فصل: بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



.بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ:

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَكَمَ عَلَى غَائِبٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَالَ الْحُكْمِ بِبَلَدِ الْحَاكِمِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَهُ عَلَى الْغَائِبِ نَافِذٌ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ لَهُ وَكِيلًا فِي بَلَدِ الْحَاكِمِ حَالَ الْحُكْمِ.
(سُئِلَ) عَنْ وَكِيلٍ أَثْبَتَ الْوَكَالَةَ عَنْ غَائِبٍ هَلْ يَحْلِفُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ أَمْ لَا، وَإِذَا ادَّعَى عَلَى حَاضِرٍ بِوَكَالَةِ غَائِبٍ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُثْبِتَ وَكَالَتَهُ بِحُضُورِ الْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ بِحَالٍ وَلَا بُدَّ فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ مِنْ خَصْمٍ يَدَّعِي فِي وَجْهِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ادَّعَى وَكِيلٌ عَلَى غَائِبٍ بِمَالٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَمُوَكِّلُهُ بِالْبَلَدِ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِلْمُوَكِّلِ قَبْلَ أَنْ يُحَلِّفَهُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ كَمَا تُفْهِمُهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَالْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَالْبَهْجَةِ أَمْ لَا كَمَا تُفْهِمُهُ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحَيْ الْبَهْجَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِلْمُوَكِّلِ الْحَاضِرِ قَبْلَ أَنْ يُحَلِّفَهُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ وَهَذَا مَجْزُومٌ بِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُ الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ مَحْمُولٌ عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ وَسَكَتُوا عَنْ تَصْوِيرِهِ بِذَلِكَ لِوُضُوحِهِ وَحِينَئِذٍ لَا تَخَالُفَ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ فَادَّعَى شَخْصٌ دَيْنًا عَلَيْهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَيَحْكُمُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْبَاقِينَ أَوْ لَابُدَّ مِنْ حُضُورِهِمْ حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ لَا وَلِيَّ لَهُ نَصَّبَ الْقَاضِي عَنْهُ شَخْصًا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَيَحْكُمُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ بَاقِيهِمْ لَكِنْ لَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَى غَيْرِ الْحَاضِرِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي غَيْرِ عَمَلِ الْحَاكِمِ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَيُكَاتَبَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي غَيْرِ عَمَلِ وِلَايَتِهِ إذَا كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَمْ لَا وَهَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ صُورَتَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ لِلْحَاجَةِ إلَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ كَالْغَائِبِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ لَهُ مَوْجُودٌ تَحْتَ يَدِ أَجْنَبِيٍّ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِهِ مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ وَغَيْبَتِهِ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ سَمَاعِهَا فَمَا مَعْنَى قَوْلِ السُّبْكِيّ لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالدَّائِنِ الْمُطَالَبَةُ بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ فَإِنْ غَابَ أَوْ كَانَ قَاصِرًا وَالْأَجْنَبِيُّ مُقِرٌّ بِهِ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْهُ وَيُحْمَلَ كَلَامُ السُّبْكِيّ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ غَائِبٍ عَلَى غَائِبٍ فَلَا تَحْلِيفَ أَوْ ادَّعَى عَلَى حَاضِرٍ فَقَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك أُمِرَ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ وَلَا يَنْظُرُ حُضُورَ الْمُوَكِّلِ هَلْ الْمُرَادُ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ فِيهِمَا الْغَيْبَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَوْ مُطْلَقُ الْغَيْبَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْبَةِ فِيهِمَا الْغَيْبَةُ الَّتِي يَسُوغُ الْحُكْمُ بِهَا عَلَى الْغَائِبِ بِأَنْ تَكُونَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ فِي غَيْرِ وِلَايَةِ ذَلِكَ الْحَاكِمِ إذْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ وَيَحْكُمَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَاهُ وَاضِحٌ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى غَيْبَتِهِ عَنْهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِلَا نَفَقَةٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ هَلْ يَتَوَقَّفُ حُكْمُهُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ إلَى حَلِفِهَا يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ بِأَنَّ نَفَقَتَهَا بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ مَا بَرِئَ مِنْ شَيْءٍ مِنْهَا بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ حُكْمُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُعْتَبَرَاتِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ مَحْكُومٌ بِهِ عَلَى غَائِبٍ وَلِلْغَائِبِ دَيْنٌ عَلَى حَاضِرٍ مُقِرٍّ بِهِ أَوْ ثَابِتٍ عَلَيْهِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِيُوَفِّيَهُ الْحَاكِمُ مِنْ دَيْنِ الْغَائِبِ أَوْ الدَّعْوَى عَلَى الْمَنْصُوبِ عَنْ الْغَائِبِ وَيَثْبُتُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْمَدِينَ الثَّانِيَ بِدَفْعِ مَا فِي ذِمَّتِهِ الْمُقَابِلِ لِلدَّيْنِ الْأَوَّلِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِرَبِّ الدَّيْنِ لِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ لِيُوَفِّيَهُ الْحَاكِمُ مِمَّا ثَبَتَ لِلْغَائِبِ عَلَى الْحَاضِرِ فَيُوَفِّيَهُ مِنْهُ وَقَدْ شَمَلَ هَذَا قَوْلَهُمْ: وَإِذَا ثَبَتَ دَيْنٌ عَلَى غَائِبٍ وَلَهُ مَالٌ وَفَّاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ لِصِدْقِ الْمَالِ بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَإِنَّمَا تَمْتَنِعُ الدَّعْوَى عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ عِنْدَ ثُبُوتِ مَالِ الْغَرِيمِ.
(سُئِلَ) عَنْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ تَجِبُ مُطْلَقًا فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَمْ يَخْتَصُّ وُجُوبُهَا بِالْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ وُجُوبُهَا بِالْمَالِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ عَنْ الْغَائِبِ عَقَارًا لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ أَمْ لَا كَمَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْقَاضِي عَنْ الْغَائِبِ عَقَارًا لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إذْ هُوَ فِيهِ كَالْمَعْزُولِ وَمَا عُزِيَ فِي السُّؤَالِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَمْ أَرَهُ فِيهِ.
(سُئِلَ) عَنْ غَائِبٍ لَهُ قَمْحٌ فِي حَاصِلِهِ وَغَلَا السِّعْرُ وَعُدِمَ الْقَمْحُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَهَلْ يُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِهِ إنْ حَضَرُوا وَامْتَنَعَ مِنْهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ اضْطَرَّ أَهْلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ إلَى الْقَمْحِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ فَاضِلًا عَنْ قُوتِ عِيَالِ مَالِكِهِ فِي سَنَتِهِمْ جَازَ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ، وَإِجْبَارُ مَالِكِهِ عَلَيْهِ إنْ حَضَرَ وَامْتَنَعَ مِنْهُ.
(سُئِلَ) هَلْ تَجِبُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُتَوَارِي أَوْ الْمُتَعَزِّزِ كَالْغَائِبِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ عَلَيْهِ كَالْمُدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ كَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُ الْعَزِيزِ، وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ الْوَجْهَيْنِ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ثُمَّ قَالَ: وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُتَمَرِّدِ؛ لِأَنَّهُ احْتِيَاطٌ لِلْقَضَاءِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ التَّمَرُّدُ وَقَالَ الْغَزِّيِّ الِاحْتِيَاطُ التَّحْلِيفُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الْهَارِبِ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَالْمُتَعَزِّزُ فِي الْبَلَدِ وَالْمُتَوَارِي كَالْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْقُ وَاضِحًا. اهـ.
وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِخِلَافِهِ فِي إرْشَادِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَمْشِيَتِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْحُضُورِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ.
