فصل: (تابع: حرف الباء)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرف الباء‏]‏

عيب‏:‏ ابن سيده‏:‏ العَابُ والعَيْبُ والعَيْبَةُ‏:‏ الوَصْمة‏.‏ قال سيبويه‏:‏ أَمالوا العابَ تشبيهاً له بأَلف رَمَى، لأَنها منقلبة عن ياء؛ وهو نادر؛ والجمع‏:‏ أَعْيابٌ وعُيُوبٌ؛ الأَول عن ثعلب؛ وأَنشد‏:‏

كَيْما أَعُدَّكُمُ لأَبْعَدَ منكُمُ *** ولقد يُجاءُ إِلى ذوي الأَعْيابِ

ورواه ابن الأَعرابي‏:‏ إِلى ذوي الأَلباب‏.‏

والمَعابُ والمَعِيبُ‏:‏ العَيْبُ؛ وقول أَبي زُبَيْدٍ الطَّائيّ‏:‏

إِذا اللَّثى رَقَأَتْ بعدَ الكَرى وذَوَتْ *** وأَحْدَثَ الرِّيقُ بالأَفْواه عَيَّابا

يجوز فيه أَن يكون العَيَّابُ اسماً للعَيْبِ، كالقَذَّافِ والجَبَّانِ؛ ويجوز أَن يُريدَ عَيْبَ عَيَّابٍ، فحَذَفَ المضاف، وأَقام المضاف إِليه مُقامه‏.‏

وعابَ الشيءُ والحائِطُ عَيْباً‏:‏ صار ذا عَيْبٍ‏.‏ وعِبْتُه أَنا، وعابه عَيْباً وعاباً، وعَيَّبه وتَعَيَّبه‏:‏ نَسَبه إِلى العَيب، وجعله ذا عَيْبٍ؛ يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى؛ قال الأَعشى‏:‏

وليس مُجِيراً، إِنْ أَتى الحَيَّ خائفٌ؛ *** ولا قائِلاً، إِلاَّ هُوَ المُتَعَيَّبا

أَي ولا قائلاً القولَ المَعِيبَ إِلاَّ هو؛ وقال أَبو الهيثم في قوله

تعالى‏:‏ فأَرَدْتُ أَن أَعِيبَها؛ أَي أَجْعَلَها ذاتَ عَيْب، يعني السفينةَ؛ قال‏:‏ والمُجاوِزُ واللازم فيه واحد‏.‏

ورجل عَيَّابٌ وعَيَّابة وعُيَبة‏:‏ كثير العَيْبِ للناس؛ قال‏:‏

اسْكُتْ ‏!‏ ولا تَنْطِقْ، فأَنْتَ خَيّابْ *** كُلُّك ذو عَيْبٍ، وأَنتَ عَيَّابْ

وأَنشد ثعلب‏:‏

قال الجَواري‏:‏ ما ذَهَبْتَ مَذْهَبا *** وعِبْنَني ولم أَكُنْ مُعَيَّبا

وقال‏:‏

وصاحِبٍ لي، حَسَنِ الدُّعابه *** ليس بذي عَيْبٍ، ولا عَيَّابه والمَعايبُ‏:‏ العُيوبُ‏.‏ وشيءٌ مَعِيبٌ ومَعْيُوبٌ، على الأَصل‏.‏

وتقول‏:‏ ما فيه مَعابة ومَعابٌ أَي عَيْبٌ‏.‏

ويقال‏:‏ موضعُ عَيْبٍ؛ قال الشاعر‏:‏

أَنا الرَّجُلُ الذي قد عِبْتُموه *** وما فيهِ لعَيَّابٍ مَعابُ

لأَن المَفْعَلَ، من ذواتِ الثلاثة نحو كالَ يَكِيلُ، إِن أُريد به الاسم، مكسور، والمصدرُ مفتوحٌ، ولو فتحتَهما أَو كسرتَهما في الاسم والمصدر جميعاً، لجازَ، لأَن العرب تقول‏:‏ المَسارُ والمَسِيرُ، والمَعاشُ والمَعِيشُ، والمَعابُ والمَعِيبُ‏.‏

