فصل: باب قَوْلِهِ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ إِلَى قَوْلِهِ فَلَا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم‏)‏ كذا لأبي ذر ولغيره ‏"‏ إلى آخر الآية‏"‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر المذكور من وجه آخر‏.‏

*3*باب وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ‏(‏ولكل وجهة هو موليها‏)‏ الآية‏)‏ كذا لأبي ذر، ولغيره ‏"‏ إلى كل شيء قدير‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ صَرَفَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا ثم صرفه نحو القبلة‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ ثم صرفوا ‏"‏ وهذا طرف من حديث البراء المشار إليه قريبا‏.‏

*3*باب وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ شَطْرُهُ تِلْقَاؤُهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن حيث خرجت قبل وجهك شطر المسجد الحرام الآية‏)‏ كذا لأبي ذر ولغيره إلى ‏"‏ عما تعلمون‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شطره تلقاؤه‏)‏ قال الفراء في قوله تعالى ‏(‏فولوا وجوهكم شطره‏)‏ يريد نحوه، قال‏:‏ وفي بعض القراءات ‏"‏ تلقاءه ‏"‏ وروى الطبري من طريق أبي العالية قال ‏"‏ شطر المسجد الحرام‏:‏ تلقاءه ‏"‏ ومن طريق قتادة نحوه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ بَيْنَا النَّاسُ فِي الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ إِذْ جَاءَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ فَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَاسْتَدَارُوا كَهَيْئَتِهِمْ فَتَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ وَكَانَ وَجْهُ النَّاس إِلَى الشَّأْمِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن حيث خرجت قبل وجهك شطر المسجد الحرام الآية‏)‏ كذا لأبي ذر ولغيره إلى ‏"‏ عما تعلمون‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شطره تلقاؤه‏)‏ قال الفراء في قوله تعالى ‏(‏فولوا وجوهكم شطره‏)‏ يريد نحوه، قال‏:‏ وفي بعض القراءات ‏"‏ تلقاءه ‏"‏ وروى الطبري من طريق أبي العالية قال ‏"‏ شطر المسجد الحرام‏:‏ تلقاءه ‏"‏ ومن طريق قتادة نحوه‏.‏

*3*باب وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ إِلَى قَوْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن حيث خرجت قبل وجهك شطر المسجد الحرام الآية‏)‏ كذا لأبي ذر ولغيره إلى ‏"‏ عما تعلمون‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شطره تلقاؤه‏)‏ قال الفراء في قوله تعالى ‏(‏فولوا وجوهكم شطره‏)‏ يريد نحوه، قال‏:‏ وفي بعض القراءات ‏"‏ تلقاءه ‏"‏ وروى الطبري من طريق أبي العالية قال ‏"‏ شطر المسجد الحرام‏:‏ تلقاءه ‏"‏ ومن طريق قتادة نحوه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَمَا النَّاسُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْقِبْلَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن حيث خرجت قبل وجهك شطر المسجد الحرام الآية‏)‏ كذا لأبي ذر ولغيره إلى ‏"‏ عما تعلمون‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شطره تلقاؤه‏)‏ قال الفراء في قوله تعالى ‏(‏فولوا وجوهكم شطره‏)‏ يريد نحوه، قال‏:‏ وفي بعض القراءات ‏"‏ تلقاءه ‏"‏ وروى الطبري من طريق أبي العالية قال ‏"‏ شطر المسجد الحرام‏:‏ تلقاءه ‏"‏ ومن طريق قتادة نحوه‏.‏

*3*باب قَوْلِهِ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ

فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ شَعَائِرُ عَلَامَاتٌ وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الصَّفْوَانُ الْحَجَرُ وَيُقَالُ الْحِجَارَةُ الْمُلْسُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا وَالْوَاحِدَةُ صَفْوَانَةٌ بِمَعْنَى الصَّفَا وَالصَّفَا لِلْجَمِيعِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قوله تعالى ‏(‏إن الصفا والمروة من شعائر الله‏)‏ شعائر‏:‏ علامات، واحدتها شعيرة‏)‏ وهو قول أبي عبيدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ الصفوان الحجر‏)‏ وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويقال الحجارة الملس التي لا تنبت شيئا، والواحدة صفوانة بمعنى الصفا، والصفا للجميع‏)‏ هو كلام أبي عبيدة أيضا قال‏:‏ الصفوان إجماع، ويقال للواحدة صفوانة في معنى الصفا، والصفا للجميع، وهي الحجارة الملس التي لا تنبت شيئا أبدا من الأرضين والرءوس، وواحد الصفا صفاة، وقيل الصفا اسم جنس يفرق بينه وبين مفرده بالتاء وقيل مفرد يجمع على فعول وأفعال كقفا وأقفاء، فيقال فيه صفا وأصفاء‏.‏

ويجوز كسر صاد صفا أيضا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَمَا أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَلَّا لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ كَانَتْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَنْصَارِ كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا

الشرح‏:‏

حديث عائشة في سبب نزول ‏(‏إن الصفا والمروة من شعائر الله‏)‏ وقد تقدم شرحه في كتاب الحج‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَ كُنَّا نَرَى أَنَّهُمَا مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا

الشرح‏:‏

حديث أنس، وقوله هنا ‏"‏ كنا نرى من أمر الجاهلية ‏"‏ فيه حذف سقط ووقع في رواية ابن السكن ‏"‏ كنا نرى أنهما ‏"‏ وبه يستقيم الكلام‏.‏

*3*باب قَوْلِهِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ يَعْنِي أَضْدَادًا وَاحِدُهَا نِدٌّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قوله تعالى ‏(‏ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله يعني أضدادا واحدها ند‏)‏ قد تقدم تفسير الأنداد في أوائل هذه السورة، وتفسير الأنداد بالأضداد لأبي عبيدة وهو تفسير باللازم، وذكر هنا أيضا حديث ابن مسعود ‏"‏ من مات وهو يجعل لله ندا ‏"‏ وقد مضى شرحه في أوائل كتاب الجنائز، ويأتي الإلمام بشيء منه الأيمان والنذور‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ وَقُلْتُ أَنَا مَنْ مَاتَ وَهْوَ لَا يَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الْجَنَّةَ

الشرح‏:‏

حديث ابن مسعود ‏"‏ من مات وهو يجعل لله ندا ‏"‏ قد مضى شرحه في أوائل كتاب الجنائز، ويأتي الإلمام بشيء منه الأيمان والنذور‏.‏

*3*باب يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ إِلَى قَوْلِهِ عَذَابٌ أَلِيمٌ عُفِيَ تُرِكَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ‏"‏ يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص ‏"‏ الآية‏)‏ كذا لأبي ذر وساق غيره الآية إلى ‏(‏أليم‏)‏ ‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمْ الدِّيَةُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ يَتَّبِعُ بِالْمَعْرُوفِ وَيُؤَدِّي بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عمرو‏)‏ هو ابن دينار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان في بني إسرائيل القصاص‏)‏ سيأتي شرحه في كتاب الديات‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا حميد أن أنسا حدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ كتاب الله القصاص‏)‏ هكذا أورده مختصرا، وساقه في الصلح بهذا الإسناد مطولا، وسيأتي في الديات أيضا باختصار‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ السَّهْمِيَّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ فَطَلَبُوا إِلَيْهَا الْعَفْوَ فَأَبَوْا فَعَرَضُوا الْأَرْشَ فَأَبَوْا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَوْا إِلَّا الْقِصَاصَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِصَاصِ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَرَضِيَ الْقَوْمُ فَعَفَوْا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ

الشرح‏:‏

أورده من وجه آخر عن حميد‏:‏ وساقه في الصلح بهذا الإسناد مطولا وسيأتي في الديات أيضا باختصار‏.‏

ثم أورده من وجه آخر عن حميد‏:‏ وسيأتي شرحه في تفسير سورة المائدة إن شاء الله تعالى‏.‏

وقوله ‏"‏كتاب الله القصاص ‏"‏ بالرفع فيهما على أنه مبتدأ وخبر، والنص فيهما على أن الأول إغراء والثاني بدل، ويجوز في الثاني الرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر أي اتبعوا كتاب الله ففيه القصاص‏.‏

قال الخطابي‏:‏ في قوله‏:‏ ‏(‏فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع‏)‏ الخ ويحتاج إلى تفسير لأن العفو يقتضي إسقاط الطلب فما هو الاتباع‏؟‏ وأجاب بأن العفو في الآية محمول على العفو على الدية، فيتجه حينئذ المطالبة بها، ويدخل فيه بعض مستحقي القصاص فإنه يسقط وينتقل حق من لم يعف إلى الدية فيطالب بحصته‏.‏