(سُئِلَ) عَمَّا نُقِلَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَائِبِ بِإِسْقَاطِ حَقٍّ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته إيَّاهَا أَوْ أَبْرَأَنِي مِنْهَا مِنْهَا وَلِي بَيِّنَةٌ بِهِ وَلَا آمَنُ إنْ خَرَجْت أَنْ يُطَالِبَنِي وَيَجْحَدَ الْقَبْضَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَاسْمَعْ بَيِّنَتِي وَاكْتُبْ بِذَلِكَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لَمْ يُجِبْهُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَالْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ إلَّا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِالْحَقِّ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَطَرِيقُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ إنْسَانٌ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ أَحَالَهُ بِهِ فَيَعْتَرِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ لِرَبِّهِ وَيَدَّعِيَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَالْبَيِّنَةُ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا وَهَلْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ التَّوَصُّلُ إلَى إثْبَاتِ الْحُقُوقِ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ عَدَمِ السَّمَاعِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَإِنْ حَكَى الْإِصْطَخْرِيُّ وَجْهًا بِالسَّمَاعِ وَاقْتَضَى كَلَامُ التَّتِمَّةِ الْجَزْمَ بِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مُعْتَمَدٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَنَقَلَهُ الْغَزِّيُّ فِي كِتَابِهِ أَدَبِ الْقَضَاءِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ تَعْلِيلِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى عِنْدَ قَاضٍ عَلَى غَائِبٍ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ هَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ كَمَا يُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى.
(سُئِلَ) هَلْ يَسُوغُ لِقَاضِي الشَّرْعِ أَنْ يَأْذَنَ لِقَاصِدِهِ أَنْ كُلُّ خَصْمٍ طَلَبَ خَصْمًا لِلشَّرْعِ يُحْضِرُهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ صَاحِبِ الدَّعْوَى أَمْرَهُ إلَى الْقَاضِي الْمَذْكُورِ، وَإِذَا قُلْتُمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتَرَتَّبَتْ مَفْسَدَةٌ فَمَنْ يَكُونُ الضَّامِنُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسُوغُ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقَضَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ثُمَّ إذَا أَحْضَرَ الْمَطْلُوبَ إلَى الْقَاضِي فَصَلَ خُصُومَتَهُمَا ثُمَّ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى الطَّلَبِ مَفْسَدَةٌ فَلَا ضَمَانَ بِسَبَبِهَا لَا عَلَى الْقَاضِي وَلَا عَلَى قَاصِدِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ الْحِيلَةِ فِي سُقُوطِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ هَلْ هِيَ غَيْبَةُ الْمُوَكِّلِ فِي غَيْرِ عَمَلِ قَاضِي الدَّعْوَى كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَسْقُطُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا يَحْلِفُهَا الْوَكِيلُ وَلَا يُؤَخَّرُ الْحُكْمُ لِأَجْلِهَا.
(سُئِلَ) عَمَّا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَى غَائِبٍ مَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُعْتَمَدٌ.

.بَابُ الْقِسْمَةِ:

(سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ مَالِكِينَ لِأَرْضٍ فَاقْتَسَمَهَا غَالِبُهُمْ ثُمَّ بَاعَ بَعْضُهُمْ مِمَّا خَصَّهُ بِالْقِسْمَةِ جُزْءًا مُعَيَّنًا لِشَخْصٍ ثُمَّ حَضَرَ بَاقِي الْمَالِكِينَ، وَأَقَرُّوا الْقِسْمَةَ الْأُولَى، وَأَجْرَوْا قِسْمَةً ثَانِيَةً فَخَرَجَ بِالْقِسْمَةِ الثَّانِيَةِ مَا خَرَجَ بِالْأُولَى فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ فِي حِصَّةِ مَنْ قَسَّمَ أَوَّلًا مِنْ الْبَائِعِينَ وَغَيْرِهِمْ وَتَبْطُلُ فِي حِصَّةِ غَيْرِهِمْ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَمْ يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ أَمْ يَبْطُلُ فِيمَا عَدَا حِصَّةَ الْبَائِعِينَ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقِسْمَةِ الْأُولَى لِانْفِرَادِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ بِهَا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَا يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ حَتَّى يَصِحَّ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَيَبْطُلَ فِيمَا عَدَاهُ إذْ مَحَلُّهُ فِي بَيْعِ الشَّرِيكِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهُ زَائِدًا عَلَى نَصِيبِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مُنَاصَفَةً فَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا قِطْعَةً وَبَاعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقِسْ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ. اهـ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ فَلَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ إذْ هِيَ فِي قِسْمَةِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ فِي الظَّاهِرِ كَاثْنَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ فِي الظَّاهِرِ فِي عَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقِيمَةِ اقْتَسَمَاهُمَا لِهَذَا عَبْدٌ وَلِهَذَا عَبْدٌ ثُمَّ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ ثَالِثٍ ثُلُثَهُمَا فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ فِي الْمُسْتَحَقِّ وَيَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَا عَبْدٍ.