وعابَ الماءُ‏:‏ ثَقَبَ الشَّطَّ، فخرج مُجاوزَه‏.‏

والعَيْبة‏:‏ وِعاءٌ من أَدَم، يكون فيها المتاع، والجمع عِيابٌ

وعِيَبٌ، فأَما عِيابٌ فعلى القياس، وأَما عِيَبٌ فكأَنه إِنما جاءَ على جمع عِيبة، وذلك لأَنه مما سبيله أَن يأْتي تابعاً للكسرة؛ وكذلك كلُّ ما جاءَ من فعله مما عينه ياء على فِعَلٍ‏.‏ والعَيْبَةُ أَيضاً‏:‏ زَبِيل من أَدَم يُنْقَلُ فيه الزرعُ المحصودُ إِلى الجَرين، في لغة هَمْدان‏.‏ والعَيْبَةُ‏:‏ ما يجعل فيه الثياب‏.‏ وفي الحديث، أَنه أَمْلى في كتابِ الصُّلْح بينه وبين كفار أَهل مكة بالحُدَيْبية‏:‏ لا إِغْلالَ ولا إِسلالَ، وبيننا وبينهم عَيْبةٌ مَكفوفةٌ‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ فسر أَبو عبيد الإِغْلالَ والإِسلالَ، وأَعرضَ عن تفسير العَيْبة المكفُوفةِ‏.‏ ورُوِيَ عن ابن الأَعرابي أَنه قال‏:‏ معناه أَن بيننا وبينهم في هذا الصلح صَدْراً مَعْقُوداً على الوفاءِ بما في الكتاب، نَقِيّاً من الغِلِّ والغَدْرِ والخِداعِ‏.‏ والمَكْفُوفةُ‏:‏ المُشرَجَةُ المَعْقُودة‏.‏ والعربُ تَكني عن الصُّدُور والقُلُوب التي تَحْتوي على الضمائر المُخْفاةِ‏:‏ بالعِيابِ‏.‏ وذلك أَن الرجلَ إِنما يَضَعُ في عَيْبَته حُرَّ مَتاعِه، وصَوْنَ ثيابه، ويَكتُم في صَدْرِه أَخَصَّ أَسراره التي لا يُحِبُّ شُيوعَها، فسُمِّيت الصدور والقلوبُ عِياباً، تشبيهاً بعِيابِ الثياب؛ ومنه قول الشاعر‏:‏

وكادَتْ عِيابُ الوُدِّ منَّا ومِنكُمُ *** وإِن قيلَ أَبناءُ العُمومَة، تَصْفَرُ

أَرادَ بعِيابِ الوُدِّ‏:‏ صُدُورَهم‏.‏ قال الأَزهري وقرأْتُ بخَطِّ شَمِر‏:‏ وإِنَّ بيننا وبينهم عَيْبَةً مَكْفُوفةً‏.‏ قال‏:‏ وقال بعضهم أَراد به‏:‏

الشَّرُّ بيننا مَكْفُوف، كما تُكَفُّ العَيْبةُ إِذا أُشرِجَتْ؛ وقيل‏:‏ أَراد أَن بينهم مُوادَعَةً ومُكافَّة عن الحرب، تَجْريانِ مُجْرى المَوَدَّة التي تكون بين المُتَصافِينَ الذين يَثِقُ بعضُهم ببعض‏.‏

وعَيْبةُ الرجل‏:‏ موضعُ سِرِّه، على المَثل‏.‏ وفي الحديث‏:‏ الأَنصارُ

كَرِشي وعَيْبَتي أَي خاصَّتي وموضعُ سِرِّي؛ والجمع عِيَبٌ مثل بَدْرَةٍ وبِدَرٍ، وعِيابٌ وعَيْباتٌ‏.‏

والعِيابُ‏:‏ المِنْدَفُ‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ لم أَسمعه لغير الليث‏.‏ وفي حديث عائشة، في إِيلاءِ النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه، قالت لعمر، رضي اللّه عنهما، لمَّا لامَها‏:‏ ما لي ولكَ، يا ابنَ الخَطَّاب، عليك بعَيْبَتِكَ أَي اشْتَغِلْ بأَهْلِكَ ودَعْني‏.‏