*3*باب يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون‏)‏ أما قوله‏:‏ ‏(‏كتب‏)‏ فمعناه فرض، والمراد بالمكتوب فيه اللوح المحفوظ، وأما قوله‏:‏ ‏(‏كما‏)‏ فاختلف في التشبيه الذي دلت عليه الكاف هل هو على الحقيقة فيكون صيام رمضان قد كتب على الذين من قبلنا‏؟‏ أو المراد مطلق الصيام دون وقته وقدره‏؟‏ فيه قولان‏.‏

وورد في أول حديث مرفوع عن عمر أورده ابن أبي حاتم بإسناد فيه مجهول ولفظه ‏"‏ صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم ‏"‏ وبهذا قال الحسن البصري والسدي وله شاهد آخر أخرجه الترمذي في طريق معقل النسابة وهو من المخضرمين ولم يثبت له صحبة، ونحوه عن الشعبي وقتادة‏.‏

والقول الثاني أن التشبيه واقع على نفس الصوم وهو قول الجمهور، وأسنده ابن أبي حاتم والطبري عن معاذ وابن مسعود وغيرهما في الصحابة والتابعين، وزاد الضحاك ‏"‏ ولم يزل الصوم مشروعا من زمن نوح ‏"‏ وفي قوله‏:‏ ‏(‏لعلكم تتقون‏)‏ إشارة إلى أن من قبلنا كان فرض الصوم عليهم من قبيل الآصار والأثقال التي كلفوا بها، وأما هذه الأمة فتكليفها بالصوم ليكون سببا لاتقاء المعاصي وحائلا بينهم وبينها، فعلى هذا المفعول المحذوف يقدر بالمعاصي أو بالمنهيات‏.‏

ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث‏:‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ عَاشُورَاءُ يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَالَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر تقدم في كتاب الصيام من وجه آخر مع شرحه

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ عَاشُورَاءُ يُصَامُ قَبْلَ رَمَضَانَ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَالَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ

الشرح‏:‏

حديث عائشة أورده من وجهين عن عروة عنها وقد تقدم شرحه كذلك

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ فَقَالَ الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ فَقَالَ كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ فَادْنُ فَكُلْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني محمود‏)‏ هو ابن غيلان وثبت كذلك في رواية كذا قال أبو علي الجياني، وقد وقع في نسخة الأصيلي عن أبي أحمد الجرجاني ‏"‏ حدثنا محمد ‏"‏ بدل ‏"‏ محمود ‏"‏ وقد ذكر الكلاباذي أن البخاري روى عن محمود ابن غيلان وعن محمد وهو ابن يحيى الذهلي عن عبيد الله بن موسى، قال أبو علي الجياني‏:‏ لكن هنا الاعتماد على ما قال الجماعة عن محمود بن غيلان المروزي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله‏)‏ هو ابن مسعود‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ دخل عليه الأشعث وهو يطعم‏)‏ أي يأكل وفي رواية مسلم من وجه آخر عن إسرائيل بسنده المذكور إلى علقمة قال ‏"‏ دخل الأشعث بن قيس على ابن مسعود وهو يأكل ‏"‏ وهو ظاهر في أن علقمة حضر القصة، ويحتمل أن يكون لم يحضرها وحملها عن ابن مسعود كما دل عليه سياق رواية الباب‏.‏

ولمسلم أيضا من طريق عبد الرحمن بن يزيد قال ‏"‏ دخل الأشعث بن قيس على عبد الله وهو يتغذى‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال‏:‏ اليوم عاشوراء‏)‏ كذا وقع مختصرا، وتمامه في رواية مسلم بلفظ ‏"‏ فقال - أي الأشعث - يا أبا عبد الرحمن ‏"‏ وهي كنية ابن مسعود وأوضح في ذلك رواية عبد الرحمن بن يزيد المذكورة ‏"‏ فقال - أي ابن مسعود - يا أبا محمد ‏"‏ وهي كنية الأشعث ‏"‏ أدن إلى الغداء فقال‏:‏ أو ليس اليوم يوم عاشوراء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان يصام قبل أن ينزل رمضان‏)‏ في رواية عبد الرحمن بن يزيد ‏"‏ إنما هو يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قبل أن ينزل شهر رمضان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما نزل رمضان ترك‏)‏ زاد مسلم في روايته فإن كنت مفطرا فأطعم، للنسائي من طريق عبد الرحمن بن يزيد عند عبد الله ‏"‏ كنا نصوم عاشوراء، فلما نزل رمضان لم نؤمر به ولم ننه عنه، وكنا نفعله ‏"‏ ولمسلم من حديث جابر بن سمرة نحو هذه الرواية واستدل بهذا الحديث على أن صيام عاشوراء كان مفترضا قبل أن ينزل فرض رمضان ثم نسخ، وقد تقدم القول فيه مبسوطا في أواخر كتاب الصيام، وإيراد هذا الحديث في هذه الترجمة يشعر بأن المصنف كان يميل إلى ترجيح القول الثاني، ووجهه أن رمضان لو كان مشروعا قبلنا لصامه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصم عاشوراء أولا، والظاهر أن صيامه عاشوراء ما كان إلا عن توقيف ولا يضرنا في هذه المسألة اختلافهم هل كان صومه فرضا أو نفلا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ رَمَضَانُ الْفَرِيضَةَ وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني محمود‏)‏ هو ابن غيلان وثبت كذلك في رواية كذا قال أبو علي الجياني، وقد وقع في نسخة الأصيلي عن أبي أحمد الجرجاني ‏"‏ حدثنا محمد ‏"‏ بدل ‏"‏ محمود ‏"‏ وقد ذكر الكلاباذي أن البخاري روى عن محمود ابن غيلان وعن محمد وهو ابن يحيى الذهلي عن عبيد الله بن موسى، قال أبو علي الجياني‏:‏ لكن هنا الاعتماد على ما قال الجماعة عن محمود بن غيلان المروزي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله‏)‏ هو ابن مسعود‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ دخل عليه الأشعث وهو يطعم‏)‏ أي يأكل وفي رواية مسلم من وجه آخر عن إسرائيل بسنده المذكور إلى علقمة قال ‏"‏ دخل الأشعث بن قيس على ابن مسعود وهو يأكل ‏"‏ وهو ظاهر في أن علقمة حضر القصة، ويحتمل أن يكون لم يحضرها وحملها عن ابن مسعود كما دل عليه سياق رواية الباب‏.‏

ولمسلم أيضا من طريق عبد الرحمن بن يزيد قال ‏"‏ دخل الأشعث بن قيس على عبد الله وهو يتغذى‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال‏:‏ اليوم عاشوراء‏)‏ كذا وقع مختصرا، وتمامه في رواية مسلم بلفظ ‏"‏ فقال - أي الأشعث - يا أبا عبد الرحمن ‏"‏ وهي كنية ابن مسعود وأوضح في ذلك رواية عبد الرحمن بن يزيد المذكورة ‏"‏ فقال - أي ابن مسعود - يا أبا محمد ‏"‏ وهي كنية الأشعث ‏"‏ أدن إلى الغداء فقال‏:‏ أو ليس اليوم يوم عاشوراء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان يصام قبل أن ينزل رمضان‏)‏ في رواية عبد الرحمن بن يزيد ‏"‏ إنما هو يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قبل أن ينزل شهر رمضان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما نزل رمضان ترك‏)‏ زاد مسلم في روايته فإن كنت مفطرا فأطعم، للنسائي من طريق عبد الرحمن بن يزيد عند عبد الله ‏"‏ كنا نصوم عاشوراء، فلما نزل رمضان لم نؤمر به ولم ننه عنه، وكنا نفعله ‏"‏ ولمسلم من حديث جابر بن سمرة نحو هذه الرواية واستدل بهذا الحديث على أن صيام عاشوراء كان مفترضا قبل أن ينزل فرض رمضان ثم نسخ، وقد تقدم القول فيه مبسوطا في أواخر كتاب الصيام، وإيراد هذا الحديث في هذه الترجمة يشعر بأن المصنف كان يميل إلى ترجيح القول الثاني، ووجهه أن رمضان لو كان مشروعا قبلنا لصامه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصم عاشوراء أولا، والظاهر أن صيامه عاشوراء ما كان إلا عن توقيف ولا يضرنا في هذه المسألة اختلافهم هل كان صومه فرضا أو نفلا‏.‏

*3*باب قَوْلِهِ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ

فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَقَالَ عَطَاءٌ يُفْطِرُ مِنْ الْمَرَضِ كُلِّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الْمُرْضِعِ أَوْ الْحَامِلِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقْ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ يُطِيقُونَهُ وَهْوَ أَكْثَرُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قوله تعالى‏:‏ أياما معدودات‏.‏

