فصل: (تابع: حرف الهمزة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرف الهمزة‏]‏

هرأ‏:‏ هَرَأَ في مَنْطِقِه يَهْرَأُ هَرْءاً‏:‏ أَكثر، وقيل‏:‏ أَكثر في خَطَإٍ أَو قال الخَنا والقَبِيحَ‏.‏

والهُراءُ، ممدود مهموز‏:‏ المَنْطِقُ الكَثِيرُ، وقيل‏:‏ المَنْطِقُ الفاسِدُ الذي لا نِظامَ له‏.‏ وقَوْلُ ذي الرُّمَّة‏:‏

لَها بَشَرٌ مِثْلُ الحَرِيرِ، ومَنْطِقٌ *** رَخِيمُ الحَواشِي، لا هُراءٌ ولا نَزْرُ

يحتملهما جميعاً‏.‏

وأَهْرَأَ الكلامَ إِذا أَكثر ولم يُصِب المَعْنَى‏.‏ وإِنَّ مَنْطِقَه لغيرُ هُراءٍ‏.‏

ورَجُلٌ هُراءٌ‏:‏ كثير الكلام‏.‏ وأَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

شَمَرْدَلٍ، غَيْرِ هُراءٍ مَيْلَقِ

وامْرأَةٌ هُراءة وقوم هُراؤُون‏.‏

وهَرَأَه البَرْدُ يَهْرَؤُه هَرْءاً وهَراءة وأَهْرَأَه‏:‏ اشْتَدَّ عليه حتى كاد يَقْتُلُه، أَو قَتَلَه‏.‏ وأَهْرَأَنا القُرُّ أَي قَتَلَنا‏.‏وأَهْرَأَ فلان فلاناً إِذا قَتَلَه‏.‏

وهَرِئَ المالُ وهَرِئَ القومُ، بالفتح، فَهُم مَهْرُوءُونَ‏.‏

قال ابن بري‏:‏ الذي حكاه أَبو عبيد عن الكسائي‏:‏ هُرِئَ القوم، بضم الهاءِ، فَهم مَهْرُوءُونَ، إِذا قَتَلَهم البَرْدُ أَو الحَرُّ‏.‏ قال‏:‏ وهذا هو الصحيح، لأَن قوله مَهْرُوءُونَ إِنما يكون جارياً على هُرِئَ‏.‏

قال ابن مقبل في المَهْرُوءِ، من هَرَأَه البَرْدُ، يَرْثِي عُثمانَ بن عَفَّانَ، رضي اللّه تعالى عنه‏:‏

نَعاءٌ لِفَضْلِ العِلْمِ والحِلْمِ والتُّقَى *** ومَأْوَى اليَتامَى الغُبْرِ، أَسْنَوْا، فأَجدَبُوا

ومَلْجَإِ مَهْرُوئِينَ، يُلْفَى به الحَيا *** إِذا جَلَّفَتْ كَحْلٌ هو الأُمُّ والأَبُ

قال ابن بري‏:‏ ذكره الجوهري ومَلْجَأُ مَهْرُوئين، وصوابه ومَلْجَإِ، بالكسر، معطوف على ما قبله‏.‏ وكَحْلُ‏:‏ اسمٌ عَلَمٌ للسَّنةِ المُجْدِبة‏.‏

وعَنَى بالحَيا الغَيْثَ والخِصْبَ‏.‏

قال أَبو حنيفة‏:‏ المَهْرُوءُ الذي قد أَنْضَجَه البَرْدُ‏.‏ وهَرَأَ البَرْدُ الماشِيَةَ فَتَهرَّأَتْ‏:‏ كسَرَها فتَكَسَّرَت‏.‏ وقِرَّةٌ لها هَرِيئةٌ، على فَعِيلة‏:‏ يُصِيبُ الناسَ والمالَ منها ضُرٌّ وسَقَطٌ أَي مَوْتٌ‏.‏

وقد هُرِئَ القومُ والمالُ‏.‏ والهريئة أَيضاً‏:‏ الوقت الذي يُصِيبهم فيه

البَرْدُ‏.‏ والهَرِيئةُ‏:‏ الوقت الذي يَشْتَدُّ فيه البَرْدُ‏.‏

وأَهْرَأْنا في الرَّواحِ أَي أَبْرَدْنا، وذلك بالعشيِّ، وخصَّ بعضُهم

به رَواحَ القَيْظ، وأَنشد لإِهابِ بن عُمَيْرٍ يَصِفُ حُمُراً‏:‏

حتَّى إِذا أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ *** وفَارَقَتْها بُلَّةُ الأَوابِلِ

قال‏:‏ أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ‏:‏ دَخَلْنَ في الأَصائِلِ، يقول‏:‏ سِرْنَ في بَرْدِ الرَّواحِ إِلى الماءِ‏.‏ وبُلَّةُ الأَوابِلِ‏:‏ بُلَّةُ الرُّطْبِ، والأَوابِلُ‏:‏ التي أَبَلَتْ بالمكانِ أَي لَزِمَتْه، وقيل‏:‏ هي التي جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماءِ‏.‏

وأَهْرِئْ عنك من الظَّهِيرَةِ أَي أَقِمْ حتى يسكن حَرُّ النهار ويَبْرُدَ‏.‏

وأَهْرَأَ الرَّجُلَ‏:‏ قَتَله‏.‏ وهَرَأَ اللحمَ هَرْءاً وهَرَّأَه وأَهْرَأَه‏:‏ أَنْضَجَه، فَتَهَرَّأَ حتى سَقَطَ من العظم‏.‏ وهو لَحْمٌ هَرِيءٌ‏.‏

وأَهْرَأَ لَحْمَه إهْرَاءً إِذا طَبَخَه حتى يَتَفَسَّخَ‏.‏ والمُهَرَّأُ والمُهَرَّدُ‏:‏ المُنْضَجُ من اللحم‏.‏

وهَرَأَتِ الرِّيحُ‏:‏ اشْتَدَّ بَرْدُها‏.‏ الأَصمعي‏:‏ يقال في صغار النخل

أَوَّلَ ما يُقْلَعُ شيءٌ منها من أُمِّه‏:‏ فهو الجَثِيثُ والوَدِيُّ والهِرَاءُ والفَسِيل‏.‏ والهِراءُ‏:‏

فَسِيلُ النخل‏.‏ قال‏:‏

أَبَعْدَ عَطِيَّتِي أَلْفاً جَمِيعاً *** مِنَ المَرْجُوِّ، ثاقِبةَ الهِراءِ

أَنشده أَبو حنيفة قال‏:‏ ومعنى قوله ثاقِبةَ الهِراءِ‏:‏ أَنّ النخل إِذا

اسْتَفْحَل ثُقِبَ في أُصُوله‏.‏

والهُرَاءُ‏:‏ اسم شَيْطانٍ مُوَكَّل بِقَبِيح الأَحْلام‏.‏

هزأ‏:‏ الهُزْءُ والهُزُؤُ‏:‏ السُّخْرِيةُ‏.‏

هُزِئَ به ومنه‏.‏

وهَزَأَ يَهْزَأُ فيهما هُزْءاً وهُزُؤاً ومَهْزَأَةً، وتَهَزَّأَ واسْتَهْزَأَ به‏:‏ سَخِرَ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ إِنما نَحْنُ مُسْتَهْزِئون، اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بهم‏.‏ قال الزجاج‏:‏ القِراءة الجَيِّدة على التحقيق، فإِذا خَفَّفْتَ الهمزة جَعَلْتَ الهمزةَ بين الواو والهمزة، فقلت مُسْتَهْزِئون، فهذا الاختيار بعد التحقيق، ويجوز أَن يُبدل منها ياءٌ فَتُقْرَأَ مُسْتَهْزِيُون؛ فأَما مُسْتَهْزُونَ، فضعيف لا وَجْهَ له إِلا شاذا، على قول من أَبدل الهمزة ياءً، فقال في اسْتَهْزَأْتُ اسْتَهْزَيْتُ، فيجب على اسْتَهْزَيْتُ مُسْتَهْزُونَ‏.‏ وقال‏:‏ فيه أَوجه من الجَواب؛ قيل‏:‏ معنى اسْتِهْزَاءِ اللّه بهم أَن أَظهر لهم من أَحْكامه في الدنيا خَلافَ ما لهم في

الآخرةِ، كما أَظْهَرُوا للمسلمين في الدنيا خِلافَ ما أَسَرُّوا‏.‏ ويجوز أَن يكون اسْتِهْزَاؤُه بهم أَخْذَه إِيَّاهم من حَيْثُ لا يَعْلَمُون، كما قال، عزّ من قائل‏:‏ سَنَسْتَدْرِجُهم مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُون؛ ويجوز، وهو الوجه المختار عند أَهل اللغة، أَن يكون معنى يَسْتَهْزِئُ بهم يُجازِيهم على هُزُئِهم بالعَذاب، فسمي جَزاءُ الذَّنْب باسمه، كما قال تعالى‏:‏ وجزاءُ سَيِّئةٍ سَيِّئةٌ مِثلُها؛ فالثانية ليست بِسَيِّئة في الحقيقة إِنما سميت سيئة لازْدِواجِ الكلام، فهذه ثلاثة أَوجه‏.‏

ورجلٌ هُزَأَةٌ، بالتحريك، يَهْزَأُ بالناس‏.‏ وهُزْأَةٌ، بالتسكين‏:‏ يُهْزَأُ به، وقيل يُهْزَأُ منه‏.‏ قال يونس‏:‏ إِذا قال الرجلُ هَزِئتُ منك، فقد

أَخْطأَ، إِنما هو هَزِئتُ بك‏.‏ وقال أَبو عمرو‏:‏ يقال سَخِرْتُ منك، ولا يقال‏:‏ سَخِرْتُ بك‏.‏

وهَزَأَ الشيءَ يَهْزَؤُه هَزْءاً‏:‏ كَسَره‏.‏ قال يَصِفُ دِرْعاً‏:‏

لهَا عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً *** وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ

عُكَنُ الدِّرْعِ‏:‏ ما تَثَنَّى منها‏.‏ والباءُ في قوله بالمَعابِل زائدة، هذا قول أَهل اللغة‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وهو عندي خطأٌ، إِنما تَهْزَأُ ههنا

من الهُزْءِ الذي هو السُّخْرِيُّ، كأَنَّ هذه الدِّرْعَ لمَّا رَدَّتِ النَّبْلَ خُنْساً جُعِلَتْ هازِئةً بها‏.‏

وهَزَأَ الرجلُ‏:‏ ماتَ، عن ابن الأَعرابي‏.‏ وهَزَأَ الرجلُ إِبِلَه هَزْءاً، قَتَلَها بالبَرْدِ، والمعروف هَرَأَها، والظاهر أَن الزاي تصحيف‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ أَهْزَأَه البَرْدُ وأَهْرَأَه إِذا قَتَلَه‏.‏ ومثله‏:‏

أَزْغَلَتْ وأَرْغَلَتْ فيما يتعاقب فيه الراءُ والزاي‏.‏

الأَصمعي وغيره‏:‏ نَزَأْتُ الرّاحِلةَ وهَزَأْتها إِذا حَرَّكْتَها‏.‏

همأ‏:‏ هَمَأَ الثَّوْبَ يَهْمَؤُه هَمْأً‏:‏ جَذَبَه فَانْخَرَقَ‏.‏

وانْهَمَأَ ثَوْبُهُ وتَهَمَّأَ‏:‏ انْقَطَعَ من البِلَى، وربما قالوا تَهتَّأَ، بالتاءِ، وقد تقدم‏.‏ والهِمْءُ‏:‏ الثَّوْبُ الخَلَقُ، وجمع الهِمْءِ أَهْمَاءٌ‏.‏

هنأ‏:‏ الهَنِيءُ والمَهْنَأُ‏:‏ ما أَتاكَ بلا مَشَقَّةٍ، اسم كالمَشْتَى‏.‏وقد هَنِئَ الطَّعامُ وهَنُؤَ يَهْنَأُ هَنَاءة‏:‏ صار هَنِيئاً، مثل فَقِهَ وفَقُهَ‏.‏ وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ به‏.‏ وهَنَأَنِي الطَّعامُ وهَنَأَ لي يَهْنِئُنِي ويَهْنَؤُنِي هَنْأً وهِنْأً، ولا نظير له في المهموز‏.‏ ويقال‏:‏ هَنَأَنِي خُبْزُ فُلان أَي كان هَنِيئاً بغير تَعَبٍ ولا مَشَقَّةٍ‏.‏ وقد هَنَأَنا اللّهُ الطَّعامَ، وكان طَعاماً اسْتَهْنَأْناه أَي اسْتَمْرَأْناهُ‏.‏ وفي حديث سُجُود السهو‏:‏ فَهَنَّأَه ومَنَّاه، أَي ذَكَّره المَهانِئَ والأَمانِي، والمراد به ما يَعْرِضُ للإِنسان في صَلاتِه من أَحاديثِ النَّفْس وتَسْوِيل الشيطان‏.‏ ولك المَهْنَأُ والمَهْنا، والجمع المَهانِئُ، هذا هو الأَصل بالهمز، وقد يخفف، وهو في الحديث أَشْبه لأَجل مَنَّاه‏.‏ وفي حديث ابن مسعود في إِجابةِ صاحب الرِّبا إِذا دَعا إِنساناً وأَكَل طَعامه، قال‏:‏ لك المَهْنَأُ وعليه الوِزْرُ أَي يكون أَكْلُكَ له هَنِيئاً لا تُؤَاخَذُ به ووِزْرُه على من كَسَبَه‏.‏ وفي حديث النخعي في طعام العُمَّالِ الظَّلَمةِ‏:‏ لهم المَهْنَأُ وعليهم الوِزر‏.‏

وهَنَأَتْنِيهِ العافِيةُ وقد تَهَنَّأْتُه وهَنِئْتُ الطعامَ، بالكسر، أَي تَهَنَّأْتُ به‏.‏ فأَما ما أَنشده سيبويه من قوله‏:‏

فَارْعَيْ فَزارةُ، لا هَناكِ المَرْتَعُ

فعلى البدل للضرورة، وليس على التخفيف؛ وأَما ما حكاه أَبو عبيد من قول المتمثل من العرب‏:‏ حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لكِ مَقْرُوع، فأَصله الهمز، ولكنّ المثل يجري مَجْرى الشِّعر، فلما احتاج إِلى المُتابَعةِ أَزْوَجَها حَنَّتْ‏.‏ يُضْرَبُ هذا المثل لمن يُتَّهَم في حَديثه ولا يُصَدَّقُ‏.‏ قاله مازِنُ بن مالك بن عَمرو بن تَمِيم لابنةِ أَخيه الهَيْجُمانة بنتِ العَنْبَرِ ابن عَمْرو بن تَمِيم حين قالت لأَبيها‏:‏ إِنّ عبدشمس بنَ سعدِ بن زيْدِ مَناةَ يريد أَن يُغِيرَ عَليهم، فاتَّهمها مازِنٌ لأَنَّ عبدَشمس كان يَهْواها وهي تَهْواه، فقال هذه المقالة‏.‏ وقوله‏:‏ حَنَّتْ أَي حنَّت إِلى عبدشمس ونَزَعَتْ إليه‏.‏ وقوله‏:‏ ولات هَنَّتْ أَي ليس الأَمْرُ حيث ذَهَبَتْ‏.‏ وأَنشد الأَصمعي‏:‏

لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرةَ، أَمْ مَنْ *** جاءَ مِنها بطائِفِ الأَهْوالِ

يقول ليس جُبَيْرةُ حَيْثُ ذَهَبْتَ، ايأَسْ منها ليس هذا موضِعَ

ذِكْرِها‏.‏ وقوله‏:‏ أَمْ مَنْ جاءَ منها‏:‏ يستفهم، يقول مَنْ ذا الذي دَلَّ علينا خَيالَها‏.‏ قال الرَّاعي‏:‏

نَعَمْ لاتَ هَنَّا، إِنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ

يقول‏:‏ ليس الأَمْرُ حيث ذَهَبْتَ إِنما قلبك مِتْيَحٌ في غير ضَيْعةٍ‏.‏

وكان ابن الأَعرابي يقول‏:‏ حَنَّتْ إِلى عاشِقِها، وليس أَوانَ حَنِينٍ، وإِنما هو ولا، والهاءُ‏:‏ صِلةٌ جُعِلَتْ تاءً، ولو وَقَفْتَ عليها لقلت لاه، في القياس، ولكن يقفون عليها بالتاءِ‏.‏ قال ابن الأَعرابي‏:‏ سأَلت الكِسائي، فقلتُ‏:‏ كيف تَقِف على بنت‏؟‏ فقال‏:‏ بالتاءِ اتباعاً للكتاب، وهي في الأَصل هاءٌ‏.‏ الأَزهريّ في قوله ولاتَ هَنَّتْ‏:‏ كانت هاءَ الوقفة ثم صُيِّرت تاءً ليُزاوِجُوا به حَنَّتْ، والأَصل فيه هَنَّا، ثمَّ قيل هَنَّهْ للوقف‏.‏ ثمَّ صيرت تاءً كما قالوا ذَيْتَ وذَيْتَ وكَيْتَ وكَيْتَ‏.‏

ومنه قول العجاج‏:‏

وكانَتِ الحَياةُ حِينَ حُبَّتِ *** وذِكْرُها هَنَّتْ، ولاتَ هَنَّتِ

أَي ليس ذا موضعَ ذلك ولا حِينَه، والقصيدة مجرورة لَمَّا أَجْراها جَعَل هاءَ الوقفة تاءً، وكانت في الأَصل هَنَّهْ بالهاءِ، كما يقال أَنا وأَنهْ، والهاءُ تصير تاءً في الوصْل‏.‏ ومن العرب من يَقْلِب هاءَ التأْنيث تاءً إِذا وقف عليها كقولهم‏:‏ ولاتَ حِينَ مَناصٍ‏.‏ وهي في الأَصل ولاةَ‏.‏

ابن شميل عن الخليل في قوله‏:‏

لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرَة أَمْ من يقول‏:‏ لا تُحْجِمُ عن ذكْرها، لأَنه يقول قد فعلت وهُنِّيتُ، فيُحْجِمُ

عن شيءٍ، فهو من هُنِّيتُ وليس بأَمر، ولو كان أَمْراً لكان جزماً، ولكنه خبر يقول‏:‏ أَنتَ لا تَهْنَأُ ذِكْرَها‏.‏

وطَعامٌ هَنِيءٌ‏:‏ سائغ، وما كان هَنِيئاً، ولقد هَنُؤَ هَناءة وهَنَأَةً وهِنْأً، على مثال فَعالةٍ وفَعَلة وفِعْلٍ‏.‏ الليث‏:‏ هَنُؤَ الطَّعامُ يَهْنُؤُ هَنَاءة، ولغة أُخرى هَنِيَ يَهْنَى، بلا همز‏.‏

والتَّهْنِئةُ‏:‏ خلاف التَّعْزِية‏.‏ يقال‏:‏ هَنَأَهُ بالأَمْرِ والولاية هَنْأً وهَنَّأَه تَهْنِئةً وتَهْنِيئاً إِذا قلت له ليَهْنِئْكَ‏.‏ والعرب تقول‏:‏ ليَهْنِئْكَ الفارِسُ، بجزم الهمزة، وليَهْنِيكَ الفارِسُ، بياءٍ ساكنة، ولا يجوز ليَهْنِكَ كما تقول العامة‏.‏

وقوله، عز وجل‏:‏ فَكُلُوه هَنِيئاً مَرِيئاً‏.‏ قال الزجاج تقول‏:‏ هَنَأَنِي

الطَّعامُ ومَرَأَني‏.‏ فإِذا لم يُذكَر هَنَأَنِي قلت أَمْرَأَني‏.‏ وفي المثل‏:‏ تَهَنَّأَ فلان بكذا وتَمَرَّأَ وتَغَبَّطَ وتَسَمَّنَ وتَخَيَّلَ وتَزَيَّنَ، بمعنى واحد‏.‏ وفي الحديث‏:‏ خَيْرُ الناسِ قَرْني ثمَّ الَّذِين يَلُونَهُمْ ثمَّ يَجِيءُ قوم يَتَسَمَّنُونَ‏.‏ معناه‏:‏ يَتَعَظَّمُونَ ويَتَشَرَّفُونَ ويَتَجَمَّلُون بكثرة المال، فيجمعونه ولا يُنْفِقُونه‏.‏

وكلوه هَنِيئاً مَريئاً‏.‏ وكلُّ أمْرٍ يأْتيكَ مِنْ غَيْر تَعَبٍ، فهو

هَنِيءٌ‏.‏الأَصمعي‏:‏ يقال في الدُّعاءِ للرَّجل هُنِّئْتَ ولاتُنْكَهْ أَي

أَصَبْتَ خَيْراً ولا أَصابك الضُّرُّ، تدعُو له‏.‏ أَبو الهيثم‏:‏ في قوله

هُنِّئْتَ، يريد ظَفِرْتَ، على الدُّعاءِ له‏.‏ قال سيبويه‏:‏ قالوا هَنِيئاً

مَرِيئاً، وهي من الصفات التي أُجْرِيَتْ مُجْرى المَصادِر المَدْعُوِّ بها في نَصْبها على الفِعْل غَير المُسْتَعْمَلِ إِظْهارُه، واختزاله لدلالته عليه، وانْتِصابه على فعل من غير لفظه، كأَنه ثَبَتَ له ما ذُكِرَ له هَنِيئاً‏.‏ وأَنشد الأَخطل‏:‏

إِلى إِمامٍ، تُغادِينا فَواضِلُه *** أَظْفَرَه اللّه فَلْيَهْنِئْ لهُ الظَّفَرُ

قال الأَزهريُّ‏:‏ وقال المبرد في قول أَعْشَى باهِلةَ‏:‏

أَصَبْتَ في حَرَمٍ مِنَّا أَخاً ثِقةً *** هِنْدَ بْنَ أَسْماءَ‏!‏ لا يَهْنِئْ لَكَ الظَّفَرُ

قال‏:‏ يقال هَنَأَه ذلك وهَنَأَ له ذلك، كما يقال هَنِيئاً له، وأَنشد

بيت الأَخطَل‏.‏

وهَنَأَ الرجلَ هَنْأً‏:‏ أَطْعَمَه‏.‏ وهَنَأَه يَهْنَؤُه ويَهْنِئُه هَنْأً، وأَهْنَأَه‏:‏ أَعْطاه، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي‏.‏

ومُهَنَّأٌ‏:‏ اسم رجل‏.‏

ابن السكيت يقال‏:‏ هذا مُهَنَّأٌ قد جاءَ، بالهمز، وهو اسم رجل‏.‏

وهُنَاءة‏:‏ اسم، وهو أَخو مُعاوية بن عَمرو بن مالك أَخي هُنَاءة

ونِواءٍ وفَراهِيدَ وجَذِيمةَ الأَبْرَشِ‏.‏

وهانِئٌ‏:‏ اسم رجل، وفي المثل‏:‏ إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ أَي لِتُعْطِي‏.‏ والهِنْءُ‏:‏ العَطِيَّةُ، الاسم‏:‏ الهِنْءُ، بالكسر، وهو العَطاء‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ تَهَنَّأَ فلان إِذا كَثُرً عَطاؤُه، مأْخوذ من الهِنْءِ، وهو العَطاء الكثير‏.‏ وفي الحديث أَنه قال لأَبي الهَيثمِ بن التَّيِّهانِ‏:‏ لا أَرَى لك هانِئاً‏.‏ قال الخطابي‏:‏ المشهور في الرواية ماهِناً، هو

الخادِمُ، فإِن صح، فيكون اسمَ فاعِلٍ من هَنَأْتُ الرجلَ أَهْنَؤُه هَنْأَ

إِذا أَعطَيْتَه‏.‏ الفرَّاءُ يقال‏:‏ إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ أَي لِتُعطِيَ لغتان‏.‏ وهَنَأْتُ القَوْمَ إِذا عُلْتَهم وكَفَيْتَهم وأَعْطَيْتَهم‏.‏ يقال‏:‏ هَنَأَهُم شَهْرَينِ يَهْنَؤُهم إِذا عالَهم‏.‏

ومنه المثل‏:‏ إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنَأَ أَي لِتَعُولَ وتَكْفِيَ، يُضْرَبُ لمن عُرِفَ بالاحسانِ، فيقال له‏:‏ أَجْرِ على عادَتِكَ ولا تَقْطَعْها‏.‏ الكسائي‏:‏ لِتَهْنِئَ‏.‏

وقال الأُمَوِيُّ‏:‏ لِتَهْنِئَ، بالكسر، أَي لِتُمْرِئَ‏.‏

ابن السكيت‏:‏ هَنَأَكَ اللّهُ ومَرَأَكَ وقد هَنَأَنِي ومَرَأَنِي، بغير أَلف، إِذا أَتبعوها هَنَأَنِي، فإِذا أَفْرَدُوها قالوا أَمْرَأَنِي‏.‏

والهَنِيءُ والمَرِيءُ‏:‏ نَهرانِ أَجراهما بعضُ الملوك‏.‏ قال جَريرٌ يمدح بعضَ المَرْوانِيَّةِ‏:‏

أُوتِيتَ مِنْ حَدَبِ الفُراتِ جَوارِياً *** مِنْها الهَنِيءُ، وسائحٌ في قَرْقَرَى

وقَرْقَرَى‏:‏ قَرْيةٌ باليَمامةِ فيها سَيْحٌ لبعض الملوك‏.‏

واسْتَهْنَأَ الرجلَ‏:‏ اسْتَعْطاه‏.‏ وأَنشد ثعلب‏:‏

نُحْسِنُ الهِنْءَ، إِذا اسْتَهْنَأْتَنا *** ودِفاعاً عَنْكَ بالأَيْدِي الكِبارِ

يعني بالأَيْدِي الكِبارِ المِنَنَ‏.‏ وقوله أَنشده الطُّوسِي عن ابن الأَعرابي‏:‏

وأَشْجَيْتُ عَنْكَ الخَصْمَ، حتى تَفُوتَهُمْ *** مِنَ الحَقِّ، إِلاَّ ما اسْتَهانُوك نائلا

قال‏:‏ أراد اسْتَهْنَؤُوك، فقَلَب، وأرى ذلك بعد أَن خفَّف الهمزة

تخفيفاً بدلياً‏.‏ ومعنى البيت أَنه أَراد‏:‏ مَنَعْتُ خَصْمَكَ عنك حتى فُتَّهم بحَقِّهم، فهَضَمْتَهُم إِيَّاه، إِلاَّ ما سَمَحُوا لَك به من بعضِ

حُقُوقِهم، فتركوه عليك، فسُمِّيَ تَرْكُهم ذلك عليه اسْتِهْناءً؛ كلُّ ذلك من تذكرة أَبي علي‏.‏ ويقال‏:‏ اسْتَهْنَأَ فلان بني فلان فلم يُهنِؤُوه أَي سأَلَهم، فلم يُعْطُوه‏.‏ وقال عروة بن الوَرْد‏:‏

ومُسْتَهْنِئٍ، زَيْدٌ أَبُوه، فَلَمْ أَجِدْ *** لَه مَدْفَعاً، فاقْنَيْ حَيَاءَكِ واصْبِري

ويقال‏:‏ ما هَنِئَ لي هذا الطَّعامُ أَي ما اسْتَمْرَأْتُه‏.‏ الأَزهري

وتقول‏:‏ هَنأَنِي الطَّعام، وهو يَهْنَؤُني هَنْأً وهِنْاً، ويَهْنِئُني‏.‏

وهَنَأَ الطَّعامَ هَنْأً وهِنْأً وهَناءة‏:‏ أَصْلَحَه‏.‏

والهِنَاءُ‏:‏ ضَرْبٌ من القَطِران‏.‏ وقد هَنَأَ الإِبِلَ يَهْنَؤُها ويَهْنِئُها ويَهْنُؤُها هَنْأً وهِنَاءً‏:‏ طَلاها بالهِناءِ‏.‏ وكذلك‏:‏ هَنَأَ البعيرَ‏.‏ تقول‏:‏ هَنَأْتُ البعيرَ، بالفتح، أَهْنَؤُه إِذا طَلَيْتَه بالهِناءِ، وهو القَطِرانُ‏.‏ وقال الزجاج‏:‏ ولَم نَجِد فيما لامه همزة فَعَلْتُ أَفْعُلُ إِلاَّ هَنَأْتُ أَهْنُؤُ وقَرَأْتُ أَقْرُؤُ‏.‏

والاسم‏:‏ الهِنْءُ، وإِبل مَهْنُوءةٌ‏.‏

وفي حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه‏:‏ لأَنْ أُزاحِمَ جَملاً قد هُنِئَ بِقَطِران أَحِبُّ إِليَّ مِن أَنْ أُزاحِمَ امْرأَةً عَطِرةً‏.‏

الكسائي‏:‏ هُنِئَ‏:‏ طُلِيَ، والهِنَاءُ الاسم، والهَنْءُ المصدر‏.‏ ومن أَمثالهم‏:‏ ليس الهِنَاءُ بالدَّسِّ؛ الدَّسُّ أَن يَطْلِيَ الطّالي مَساعِرَ

البعير، وهي المَواضِعُ التي يُسْرِعُ اليها الجَرَبُ من الآباطِ

والأَرْفاغِ ونحوها، فيقال‏:‏ دُسَّ البَعِيرُ، فهو مَدْسُوسٌ‏.‏ ومنه قول ذي الرمَّة‏:‏

قَرِيعُ هِجانٍ دُسَّ منها المَساعِرُ

فإِذا عُمَّ جَسَدُ البعيرِ كلُّه بالهِناءِ، فذلك التَّدْجِيلُ‏.‏ يُضرب مثلاً للذي لا يُبالِغ في إِحكامِ الأَمْرِ، ولا يَسْتَوثِقُ منه، ويَرْضَى باليَسِير منه‏.‏ وفي حديث ابن عبَّاس، رضي اللّه عنهما، في مال

اليَتِيم‏:‏ إِن كنتَ تَهْنَأُ جَرْباها أَي تُعالِجُ جَرَبَ إِبِلِه بالقَطِران‏.‏وهَنِئَتِ الماشيةُ هَنَأً وهَنْأً‏:‏ أَصابَتْ حَظًّا من البَقْل من غير أَن تَشْبَعَ منه‏.‏