والعائبُ‏:‏ الخاثر من اللبن؛ وقد عاب السِّقاءُ‏.‏

غبب‏:‏ غِبُّ الأَمْرِ ومَغَبَّتُه‏:‏ عاقبتُه وآخِرُه‏.‏

وغَبَّ الأَمرُ‏:‏ صارَ إِلى آخره؛ وكذلك غَبَّتِ

الأُمورُ إِذا صارتْ إِلى أَواخرها؛ وأَنشد‏:‏

غِبَّ الصَّباحِ يَحمَدُ القومُ السُّرى

ويقال‏:‏ إِن لهذا العِطرِ مَغَبَّةً طَيِّبَةً أَي عاقبةً‏.‏ وغَبَّ‏:‏ بمعنى

بَعُدَ‏.‏

وغِبُّ كلِّ شيءٍ‏:‏ عاقبتُه‏.‏ وجئتُه غِبَّ الأَمر أَي بَعْدَه‏.‏

والغِبُّ‏:‏ وِرْدُ يوم، وظِمءُ آخرَ؛ وقيل‏:‏ هو ليوم وليلتين؛ وقيل‏:‏ هو أَن تَرعى يوماً، وتَرِدَ من الغَدِ‏.‏ ومن كلامهم‏:‏ لأَضرِبَنَّكَ غِبَّ

الحِمارِ وظاهرةَ الفَرس؛ فغِبُّ الحمار‏:‏ أَن يَرعى يوماً ويَشرَبَ يوماً، وظاهرةُ الفرَس‏:‏ أَن تَشرَبَ كلَّ يوم نصفَ النهار‏.‏

وغَبَّتِ الماشيةُ تَغبُّ غَبّاً وغُبوباً‏:‏ شَرِبَت غِبّاً؛ وأَغَبَّها صاحبُها؛ وإيلُ بني فلان غابَّةٌ وغَوابُّ‏.‏

الأَصمعي‏:‏ الغِبُّ إِذا شَرِبَت الإِبلُ يوماً، وغَبَّتْ يوماً؛ يقال‏:‏

شَرِبَتْ غِبّاً؛ وكذلك الغِبُّ من الحُمَّى‏.‏ ويقال‏:‏ بنو فلان مُغِبُّون

إِذا كانت إِبلُهم تَرِدُ الغِبَّ؛ وبعيرٌ غابٌّ، وإِبلٌ غوابُّ إِذا كانت تَرِدُ الغِبَّ‏.‏ وغَبَّتِ الإِبلُ، بغير أَلف، تَغِبُّ غِبّاً إِذا شَرِبَتْ غِبّاً؛ ويقال للإِبل بعد العِشر‏:‏ هي تَرْعى عِشْراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبْعاً، ثم كذلك إِلى العِشرين‏.‏

والغِبُّ، من وِرْدِ الماءِ‏:‏ فهو أَن تَشرَبَ يوماً، ويوماً لا‏.‏

وأَغَبَّتِ الإِبلُ‏:‏ مِنْ غِبِّ الوِرْدِ‏.‏

والغِبُّ من الحُمَّى‏:‏ أَن تأْخذ يوماً وتَدَعَ آخرَ؛ وهو مشتق من غِبِّ الوِرْدِ، لأَنها تأْخذ يوماً، وتُرَفِّه يوماً؛ وهي حُمَّى غِبٌّ‏:‏ على

الصفة للحُمَّى‏.‏ وأَغَبَّته الحُمَّى، وأَغَبَّتْ عليه، وغَبَّتْ غِبّاً وغَبّاً‏.‏ ورجل مُغِبٌّ‏:‏ أَغَبَّتْهُ الحُمَّى؛ كذلك رُوي عن أَبي زيد، على لفظ الفاعل‏.‏

ويقال‏:‏ زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً‏.‏ ويقال‏:‏ ما يُغِبُّهُم بِرِّي‏.‏

وأَغبَّتِ الحُمَّى وغَبَّتْ‏:‏ بمعنًى‏.‏

وغَبَّ الطعامُ والتمرُ يَغِبُّ غَبّاً وغِبّاً وغُبُوباً وغُبُوبَةً، فهو غابٌّ‏:‏ باتَ ليلةً فَسَدَ أَو لم يَفْسُدْ؛ وخَصَّ بعضُهم به اللحمَ‏.‏

