فصل: (تابع: حرف الباء)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرف الباء‏]‏

كثعب‏:‏ الكَثْعَبُ والكَعْثَبُ‏:‏ الرَّكَبُ الضَّخْم المُمْتَلِئُ الناتِئُ‏.‏ وامرأَة كَثْعَبٌ وكَعْثَبٌ‏:‏ ضَخْمة الرَّكَب، يعني الفَرْجَ‏.‏

كحب‏:‏ الكَحْبُ والكَحْمُ‏:‏ الحِصْرِمُ، واحدته كَحْبةٌ، يمانية‏.‏

وقد كَحَّبَ الكَرْمُ إِذا ظهر كَحْبُه، وهو البَرْوَقُ، والواحد كالواحد‏.‏ وفي حديث الدجال‏:‏ ثم يأْتي الخِصْبُ، فيُعَقِّلُ الكَرْمُ ثم يُكَحِّبُ أَي تَخْرُجُ عَناقيدُ الحِصْرِم، ثم يَطيبُ طَعْمُه‏.‏ قال الليث‏:‏ الكَحْبُ بلغة أَهل اليمن‏:‏ العورة؛ والحَبَّةُ منه‏:‏ كَحْبَةٌ‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ هذا حرف صحيح، وقد رواه أَحمد بن يحيى عن ابن الأَعرابي‏.‏

قال‏:‏ ويقال كَحَّبَ العِنَبُ تَكْحِيباً إِذا انْعَقَدَ بعد تَفْقيح نَوْره، وروى سَلَمة عن الفراء، يقال‏:‏ الدَّراهمُ بين يديه كاحِبةٌ إِذا واجَهَتْكَ كثيرةً‏.‏ قال‏:‏ والنار إِذا ارْتَفَعَ لَهَبُها، فهي كاحِبةٌ‏.‏ والكَحْبُ بلغتهم أَيضاً‏:‏ الدُّبُر‏.‏ وقد كَحَبَه‏:‏ ضَرَبَ ذلك منه‏.‏

وكَوْحَبٌ‏:‏ موضع‏.‏

كحكب‏:‏ كَحْكَبٌ‏:‏ موضع‏.‏

كحلب‏:‏ كَحْلَبٌ‏:‏ اسم‏.‏

كدب‏:‏ الكَدْبُ والكَدِبُ والكَدَبُ‏:‏ البياضُ في أَظفار الأَحداث، واحدته كَدْبَةٌ وكَدَبة وكَدِبة، فإِذا صحَّت كَدْبة، بسكون الدال، فَكَدْبٌ اسم للجمع‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ المَكْدُوبة من النساءِ النَّقِيَّةُ البَياضِ‏.‏ والكَدِبُ‏:‏ الدَّمُ الطَّرِيُّ‏.‏ وقرأَ بعضهم‏:‏ وجاؤُوا على قميصه بدَمٍ كَدِبٍ‏.‏

وسئل أَبو العباس عن قراءة من قرأَ بدمٍ كَدِبِ، بالدال اليابسة، فقال‏:‏ إِن قرأَ به إِمامٌ فله مَخْرَج، قيل له‏:‏ فما هو وله إِمام‏؟‏ فقال‏:‏

الدَّمُ الكَدِبُ الذي يَضْرِبُ إِلى البَياض، مأْخوذ من كَدَب الظُّفْر، وهو وَبَشُ بَياضِه، وكذلك الكُدَيْباءُ، فكأَنه قد أَثرَ في قميصه، فلَحِقَتْه أَعراضُه كالنَّقْشِ عليه‏.‏

كذب‏:‏ الكَذِبُ‏:‏ نقيضُ الصِّدْقِ؛ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً وكِذْباً وكِذْبةً وكَذِبةً‏:‏ هاتان عن اللحياني، وكِذاباً وكِذَّاباً؛ وأَنشد اللحياني‏:‏

نادَتْ حَليمةُ بالوَداع، وآذَنَتْ *** أَهْلَ الصَّفَاءِ، ووَدَّعَتْ بكِذَابِ

ورجل كاذِبٌ، وكَذَّابٌ، وتِكْذابٌ، وكَذُوبٌ، وكَذُوبةٌ، وكُذَبَةٌ مثال هُمَزة، وكَذْبانٌ، وكَيْذَبانٌ، وكَيْذُبانٌ، ومَكْذَبانٌ، ومَكْذَبانة، وكُذُبْذُبانٌ، وكُذُبْذُبٌ، وكُذُّبْذُبٌ؛ قال جُرَيْبَةُ بنُ الأَشْيَمِ‏:‏

فإِذا سَمِعْتَ بأَننِي قد بِعْتُكم *** بوِصَالِ غَانيةٍ، فقُلْ كُذُّبْذُبُ

قال ابن جني‏:‏ أَما كُذُبْذُبٌ خفيف، وكُذُّبْذُبٌ ثَقِيل، فهاتانِ بناءَانِ لم يَحْكِهما سيبويه‏.‏ قال‏:‏ ونحوُه ما رَوَيْتُه عن بعض أَصحابنا، مِن قول بعضهم ذُرَحْرَحٌ، بفتح الراءَين‏.‏ والأُنثى‏:‏ كاذِبةٌ وكَذَّابة وكَذُوبٌ‏.‏

والكُذَّب‏:‏ جمع كاذبٍ، مثل راكِعٍ ورُكَّعٍ؛ قال أَبو دُواد الرُّؤَاسِي‏:‏

مَتَى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقوامَ قَوْلَتُه *** إِذا اضْمَحَلَّ حديثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ

أَلَيْسَ أَقْرَبَهُم خَيْراً، وأَبعدَهُم *** شَرّاً، وأَسْمَحَهُم كَفّاً لمَنْ مُنِعَه

لا يَحْسُدُ الناسَ فَضْلَ اللّه عندهُمُ *** إِذا تَشُوهُ نُفُوسُ الحُسَّدِ الجَشِعَهْ

الوَلَعَةُ‏:‏ جمع والِعٍ، مثل كاتب وكَتَبة‏.‏ والوالع‏:‏ الكاذب، والكُذُبُ

جمع كَذُوب، مثل صَبُور وصُبُر، ومِنه قَرَأَ بعضُهم‏:‏ ولا تقولوا لما تَصِفُ أَلسِنتُكُم الكُذُبُ، فجعله نعتاً للأَلسنة‏.‏ الفراء‏:‏ يحكى عن العرب أَن بني نُمير ليس لهم مَكْذُوبةٌ‏.‏ وكَذَبَ الرجلُ‏:‏ أَخْبَر بالكَذِبِ‏.‏

وفي المثل‏:‏ ليس لمَكْذُوبٍ رَأْيٌ‏.‏ ومِنْ أَمثالهم‏:‏ المَعاذِرُ مَكاذِبُ‏.‏ ومن أَمثالهم‏:‏ أَنَّ الكَذُوبَ قد يَصْدُقُ، وهو كقولهم‏:‏ مع الخَواطِئِ سَهْمٌ صائِبٌ‏.‏ اللحياني‏:‏ رجل تِكِذَّابٌ وتِصِدَّاقٌ أَي يَكْذِبُ ويَصْدُق‏.‏

النضر‏:‏ يقال للناقة التي يَضْرِبُها الفَحْلُ فتَشُولُ، ثم تَرْجِعُ

حائلاً‏:‏ مُكَذِّبٌ وكاذِبٌ، وقد كَذَّبَتْ وكَذَبَتْ‏.‏

أَبو عمرو‏:‏ يقال للرجل يُصاحُ به وهو ساكتٌ يُري أَنه نائم‏:‏ قد أَكْذَب، وهو الإِكْذابُ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرُّسلُ وظَنُّوا أَنهم قد كُذِّبُوا؛ قراءة أَهلِ المدينةِ، وهي قِراءة عائشة، رضي اللّه عنها، بالتشديد وضم الكاف‏.‏ روي عن عائشة، رضي اللّه عنها، أَنها قالت‏:‏ اسْتَيْأَسَ الرسلُ ممن كَذَّبَهم من قومهم أَن يُصَدِّقُوهم، وظَنَّتِ الرُّسُلُ أَن من قد آمَنَ من قومهم قد كَذَّبُوهم جاءهم نَصْرُ اللّهِ، وكانت تَقْرؤُه بالتشديد، وهي قراءة نافع، وابن كثير، وأَبي عمرو، وابن عامر؛ وقرأَ عاصم وحمزة والكسائي‏:‏ كُذِبُوا، بالتخفيف‏.‏ ورُوي عن ابن عباس أَنه قال‏:‏ كُذِبُوا، بالتخفيف، وضم الكاف‏.‏ وقال‏:‏ كانوا بَشَراً، يعني الرسل؛ يَذْهَبُ إِلى أَن الرسل ضَعُفُوا، فَظَنُّوا أَنهم قد أُخْلِفُوا‏.‏

قال أَبو منصور‏:‏ إِن صح هذا عن ابن عباس، فوَجْهُه عندي، واللّه أَعلم، أَن الرسل خَطَر في أَوهامهم ما يَخْطُر في أَوهامِ البشر، مِن غير أَن حَقَّقُوا تلك الخَواطرَ ولا رَكَنُوا إِليها، ولا كان ظَنُّهم ظَنّاً اطْمَأَنُّوا إِليه، ولكنه كان خاطراً يَغْلِبُه اليقينُ‏.‏ وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال‏:‏ تَجاوَزَ اللّه عن أُمتي ما حدَّثَتْ به أَنفُسَها‏.‏ ما لم يَنْطِقْ به لسانٌ أَو تَعْمله يَدٌ، فهذا وجه ما رُوي عن ابن عباس‏.‏ وقد رُوي عنه أَيضاً‏:‏ أَنه قرأَ حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرسلُ من قَوْمهم الإِجابةَ، وظَنَّ قَوْمُهُم أَن الرُّسُل قد كذَبهم الوعيدُ‏.‏ قال أَبو منصور‏:‏ وهذه الرواية أَسلم، وبالظاهر أَشْبَهُ؛ ومما يُحَقّقها ما رُوي عن سعيد بن جُبَيْر أَنه قال‏:‏ اسْتيأَسَ الرسلُ من قومهم، وظنَّ قومُهم أَن الرسل قد كُذِّبُوا، جاءَهم نَصْرُنا؛ وسعيد أَخذ التفسير عن ابن عباس‏.‏ وقرأَ بعضهم‏:‏ وظَنُّوا أَنهم قد كَذَبوا أَي ظَنَّ قَوْمُهم أَن الرسلَ قد كَذَبُوهُمْ‏.‏ قال أَبو منصور‏:‏ وأَصَحُّ الأَقاويل ما روينا عن عائشة، رضي اللّه عنها، وبقراءَتها قرأَ أَهلُ الحرمين، وأَهلُ البصرة، وأَهلُ الشام‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ليس لوَقْعَتِها كاذِبةٌ؛ قال الزجاج‏:‏ أَي ليس يَرُدُّها شيءٌ، كما تقول حَمْلَةُ فلان لا تَكْذِبُ أَي لا يَرُدُّ حَمْلَتُه شيء‏.‏ قال‏:‏ وكاذِبةٌ مصدر، كقولك‏:‏ عافاه اللّهُ عافِيةً، وعاقَبَه عاقِبةً، وكذلك كَذَبَ كاذبةً؛ وهذه أَسماء وضعت مواضع المصادر، كالعاقبة والعافية والباقية‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ فهل تَرَى لهم من باقيةٍ‏؟‏ أَي بقاءٍ‏.‏ وقال الفراءُ‏:‏ ليس لوَقْعَتِها كاذبةٌ أَي ليس لها مَرْدُودٌ ولا رَدٌّ، فالكاذبة، ههنا، مصدر‏.‏

يقال‏:‏ حَمَلَ فما كَذَبَ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رَأَى؛ يقول‏:‏ ما كَذَبَ فؤَادُ محمدٍ ما رَأَى؛ يقول‏:‏ قد صَدَقَه فُؤَادُه الذي

رأَى‏.‏ وقرئَ‏:‏ ما كَذَّبَ الفُؤَادُ ما رَأَى، وهذا كُلُّه قول الفراء‏.‏ وعن أَبي الهيثم‏:‏ أَي لم يَكْذِب الفُؤَادُ رُؤْيَتَه، وما رَأَى بمعنى

الرُّؤْية، كقولك‏:‏ ما أَنْكَرْتُ ما قال زيدٌ أَي قول زيد‏.‏

ويقال‏:‏ كَذَبَني فلانٌ أَي لم يَصْدُقْني فقال لي الكَذِبَ؛ وأَنشد

للأَخطل‏:‏

كَذَبَتْكَ عَيْنُك، أَم رأَيتَ بواسطٍ *** غَلَسَ الظَّلامِ، مِن الرَّبابِ، خَيَالا‏؟‏

معناه‏:‏ أَوْهَمَتْكَ عَيْنُكَ أَنها رَأَتْ، ولم تَرَ‏.‏ يقول‏:‏ ما أَوْهَمه الفؤَادُ أَنه رَأَى، ولم يَرَ، بل صَدَقَه الفُؤَادُ رُؤْيَتَه‏.‏ وقوله‏:‏ ناصِيَةٍ كاذبةٍ أَي صاحِبُها كاذِبٌ، فأَوْقَعَ الجُزْءَ موقع الجُملة‏.‏ ورُؤْيَا كَذُوبٌ‏:‏ كذلك؛ أَنشد ثعلب‏:‏

فَحَيَّتْ فَحَيَّاها فَهَبَّ فَحَلَّقَتْ *** معَ النَّجْمِ رُؤْيا، في المَنامِ، كَذُوبُ

والأُكْذُوبةُ‏:‏ الكَذِبُ‏.‏ والكاذِبةُ‏:‏ اسم للمصدر، كالعَافية‏.‏

ويقال‏:‏ لا مَكْذَبة، ولا كُذْبى، ولا كُذْبانَ أَي لا أَكْذُبك‏.‏

وكَذَّبَ الرجلَ تَكْذيباً وكِذَّاباً‏:‏ جعله كاذِباً، وقال له‏:‏ كَذَبْتَ؛ وكذلك كَذَّب بالأَمر تَكْذيباً وكِذَّاباً‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً‏.‏ وفيه‏:‏ لا يَسْمَعُون فيها لغواً ولا كِذَّاباً أَي كَذِباً، عن اللحياني‏.‏ قال الفراءُ‏:‏ خَفَّفَهما عليُّ بن أَبي طالب، عليه السلام، جميعاً، وثَقَّلَهما عاصمٌ وأَهل المدينة، وهي لغة يمانية فصيحة‏.‏ يقولون‏:‏ كَذَّبْتُ به كِذَّاباً، وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً‏.‏ وكلُّ فَعَّلْتُ فمصدرُه فِعَّالٌ، في لغتهم، مُشدّدةً‏.‏ قال‏:‏ وقال لي أَعرابي مَرَّةً على المَرْوَة يَسْتَفْتيني‏:‏ أَلْحَلْقُ أَحَبُّ إِليك أَم القِصَّار‏؟‏ وأَنشدني بعضُ بني كُلَيْب‏:‏

لقدْ طالَ ما ثَبَّطْتَني عن صَحابتي *** وعن حِوَجٍ، قِضَّاؤُها منْ شِفائيا

وقال الفرَّاءُ‏:‏ كان الكسائي يخفف لا يسمعون فيها لغواً ولا كِذاباً، لأَنها مُقَيَّدَة بفِعْلٍ يُصَيِّرُها مصدراً، ويُشَدِّدُ‏:‏ وكَذَّبُوا

بآياتنا كِذَّاباً؛ لأَن كَذَّبُوا يُقَيِّدُ الكِذَّابَ‏.‏ قال‏:‏ والذي قال حَسَنٌ، ومعناه‏:‏ لا يَسْمَعُون فيها لَغْواً أَي باطلاً، ولا كِذَّاباً أَي لا يُكَذِّبُ بَعْضُهم بَعْضاً، غيره‏.‏ يقال للكَذِبِ‏:‏ كِذابٌ؛ ومِنه قوله تعالى‏:‏ لا يَسْمَعُونَ فيها لَغْواً ولا كِذاباً أَي كَذِباً؛ وأَنشد أَبو العباس قولَ أَبي دُوادٍ‏:‏

قُلْتُ لمَّا نَصَلا منْ قُنَّةٍ‏:‏ *** كَذَبَ العَيْرُ وإِنْ كانَ بَرَحْ

قال معناه‏:‏ كَذَبَ العَيْرُ أَنْ يَنْجُوَ مني أَيَّ طَريقٍ أَخَذَ، سانِحاً أَو بارِحاً؛ قال‏:‏ وقال الفراءُ هذا إِغراءٌ أَيضاً‏.‏ وقال اللحياني، قال الكسائي‏:‏ أَهلُ اليمن يجعلون مصدرَ فَعَّلْتُ فِعَّالاً، وغيرهم من العرب تفعيلاً‏.‏ قال الجوهري‏:‏ كِذَّاباً أَحد مصادر المشدَّد، لأَن مصدره قد يجيءُ على التَّفْعِيلِ مثل التَّكْلِيم، وعلى فِعَّالٍ مثل