فمن كان منكم مريضا أو على سفر - إلى قوله - إن كنتم تعلمون‏)‏ ساق الآية كلها، وانتصب ‏(‏أياما‏)‏ بفعل مقدر يدل عليه سياق الكلام كصوموا أو صاموا، وللزمخشري في إعرابه كلام متعقب ليس هذا موضعه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عطاء‏:‏ يفطر من المرض كله كما قال الله تعالى‏)‏ وصله عبد الرزاق عن ابن جريح قال‏:‏ قلت لعطاء من أي وجع أفطر في رمضان‏؟‏ قال‏:‏ في المرض كله، قلت‏:‏ يصوم فإذا غلب عليه أفطر‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

وللبخاري في هذا الأثر قصة مع شيخه إسحاق بن راهويه ذكرتها في ترجمة البخاري من ‏"‏ تعليق التعليق ‏"‏ وقد اختلف السلف في الحد الذي إذا وجده المكلف جاز له الفطر، والذي عليه الجمهور أنه المرض الذي يبيح له التيمم مع وجود الماء، وهو ما إذا خاف على نفسه لو تمادى على الصوم أو على عضو من أعضائه أو زيادة في المرض الذي بدأ به أو تماديه‏.‏

وعن ابن سيرين‏:‏ متى حصل للإنسان حال يستحق بها اسم المرض فله الفطر، وهو نحو قول عطاء، وعن الحسن والنخعي‏:‏ إذا لم يقدر على الصلاة قائما يفطر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن وإبراهيم في المرضع والحامل إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما تفطران ثم تقضيان‏)‏ كذا وقع لأبي ذر، وللأصيلي بلفظ ‏"‏ أو الحامل ‏"‏ ولغيرهما ‏"‏ والحامل ‏"‏ بالواو وهو أظهر‏.‏

وأما أثر الحسن فوصله عبد بن حميد من طريق يونس بن حميد عن الحسن هو البصري قال‏:‏ المرضع إذا خافت على ولدها أفطرت وأطعمت والحامل إذا خافت على نفسها أفطرت وقضت، وهي بمنزلة المريض‏.‏

ومن طريق قتادة عن الحسن‏:‏ تفطران وتقضيان‏.‏

وأما قول إبراهيم وهو النخعي فوصله عبد بن حميد أيضا من طريق أبي معشر عن النخعي قال‏:‏ الحامل والمرضع إذا خافتا أفطرنا وقضتا صوما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام فقد أطعم أنس بن مالك بعدما كبر عاما أو عامين كل يوم مسكينا خبزا ولحما وأفطر‏)‏ وروى عبد حميد في طريق النضر بن أنس عن أنس أنه أفطر في رمضان وكان قد كبر، فأطعم مسكينا كان يوم‏.‏

ورويناه في ‏"‏ فوائد محمد بن هشام بن ملاس ‏"‏ عن مروان عن معاوية عن حميد قال‏:‏ ضعف أنس عن الصوم عام توفى، فسألت ابنه عمر بن أنس‏:‏ أطاق الصوم‏؟‏ قال‏:‏ لا، فلما عرف أنه لا يطيق القضاء أمر بجفان من خبز ولحم فأطعم العدة أو أكثر‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ قوله ‏"‏ أطعم ‏"‏ الفاء جواب الدليل الدال على جواز الفطر وتقدير الكلام وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام فإنه يجوز له أن يفطر ويطعم، فقد أطعم إلخ‏.‏

وقوله ‏"‏كبر ‏"‏ بفتح الكاف وكسر الموحدة أي أسن، وكان أنس حينئذ في عشر المائة كما تقدم التنبيه عليه قريبا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قراءة العامة يطيقونه وهو أكثر‏)‏ يعني من أطاق يطيق، وسأذكر ما خالف ذلك في الذي بعده‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني إسحاق‏)‏ هو ابن راهويه، وروح بفتح الراء هو ابن عبادة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمع ابن عباس يقول‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ يقرأ‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يطوقونه‏)‏ بفتح الطاء بشديد الواو مبنيا للمفعول مخفف الطاء من طوق بضم أوله بوزن قطع، وهذه قراءة ابن مسعود أيضا، وقد وقع عند النسائي من طريق ابن أبي نجيح عن عمرو بن دينار‏:‏ يطوقونه يكلفونه، وهو تفسير حسن أي يكلفون إطاقته‏.‏

و قوله‏:‏ ‏(‏طعام مسكين‏)‏ زاد في رواية النسائي ‏"‏ واحد ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏(‏فمن تطوع خيرا‏)‏ زاد في رواية النسائي ‏"‏ فزاد مسكين آخر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن عباس‏:‏ ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة‏)‏ هذا مذهب ابن عباس، وخالفه الأكثر، وفي هذا الحديث الذي بعده ما يدل على أنها منسوخة‏.‏

وهذه القراءة تضعف تأويل من زعم أن ‏"‏ لا ‏"‏ محذوفة من القراءة المشهورة، وأن المعنى‏:‏ وعلى الذين لا يطيقونه فدية، وأنه كقول الشاعر ‏"‏ فقلت يمين الله أبرح قاعدا ‏"‏ أي لا أبرح قاعدا، ورد بدلالة القسم على النفي بخلاف الآية، ويثبت هذا التأويل أن الأكثر على أن الضمير في قوله‏:‏ ‏(‏يطيقونه‏)‏ للصيام فيصير تقدير الكلام وعلى الذين يطيقون الصيام فدية، والفدية لا تجب على المطيق وإنما تجب على غيره، والجواب عن ذلك أن في الكلام حذفا تقديره‏:‏ وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية، وكان هذا في أول الأمر عند الأكثر، ثم نسخ وصارت الفدية للعاجز إذا أفطر، وقد تقدم في الصيام حديث ابن أبي ليلى قال ‏"‏ حدثنا أصحاب محمد لما نزل رمضان شق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه، ورخص لهم في ذلك فنسختها‏:‏ ‏"‏ وأن تصوموا خير لكم ‏"‏ وأما على قراءة ابن عباس فلا نسخ لأنه يجعل الفدية على من تكلف الصوم وهو لا يقدر عليه فيفطر ويكفر، وهذا الحكم باق‏.‏

وفي الحديث حجة لقول الشافعي ومن وافقه أن الشيخ الكبير ومن ذكر معه إذا شق عليهم الصوم فأفطروا فعليهم الفدية خلافا لمالك ومن وافقه‏.‏

واختلف في الحامل والمرضع ومن أفطر لكبر ثم قوى على القضاء بعد فقال الشافعي وأحمد‏:‏ يقضون ويطعمون‏.‏

وقال الأوزاعي والكوفيون‏:‏ لا إطعام‏.‏

*3*باب فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فمن شهد منكم الشهر فليصمه‏)‏ ذكر فيه حديث ابن عمر أنه قرأ ‏"‏ فدية طعام ‏"‏ بالإضافة و ‏"‏ مساكين ‏"‏ بلفظ الجمع وهي قراءة نافع وابن ذكوان، والباقون بتنوين ‏"‏ فدية ‏"‏ وتوحيد ‏"‏ مسكين ‏"‏ وطعام بالرفع على البدلية، وأما الإضافة فهي من إضافة الشيء إلى نفسه، والمقصود به البيان مثل خاتم حديد وثوب حرير، لأن الفدية تكون طعاما وغيره، ومن جمع مساكين فلمقابلة الجمع بالجمع ومن أفراد فمعناه فعلى كل واحد ممن يطيق الصوم، ويستفاد من الإفراد أن الحكم لكل يوم يفطر فيه إطعام مسكين، ولا يفهم ذلك من الجمع، والمراد بالطعام الإطعام‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَرَأَ فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ قَالَ هِيَ مَنْسُوخَةٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال هي منسوخة‏)‏ هو صريح في دعوى النسخ ورجحه ابن المنذر من جهة قوله‏:‏ ‏(‏وأن تصوموا خير لكم‏)‏ قال لأنها لو كانت في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام لم يناسب أن يقال له ‏(‏وأن تصوموا خير لكم‏)‏ مع أنه لا يطيق الصيام‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ حَتَّى نَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ مَاتَ بُكَيْرٌ قَبْلَ يَزِيدَ

الشرح‏:‏

قوله في حديث ابن الأكوع ‏(‏لما نزلت وعلى الذين يطيقونه فدية إلخ‏)‏ هذا أيضا صريح في دعوى النسخ وأصرح منه ما تقدم من حديث ابن أبي ليلى، ويمكن إن كانت القراءة بتشديد الواو ثابتة أن يكون الوجهان ثابتين بحسب مدلول القرائن‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مات أبو عبد الله‏)‏ هو المصنف، وثبت هذا الكلام في رواية المستملى وحده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مات بكير قبل يزيد‏)‏ أي مات بكير بن عبد الله بن الأشج الراوي عن يزيد وهو ابن أبي عبيد قبل شيخه يزيد، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة وقيل قبلها أو بعدها، ومات يزيد سنة ست أو سبع وأربعين ومائة‏.‏