وقيل‏:‏ غَبَّ الطعامُ تغيرتْ رائحته؛ وقال جرير يهجو الأَخطل‏:‏

والتَّغْلَبِيَّةُ، حين غَبَّ غَبِيبُها *** تَهْوي مَشافِرُها بشَرِّ مَشافِر

أَراد بقوله‏:‏ غَبَّ غَبِيبُها، ما أَنْتَنَ من لُحوم مَيْتتها وخَنازيرها‏.‏ ويسمى اللحم البائتُ غابّاً وغَبِيباً‏.‏ وغَبَّ فلانٌ عندنا غَبّاً وغِبّاً، وأَغَبَّ‏:‏ باتَ، ومنه سمي اللحمُ البائتُ‏:‏ الغابَّ‏.‏ ومنه قولهم‏:‏ رُوَيْدَ الشِّعرِ يُغِبَّ ولا يكونُ يُغِبُّ؛ معناه‏:‏ دَعْه يمكثْ يوماً أَو يومين؛ وقال نَهْشَل بنُ جُرَيٍّ‏:‏

فلما رَأَى أَنْ غَبَّ أَمْرِي وأَمْرُه *** ووَلَّتْ، بأَعجازِ الأُمورِ، صُدُورُ

التهذيب‏:‏ أَغَبَّ اللحمُ، وغَبَّ إِذا أَنْتَن‏.‏ وفي حديثِ الغِيبةِ‏:‏ فقاءَتْ لحماً غابّاً أَي مُنْتِناً‏.‏

وغَبَّتِ الحُمَّى‏:‏ من الغِبِّ، بغير أَلف‏.‏ وما يُغِبُّهم لُطْفِي أَي ما يتأَخر عنهم يوماً بل يأْتيهم كلَّ يوم؛ قال‏:‏

على مُعْتَفِيه ما تُغِبُّ فَواضلُه

وفلانٌ ما يُغِبُّنا عَطاؤُه أَي لا يأْتينا يوماً دون يوم، بل يأْتينا

كلَّ يوم؛ ومنه قول الراجز‏:‏

وحُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُّ

أَي كلَّ ساعةٍ‏.‏

والغِبُّ‏:‏ الإِتيانُ في اليومين، ويكون أَكثر‏.‏

وأَغَبَّ القومَ، وَغَبَّ عنهم‏:‏ جاءَ يوماً وترك يوماً‏.‏ وأَغَبَّ عَطاؤُه

إِذا لم يأْتنا كلَّ يوم‏.‏ وأَغَبَّتِ الإِبلُ إِذا لم تأْتِ كلَّ يوم بلَبن‏.‏ وأَغَبَّنا فلانٌ‏:‏ أَتانا غِبّاً‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَغِبُّوا في عِيادَة المريض وأَرْبِعُوا؛ يقول‏:‏ عُدْ يوماً، ودَعْ يوماً، أَو دَعْ يومين، وعُدِ اليومَ الثالثَ أَي لا تَعُدْهُ في كل يوم، لِما يجده من ثِقَل العُوَّاد‏.‏

الكسائي‏:‏ أَغْبَبْتُ القومَ وغَبَبْتُ عنهم، من الغِبِّ‏:‏ جئْتُهم يوماً، وتركتهم يوماً، فإِذا أَردت الدَّفْعَ، قلت‏:‏ غَبَّبْتُ عنهم، بالتشديد‏.‏

أَبو عمرو‏:‏ غَبَّ الرجلُ إِذا جاءَ زائراً يوماً بعد أَيام؛ ومنه قوله‏:‏

زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً‏.‏

وقال ثعلب‏:‏ غَبَّ الشيءُ في نفسه يَغِبُّ غَبّاً، وأَغَبَّني‏:‏ وَقَعَ

بي‏.‏ وغَبَّبَ عن القوم‏:‏ دَفَع عنهم‏.‏ والغِبُّ في الزيارة، قال الحسن‏:‏ في كل أُسبوع‏.‏ يقال‏:‏ زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ نُقِل الغِبُّ من أَوراد الإِبل إِلى الزيارة‏.‏ قال‏:‏ وإِن جاءَ بعد أَيام يقال‏:‏ غَبَّ الرجلُ إِذا جاءَ زائراً بعد أَيام‏.‏ وفي حديث هشام‏:‏ كَتَبَ إِليه يُغَبِّب عن هَلاك المسلمين أَي لم يُخْبِرْه بكثرة من هَلَك منهم؛ مأْخوذ من الغِبِّ الوِرْدِ، فاستعاره لموضع التقصير في الإِعلام بكُنْه الأَمر‏.‏