والهِناءُ‏:‏ عِذْقُ النَّخلة، عن أَبي حنيفة، لغة في الإِهانِ‏.‏

وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ به وهَنَأْتُه شهراً أَهْنَؤُه أَي عُلْتُه‏.‏ وهَنِئَتِ الإِبلُ من نبت أَي شَبِعَتْ‏.‏ وأَكلْنا من هذا الطَّعامِ حتى هَنِئْنا منه أَي شَبِعْنا‏.‏

هوأ‏:‏ هاءَ بِنَفْسِه إِلى المَعالِي يَهُوءُ هَوْءاً‏:‏ رَفَعَها وسَما

بها إِلى المَعالِي‏.‏

والهَوْءُ، الهِمَّةُ، وإِنَّه لبَعِيدُ الهَوْءِ، بالفتح، وبَعِيدُ الشَّأْوِ أَي بَعِيدُ الهمَّة‏.‏ قال الراجز‏:‏

لا عاجِزُ الهَوْءِ، ولا جَعْدُ القَدَمْ

وإِنه لذو هَوْءٍ إِذا كان صائبَ الرَّأْي ماضِياً‏.‏ والعامة تقول‏:‏ يَهْوِي بِنَفْسِه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِذا قامَ الرجلُ إِلى الصلاةِ، فكان قَلْبُه

وهَوْءُه إِلى اللّهِ انْصَرفَ كما ولَدَتْه أُمُّه‏.‏ الهَوْءُ، بوزن الضَّوْءِ‏:‏

الهِمَّةُ‏.‏ وفلان يَهُوءُ بنَفْسِه إِلى المَعالِي أَي يَرْفَعُها ويَهُمُّ بها‏.‏ وما هُؤْتُ هَوْءَه أَي ما شَعَرْتُ به ولا أَرَدْتُه‏.‏ وهُؤْتُ به خَيْراً فأَنا أَهُوءُ به هَوْءاً‏:‏ أَزْنَنْته به، والصحيح هُوتُ، كذلك حكاه يعقوب، وهو مذكور في موضعه‏.‏ وقال اللحياني‏:‏ هُؤْته بخير، وهُؤْتُه

بِشَرٍّ، وهُؤْتُه بمال كثير هَوْءاً أَي أَزْنَنْتُه به‏.‏ ووَقَع ذلك في هَوْئي وهُوئِي أَي ظَنِّي‏.‏ قال اللحياني وقال بعضهم‏:‏ إِني لأَهُوءُ بك عن

هذا الأَمْر أَي أَرْفَعُكَ عنه‏.‏ أَبو عمرو‏:‏ هُؤْتُ به وشُؤْتُ به أَي

فَرِحْتُ به‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ هَأَى أَي ضَعُفَ، وأَهَى إِذا قَهْقَهَ في ضَحِكه‏.‏

وهَاوَأْتُ الرجلَ‏:‏ فاخَرْتُه كَهاوَيْتُه‏.‏ والمُهْوَأَنُّ، بضم الميم‏:‏ الصَّحراءُ الواسعة‏.‏ قال رؤبة‏:‏

جاؤُوا بِأُخْراهُمْ على خُنْشُوشِ *** في مُهْوَأَنٍّ، بالدَّبَى مَدْبُوشِ

قال ابن بري‏:‏ جَعْلُ الجَوْهَريِّ مُهْوَأَنًّا، في فصل هَوَأَ، وَهَمٌ

منه، لأَنَّ مُهْوَأَنًّا وزنه مُفْوَعَلٌّ‏.‏ وكذلك ذكره ابن جني، قال‏:‏

والواو فيه زائدة لأَن الواو لا تكون أَصلاً في بناتِ الأَربعة‏.‏

والمَدْبُوشُ‏:‏ الذي أَكَل الجَرادُ نَبْتَه‏.‏ وخُنْشُوشٌ‏:‏ اسم موضع‏.‏ وقد ذكر ابن سيده

المُهْوَأَنَّ في مقلوب هَنَأَ قال‏:‏ المُهْوَأَنُّ‏:‏ المكان البَعِيدُ‏.‏ قال‏:‏ وهو مثال لم يذكره سيبويه‏.‏

وهاءَ كلمة تُسْتَعَمَلُ عند المُناولةِ تقول‏:‏ هاءَ يا رجلُ، وفيه

لغات، تقول للمذكر والمؤنث هاءَ على لفظ واحد، وللمذكَّرَين هاءَا، وللمؤَنثتين هائِيا، وللمذكَّرِين هاؤُوا، ولجماعة المؤَنث هاؤُنَّ، ومنهم من يقول‏:‏ هاءِ للمذكر، بالكسر مثل هاتِ، وللمؤَنث هائِي، بإِثبات الياءِ مثل هاتي، وللمذكَّرَيْنِ والمُؤَنَّثَيْنِ هائِيا مثل هاتِيا، ولجماعة المذكر هاؤُوا، ولجماعة المؤَنث هائِينَ مثل هاتِينَ، تُقِيمُ الهمزة، في جميع هذا، مُقامَ التاءِ، ومنهم من يقول‏:‏ هاءَ بالفتح، كأَنَّ معناه هاكَ، وهاؤُما يارجلان، وهاؤُمُوا يا رِجال، وهاءِ يا امْرَأَةُ، بالكسر بلا ياءٍ، مثل هاعِ‏.‏

وهاؤُما وهاؤُمْنَ‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ وهاؤُنَّ، تُقِيمُ الهمز، في ذلك

كُلِّه، مُقام الكاف‏.‏ ومنهم من يقول‏:‏ هَأْ يا رَجُل، بهمزة ساكنة، مثل هَعْ، وأَصله هاءْ، أُسقطت الأَلف لاجتماع الساكنين‏.‏ وللاثنين هاءَا، وللجميع هاؤُوا، وللمرأَة هائِي، مثل هاعِي، وللاثنين هاءَا للرجلين وللمرأَتين، مثل هاعا، وللنسوة هَأْنَ، مثل هَعَنْ، بالتسكين‏.‏ وحديث الرِّبا‏:‏ لا تَبيعُوا الذهب بالذهب إِلا هاء؛ وهاء نذكره في آخره الكتاب في باب الالف اللينة، إِن شاءَ اللّه تعالى‏.‏ وإِذا قيل لك‏:‏ هاءَ بالفتح، قلت‏:‏ ما أَهاءُ أَي ما آخُذُ، وما أَدري ما أَهاءُ أَي ما أُعْطِي، وما أُهاءُ على ما لم يُسمَّ فاعله، أَي ما أُعْطَى‏.‏

وفي التنزيل العزيز‏:‏ هاؤُمُ أَقْرَؤوا كِتابِيَهْ‏.‏ وسيأْتي ذكره في ترجمة ها‏.‏

وهاءَ، مفتوح الهمزة ممدود‏:‏ كلمة بمعنى التَّلْبِيةِ‏.‏

هيأ‏:‏ الهَيْئَةُ والهِيئةُ‏:‏ حالُ الشيءِ وكَيْفِيَّتُه‏.‏

ورجل هَيًّئٌ‏:‏ حَسَنُ الهَيْئةِ‏.‏ الليث‏:‏ الهَيْئةُ للمُتَهَيِّئِ في مَلْبَسِه ونحوه‏.‏ وقد هاءَ يَهَاءُ هَيْئةً، ويَهِيءُ‏.‏ قال اللحياني‏:‏ وليست

الأَخيرة بالوجه‏.‏ والهَيِّئُ، على مثال هَيِّعٍ‏:‏ الحَسَن الهَيْئَةِ من كلِّ شيءٍ ، ورجلٌ هَيِيءٌ، على مثال هَيِيعٍ، كهَيِّئٍ، عنه أَيضاً‏.‏

وقد هَيُؤَ، بضم الياءِ، حكى ذلك ابن جني عن بعض الكوفيين، قال‏:‏ ووجهه أَنه خرَج مَخْرَجَ المبالغة، فلحق بباب قولهم قَضُوَ الرَّجلُ إِذا جادَ قَضاؤُه، ورَمُوَ إِذا جاد رَمْيُه، فكما يُبْنَى فَعُلَ مما لامه ياءٌ كذلك خرج هذا على أَصله في فَعُلَ مما عينه ياءٌ‏.‏ وعلَّتُهما جميعاً، يعني هَيُؤَ وقَضُوَ‏:‏ أنَّ هذا بناءٌ لا يتصرَّف لِمُضارَعَتِه مما فيه من المُبالَغةِ لباب التَّعَجُّب ونِعْمَ وبِئْسَ‏.‏ فلما لم يَتَصَرَّفْ احتملوا فيه خُروجَه في هذا الموضع مخالفاً للباب، أَلا تراهم إِنما تَحامَوْا أَن يَبْنُوا فَعُلَ مما عينه ياءٌ مخافة انْتِقالهم من الأَثقل إِلى ما هو أَثقلُ منه، لأَنه كان يلزم أَن يقولوا‏:‏ بُعْت أَبُوعُ، وهو يَبُوعُ، وأَنت أَو هي تَبُوعُ، وبُوعا، وبُوعُوا، وبُوعِي‏.‏ وكذلك جاءَ فَعُلَ مما لامه ياءٌ ممَّا هو مُتَصَرِّفٌ أَثقلَ من الياءِ، وهذا كما صح‏:‏ ما أَطْوَلَه وأَبْيَعَه‏.‏

وحكى اللحياني عن العامِرِيَّةِ‏:‏ كان لِي أَخٌ هَيِيٌّ عَليٌّ أَي يتأَنث للنساءِ، هكذا حكاه هَيِيٌّ عَليٌّ، بغير همز، قال‏:‏ وأُرَى ذلك، إِنما

هو لمكان عَليٍّ‏.‏

وهاءَ للأَمر يَهَاءُ ويَهِيءُ، وتَهَيَّأَ‏:‏ أَخَذَ له هَيْأَتَه‏.‏

وهَيَّأَ الأَمرَ تَهْيِئةً وتَهْييئاً‏:‏ أَصْلَحه فهو مُهَيَّأٌ‏.‏

وفي الحديث‏:‏ أَقِيلُوا ذَوِي الهَيْئَاتِ عَثَراتِهم‏.‏ قال‏:‏ هم الذين لا

يُعْرَفُون بالشرِّ فَيَزِلُّ أَحدُهم

الزلَّةَ‏.‏ الهَيْئَةُ‏:‏ صورةُ الشيءِ وشَكْلُه وحالَتُه، يريد به ذَوِي الهَيْئَاتِ الحَسَنةِ، الذين يَلْزَمون هَيْئةً واحدة وسَمْتاً واحداً، ولا تَخْتَلِفُ حالاتُهم بالتنقل من هَيْئةٍ إِلى هَيْئةٍ‏.‏

وتقول‏:‏ هِئْتُ للأَمر أَهِيءُ هَيْئةً، وتَهَيَّأْتُ تَهَيُّؤاً، بمعنى‏.‏

وقُرئَ‏:‏ وقالت هِئْتُ لك، بالكسر والهمز مثل هِعْتُ، بمعنى تَهَيَّأْتُ لكَ‏.‏

والهَيْئَةُ‏:‏ الشارةُ‏.‏ فلان حَسَنُ الهَيْئةِ والهِيئةِ‏.‏ وتَهايَؤُوا على كذا‏:‏ تَمالَؤُوا‏.‏ والمُهايَأَةُ‏:‏ الأَمرُ المُتَهايَأُ عليه‏.‏

والمُهايَأَةُ‏:‏ أَمرٌ يَتَهايَأُ القوم فيَتَراضَوْنَ به‏.‏

وهاءَ إِلى الأَمر يَهَاءُ هِيئةً‏:‏ اشتاقَ‏.‏

والهَيْءُ والهِيءُ‏:‏ الدُّعاءُ إِلى الطَّعامِ والشراب، وهو أَيضاً دُعاءُ

الإِبِل إِلى الشُّرب، قال الهَرَّاءُ‏:‏

وما كانَ على الجِيئِي *** ولا الهِيءِ امْتِداحِيكا

وهَيْءَ‏:‏ كلمة معناها الأَسَفُ على الشيءِ يُفُوتُ،وقيل هي كلمة التعجب‏.‏

وقولهم‏:‏ لو كان ذلك في الهِيءِ والجِيءِ ما نَفَعَه‏.‏ الهِيءُ‏:‏ الطَّعام، والجِيءُ‏:‏ الشَّرابُ، وهما اسمان من قولك جَاْجَأْتُ بالإِبل دَعَوْتُها

للشُّرْب، وهَأْهَأْتُ بها دَعَوْتُها للعَلَف‏.‏

وقولهم‏:‏ يا هَيْءَ مالي‏:‏ كلمة أَسَفٍ وتَلَهُّفٍ‏.‏ قال الجُمَيْح بن الطَّمَّاح الأَسدي، ويروى لنافع بن لَقِيط الأَسَدي‏:‏

يا هَيْءَ، مالي‏؟‏ مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ *** مَرُّ الزَّمانِ عليه، والتَّقْلِيبُ

ويروى‏:‏ يا شَيْءَ مالي، ويا فَيْءَ مالي، وكلُّه واحد‏.‏ ويروى‏:‏

وكذاك حَقّاً مَنُ يُعَمَّرْ يُبْلِه *** كَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ

قال ابن بري‏:‏ وذكر بعض أَهل اللغة أَنَّ هَيْءَ اسم لفعل أَمر، وهو تَنَبَّهْ واسْتَيْقِظْ، بمعنى صَهْ ومَهْ في كونهما اسمين لاسْكُتْ

واكْفُفْ، ودخل حرف النداءِ عليها كما دخل على فعل الأَمر في قول الشماخ‏:‏

أَلا يا اسْقِياني قَبْلَ غارةِ سِنْجارِ

وإِنما بُنِيت على حركة بخلاف صَهْ ومَهْ لئلا يلتقي ساكنان، وخُصت بالفتحة طلباً للخفة بمنزلة أَيْنَ وكَيْفَ‏.‏ وقوله ما لي‏:‏ بمعنى أَيُّ شيءٍ لي، وهذا يقوله من تَغَيَّر عما كان يعهد، ثم اسْتَأْنَفَ، فأَخبر عن تغيرحاله، فقال‏:‏ مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه مَرُّ الزَّمانِ عليه، والتَّغَيُّرُ من حالٍ إِلى حال، واللّه أَعلم‏.‏

وبأ‏:‏ الوَبَأُ‏:‏ الطاعون بالقصر والمد والهمز‏.‏ وقيل هو كلُّ مَرَضٍ عامٍّ، وفي الحديث‏:‏ إِن هذا الوَبَاءَ رِجْزٌ‏.‏ وجمعُ الممدود أَوْبِيةٌ وجمع المقصور أَوْباءٌ، وقد وَبِئَتِ الأَرضُ تَوْبَأُ وَبَأً‏.‏ ووَبُوأَتْ وِبَاءً وَوِباءة وإِباءة على البدل، وأَوْبَأَتْ إِيبَاءً ووُبِئَتْ تِيبَأُ وَبَاءً، وأَرضٌ وَبِيئةٌ على فَعيلةٍ ووَبِئةٌ على فَعِلةٍ ومَوْبُوءة ومُوبِئةٌ‏:‏ كثيرة الوَباء‏.‏ والاسم