*3*باب أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ

هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم - إلى قوله - وابتغوا ما كتب الله لكم‏)‏ كذا لأبي ذر، وساق في رواية كريمة الآية كلها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ ح و حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لَا يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء‏)‏ قد تقدم في كتاب الصيام من حديث البراء أيضا أنهم كانوا لا يأكلون ولا يشربون إذا ناموا، وأن الآية نزلت في ذلك، وبينت هناك أن الآية نزلت في الأمرين معا، وظاهر سياق حديث الباب أن الجماع كان ممنوعا في جميع الليل والنهار، بخلاف الأكل والشرب فكان مأذونا فيه ليلا ما لم يحصل النوم، لكن بقية الأحاديث الواردة في هذا المعنى تدل على عدم الفرق كما سأذكرها بعد، فيحمل قوله ‏"‏ كانوا لا يقربون النساء ‏"‏ على الغالب جمعا بين الأخبار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان رجال يخونون أنفسهم‏)‏ سمي من هؤلاء عمر وكعب بن مالك رضي الله عنهما فروى أحمد وأبو داود والحاكم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال ‏"‏ أحل الصيام ثلاثة أحوال‏:‏ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وصام عاشوراء‏.‏

ثم إن الله فرض عليه الصيام وأنزل عليه ‏(‏يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام‏)‏ فذكر الحديث إلى أن قال ‏"‏ وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا‏.‏

ثم إن رجلا من الأنصار صلى العشاء ثم نام فأصبح مجهودا، وكان عمر أصاب من النساء بعدما نام، فأنزل الله عز وجل ‏(‏أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم - إلى قوله - ثم أتموا الصيام إلى الليل‏)‏ وهذا الحديث مشهور عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، لكنه لم يسمع من معاذ، وقد جاء عنه فيه ‏"‏ حدثنا أصحاب محمد ‏"‏ كما تقدم التنبيه عليه قريبا، فكأنه سمعه من غير معاذ أيضا، وله شواهد‏:‏ منها ما أخرجه ابن مردويه من طريق كريب عن ابن عباس قال ‏"‏ بلغنا ‏"‏ ومن طريق عطاء عن أبي هريرة نحوه‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال ‏"‏ كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر من عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمر عنده، فأراد امرأته، فقالت‏:‏ إني قد نمت، قال‏:‏ ما نمت، ووقع عليها‏.‏

وصنع كعب بن مالك مثل ذلك‏.‏

فنزلت ‏"‏ وروى ابن جرير من طريق ابن عباس نحوه، ومن طريق أصحاب مجاهد وعطاء وعكرمة وغير واحد من غيرهم كالسدي وقتادة وثابت نحو هذا الحديث، لكن لم يزد واحد منهم في القصة على تسمية عمر إلا في حديث كعب بن مالك، والله أعلم‏.‏

*3*باب قَوْلِهِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ

ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ إِلَى قَوْلِهِ يَتَّقُونَ الْعَاكِفُ الْمُقِيمُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب وكلوا وأشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر‏)‏ الآية‏.‏

العاكف المقيم‏)‏ ثبت هذا التفسير في رواية المستملى وحده، وهو تفسير أبي عبيدة، قال في قوله تعالى ‏(‏سواء العاكف فيه والباد‏)‏ أي المقيم والذي لا يقيم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيٍّ قَالَ أَخَذَ عَدِيٌّ عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ حَتَّى كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ نَظَرَ فَلَمْ يَسْتَبِينَا فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلْتُ تَحْتَ وِسَادِي عِقَالَيْنِ قَالَ إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ أَنْ كَانَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ

الشرح‏:‏

حديث عدي بن حاتم من وجهين في تفسير الخيط الأبيض والأسود، وحديث سهل بن سعد في ذلك، وقد تقدما في الصيام مع شرحهما‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ أَهُمَا الْخَيْطَانِ قَالَ إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ

الشرح‏:‏

حديث عدي بن حاتم من وجهين في تفسير الخيط الأبيض والأسود، وحديث سهل بن سعد في ذلك، وقد تقدما في الصيام مع شرحهما‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ وَأُنْزِلَتْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ وَلَمْ يُنْزَلْ مِنْ الْفَجْرِ وَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ وَلَا يَزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهُ مِنْ الْفَجْرِ فَعَلِمُوا أَنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ

الشرح‏:‏

حديث عدي بن حاتم من وجهين في تفسير الخيط الأبيض والأسود، وحديث سهل بن سعد في ذلك، وقد تقدما في الصيام مع شرحهما‏.‏

*3*باب قَوْلِهِ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

الشرح‏:‏

قوله باب ‏(‏وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى‏)‏ الآية‏)‏ كذا لأبي ذر، وساق في رواية كريمة إلى آخرها، ثم ذكر حديث البراء في سبب نزولها، وقد تقدم شرحه في كتاب الحج‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَتَوْا الْبَيْتَ مِنْ ظَهْرِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا

الشرح‏:‏

قوله باب ‏(‏وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى‏)‏ الآية‏)‏ كذا لأبي ذر، وساق في رواية كريمة إلى آخرها، ثم ذكر حديث البراء في سبب نزولها، وقد تقدم شرحه في كتاب الحج‏.‏

*3*باب قَوْلِهِ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قوله‏:‏ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله‏)‏ ساق إلى آخر الآية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتَاهُ رَجُلَانِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَا إِنَّ النَّاسَ صَنَعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ فَقَالَ يَمْنَعُنِي أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي فَقَالَا أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَقَالَ قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَزَادَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَامًا وَتَعْتَمِرَ عَامًا وَتَتْرُكَ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالصَّلَاةِ الْخَمْسِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ قَالَ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَلِيلًا فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا قَتَلُوهُ وَإِمَّا يُعَذِّبُونَهُ حَتَّى كَثُرَ الْإِسْلَامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ قَالَ فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ قَالَ أَمَّا عُثْمَانُ فَكَأَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَعْفُوا عَنْهُ وَأَمَّا عَلِيٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنُهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقَالَ هَذَا بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أتاه رجلان‏)‏ تقدم في مناقب عثمان أن اسم أحدهما العلاء بن عرار وهو بمهملات واسم الآخر حبان السلمي صاحب الدثينة، أخرج سعيد بن منصور من طريقه ما يدل على ذلك، وسيأتي في تفسير سورة الأنفال أن رجلا اسمه حكيم سأل ابن عمر عن شيء من ذلك، ويأتي شرح الحديث هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

وقوله ‏"‏في فتنة ابن الزبير ‏"‏ رواية سعيد ابن منصور أن ذلك عام نزول الحجاج بابن الزبير، فيكون المراد بفتنة ابن الزبير ما وقع في آخر أمره، وكان نزول الحجاج وهو ابن يوسف الثقفي من قبل عبد الملك بن مروان جهزه لقتال عبد الله بن الزبير وهو بمكة في أواخر سنة ثلاث وسبعين وقتل عبد الله بن الزبير في آخر تلك السنة، ومات عبد الله بن عمر في أول سنة أربع وسبعين كما تقدمت الإشارة إليه في ‏"‏ باب العيدين‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن الناس قد ضيعوا‏)‏ بضم المعجمة وتشديد التحتانية المكسورة للأكثر، في رواية الكشميهني ‏"‏ صنعوا ‏"‏ بفتح المهملة والنون، ويحتاج إلى تقدير شيء محذوف أي صنعوا ما ترى من الاختلاف‏.‏

وقوله في الرواية الأخرى ‏"‏ وزاد عثمان بن صالح ‏"‏ هو السهمي وهو من شيوخ البخاري ‏"‏ وقد أخرج عنه في الأحكام حديثا غير هذا‏.‏

وقوله ‏"‏أخبرني فلان وحيوة بن شريح ‏"‏ لم أقف على تعيين اسم فلان، وقيل إنه عبد الله بن لهيعة، وسيأتي سياق لفظ حيوة وحده في تفسير سورة الأنفال، وهذا الإسناد من ابتدائه إلى بكير بن عبد الله - وهو ابن الأشج بصريون، ومنه إلى منتهاه مدنيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما حملك على أن تحج عاما وتعمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله‏)‏ أطلق على قتال من يخرج عن طاعة الإمام جهادا وسوى بينه وبين جهاد الكفار بحسب اعتقاده وإن كان الصواب عند غيره خلافه، وأن الذي ورد في الترغيب في الجهاد خاص بقتال الكفار، بخلاف قتال البغاة فإنه وإن كان مشروعا لكنه لا يصل الثواب فيه إلى ثواب من قاتل الكفار، ولا سيما إن كان الحامل إيثار الدنيا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إما قتلوه وإما يعذبونه‏)‏ كذا فيه الأول بصيغة الماضي لكونه إذا قتل ذهب، والثاني بصيغة المضارع لأنه يبقى أو يتجدد له التعذيب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكرهتم أن يعفو‏)‏ بالتحتانية أوله وبالإفراد إخبار عن الله وهو الأوجه، وبالمثناة من فوق والجمع وهو الأكثر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وختنه‏)‏ بفتح المعجمة والمثناة من فوق ثم نون، قال الأصمعي‏:‏ الأختان من قبل المرأة، والأحماء من قبل الزوج، والصهر جمعهما‏.‏