كِذَّابٍ، وعلى تَفعِلَة مثل تَوْصِيَة، وعلى مُفَعَّلٍ مثل‏:‏ ومَزَّقْناهم كلَّ مُمَزَّقٍ‏.‏

والتَّكاذُبُ مثل التَّصادُق‏.‏ وتَكَذَّبُوا عليه‏:‏ زَعَمُوا أَنه كاذِبٌ؛ قال أَبو بكر الصدِّيق، رضي اللّه عنه‏:‏

رسُولٌ أَتاهم صادِقٌ، فَتَكَذَّبُوا *** عليه وقالُوا‏:‏ لَسْتَ فينا بماكِثِ

وتَكَذَّبَ فلانٌ إِذا تَكَلَّفَ الكَذِبَ‏.‏

وأَكْذَبَهُ‏:‏ أَلْفاه كاذِباً، أَو قال له‏:‏ كَذَبْتَ‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ فإِنهم لا يُكَذِّبُونَكَ؛ قُرِئَتْ بالتخفيف والتثقيل‏.‏ وقال الفراءُ‏:‏ وقُرِئَ لا يُكْذِبُونَكَ، قال‏:‏ ومعنى التخفيف، واللّه أَعلم، لا يجعلونك كذَّاباً، وأَن ما جئتَ به باطلٌ، لأَنهم لم يُجَرِّبُوا عليه كَذِباً فَيُكَذِّبُوه، إِنما أَكْذَبُوه أَي قالوا‏:‏ إِنَّ ما جئت به كَذِبٌ، لا يَعْرِفونه من النُّبُوَّة‏.‏ قال‏:‏ والتَّكْذيبُ أَن يقال‏:‏ كَذَبْتَ‏.‏ وقال الزجاج‏:‏ معنى كَذَّبْتُه، قلتُ له‏:‏ كَذَبْتَ؛ ومعنى أَكْذَبْتُه، أَرَيْتُه أَن ما أَتى به كَذِبٌ‏.‏ قال‏:‏ وتفسير قوله لا يُكَذِّبُونَك، لا يَقْدِرُونَ أَن يقولوا لك فيما أَنْبَأْتَ به مما في كتبهم‏:‏ كَذَبْتَ‏.‏ قال‏:‏ ووَجْهٌ آخر لا يُكَذِّبُونَكَ بقلوبهم، أَي يعلمون أَنك صادق؛ قال‏:‏ وجائز أَن يكون فإِنهم لا يُكْذِبُونكَ أَي أَنت عندهم صَدُوق، ولكنهم جحدوا بأَلسنتهم، ما تشهد قُلُوبُهم بكذبهم فيه‏.‏ وقال الفراءُ في قوله تعالى‏:‏ فما يُكَذِّبُكَ بعدُ بالدِّينِ؛ يقول فما الذي يُكَذِّبُكَ بأَن الناسَ يُدانُونَ بأَعمالهم، كأَنه قال‏:‏ فمن يقدر على تكذيبنا بالثواب والعقاب، بعدما تبين له خَلْقُنا للإِنسان، على ما وصفنا لك‏؟‏ وقيل‏:‏ قوله تعالى‏:‏ فما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدِّين؛ أَي ما يَجْعَلُكَ مُكَذِّباً، وأَيُّ شيءٍ يَجْعَلُك مُكَذِّباً بالدِّينِ أَي بالقيامة‏؟‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وجاؤُوا على قميصه بدَمٍ كَذِبٍ‏.‏ رُوِي في التفسير أَن إِخوةَ يوسف لما طَرَحُوه في الجُبِّ، أَخَذُوا قميصَه، وذَبَحُوا جَدْياً، فلَطَخُوا القَمِيصَ بدَمِ الجَدْي، فلما رأَى يعقوبُ، عليه السلام، القَميصَ، قال‏:‏ كَذَبْتُمْ، لو أَكَلَه الذِّئبُ لمَزَّقَ قميصه‏.‏ وقال الفراءُ في قوله تعالى‏:‏ بدَمٍ كَذبٍ؛ معناه مَكْذُوبٍ‏.‏ قال‏:‏ والعرب تقول للكَذِبِ‏:‏ مَكْذُوبٌ، وللضَّعْف مَضْعُوفٌ، وللْجَلَد‏:‏ مَجْلُود، وليس له مَعْقُودُ رَأْيٍ، يريدون عَقْدَ رَأْيٍ، فيجعلونَ المصادرَ في كثير من الكلام مفعولاً‏.‏ وحُكي عن أَبي ثَرْوانَ أَنه قال‏:‏ إِن بني نُمَيْرٍ ليس لحَدِّهم مَكْذُوبةٌ أَي كَذِبٌ‏.‏ وقال الأَخفش‏:‏ بدَمٍ كَذِبٍ، جَعَلَ الدمَ كَذِباً، لأَنه كُذِبَ فيه، كما قال سبحانه‏:‏ فما رَبِحَتْ تِجارَتُهم‏.‏ وقال أَبو العباس‏:‏ هذا مصدر في معنى مفعول، أَراد بدَمٍ مَكْذُوب‏.‏ وقال الزجاج‏:‏ بدَمٍ كذِبٍ أَي ذي كَذِب؛ والمعنى‏:‏ دَمٍ مَكْذُوبٍ فيه‏.‏ وقُرِئَ بدَمٍ كَدِبٍ، بالدال المهملة، وقد تقدم في ترجمة كدب‏.‏ ابن الأَنباري في قوله تعالى‏:‏ فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك، قال‏:‏ سأَل سائل كيف خَبَّر عنهم أَنهم لا يُكَذِّبُونَ النبي صلى الله عليه وسلم وقد كانوا يُظْهِرون تَكْذيبه ويُخْفُونه‏؟‏ قال‏:‏ فيه ثلاثة أَقوال‏:‏ أَحدها فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك بقلوبهم، بل يكذبونك بأَلسنتهم؛ والثاني قراءة نافع والكسائي، ورُويَتْ عن عليّ، عليه السلام، فإِنهم لا يُكْذِبُونَك، بضم الياءِ، وتسكين الكاف، على معنى لا يُكَذِّبُونَ الذي جِئْتَ به، إِنما يَجْحدون بآيات اللّه ويَتَعَرَّضُون لعُقوبته‏.‏ وكان الكسائي يحتج لهذه القراءة، بأَن العرب تقول‏:‏ كَذَّبْتُ الرجلَ إِذا نسبته إِلى الكَذِبِ؛ وأَكْذَبْتُه إِذا أَخبرت أَن الذي يُحَدِّثُ به كَذِبٌ؛ قال ابن الأَنباري‏:‏ ويمكن أَن يكون‏:‏ فإِنهم لا يُكْذِبُونَكَ، بمعنى لا يَجدونَكَ كَذَّاباً، عند البَحْث والتَّدَبُّر والتَّفْتيش‏.‏ والثالث أَنهم لا يُكَذِّبُونَك فيما يَجِدونه موافقاً في كتابهم، لأَن ذلك من أَعظم الحجج عليهم‏.‏ الكسائي‏:‏ أَكْذَبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه جاءَ بالكَذِبِ، ورواه‏:‏ وكَذَّبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه كاذِبٌ؛ وقال ثعلب‏:‏ أَكْذَبه وكَذَّبَه، بمعنًى؛ وقد يكون أَكْذَبَه بمعنى بَيَّن كَذِبَه، أَو حَمَلَه على الكَذِب، وبمعنى وجَدَه كاذباً‏.‏ وكاذَبْتُه مُكاذَبةً وكِذاباً‏:‏ كَذَّبْتُه وكَذَّبني؛ وقد يُستعمل

الكَذِبُ في غير الإِنسان، قالوا‏:‏ كَذَبَ البَرْقُ، والحُلُمُ، والظَّنُّ، والرَّجاءُ، والطَّمَعُ؛ وكَذَبَتِ العَيْنُ‏:‏ خانها حِسُّها‏.‏ وكذَبَ

الرأْيُ‏:‏ تَوهَّمَ الأَمْرَ بخلافِ ما هو به‏.‏ وكَذَبَتْهُ نَفْسُه‏:‏ مَنَّتْهُ

بغير الحق‏.‏ والكَذوبُ‏:‏ النَّفْسُ، لذلك قال‏:‏

إِني، وإِنْ مَنَّتْنيَ الكَذُوبُ *** لَعالِمٌ أَنْ أَجَلي قَريبُ

أَبو زيد‏:‏ الكَذُوبُ والكَذُوبةُ‏:‏ من أَسماءِ النَّفْس‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏

المَكْذُوبة من النساءِ الضَّعيفة‏.‏

والمَذْكُوبة‏:‏ المرأَة الصالحة‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ تقول العرب للكَذَّابِ‏:‏ فلانٌ لا يُؤَالَفُ خَيْلاه، ولا يُسايَرُ خَيْلاه كَذِباً؛ أَبو الهيثم، انه قال في قول لبيد‏:‏

أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها

يقول‏:‏ مَنِّ نَفْسَكَ العَيْشَ الطويلَ، لتَأْمُلَ الآمالَ البعيدة، فتَجِدَّ في الطَّلَب، لأَنك إِذا صَدَقْتَها، فقلتَ‏:‏ لعلك تموتينَ اليومَ أَو غداً، قَصُرَ أَمَلُها، وضَعُفَ طَلَبُها؛ ثم قال‏:‏

غَيْرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التُّقَى

أَي لا تُسَوِّفْ بالتوبة، وتُصِرَّ على المَعْصية‏.‏ وكَذَبَتْهُ عَفَّاقَتُه، وهي اسْتُه ونحوه كثير‏.‏

وكَذَّبَ عنه‏:‏ رَدَّ، وأَراد أَمْراً، ثم كَذَّبَ عنه أَي أَحْجَم‏.‏

وكَذَبَ الوَحْشِيُّ وكَذَّبَ‏:‏ جَرى شَوْطاً، ثم وَقَفَ لينظر ما

وراءه‏.‏ ما كَذَّبَ أَنْ فَعَلَ ذلك تَكْذيباً أَي ما كَعَّ ولا لَبِثَ‏.‏

وحَمَلَ عليه فما كَذَّبَ، بالتشديد، أَي ما انْثَنى، وما جَبُنَ، وما رَجَعَ؛ وكذلك حَمَلَ فما هَلَّلَ؛ وحَمَلَ ثم كَذَّبَ أَي لم يَصْدُقِ الحَمْلَة؛ قال زهير‏:‏

لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرجالَ، إِذا *** ما الليثُ كَذَّبَ عن أَقْرانه صَدَقا

وفي حديث الزبير‏:‏ أَنه حمَلَ يومَ اليَرْمُوكِ على الرُّوم، وقال

للمسلمين‏:‏ إِن شَدَدْتُ عليهم فلا تُكَذِّبُوا أَي لا تَجْبُنُوا وتُوَلُّوا‏.‏ ال شمر‏:‏ يقال للرجل إِذا حَملَ ثم وَلَّى ولم يَمْضِ‏:‏ قد كَذَّبَ عن قِرْنه تَكْذيباً، وأَنشد بيت زهير‏.‏ والتَّكْذِيبُ في القتال‏:‏ ضِدُّ الصِّدْقِ فيه‏.‏ يقال‏:‏ صَدَقَ القِتالَ إِذا بَذَلَ فيه الجِدُّ‏.‏ وكَذَّبَ إِذا جَبُن؛ وحَمْلةٌ كاذِبةٌ، كما قالوا في ضِدِّها‏:‏ صادقةٌ، وهي المَصْدوقةُ والمَكْذُوبةُ في الحَمْلةِ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ صَدَقَ اللّهُ وكَذَبَ بَطْنُ أَخِيك؛ اسْتُعْمِلَ الكَذِبُ ههنا مجازاً، حيث هو ضِدُّ الصِّدْقِ، والكَذِبُ يَخْتَصُّ بالأَقوال، فجعَل بطنَ أَخيه حيث لم يَنْجَعْ فيه

العَسَلُ كَذِباً، لأَنَّ اللّه قال‏:‏ فيه شفاء للناس‏.‏ وفي حديث صلاةِ

الوِتْرِ‏:‏ كَذَبَ أَبو محمد أَي أَخْطأَ؛ سماه كَذِباً، لأَنه يُشْبهه في كونه ضِدَّ الصواب، كما أَن الكَذِبَ ضدُّ الصِّدْقِ، وإِنِ افْتَرَقا من حيث النيةُ والقصدُ، لأَن الكاذبَ يَعْلَمُ أَن ما يقوله كَذِبٌ، والمُخْطِئُ لا يعلم، وهذا الرجل ليس بمُخْبِرٍ، وإِنما قاله باجتهاد أَدَّاه إِلى أَن الوتر واجب، والاجتهاد لا يدخله الكذبُ، وإِنما يدخله الخطَأُ؛ وأَبو محمد صحابي، واسمه مسعود بن زيد؛ وقد استعملت العربُ الكذِبَ في موضع الخطإِ؛ وأَنشد بيت الأَخطل‏:‏

كَذَبَتْكَ عينُكَ أَم رأَيتَ بواسِطٍ

وقال ذو الرمة‏:‏

وما في سَمْعِهِ كَذِبُ

وفي حديث عُرْوَةَ، قيل له‏:‏ إِنَّ ابن عباس يقول إِن النبي صلى الله عليه وسلم لَبِثَ بمكة بِضْعَ عَشْرَةَ سنةً، فقال‏:‏ كَذَبَ، أَي

أَخْطَأَ‏.‏ ومنه قول عِمْرانَ لسَمُرَة حين قال‏:‏ المُغْمَى عليه يُصَلِّي مع كل صلاةٍ صلاةً حتى يَقْضِيَها، فقال‏:‏ كَذَبْتَ ولكنه يُصَلِّيهن معاً، أَي أَخْطَأْتَ‏.‏

وفي الحديث‏:‏ لا يَصْلُحُ الكذِبُ إِلا في ثلاث؛ قيل‏:‏ أَرادَ به مَعارِيضَ الكلام الذي هو كَذِبٌ من حيث يَظُنُّه السامعُ، وصِدْقٌ من حيثُ يقوله القائلُ، كقوله‏:‏ إِنَّ في المَعاريض لَمَنْدوحةً عن الكَذِب، وكالحديث الآخر‏:‏ أَنه كان إِذا أَراد سفراً ورَّى بغيره‏.‏ وكَذَبَ عليكم الحجُّ، والحجَّ؛ مَنْ رَفَعَ، جَعَلَ كَذَبَ بمعنى وَجَبَ، ومَن نَصَبَ، فعَلى الإِغراءِ، ولا يُصَرَّفُ منه آتٍ، ولا مصدرٌ، ولا اسم فاعل، ولا مفعولٌ، وله تعليلٌ دقيقٌ، ومعانٍ غامِضةٌ تجيءُ في الأَشعار‏.‏ وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه‏:‏ كَذَبَ عليكم الحجُّ، كَذَبَ عليكم العُمْرةُ، كَذَبَ عليكم الجِهادُ، ثلاثةُ أَسفارٍ كَذَبْنَ عليكم؛ قال ابن السكيت‏:‏ كأَن كَذَبْنَ، ههنا، إِغْراءٌ أَي عليكم بهذه الأَشياءِ الثلاثة‏.‏

قال‏:‏ وكان وجهُه النصبَ على الإِغراءِ، ولكنه جاءَ شاذاً مرفوعاً؛ وقيل معناه‏:‏ وَجَبَ عليكم الحجُّ؛ وقيل معناه‏:‏ الحَثُّ والحَضُّ‏.‏ يقول‏:‏ إِنَّ الحجَّ ظنَّ بكم حِرصاً عليه، ورَغبةً فيه، فكذَبَ ظَنُّه لقلة رغبتكم فيه‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ معنى كَذَبَ عليكم الحجُّ على كلامَين‏:‏ كأَنه قال كَذَب الحجُّ عليكَ الحجُّ أَي ليُرَغِّبْك الحجُّ، هو واجبٌ عليك؛ فأَضمَر الأَوَّل لدلالة الثاني عليه؛ ومَن نصب الحجَّ، فقد جَعَلَ عليك اسمَ فِعْلٍ، وفي كذَبَ ضمير الحجِّ، وهي كلمةٌ نادرةٌ، جاءَت على غير القِياس‏.‏