البِئةُ إِذا كَثُر مرَضُها‏.‏ واسْتَوْبَأْتُ البلدَ والماءَ‏.‏

وَتَوَبَّأْتُه‏:‏ اسْتَوخَمْتُه، وهو ماءٌ وَبِيءٌ على فَعِيلٍ‏.‏

وفي حديث عبدالرحمن بن عوف‏:‏ وإِنَّ جُرْعَةَ شَرُوبٍ أَنْفَعُ من عَذْبٍ مُوبٍ أَي مُورِثٍ للوَباءِ‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا روي بغير همز، وإِنما تُرِكَ الهمزُ ليوازَنَ به الحَرفُ الذي قبله، وهو الشَّرُوبُ، وهذا مَثلَ ضربه لرجلين‏:‏ أَحدُهما أَرْفَعُ وأَضَرُّ، والآخر أَدْوَنُ وأَنْفَعُ‏.‏

وفي حديث عليّ، كرَّم اللّه وجهه‏:‏ أَمَرَّ منها جانِبٌ فأَوْبَأَ أَي

صار وَبِيئاً‏.‏ واسْتَوْبَأَ الأَرضَ‏:‏ اسْتَوْخَمَها ووجَدها وَبِئةً‏.‏

والباطِل وَبيءٌ لا تُحْمَدُ عاقِبَتُه‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الوَبيءُ العَلِيلُ‏.‏

ووَبَّأَ إِليه وأَوْبَأَ، لغة في وَمَأْتُ وأَوْمَأْتُ إِذا أَشرتَ إِليه‏.‏

وقيل‏:‏ الإِيماءُ أَن يكونَ أَمامَك فتُشِيرَ إليه بيدكَ، وتُقْبِلَ

بأَصابِعك نحو راحَتِكَ تَأْمُرُه بالإِقْبالِ إِلَيْكَ، وهو أَوْمَأْتُ إليه‏.‏

والإِيبَاءُ‏:‏ أَن يكون خَلْفَك فَتَفْتَح أَصابِعَك إِلى ظهر يدك تأْمره

بالتأَخُّر عنك، وهو أَوْبَأْتُ‏.‏ قال الفرزدق، رحمه اللّه تعالى‏:‏

تَرَى الناسَ إِنْ سِرْنا يَسِيرُونَ خَلْفَنا *** وإِنْ نَحْنُ وَبَّأْنا إِلى النَّاسِ وقَّفُوا

ويروى‏:‏ أَوْبَأَنا‏.‏ قال‏:‏ وأَرى ثعلباً حكى وبَأْتُ بالتخفيف‏.‏ قال‏:‏ ولست منه على ثقة‏.‏ ابن بُزُرْجَ‏:‏ أَوْمَأْتُ بالحاجبين والعينين ووَبَأْتُ باليَدَيْنِ والثَّوْبِ والرأْس‏.‏ قال‏:‏ ووَبَأْتُ المَتاعَ وعَبَأْتُه بمعنى واحد‏.‏ وقال الكسائي‏:‏ وَبَأْتُ إليه مِثل أَوْمَأْتُ‏.‏ وماءٌ لا يُوبئُ مثل لا يُؤْبي‏.‏ وكذلك المَرْعَى‏.‏

ورَكِيَّةٌ لا تُوبئُ أَي لا تَنْقَطِعُ؛ واللّه أَعلم‏.‏

وثأ‏:‏ الوَثْءُ والوَثاءة‏:‏ وَصْمٌ يُصِيبُ اللَّحْمَ، ولا يَبْلُغ العَظْمَ، فَيَرِمُ‏.‏ وقيل‏:‏ هو تَوَجُّعٌ في العَظْم مِن غيرِ كَسْرٍ‏.‏ وقيل‏:‏ هو الفَكُّ‏.‏ قال أَبو منصور‏:‏ الوَثْءُ شِبْهُ الفَسْخِ في المَفْصِلِ، ويكون في اللحم كالكسر في العظم‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ من دُعائهم‏:‏ اللهمَّ ثَأْ

يَدَه‏.‏ والوَثْءُ‏:‏ كسر اللحم لا كسر العظم‏.‏ قال الليث‏:‏ إِذا أَصابَ

العظمَ وَصْمٌ لا يَبْلُغ الكسر قيل أَصابَه وَثْءٌ ووَثْأَة، مقصور‏.‏

والوَثْءُ‏:‏ الضَّربُ حتى يَرْهَصَ الجِلْدُ واللَّحْمُ ويَصِلَ الضَّرْبُ إِلى العَظْمِ من غير أَن ينكسر‏.‏

أَبو زيد‏:‏ وَثَأَتْ يَدُ الرَّجل وثْأً وقد وَثِئَتْ يَدُه تَثَأُ وَثْأً ووَثَأً، فهي وَثِئَةٌ، على فَعِلةٍ، ووُثِئَتْ، على صِيغة ما لم يُسمَّ فاعله، فهي مَوْثُوءة ووَثِيئةٌ مثل فَعِيلةٍ، وَوَثَأَها هو وأَوْثَأَها اللّهُ‏.‏

والوَثيءُ‏:‏ المكسورِ اليَدِ‏.‏ قال اللحياني‏:‏ قيل لأَبي الجَرَّاحِ‏:‏ كيف

أَصْبَحْتَ‏؟‏ قال‏:‏ أَصْبَحْتُ مَوْثُوءاً مَرْثُوءاً، وفسره فقال‏:‏ كأَنما

أَصابه وَثْءٌ، من قولهم وُثِئَتْ يَدُه، وقد تقدم ذكرُ مَرْثُوءٍ‏.‏

الجوهري‏:‏ أَصابَه وَثْءٌ‏.‏ والعامة تقول وَثْيٌ، وهو أَن يصيب العظمَ وَصْمٌ لا يَبْلُغُ الكسر‏.‏

وجأ‏:‏ الوَجْءُ‏:‏ اللَّكْزُ‏.‏ ووَجَأَه باليد والسِّكِّينِ وَجْأً، مقصور‏:‏

ضَربَه‏.‏ وَوَجَأَ في عُنُقِه كذلك‏.‏ وقد تَوَجَّأْتُه بيَدي، ووَجِئَ، فهو مَوْجُوءٌ، ووَجَأْتُ عُنُقَه وَجْأً‏:‏ ضَرَبْتُهُ‏.‏

وفي حديث أَبي راشد، رضي اللّه عنه‏:‏ كنتُ في

مَنائِحِ أَهْلي فَنَزَا منها بَعِيرٌ فَوَجَأْتُه بحديدةٍ‏.‏ يقال‏:‏ وجَأْتُه بالسكين وغيرها وجْأً إِذا ضربته بها‏.‏

وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه‏:‏ مَن قَتَلَ نفسَه بحديدةٍ فحديدتُه في يَدِه يَتَوَجَّأُ بها في بطنِه في نار جَهَنَّمَ‏.‏

والوَجْءُ‏:‏ أَن تُرَضَّ أُنْثَيا الفَحْلِ رَضّاً شديداً يُذْهِبُ شَهْوَة الجماع ويتَنَزَّلُ في قَطْعِه مَنْزِلةَ الخَصْي‏.‏ وقيل‏:‏ أَن تُوجَأَ العُروقُ والخُصْيَتان بحالهما‏.‏ ووَجَأَ التَّيْسَ وَجْأً ووِجَاءً، فهو مَوْجُوءٌ ووَجِيءٌ، إِذا دَقَّ عُروقَ خُصْيَتَيْه بين حجرين من غير أَن

يُخْرِجَهما‏.‏ وقيل‏:‏ هو أَن تَرُضَّهما حتى تَنْفَضِخَا، فيكون شَبِيهاً

بالخِصاءِ‏.‏ وقيل‏:‏ الوَجْءُ المصدر، والوِجَاءُ الاسم‏.‏ وفي الحديث‏:‏

عَلَيْكُمْ بالبَاءة فَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصَّوْمِ فإِنه له وِجَاءٌ، ممدود‏.‏ فإِن أَخْرَجَهما من غير أَن يَرُضَّهما، فهو الخِصاءُ‏.‏ تقول منه‏:‏ وَجَأْتُ الكَبْشَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه ضَحَّى بكَبْشَيْن مَوْجُوءَيْن، أَي خَصِيَّيْنِ‏.‏ ومنهم من يرويه مُوْجَأَيْن بوزن مُكْرَمَيْن، وهو خَطَأٌ‏.‏ ومنهم من يرويه مَوْجِيَّيْنِ، بغير همز على التخفيف، فيكون من وَجَيْتُه وَجْياً، فهو مَوْجِيٌّ‏.‏ أَبو زيد‏:‏ يقال للفحل إِذا رُضَّتْ أُنْثَياه قد وُجِئَ وِجَاءً، فأَراد أَنه يَقْطَعُ النِّكاحَ لأَن المَوْجُوءَ لا يَضْرِبُ‏.‏ أَراد أَن الصومَ يَقْطَعُ النِّكاحَ كما يَقْطَعُه الوِجَاءُ، وروي وَجًى بوزن عَصاً، يريد التَّعَب والحَفَى، وذلك بعيد، إِلا أَن يُراد فيه معنى الفُتُور لأَن من وَجِيَ فَتَرَ عن المَشْي، فَشَبَّه الصوم في باب النِّكاح بِالتَّعَبِ في باب المَشْي‏.‏

وفي الحديث‏:‏ فلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَراتٍ مِنْ عَجْوةِ المدينة فَلْيَجَأْهُنَّ أَي فلْيَدُقَّهُنَّ، وبه سُمِّيت الوَجِيئةُ، وهي تَمْر يُبَلُّ بلَبن أَو سَمْن ثم يُدَقُّ حتى يَلْتَئِمَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه صلى الله عليه وسلم عادَ سَعْداً، فوَصَفَ له الوَجِيئةَ‏.‏ فأَمَّا قول عبدالرحمن بن حَسَّانَ‏:‏

فكنتَ أَذَلَّ من وَتِدٍ بِقاعٍ *** يُشَجِّجُ رأْسَه، بالفِهْرِ، واجِي

فإِنما أَرادَ واجِئٌ، بالهمز، فَحَوَّلَ الهمزةَ ياءً للوصل ولم يحملها

على التخفيف القياسي، لأَن الهمز نفسه لا يكونُ وَصْلاً،وتَخْفِيفُه جارٍ مَجْرَى تَحْقِيقه، فكما لا يَصِلُ بالهمزة المحققة كذلك لم يَسْتَجِز الوَصْلَ بالهمزة المُخفَّفة إِذ كانت المخففةُ كأَنها المُحقَّقةُ‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الوَجِيئةُ‏:‏ البقَرةُ، والوَجِيئة، فَعِيلةٌ‏:‏ جَرادٌ يُدَقُّ ثم يُلَتُّ بسمن أَو زيت ثم يُؤْكل‏.‏ وقيل‏:‏ الوَجِيئةُ‏:‏ التمر يُدَقُّ حتى

يَخْرُجَ نَواه ثم يُبَلُّ بلبن أَو سَمْن حتى يَتَّدِنَ ويلزَم بعضُه بعضاً ثم يؤْكل‏.‏ قال كراع‏:‏ يقال الوَجِيَّةُ، بغير همز، فإِن كان هذا على تخفيف الهمز فلا فائدة فيه لأَن هذا مطَّرد في كل فَعيِلة كان امه همزةً، وإِن كان وصفاً أَو بدلاً فليس هذا بابه‏.‏

وأَوْجَأَ‏:‏ جاءَ في طلب حاجة أَو صيد فلم يُصِبْه‏.‏ وأَوْجَأَتِ الرَّكِيَّةُ وأَوْجَت‏:‏ انْقَطَع ماؤُها أَو لم يكن فيها ماءٌ‏.‏ وأَوْجَأَ عنه‏:‏ دَفَعَه ونَحَّاه‏.‏

ودأ‏:‏ وَدَّأَ الشيءَ‏:‏ سَوّاه‏.‏

وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ‏:‏ اشتملت، وقيل تَهَدَّمت وتَكَسَّرت‏.‏ وقال

ابن شميل‏:‏ يقال تَوَدَّأَتْ على فلان الأَرضُ وهو ذَهابُ الرَّجلِ في أَباعد الأَرضِ حتى

لا تَدْرِي ما صنَعَ‏.‏ وقد تَوَدَّأَتْ عليه إِذا ماتَ أَيضاً، وإِن ماتَ في أَهْلِه‏.‏ وأَنشد‏:‏

فَما أَنا إِلا مِثْلُ مَنْ قَدْ تَوَدَّأْتْ *** عليهِ البِلادُ، غَيْرَ أَنْ لم أَمُتْ بَعْدُ

وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرض‏:‏ غَيَّبَتْه وذهَبَتْ به‏.‏ وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ أَي اسْتَوَتْ عليه مثلما تَسْتَوِي على المَيِّت‏.‏ قال الشاعر‏:‏

ولِلأَرْضِ كَمْ مِن صالِحٍ قد تَوَدَّأَتْ *** عليه، فَوارَتْه بِلَمَّاعة قَفْرِ

وقال الكميت‏:‏

إِذا وَدَّأَتْنَا الأَرضُ، إِذ هِيَ وَدَّأَتْ *** وأَفْرَخَ مِنْ بَيْضِ الأُمورِ مَقُوبُها

ودَأَتْنَا الأَرضُ‏:‏ غَيَّبَتْنا‏.‏ يقال‏:‏ تَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ، فهي مُوَدَّأَةٌ‏.‏ قال‏:‏ وهذا كما قيل أَحْصَنَ، فهو مُحْصَنٌ، وأَسْهَبَ، فهو مُسْهَبٌ، وأَلْفَجَ، فهو مُلْفَجٌ‏.‏ قال‏:‏ وليس في الكلام مثلُها‏.‏

وودَّأْتُ عليه الأَرضَ تَوْدِيئاً‏:‏ سَوَّيْتُها عليه‏.‏ قال زُهير بن مسعود الضَّبِّي يَرْثي أَخاه أُبَيّاً‏:‏

أَأُبَيُّ‏!‏ إِن تُصْبِحْ رَهِينَ مُوَدَّإِ *** زَلْخِ الجَوانِبِ، قَعْرُه مَلْحُودُ

وجواب الشرط في البيت الذي بعده، وهو‏:‏

فَلَرُبَّ مَكْرُوبٍ كَرَرْتَ ورَاءَه *** فَطَعَنْتَه، وبَنُو أَبيه شُهُودُ

أَبو عمرو‏:‏ المُوَدَّأَةُ‏:‏ المَهْلَكَةُ والمَفازَةُ، وهي في لفظ المَفْعُول به‏.‏ وأَنشد شمر للرّاعي‏:‏

كائِنْ قَطَعْنا إِليكم مِنْ مُوَدَّأَةٍ *** كأَنَّ أَعْلامَها، في آلها، القَزَعُ

وقال ابن الأَعرابي‏:‏ المُوَدَّأَةُ، حُفْرَةُ الميِّتِ، والتَّوْدِئَةُ‏:‏ الدَّفْنُ‏.‏ وأَنشد‏:‏