(سُئِلَ) عَنْ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقُرْعَةُ أَوْ يَكْفِي فِيهَا رِضَا الشَّرِيكَيْنِ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ قِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ وَغَيْرِهَا أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي رِضَا الشَّرِيكَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ أَمْ غَيْرَهَا.
(سُئِلَ) عَنْ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ فَإِذَا كَانَتْ إفْرَازًا هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ أَوْ لَا فَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَبِيرِ قِسْمَةُ الْمِلْكِ عَنْ الْوَقْفِ إنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ جَازَتْ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ.
وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْجَوَازِ الدَّالِّ عَلَيْهِ جَازَتْ وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْإِفْرَازِ وَيَكُونَ مُخَصِّصًا لِمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ قِسْمَةَ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ بَيْعٌ أَيْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ قِسْمَةَ مِلْكٍ عَنْ وَقْفٍ إذْ لَا دَخْلَ لِلْبَيْعِ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِنَا أَجْرَوْا الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ فِي قِسْمَتَيْ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ هُوَ الْمُخْتَارُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَدٌّ أَوْ كَانَ رَدٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْوَقْفِ أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَبَايَعُونَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ الْمُطْلَقُ كَمَا فِي الْمَذْهَبِ فَإِنْ كَانَ مِنْ صَاحِبِ الْمِلْكِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِإِزَائِهِ جُزْءًا مِنْ الْوَقْفِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ مَبْسُوطًا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقِسْمَةَ الْمَذْكُورَةَ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا إفْرَازٌ لَا بَيْعٌ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الرُّويَانِيِّ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ رَاجِعٌ إلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ بُطْلَانُ الْقِسْمَةِ حَيْثُ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ وَصِحَّتُهَا حَيْثُ قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازٌ وَلَا تَخْصِيصَ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ بُطْلَانُهَا فِي قِسْمَتَيْ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ، وَصِحَّتُهَا فِي قِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ، وَأَنَّ الْمَرْجُوحَ الْقَائِلَ بِأَنَّهَا إفْرَازٌ مُطْلَقًا صِحَّتُهَا أَيْضًا فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَكَذَا فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ فِيهَا مِنْ صَاحِبِ الْمِلْكِ فَلَا تَصِحُّ، وَهَذَا وَاضِحٌ مِنْ عِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ.
وَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْمِلْكِ عَنْ الْوَقْفِ حَيْثُ تَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْعًا وَحَيْثُ تَكُونُ إفْرَازًا جَازَتْ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِسْمَةُ الْمِلْكِ عَنْ الْوَقْفِ إنْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ. اهـ.
وَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ الْوَقْفِ وَالْبَغَوِيُّ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُمْ.
(سُئِلَ) عَنْ مَنْزِلٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا لَهُ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَالْآخَرُ لَهُ الْبَقِيَّةُ وَهِيَ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ فَصَاحِبُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَقَفَ حِصَّتَهُ عَلَى مَسْجِدٍ عَامِرٍ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِهِ ضَرِيحُ وَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فَهَلْ إذَا طَلَبَ صَاحِبُ التِّسْعَةِ أَسْهُمٍ الْقِسْمَةَ يُجَابُ لِذَلِكَ وَيُجْبَرُ الشَّرِيكُ الثَّانِي الَّذِي وَقَفَ حِصَّتَهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجَابُ إلَى الْقِسْمَةِ إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالسُّكْنَى وَالْإِسْكَانِ، وَأَمْكَنَ قِسْمَةُ الْمَنْزِلِ قِسْمَةَ إفْرَازٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ لَا تَجُوزُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.