وقيل‏:‏ هو من الغُبَّةِ، وهي البُلْغَةُ من العَيْش‏.‏ قال‏:‏ وسأَلتُ فلاناً

حاجةً، فَغَبَّبَ فيها أَي لم يبالغ‏.‏

والمُغَبَّبةُ‏:‏ الشاةُ تُحْلَبُ يوماً، وتُتْرَك يوماً‏.‏

والغُبَبُ‏:‏ أَطْعمة النُّفَساءِ؛ عن ابن الأَعرابي‏.‏

والغَبِيبَةُ، من أَلبان الغنم‏:‏ مثلُ المُرَوَّبِ؛ وقيل‏:‏ هو صَبُوحُ

الغنم غُدْوةً، يُتْركُ حتى يَحْلُبوا عليه من الليل، ثم يَمْخَضُوه من الغَدِ‏.‏ ويقال للرائب من اللبن‏:‏ الغَبِيبةُ‏.‏ الجوهري‏:‏ الغَبِيبةُ من أَلبان الإِبل، يُحْلَبُ غُدْوة، ثم يُحْلَبُ عليه من الليل، ثم يُمْخَضُ من الغد‏.‏ ويقال‏:‏ مياهٌ أَغْبابٌ إِذا كانت بعيدة؛ قال‏:‏

يقول‏:‏ لا تُسْرِفُوا في أَمْرِ رِيِّكُمُ‏!‏ *** إِنَّ المِياهَ، بجَهْدِ الرَّكْبِ، أَغْبابُ

هؤُلاءِ قومٌ سَفْر، ومعهم من الماءِ ما يَعْجِزُ عن رِيِّهِم، فهم

يَتَواصَوْن بترك السَّرَفِ في الماءِ‏.‏

والغَبِيبُ‏:‏ المسيلُ الصغير الضَّيِّقُ من مَتْنِ الجبل، ومَتْنِ

الأَرض؛ وقيل‏:‏ في مُسْتَواها‏.‏

والغُبُّ‏:‏ الغامِضُ من الأَرض؛ قال‏:‏

كأَنها، في الغُبِّ ذِي الغِيطانِ *** ذِئابُ دَجْنٍ دائم التَّهْتانِ

والجمع‏:‏ أَغبابٌ وغُبوبٌ وغُبَّانٌ؛ ومن كلامهم‏:‏ أَصابنا مطرٌ سال منه الهُجَّانُ والغُبَّانُ‏.‏ والهُجَّانُ مذكور في موضعه‏.‏

والغُبُّ‏:‏ الضاربُ من البحر حتى يُمْعِنَ في البَرِّ‏.‏ وغَبَّبَ

فلانٌ في الحاجة‏:‏ لمْ يبالغ فيها‏.‏ وغَبَّبَ الذئبُ على الغنم إِذا شَدَّ

عليها ففَرَسَ‏.‏ وغَبَّبَ الفَرَسُ‏:‏ دَقَّ العُنُقَ؛ والتَّغْبِيبُ أَن يَدَعَها وبها شيءٌ من الحياة‏.‏ وفي حديث الزهري‏:‏ لا تُقْبل شهادةُ ذي

تَغِبَّة؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا جاءَ في رواية، وهي تَفْعِلَة، مِن غَبَّب الذِّئبُ في الغَنم إِذا عاثَ فيها، أَو مِنْ غَبَّبَ، مبالغة في غَبَّ الشيءُ إِذا فَسَد‏.‏