لَوْ قَدْ ثَوَيْتَ مُوَدَّأً لرَهِينةٍ *** زَلْجِ الجَوانِب، راكِدِ الأَحْجارِ

والوَدَأُ‏:‏ الهلاكُ، مقصور مهموز‏.‏ وتَوَدَّأَ عليه‏:‏ أَهلكه‏.‏ ووَدَّأَ فلان بالقومِ تَوْدِئةً‏.‏ وتَوَدَّأَتْ عليَّ وعنِّي الأَخبارُ‏:‏ انْقَطَعَتْ وتَوارَتْ‏.‏ التهذيب في ترجمة ودي‏:‏ ودَأَ الفرسُ يَدَأُ، بوزن وَدَعَ يَدَعُ، إِذا أَدْلى‏.‏ قال أَبو الهيثم‏:‏ وهذا وهم ليس في وَدَى الفرسُ، إِذا أَدْلَى، همز‏.‏ وقال أَبو مالك‏:‏ تَوَدَّأْتُ على مالي أَي أَخذْتُه وأَحْرَزْتُه‏.‏

وذأ‏:‏ الوَذْءُ‏:‏ المكروه من الكلام شَتْماً كان أَو غيره‏.‏

ووذَأَه يَذَؤُه وَذْءاً‏:‏ عابَه وزَجَرَه وحَقَرَه‏.‏ وقد اتَّذَأَ‏.‏

وأَنشد أَبو زيد لأَبي سلمة المُحارِبيِّ‏:‏

ثَمَمْتُ حوائِجي، ووَذَأْتُ بِشْراً *** فَبِئْسَ مُعَرَّسُ الرَّكْبِ السِّغابِ

ثَمَمْتُ‏:‏ أَصْلَحْتُ‏.‏ قال ابن بَرِّي‏:‏ وفي هذا البيت شاهد على أَنَّ

حَوائجَ جمع حاجةٍ، ومنهم من يقول جمع حائجةٍ لغة في الحاجةِ‏.‏

وفي حديث عثمان‏:‏ أَنه بينما هو يَخْطُبُ ذاتَ يوم، فقام رجل ونال منه، ووَذَأَه ابن سَلامٍ، فاتَّذَأَ، فقال له رجل‏:‏ لا يَمنَعَنَّكَ مَكانُ ابن سَلامٍ أَن تَسُبَّه، فإِنه من شِيعتِه‏.‏ قال الأُموي‏:‏ يقال وذَأْتُ

الرجُلَ إِذا زَجَرْتَه، فاتَّذَأَ أَي انْزَجَر‏.‏ قال أَبو عبيد‏:‏ وذَأَه أَي زَجَرَه وذَمَّه‏.‏ قال‏:‏ وهو في

الأَصل العَيْبُ والحَقارة‏.‏ وقال ساعدةُ بن جُؤَيَّة‏:‏

أَنِدُّ منَ القِلَى، وأَصُونُ عِرْضِي *** ولا أَذَأُ الصَّدِيقَ بما أَقولُ

وقال أَبو مالك‏:‏ ما به وَذْأَةٌ ولا ظَبْظَابٌ أَي لا عِلَّةَ به، بالهمز‏.‏ وقال الأَصمعي‏:‏ ما به وَذْيةٌ، وسنذكره في المعتل‏.‏

ورأ‏:‏ ورَاءُ والوَرَاءُ، جميعاً، يكون خَلْفَ وقُدَّامَ، وتصغيرها، عند سيبويه، وُرَيِّئةٌ، والهمزة عنده أَصلية غير منقلبة عن ياء‏.‏ قال ابن بَرِّي‏:‏ وقد ذكرها الجوهري في المعتل وجعل همزتها منقلبة عن ياء‏.‏ قال‏:‏ وهذا مذهب الكوفيين، وتصغيرها عندهم وُرَيَّةٌ، بغير همز، وقال ثعلب‏:‏ الوَراءُ‏:‏ الخَلْفُ، ولكن إِذا كان مما تَمُرُّ عليه فهو قُدَام‏.‏ هكذا حكاه الوَرَاءُ بالأَلِف واللام، من كلامه أُخذ‏.‏ وفي التنزيل‏:‏ مِن وَرائِه جَهَنَّمُ؛ أَي بين يديه‏.‏ وقال الزجاج‏:‏ ورَاءُ يكونُ لخَلْفٍ ولقُدّامٍ ومعناها ما تَوارَى عنك أَي ما اسْتَتَر عَنْكَ‏.‏ قال‏:‏ وليس من الاضداد كما زَعَم بعضُ أَهل اللغة، وأَما أَمام، فلا يكون إِلاَّ قُدَّام أَبداً‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ وكان وَراءَهُم مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينةٍ غَصْباً‏.‏ قال ابن عبَّاس، رضي اللّه عنهما ‏:‏كان أَمامهم‏.‏ قال لبيد‏:‏

أَلَيْسَ وَرائي، إِنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي *** لُزُومُ العصَا تُحْنَى عليها الأَصابِعُ

ابن السكِّيت‏:‏ الوَراءُ‏:‏ الخَلْفُ‏.‏ قال‏:‏ ووَراءُ وأَمامٌ وقُدامٌ يُؤَنَّثْنَ ويُذَكَّرْن، ويُصَغَّر أَمام فيقال أُمَيِّمُ ذلك وأُمَيِّمةُ ذلك، وقُدَيْدِمُ ذلك وقُدَيْدِمةُ ذلك، وهو وُرَيِّئَ الحائطِ ووُرَيِّئَةَ الحائطِ‏.‏ قال أَبو الهيثم‏:‏ الوَرَاءُ، ممدود‏:‏ الخَلْفُ، ويكون الأَمامَ‏.‏ وقال الفرَّاءُ‏:‏ لا يجوزُ أَن يقال لرجل ورَاءَكَ‏:‏ هو بين يَدَيْكَ، ولا لرجل بينَ يدَيْكَ‏:‏ هو وَراءَكَ، إِنما يجوز ذلك في المَواقِيتِ من الليَّالي والأَيَّام والدَّهْرِ‏.‏ تقول‏:‏ وَراءَكَ بَرْدٌ شَدِيدٌ، وبين يديك بَرْد شديد، لأَنك أَنتَ وَرَاءَه، فجاز لأَنه شيءٌ يأْتي، فكأَنه إِذا لَحِقَك صار مِن وَرائِكَ، وكأَنه إِذا بَلَغْتَه كان بين يديك، فلذلك جاز الوَجْهانِ‏.‏ من ذلك قوله، عز وجل‏:‏ وكان وَرَاءَهُم مَلِكٌ، أَي أَمامَهمْ‏.‏ وكان كقوله‏:‏ من وَرائِه جَهَنَّمْ؛ أَي انها بين يديه‏.‏ ابن الأَعرابي في قوله، عز وجل‏:‏ بما وَراءَه وهو الحَقُّ‏.‏ أَي بما سِواه‏.‏ والوَرَاءُ‏:‏

الخَلْفُ، والوَراءُ‏:‏ القُدّامُ، والوَراءُ‏:‏ ابنُ الابْنِ‏.‏ وقوله، عز وجل‏:‏ فمَنِ ابْتَغَى ورَاءَ ذلك‏.‏ أَي سِوَى ذلك‏.‏ وقول ساعِدةَ بن جُؤَيَّةَ‏:‏

حَتَّى يُقالَ وَراءَ الدَّارِ مُنْتَبِذاً *** قُمْ، لا أَبا لَكَ، سارَ النَّاسُ، فاحْتَزِمِ

قال الأَصمعي‏:‏ قال ورَاءَ الدَّارِ لأَنه مُلْقىً، لا يُحْتاجُ إِليه، مُتَنَحٍّ مع النساءِ من الكِبَرِ والهَرَمِ، قال اللحياني‏:‏ وراءُ مُؤَنَّثة، وإِن ذُكِّرت جاز، قال سيبويه‏:‏ وقالوا وَراءَكَ إِذا قلت انْظُرْ لِما خَلْفَكَ‏.‏

والوراءُ‏:‏ ولَدُ الوَلَدِ‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ ومِن وراءِ إِسْحقَ يَعْقُوبُ‏.‏ قال الشعبي‏:‏ الوَراءُ‏:‏ ولَدُ الوَلَدِ‏.‏

ووَرَأْتُ الرَّجلَ‏:‏ دَفَعْتُه‏.‏ ووَرَأَ من الطَّعام‏:‏ امْتَلأَ‏.‏

والوَراءُ‏:‏ الضَّخْمُ الغَلِيظُ الأَلواحِ، عن الفارسي‏.‏ وما أُورِئْتُ

بالشيءِ أَي لم أَشْعُرْ به‏.‏ قال‏:‏

مِنْ حَيْثُ زارَتْني ولَمْ أُورَ بها

اضْطُرَّ فأَبْدَلَ؛ وأَما قول لبيد‏:‏

تَسْلُبُ الكانِسَ، لم يُوأَرْ بها *** شُعْبةَ الساقِ، إِذا الظِّلُّ عَقَلْ قال، وقد روي‏:‏ لم يُورَأْ بها‏.‏ قال‏:‏ ورَيْتُه وأَوْرَأْتُه إِذا أَعْلَمْتَه، وأَصله من وَرَى الزَّنْدُ إِذا ظَهَرَتْ ناره، كأَنَّ ناقَته لم تُضِئْ للظَّبْيِ الكانِس، ولم تَبِنْ له، فيشعر بها لِسُرْعَتها، حتى انْتَهَتْ إِلى كِناسِه فنَدَّ منها جافِلاً‏.‏ قال وقول الشاعر‏:‏

دَعاني، فلم أَورَأْ به، فأَجَبْتُه *** فمَدَّ بِثَدْيٍ ،بَيْنَنا، غَيْرِ أَقْطَعا

أَي دَعاني ولم أَشْعُرْ به‏.‏

الأَصمعي‏:‏ اسْتَوْرَأَتِ الإِبلُ إِذا تَرابَعتْ على نِفارٍ واحد‏.‏ وقال

أَبو زيد‏:‏ ذلك إِذا نَفَرَت فصَعِدَتِ الجبلَ، فإِذا كان نِفارُها في

السَّهْل قيل‏:‏ استأْوَرَتْ‏.‏ قال‏:‏ وهذا كلام بني عُقَيْلٍ‏.‏

وزأ‏:‏ وَزَأْتُ اللحمَ وَزْءاً‏:‏ أَيْبَسْتُه، وقيل‏:‏ شَوَيْتُه فأَيْبَسْتُه‏.‏

والوَزَأُ، على فَعَل بالتحريك‏:‏ الشديدُ الخَلْقِ‏.‏ أَبو العباس‏:‏ الوَزَأُ من الرجالِ، مهموز، وأَنشد لبعض بني أَسد‏:‏

يَطُفْنَ حَوْلَ وَزَإٍ وَزْوازِ

قال‏:‏ والوَزَأُ‏:‏ القصير السمين الشديدُ الخَلْقِ‏.‏ وَوَزَّأَتِ الفَرَسُ والناقةُ براكبها تَوْزِئةً‏:‏ صَرَعَتْه‏.‏ وَوَزَّأْتُ الوِعاءَ تَوْزِئةً وتَوْزِيئاً إِذا شَدَدْتَ كَنْزَه‏.‏ ووَزَّأْتُ الإِناءَ‏:‏ مَلأْتُه‏.‏

وَوَزَأَ من الطَّعامِ‏:‏ امْتَلأَ‏.‏ وَتَوَزَّأْتُ‏:‏ امْتَلأْتُ رِيًّا‏.‏

وَوَزَّأْتُ القربةَ تَوْزِيئاً‏:‏ مَلأْتُها‏.‏ وقد وَزَّأْتُه‏:‏ حَلَّفْتُه بيَمينٍ غَليظةٍ‏.‏

وصأ‏:‏ وَصِئَ الثَّوْبُ‏:‏ اتَّسَخَ‏.‏

وضأ‏:‏ الوَضُوءُ، بالفتح‏:‏ الماء الذي يُتَوَضَّأُ به، كالفَطُور والسَّحُور لما يُفْطَرُ عليه ويُتَسَحَّرُ به‏.‏ والوَضُوءُ أَيضاً‏:‏ المصدر من تَوَضَّأْتُ للصلاةِ، مثل الوَلُوعِ والقَبُولِ‏.‏ وقيل‏:‏ الوُضُوءُ، بالضم، المصدر‏.‏ وحُكيَ عن أَبي عمرو بن العَلاء‏:‏ القَبُولُ، بالفتح، مصدر لم أَسْمَعْ غيره‏.‏

وذكر الأَخفش في قوله تعالى‏:‏ وَقُودُها النَّاسُ والحِجارةُ، فقال‏:‏

الوَقُودُ، بالفتح‏:‏ الحَطَبُ، والوُقُود، بالضم‏:‏ الاتّقادُ، وهو الفعلُ‏.‏ قال‏:‏ ومثل ذلك الوَضُوءُ، وهو الماء، والوُضُوءُ، وهو الفعلُ‏.‏ ثم قال‏:‏ وزعموا أَنهما لغتان بمعنى واحد، يقال‏:‏ الوَقُودُ والوُقُودُ، يجوز أَن يُعْنَى بهما الحَطَبُ، ويجوز أَن يُعنى بهما الفعلُ‏.‏ وقال غيره‏:‏ القَبُولُ والوَلُوع، مفتوحانِ، وهما مصدران شاذَّانِ، وما سواهما من المصادر فمبني على الضم‏.‏ التهذيب‏:‏ الوَضُوءُ‏:‏ الماء، والطَّهُور مثله‏.‏ قال‏:‏ ولا يقال فيهما بضم الواو والطاء، لا يقال الوُضُوءُ ولا الطُّهُور‏.‏ قال الأَصمعي، قلت لأَبي عمرو‏:‏ ما الوَضُوءُ‏؟‏ فقال‏:‏ الماءُ الذي يُتَوَضَأُ به‏.‏ قلت‏:‏ فما الوُضُوءُ، بالضم‏؟‏ قال‏:‏ لا أَعرفه‏.‏ وقال ابن جبلة‏:‏ سمعت أَبا عبيد يقول‏:‏ لا

يجوز الوُضُوءُ إِنما هو الوَضُوءُ‏.‏

وقال ثعلب‏:‏ الوُضُوءُ‏:‏ مصدر، والوَضُوءُ‏:‏ ما يُتَوَضَّأُ به، والسُّحُورُ‏:‏ مصدر، والسَّحُورُ‏:‏ ما يُتَسَحَّر به‏.‏

وتَوَضَّأْتُ وُضُوءاً حَسَناً‏.‏ وقد تَوَضَّأَ بالماءِ، وَوَضَّأَ غَيْره‏.‏ تقول‏:‏ تَوَضَّأْتُ للصلاة، ولا تقل تَوَضَّيْتُ، وبعضهم يقوله‏.‏ قال أَبو حاتم‏:‏ تَوَضَّأْتُ وُضُوءاً وتَطَهَّرْت طُهوراً‏.‏ الليث‏:‏ المِيضأَةُ مِطْهَرةٌ، وهي التي يُتَوَضَّأُ منها أَو فيها‏.‏ ويقال‏:‏ تَوَضَّأْتُ

