُولِ الْوَقْتِ الْمَنْذُورِ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلْأَجِيرِ إجَارَةً إذَا عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ لِلضَّرُورَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ حَاجٍّ تَرَكَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَجَاءَ إلَى مِصْرَ مَثَلًا ثُمَّ صَارَ مَعْضُوبًا بِشَرْطِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي هَذَا الطَّوَافِ أَوْ فِي غَيْرِهِ مِنْ رُكْنٍ أَوْ وَاجِبٍ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِنَابَةَ إذَا أَجْزَأَتْ فِي جَمِيعِ النُّسُكِ فَفِي بَعْضِهِ أَوْلَى لَا يُقَالُ النُّسُكُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا يُبْنَى فِيهِ فِعْلُ شَخْصٍ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَحِلَّهُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ عَلَى تَمَامِهِ وَأَمَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ فَيَبْنِي فَقَدْ قَالُوا إنَّ الْحَاجَّ لَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مَجْنُونًا وَقَعَ حَجُّهُ نَفْلًا وَاسْتُشْكِلَ بِوُقُوفِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ نَفْلًا بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَقَالُوا: إنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الْمَجْنُونِ ابْتِدَاءً فَفِي الدَّوَامِ أَوْلَى أَنْ يُتِمَّ حَجَّهُ وَيَقَعَ نَفْلًا بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَقَالُوا إنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ وَيَفْعَلُ مَا عَجَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْهُ فَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَمَّ النُّسُكُ النَّفَلُ بِالْإِنَابَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ بِتَرْكِ إتْمَامِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَقَالُوا إنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ وَقْتَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الِاسْتِنَابَةَ فِي الْحَجِّ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ فِي أَبْعَاضِهِ فَنَزَّلُوا فِعْلَ مَأْذُونِهِ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْوَاجِبِ الَّذِي يُجْبَرُ تَرْكُهُ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِدَمٍ فَكَيْفَ بِرُكْنِ النُّسُكِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إتْمَامُ نُسُكِ مَنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَجَّ الْأَجِيرُ عَنْ غَيْرِهِ ثُمَّ اعْتَمَرَ عَنْ غَيْرِهِ ثُمَّ حَجَّ لِنَفْسِهِ مِنْ مَكَّةَ لَزِمَهُ الدَّمُ لِأَنَّ إحْرَامَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَعَزَاهُ الْبَغَوِيّ إلَى الْقَدِيمِ وَزَادَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فَقَالَ وَكَذَا الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ يَعْنِ لَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ الدَّمُ مَا الْمُعْتَمَدُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ وُجُوبِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَحْرَمَ الْآفَاقِيُّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ فَقَرَنَ عَنْ عَامِهِ هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ أَمْ لَا كَمَا فِي تَجْرِيدِ الْمَحَامِلِيِّ عَنْ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُ دَمَيْنِ دَمٍ لِلتَّمَتُّعِ وَآخَرَ لِلْقِرَانِ.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَفْسَدَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ حَجَّهُ بِجِمَاعٍ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَيُنْفِقُ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ فِيهِ فَهَلْ يُعْطِيهِ نَفَقَةَ الْقَضَاءِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ مَا الْأَصَحُّ مِنْهُمَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ كَالْأَدَاءِ.
(سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ السَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّ لَنَا وَجْهًا قَائِلًا بِأَنَّ مَنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ تُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ.
(سُئِلَ) هَلْ الرِّدَّةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ تُبْطِلُ مِنْهُ مَا قَبْلَهَا أَوْ مَا بَعْدَهَا وَيَبْنِي فِيمَا إذَا كَانَ الطَّوَافُ بِغَيْرِ نُسُكٍ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحَدَثِ إذَا قُلْتُمْ بِبُطْلَانِهِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُضُوءِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرِّدَّةَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ لَا تُبْطِلُ مَا قَبْلَهَا فَقَدْ قَالُوا لَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ تَطَهَّرَ وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ إذْ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا كَكَثِيرِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ سَوَاءٌ أَطَالَ الْفَصْلُ أَمْ قَصُرَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِيهِ كَالْوُضُوءِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. اهـ. وَقَدْ قَالُوا إنَّ الرِّدَّةَ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ لَا تُبْطِلُ مَا فَعَلَهُ قَبْلَهَا.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَمْ تُحْسَبْ تِلْكَ الطَّوْفَةُ فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا لِلنِّيَّةِ أَوْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا لِلنِّيَّةِ حِينَ انْتِهَائِهِ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ طَوَافُ الرُّكْنِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ وَإِنَّمَا فِعْلُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَذَلِكَ لِحُرْمَةِ وَقْتِهَا وَالطَّوَافُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى ثُمَّ قَدَرَ عَلَى التَّيَمُّمِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَتِهِ.
(سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ زِيَارَتِهِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِهَا حِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ لِمُنَافَاتِهِ لِلْأَدَبِ بِحَضْرَتِهِ.
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَيَقِفُ نَاظِرًا إلَى أَسْفَلَ مَا يَسْتَقْبِلُهُ مِنْ جِدَارِ الْقَبْرِ غَاضَّ الْبَصَرِ فِي مَقَامِ الْهَيْبَةِ وَالْإِجْلَالِ فَارِغَ الْقَلْبِ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْيَا مُسْتَحْضِرًا فِي قَلْبِهِ جَلَالَةَ مَوْقِفِهِ وَمَنْزِلَةَ مَنْ هُوَ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بَلْ يَقْتَصِدُ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ. اهـ. وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي إيضَاحِهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَمُولِيُّ وَالنَّشَائِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ حُرْمَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتَوْقِيرَهُ وَتَعْظِيمَهُ لَازِمٌ كَمَا كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذِكْرِ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ وَسَمَاعِ اسْمِهِ وَسِيرَتِهِ وَقَالَ.
إبْرَاهِيمُ التُّجِيبِيُّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُؤْمِنٍ مَتَى ذَكَرَهُ أَوْ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَنْ يَخْضَعَ وَيَخْشَعَ وَيَتَوَقَّرَ وَيَسْكُنَ مِنْ حَرَكَتِهِ وَيَأْخُذَ فِي هَيْبَتِهِ وَإِجْلَالِهِ بِمَا كَانَ يَأْخُذُ بِهِ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَتَأَدَّبَ بِمَا أَدَّبَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَرْفَعْ صَوْتَك فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَدَّبَ قَوْمًا فَقَالَ: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الْآيَةَ وَمَدَحَ قَوْمًا فَقَالَ: {إنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ} الْآيَةَ وَذَمَّ قَوْمًا فَقَالَ: {إنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك} الْآيَةَ وَإِنَّ حُرْمَتَهُ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا فَاسْتَكَانَ لَهَا أَبُو جَعْفَرٍ. اهـ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَدْ كَرِهَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ حُرْمَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا.
(سُئِلَ) هَلْ حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ بَعْثَتِهِ غَيْرَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَوْ لَا وَهَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ حَجَّ قَبْلَ مَبْعَثِهِ أَوْ لَا وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ حَجَّ قَبْلَ بَعْثَتِهِ فَهَلْ كَانَ لِلْحَجِّ أَرْكَانٌ وَوَاجِبَاتٌ وَجُبْرَانُ وَمَحْظُورَاتٌ كَالْآنِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هِجْرَتِهِ لِلْمَدِينَةِ إلَّا حَجَّةَ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ قَبْلَ بَعْثَتِهِ وَحَجَّ قَبْلَ هِجْرَتِهِ وَلَمْ يَصِحَّ عَدَدُ حَجَّاتِهِ حِينَئِذٍ.
(سُئِلَ) هَلْ تَصِحُّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ أَرْبَعًا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَهَلْ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ الطَّوَافُ لِلْمُقِيمِ وَغَيْرِهِ أَوْ لَا وَيُصَلِّي الْمُقِيمُ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهَلْ لَهُ سَلَفٌ فِي ذَلِكَ أَوْ لَا وَهَلْ إذَا نُقِلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدِ إلَى رُكْنٍ آخَرَ هَلْ ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ وَالِاسْتِلَامِ لِمَحَلِّهِ أَوْ لَهُ وَكَذَا الْمَقَامُ هَلْ الصَّلَاةُ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِي كَوْنِهَا أَفْضَلَ خَلْفَهُ أَوْ خَلْفَ مَحَلِّهِ وَهَلْ إذَا كَانَتْ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ الطَّوَافَ وَصَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ هَلْ تَنْعَقِدُ أَوْ لَا؟ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَا سَبَبَ لَهَا وَهَلْ إذَا قَصَدَ النُّسُكَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَدَخَلَ مَكَّةَ بِهَذَا الْقَصْدِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ لِلدُّخُولِ أَوْ لَا وَمَا مَعْنَى قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ بَدَلٌ عَنْ الْغُسْلِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ؟
(فَأَجَابَ) فِي الْأُولَى بِأَنَّهُ يَصِحُّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ بِمَا ذَكَرَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِكُلِّ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ كَانَتْ أَوْ رَاتِبَةٍ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا قُلْنَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ سُنَّةٌ فَصَلَّى فَرِيضَةً بَعْدَ الطَّوَافِ أَجْزَأَتْهُ عَنْهُمَا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ وَالْمَذْهَبُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْحَابُ وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُ التَّحِيَّةِ مِائَةَ رَكْعَةٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَأَجَابَ فِي الثَّانِيَةِ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ تَحِيَّةَ الْبَيْتِ الطَّوَافُ فَشَمِلَ الْمُقِيمَ وَغَيْرَهُ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَا يَبْدَأُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا تَحَصَّلَ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الطَّوَافُ لِنَحْوِ زِحَامٍ صَلَّى التَّحِيَّةَ وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ لِمُقِيمٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ. اهـ.