وقيل‏:‏ كَذَب عليكم الحَجُّ أَي وَجَبَ عليكم الحَجُّ‏.‏ وهو في الأَصل، إِنما هو‏:‏ إِن قيل لا حَجَّ، فهو كَذِبٌ؛ ابن شميل‏:‏ كذبَك الحجُّ أَي أَمكَنَك فحُجَّ، وكذَبك الصَّيدُ أَي أَمكنَك فارْمِه؛ قال‏:‏ ورفْعُ الحجّ بكَذَبَ معناه نَصْبٌ، لأَنه يريد أَن يَأْمُر بالحج، كما يقال أَمْكَنَك الصَّيدُ، يريدُ ارْمِه؛ قال عنترة يُخاطبُ زوجته‏:‏

كَذَبَ العَتيقُ، وماءُ شَنٍّ بارِدٌ *** إِنْ كُنْتِ سائِلَتي غَبُوقاً، فاذهبي‏!‏

يقول لها‏:‏ عليكِ بأَكل العَتيق، وهو التمر اليابس، وشُرْبِ الماءِ

البارد، ولا تتعرَّضي لغَبُوقِ اللَّبن، وهو شُرْبه عَشِيّاً، لأَنَّ اللبن خَصَصْتُ به مُهري الذي أَنتفع به، ويُسَلِّمُني وإِياكِ من أَعدائي‏.‏

وفي حديث عُمَر‏:‏ شكا إِليه عمرو بن معد يكرب أَو غيره النِّقْرِسَ، فقال‏:‏ كذَبَتْكَ الظَّهائِرُ أَي عليك بالمشي فيها؛ والظهائر جمع ظهيرة، وهي شدة الحرّ‏.‏ وفي رواية‏:‏ كَذَبَ عليك الظواهرُ، جمع ظاهرة، وهي ما ظهر من الأَرض وارْتَفَع‏.‏ وفي حديث له آخر‏:‏ إِن عمرو بن معد يكرب شَكا إِليه المَعَص، فقال‏:‏ كَذَبَ عليك العَسَلُ، يريد العَسَلانَ، وهو مَشْيُ الذِّئب، أَي عليك بسُرعةِ المشي؛ والمَعَصُ، بالعين المهملة، التواءٌ في عصَبِ الرِّجل؛ ومنه حديث عليٍّ، عليه السلام‏:‏ كذَبَتْكَ الحارقَةُ أَي عليك بمثْلِها؛ والحارِقةُ‏:‏ المرأَة التي تَغْلِبُها شهوَتُها، وقيل‏:‏ الضيقة الفَرْج‏.‏ قال أَبو عبيد‏:‏ قال الأَصمعي معنى كذَبَ عليكم، مَعنى الإِغراء، أَي عليكم به؛ وكأَن الأَصلَ في هذا أَن يكونَ نَصْباً، ولكنه جاءَ عنهم بالرفع شاذاً، على غير قياس؛ قال‏:‏ ومما يُحَقِّقُ ذلك أَنه مَرفوعٌ قول الشاعر‏:‏

كَذَبْتُ عَلَيكَ لا تزالُ تَقوفُني *** كما قافَ، آثارَ الوَسيقةِ، قائفُ

فقوله‏:‏ كذَبْتُ عليك، إِنما أَغْراه بنفسه أَي عَليكَ بي، فَجَعَلَ

نَفْسَه في موضع رفع، أَلا تراه قد جاءَ بالتاءِ فَجَعَلها اسْمَه‏؟‏ قال

مُعَقِّرُ بن حمار البارقيُّ‏:‏

وذُبْيانيَّة أَوصَتْ بَنِيها *** بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ

قال أَبو عبيد‏:‏ ولم أَسْمَعْ في هذا حرفاً منصوباً إِلا في شيءٍ كان

أَبو عبيدة يحكيه عن أَعرابيٍّ نَظر إِلى ناقة نِضْوٍ لرجل، فقال‏:‏ كذَبَ عليكَ البَزْرُ والنَّوَى؛ وقال أَبو سعيد الضَّرِير في قوله‏:‏

كذَبْتُ عليك لا تزالُ تقُوفُني

أَي ظَنَنْتُ بك أَنك لا تَنامُ عن وِتْري، فَكَذَبْتُ عليكم؛ فأَذَلَّه بهذا الشعر، وأَخْمَلَ ذِكْرَه؛ وقال في قوله‏:‏

بأَن كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ

قال‏:‏ القَراطِفُ أَكْسِيَةٌ حُمْر، وهذه امرأَة كان لها بَنُونَ يركَبُونَ في شارة حَسَنةٍ، وهم فُقَراء لا يَمْلكُون وراءَ ذلك شيئاً، فَساءَ

ذلك أُمَّهُم لأَنْ رأَتْهم فُقراءَ، فقالت‏:‏ كَذَبَ القَراطِفُ أَي إن زِينَتهم هذه كاذبةٌ، ليس وراءَها عندهم شيءٌ‏.‏

ابن السكيت‏:‏ تقول للرجل إِذا أَمَرْتَه بشيءٍ وأَغْرَيْته‏:‏ كَذَب علَيك

كذا وكذا أَي عليكَ به، وهي كلمة نادرةٌ؛ قال وأَنشدني ابن الأَعرابي لخِداشِ بن زُهَير‏:‏

كَذَبْتُ عليكم، أَوْعِدُوني وعَلِّلُوا *** بيَ الأَرضَ والأَقْوامَ قِرْدانَ مَوْظِبِ

أَي عليكم بي وبهجائي إِذا كنتم في سفر، واقْطَعُوا بِذِكْري الأَرضَ، وأَنْشِدوا القومَ هجائي يا قِرْدانَ مَوْظِبٍ‏.‏

وكَذَبَ لَبنُ الناقة أَي ذهَبَ، هذه عن اللحياني‏.‏ وكَذَبَ البعيرُ في سَيره إِذا ساءَ سَيرُه؛ قال الأَعشى‏:‏

جُمالِيَّةٌ تَغْتَلي بالرِّداف *** إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجيرا

ابن الأَثير في الحديث‏:‏ الحجامةُ على الرِّيق فيها شِفاءٌ وبَرَكة، فمن احْتَجَمَ فيومُ الأَحدِ والخميسِ كَذَباك أَو يومُ الاثنين والثلاثاء؛ معنى كَذَباك أَي عليك بهما، يعني اليومين المذكورين‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ هذه كلمةٌ جَرَتْ مُجْرى المَثَل في كلامهم، فلذلك لم تُصَرَّفْ، ولزِمَتْ طَريقةً واحدة، في كونها فعلاً ماضياً مُعَلَّقاً بالمُخاطَب وحْدَه، وهي في معنى الأَمْرِ، كقولهم في الدعاءِ‏:‏ رَحِمَك اللّه أَي لِيَرْحَمْكَ اللّهُ‏.‏ قال‏:‏ والمراد بالكذب الترغيبُ والبعثُ؛ مِنْ قول العرب‏:‏ كَذَبَتْه نَفْسُه إِذا مَنَّتْه الأَمانيَّ، وخَيَّلَت إِليه مِنَ الآمال ما لا يكادُ يكون، وذلك مما يُرَغِّبُ الرجلَ في الأُمور، ويَبْعَثُه على التَّعرُّض لها؛ ويقولون في عكسه صَدَقَتْه نَفْسُه، وخَيَّلَتْ إِليه العَجْزَ والنَّكَدَ في الطَّلَب‏.‏ ومِن ثَمَّ قالوا للنَّفْسِ‏:‏ الكَذُوبُ‏.‏ فمعنى قوله كذَباك أَي ليَكْذِباك ولْيُنَشِّطاكَ ويَبْعَثاك على الفعل؛ قال ابن الأَثير‏:‏ وقد أَطْنَبَ فيه الزمخشري وأَطالَ، وكان هذا خلاصةَ قوله؛ وقال ابن السكيت‏:‏ كأَنَّ كَذَبَ، ههنا، إِغراءٌ أَي عليك بهذا الأَمر، وهي كلمة نادرة، جاءَت على غير القياس‏.‏ يقال‏:‏ كَذَبَ عليك أَي وَجَبَ عليك‏.‏

والكَذَّابةُ‏:‏ ثوبٌ يُصْبغ بأَلوانٍ يُنْقَشُ كأَنه مَوْشِيٌّ‏.‏ وفي حديث المَسْعُودِيِّ‏:‏ رأَيتُ في بيت القاسم كَذَّابَتَين في السَّقْفِ؛ الكَذَّابةُ‏:‏ ثوبٌ يُصَوَّرُ ويُلْزَقُ بسَقْفِ البيت؛ سُميت به لأَنها تُوهم أَنها في السَّقْف، وإِنما هي في الثَّوْب دُونَه‏.‏ والكَذَّابُ‏:‏ اسمٌ لبعض رُجَّازِ العَرب‏.‏ والكَذَّابانِ‏:‏ مُسَيْلِمةُ الحَنَفِيُّ والأَسوَدُ العَنْسِيُّ‏.‏

كرب‏:‏ الكَرْبُ، على وَزْن الضَّرْبِ مَجْزُومٌ‏:‏ الحُزْنُ والغَمُّ الذي يأْخذُ بالنَّفْس، وجمعه كُرُوبٌ‏.‏ وكَرَبه الأَمْرُ والغَمُّ يَكْرُبه كَرْباً‏:‏ اشْتَدَّ عليه، فهو مَكْرُوبٌ وكَرِيبٌ، والاسم الكُرْبة؛ وإِنه

لمَكْرُوبُ النفس‏.‏ والكَرِيبُ‏:‏ المَكْروبُ‏.‏ وأَمْرٌ كارِبٌ‏.‏ واكْترَبَ

لذلك‏:‏ اغْتَمَّ‏.‏ والكَرائِبُ‏:‏ الشدائدُ، الواحدةُ كَرِيبةٌ؛ قال سَعْدُ بن ناشِبٍ المازِنيُّ‏:‏

فيالَ رِزامٍ رَشِّحُوا بي مُقَدَّماً *** إِلى المَوْتِ، خَوّاضاً إِليه الكَرائِبا

قال ابن بري‏:‏ مُقَدَّماً منصوب برَشِّحُوا، على حذف موصوف، تقديره‏:‏ رَشِّحُوا بي رَجُلاً مُقَدَّماً؛ وأَصل التَّرْشيح‏:‏ التَّرْبِيَةُ

والتَّهْيِئَةُ؛ يقال‏:‏ رُشِّحَ فلانٌ للإِمارة أَي هُيِّئَ لها، وهو لها كُفؤٌ‏.‏

ومعنى رَشِّحُوا بي مُقَدَّماً أَي اجْعَلُوني كُفؤاً مُهَيَّأً لرجل

شُجاع؛ ويروى‏:‏ رَشِّحُوا بي مُقَدِّماً أَي رجلاً مُتَقَدِّماً، وهذا

بمنزلة قولهم وَجَّهَ في معنى توجَّه، ونَبَّه في معنى تَنَبَّه، ونَكَّبَ في معنى تَنكَّبَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ كان إِذا أَتاه الوحيُ كُرِبَ له أَي أَصابَهُ الكَرْبُ، فهو مَكْروبٌ‏.‏ والذي كَرَبه كارِبٌ‏.‏

وكَرَبَ الأَمْرُ يَكْرُبُ كُرُوباً‏:‏ دَنا‏.‏ يقال كَرَبَتْ حياةُ النارِ

أَي قَرُبَ انْطِفاؤُها؛ قال عبدُالقيسِ بنُ خُفافٍ البُرْجُمِيُّ‏:‏

أَبُنَيَّ‏!‏ إِنَّ أَباكَ كارِبُ يَومِهِ *** فإِذا دُعِيتَ إِلى المَكارِمِ فاعْجَلِ

أُوصِيكَ إِيْصاءَ امْرِئٍ، لك، ناصِحٍ *** طَبِنٍ برَيْبِ الدَّهْرِ غَيرِ مُغَفَّلِ الله فاتَّقْهِ، وأَوْفِ بِنَذْرِهِ *** وإِذا حَلَفْتَ مُبارِياً فَتَحَلَّلِ

والضَّيْفَ أَكْرِمْهُ، فإِنَّ مَبِيتَه *** حَقٌّ، ولا تَكُ لُعْنَةً للنُّزَّلِ

واعْلَمْ بأَنَّ الضَّيفَ مُخْبِرُ أَهْلِه *** بمَبِيتِ لَيْلَتِه، وإِنْ يُسْأَلِ

وَصِلِ المُواصِلَ ما صَفَا لك وُدُّه *** واجْذُذْ حِبالَ الخَائِن المُتَبَذِّلِ

واحْذَرْ مَحَلَّ السوءِ، لا تَحْلُلْ به *** وإِذا نَبَا بَكَ مَنْزِلٌ فَتَحَوَّلِ

واسْتَأْنِ حِلْمَكَ في أُمُورِكَ كُلِّها *** وإِذا عَزَمْتَ على الهوى فَتَوَكَّلِ

واسْتَغْنِ، ما أَغْناكَ رَبُّك، بالغِنَى *** وإِذا تُصِبْكَ خَصاصَةٌ فتَجَمَّلِ

وإِذا افْتَقَرْتَ، فلا تُرَى مُتَخَشِّعاً *** تَرْجُو الفَواضلَ عند غيرِ المِفْضَلِ

وإِذا تَشاجَرَ في فُؤَادِك، مَرَّةً *** أَمْرانِ، فاعْمِدْ للأَعَفِّ الأَجْمَلِ

وإِذا هَمَمْتَ بأَمْرِ سُوءٍ فاتَّئِدْ *** وإِذا هَمَمْتَ بأَمْرِ خَيْرٍ فاعْجَلِ

وإِذا رَأَيْتَ الباهِشِينَ إِلى النَّدَى *** غُبْراً أَكُفُّهُمُ بقاعٍ مُمْحِلِ

فأَعِنْهُمُ وايْسِرْ بما يَسَرُوا به *** وإِذا هُمُ نَزَلُوا بضَنْكٍ، فانْزِلِ

ويروى‏:‏ فابْشَرْ بما بَشِرُوا به، وهو مذكور في الترجمتين‏.‏

وكُلُّ شيءٍ دَنا‏:‏ فقد كَرَبَ‏.‏ وقد كَرَبَ أَن يكون، وكَرَبَ يكونُ، وهو، عند سيبويه، أَحدُ الأَفعال التي لا يُستعمل اسم الفاعل منها موضعَ الفعل الذي هو خبرها؛ لا تقول كَرَب كائناً؛ وكَرَبَ أَن يَفْعَلَ كذا أَي كادَ يَفْعَلُ؛ وكَرَبَتِ الشمسُ للمَغِيب‏:‏ دَنَتْ؛ وكَرَبَتِ الشمسُ‏:‏ دَنَتْ للغُروب؛ وكَرَبَتِ الجاريةُ أَن تُدْرِكَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ فإِذا اسْتَغْنَى أَو كَرَبَ اسْتَعَفَّ؛ قال أَبو عبيد‏:‏ كَرَبَ أَي دَنا من ذلك وقَرُبَ‏.‏ وكلُّ دانٍ قريبٍ، فهو كارِبٌ‏.‏ وفي حديث رُقَيْقَةَ‏:‏ أَيْفَعَ الغُلامُ أَو كَرَبَ أَي قارَبَ الإِيفاع‏.‏

وكِرابُ المَكُّوكِ وغيره من الآنِيَةِ‏:‏ دونَ الجِمام‏.‏ وإِناءٌ كَرْبانُ إِذا كَرَبَ أَنْ يَمْتَلِئَ؛ وجُمْجَمَة كَرْبى، والجمع كَرْبى وكِرابٌ؛ وزعم يعقوب أَن كافَ كَرْبانَ بدل من قاف قَرْبانَ؛ قال ابن سيده‏:‏ وليس بشيءٍ‏.‏

الأَصمعي‏:‏ أَكْرَبْتُ السِّقاءَ إِكْراباً إِذا مَلأْتَه؛ وأَنشد‏:‏

بَجَّ المَزادِ مُكْرَباً تَوْكِيرَا

وأَكْرَبَ الإِناءَ‏:‏ قارَبَ مَلأَه‏.‏ وهذه إِبلٌ مائةٌ أَو كَرْبُها أَي نحوُها وقُرابَتُها‏.‏

وقَيْدٌ مَكْرُوبٌ إِذا ضُيِّقَ‏.‏ وكَرَبْتُ القَيْدَ إِذا ضَيَّقْتَه على المُقَيَّدِ؛ قال عبداللّه بن عَنَمَة الضَّبِّيُّ‏:‏

ازْجُرْ حِمارَك لا يَرْتَعْ برَوْضَتِنا *** إِذاً يُرَدُّ، وقَيْدُ العَيْرِ مَكْرُوبُ

ضَرَبَ الحمارَ ورَتْعَه في رَوْضتِهم مثلاً أَي لا تَعَرَّضَنّ

لشَتْمِنا، فإِنا قادرون على تقييد هذا العَيْرِ ومَنْعه من التصرف؛ وهذا البيت في شعره‏:‏