أَتَوَضَّأُ تَوَضُّؤاً ووُضُوءاً، وأَصل الكلمة من الوضاءة، وهي الحُسْنُ‏.‏

قال ابن الأَثير‏:‏ وُضُوءُ الصلاةِ معروف، قال‏:‏ وقد يراد به غَسْلُ

بَعْضِ الأَعْضاء‏.‏

والمِيضَأَةُ‏:‏ الموضع الذي يُتَوَضَّأُ فيه، عن اللحياني‏.‏ وفي الحديث‏:‏ تَوَضَّؤُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النارُ‏.‏ أَراد به غَسْلَ الأَيدِي والأَفْواهِ من الزُّهُومة، وقيل‏:‏ أَراد به وُضُوءَ الصلاةِ، وذهبَ إليه قوم من الفقهاءِ‏.‏ وقيل‏:‏ معناه نَظِّفُوا أَبْدانَكم من الزُّهومة، وكان جماعة من الأَعراب لا يَغْسِلُونها، ويقولون فَقْدُها أَشدُّ مِنْ رِيحها‏.‏

وعن قتادة‏:‏ مَنْ غَسَلَ يدَه فقد تَوَضَّأَ‏.‏

وعن الحسن‏:‏ الوُضُوءُ قبل الطعام يَنْفِي الفَقْرَ، والوُضُوءُ بعدَ

الطعامِ يَنْفِي اللَّمَمَ‏.‏ يعني بالوُضُوءِ التَّوَضُّؤَ‏.‏

والوَضَاءة‏:‏ مصدرُ الوَضِيءِ، وهو الحَسَنُ النَّظِيفُ‏.‏ والوَضاءة‏:‏

الحُسْنُ والنَّظافةُ‏.‏

وقد وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضَاءة، بالفتح والمدّ‏:‏ صار وَضِيئاً، فهو

وَضِيءٌ من قَوْم أَوْضِياءَ، وَوِضَاءٍ ووُضَّاءٍ‏.‏ قال أَبو صَدَقة

الدُّبَيْرِيُّ‏:‏

والمرْءُ يُلْحِقُه، بِفِتْيانِ النَّدَى *** خُلُقُ الكَريم، ولَيْسَ بالوُضَّاءِ والجمع‏:‏ وُضَّاؤُون‏.‏ وحكى ابن جني‏:‏ وَضاضِئ، جاؤوا بالهمزة في الجمع لما كانت غير منقلبة بل موجودةً في وَضُؤْتُ‏.‏

وفي حديث عائشة‏:‏ لَقَلَّما كانتِ امرأَةٌ وَضِيئةٌ عند رجل يُحِبُّها‏.‏

الوَضَاءة‏:‏ الحُسْنُ والبَهْجةُ‏.‏ يقال وَضُؤَتْ، فهي وَضِيئةٌ‏.‏

وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، لِحَفْصةَ‏:‏ لا يُغُرّكِ أَن كانَتْ

جارَتُكِ هي أَوْضَأَ مِنْكِ أَي أَحْسَنَ‏.‏

وحكى اللحياني‏:‏ إِنه لوَضِيءٌ، في فِعْلِ الحالِ، وما هو بواضِئٍ، في المُسْتَقْبَلِ‏.‏ وقول النابغة‏:‏

فَهُنَّ إِضاءٌ صافِياتُ الغَلائِلِ

يجوز أَن يكون أَراد وِضَاءٌ أَي حِسانٌ نِقَاءٌ، فأَبدل الهمزة من الواو المكسورة، وهو مذكور في موضعه‏.‏

وواضَأْتُه فَوَضَأْتُه أَضَؤُه إِذا فاخَرْتَه بالوَضَاءة فَغَلَبْتَه‏.‏

وطأ‏:‏ وَطِئَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً‏:‏ داسَه‏.‏ قال سيبويه‏:‏ أَما وَطِئَ يَطَأُ فمثل وَرِمَ يَرِمُ ولكنهم فتحوا يَفْعَلُ، وأَصله الكسر، كما قالوا قرَأَ يَقْرَأُ‏.‏ وقرأَ بعضُهم‏:‏ طَهْ ما أَنْزَلْنا عليكَ القُرآن لِتَشْقَى، بتسكين الهاء‏.‏ وقالوا أَراد‏:‏ طَإِ الأَرضَ بِقَدَمَيْكَ

جميعاً لأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَرْفَعُ إِحدى رِجْلَيْه في صَلاتِه‏.‏ قال ابن جني‏:‏ فالهاء على هذا بدل من همزة طَأْ‏.‏ وتَوَطَّأَهُ ووَطَّأَهُ كَوَطِئَه‏.‏ قال‏:‏ ولا تقل تَوَطَّيْتُه‏.‏ أَنشد أَبو حنيفة‏:‏

يَأْكُلُ مِنْ خَضْبٍ سَيالٍ وسَلَمْ *** وجِلَّةٍ لَمَّا تُوَطِّئْها قَدَمْ

أَي تَطَأْها‏.‏ وأَوْطَأَه غيرَه، وأَوْطَأَه فَرَسَه‏:‏ حَمَلَه عليه وَطِئَه‏.‏ وأَوْطَأْتُ فلاناً دابَّتي حتى وَطِئَتْه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنّ رِعاءَ

الإِبل ورِعاءَ الغنم تَفاخَرُوا عنده فأَوْطَأَهم رِعاءَ الإِبل غَلَبَةً أَي غَلَبُوهُم وقَهَرُوهم بالحُجّة‏.‏ وأَصله‏:‏ أَنَّ مَنْ صارَعْتَه، أَو قاتَلْتَه، فَصَرَعْتَه، أَو أَثْبَتَّه، فقد وَطِئْتَه، وأَوْطَأْتَه غَيْرَك‏.‏ والمعنى أَنه جعلهم يُوطَؤُونَ قَهْراً وغَلَبَةً‏.‏ وفي حديث علي، رضي اللّه عنه، لَمَّا خرج مُهاجِراً بعد النبيّ، صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ فَجَعَلْتُ أَتَّبِعُ مآخِذَ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم فأَطَأُ ذِكْرَه حتى انتَهْيتُ إِلى العَرْجِ‏.‏ أَراد‏:‏ اني كنتُ أُغَطِّي خَبَره من أَوَّل خُروجِي إِلى أَن بَلَغْتُ العَرْجَ، وهو موضع بين مكة والمدينة، فَكَنَى عن التَّغْطِيةِ والايهام بالوَطْءِ، الذي هو أَبلغ في الإِخْفاءِ والسَّتْر‏.‏

وقد اسْتَوْطَأَ المَرْكَبَ أَي وجَده وَطِيئاً‏.‏

والوَطْءُ بالقَدَمِ والقَوائمِ‏.‏ يقال‏:‏ وَطَّأْتُه بقَدَمِي إِذا أَرَدْتَ به الكَثْرَة‏.‏ وبَنُو فلان يَطَؤُهم الطريقُ أَي أَهلُ الطَريقِ، حكاه سيبويه‏.‏

قال ابن جني‏:‏ فيه مِن السَّعةِ إِخْبارُكَ عمّا لا يَصِحُّ وطْؤُه بما

يَصِحُّ وطْؤُه، فنقول قِياساً على هذا‏:‏ أَخَذْنا على الطريقِ الواطِئِ

لبني فلان، ومَررْنا بقوم مَوْطُوئِين بالطَّريقِ، ويا طَريقُ طَأْ بنا بني فلان أَي أَدِّنا اليهم‏.‏ قال‏:‏ ووجه التشبيه إِخْبارُكَ عن الطَّريق بما تُخْبِرُ بِهِ عن سالكيه، فَشَبَّهْتَه بهم إذْ كان المُؤَدِّيَ له، فَكأَنَّه هُمْ، وأَما التوكيدُ فِلأَنَّك إِذا أَخْبَرْتَ عنه بوَطْئِه إِيَّاهم كان أَبلَغَ مِن وَطْءِ سالِكِيه لهم‏.‏ وذلك أَنّ الطَّريقَ مُقِيمٌ مُلازِمٌ، وأَفعالُه مُقِيمةٌ معه وثابِتةٌ بِثَباتِه، وليس كذلك أَهلُ الطريق لأَنهم قد يَحْضُرُون فيه وقد يَغِيبُون عنه، فأَفعالُهم أَيضاً حاضِرةٌ وقْتاً وغائبةٌ آخَرَ، فأَيْنَ هذا مما أَفْعالُه ثابِتةٌ مستمرة‏.‏ ولمَّا كان هذا كلاماً الغرضُ فيه المدحُ والثَّنَاءُ اخْتارُوا له أَقْوى اللَّفْظَيْنِ لأَنه يُفِيد أَقْوَى المَعْنَيَيْن‏.‏

الليث‏:‏ المَوْطِئُ‏:‏ الموضع، وكلُّ شيءٍ يكون الفِعْلُ منه على فَعِلَ

يَفْعَلُ فالمَفْعَلُ منه مفتوح العين، إِلا ما كان من بنات الواو على

بناءِ وَطِئَ يَطَأُ وَطْأً؛ وإِنما ذَهَبَتِ الواو مِن يَطَأُ، فلم تَثْبُتْ، كما تَثْبُتُ في وَجِل يَوْجَلُ، لأَن وَطِئَ يَطَأُ بُني على تَوَهُّم فَعِلَ يَفْعِلُ مثل وَرِمَ يَرِمُ؛ غير أَنَّ الحرفَ الذي يكون في موضع اللام من يَفْعَلُ في هذا الحدِّ، إِذا كان من حروف الحَلْقِ الستة، فإِن أَكثر ذلك عند العرب مفتوح، ومنه ما يُقَرُّ على أَصل تأْسيسه مثل

وَرِمَ يَرِمُ‏.‏ وأَما وَسِعَ يَسَعُ ففُتحت لتلك العلة‏.‏

والواطِئةُ الذين في الحديث‏:‏ هم السابِلَةُ، سُمُّوا بذلك لوَطْئِهم

الطريقَ‏.‏

التهذيب‏:‏ والوَطَأَةُ‏:‏ هم أَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنَ الناس، سُمُّوا وطَأَةً لأَنهم يَطَؤُون الأَرض‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه قال للخُرَّاصِ احْتَاطوا لأَهْل الأَمْوالِ في النائِبة والواطِئةِ‏.‏ الواطِئةُ‏:‏ المارَّةُ والسَّابِلةُ‏.‏ يقول‏:‏ اسْتَظْهِرُوا لهم في الخَرْصِ لِما يَنُوبُهمْ ويَنْزِلُ

بهم من الضِّيفان‏.‏ وقيل‏:‏ الواطِئَةُ سُقاطةُ التمر تقع فتُوطَأُ

بالأَقْدام، فهي فاعِلةٌ بمعنى مَفْعُولةٍ‏.‏ وقيل‏:‏ هي من الوَطايا جمع وَطِيئةِ؛ وهي تَجْري مَجْرَى العَرِيَّة؛ سُمِّيت بذلك لأَنَّ صاحِبَها وطَّأَها لأَهله أَي ذَلَّلَها ومَهَّدها، فهي لا تدخل في الخَرْص‏.‏ ومنه حديث القَدَرِ‏:‏ وآثارٍ مَوْطُوءة أَي مَسْلُوكٍ عَلَيْها بما سَبَقَ به القَدَرُ

من خَيْر أَو شرٍّ‏.‏

وأَوطَأَه العَشْوةَ وعَشْوةً‏:‏ أَرْكَبَه على غير هُدًى‏.‏ يقال‏:‏ من أَوطأَكَ عَشْوةً‏.‏ وأَوطَأْتُه الشيءَ فَوَطِئَه‏.‏ ووَطِئْنا العَدُوَّ بالخَيل‏:‏ دُسْناهم‏.‏ وَوَطِئْنا العَدُوَّ وطْأَةً شَديدةً‏.‏

والوَطْأَةُ‏:‏ موضع القَدَم، وهي أَيضاً كالضَّغْطةِ‏.‏ والوَطْأَةُ‏:‏

الأَخْذَة الشَّديدةُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ اللهم اشْدُدْ وطْأَتَكَ على مُضَرَ أَي

خُذْهم أَخْذاً شَديداً، وذلك حين كَذَّبوا النبيَّ، صلى اللّه عليه سلم، فَدَعا علَيهم، فأَخَذَهم اللّهُ بالسِّنِين‏.‏ ومنه قول الشاعر‏:‏

ووَطِئْتَنا وَطْأً، على حَنَقٍ *** وَطْءَ المُقَيَّدِ نابِتَ الهَرْمِ

وكان حمّادُ بنُ سَلَمة يروي هذا الحديث‏:‏ اللهم اشْدُدْ وَطْدَتَكَ على

مُضَر‏.‏ والوَطْدُ‏:‏ الإِثْباتُ والغَمْزُ في الأَرض‏.‏

ووَطِئْتُهم وَطْأً ثَقِيلاً‏.‏ ويقال‏:‏ ثَبَّتَ اللّهُ وَطْأَتَه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ زَعَمَتِ المرأَةُ الصالِحةُ، خَوْلةُ بنْتُ حَكِيمٍ، أَنَّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ، وهو مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَي ابْنَتِه، وهو يقول‏:‏ إِنَّكُمْ لتُبَخِّلُون وتُجَبِّنُونَ، وإِنكم لَمِنْ رَيْحانِ اللّه، وإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وطِئَها اللّهُ بِوَجٍّ، أَي تَحْمِلُون على البُخْلِ والجُبْنِ والجَهْلِ، يعني الأَوْلاد، فإِنَّ الأَب يَبْخَل بانْفاق مالِه ليُخَلِّفَه لهم، ويَجْبُنُ عن القِتال ليَعِيشَ لهم فيُرَبِّيَهُمْ، ويَجْهَلُ لأَجْلِهم فيُلاعِبُهمْ‏.‏ ورَيْحانُ اللّهِ‏:‏ رِزْقُه وعَطاؤُه‏.‏ ووَجٌّ‏:‏ من الطائِف‏.‏ والوَطْءُ، في الأَصْلِ‏:‏ الدَّوْ سُ بالقَدَمِ، فسَمَّى به الغَزْوَ والقَتْلَ، لأَن مَن يَطَأُ على الشيءِ

بِرجله، فقَدِ اسْتَقْصى في هَلاكه وإِهانَتِه‏.‏ والمعنى أَنَّ آخِرَ أَخْذةٍ

ووقْعة أَوْقَعَها اللّهُ بالكُفَّار كانت بِوَجٍّ، وكانت غَزْوةُ الطائِف آخِرَ غَزَواتِ سيدنا رَسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم فإِنه لم

يَغْزُ بعدَها إلا غَزْوةَ تَبُوكَ، ولم يَكن فيها قِتالٌ‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏

ووجهُ تَعَلُّقِ هذا القول بما قَبْلَه مِن ذِكر الأَولاد أَنه إِشارةٌ

إِلى تَقْلِيل ما بقي من عُمُره صلى الله عليه وسلم فكنى عنه بذلك‏.‏

ووَطِئَ المرأَةَ يَطَؤُها‏:‏ نَكَحَها‏.‏

ووَطَّأَ الشيءَ‏:‏ هَيَّأَه‏.‏

الجوهريُّ‏:‏ وطِئْتُ الشيءَ بِرجْلي وَطْأً، ووَطِئَ الرجُلُ امْرَأَتَه

يَطَأُ‏:‏ فيهما سقَطَتِ الواوُ من يَطَأُ كما سَقَطَتْ من يَسَعُ

لتَعَدِّيهما، لأَن فَعِلَ يَفْعَلُ، مما اعتلَّ فاؤُه، لا يكون إِلا لازماً، فلما جاءا من بين أَخَواتِهما مُتَعَدِّيَيْنِ خُولِفَ بهما نَظائرُهما‏.‏