فَكَلَامُهُ فِي الْمُقِيمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فِي أَنَّهُ يَكْثُرُ دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ وَلَا يَطُوفُ وَأَجَابَ فِي الثَّالِثَةِ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِيهَا بِمَحَلِّ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَجَابَ فِي الرَّابِعَةِ بِأَنَّهُ مَتَى طَافَ فِيهَا بِالْبَيْتِ ثُمَّ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَمْ تَنْعَقِدْ لِمَا ذُكِرَ وَأَجَابَ فِي الْخَامِسَةِ بِأَنَّ الدَّاخِلَ فِيهَا إلَى مَكَّةَ بِالْقَصْدِ الْمَذْكُورِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ عَلَى مُقَابِلِهِ وَأَجَابَ فِي السَّادِسَةِ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ فِيهَا أَنَّ الْوُضُوءَ بَدَلٌ عَنْ الْغُسْلِ إنَّ الْغُسْلَ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ هُوَ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا حُطَّ عَنْهُ إلَى الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ تَخْفِيفًا.
(سُئِلَ) عَمَّنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مَرِيدًا لِلنُّسُكِ بِلَا إحْرَامٍ هَلْ يَكْفِيه الْعَوْدُ إلَى مِثْلِ الْأَوَّلِ مَسَافَةً أَوْ لَا يَكْفِيه بَلْ لَابُدَّ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِيقَاتٍ مِثْلِهِ مَسَافَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَمَتِّعِ حَيْثُ كَفَاهُ الْعَوْدُ إلَى مَكَان مِثْلِ الْمِيقَاتِ مَسَافَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَكَانُ مِيقَاتًا بِأَنَّ هَذَا قَضَاءً لِمَا فَوَّتَهُ بِإِسَاءَتِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِيه فِي سُقُوطِ الدَّمِ عَنْهُ إلَّا الْعَوْدُ إلَى الْمِيقَاتِ الَّذِي هُوَ جَاوَزَهُ مَرِيدًا لِلنُّسُكِ أَوْ إلَى مِيقَاتٍ مِثْلِهِ مَسَافَةً هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَمَتِّعِ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَدَارُكِ رَمْيِ الْجِمَارِ فَيُتَدَارَكُ الْأَوَّلُ فِي الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ كَيْفَ يَكُونُ تَدَارُكُ الْأَوَّلِ فِي الثَّالِثِ مَعَ أَنَّهُ إذَا رَمَى فِي الثَّانِي وَلَمْ يَكُنْ رَمَى فِي الْأَوَّلِ وَقَعَ عَنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الرَّمْيُ الْوَاقِعُ فِي الثَّالِثِ عَنْ الثَّانِي لَا عَنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ قِيلَ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ الْمَذْكُورُ صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي فَهَلْ يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَكْرَارٌ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ الْأَوَّلَيْنِ فِي الثَّالِثِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ مَثَّلَ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ بِقَوْلِهِ فَيَتَدَارَكُ الْأَوَّلُ فِي الثَّانِي، أَوْ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فِي الثَّالِثِ وَمَثَّلَ لِقَوْلِهِ أَوْ يَوْمَيْنِ بِقَوْلِهِ أَوْ الْأَوَّلَيْنِ الثَّالِثِ. اهـ. فَمَثَّلَ لِقَوْلِهِ رَمْيُ يَوْمٍ بِمِثَالَيْنِ وَلِتَرْكِ يَوْمَيْنِ بِمِثَالٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُ السَّائِلِ مَعَ أَنَّهُ إذَا رَمَى إلَخْ مَمْنُوعٌ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْدَهُ أَنَّهُ يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمْيِ يَوْمٍ بِالتَّدَارُكِ.