أُرْدُدْ حِمارَك لا يَنْزِعْ سَوِيَّتَه *** إِذاً يُرَدُّ، وقَيْدُ العَيْرِ مَكْرُوبُ

والسَّويَّةُ‏:‏ كِساءٌ يُحْشَى بثُمام ونحوه كالبَرْذَعَة، يُطْرَحُ على ظهر الحمار وغيره، وجزم يَنْزِعْ على جواب الأَمر، كأَنه قال‏:‏ إن تَرْدُدْهُ لا يَنْزِعْ سَوِيَّتَه التي على ظهره‏.‏ وقوله‏:‏ إِذاً يُرَدُّ جوابٌ، على تقدير أَنه قال‏:‏ لا أَرُدُّ حِمارِي، فقال مجيباً له‏:‏ إِذاً يُرَدُّ‏.‏ وكَرَبَ وظِيفَيِ الحِمار أَو الجمل‏:‏ دانى بينهما بحبل أَو

قَيْدٍ‏.‏ كارَبَ الشيءَ‏:‏ قارَبه‏.‏

وأَكْرَبَ الرجلُ‏:‏ أَسْرَعَ‏.‏ وخُذْ رِجْلَيْكَ بأَكْرابٍ إِذا أُمِرَ بالسُّرْعة، أَي اعْجَلْ وأَسْرِعْ‏.‏ قال الليث‏:‏ ومن العرب من يقول‏:‏ أَكْرَبَ الرجلُ إِذا أَخذ رِجْلَيْه بأَكْرابٍ، وقَلَّما يقال‏:‏ وأَكْرَبَ الفرسُ وغيرُه مما يَعْدُو‏:‏ أَسْرَعَ؛ هذه عن اللحياني‏.‏ أَبو زيد‏:‏ أَكْرَبَ

الرجلُ إِكْراباً إِذا أَحْضَرَ وعَدا‏.‏ وكَرَبْتُ الناقةَ‏:‏ أَوقَرْتُها‏.‏

الأَصمعي‏:‏ أُصولُ السَّعَفِ الغِلاظُ هي الكَرانِيفُ، واحدتُها

كِرْنافةٌ، والعَريضَة التي تَيْبَسُ فتصيرُ مِثلَ الكَتِفِ، هي الكَرَبة‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ سُمِّيَ كَرَبُ النخل كَرَباً لأَنه اسْتُغْنِيَ عنه، وكَرَبَ أَن يُقْطَعَ ودَنا من ذلك‏.‏

وكَرَبُ النخلِ‏:‏ أُصُولُ السَّعَفِ؛ وفي المحكم‏:‏ الكَرَبُ أُصُولُ

السَّعَفِ الغِلاظُ العِراضُ التي تَيْبَسُ فتصيرُ مثلَ الكَتِفِ، واحدتُها

كَرَبةٌ‏.‏ وفي صفة نَخْلِ الجنة‏:‏ كَرَبُها ذَهَبٌ، هو بالتحريك، أَصلُ

السَّعَفِ؛ وقيل‏:‏ ما يَبْقَى من أُصوله في النخلة بعد القطع كالمَراقي؛ قال الجوهري هنا وفي المثل‏:‏

متى كان حُكمُ اللّه في كَرَبِ النخلِ‏؟‏

قال ابن بري‏:‏ ليس هذا الشاهد الذي ذكره الجوهري مثلاً، وإِنما هو عَجُزُ بَيْتٍ لجرير؛ وهو بكماله‏:‏

أَقولُ ولم أَمْلِكْ سَوابقَ عَبْرةٍ‏:‏ *** متى كان حُكْمُ اللّهِ في كَرَبِ النخلِ‏؟‏

قال ذلك لَمَّا بَلَغه أَنَّ الصَّلَتانَ العَبْدِيَّ فَضَّلَ الفرزدقَ عليه في النَّسِيب، وفَضَّلَ جريراً على الفرزدق في جَوْدَةِ الشِّعْر في قوله‏:‏

أَيا شاعِراً لا شاعِرَ اليومَ مِثْلُه *** جَريرٌ، ولكن في كُلَيْبٍ تَواضُعُ

فلم يَرْضَ جريرٌ قولَ الصَّلَتان، ونُصْرَتَه الفرزدقَ‏.‏ قلت‏:‏ هذه

مشاحَّةٌ من ابن بري للجوهري في قوله‏:‏ ليس هذا الشاهدُ مثلاً، وإِنما هو عجز بيت لجرير‏.‏ والأَمثال قد وَرَدَتْ شِعْراً، وغيرَ شِعْرٍ، وما يكون شعراً لا يمتنع أَن يكون مَثَلاً‏.‏

والكَرَابة والكُرابَة‏:‏ التَّمْر الذي يُلْتَقَطُ من أُصول الكَرَب، بَعْدَ الجَدَادِ، والضمُّ أَعْلى، وقد تَكَرَّبَها‏.‏ الجوهري‏:‏ والكُرَابة، بالضم، ما يُلْتَقَطُ من التَّمْر في أُصُول السَّعَفِ بعدما تَصَرَّمَ‏.‏ الأَزهري‏:‏ يقال تَكَرَّبْتُ الكُرَابَةَ إِذا تَلَقَّطْتَها، من الكَرَب‏.‏ الكَرَبُ‏:‏ الحَبْلُ الذي يُشَدُّ على الدَّلْو، بعد المَنِينِ، وهو الحَبْل الأَوّل، فإِذا انْقَطَع المنِينُ بقي الكَرَبُ‏.‏ ابن سيده‏:‏ الكَرَبُ حَبْل يُشَدُّ على عَرَاقي الدَّلْو، ثم يُثْنى، ثم يُثَلَّثُ، والجمع أَكْرابٌ؛ وفي الصحاح‏:‏ ثم يُثْنى، ثم يُثَلَّثُ ليكونَ هو الذي يلي الماءَ، فلا يَعْفَن الحَبْلُ الكبير‏.‏ رأَيت في حاشية نسخة من الصحاح الموثوق بها قولَ الجوهري‏:‏ ليكون هو الذي يلي الماءَ، فلا يَعْفَن الحَبْلُ الكبير، إِنما هو من صفة الدَّرَك، لا الكَرَبِ‏.‏ قلت‏:‏ الدليل على صحة هذه الحاشية أَن الجوهري ذكر في ترجمة درك هذه الصورة أَيضاً، فقال‏:‏ والدَّرَكُ قطعةُ حَبْل يُشَدُّ في طرف الرِّشاءِ إِلى عَرْقُوَةِ الدلو، ليكون هو الذي يلي الماءَ، فلا يَعْفَنُ الرِّشاءُ‏.‏ وسنذكره في موضعه إِن شاءَ اللّه تعالى؛ وقال الحطيئة‏:‏

قَوْمٌ، إِذا عَقَدوا عَقْداً لجارِهمُ *** شَدُّوا العِناجَ، وشَدُّوا، فَوْقَه، الكَرَبَا

ودَلْو مُكْرَبة‏:‏ ذاتُ كَرَب؛ وقد كَرَبَها يَكْرُبُها كَرْباً، وأَكْرَبَهَا، فهي مُكْرَبةٌ، وكَرَّبَها؛ قال امرؤُ القيس‏:‏

كالدَّلْوِ بُتَّتْ عُراها وهي مُثْقَلَةٌ *** وخانها وَذَمٌ منها وتَكْريبُ

على أَنَّ التَّكْريبَ قد يجوز أَن يكون هنا اسماً، كالتَّنْبِيتِ والتَّمْتين، وذلك لعَطْفِها على الوَذَم الذي هو اسم، لكنَّ البابَ

الأَوَّلَ أَشْيَعُ وأَوْسَعُ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ أَعني أَن يكون مصدراً، وإِن كان معطوفاً على الاسم الذي هو الوَذَمُ‏.‏ وكلُّ شديدِ العَقْدِ، من حَبْل، أَو بناءٍ، أَو مَفْصِل‏:‏ مُكْرَبٌ‏.‏ الليث‏:‏ يقال لكل شيءٍ من الحيوان إِذا كان وَثيقَ المَفاصِل‏:‏ إِنه لمَكْروب المفاصِل‏.‏ وروى أَبو الرَّبيع عن أَبي العالية، أَنه قال‏:‏ الكَروبيُّون سادَةُ الملائكةِ، منهم جبريلُ ومِيكائيلُ وإِسرافيل، هم المُقَرَّبُونَ؛ وأَنشد شَمِرٌ لأُمَيَّة‏:‏

كَرُوبِيَّةٌ منهم رُكُوعٌ وسُجَّدُ

ويقال لكل حيوانٍ وَثِيقِ المَفاصِلِ‏:‏ إِنه لَمُكْرَبُ الخَلْقِ إِذا كان شَديدَ القُوى، والأَول أَشبه؛ ابن الأَعرابي‏:‏ الكَريبُ الشُّوبَقُ، وهو الفَيْلَكُونُ؛ وأَنشد‏:‏

لا يَسْتَوي الصَّوْتانِ حينَ تَجاوَبا *** صَوْتُ الكَريبِ وصَوْتُ ذِئْبٍ مُقْفِر

والكَرْبُ‏:‏ القُرْبُ‏.‏

والملائكة الكَرُوبِيُّونَ‏:‏ أَقْرَبُ الملائكة إِلى حَمَلَةِ العَرْش‏.‏

ووَظِيفٌ مُكْرَبٌ‏:‏ امْتَلأَ عَصَباً، وحافرٌ مُكْرَبٌ‏:‏ صُلْبٌ؛ قال‏:‏

يَتْرُكُ خَوَّارَ الصَّفا رَكُوبا *** بمُكْرَباتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبا

والمُكْرَبُ‏:‏ الشديدُ الأَسْرِ من الدَّوابِّ، بضم الميم، وفتح الراءِ‏.‏

وإِنه لمُكْرَبُ الخَلْق إِذا كان شديدَ الأَسْر‏.‏ أَبو عمرو‏:‏ المُكْرَبُ من الخيل الشديدُ الخَلْق والأَسْرِ‏.‏ ابن سيده‏:‏ وفرسٌ مُكْرَبٌ

شديدٌ‏.‏ كَرَبَ الأَرضَ يَكْرُبُها كَرْباً وكِراباً‏:‏

قَلَبها للحَرْثِ، وأَثارَها للزَّرْع‏.‏ التهذيب‏:‏ الكِرابُ‏:‏ كَرْبُكَ الأَرضَ حتى تَقلِبَها، وهي مَكْرُوبة مُثَارَة‏.‏

التَّكْريبُ‏:‏ أَن يَزْرَع في الكَريبِ الجادِسِ‏.‏ والكَريبُ‏:‏ القَراحُ؛ والجادِسُ‏:‏ الذي لم يُزْرَعْ قَطُّ؛ قال ذو الرُّمَّة يصف جَرْوَالوَحْشِ‏:‏

تَكَرَّبنَ أُخرى الجَزْءِ، حتى إِذا انْقَضَتْ *** بَقاياه والمُسْتَمْطَراتُ الرَّوائِحُ

وفي المثل‏:‏ الكِرابُ على البَقَرِ لأَنها تَكْرُبُ الأَرضَ أَي لا تُكْرَبُ الأَرضُ إِلا بالبَقَر‏.‏ قال‏:‏ ومنهم مَن يقول‏:‏ الكِلابَ على البقر، بالنصب، أَي أَوْسِدِ الكِلابَ على بَقَرِ الوَحْشِ‏.‏ وقال ابن السكيت‏:‏

المثل هو الأول‏.‏

والمُكْرَباتُ‏:‏ الإِبلُ التي يُؤْتى بها إِلى أَبواب البُيوت في شِدَّة

البرد، ليُصِيبها الدُّخانُ فتَدْفأَ‏.‏

والكِرابُ‏:‏ مَجاري الماءِ في الوادي‏.‏ وقال أَبو عمرو‏:‏ هي صُدُورُ الأَوْدية؛ قال أَبو ذُؤَيْب يصف النَّحْلَ‏:‏

جَوارِسُها تَأْري الشُّعُوفَ دَوائِباً *** وتَنْصَبُّ أَلْهاباً، مَصِيفاً كِرابُها

واحدتها كَرْبَة‏.‏ المَصِيفُ‏:‏ المُعْوَجُّ، مِن صافَ السَّهْمُ؛ وقوله‏:‏

كأَنما مَضْمَضَتْ من ماءِ أَكْربةٍ *** على سَيابةِ نَخْلٍ، دُونه مَلَقُ

قال أَبو حنيفة‏:‏ الأَكْرِبةُ ههنا شِعافٌ يسيلُ منها ماءُ الجبالِ، واحدَتُها كَرْبةٌ؛ قال ابن سيده‏:‏ وهذا ليس بقويٍّ، لأَن فَعْلاً لا يجمع على أَفْعِلَةٍ‏.‏ وقال مرَّة‏:‏ الأَكْرِبَةُ جمع كُرابةٍ، وهو ما يَقَعُ من ثمر النخل في أُصول الكَرَبِ؛ قال‏:‏ وهو غلط‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وكذلك قوله عندي غَلَط أَيضاً، لأَن فُعالَةَ لا يُجْمَعُ على أَفْعِلَة، اللهم إِلا أَن يكون على طرح الزائد، فيكون كأَنه جَمَعَ فُعالاً‏.‏ وما بالدار كَرَّابٌ، بالتشديد، أَي أَحَدٌ‏.‏

والكَرْبُ‏:‏ الفَتْلُ؛ يقال‏:‏ كَرَبْتُه كَرْباً أَي فَتَلْتُه؛ قال‏:‏

في مَرْتَعِ اللَّهْو لم يُكْرَبْ إِلى الطِّوَلِ

والكَريبُ‏:‏ الكَعْبُ من القَصَبِ أَو القَنا؛ والكَريبُ أَيضاً‏:‏ الشُّوبَقُ، عن كراع‏.‏

وأَبو كَرِبٍ اليَمانيُّ، بكسر الراءِ‏:‏ مَلِكٌ من مُلوكِ حِمْير، واسمه

أَسْعَدُ بن مالكٍ الحِمْيَريُّ، وهو أَحد التبابعة‏.‏

وكُرَيْبٌ ومَعْدِيَكرِبَ‏:‏ اسمانِ، فيه ثلاث لغات‏:‏ معديكربُ برفع

الباءِ، لا يُصرف، ومنهم من يقول‏:‏ معديكربٍ يُضيف ويَصْرِفُ كَرِباً، ومنهم مَن يقول‏:‏ معديكربَ، يُضيف ولا يَصرف كرباً، يجعله مؤَنثاً معرفة، والياءُ من معديكرب ساكنة على كل حال‏.‏ وإِذا نسبت إِليه قلت‏:‏ مَعْديّ، وكذلك النسب في كل اسمين جُعلا واحداً، مثل بَعْلَبَكَّ وخَمْسَةَ عَشَر وتَأَبطَ شَرّاً، تنسب إِلى الاسم الأَول؛ تقول بَعْليٌّ وخَمْسِيٌّ وتَأَبطيٌّ، وكذلك إِذا صَغَّرْتَ، تُصَغِّرُ الأَوَّل، واللّه أَعلم‏.‏

كرتب‏:‏ يقال تَكَرْتَبَ فلانٌ علينا، بالتاءِ، أَي تَغَلَّبَ‏.‏

كرشب‏:‏ الكِرْشَبُّ‏:‏ المُسِنُّ، كالقِرْشَبِّ‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ الكِرْشَبُّ

المُسِنُّ الجافي‏.‏ والقِرْشَبُّ‏:‏ الأَكُولُ‏.‏

كرنب‏:‏ الكُرُنْبُ‏:‏ بَقْلَة؛ قال ابن سيده‏:‏ الكُرُنْبُ هذا الذي يقال له السِّلْق، عن أَبي حنيفة‏.‏ التهذيب‏:‏ الكَرْنِيبُ والكِرْنابُ‏:‏ التَّمْر

باللَّبَن‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الكَرْنِيبُ المَجِيع، وهو الكُدَيْراءُ، يقال‏:‏ كَرنِبُوا لضَيْفِكم، فإِنه لَتْحانُ‏.‏

كزب‏:‏ الكُزْبُ‏:‏ لغة في الكُسْبِ، كالكُسْبَرة والكُزْبَرَة، وسيأْتي

ذكره‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الكَزَبُ صِغَر مُشْطِ الرِّجْل وتَقَبُّضُه، وهو عَيْبٌ‏.‏