وقيل اشتق الختن مما اشتق منه الختان وهو التقاء الختانين‏.‏

*3*باب قَوْلِهِ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ التَّهْلُكَةُ وَالْهَلَاكُ وَاحِدٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قوله‏:‏ وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‏)‏ وساق إلى آخر الآية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏التهلكة والهلاك واحد‏)‏ هو تفسير أبي عبيدة وزاد‏:‏ والهلاك والهلك يعني بفتح الهاء وبضمها واللام ساكنة فيهما، وكل هذه مصادر هلك بلفظ الفعل الماضي، وقيل‏:‏ التهلكة ما أمكن التحرز منه، والهلاك بخلافه‏.‏

وقيل التهلكة نفس الشيء المهلك‏.‏

وقيل ما تضر عاقبته، والمشهور الأول‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ قَالَ نَزَلَتْ فِي النَّفَقَةِ

الشرح‏:‏

حديث حذيفة في هذه الآية قال‏:‏ نزلت في النفقة، أي في ترك النفقة في سبيل الله عز وجل، وهذا الذي قاله حذيفة جاء مفسرا في حديث أبي أيوب الذي أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم من طريق أسلم بن عمران قال ‏"‏ كنا بالقسطنطينية، فخرج صف عظيم من الروم، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، ثم رجع مقبلا‏.‏

فصاح الناس‏:‏ سبحان الله، ألقى بيده إلى التهلكة‏.‏

فقال أبو أيوب‏:‏ أيها الناس، إنكم تؤولون هذه الآية على هذا التأويل، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار‏:‏ إنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه قلنا بيننا سرا‏:‏ إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنا أقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله هذه الآية، فكانت التهلكة الإقامة التي أردناها‏.‏

وصح عن ابن عباس وجماعة من التابعين نحو ذلك في تأويل الآية‏.‏

وروى ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم أنها كانت نزلت في ناس كانوا يغزون بغير نفقة، فيلزم على قوله اختلاف المأمورين، فالذين قيل لهم ‏(‏أنفقوا وأحسنوا‏)‏ أصحاب الأموال، والذين قيل لهم ‏(‏ولا تلقوا‏)‏ الغزاة بغير نفقة، ولا يخفى ما فيه‏.‏

ومن طريق الضحاك بن أبي جبيرة ‏"‏ كان الأنصار يتصدقون، فأصابتهم سنة فأمسكوا، فنزلت ‏"‏ وروى ابن جرير وابن المنذر بإسناد صحيح عن مدرك بن عوف قال ‏"‏ إني لعند عمر، فقلت‏:‏ إن لي جارا رمى بنفسه في الحرب فقتل، فقال ناس‏:‏ ألقي بيده إلى التهلكة، فقال عمر‏:‏ كذبوا، لكنه اشترى الآخرة بالدنيا ‏"‏ وجاء عن البراء بن عازب في الآية تأويل آخر أخرجه ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عنه بإسناد صحيح عن أبي إسحاق قال ‏"‏ قلت للبراء‏:‏ أرأيت قول الله عز وجل ‏(‏ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‏)‏ هو الرجل يحمل على الكتيبة فيها ألف‏؟‏ قال‏:‏ لا، ولكنه الرجل يذنب فيلقى بيده فيقول لا توبة لي ‏"‏ وعن النعمان بن بشير نحوه، والأول أظهر لتصدير الآية بذكر النفقة فهو المعتمد في نزولها، وأما قصرها عليه ففيه نظر، لأن العبرة بعموم اللفظ، على أن أحمد أخرج الحديث المذكور من طريق أبي بكر - وهو ابن عياش - عن أبي إسحاق بلفظ آخر قال ‏"‏ قلت للبراء‏:‏ الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة‏؟‏ قال‏:‏ لا، لأن الله تعالى قد بعث محمدا فقال ‏(‏فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك‏)‏ فإنما ذلك في النفقة ‏"‏ فإن كان محفوظا فلعل للبراء فيه جوابين، والأول من رواية الثوري وإسرائيل وأبي الأحوص ونحوهم وكل منهم أتقن من أبي بكر فكيف مع اجتماعهم وانفراده ا هـ‏.‏

وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته وظنه أنه يرهب العدو بذلك أو يجرئ المسلمين عليهم أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن، ومتى‏.‏

كان مجرد تهور فممنوع، ولا سيما إن ترتب على ذلك وهن في المسلمين، والله أعلم‏.‏

*3*باب قَوْلِهِ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قوله تعالى‏:‏ فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه‏)‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْكُوفَةِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ فَقَالَ حُمِلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ بِكَ هَذَا أَمَا تَجِدُ شَاةً قُلْتُ لَا قَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ وَاحْلِقْ رَأْسَكَ فَنَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً وَهْيَ لَكُمْ عَامَّةً

الشرح‏:‏

حديث كعب بن عجرة في سبب نزول هذه الآية، وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الحج‏.‏

*3*باب فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فمن تمتع بالعمرة إلى الحج‏)‏ ذكر فيه حديث عمران بن حصين ‏"‏ أنزلت آية المتعة في كتاب الله ‏"‏ يعني متعة الحج‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ

الشرح‏:‏

تقدم شرحه وأن المراد بالرجل في قوله هنا ‏"‏ قال رجل برأيه ما شاء ‏"‏ هو عمر‏.‏

*3*باب لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم‏)‏ ذكر فيه حديث ابن عباس، وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الحج‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَتْ عُكَاظُ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي الْمَوَاسِمِ فَنَزَلَتْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم‏)‏ ذكر فيه حديث ابن عباس، وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الحج‏.‏

*3*باب ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس‏)‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَقِفَ بِهَا ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ

الشرح‏:‏

ذكر فيه حديث عائشة ‏"‏ كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة ‏"‏ الحديث، وقد تقدم شرحه في كتاب الحج أيضا‏.‏

ثم ذكر فيه حديث بن عباس تقدم شرحه في كتاب الحج أيضا‏.‏

ثم ذكر فيه حديث بن عباس

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ يَطَّوَّفُ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ حَلَالًا حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَإِذَا رَكِبَ إِلَى عَرَفَةَ فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيَنْطَلِقْ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَاتٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ يَكُونَ الظَّلَامُ ثُمَّ لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ إِذَا أَفَاضُوا مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا الَّذِي يَبِيتُونَ بِهِ ثُمَّ لِيَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَأَكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا ثُمَّ أَفِيضُوا فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ حَتَّى تَرْمُوا الْجَمْرَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالا‏)‏ أي المقيم بمكة، والذي دخل بعمرة وتحلل منها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فعليه ثلاثة أيام في الحج، وذلك قبل يوم عرفة‏)‏ هو تقييد من ابن عباس لما أطلق في الآية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم لينطلق‏)‏ وقع بحذف اللام في رواية المستملى وقوله ‏"‏ في صلاة العصر إلى أن يكون الظلام ‏"‏ أي يحصل الظلام بغروب الشمس، وقوله ‏"‏في صلاة العصر ‏"‏ يحتمل أن يريد في أول وقتها، وذلك عند مصير الظل مثله، وكان ذلك الوقت بعد ذهاب القائلة وتمام الراحة ليقف بنشاط، ويحتمل أن يريد من بعد صلاتها، وهي تصلي عقب صلاة الظهر جمع تقديم ويقع الوقوف عقب ذلك، ففيه إشارة إلى أول مشروعية الوقوف، وأما قوله ويختلط الظلام ففيه إشارة إلى الأخذ بالأفضل، وإلا فوقت الوقوف يمتد إلى الفجر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى يبلغوا جمعا‏)‏ بفتح الجيم وسكون الميم، وهو المزدلفة‏.‏

وقوله ‏"‏يتبرر ‏"‏ فيه براءين مهملتين أي يطلب فيه البر، وقوله ‏"‏ثم ليذكروا الله كثيرا أو اكثروا التكبير والتهليل ‏"‏ هو شك من الراوي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم أفيضوا فإن الناس كانوا يفيضون‏)‏ قد تقدم بيانه وتفصيله في حديث عائشة الذي قبله، وقوله ‏"‏حتى ترموا الجمرة ‏"‏ هو غاية لقوله ‏"‏ ثم أفيضوا ‏"‏ ويحتمل أن يكون غاية لقوله ‏"‏ أكثروا التكبير والتهليل‏"‏‏.‏