وقد تَوَطَّأْتُه بِرجلي، ولا تقل تَوَطَّيْتُه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِنَّ

جِبْرِيلَ صلَّى بِيَ العِشاءَ حينَ غَابَ الشَّفَقُ واتَّطَأَ العِشاءُ، وهو

افْتَعَلَ من وَطَّأْتُه‏.‏ يقال‏:‏ وطَّأْتُ الشيءَ فاتَّطَأَ أَي هَيَّأْتُه فَتَهَيَّأَ‏.‏ أَراد أَن الظَّلام كَمَلَ‏.‏

وواطَأَ بعضُه بَعْضاً أَي وافَقَ‏.‏

قال وفي الفائق‏:‏ حين غابَ الشَّفَقُ وأْتَطَى العِشاءُ‏.‏ قال‏:‏ وهو من قَوْلِ بَني قَيْسٍ لم يَأْتَطِ الجِدَادُ، ومعناه لم يأْتِ حِينُه‏.‏

وقد ائْتَطَى يأْتَطي كَأْتَلى يَأْتَلي، بمعنى المُوافَقةِ والمُساعَفةِ‏.‏ قال‏:‏ وفيه وَجْهٌ آخَر أَنه افْتَعَلَ مِنَ الأَطِيطِ، لأَنّ العَتَمَةَ وَقْتُ حَلْبِ الإِبل، وهي حينئذ تَئِطُّ أي تَحِنُّ إِلى أَوْلادِها، فجعَل الفِعْلَ للعِشاءِ، وهو لها اتِّساعاً‏.‏

ووَطَأَ الفَرَسَ وَطْأً ووَطَّأَهُ‏:‏ دَمَّثه‏.‏ ووَطَّأَ الشيءَ‏:‏ سَهَّلَه‏.‏ ولا تقل وَطَّيْتُ‏.‏ وتقول‏:‏ وطَّأْتُ لك الأَمْرَ إِذا هَيَّأْتَه‏.‏ ووَطَّأْتُ لك الفِراشَ ووَطَّأْتُ لك المَجْلِس تَوْطِئةً‏.‏ والوطيءُ من كلِّ شيءٍ‏:‏ ما سَهُلَ ولان، حتى إِنهم يَقولون رَجُلٌ وَطِيءٌ ودابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنة الوَطاءة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَلا أُخْبِرُكم بأَحَبِّكم إِلَيَّ وأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجالِسَ يومَ القيامةِ أَحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُونَ أَكْنافاً الذينَ يَأْلَفُون ويُؤْلَفون‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ هذا مَثَلٌ وحَقيقَتُه من التَّوْطِئةِ، وهي التَّمهيِدُ والتَّذليلُ‏.‏

وفِراشٌ وطِيءٌ‏:‏ لا يُؤْذي جَنْبَ النائِم‏.‏ والأَكْنافُ‏:‏ الجَوانِبُ‏.‏ أَراد

الذين جوانِبُهم وَطِيئةٌ يَتَمَكَّن فيها مَن يُصاحِبُهم ولا يَتَأَذَّى‏.‏وفي حديث النِّساءِ‏:‏ ولَكُم عَلَيهِنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أَحَداً تَكْرَهونه؛ أَي لا يَأْذَنَّ ِلأَحدٍ من الرِّجال الأَجانِب أَن يَدْخُلَ عليهنَّ، فَيَتَحَدَّث اليهنَّ‏.‏ وكان ذلك من عادةِ العرب لا يَعُدُّونه رِيبَةً، ولا يَرَوْن به بأْساً، فلمَّا نزلت آيةُ الحِجاب نُهُوا عن ذلك‏.‏

وشيءٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الوَطاءة والطِّئَةِ والطَّأَةِ مثل الطِّعَةِ والطَّعَةِ، فالهاءُ عوض من الواو فيهما‏.‏ وكذلك دابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنةُ الوَطاءة والطَّأَةِ، بوزن الطَّعَةِ أَيضاً‏.‏ قال الكميت‏:‏

أَغْشَى المَكارِهَ، أَحْياناً، ويَحْمِلُنِي *** منه على طَأَةٍ، والدَّهْرُ ذُو نُوَبِ

أَي على حالٍ لَيِّنةٍ‏.‏ ويروى على طِئَةٍ، وهما بمعنىً‏.‏

والوَطِيءُ‏:‏ السَّهْلُ من الناسِ والدَّوابِّ والأماكِنِ‏.‏ وقد وَطُؤَ

الموضعُ، بالضم، يَوْطُؤُ وطَاءة وَوُطُوءة وطِئةً‏:‏ صار وَطِيئاً‏.‏

ووَطَّأْتُه أَنا تَوطِئةً، ولا تقل وَطَّيْته، والاسم الطَّأَة، مهموز

مقصور‏.‏ قال‏:‏ وأَما أَهل اللغة، فقالوا وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَّأَة والطِّئَةِ‏.‏وقال ابن الأَعرابي‏:‏ دابَّةٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَّأَةِ، بالفتح، ونَعُوذُ باللّه من طِئةِ الذليل، ولم يفسره‏.‏ وقال اللحياني‏:‏ معناه مِنْ أَن يَطَأَني ويَحْقِرَني، وقال اللحياني‏:‏ وَطُؤَتِ الدابَّةُ وَطْأً، على مثال فَعْلٍ، ووَطَاءة وطِئةً حسَنةً‏.‏ ورجل وَطِيءُ الخُلُقِ، على المثل، ورجل مُوَطَّأُ الأَكْنافِ إِذا كان سَهْلاً دَمِثاً كَريماً يَنْزِلُ به

الأَضيافُ فيَقْرِيهم‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الوَطِيئةُ‏:‏ الحَيْسةُ، والوَطَاءُ والوِطَاءُ‏:‏ ما انْخَفَضَ من الأَرض بين النّشازِ والإِشْرافِ، والمِيطَاءُ كذلك‏.‏ قال غَيْلانُ الرَّبَعي يصف حَلْبَةً‏:‏

أَمْسَوْا، فَقادُوهُنَّ نحوَ المِيطَاءْ *** بِمائَتَيْنِ بِغلاءِ الغَلاَّءْ

وقد وَطَّأَها اللّهُ‏.‏ ويقال‏:‏ هذه أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ لا رِباءَ فيها ولا

وِطَاءَ أَي لا صُعُودَ فيها ولا انْخفاضَ‏.‏

وواطَأَه على الأَمر مُواطأَةً‏:‏ وافَقَه‏.‏ وتَواطَأْنا عليه وتَوطَّأْنا‏:‏ تَوافَقْنا‏.‏ وفلان يُواطِئُ اسمُه اسْمِي‏.‏ وتَواطَؤُوا عليه‏:‏ تَوافَقُوا‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ليُواطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ؛ هو من وَاطَأْتُ‏.‏ ومثلها قوله تعالى‏:‏ إِنّ ناشِئةَ الليلِ هِيَ أَشَدُّ وِطَاءً، بالمدّ‏:‏ مُواطأَةً‏.‏ قال‏:‏ وهي المُواتاةُ أَي مُواتاةُ السمعِ والبصرِ ايَّاه‏.‏ وقُرئَ أَشَدُّ وَطْأً أَي قِياماً‏.‏ التهذيب‏:‏ قرأَ أَبو عمرو وابن عامرٍ وِطَاءً، بكسر الواو وفتح الطاء والمدّ والهمز، من المُواطأَةِ والمُوافقةِ‏.‏ وقرأَ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي‏:‏ وَطْأً، بفتح الواو ساكنة الطاء مقصورة مهموزة، وقال الفرَّاءُ‏:‏ معنى هي أشدُّ وَطْأً، يقول‏:‏ هي أَثْبَتُ قِياماً‏.‏ قال وقال بعضهم‏:‏ أَشَدُّ وَطْأً أَي أَشَدُّ على المُصَلِّي من صلاةِ النهار، لأَنَّ الليلَ للنوم، فقال هي، وإِن كانت أَشَدَّ وَطْأً، فهي أَقْوَمُ قِيلاً‏.‏ وقرأَ بعضُهم‏:‏ هي أَشَدُّ وِطَاءً، على فِعالٍ، يريد أَشَدُّ عِلاجاً ومُواطَأَةً‏.‏ واختار أَبو حاتم‏:‏ أَشَدُّ وِطاءً، بكسر الواو والمدّ‏.‏ وحكى المنذري‏:‏ أَنَّ أَبا الهيثم اختار هذه القراءة وقال‏:‏ معناه أَنَّ سَمْعَه يُواطِئُ قَلْبَه وبَصَرَه، ولِسانُه يُواطِئُ قَلْبَه وِطاءً‏.‏ يقال واطَأَني فلان على الأَمرِ إِذا وافَقَكَ عليه لا يشتغل القلبُ بغير ما اشْتَغَلَ به السمع، هذا واطَأَ ذاكَ وذاكَ واطَأَ هذا؛ يريد‏:‏ قِيامَ الليلِ والقراءة فيه‏.‏ وقال الزجاج‏:‏ هي أَشدُّ وِطاءً لقلة السمع‏.‏ ومنْ قَرأً وَطْأً فمعناه هي أَبْلغُ في القِيام وأَبْيَنُ في القول‏.‏ وفي حديثِ ليلةِ القَدْرِ‏:‏ أَرَى رُؤْياكم قد تَواطَتْ في العَشْرِ الأَواخِر‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا روي بترك الهمز، وهو من المُواطأَةِ، وحقيقتُه كأَنّ كُلاً منهما وَطِئَ ما وَطِئَه الآخَرُ‏.‏

وتَوَطَّأْتُهُ بقَدَمِي مثل وَطِئْتُه‏.‏ وهذا مَوْطِئُ قَدَمِك‏.‏ وفي حديث عبداللّه، رضي اللّه عنه‏:‏ لا نَتَوَضَّأُ من مَوْطَإٍ أَي ما يُوطَأُ من الأَذَى في الطريق، أَراد لا نُعِيدُ الوُضوءَ منه، لا أَنهم كانوا لا يَغْسِلُونه‏.‏

والوِطاءُ‏:‏ خلافُ الغِطاء‏.‏

والوَطِيئَةُ‏:‏ تَمْرٌ يُخْرَجُ نَواه ويُعْجَنُ بلَبَنٍ‏.‏

والوَطِيئَةُ‏:‏ الأَقِطُ بالسُّكَّرِ‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ الوَطِيئَةُ‏:‏ ضَرْب من الطَّعام‏.‏ التهذيب‏:‏ والوَطِيئةُ‏:‏ طعام للعرب يُتَّخَذُ من التمر‏.‏ وقال

شمر قال أَبو أَسْلَمَ‏:‏ الوَطِيئةُ‏:‏ التمر، وهو أَن يُجْعَلَ في بُرْمةٍ

ويُصَبَّ عليه الماءُ والسَّمْنُ، إِن كان، ولا يُخْلَطُ به أَقِطٌ، ثم

يُشْرَبُ كما تُشْرَبُ الحَسِيَّةُ‏.‏ وقال ابن شميل‏:‏ الوَطِيئةُ مثل الحَيْسِ‏:‏ تَمرٌ وأَقِطٌ يُعْجنانِ بالسمن‏.‏ المفضل‏:‏ الوَطِيءُ والوَطيئةُ‏:‏ العَصِيدةُ الناعِمةُ، فإِذا ثَخُنَتْ، فهي النَّفِيتةُ، فإِذا زادت قليلاً، فهي

النَّفِيثةُ بالثاءِ، فإِذا زادت، فهي اللَّفِيتةُ، فإِذا تَعَلَّكَتْ، فهي العَصِيدةُ‏.‏ وفي حديث عبداللّه بن بُسْرٍ، رضي اللّه عنه‏:‏ أَتَيْناهُ بوَطِيئةٍ، هي طَعامٌ يُتَّخَذُ مِن التَّمْرِ كالحَيْسِ‏.‏ ويروى بالباءِ الموحدة، وقيل هو تصحيف‏.‏ والوَطِيئة، على فَعِيلةٍ‏:‏ شيءٌ كالغِرارة‏.‏ غيره‏:‏ الوَطِيئةُ‏:‏ الغِرارةُ يكون فيها القَدِيدُ والكَعْكُ وغيرُه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ فأَخْرَجَ إِلينا ثلاثَ أُكَلٍ من وَطِيئةٍ؛ أَي ثلاثَ قُرَصٍ من غِرارةٍ‏.‏ وفي حديث عَمَّار أَنّ رجلاً وَشَى به إِلى عُمَرَ، فقال‏:‏ اللهم إِن كان كَذَبَ، فاجعلْهُ مُوَطَّأَ العَقِب أَي كثير الأَتْباعِ، دَعا عليه بأَن يكون سُلطاناً، ومُقَدَّماً، أَو ذَا مالٍ، فيَتْبَعُه الناسُ ويمشون وَراءَه، ووَاطأَ الشاعرُ في الشِّعر وأَوْطَأَ فيه وأَوطَأَه إِذا اتَّفقت له قافِيتانِ على كلمة واحدة معناهما واحد، فإِن اتَّفَق اللفظُ واخْتَلف المَعنى، فليس بإِيطاءٍ‏.‏ وقيل‏:‏ واطَأَ في الشِّعْر وأَوْطَأَ فيه وأَوْطَأَه إِذا لم يُخالِفْ بين القافِيتين لفظاً ولا معنى، فإِن كان الاتفاقُ باللفظ والاختلافُ بالمعنى، فليس بِإِيطاءٍ‏.‏ وقال الأَخفش‏:‏ الإِيطَاءُ رَدُّ كلمة قد قَفَّيْتَ بها مرة نحو قافيةٍ على رجُلِ وأُخرى على رجُلِ في قصيدة، فهذا عَيْبٌ عند العرب لا يختلفون فيه، وقد يقولونه مع ذلك‏.‏ قال النابغة‏:‏

أوْ أَضَعَ البيتَ في سَوْداءَ مُظْلِمةٍ *** تُقَيِّدُ العَيْرَ، لا يَسْري بها السَّارِي

ثم قال‏:‏

لا يَخْفِضُ الرِّزَّ عن أَرْضٍ أَلمَّ بها *** ولا يَضِلُّ على مِصْباحِه السَّارِي

قال ابن جني‏:‏ ووجْهُ اسْتِقْباحِ العرب الإِيطَاءَ أَنه دالٌّ عندهم على قِلّة مادّة الشاعر ونزَارة ما عنده، حتى يُضْطَرّ إِلى إِعادةِ القافيةِ الواحدة في القصيدة بلفظها ومعناها، فيَجْري هذا عندهم، لِما ذكرناه، مَجْرَى العِيِّ والحَصَرِ‏.‏ وأَصله‏:‏ أَن يَطَأَ الإِنسان في طَريقه على أَثَرِ وَطْءٍ قبله، فيُعِيد الوَطْءَ على ذلِك الموضع، وكذلك إِعادةُ القافيةِ هِيَ مِن هذا‏.‏ وقد أَوطَأَ ووَطَّأَ وأَطَّأَ فأَطَّأَ، على بدل الهمزة من الواو كَوناةٍ وأَناةٍ وآطَأَ، على إِبدال الأَلف من الواو كَياجَلُ في يَوْجَلُ، وغيرُ ذلك لا نظر فيه‏.‏ قال أَبو عمرو بن العلاء‏:‏ الإِيطاءُ ليس بعَيْبٍ في الشِّعر عند العرب، وهو إِعادة القافيةِ مَرَّتين‏.‏ قال الليث‏:‏ أُخِذ من المُواطَأَةِ وهي المُوافَقةُ على شيءٍ واحد‏.‏ وروي عن ابن سَلام الجُمَحِيِّ أَنه قال‏:‏ إِذا كثُر الإِيطاءُ في قصيدة مَرَّاتِ، فهوعَيْبٌ عندهم‏.‏ أَبو زيد‏:‏ إِيتَطَأَ الشَّهْرُ، وذلك قبل النِّصف بيوم وبعده بيوم، بوزن إِيتَطَعَ‏.‏