كسب‏:‏ الكَسْبُ‏:‏ طَلَبُ الرِّزْقِ، وأَصلُه الجمع‏.‏ كَسَبَ يَكْسِبُ

كَسْباً، وتَكَسَّبَ واكْتَسَب‏.‏ قال سيبويه‏:‏ كَسَبَ أَصابَ، واكْتَسَب‏:‏

تَصَرَّف واجْتَهَد‏.‏ قال ابن جني‏:‏ قولُه تعالى‏:‏ لها ما كَسَبَتْ، وعليها ما اكْتَسَبَتْ؛ عَبَّر عن الحسنة بِكَسَبَتْ، وعن السيئة باكْتَسَبَتْ، لأَن معنى كَسَبَ دون معنى اكْتَسَبَ، لِما فيه من الزيادة، وذلك أَن كَسْبَ الحسنة، بالإِضافة إِلى اكْتِسابِ السيئة، أَمْرٌ يسير ومُسْتَصْغَرٌ، وذلك لقوله، عَزَّ اسْمُه‏:‏ من جاءَ بالحسنة فله عَشْرُ أَمثالها، ومن جاءَ بالسيئة فلا يُجْزَى إِلا مِثْلَها؛ أَفلا تَرى أَن الحسنةَ تَصْغُر بإِضافتها إِلى جَزائها، ضِعْف الواحدِ إِلى العشرة‏؟‏ ولما كان جَزاءُ السيئة إِنما هو بمثلها لم تُحْتَقَرْ إِلى الجَزاءِ عنها، فعُلم بذلك قُوَّةُ فِعْلِ السيئة على فِعْلِ الحسنة، فإِذا كان فِعْل السيئة ذاهباً بصاحبه إِلى هذه الغاية البعيدة المُتَرامِيَة، عُظِّمَ قَدْرُها وفُخِّمَ لفظ العبارة عنها، فقيل‏:‏ لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكْتَسَبَتْ، فزيدَ في لفظ فِعْل السيئة، وانْتُقِصَ من لفظ فِعْل الحسنة، لما ذَكَرْنا‏.‏ وقولهُ تعالى‏:‏ ما أَغْنَى عنه مالُه وما كَسَبَ؛ قيل‏:‏ ما كَسَبَ، هنا، ولَدُه، إِنه لَطَيِّبُ الكَسْب، والكِسْبة، والمَكْسِبَة، والمَكْسَبَةِ، والكَسِيبةِ، وكَسَبْت الرجلَ خيراً فكَسَبَه وأَكْسَبَه إِياه، والأُولى أَعلى؛ قال‏:‏

يُعاتِبُني في الدَّيْنِ قَوْمي، وإِنما *** دُيونيَ في أَشياءَ تَكْسِبُهم حَمْدا

ويُروى‏:‏ تُكْسِبُهم، وهذا مما جاءَ على فَعَلْتُه ففَعَل، وتقول‏:‏ فلانٌ

يَكْسِبُ أَهلَه خَيْراً‏.‏ قال أَحمد بن يحيى، كلُّ الناس يقول‏:‏

كَسَبَكَ فلانٌ خَيْراً، إِلا ابنَ الأَعرابي، فإِنه قال‏:‏ أَكْسَبَكَ فلانٌ

خَيْراً‏.‏

وفي الحديث‏:‏ أَطْيَبُ ما يأْكلُ الرجلُ من كسْبه، ووَلَدُه من كَسْبِه‏.‏

قال ابن الأَثير‏:‏ إِنما جَعَلَ الوَلَد كَسْباً، لأَن الوالدَ طَلَبه، وسَعَى في تحصيله؛ والكَسْبُ‏:‏ الطَّلَبُ والسَّعْيُ في طَلَبِ الرزق

والمَعيشةِ؛ وأَراد بالطَّيِّب ههنا الحَلالَ؛ ونفقةُ الوالِدَيْن واجبة على الولد إِذا كانا محتاجَيْنِ عاجِزَيْن عن السَّعْي، عند الشافعي؛ وغيرُه لا يشترط ذلك‏.‏ وفي حديث خديجة‏:‏ إِنك لتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ‏.‏ ابن الأَثير‏:‏ يقال‏:‏ كَسَبْتُ زيداً مالاً، وأَكْسَبْتُ زيداً مالاً أَي أَعَنْتُه على كَسْبه، أَو جَعَلْتُه

يَكْسِبُه، فإِن كان من الأَوّل، فتُريدُ أَنك تَصِلُ إِلى كلِّ مَعْدوم

وتَنالُه، فلا يَتَعَذَّرُ لبُعْدِه عليك، وإِن جعلته متعدِّياً إِلى اثنين، فتُريدُ أَنك تُعْطِي الناس الشيءَ المعدومَ عندهم، وتُوَصِّلُه إِليهم‏.‏

قال‏:‏ وهذا أَوْلَى القَوْلَين، لأَنه أَشبه بما قبله، في باب التَّفَضُّل

والإِنْعامِ، إِذ لا إِنْعام في أَن يَكْسِبَ هو لنفسه مالاً كان معدوماً

عنده، وإِنما الإِنعام أَن يُولِيَه غيرَه‏.‏ وباب الحظِّ والسعادة في الاكتساب، غيرُ بابِ التفضل والإِنعام‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه نَهَى عن كَسْب الإِماءِ؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا جاءَ مطلقاً في رواية أَبي هريرة، وفي رواية رافع بن خَديج مُقَيَّداً، حتى يُعْلَم من أَين هو، وفي رواية أُخرى‏:‏ إِلا ما عَمِلَتْ بيدها، ووجهُ الإِطلاق أَنه كان لأَهل مكة والمدينة إِماءٌ، عليهنَّ ضَرائِبُ، يَخْدُمْنَ الناسَ ويأْخُذْنَ أَجْرَهُنَّ، ويُؤَدِّينَ ضَرائبَهن، ومن تكون مُتَبَذِّلة داخلةً خارجةً وعليها ضريبةٌ فلا يُؤْمَنُ أَن تَبْدُرَ منها زَلَّة، إِما للاستزادة في المعاش، وإِما لشَهوة تَغلِبُ، أَو لغير ذلك، والمعصومُ قليل؛ فنَهَى عن كَسْبِهنَّ مطلقاً تَنَزُّهاً عنه، هذا إِذا كان للأَمة وجهٌ معلومٌ تَكْسِبُ منه، فكيف إِذا لم يكن لها وجه معلوم‏؟‏ ورجل كَسُوبٌ وكَسَّابٌ، وتَكَسَّبَ أَي تَكَلَّف الكَسْبَ‏.‏

والكَواسِبُ‏:‏ الجوارحُ‏.‏

وكَسابِ‏:‏ اسم للذئب، وربما جاءَ في الشِّعر كُسَيباً‏.‏ الأَزهري‏:‏ وكَسابِ اسم كَلْبة‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ كَسابِ مثل قَطامِ، اسم كلبة‏.‏ ابن سيده‏:‏ وكَسابِ من أَسماءِ إِناث الكلاب، وكذلك كَسْبةُ؛ قال الأَعشى‏:‏

ولَزَّ كَسْبةَ أُخْرى، فَرْعُها فَهِقُ

وكُسَيْبٌ‏:‏ من أَسماءِ الكلاب أَيضاً، وكلُّ ذلك تَفَؤُّلٌ بالكَسْب

والاكتِسابِ‏.‏ وكُسَيْبٌ‏:‏ اسم رجل، وقيل‏:‏ هو جَدُّ العَجَّاج لأُمِّه؛ قال له بعضُ مُهاجِيه، أُراه جريراً‏:‏

يا ابْنَ كُسَيْبٍ‏!‏ ما علينا مَبْذَخُ *** قد غَلَبَتْكَ كاعِبٌ تَضَمَّخُ

يعني بالكاعب لَيْلى الأَخْيَلِيَّة، لأَنها هاجتِ العَجَّاجَ فَغَلَبَتْه‏.‏

والكُسْبُ‏:‏ الكُنْجارَقُ، فارسيةٌ؛ وبعضُ أَهل السَّواد يُسَمِّيه

الكُسْبَجَ‏.‏ والكُسْبُ، بالضم‏:‏ عُصارةُ الدُّهْن‏.‏ قال أَبو منصور‏:‏ الكُسْبُ مُعَرَّبٌ وأَصله بالفارسية كُشْبٌ، فقُلِبَت الشين سيناً، كما قالوا سابُور، وأَصله شاه بُور أَي مَلِكُ بُور‏.‏ وبُورُ‏:‏ الابْنُ، بلسان الفُرْس؛ والدَّشْت أُعْرِبَ، فقيل الدَّسْتُ الصَّحْراءُ‏.‏

وكَيْسَبٌ‏:‏ اسم‏.‏

وابنُ الأَكْسَبِ‏:‏ رَجل من شعرائهم؛ وقيل‏:‏ هو مَنِيعُ بن الأَكْسَب بن المُجَشَّر، من بني قَطَن ابن نَهْشَل‏.‏

كشب‏:‏ الكَشْبُ‏:‏ شِدَّةُ أَكْلِ اللحمِ ونحوه، وقد كَشَبه‏.‏ الأَزهري‏:‏

كَشَبَ اللحمَ كَشْباً‏:‏ أَكله بشِدَّة‏.‏ والتَّكْشِيبُ للمبالغة؛ قال‏:‏

ثم ظَلِلْنا في شِواءٍ، رُعْبَبُهْ *** مُلَهْوَجٍ مِثلِ الكُشَى نُكَشِّبه الكُشَى‏:‏ جمعُ كُشْية، وهي شَحْمةُ كُلْية الضَّبِّ‏.‏ وكُشُبٌ‏:‏ جبل

معروف، وقيل اسم جبل في البادية‏.‏

كظب‏:‏ ابن الأَعرابي‏:‏ حَظَبَ يَحْظُبُ حُظوباً، وكَظَبَ يَكْظُبُ

كُظُوباً إِذا امْتَلأَ سِمَناً‏.‏

كعب‏:‏ قال اللّه تعالى‏:‏ وامْسَحُوا برُؤُوسكم وأَرْجُلَكم إِلى الكعبين؛ قرأَ ابنُ كثير، وأَبو عمرو، وأَبو بكر عن عاصم وحمزة‏:‏ وأَرجلِكم، خفضاً؛ والأَعشى عن أَبي بكر، بالنصب مثل حفص؛ وقرأَ يعقوبُ والكسائي ونافع وابن عامر‏:‏ وأَرجلَكم؛ نصباً؛ وهي قراءة ابن عباس، رَدَّه إِلى قوله تعالى‏:‏ فاغْسلوا وجوهَكم، وكان الشافعيُّ يقرأُ‏:‏ وأَرجلَكم‏.‏ واختلف الناسُ في الكعبين بالنصب، وسأَل ابنُ جابر أَحمدَ ابن يحيى عن الكَعْب، فأَوْمَأَ ثعلبٌ إِلى رِجْله، إِلى المَفْصِل منها بسَبَّابَتِه، فوضَعَ

السَّبَّابةَ عليه، ثم قال‏:‏ هذا قولُ المُفَضَّل، وابن الأَعرابي؛ قال‏:‏ ثم أَوْمَأَ إِلى الناتِئَين، وقال‏:‏ هذا قول أَبي عمرو ابن العَلاء، والأَصمعي‏.‏ وكلٌّ قد أَصابَ‏.‏

والكَعْبُ‏:‏ العظمُ لكل ذي أَربع‏.‏ والكَعْبُ‏:‏ كلُّ مَفْصِلٍ للعظام‏.‏

وكَعْبُ الإِنسان‏:‏ ما أَشْرَفَ فوقَ رُسْغِه عند قَدَمِه؛ وقيل‏:‏ هو العظمُ الناشزُ فوق قدمِه؛ وقيل‏:‏ هو العظم الناشز عند مُلْتَقَى الساقِ والقَدَمِ‏.‏ وأَنكر الأَصمعي قولَ الناسِ إِنه في ظَهْر القَدَم‏.‏ وذهب قومٌ إِلى أَنهما العظمانِ اللذانِ في ظَهْرِ القَدم، وهو مَذْهَبُ الشِّيعة؛ ومنه قولُ يحيى بن الحرث‏:‏ رأَيت القَتْلى يومَ زيدِ بنِ عليٍّ، فرأَيتُ الكِعابَ في وَسْطِ القَدَم‏.‏

وقيل‏:‏ الكَعْبانِ من الإِنسان العظمانِ الناشزان من جانبي القدم‏.‏ وفي حديث الإِزارِ‏:‏ ما كان أَسْفَلَ من الكَعْبين، ففي النار‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏الكَعْبانِ العظمانِ الناتئانِ، عند مَفْصِلِ الساقِ والقَدم، عن الجنبين، وهو من الفَرس ما بين الوَظِيفين والساقَيْنِ، وقيل‏:‏ ما بين عظم الوَظِيف وعظمِ الساقِ، وهو الناتِئُ من خَلْفِه، والجمع أَكْعُبٌ وكُعُوبٌ وكِعابٌ‏.‏ ورجلٌ عالي الكَعْب‏:‏ يُوصَفُ بالشَّرف والظَّفَر؛ قال‏:‏

لما عَلا كَعْبُك بِي عَلِيتُ

أَرادَ‏:‏ لما أَعْلاني كَعْبُك‏.‏ وقال اللحياني‏:‏ الكَعْبُ والكَعْبةُ الذي

يُلْعَبُ به، وجمعُ الكَعْبِ كِعابٌ، وجمع الكَعبة كَعْبٌ وكَعَباتٌ، لم يَحْكِ ذلك غيرُه، كقولك جَمْرة وجَمَراتٌ‏.‏

وكَعَّبْتُ الشيءَ‏:‏ رَبَّعْتُه‏.‏

والكعبةُ‏:‏ البيتُ المُرَبَّعُ، وجمعُه كِعابٌ‏.‏ والكعبةُ‏:‏ البيتُ الحرام، منه، لتَكْعِيبها أَي تربيعها‏.‏ وقالوا‏:‏ كَعْبةُ البيت فأُضِيفَ، لأَنهم ذَهَبُوا بكَعْبتِه إِلى ترَبُّعِ أَعلاه، وسُمِّيَ كَعْبةً لارتفاعه وترَبُّعه‏.‏ وكل بيتٍ مُرَبَّعٍ، فهو عند العرب‏:‏ كَعْبةٌ‏.‏ وكان لربيعةَ بيتٌ يَطُوفون به، يُسَمُّونه الكَعَباتِ‏.‏ وقيل‏:‏ ذا الكَعَباتِ، وقد ذكره

الأَسْوَدُ بن يَعْفُرَ في شِعره، فقال‏:‏

والبيتِ ذي الكَعَباتِ من سِنْدادِ

والكعبةُ‏:‏ الغُرفة؛ قال ابن سيده‏:‏ أُراه لتَرَبُّعها أَيضاً‏.‏

وثوبٌ مُكَعَّبٌ‏:‏ مَطْوِيٌّ شديدُ الأَدْراجِ في تَرْبيعٍ‏.‏ ومنهم مَن لم يُقَيِّدْه بالترْبيع‏.‏ يقال‏:‏ كَعَّبْتُ الثوبَ تَكْعيباً‏.‏ وقال اللحياني‏:‏ بُرْدٌ مُكَعَّبٌ، فيه وَشيٌ مُرَبَّع‏.‏ والمُكَعَّبُ‏:‏ المُوَشَّى، ومنهم مَن خَصَّصَ فقال‏:‏ من الثياب‏.‏

والكَعْبُ‏:‏ عُقْدَةُ ما بين الأُنْبُوبَيْنِ من القَصَبِ والقَنا؛ وقيل‏:‏

هو أُنْبوبُ ما بين كلِّ عُقْدتين؛ وقيل‏:‏ الكعبُ هو طَرَفُ الأُنْبوبِ

الناشِزُ، وجمعه كُعُوب وكِعابٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

وأَلْقَى نفسَه وهَوَيْنَ رَهْواً *** يُبارينَ الأَعِنَّةَ كالكِعَابِ

يعني أَن بعضَها يَتْلو بعضاً، ككِعابِ الرُّمْح؛ ورُمْحٌ بكَعْبٍ

واحدٍ‏:‏ مُسْتَوِي الكُعُوب، ليس له كَعب أَغْلَظُ من آخر؛ قال أَوْسُ بن حَجَر يصف قَناةً مُسْتَوية الكُعُوبِ، لا تَعادِيَ فيها، حتى كأَنها كَعْبٌ واحد‏:‏

تَقاكَ بكَعْبٍ واحدٍ، وتَلَذُّه *** يَداكَ، إِذا ما هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ

وكَعَّبَ الإِناءَ وغيرَه‏:‏ مَلأَه‏.‏

وكَعَبَتِ الجاريةُ، تَكْعُبُ وتَكْعِبُ، الأَخيرةُ عن ثعلبٍ، كُعُوباً

وكُعُوبةً وكِعابةً وكَعَّبَت‏:‏ نَهَدَ ثَدْيُها‏.‏ وجارية كَعابٌ ومُكَعِّبٌ وكاعِبٌ، وجمعُ الكاعِبِ كَواعِبُ‏.‏ قال اللّه تعالى‏:‏ وكَواعِبَ