*3*بَاب وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

الشرح‏:‏

حديث أنس في قوله ذلك، وسيأتي بأتم من هذا في الكتاب الدعوات‏.‏

وعبد العزيز الراوي عنه هو ابن صهيب‏.‏

س في قوله ذلك، وسيأتي بأتم من هذا في الكتاب الدعوات‏.‏

وعبد العزيز الراوي عنه هو ابن صهيب‏.‏

*3*باب وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ

وَقَالَ عَطَاءٌ النَّسْلُ الْحَيَوَانُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب وهو ألد الخصام‏)‏ ألد أفعل تفضيل من اللدد وهو من شدة الخصومة، والخصام جمع خصم وزن كلب وكلاب، والمعنى وهو أشد المخاصمين مخاصمة، ويحتمل أن يكون مصدرا تقول خاصم خصاما كقاتل قتالا، والتقدير وخاصمه أشد الخصام مخاصمة، وقيل أفعل هنا ليست بالتفضيل بل بمعنى الفاعل أي وهو لديه الخصام أي شدة المخاصمة فيكون من إضافة الصفة المشبهة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عطاء‏:‏ النسل الحيوان‏)‏ وصله الطبري من طريق ابن جرير ‏"‏ قلت لعطاء في قوله تعالى ‏(‏ويهلك الحرث والنسل‏)‏ قال‏:‏ الحرث الزرع، النسل من الناس والأنعام ‏"‏ وزعم مغلطاي أن ابن أبي حاتم أخرجه من طريق العوفي عن عطاء، ووهم في ذلك، وإنما هو عند ابن أبي حاتم وغيره رواه عن العوفي عن ابن عباس‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ تَرْفَعُهُ قَالَ أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عائشة ترفعه‏)‏ أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الألد الخصم‏)‏ بفتح الخاء المعجمة وكسر الصاد أي الشديد اللدد الكثير الخصومة، وسيأتي شرح الحديث في كتاب الأحكام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عبد الله‏)‏ هو ابن الوليد العدني، وسفيان هو الثوري‏.‏

وأورده لتصريحه برفع الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو موصول بالإسناد في ‏"‏ جامع سفيان الثوري ‏"‏ من رواية عبد الله بن الوليد هذا، ويحتمل أن يكون عبد الله هو الجعفي شيخ البخاري، وسفيان هو ابن عيينة، فقد أخرج الحديث المذكور الترمذي وغيره من رواية ابن علية، لكن بالأول جزم خلف والمزي، وقد تقدم هذا الحديث في كتاب المظالم‏.‏

*3*باب أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ إِلَى قَرِيبٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم‏.‏

الآية‏)‏ ذكر فيه حديث ابن أبي مليكة عن ابن عباس، وحديثه عن عروة عن عائشة في قوله‏:‏ ‏(‏حتى إذا استيأس الرسل‏)‏ ، وسيأتي شرحه في تفسير سورة يوسف إن شاء الله تعالى‏.‏

*3*باب نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ الْآيَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم‏)‏ اختلف في معنى ‏(‏أني‏)‏ فقيل كيف، وقيل حيث، وقيل متى، ويحسب هذا الاختلاف جاء الاختلاف في تأويل الآية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ قَالَ تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ قُلْتُ لَا قَالَ أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ثُمَّ مَضَى وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ قَالَ يَأْتِيهَا فِي رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني إسحاق‏)‏ هو ابن راهويه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأخذت عليه يوما‏)‏ أي أمسكت المصحف وهو يقرأ عن ظهر قلب، وجاء ذلك صريحا في رواية عبيد الله بن عمر عن نافع قال ‏"‏ قال لي ابن عمر أمسك علي المصحف يا نافع، فقرأ ‏"‏ أخرجه الدار قطني في ‏"‏ غرائب مالك‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى انتهى إلى مكان قال‏:‏ تدري فيما أنزلت‏؟‏ قلت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ أنزلت في كذا وكذا ثم مضى‏)‏ هكذا أورده مبهما لمكان الآية والتفسير، وسأذكر ما فيه بعد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن عبد الصمد‏)‏ هو معطوف على قوله ‏"‏ أخبرنا النضر بن شميل ‏"‏ وهو عند المصنف أيضا عن إسحاق بن راهويه عن عبد الصمد وهو ابن عبد الوارث بن سعيد، وقد أخرج أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ هذا الحديث من طريق إسحاق بن راهويه عن النضر بن شميل بسنده، وعن عبد الصمد بسنده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يأتيها في‏)‏ هكذا وقع في جميع النسخ لم يذكر ما بعد الظرف وهو المجرور، ووقع في ‏"‏ الجمع بين الصحيحين للحميدي ‏"‏ يأتيها في الفرج، وهو من عنده بحسب ما فهمه‏.‏

ثم وقفت على سلفه فيه وهو البرقاني فرأيت في نسخة الصغاني ‏"‏ زاد البرقاني يعني الفرج ‏"‏ وليس مطابقا لما في نفس الرواية عن ابن عمر لما سأذكره، وقد قال أبو بكر بن العربي في ‏"‏ سراج المريدين ‏"‏‏:‏ أورد البخاري هذا الحديث في التفسير فقال ‏"‏ يأتيها في ‏"‏ وترك بياضا، والمسألة مشهورة صنف فيها محمد بن سحنون جزءا، وصنف فيها ابن شعبان كتابا، وبين أن حديث ابن عمر في إتيان المرأة في دبرها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رواه محمد بن يحيى بن سعيد‏)‏ أي القطان ‏(‏عن أبيه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر‏)‏ هكذا أعاد الضمير على الذي قبله، والذي قبله قد اختصره كما ترى، فأما الرواية الأولى وهي رواية ابن عون فقد أخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده وفي تفسيره بالإسناد المذكور‏.‏

وقال بدل قوله حتى انتهى إلى مكان ‏"‏ حتى انتهى إلى قوله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ‏"‏ فقال‏:‏ أتدرون فيما أنزلت هذه الآية‏؟‏ قلت لا‏.‏

قال‏:‏ نزلت في إتيان النساء في أدبارهن‏.‏

وهكذا أورده ابن جرير من طريق إسماعيل بن علية عن ابن عون مثله، ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي عن ابن عون نحوه، أخرجه أبو عبيدة في ‏"‏ فضائل القرآن ‏"‏ عن معاذ عن ابن عون فأبهمه فقال في كذا وكذا‏.‏

وأما رواية عبد الصمد فأخرجها ابن جرير في التفسير عن أبي قلابة الرقاشي عن عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي فذكره بلفظ يأتيها في الدبر، وهو يؤيد قول ابن العربي ويرد قول الحميدي‏.‏

وهذا الذي استعمله البخاري نوع من أنواع البديع يسمى الاكتفاء، ولا بد له من نكتة يحس بسببها استعماله‏.‏

وأما رواية محمد بن يحيى بن سعيد القطان فوصلها الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ من طريق أبي بكر الأعين عن محمد بن يحيى المذكور بالسند المذكور إلى ابن عمر قال ‏"‏ إنما نزلت على رسول ‏"‏ الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏نساؤكم حرث لكم‏)‏ رخصة في إتيان الدبر، قال الطبراني‏:‏ لم يروه عن عبد الله ابن عمر إلا يحيى بن سعيد، تفرد به ابنه محمد، كذا قال، ولم يتفرد به يحيى ابن سعيد فقد رواه عبد العزيز الدراوردي عن عبيد الله بن عمر أيضا كما سأذكره بعد، وقد روي هذا الحديث عن نافع أيضا جماعة غير ما ذكرنا ورواياتهم بذلك ثابتة عند ابن مردويه في تفسيره وفي ‏"‏ فوائد الأصبهانيين لأبي الشيخ ‏"‏ و ‏"‏ تاريخ نيسابور للحاكم ‏"‏ و ‏"‏ غرائب مالك للدار قطني ‏"‏ وغيرها‏.‏

وقد عاب الإسماعيلي صنيع البخاري فقال‏:‏ جميع ما أخرج عن ابن عمر مبهم لا فائدة فيه، وقد رويناه عن عبد العزيز - يعني الدراوردي - عن مالك وعبيد الله بن عمر وابن أبي ذئب ثلاثتهم عن نافع بالتفسير، وعن مالك من عدة أوجه ا هـ‏.‏

كلامه‏.‏

ورواية الدراوردي المذكورة قد أخرجها الدار قطني في ‏"‏ غرائب مالك ‏"‏ من طريقه عن الثلاثة عن نافع نحو رواية ابن عون عنه ولفظه ‏"‏ نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها، فأعظم الناس في ذلك فنزلت‏.‏