وكأ‏:‏ تَوَكَّأَ على الشيءِ واتَّكَأَ‏:‏ تَحَمَّلَ واعتمَدَ، فهو مُتَّكِئٌ‏.‏

والتُكأَةُ‏:‏ العَصا يُتَّكَأُ عليها في المشي‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ ما يُتَكَأُ

عليه‏.‏ يقال‏:‏ هو يَتَوَكَّأُ على عصاه، ويَتَّكِئُ‏.‏

أَبو زيد‏:‏ أَتْكَأْتُ الرجُلَ إِتْكاءً إِذا وَسَّدْتَه حتى يَتَّكِئَ‏.‏

وفي الحديث‏:‏ هذا الأَبيضُ المُتَّكِئُ المُرْتَفِقُ؛ يريد الجالِسَ

المُتَمَكِّنَ في جلوسه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ التُّكَأَةُ مِن النَّعْمةِ‏.‏

التُكَأَةُ، بوزن الهُمَزة‏:‏ ما يُتَّكَأُ عليه‏.‏ ورجل تُكَأَةٌ‏:‏ كثير الاتِّكاءِ، والتاءُ بدل من الواو وبابها هذا الباب، والموضعُ مُتَّكَأٌ‏.‏ وأَتْكَأَ

الرَّجُلَ‏:‏ جَعل له مُتَّكَأً، وقُرئَ‏:‏ وأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً‏.‏

وقال الزجاج‏:‏ هو ما يُتَّكَأُ عليه لطَعام أَو شراب أَو حديثٍ‏.‏ وقال

المفسرون في قوله تعالى‏:‏ وأَعْتَدَتْ لهنَّ مُتَّكَأً، أَي طعاماً، وقيل

للطَّعامِ مُتَّكَأٌ لأَنَّ القومَ إِذا قَعَدوا على الطعام اتَّكَؤُوا، وقد نُهِيَتْ هذه الأُمَّةُ عن ذلك‏.‏ قال النبي، صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ آكُلُ كما يأَكُلُ العَبْدُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لا آكُلُ مُتَّكِئاً‏.‏المُتَّكِئُ في العَرَبِيَّةِ كُلُّ مَن اسْتَوَى قاعِداً على وِطاءٍ مُتَمَكِّناً، والعامّةُ لا تعرف المُتَّكِئَ إِلاّ مَنْ مالَ في قُعُودِه مُعْتَمِداً على أَحَدِ شِقَّيْه؛ والتاءُ فيه بدل من الواو، وأَصله من الوِكاءِ، وهو

ما يُشَدُّ به الكِيسُ وغيره، كأَنه أَوْكَأَ مَقْعَدَتَه وشَدَّها بالقُعود عَلى الوِطاءِ الذي تحْتَه‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ ومعنى الحديث‏:‏ أَني إِذا

أَكَلْتُ لم أَقْعُدْ مُتَمَكِّناً فِعْلَ مَن يُرِيدُ الاسْتِكْثارَ منه، ولكِنْ آكُلُ بُلْغةً، فيكون قُعُودي له مُسْتَوْفِزاً‏.‏ قال‏:‏ ومَن حَمَل الاتِّكاءَ على المَيْلِ إِلى أَحَد الشّقَّيْنِ تأَوَّلَه على مَذْهَب الطِّبِّ، فإِنه لا يَنْحَدِرُ في مَجاري الطعامِ سَهْلاً، ولا يُسِيغُه هَنِيئاً، ورُبَّما تأَذَّى به‏.‏ وقال الأَخفش‏:‏ مُتَّكَأً هو في معنى مَجْلِسٍ‏.‏ ويقال‏:‏ تَكِئَ الرجلُ يَتْكَأُ تَكَأً؛ والتُّكَأَةُ، بوزن فُعَلةٍ، أَصله وُكَأَةٌ، وإِنما مُتَّكَأٌ، أَصله مُوتَكَأٌ، مثل مُتَّفَقٍ، أَصله مُوتَفَقٌ‏.‏ وقال أَبو عبيد‏:‏ تُكَأَةٌ، بوزن فُعَلةٍ، وأَصلُهُ وُكَأَة، فَقُلِبت الواو تاءً في تُكَأَةٍ، كما قالوا تُراثٌ، وأَصله وُراثٌ‏.‏

واتَّكَأْتُ اتِّكَاءً، أَصله اوتَكَيْتُ، فأُدغمت الواو في التاءِ وشُدّدت، وأَصل الحرف وكَّأَ يُوَكِّئُ تَوْكِئةً‏.‏ وضربه فأَتْكَأَه، على أَفْعَله، أَي أَلقاه على هيئة المُتَّكِئِ‏.‏ وقيل‏:‏ أَتْكَأَه أَلقاه على جانبه الأَيسر‏.‏ والتاءُ في جميع ذلك مبدلة من واو‏.‏

أَوْكَأْتُ فلاناً إِيكاءً إِذا نصبت له مُتَّكَأً، وأَتْكَأْته إِذا حَمَلْتَه على الاتِّكاءِ‏.‏ ورجل تُكَأَةٌ، مثل هُمَزة‏:‏ كثير الاتِّكاءِ‏.‏

الليث‏:‏ تَوَكَّأَتِ الناقةُ، وهو تَصَلُّقُها عند مَخاضِها‏.‏

والتَّوَكُّؤُ‏:‏ التَّحامُل على العَصا في المَشْي‏.‏ وفي حديث الاسْتِسْقاءِ قال جابِرٌ، رضي اللّه عنه‏:‏ رأُيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم

يُواكِئُ أَي يَتَحامَلُ على يَدَيْهِ إِذا رَفَعَهما ومدّهما في الدُّعاءِ‏.‏ ومنه التَّوَكُّؤُ على العَصا، وهو التَّحامُلُ عليها‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏

هكذا قال الخطابي في مَعالِم السُّنَن، والذي جاءَ في السُّنَن، على

اخْتِلاف رواياتِها ونسخها، بالباء الموحدة‏.‏ قال‏:‏ والصحيح ما ذكره الخطابي‏.‏

ومأ‏:‏ ومَأَ إليه يَمَأُ وَمْأً‏:‏ أَشارَ مِثل أَوْمَأَ‏.‏ أَنشد القَنانيُّ‏:‏

فقُلْت السَّلامُ، فاتَّقَتْ مِنْ أَمِيرها *** فَما كان إِلاّ وَمْؤُها بالحَواجِبِ

وَأَوْمَأَ كَوَمَأَ، ولا تقل أَوْمَيْتُ‏.‏ الليث‏:‏ الإِيماءُ أَن تُومئَ برَأْسِكَ أَوْ بيَدِك كما يُومِئُ المَرِيضُ برأْسه للرُّكُوعِ والسُّجُودِ، وقد تَقُولُ العرب‏:‏ أَوْمَأَ برأْسِه أَي قال لا‏.‏ قال ذوالرمة‏:‏

قِياماً تَذُبُّ البَقَّ، عن نُخَراتِها *** بِنَهْزٍ، كإِيماءِ الرُّؤُوسِ المَوانِع

وقوله، أَنشده الأخفش في كِتابه المَوْسُوم بالقوافي‏:‏

إِذا قَلَّ مالُ المَرْءِ قَلَّ صَديقُه *** وأَوْمَتْ إِليه بالعُيُوبِ الأَصابِعُ

إِنما أَراد أَوْمَأَتْ، فاحْتاجَ، فخَفَّف تَخْفِيف إِبْدالٍ، ولم يَجْعَلْها بَيْنَ بَيْنَ، إِذْ لَوْ فَعَل ذلك لانكسر البيتُ، لأَنَّ المُخفَّفةَ تَخْفيفاً بَيْنَ بَيْنَ في حكم المُحقَّقةِ‏.‏

ووقع في وامِئةٍ أي داهية وأُغْوِيَّة‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ أُراه اسماً لأَني

لم أَسْمَعْ له فِعْلاً‏.‏ وذهَبَ ثَوْبي فما أَدْري ما كانَتْ وامِئَتُه أَي لا أَدْري مَنْ أَخَذَه، كذا حكاه يعقوب في الجَحْدِ ولم يفسره‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وعِنْدِي أَنَّ معناه ما كانت داهِيَتُه التي ذَهَبَتْ به‏.‏

وقال أَيضاً‏:‏ ما أَدْرِي مَنْ أَلْمَأَ عليه‏.‏ قال‏:‏ وهذا قد يُتَكَلَّمُ به بغير حَرْف جَحْدٍ‏.‏

وفلانٌ يُوامِئُ فلاناً كيُوائِمُه، إِما لغة فيه، أَو مقلوب عنه، من تذكرة أَبي علي‏.‏ وأَنشد ابن شميل‏:‏

قد أَحْذَرُ ما أَرَى *** فأَنا، الغَداةَ، مُوامِئُهْ

قال النَّضْرُ‏:‏ زَعم أَبو الخَطَّابِ مُوامِئُه مُعايِنُه‏.‏ وقال

الفرَّاءُ‏:‏ اسْتَوْلَى على الأَمْرِ واسْتَوْمَى إِذا غَلَب عليه‏.‏ ويقال‏:‏ وَمَى بالشيء إِذا ذَهَب به‏.‏ ويقال‏:‏ ذَهَب الشيءُ فلا أَدْرِي ما كانَتْ وامِئَتُه، وما أَلْمَأَ عليه‏.‏ واللّه تعالى أَعلم‏.‏

يأيأ‏:‏ يَأْيَأْتُ الرَّجلَ يَأْيَأَةً ويَأْياءً‏:‏ أَظْهَرْتُ إِلطافَه‏.‏

وقيل‏:‏ إِنما هو بَأْبَأَ؛ قال‏:‏ وهو الصحيح، وقد تقدَّم‏.‏ ويَأْيَأَ بالإِبلِ

إِذا قال لها أَيْ ليُسَكِّنَها، مقلوب منه‏.‏ ويَأْيَأَ بالقَوْمِ‏:‏ دعَاهُم‏.‏واليؤْيُؤُ‏:‏ طائرٌ يُشبِهُ الباشَقَ مِن الجَوارِحِ والجمع اليَآيِئُ، وجاءَ في الشعر اليَآئِي‏.‏ قال الحسن بن هانئ في طَرْدِيَّاتِه‏:‏

قَدْ أَغْتَدي، والليلُ في دُجاهُ *** كَطُرَّة البُرْدِ عَلى مَثْناهُ

بِيُؤْيُؤٍ، يُعجِبُ مَنْ رَآهُ *** ما في اليَآئِي يُؤْيُؤٌ شَرْواهُ

قال ابن بري‏:‏ كأَنَّ قياسَهُ عنده اليَآيِئُ، إِلا أَنَّ الشاعرَ قَدَّمَ الهمزة على الياءِ‏.‏ قال‏:‏ ويمكن أَن يكون هذا البيتُ لبعضِ العَرَب، فادَّعاه أَبو نُواسٍ‏.‏

قال عبداللّه محمد بن مكرم‏:‏ ما أَعْلَمُ مُسْتَنَدَ الشيخِ أَبي محمد بن بري في قوله عن الحسن بن هانئ، في هذا البيت‏.‏ ويمكن أَن يكون هذا البيت لبعض العرب، فادَّعاه أَبو نواس‏.‏ وهو وإِن لم يكن اسْتُشْهِدَ بشِعره، لا يخفى عن الشيخ أَبي محمد، ولا غيره، مكانَتُه مِن العِلم والنَّظْمِ، ولو لم يكن له من البَدِيع الغَريبِ الحَسَنِ العَجِيبِ إِلا أَرْجُوزَتُه التي هي‏:‏

وبَلْدةٍ فيها زَوَرْ

لكانَ في ذلك أَدَلُّ دَلِيلٍ على نُبْلِه وفَضْلِه‏.‏ وقد شَرَحَها ابن جني رحمه اللّه‏.‏ وقال، في شرحها، من تقريظ أَبي نُواسٍ وتَفْضِيله ووَصْفِه بمَعْرِفةِ لُغات العرب وأَيَّامِها ومآثِرِها ومَثالِبِها ووقائعِها، وتفرده بفنون الشعر العشرة المحتوية على فنونه، ما لم يَقُلْه في غيرِه‏.‏

وقال في هذا الشرح أَيضاً‏:‏ لولا ما غلب عليه من الهَزْل اسْتُشْهِدَ بكلامه في التفسير، اللهم إِلا إِن كان الشيخ أَبو محمد قال ذلك ليبعث على زِيادةِ الأُنس بالاسْتِشْهاد به، إِذا وَقع الشكُّ فيه أَنه لبعض العرب، وأَبو نُواسٍ كان في نفسه وأَنْفُسِ الناسِ أَرْفَعَ من ذلك وأَصْلَفَ‏.‏

أَبو عمرو‏:‏ اليُؤْيُؤُ‏:‏ رأْسُ المُكْحُلةِ‏.‏

يرنأ‏:‏ اليَرَنَّأُ واليُرَنَّاءُ‏:‏ مثل الحِنَّاء‏.‏ قال دُكَيْنُ ابن رَجاء‏:‏

كَأَنَّ، باليَرَنّإِ المَعْلُولِ *** حَبَّ الجَنَى مِن شُرَّعٍ نُزُولِ

جادَ بِه، مِن قُلُتِ الثَّمِيلِ *** ماءُ دَوالِي زَرَجُونٍ، مِيلِ

الجَنَى‏:‏ العِنَبُ‏.‏ وشُرَّعٍ نُزولِ‏:‏ يريد به ما شَرَعَ من الكَرْم في الماء‏.‏‏.‏والقُلُتُ جمع قِلاتٍ ، وقِلاتٌ جمع قَلْتٍ وهي الصخرةُ التي يكون فيها الماء‏.‏ والثَّمِيلُ جمع ثَمِيلةٍ‏:‏ هي بَقِيَّةُ الماء في القَلْتِ أَعني النُّقْرةَ التي تُمْسِكُ الماء في الجَبَل‏.‏ وفي حديث فاطَمةُ، رِضْوانُ اللّهِ عليها‏:‏ أَنها سأَلَتْ رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم عن اليُرَنَّاء، فقال‏:‏ ممن سَمِعْتِ هذه الكلمةَ‏؟‏ فقالت مِن خَنْساءَ‏.‏قال القتيبي‏:‏ اليُرَنَّاء‏:‏ الحِنَّاء؛ قال ‏:‏ولا أَعرف لهذه الكلمة في الأَبْنِية مَثَلاً‏.‏ قال ابن بري‏:‏ إِذا قلت اليَرَنَّأُ، بالفتح، همزت لا غير، وإِذا ضممت الياء جاز الهمز وتركه‏.‏ واللّه سبحانه وتعالى أَعلم‏.‏