أَتْراباً‏.‏ وكِعابٌ عن ثعلب؛ وأَنشد‏:‏

نَجِيبةُ بَطَّالٍ، لَدُنْ شَبَّ هَمُّه *** لِعابُ الكِعابِ والمُدامُ المُشَعْشَعُ

ذَكَّرَ المُدامَ، لأَنه عَنى به الشَّرابَ‏.‏

وكَعَبَ الثَّدْيُ يَكْعُبُ، وكَعَّبَ، بالتخفيف والتشديد‏:‏ نَهَدَ‏.‏

وكَعَبَتْ تَكْعُبُ، بالضم، كُعُوباً، وكَعَّبَت، بالتشديد‏:‏ مثله‏.‏ وثَدْيٌ

كاعِبٌ ومُكَعِّبٌ ومُكَعَّبٌ، الأَخيرة نادرة، ومُتَكَعِّبٌ‏:‏ بمعنى واحد؛ وقيل‏:‏ التَّفْلِيكُ، ثم النُّهودُ، ثم التَّكْعِيبُ‏.‏ ووجهٌ مُكَعِّبٌ إِذا كان جافِياً ناتِئاً، والعرب تقول‏:‏ جاريةٌ دَرْماءُ الكُعُوبِ إِذا لم يكن لرؤوسِ عِظامِها حَجْمٌ؛ وذلك أَوْثَرُ لها؛ وأَنشد‏:‏

ساقاً بَخَنْداةً وكَعْباً أَدْرَما

وفي حديث أَبي هريرة‏:‏ فجثَتْ فَتاةٌ كَعابٌ على إِحدى رُكْبَتيها، قال‏:‏ الكَعابُ، بالفتح‏:‏ المرأَةُ حين يَبْدو ثَدْيُها للنُّهود‏.‏

والكَعْبُ‏:‏ الكُتْلةُ من السَّمْن‏.‏ والكَعْب من اللَّبن والسَّمْنِ‏:‏

قَدْرُ صُبَّةٍ؛ ومنه قول عمرو ابن معديكرب، قال‏:‏ نَزَلْتُ بقوم، فأَتَوْني بقوسٍ، وثَوْرٍ، وكَعْبٍ، وتِبْنٍ فيه لبن‏.‏ فالقَوْسُ‏:‏ ما يَبْقَى في أَصل الجُلَّة من التَّمْر؛ والثَّوْر‏:‏ الكُتْلة من الأَقِطِ؛ والكَعْبُ‏:‏

الصُّبَّةُ من السَّمْن؛ والتِّبْنُ‏:‏ القَدَحُ الكبير‏.‏ وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها‏:‏ إِن كان لَيُهْدَى لنا القِناعُ، فيه كَعْبٌ من إِهالة، فنَفْرَحُ به أَي قطعة من السَّمْن والدُّهن‏.‏ وكَعَبه كَعْباً‏:‏ ضَرَبه على

يابسٍ، كالرأْس ونحوه‏.‏ وكَعَّبْتُ الشَّيءَ تَكْعيباً إِذا مَلأْته‏.‏

أَبو عمرو، وابنُ الأَعرابي‏:‏ الكُعْبةُ عُذْرةُ الجارية؛ وأَنشد‏:‏

أَرَكَبٌ تَمَّ، وتمَّتْ رَبَّتُهْ *** قد كانَ مَخْتوماً، ففُضَّتْ كُعْبَتُهْ

وأَكْعَبَ الرجلُ‏:‏ أَسْرَعَ؛ وقيل‏:‏ هو إِذا انْطَلَقَ ولم يَلْتَفِتْ

إِلى شيءٍ‏.‏

ويقال‏:‏ أَعْلى اللّه كَعْبَه أَي أَعْلى جَدَّه‏.‏ ويقال‏:‏ أَعْلى اللّه شَرَفَه‏.‏ وفي حديث قَيْلةَ‏:‏ واللّه لا يَزالُ كَعْبُك عالياً، هو دُعاء لها

بالشَّرَف والعُلُوِّ‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ والأَصل فيه كَعْبُ القَناة، وهو أُنْبُوبُها، وما بين كلِّ عُقْدَتَين منها كَعْبٌ، وكلُّ شيءٍ علا

وارتفع، فهو كَعْبٌ‏.‏

أَبو سعيد‏:‏ أَكْعَبَ الرجلُ إِكْعاباً، وهو الذي يَنْطَلِقُ مُضارّاً، لا يُبالي ما وَرَاءه، ومثله كَلَّل تَكْليلاً‏.‏

والكِعابُ‏:‏ فُصوصُ النَّرْدِ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه كان يكره الضَّرْب

بالكِعابِ؛ واحدُها كَعْبٌ وكَعْبةٌ، واللَّعِبُ بها حرام، وكَرِهَها عامةُ

الصحابة‏.‏ وقيل‏:‏ كان ابنُ مُغَفَّلٍ يفعله مع امرأَته، على غير قِمارٍ‏.‏

وقيل‏:‏ رَخَّص فيه ابنُ المسيب، على غير قمار أَيضاً‏.‏ ومنه الحديث‏:‏ لا يُقَلِّبُ كَعَباتِها أَحَدٌ، ينتظر ما تجيء به، إِلا لم يَرَحْ رائحة الجنة، هي

جمع سلامة للكَعْبة‏.‏ وكَعْبٌ‏:‏ اسم رجل‏.‏ والكَعْبانِ‏:‏ كَعْبُ بن كِلابٍ، وكَعْبُ بن ربيعةَ بن عُقَيل بنِ كَعْبِ بن ربيعةَ بن عامِر بن صَعْصَعَة؛ وقوله‏:‏

رأَيتُ الشَّعْبَ من كَعْبٍ، وكانوا *** من الشَّنْآنِ قَدْ صاروا كِعابا

قال الفارسي‏:‏ أَرادَ أَنَّ آراءَهم تَفَرَّقَت وتَضادَّتْ، فكان كلُّ

ذِي رأْيٍ منهم قَبيلاً على حِدَتِه، فلذلك قال‏:‏ صاروا كِعاباً‏.‏

وأَبو مُكَعِّبٍ الأَسَدِيُّ، مُشَدَّد العين‏:‏ من شُعَرائهم؛ وقيل‏:‏ إِنه

أَبو مُكْعِتٍ، بتخفيف العين، وبالتاءِ ذات النقطتين، وسيأْتي ذكره‏.‏

ويقال للدَّوْخَلَّة‏:‏ المُكَعَّبةُ، والمُقْعَدَة، والشَّوْغَرَةُ، والوَشيجَةُ‏.‏

كعثب‏:‏ الكَعْثَبُ والكَثْعَبُ‏:‏ الرَّكَبُ الضَّخْمُ المُمْتَلِئُ الناتِئُ؛ قال‏:‏

أَرَيْتَ إِن أُعْطِيتَ نَهْداً كَعْثَبا

وامرأَة كَعْثَبٌ وكَثْعَبٌ‏:‏ ضَخْمة الرَّكَب، يعني الفرجَ‏.‏

وتَكَعْثَبَت العَرارَةُ، وهي نبتٌ‏:‏ تجمَّعتْ واستدارت‏.‏ قال ابن السكيت‏:‏ يقال لقُبلِ المرأَة‏:‏ هو كَعْثَبُها وأَجَمُّها وشَكْرُها‏.‏ قال الفراء، وأَنشدني أَبو ثَرْوانَ‏:‏

قال الجَوارِي‏:‏ ما ذَهَبْتَ مَذْهَبا‏!‏ *** وعِبْنَني، ولم أَكُنْ مُعَيَّبا

أَرَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ نَهْداً كَعْثَبا *** أَذاكَ، أَمْ نُعْطِيكَ هَيْداً هَيْدَبا‏؟‏

أَرادَ بالكَعْثَب‏:‏ الرَّكَبَ الشاخِصَ المُكْتَنِزَ، والهَيْدُ الهَيْدَبُ‏:‏ الذي فيه رخَاوَة مثل رَكَبِ العَجائز المُسْتَرْخي، لكِبرِها‏.‏ ورَكَبٌ كَعْثَبٌ‏:‏ أَي ضَخْمٌ‏.‏

كعدب‏:‏ الكَعْدَبُ والكَعْدَبة‏:‏ كلاهما الفَسْل من الرجال‏.‏ والكُعْدُبة‏:‏ الحَجَاة والحَبَابة‏.‏ وفي حديث عمرو أَنه قال لمُعَاوية‏:‏ لقَد رأَيتُك بالعِراق، وإِنَّ أَمْرَكَ كَحُقِّ الكُهول، أَو كالكُعْدُبة، ويُرْوى الجُعْدُبةِ‏.‏ قال‏:‏ وهي نُفَّاخةُ الماء التي تكون من ماء المطر، وقيل‏:‏ بيتُ العنكبوت‏.‏ أَبو عمرو‏:‏ يقال لبيت العنكبوت الكُعْدُبةُ، والجُعْدُبة‏.‏

كعسب‏:‏ كَعْسَبَ فلانٌ ذاهِباً إِذا مشى مِشْيةَ السَّكْران‏.‏

وكَعْسَبٌ‏:‏ اسم‏.‏ وكَعْسَبَ وكَعْسَمَ إِذا هَرَبَ‏.‏ وكَعْسَبَ يُكَعْسِبُ إِذا عَدا عَدْواً شديداً، مثل كَعْظَل يُكَعْظِلُ‏.‏

كعنب‏:‏ كَعانِبُ الرأْس‏:‏ عُجَرٌ تكون فيه‏.‏ ورجل كَعْنَبٌ‏:‏ ذو كَعانِبَ في رأْسه‏.‏ الأَزهري‏:‏ رجل كَعْنَبٌ‏:‏ قصير‏.‏

كوكب‏:‏ التهذيب‏:‏ ذكر الليث الكَوْكَبَ في باب الرباعي، ذَهَبَ أَن الواو أَصلية؛ قال‏:‏ وهو عند حُذَّاق النحويين من هذا الباب، صُدِّر بكافٍ زائدةٍ، والأَصلُ وَكَبَ أَو كَوَبَ، وقال‏:‏ الكَوْكَبُ، معروف، من كَواكِبِ السماءِ، ويُشَبَّه به النَّور، فيُسَمى كَوْكَباً؛ قال الأَعشى‏:‏

يُضاحِكُ الشَّمْسَ منها كَوْكَبٌ شَرِقٌ *** مُؤَزَّرٌ بعَمِيمِ النَّبْتِ، مُكْتَهِلُ ابن سيده وغيره‏:‏ الكَوْكَبُ والكَوْكَبةُ‏:‏ النَّجْم، كما قالوا عَجوزٌ

وعَجوزة، وبَياضٌ وبَياضةٌ‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ وسمعت غير واحد يقول للزُّهَرة، من بين النُّجوم‏:‏ الكَوْكَبةُ، يُؤَنثونها، وسائرُ الكَواكِب تُذَكَّر، فيقال‏:‏ هذا كَوكَبُ كذا وكذا‏.‏ والكَوْكَبُ والكَوْكَبةُ‏:‏ بياضٌ في العين‏.‏ أَبو زيد‏:‏ الكَوْكَبُ البياضُ في سَواد العين، ذَهَب البَصَرُ له، أَو لم يَذْهَب‏.‏ والكَوْكَبُ من النَّبْت‏:‏ ما طال‏.‏ وكَوْكَبُ الرَّوْضة‏:‏ نَوْرُها‏.‏ وكَوْكَبُ الحديد‏:‏ بَريقُه وتوَقُّدُه، وقد كَوْكَبَ؛ ويقال للأَمْعَزِ إِذا توَقَّدَ حَصاه ضَحاءً‏:‏ مُكَوْكِبٌ؛ قال الأَعشى يَذْكر ناقته‏:‏

تَقْطَعُ الأَمْعَزَ المُكَوكِبَ وَخْداً *** بِنَواجٍ سَرِيعةِ الإِيغالِ

ويومٌ ذو كَواكِبَ إِذا وُصِفَ بالشدَّة، كأَنه أَظْلَمَ بما فيه من الشدائد، حتى ريئَتْ كَواكِبُ السماءِ‏.‏ وغلامٌ كَوْكَبٌ ممتلئٌ إِذا

تَرَعْرَعَ وحَسُنَ وجهُه؛ وهذا كقولهم له‏:‏ بَدْرٌ‏.‏ وكَوْكَبُ كلِّ شيءٍ‏:‏

مُعْظَمُه، مثل كَوْكَبِ العُشْبِ، وكَوكَبِ الماءِ، وكَوكَبِ الجَيْش؛ قال الشاعر يصف كَتيبةً‏:‏

ومَلْمُومةٍ لا يَخْرِقُ الطَّرْفُ عَرْضَها *** لها كَوْكَبٌ فَخْمٌ، شَديدٌ وُضُوحُها

المُؤَرِّجُ‏:‏ الكَوْكَبُ‏:‏ الماءُ‏.‏ والكَوْكَبُ‏:‏ السَّيْفُ‏.‏ والكَوْكَبُ‏:‏ سَيِّدُ القوم‏.‏ والكَوْكَبُ‏:‏ الفُطْرُ، عن أَبي حنيفة‏.‏ قال‏:‏ ولا أَذْكُرُه عن عالم، إِنما الكَوْكَبُ نبات معروف، لم يُحَلَّ، يقال له‏:‏ كَوْكَبُ الأَرض‏.‏ والكَوْكَبُ‏:‏ قَطَراتٌ تقع بالليل على الحشيش‏.‏ والكَوْكَبةُ‏:‏ الجماعةُ؛ قال ابن جني‏:‏ لم يُسْتعمل كلُّ ذلك إِلاَّ مزيداً، لأَنا لا نعرف في الكلام مثل كَبْكَبةٍ؛ وقول الشاعر‏:‏

كَبْداءُ جاءَتْ من ذُرَى كُواكِبِ

أَراد بالكَبْداءِ‏:‏ رَحًى تُدار باليد، نُحِتَتْ من جبل كُواكِبَ، وهو جبل بعينه تُنْحَتُ منه الأَرْحِيَة‏.‏ وكَوْكَبٌ‏:‏ اسم موضع؛ قال

الأَخطل‏:‏

شَوْقاً إِليهم ووَجْداً، يومَ أُتْبِعُهُم *** طَرْفي، ومنهم، بجَنْبَيْ كَوكَبٍ، زُمَرُ

التهذيب‏:‏ وكَوْكَبَى، على فَوْعَلى‏:‏ موضعٌ‏.‏ قال الأَخطل‏:‏ بجَنْبَيْ

كَوْكَبَى زُمَرُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ دَعا دَعْوةً كَوكَبِيَّةً؛ قيل‏:‏ كَوْكَبٌ

قرية ظَلَم عاملُها أَهلَها، فدَعَوْا عليه دَعْوةً، فلم يَلْبَثْ أَن مات، فصارت مثلاً؛ وقال‏:‏

فيا رَبَّ سَعْدٍ، دَعْوةً كَوْكَبِيَّةً *** تُصادِفُ سَعْداً أَو يُصادِفُها سَعْدُ

أَبو عبيدة‏:‏ ذَهَبَ القومُ تحتَ كلِّ كَوْكَبٍ أَي تَفَرَّقُوا‏.‏

والكَوْكَبُ‏:‏ شِدَّةُ الحَرِّ ومُعْظَمُه؛ قال ذو الرمة‏:‏

ويَوْمٍ يَظَلُّ الفَرْخُ في بَيْتِ غيره *** له كَوْكَبٌ فوقَ الحِدابِ الظَّواهِرِ

وكُوَيْكِبٌ‏:‏ من مساجد سيدنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين المدينة وتَبُوكَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنَّ عثمان دُفِنَ بحُشِّ كَوْكَبٍ؛ كَوْكَبٌ‏:‏اسم رجل، أُضِيف إِليه الحُشُّ، وهو البُسْتانُ‏.‏ وكَوْكَبٌ أَيضاً‏:‏ اسم فرس لرجل جاءَ يطوف عليه بالبيت، فكُتِبَ فيه إِلى عمر، رضي اللّه عنه، فقال‏:‏ امْنَعُوه‏.‏

كلب‏:‏ الكَلْبُ‏:‏ كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَمَا تخافُ أن يأْكُلَكَ كَلْبُ اللّهِ‏؟‏ فجاءَ الأَسدُ ليلاً فاقْتَلَعَ هامَتَه من بين