قال فقلت له من دبرها في قبلها، فقال‏:‏ لا إلا في دبرها‏"‏‏.‏

وتابع نافعا في ذلك على زيد بن أسلم عن ابن عمر وروايته عند النسائي بإسناد صحيح‏.‏

وتكلم الأزدي في بعض رواته ورد عليه ابن عبد البر فأصاب قال‏:‏ ورواية ابن عمر لهذا المعنى صحيحة مشهورة من رواية نافع عنه يغير نكير أن يرويها عنه زيد بن أسلم‏.‏

قلت‏:‏ وقد رواه عن عبد الله بن عمر أيضا ابنه عبد الله أخرجه النسائي أيضا وسعيد بن يسار وسالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ما قال نافع، وروايتهما عنه عند النسائي وابن جرير ولفظه ‏"‏ عن عبد الرحمن بن القاسم قلت لمالك‏:‏ إن ناسا يروون عن سالم‏:‏ كذب العبد على أبي، فقال مالك‏:‏ أشهد على زيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ما قال نافع، فقلت له‏:‏ إن الحارث بن يعقوب يروي عن سعيد بن يسار عن ابن عمر أنه قال أف، أو يقول ذلك مسلم‏؟‏ فقال مالك‏:‏ أشهد على ربيعة لأخبرني عن سعيد بن يسار عن ابن عمر مثل ما قال نافع، وأخرجه الدار قطني من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن مالك وقال‏:‏ هذا محفوظ عن مالك صحيح ا هـ‏.‏

وروى الخطيب في ‏"‏ الرواة عن مالك ‏"‏ من طريق إسرائيل بن روح قال‏:‏ سألت مالكا عن ذلك فقال‏:‏ ما أنتم قوم عرب‏؟‏ هل يكون الحرث إلا موضع الزرع‏؟‏ وعلى هذه القصة اعتمد المتأخرون من المالكية، فلعل مالكا رجع عن قوله الأول، أو كان يرى أن العمل على خلاف حديث ابن عمر فلم يعمل به، وإن كانت الرواية فيه صحيحة على قاعدته‏.‏

ولم ينفرد ابن عمر بسبب هذا النزول، فقد أخرج أبو يعلى وابن مردويه وابن جرير والطحاوي من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخضري ‏"‏ أن رجلا أصاب امرأته في دبرها، فأنكر الناس ذلك عليه وقالوا‏:‏ نعيرها، فأنزل الله عز وجل هذه الآية ‏"‏ وعلقه النسائي عن هشام بن سعيد عن زيد، وهذا السبب في نزول هذه الآية مشهور، وكأن حديث أبي سعيد لم يبلغ ابن عباس وبلغه حديث ابن عمر فوهمه فيه، فروى أبو داود من طريق مجاهد عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏ إن ابن عمر وهم والله يغفر له، إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب فكانوا يأخذون بكثير من فعلهم، وكان أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف، وذلك أستر ما تكون المرأة، فأخذ ذلك الأنصار عنهم، وكان هذا الحي من قريش يتلذذون بنسائهم مقبلات ومدبرات ومستلقيات، فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأمصار فذهب يفعل فيها ذلك فامتنعت، فسرى أمرهما حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى ‏(‏نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم‏)‏ مقبلات ومدبرات ومستلقيات، في الفرج ‏"‏ أخرجه أحمد والترمذي من وجه آخر صحيح عن ابن عباس قال ‏"‏ جاء عمر فقال‏:‏ يا رسول الله هلكت‏.‏

حولت رحلي البارحة، فأنزلت هذه الآية، نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم‏)‏ أقبل وأدبر، واتق الدبر والحيضة ‏"‏ وهذا الذي حمل عليه الآية موافق لحديث جابر المذكور في الباب في سبب نزول الآية كما سأذكر عند الكلام عليه‏.‏

وروى الربيع في ‏"‏ الأم ‏"‏ عن الشافعي قال‏:‏ احتملت الآية معنيين أحدهما أن تؤتى المرأة حيث شاء زوجها، لأن ‏"‏ أنى ‏"‏ بمعنى أين شئتم، واحتملت أن يراد بالحرث موضع النبات، والموضع الذي يراد به الولد هو الفرج دون ما سواه، قال فاختلف أصحابنا في ذلك، وأحسب أن كلا من الفريقين تأول ما وصفت من احتمال الآية، قال فطلبنا الدلالة فوجدنا حديثين‏:‏ أحدهما ثابت وهو حديث خزيمة بن ثابت في التحريم، فقوى عنده التحريم‏.‏

وروى الحاكم في ‏"‏ مناقب الشافعي ‏"‏ من طريق ابن عبد الحكم أنه حكى عن الشافعي مناظرة جرت بينه وبين محمد الحسن في ذلك، وأن ابن الحسن احتج عليه بأن الحرث إنما يكون في الفرج، فقال له‏:‏ فيكون ما سوى الفرج محرما، فالتزمه‏.‏

فقال أرأيت لو وطئها بين ساقها أو في أعكانها أنى ذلك حرث‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

قال أفيحرم‏؟‏ قال لا‏.‏

قال‏:‏ فكيف تحتج بما لا تقول به‏.‏

قال الحاكم‏:‏ لعل الشافعي كان يقول ذلك في القديم، وأما في الجديد فصرح بالتحريم ا هـ‏.‏

ويحتمل أن يكون ألزم محمدا بطريق المناظرة وإن كان لا يقول بذلك، وإنما انتصر لأصحابه المدنيين، والحجة عنده في التحريم غير المسلك الذي سلكه محمد كما يشير إليه كلامه في ‏"‏ الأم‏"‏‏.‏

وقال المازري‏:‏ اختلف الناس في هذه المسألة وتعلق في قال بالحل بهذه الآية، وانفصل عنها من قال يحرم بأنها نزلت بالسبب الوارد في حديث جابر في الرد على اليهود، يعنى كما في حديث الباب الآتي‏.‏

قال‏:‏ والعموم إذا خرج على سبب قصر عليه عند بعض الأصوليين، وعند الأكثر العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا يقتضى أن تكون الآية حجة في الجواز، لكن وردت أحاديث كثيرة بالمنع فتكون مخصصة لعموم الآية، وفي تخصيص عموم القرآن ببعض خبر الآحاد خلاف ا هـ‏.‏

وذهب جماعة من أئمة الحديث - كالبخاري والذهلي والبزار والنسائي وأبي علي النيسابوري - إلى أنه لا يثبت فيه شيء‏.‏

قلت‏:‏ لكن طرقها كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به، ويؤيد القول بالتحريم أنا لو قدمنا أحاديث الإباحة للزم أنه أبيح بعد أن حرم والأصل عدمه، فمن الأحاديث الصالحة الإسناد حديث خزيمة بن ثابت أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان، وحديث أبي هريرة أخرجه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان أيضا، وحديث ابن عباس وقد تقدمت إشارة إليه‏.‏

وأخرجه الترمذي من وجه آخر بلفظ ‏"‏ لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر ‏"‏ وصححه ابن حبان أيضا، وإذا كان ذلك صلح أن يخصص عموم الآية ويحمل على الإتيان في غير هذا المحل بناء على أن معنى ‏"‏ أنى ‏"‏ حيث وهو المتبادر إلى السياق، ويغني ذلك عن حملها على معنى آخر غير المتبادر، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ فَنَزَلَتْ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو الثوري قوله‏:‏ ‏(‏كانت اليهود إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت‏)‏ هذا السياق قد يوهم أنه مطابق لحديث ابن عمر، وليس كذلك، فقد أخرجه الإسماعيلي من طريق يحيى بن أبي زائدة عن سفيان الثوري بلفظ ‏"‏ باركة مدبرة في فرجها من ورائها ‏"‏ وكذا أخرجه مسلم من طريق سفيان بن عيينة عن ابن المنكدر بلفظ ‏"‏ إذا أتيت امرأة من دبرها في قبلها ‏"‏ ومن طريق أبي حازم عن ابن منكدر بلفظ ‏"‏ إذا أتيت المرأة من دبرها فحملت ‏"‏ وقوله ‏"‏ فحملت ‏"‏ يدل على أن مراده أن الإتيان في الفرج لا في الدبر، وهذا كله يؤيد تأويل ابن عباس الذي رد به على ابن عمر، وقد أكذب الله اليهود في زعمهم وأباح للرجال أن يتمتعوا بنسائهم كيف شاءوا، وإذا تعارض المجمل والمفسر قدم المفسر، وحديث جابر مفسر فهو أولى أن يعمل به من حديث ابن عمر، والله أعلم‏.‏