أَصحابه‏.‏ والكَلْب، معروفٌ، واحدُ الكِلابِ؛ قال ابن سيده‏:‏ وقد غَلَبَ الكلبُ على هذا النوع النابح، وربما وُصِفَ به، يقال‏:‏ امرأَةٌ كَلْبة؛ والجمع أَكْلُبٌ، وأَكالِبُ جمع الجمع، والكثير كِلابٌ؛ وفي الصحاح‏:‏ الأَكالِبُ جمع أَكْلُبٍ‏.‏ وكِلابٌ‏:‏ اسمُ رجل، سمي بذلك، ثم غَلَبَ على الحيّ والقبيلة؛ قال‏:‏

وإِنّ كِلاباً هذه عَشْرُ أَبطُنٍ *** وأَنتَ بَريءٌ من قَبائِلها العَشْرِ

قال ابن سيده‏:‏ أَي إِنَّ بُطُونَ كِلابٍ عَشْرُ أَبطُنٍ‏.‏ قال سيبويه‏:‏

كِلابٌ اسم للواحد، والنسبُ إِليه كِلابيٌّ، يعني أَنه لو لم يكن كِلابٌ اسماً للواحد، وكان جمعاً، لَقِيلَ في الإِضافة إِليه كَلْبيٌّ، وقالوا في جمع كِلابٍ‏:‏ كِلاباتٌ؛ قال‏:‏

أَحَبُّ كَلْبٍ في كِلاباتِ الناسْ *** إِليَّ نَبْحاً، كَلْبُ أُمِّ العباسْ

قال سيبويه‏:‏ وقالوا ثلاثةُ كلابٍ، على قولهم ثلاثةٌ من الكِلابِ؛ قال‏:‏ وقد يجوز أَن يكونوا أَرادوا ثلاثة أَكْلُبٍ، فاسْتَغْنَوْا ببناءِ أَكثر العَدَدِ عن أَقلّه‏.‏ والكَلِيبُ والكالِبُ‏:‏ جماعةُ الكِلابِ، فالكَليبُ

كالعبيدِ، وهو جمع عزيز؛ وقال يصف مَفازة‏:‏

كأَنَّ تَجاوُبَ أَصْدائها *** مُكاءُ المُكَلِّبِ، يَدْعُو الكَلِيبَا

والكالِبُ‏:‏ كالجامِلِ والباقِر‏.‏ ورجل كالِبٌ وكَلاَّبٌ‏:‏ صاحبُ كِلابٍ، مثل تامرٍ ولابِنٍ؛ قال رَكَّاضٌ الدُّبَيْريُّ‏:‏

سَدَا بيَدَيْهِ، ثم أَجَّ بسَيْرِه *** كأَجِّ الظَّليمِ من قَنيصٍ وكالِبِ

وقيل‏:‏ سائِسُ كِلابٍ‏.‏ ومُكَلِّبٌ‏:‏ مُضَرٍّ للكِلابِ على الصَّيْدِ، مُعَلِّمٌ لها؛ وقد يكونُ التَّكْليبُ واقعاً على الفَهْدِ وسِباعِ الطَّيْرِ‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وما عَلَّمتم من الجَوارِحِ مُكَلِّبِين؛ فقد دخَل في هذا‏:‏ الفَهْدُ، والبازي، والصَّقْرُ، والشاهينُ، وجميعُ أَنواعِ

الجَوارح‏.‏

والكَلاَّبُ‏:‏ صاحبُ الكِلاب‏.‏ والمُكَلِّبُ‏:‏ الذي يُعَلِّم الكِلابَ أَخْذ الصيدِ‏.‏ وفي حديث الصيد‏:‏ إِنَّ لي كِلاباً مُكَلَّبةً، فأَفْتِني في صَيدها‏.‏ المُكَلَّبةُ‏:‏ المُسَلَّطة على الصيد، المُعَوَّدة بالاصطياد، التي قد ضَرِيَتْ به‏.‏ والمُكَلِّبُ، بالكسر‏:‏ صاحِبُها، والذي يصطادُ بها‏.‏ وذو الكَلْبِ‏:‏ رجلٌ؛ سُمي بذلك لأَنه كان له كلب لا يُفارقه‏.‏ والكَلْبةُ‏:‏ أُنْثى الكِلابِ، وجمعها كَلْباتٌ، ولا تُكَسَّرُ‏.‏

وفي المثل‏:‏ الكِلابُ على البقر، تَرْفَعُها وتَنْصِبُها أَي أَرسِلْها

على بَقَر الوَحْش؛ ومعناه‏:‏ خَلِّ امْرَأً وصِناعَتَه‏.‏

وأُمُّ كَلْبةَ‏:‏ الحُمَّى، أُضِيفَتْ إِلى أُنثى الكِلابِ‏.‏

وأَرض مَكْلَبة‏:‏ كثيرةُ الكِلابِ‏.‏

وكَلِبَ الكَلْبُ، واسْتَكْلَبَ‏:‏ ضَرِيَ، وتَعَوَّدَ أَكْلَ الناس‏.‏

وكَلِبَ الكَلْبُ كَلَباً، فهو كَلِبٌ‏:‏ أَكَلَ لَحْمَ الإِنسان، فأَخذه لذلك

سُعارٌ وداءٌ شِبْهُ الجُنون‏.‏

وقيل‏:‏ الكَلَبُ جُنُونُ الكِلابِ؛ وفي الصحاح‏:‏ الكَلَبُ شبيهٌ

بالجُنُونِ، ولم يَخُصَّ الكِلاب‏.‏

الليث‏:‏ الكَلْبُ الكَلِبُ‏:‏ الذي يَكْلَبُ في أَكْلِ لُحومِ الناس، فيَأْخُذُه شِبْهُ جُنُونٍ، فإِذا عَقَر إِنساناً، كَلِبَ المَعْقُورُ، وأَصابه داءُ الكَلَبِ، يَعْوِي عُوَاءَ الكَلْبِ، ويُمَزِّقُ ثيابَه عن نفسه، ويَعْقِرُ من أَصاب، ثم يصير أَمْرُه إِلى أَن يأْخذه العُطاشُ، فيموتَ من شِدَّةِ العَطَش، ولا يَشْرَبُ‏.‏ والكَلَبُ‏:‏ صِياحُ الذي قد عَضَّه الكَلْبُ الكَلِبُ‏.‏ قال‏:‏ وقال المُفَضَّل أَصْلُ هذا أَنَّ داءً يقع على الزرع، فلا يَنْحَلُّ حتى تَطْلُع عليه الشمسُ، فيَذُوبَ، فإِن أَكَلَ منه المالُ قبل ذلك مات‏.‏ قال‏:‏ ومنه ما رُوي عن النبي، صلى اللّه عليه

وسلم، أَنه نَهَى عن سَوْم الليل أَي عن رَعْيِه، وربما نَدَّ بعيرٌ فأَكَلَ من ذلك الزرع، قبل طلوع الشمس، فإِذا أَكله مات، فيأْتي كَلْبٌ فيأْكلُ من لحمه، فيَكْلَبُ، فإِنْ عَضَّ إِنساناً، كَلِبَ المَعْضُوضُ، فإِذا سَمِعَ نُباحَ كَلْبٍ أَجابه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ سَيَخْرُجُ في أُمَّتي أَقوامٌ تَتَجارَى بهم الأَهْواءُ، كما يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحبه؛ الكَلَبُ، بالتحريك‏:‏ داءٌ يَعْرِضُ للإِنسان، مِن عَضَّ الكَلْب الكَلِب، فيُصيبُه شِبْهُ الجُنُونِ، فلا يَعَضُّ أَحَداً إِلا كَلِبَ، ويَعْرِضُ له أَعْراضٌ رَديئَة، ويَمْتَنِعُ من شُرْب الماءِ حتى يموت عَطَشاً؛ وأَجمعت العربُ على أَن دَواءَه قَطْرَةٌ من دَمِ مَلِكٍ يُخْلَطُ بماءٍ فيُسْقاه؛ يقال منه‏:‏ كَلِبَ الرجلُ كَلَباً‏:‏ عَضَّه الكَلْبُ الكَلِبُ، فأَصابه مثلُ ذلك‏.‏ ورَجُلٌ كَلِبٌ مِن رجالٍ كَلِبِينَ، وكَلِيبٌ من قَوْم كَلْبَى؛وقولُ الكُمَيْت‏:‏

أَحْلامُكُمْ، لِسَقَامِ الجَهْل، شَافِيَةٌ *** كما دِماؤُكُمُ يُشْفَى بها الكَلَبُ

قال اللحياني‏:‏ إِن الرجلَ الكَلِبَ يَعضُّ إِنساناً، فيأْتون رجلاً

شريفاً، فيَقْطُرُ لهم من دَمِ أُصْبُعِه، فَيَسْقُونَ الكَلِبَ فيبرأُ‏.‏

والكَلابُ‏:‏ ذَهابُ العَقْلِ من الكَلَب، وقد كُلِبَ‏.‏ وكَلِبَتِ الإِبلُ كَلَباً‏:‏ أَصابَها مثلُ الجُنون الذي يَحْدُثُ عن الكَلَب‏.‏ وأَكْلَبَ القومُ‏:‏ كَلِبَتْ إِبلُهم؛ قال النابغة الجَعْدِيُّ‏:‏

وقَوْمٍ يَهِينُونَ أَعْراضَهُمْ *** كَوَيْتُهُمُ كَيَّةَ المُكْلِبِ

والكَلَبُ‏:‏ العَطَشُ، وهو من ذلك، لأَن صاحب الكَلَبِ يَعْطَشُ، فإِذا

رأَى الماءَ فَزِعَ منه‏.‏ وكَلِبَ عليه كَلَباً‏:‏ غَضِبَ فأَشْبَهَ الرجلَ

الكَلِبَ‏.‏ وكَلِبَ‏:‏ سَفِهَ فأَشبه الكَلِبَ‏.‏ ودَفَعْتُ عنك كَلَبَ فلان أَي شَرَّه وأَذاه‏.‏ وكَلَبَ الرجل يَكْلِبُ، واسْتَكْلَبَ إِذا كان في قَفْرٍ، فيَنْبَحُ لتسمعه الكِلابُ فتَنْبَحَ فيَسْتَدِلُّ بها؛ قال‏:‏

ونَبْحُ الكِلابِ لمُسْتَكْلِبٍ

والكَلْبُ‏:‏ ضَرْبٌ من السَّمَك، على شَكْلِ الكَلْبِ‏.‏ والكَلْبُ من النجوم‏:‏ بحِذاءِ الدَّلْو من أَسْفَلَ، وعلى طريقته نجمٌ آخر يقال له الراعي‏.‏

والكَلْبانِ‏:‏ نجمان صغيران كالمُلْتَزِقَيْن بين الثُّرَيَّا والدَّبَرانِ‏.‏ كِلابُ الشتاءِ‏:‏ نُجومٌ، أَوَّلَه، وهي‏:‏ الذراعُ والنَّثْرَةُ

والطَّرْفُ والجَبْهة؛ وكُلُّ هذه النجومِ، إِنما سميت بذلك على التشبيه بالكِلابِ‏.‏

وكَلْبُ الفرس‏:‏ الخَطُّ الذي في وَسَطِ ظَهْرِه، تقول‏:‏ اسْتَوَى على كَلْبِ فَرَسه‏.‏ ودَهْرٌ كَلِبٌ‏:‏ مُلِحٌّ على أَهله بما يَسُوءُهم، مُشْتَقٌّ من الكَلْبِ الكَلِبِ؛ قال الشاعر‏:‏

ما لي أَرى الناسَ، لا أَبَ لَهُمُ‏!‏ *** قَدْ أَكَلُوا لَحْمَ نابِحٍ كَلِبِ

وكُلْبَةُ الزَّمان‏:‏ شِدَّةُ حاله وضِيقُه، من ذلك‏.‏ والكُلْبةُ، مِثلُ

الجُلْبةِ‏.‏ والكُلْبة‏:‏ شِدَّةُ البرْد، وفي المحكم شِدَّةُ الشتاءِ، وجَهْدُه، منه أَيضاً؛ أَنشد يعقوب‏:‏

أَنْجَمَتْ قِرَّةُ الشِّتاءِ، وكانَتْ *** قد أَقامَتْ بكُلْبةٍ وقِطارِ

وكذلك الكَلَبُ، بالتحريك، وقد كَلِبَ الشتاءُ، بالكسر‏.‏ والكَلَبُ‏:‏

أَنْفُ الشِّتاءِ وحِدَّتُه؛ وبَقِيَتْ علينا كُلْبةٌ من الشتاءِ؛ وكَلَبةٌ

أَي بَقِيَّةُ شِدَّةٍ، وهو من ذلك‏.‏ وقال أَبو حنيفة‏:‏ الكُلْبةُ كُلُّ

شِدَّةٍ من قِبَلِ القَحْط والسُّلْطان وغيره‏.‏ وهو في كُلْبة من العَيْش

أَي ضِيقٍ‏.‏ وقال النَّضْرُ‏:‏ الناسُ في كُلْبةٍ أَي في قَحْطٍ وشِدَّة من الزمان‏.‏ أَبو زيد‏:‏ كُلْبةُ الشِّتَاءِ وهُلْبَتُه‏:‏ شِدَّتُه‏.‏ وقال الكسائي‏:‏ أَصابتهم كُلْبةٌ من الزمان، في شِدَّةِ حالهم، وعَيْشِهم، وهُلْبةٌ

من الزمان؛ قال‏:‏ ويقال هُلْبة وجُلْبة من الحَرِّ والقُرِّ‏.‏ وعامٌ كلِبٌ‏:‏

جَدْبٌ، وكُلُّه من الكَلَب‏.‏

والمُكالَبةُ‏:‏ المُشارَّة وكذلك التَّكَالُبُ؛ يقال‏:‏ هم يَتَكَالبُونَ على كذا أَي يَتَواثَبُون عليه‏.‏

وكالَبَ الرجلَ مُكالَبةً وكِلاباً‏:‏ ضايَقَه كمُضايَقَة الكِلاب بَعْضِها بَعْضاً، عند المُهارشة؛ وقولُ تَأَبطَ شَرّاً‏:‏

إِذا الحَرْبُ أَوْلَتْكَ الكَلِيبَ، فَوَلِّها *** كَلِيبَكَ واعْلَم أَنها سَوْفَ تَنْجَلِي

قيل في تفسيره قولان‏:‏ أَحدهما أَنه أَراد بالكَلِيب المُكالِبَ الذي

تَقَدَّم، والقولُ الآخرُ أَن الكَلِيبَ مصدر كَلِبَتِ الحَرْبُ،والأَوَّل أَقْوَى‏.‏

وكَلِبَ على الشيءِ كَلَباً‏:‏ حَرَصَ عليه حِرْصَ الكَلْبِ، واشْتَدَّ

حِرْصُه‏.‏ وقال الحَسَنُ‏:‏ إِنَّ الدنيا لما فُتِحَتْ على أَهلها، كَلِبُوا

عليها أَشَدَّ الكَلَبِ، وعَدَا بعضُهم على بعض بالسَّيْفِ؛ وفي النهاية‏:‏ كَلِبُوا عليها أَسْوَأَ الكَلَبِ، وأَنْتَ تَجَشَّأُ من الشِّبَع

بَشَماً، وجارُك قد دَمِيَ فُوه من الجوع كَلَباً أَي حِرصاً على شيءٍ يُصِيبه‏.‏ وفي حديث عليّ، كَتَبَ إِلى ابن عباس حين أَخَذَ من مال البَصْرَة‏:‏ فلما رأَيتَ الزمانَ على ابن عمك قد كَلِبَ، والعدوّ قد حَرِبَ؛ كَلِبَ أَي اشْتَدَّ‏.‏ يقال‏:‏ كَلِبَ الدَّهْرُ على أَهله إِذا أَلَحَّ عليهم، واشْتَدَّ‏.‏

وتَكالَبَ الناسُ على الأَمر‏:‏ حَرَصُوا عليه حتى كأَنهم كِلابٌ‏.‏

والمُكالِبُ‏:‏ الجَرِيءُ، يَمانية؛ وذلك لأَنه يُلازِمُ كمُلازمَة الكِلابِ لما تَطْمَعُ فيه‏.‏ وكَلِبَ الشَّوْكُ إِذا شُقَّ ورَقُه، فَعَلِقَ كَعَلَقِ

الكِلابِ‏.‏ والكَلْبَةُ والكَلِبَةُ من الشِّرْسِ‏:‏ وهو صغار شجر الشَّوْكِ، وهي تُشْبِه الشُّكَاعَى، وهي من الذكور، وقيل‏:‏ هي شَجَرة شاكَةٌ من العِضاهِ، لها جِراءٌ، وكل ذلك تَشْبِيهٌ بالكَلْب‏.‏ وقد كَلِبَتْ إِذا

انْجَرَدَ ورَقُها، واقْشَعَرَّتْ، فَعَلِقَت الثيابَ وآذَتْ مَن مَرَّ بها، كما يَفْعَلُ الكَلْبُ‏.‏ وقال أَبو حنيفة‏:‏ قال أَبو الدُّقَيْش كَلِبَ الشجرُ، فهو كَلِبٌ إِذا لم يَجِدْ رِيَّهُ، فَخَشُنَ من غير أَن تَذْهَبَ نُدُوَّتُه، فعَلِقَ

ثَوْبَ مَن مَرَّ به كالكَلْب‏.‏

وأَرض كَلِبةٌ إِذا لم يَجِدْ نباتُها رِيّاً، فَيَبِسَ‏.‏ وأَرضٌ كَلِبَةُ الشَّجر إِذا لم يُصِبْها الربيعُ‏.‏ أَبو خَيْرة‏:‏ أَرضٌ كَلِبةٌ أَي غَلِيظةٌ قُفٌّ، لا يكون فيها شجر ولا كَلأٌ، ولا تكونُ جَبَلاً، وقال أَبو الدُّقَيْشِ‏:‏ أَرضٌ كَلِبَةُ الشَّجر أَي خَشِنَةٌ يابسةٌ، لم يُصِبْها الربيعُ بَعْدُ، ولم تَلِنْ‏.‏ والكَلِبةُ من الشجر أَيضاً‏:‏ الشَّوْكةُ العارِيةُ من الأَغْصان، وذلك لتعلقها بمن يَمُرُّ بها، كما تَفْعل الكِلابُ‏.‏ ويقال للشجرة العارِدة الأَغْصانِ والشَّوْكِ اليابسِ المُقْشَعِرَّةِ‏:‏ كَلِبةٌ‏.‏

وكَفُّ الكَلْبِ‏:‏ عُشْبة مُنْتَشرة تَنْبُتُ بالقِيعانِ وبلاد نَجْدٍ، يقال لها ذلك إِذا يَبِسَتْ، تُشَبَّه بكَفِّ الكَلْبِ الحَيوانيِّ، وما دامتْ خَضْراء، فهي الكَفْنةُ‏.‏ وأُمُّ كَلْبٍ‏:‏ شُجَيْرَةٌ شاكةٌ؛ تَنْبُتُ في غَلْظِ الأَرض وجبالها، صفراءُ الورقِ، خَشْناء، فإِذا حُرِّكَتْ، سَطَعَتْ بأَنْتَنِ رائحةٍ وأَخْبَثها؛ سُميت بذلك لمكانِ الشَّوْكِ، أَو لأَنها تُنْتِنُ كالكلب إِذا أَصابه المَطَرُ‏.‏

والكَلُّوبُ‏:‏ المِنْشالُ، وكذلك الكُلاَّبُ، والجمع الكَلالِيبُ، ويسمى المِهْمازُ، وهو الحَديدةُ التي على خُفِّ الرَّائِضِ، كُلاَّباً؛ قال جَنْدَلُ بن الراعي يَهْجو ابنَ الرِّقاعِ؛ وقيل هو لأَبيه الراعي‏:‏

خُنادِفٌ لاحِقٌ، بالرأْسِ، مَنْكِبُه *** كأَنه كَوْدَنٌ يُوشَى بكُلاَّبِ

وكَلَبه‏:‏ ضَرَبه بالكُلاَّبِ؛ قال الكُمَيْتُ‏:‏

ووَلَّى بأجْرِيّا ولافٍ، كأَنه *** على الشَّرَفِ الأَقْصَى يُساطُ ويُكلَبُ

والكُلاَّبُ والكَلُّوبُ‏:‏ السَّفُّودُ، لأَنه يَعْلَقُ الشِّواءَ ويَتَخَلَّله، هذه عن اللحياني‏.‏ والكَلُّوبُ والكُلاَّبُ‏:‏ حديدةٌ معطوفة، كالخُطَّافِ‏.‏ التهذيب‏:‏ الكُلاَّبُ والكَلُّوبُ خَشَبةٌ في رأْسها عُقَّافَةٌ منها، أَو من حديدٍ‏.‏ فأَما الكَلْبَتانِ‏:‏ فالآلةُ التي تكون مع الحَدَّادين‏.‏ وفي حديث الرؤيا‏:‏ وإِذا آخَرُ قائمٌ بكَلُّوبِ حديدٍ؛ الكَلُّوبُ، بالتشديد‏:‏ حديدةٌ مُعْوَجَّةُ الرأْس‏.‏ وكَلاليب البازي‏:‏ مَخالِبُه، كلُّ ذلك على التَّشْبيه بمَخالِبِ الكِلابِ والسِّباعِ‏.‏ وكلاليبُ الشجر‏:‏ شَوْكُه كذلك‏.‏

وكالَبَتِ الإِبلُ‏:‏ رَعَتْ كلالِيبَ الشجر، وقد تكون المُكالَبةُ

ارتِعاءَ الخَشِنِ اليابسِ، وهو منه؛ قال‏:‏

إِذا لم يكن إِلا القَتادُ، تَنَزَّعَتْ *** مَناجِلُها أَصْلَ القَتادِ المُكالَب

والكلْبُ‏:‏ الشَّعِيرةُ‏.‏ والكلْبُ‏:‏ المِسْمارُ الذي في قائم السيف، وفيه الذُّؤابة لِتُعَلِّقَه بها؛ وقيل كَلْبُ السيف‏:‏ ذُؤَابتُه‏.‏ وفي حديث

أُحُدٍ‏:‏ أَنَّ فَرَساً ذبَّ بذَنبه، فأَصابَ كُلاَّبَ سَيْفٍ، فاسْتَلَّه‏.‏

الكُلاَّبُ والكَلْبُ‏:‏ الحَلْقَةُ أَو المِسمار الذي يكون في قائم السيف، تكون فيه عِلاقَتُه‏.‏ والكَلْبُ‏:‏ حديدةٌ عَقْفاءُ تكونُ في طَرَفِ الرَّحْل تُعَلَّق فيها المَزادُ والأَداوَى؛ قال يصف سِقاء‏:‏

وأَشْعَثَ مَنْجُوبٍ شَسِيفٍ، رَمَتْ به *** على الماءِ، إِحْدَى اليَعْمَلاتِ العَرامِسُ

فأَصْبَحَ فوقَ الماءِ رَيَّانَ، بَعْدَما *** أَطالَ به الكَلْبُ السُّرَى، وهو ناعِسُ

والكُلاَّبُ‏:‏ كالكَلْبِ، وكلُّ ما أُوثِقَ به شيءٌ، فهو كَلْبٌ، لأَنه يَعْقِلُه كما يَعْقِلُ الكَلْبُ مَنْ عَلِقَه‏.‏

والكَلْبتانِ‏:‏ التي تكونُ مع الحَدَّاد يأْخُذُ بها الحديد المُحْمَى، يقال‏:‏ حديدةٌ ذاتُ كَلْبَتَيْن، وحديدتانِ ذواتا كلبتين، وحدائدُ ذواتُ

كَلْبتين، في الجمع، وكلُّ ما سُمِّي باثنين فكذلك‏.‏

والكَلْبُ‏:‏ سَير أَحمر يُجْعَلُ بين طَرَفَي الأَديم‏.‏ والكُلْبَةُ‏:‏ الخُصْلة من اللِّيفِ، أَو الطاقةُ منه، تُسْتَعْمَل كما يُسْتَعْمَلُ الإِشْفَى الذي في رأْسه جُحْر، ثم يُجْعَلُ السيرُ فيه؛ كذلك الكُلْبةُ يُجْعَلُ الخَيْطُ أَو السَّيْرُ فيها، وهي مَثْنِيَّةٌ، فتُدخَلُ في مَوْضع الخَرْزِ، ويُدْخِلُ الخارزُ يَدَه في الإِداوةِ، ثم يَمُدُّه‏.‏ وكَلَبَتِ الخارِزةُ السير تَكْلُبُه كلْباً‏:‏ قَصُرَ عنها السيرُ، فثَنَتْ سَيراً يَدْخُلُ فيه رأْسُ القصير حتى يَخْرُج منه؛ قال دُكَينُ بنُ رجاءٍ الفُقَيْميُّ يصف فرساً‏:‏

كأَنَّ غَرَّ مَتْنِهِ، إِذْ نَجْنُبُهْ *** سَيرُ صَناعٍ في خَرِيزٍ تَكْلُبه واستشهد الجوهري بهذا على قوله‏:‏ الكَلْبُ سَير يُجْعَلُ بين طَرَفَي الأَديمِ إِذا خُرِزا؛ تقول منه‏:‏ كَلَبْتُ المَزادَةَ، وغَرُّ مَتْنِه ما

تَثَنَّى من جِلده‏.‏ ابن دريد‏:‏ الكَلْبُ أَنْ يَقْصُرَ السيرُ على الخارزة، فتُدْخِلَ في الثَّقْبِ سيراً مَثْنِيّاً، ثم تَرُدَّ رأْسَ السَّير الناقص فيه، ثم تُخْرِجَهُ وأَنشد رَجَزَ دُكَينٍ أَيضاً‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الكَلْبُ خَرْزُ السَّير بَينَ سَيرَينِ‏.‏

كلَبْتُه أَكْلُبه كَلْباً، واكْتَلَبَ الرجلُ‏:‏ استَعمَلَ هذه الكُلْبَةَ، هذه وحدها عن اللحياني؛ قال‏:‏ والكُلْبَةُ‏:‏ السَّير وراءَ الطاقةِ من اللِّيفِ، يُستَعمَل كما يُسْتَعْمَلُ الإِشْفَى الذي في رأْسه جُحْرٌ، يُدْخَلُ السَّيرُ أَو الخَيْطُ في الكُلْبة، وهي مَثْنِيَّة، فَيَدْخُلُ في موضع الخَرْز، ويُدْخِلُ الخارِزُ يدَه في الإِداوة، ثم يَمُدُّ السَّيرَ أَو الخيط‏.‏ والخارِزُ يقال له‏:‏ مُكْتَلِبٌ‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ والكَلْبُ مِسمارٌ يكون في روافِدِ السَّقْبِ، تُجْعَلُ

عليه الصُّفْنةُ، وهي السُّفْرة التي تُجْمَعُ بالخَيْط‏.‏ قال‏:‏ والكَلْبُ

أَوَّلُ زيادةِ الماء في الوادي‏.‏ والكَلْبُ‏:‏ مِسْمارٌ على رأْسِ

الرَّحْل، يُعَلِّقُ عليه الراكبُ السَّطِيحةَ‏.‏ والكَلْبُ‏:‏ مسْمارُ مَقْبضِ

السيف، ومعه آخرُ، يقال له‏:‏ العجوزُ‏.‏

وكَلَبَ البعيرَ يَكْلُبه كَلْباً‏:‏ جمعَ بين جَريرِه وزِمامِه بخَيطٍ في البُرَةِ‏.‏ والكَلَبُ‏:‏ الأَكْلُ الكثير بلا شِبَعٍ‏.‏ والكَلَبُ‏:‏ وقُوعُ

الحَبْلِ بين القَعْوِ والبَكَرَة، وهو المرْسُ، والحَضْبُ، والكَلْب

القِدُّ‏.‏ ورَجلٌ مُكَلَّبٌ‏:‏ مَشدودٌ بالقِدِّ، وأَسِيرٌ مُكَلَّبٌ؛ قال طُفَيْل

الغَنَوِيُّ‏:‏

فباءَ بِقَتْلانا من القوم مِثْلُهم *** وما لا يُعَدُّ من أَسِيرٍ مُكَلَّبِ

وقيل‏:‏ هو مقلوب عن مُكَبَّلٍ‏.‏ ويقال‏:‏ كَلِبَ عليه القِدُّ إِذا أُسِرَ

به، فَيَبِسَ وعَضَّه‏.‏ وأَسيرٌ مُكَلَّبٌ ومُكَبَّلٌ أَي مُقَيَّدٌ‏.‏

وأَسيرٌ مُكَلَّبٌ‏:‏ مَأْسُورٌ بالقِدِّ‏.‏

وفي حديث ذي الثُّدَيَّةِ‏:‏ يَبْدو في رأْسِ يَدَيهِ شُعَيراتٌ، كأَنها

كُلْبَةُ كَلْبٍ، يعني مَخالِبَه‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا قال الهروي، وقال الزمخشري‏:‏ كأَنها كُلْبةُ كَلْبٍ، أَو كُلْبةُ سِنَّوْرٍ، وهي

الشَّعَرُ النابتُ في جانِبَيْ خَطْمِه‏.‏

ويقال للشَّعَر الذي يَخْرُزُ به الإِسْكافُ‏:‏ كُلْبةٌ‏.‏ قال‏:‏ ومن فَسَّرها بالمَخالب، نظراً إِلى مَجيءِ الكَلالِيبِ في مَخالِبِ البازِي، فقد أَبْعَد‏.‏

ولِسانُ الكَلْبِ‏:‏ اسمُ سَيْفٍ كان لأَوْسِ بن حارثةَ ابنَ لأْمٍ

الطائي؛ وفيه يقول‏:‏

فإِنَّ لِسانَ الكَلْبِ مانِعُ حَوْزَتي *** إِذا حَشَدَتْ مَعْنٌ وأَفناء بُحْتُرِ

ورأْسُ الكَلْبِ‏:‏ اسمُ جبل معروف‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ ورأْسُ كَلْبٍ‏:‏ جَبَلٌ‏.‏

والكَلْبُ‏:‏ طَرَفُ الأَكَمةِ‏.‏ والكُلْبةُ‏:‏ حانوتُ الخَمَّارِ، عن أَبي

حنيفة‏.‏

وكَلْبٌ وبنُو كَلْبٍ وبنُو أَكْلُبٍ وبنو كَلْبةَ‏:‏ كلُّها قبائلُ‏.‏

وكَلْبٌ‏:‏ حَيٌّ من قُضاعة‏.‏ وكِلابٌ‏:‏ في قريش، وهو كِلابُ بنُ مُرَّةَ‏.‏

وكِلابٌ‏:‏ في هَوازِنَ، وهو كِلابُ بن ربيعةَ بن عامر بن صَعْصَعة‏.‏ وقولُهم‏:‏ أَعزُّ من كُلَيْبِ وائلٍ، هو كُلَيْبُ ابن ربيعة من بني تَغلِبَ بنِ وائل‏.‏ وأَما كُلَيْبٌ، رَهْطُ جريرٍ الشاعر، فهو كُلَيْبُ بن يَرْبُوع بن حَنْظَلة‏.‏ والكَلْبُ‏:‏ جَبَل باليمامة؛ قال الأَعشى‏:‏

إِذْ يَرْفَعُ الآل رأْس الكَلْبِ فارْتَفَعا

هكذا ذكره ابن سيده‏.‏ والكَلْبُ‏:‏ جبل باليمامة، واستشهد عليه بهذا البيت‏:‏ رأْس الكَلْب‏.‏ والكَلْباتُ‏:‏ هَضَباتٌ معروفة هنالك‏.‏

والكُلابُ، بضم الكاف وتخفيف اللام‏:‏ اسم ماء، كانت عنده وقعة العَرَب؛ قال السَّفَّاح بن خالد التَّغْلَبيُّ‏:‏

إِنَّ الكُلابَ ماؤُنا فَخَلُّوهْ *** وساجِراً، واللّه، لَنْ تَحُلُّوهْ

وساجرٌ‏:‏ اسم ماء يجتمع من السيل‏.‏ وقالوا‏:‏ الكُلابُ الأَوَّلُ، والكُلابُ الثاني، وهما يومان مشهوران للعرب؛ ومنه حديث عَرْفَجَة‏:‏ أَنَّ أَنْفَه أُصيبَ يومَ الكُلابِ، فاتَّخَذ أَنْفاً من فِضَّةٍ؛ قال أَبو عبيد‏:‏ كُلابٌ الأَوَّلُ، وكُلابٌ الثاني يومان، كانا بين مُلوكِ كنْدة وبني تَمِيم‏.‏ قال‏:‏ والكُلابُ موضع، أَو ماء، معروف، وبين الدَّهْناء واليمامة موضع يقال له الكُلابُ أَيضاً‏.‏ والكَلْبُ‏:‏ فرسُ عامر بن الطُّفَيْل‏.‏ والكَلَبُ‏:‏ القِيادةُ، والكَلْتَبانُ‏:‏ القَوَّادُ؛ منه، حكاهما ابن الأَعرابي، يرفعهما إِلى الأَصمعي، ولم يذكر سيبويه في الأَمثلة فَعْتَلاناً‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وأَمْثَلُ ما يُصَرَّفُ إِليه ذلك، أَن يكون الكَلَبُ ثلاثياً، والكَلْتَبانُ رُباعيّاً، كَزَرِمَ وازْرَأَمَّ، وضَفَدَ واضْفَادَّ‏.‏ وكلْبٌ وكُلَيْبٌ وكِلابٌ‏:‏ قبائل معروفة‏.‏