وأخرج مسلم أيضا من حديث جابر زيادة في طريق الزهري عن ابن المنكدر بلفظ ‏"‏ إن شاء محبية وإن شاء غير محبية غير أن ذلك في صمام واحد ‏"‏ وهذه الزيادة يشبه أن تكون من تفسير الزهري لخلوها من رواية غيره من أصحاب ابن المنكدر مع كثرتهم‏.‏

وقوله ‏"‏محبية ‏"‏ بميم ثم موحدة أي باركة وقوله ‏"‏ صمام ‏"‏ بكسر المهملة والتخفيف هو المنفذ‏.‏

*3*باب وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن‏)‏ اتفق أهل التفسير على أن المخاطب بذلك الأولياء، ذكره ابن جرير وغيره‏.‏

وروى ابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس‏:‏ هي في الرجل يطلق امرأته فتقضى عدتها، فيبدو له أن يراجعها وتريد المرأة ذلك فيمنعه وليها‏.‏

ثم ذكر المصنف حديث معقل بن يسار في سبب نزول الآية، لكنه ساقه مختصرا، وقد أورده في النكاح بتمامه وسيأتي شرحه، وكذا ما جاء في تسمية أخت معقل واسم زوجها هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ ح حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَخَطَبَهَا فَأَبَى مَعْقِلٌ فَنَزَلَتْ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ

الشرح‏:‏

و قوله‏:‏ ‏(‏وقال إبراهيم عن يونس عن الحسن حدثني معقل‏)‏ أراد بهذا التعليق بيان تصريح الحسن بالتحديث عن معقل، ورواية إبراهيم هذا وهو ابن طهمان وصلها المؤلف في النكاح كما سيأتي، وقد صرح الحسن بتحديث معقل له أيضا في رواية عباد بن راشد كما سيأتي أيضا‏.‏

*3*باب وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا

فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يَعْفُونَ يَهَبْنَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا‏)‏ ساق الآية إلى قوله‏:‏ ‏(‏والله بما تعملون خبير‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يعفون يهبن‏)‏ ثبت هذا هنا في نسخة الصغاني، وهو تفسير أبو عبيدة قال‏:‏ يعفون يتركن يهبن، وهو على رأي الحميدي خلافا لمحمد بن كعب فإنه قال المراد عفو الرجال، وهذه اللفظة ونظائرها مشتركة بين الجمع والمذكر والمؤنث، لكن في الرجال النون علامة الرفع، وفي النساء النون ضمير لهن، ووزن جمع المذكر يعفون وجمع المؤنث يفعلن‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا قَالَ قَدْ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الْأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا أَوْ تَدَعُهَا قَالَ يَا ابْنَ أَخِي لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن حبيب‏)‏ هو ابن الشهيد كما سيأتي بعد بابين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن أبي مليكة‏)‏ في رواية الإسماعيلي من طريق علي بن المديني عن يزيد بن زريع ‏"‏ حدثنا حبيب بن الشهيد حدثني عبد الله بن أبي مليكة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن الزبير‏)‏ في رواية بن المديني المذكورة ‏"‏ عن عبد الله الزبير ‏"‏ وله من وجه آخر ‏"‏ عن يزيد بن زريع بسنده أن عبد الله ابن الزبير قال قلت لعثمان‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلم تكتبها أو تدعها‏)‏ كذا في الأصول بصيغة الاستفهام الإنكاري كأنه قال لم تكتبها وقد عرفت أنها منسوخة، أو قال لم تدعها أي تتركها مكتوبة، وهو شك من الراوي أي اللفظين قال‏.‏

ووقع في الرواية الآتية بعد بابين ‏"‏ فلم تكتبها‏؟‏ قال تدعها يا ابن أخي ‏"‏ وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ لم تكتبها وقد نسخها الآية الأخرى ‏"‏ وهو يؤيد التقدير الذي ذكرته‏.‏

وله من رواية أخرى ‏"‏ قلت لعثمان‏:‏ هذه الآية ‏(‏والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج‏)‏ قال‏:‏ نسختها الآية الأخرى‏.‏

قلت‏:‏ تكتبها أو تدعها‏؟‏ قال‏:‏ يا ابن أخي لا أغير منها شيئا عن مكانه‏"‏‏.‏

وهذا السياق أولى من الذي قبله‏.‏

وأو للتخيير لا للشك‏.‏

وفي جواب عثمان هذا دليل على أن ترتيب الآي توقيفي‏.‏

وكأن عبد الله بن الزبير ظن أن الذي ينسخ حكمه لا يكتب، فأجابه عثمان بأن ذلك ليس بلازم والمتبع فيه التوقف، وله فوائد‏:‏ منها ثواب التلاوة، والامتثال على أن من السلف من ذهب إلى أنها ليست منسوخة وإنما خص من الحول بعضه وبقي البعض وصية لها إن شاءت أقامت كما في الباب عن مجاهد، لكن الجمهور على خلافه‏.‏

وهذا الموضع مما وقع فيه الناسخ مقدما في ترتيب التلاوة على المنسوخ‏.‏

وقد قيل إنه لم يقع نظير ذلك إلا هنا وفي الأحزاب على قول من قال أن إحلال جميع النساء هو الناسخ، وسيأتي البحث فيه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد ظفرت بمواضع أخرى منها في البقرة أيضا قوله‏:‏ ‏(‏فأينما تولوا فثم وجه الله‏)‏ فإنها محكمة في التطوع مخصصة لعموم قوله ‏(‏وحيث ما كنت فولوا وجوهكم شطره‏)‏ كونها مقدمة في التلاوة، ومنها في البقرة أيضا قوله تعالى ‏(‏ما ننسخ من آية‏)‏ على قول من قال إن سبب نزولها أن اليهود طعنوا في تحويل القبلة، فإنه يقتضي أن تكون مقدمة في التلاوة متأخرة في النزول، وقد تتبعت من ذلك شيئا كثيرا ذكرته في غير هذا الموضع، ويكفي هنا الإشارة إلى هذا القدر‏.‏

قوله وقول عثمان لعبد الله ‏"‏ يا ابن أخي ‏"‏ يريد في الإيمان أو بالنسبة إلى السن، وزاد الكرماني‏:‏ أو على عادة مخاطبة العرب‏.‏

ويمكن أن يتحد مع الذي قبله‏.‏

قال أو لأنهما يجتمعان في قصي‏.‏

قال‏:‏ إلا أن عثمان وعبد الله في العدد إلى قصي سواء بين كل منهما وبينه أربعة آباء فلو أراد ذلك لقال يا أخي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا قَالَ كَانَتْ هَذِهِ الْعِدَّةُ تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ قَالَ جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فَالْعِدَّةُ كَمَا هِيَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَالَ عَطَاءٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ إِخْرَاجٍ قَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهِ وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ قَالَ عَطَاءٌ ثُمَّ جَاءَ الْمِيرَاثُ فَنَسَخَ السُّكْنَى فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ وَلَا سُكْنَى لَهَا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا وَعَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِدَّتَهَا فِي أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ نَحْوَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني إسحاق‏)‏ هو ابن راهويه‏.‏

وروح هو ابن عبادة، وشبل هو ابن عباد، وابن أبي نجيح هو عبد الله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏زعم ذلك عن مجاهد‏)‏ قائل ذلك هو شبل، وفاعل زعم هو ابن أبي نجيح، وبهذا جزم الحميدي في جمعه‏:‏ وقوله ‏"‏ وقال عطاء ‏"‏ هو عطف على قوله مجاهد، وهو من رواية ابن أبي نجيح عن عطاء، ووهم من زعم أنه معلق، وقد أبدى المصنف ما نبهت عليه برواية ورقاء التي ذكرها بعد هذه، وقوله ‏"‏عن محمد بن يوسف ‏"‏ هو معطوف على قوله ‏"‏ أنبأنا روح ‏"‏ وقد أورد أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ هذا الحديث من طريق محمد بن عبد الملك بن زنجويه عن محمد بن يوسف هو الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وعن عطاء بتمامه وقال‏:‏ ذكره البخاري عن الفريابي، هذا يدل على أنه فهم أن البخاري علقه عن شيخه والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حِبَّانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عُظْمٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَفِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى فَذَكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَكِنَّ عَمَّهُ كَانَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ فَقُلْتُ إِنِّي لَجَرِيءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي جَانِبِ الْكُوفَةِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ قَالَ ثُمَّ خَرَجْتُ فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ أَوْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ قُلْتُ كَيْفَ كَانَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهْيَ حَامِلٌ فَقَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلَا تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ لَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ

الشرح‏:‏

ثم ذكر المصنف حديث ابن مسعود ‏"‏ أنزلت صورة النساء القصرى بعد الطولى ‏"‏ وسيأتي شرحه في تفسير سورة الطلاق، وقوله ‏"‏وقال أيوب ‏"‏ وصله هناك بتمامه‏.‏