والغُبَّةُ‏:‏ البُلْغة من العَيْش، كالغُفَّة‏.‏

أَبو عمرو‏:‏ غَبْغَبَ إِذا خان في شِرائه وبَيعِه‏.‏

الأَصمعي‏:‏ الغَبَبُ والغَبْغَبُ الجِلْدُ الذي تحت الحَنَك‏.‏ وقال

الليث‏:‏ الغَبَبُ للبقر والشاءِ ما تَدَلَّى عند النَّصيل تحت حَنَكها، والغَبْغَبُ للدِّيكِ والثور‏.‏ والغَبَبُ والغَبْغَبُ‏:‏ ما تَغَضَّنَ من جلد

مَنْبِتِ العُثْنُونِ الأَسْفَلِ؛ وخَصَّ بعضُهم به الدِّيَكة والشاءَ والبقر؛ واستعاره العجاج في الفَحل، فقال‏:‏

بذاتِ أَثناءٍ تَمَسُّ الغَبْغَبا

يعني شِقْشِقة البعير‏.‏ واستعاره آخر للحِرْباءِ؛ فقال‏:‏

إِذا جَعلَ الحِرْباءُ يَبْيَضُّ رأْسُه *** وتَخْضَرُّ من شمسِ النهار غَباغِبه الفراءُ‏:‏ يقال غَبَبٌ وغَبْغَبٌ‏.‏ الكسائي‏:‏ عجوز غَبْغَبُها شِبْر، وهو الغَبَبُ‏.‏ والنَّصِيلُ‏:‏ مَفْصِلُ ما بين العُنُقِ والرأْس من تحت

اللِّحْيَيْن‏.‏

والغَبْغَبُ‏:‏ المَنْحَر بمنًى‏.‏ وقيل‏:‏ الغَبْغَبُ نُصُبٌ كانَ يُذْبَحُ عليه في الجاهلية‏.‏ وقيل‏:‏ كلُّ مَذْبَحٍ بمنًى غَبْغَبٌ‏.‏ وقيل‏:‏ الغَبغَبُ

المَنْحَر بمنًى، وهو جَبَل فَخَصَّصَ؛ قال الشاعر‏:‏

والراقِصات إِلى مِنًى فالغَبْغَبِ

وفي الحديث ذكر غَبْغَبٍ، بفتح الغينين، وسكون الباءِ الأُولى‏:‏ موضع المنحر بمنى؛ وقيل‏:‏ الموضع الذي كان فيه اللاتُ بالطائف‏.‏ التهذيب، أَبو طالب في قولهم‏:‏ رُبَّ رَمْيةٍ من غير رامٍ؛ أَوَّلُ من قاله الحَكَمُ بنُ عَبْدِيَغُوثَ، وكان أَرْمَى أَهلِ زمانه، فآلى لَيَذْبَحَنَّ على الغَبْغَب مَهاةً، فَحَمَل قوسَه وكنانتَه، فلم يَصْنَعْ شيئاً، فقال‏:‏ لأَذْبَحَنَّ نَفْسِي‏!‏ فقال له أَخوه‏:‏ اذْبَحْ مكانها عَشْراً من الإِبل، ولا تَقْتُلْ نَفْسَك‏!‏ فقال‏:‏ لا أَظلم عاترةً، وأَتْرُكُ النافرةَ‏.‏ ثم خرجَ ابنُه معه، فرمَى بقرةً فأَصابها؛ فقال أَبوه‏:‏ رُبَّ رَمْيةٍ من غَير رامٍ‏.‏ غُبَّةُ، بالضم‏:‏ فَرْخُ عُقابٍ كان لبني يَشْكُر، وله حديث، واللّه تعالى أَعلم‏.‏

غثلب‏:‏ غَثْلَبَ الماءَ‏:‏ جَرَعَه جَرْعاً شديداً‏.‏

غدب‏:‏ الغُدبة‏:‏ لحمة غَليظة شبيهة بالغُدَّةِ‏.‏ ورجلٌ غُدُبٌّ‏:‏ جافٍ

غليظٌ‏.‏

غرب‏:‏ الغَرْبُ والمَغْرِبُ‏:‏ بمعنى واحد‏.‏ ابن سيده‏:‏ الغَرْبُ خِلافُ الشَّرْق، وهو المَغْرِبُ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ رَبُّ المَشْرِقَيْن ورَبُّ المَغْرِبَيْنِ؛ أَحدُ المَغْرِبين‏:‏ أَقْصَى ما تَنْتَهي إِليه الشمسُ في الصيف، والآخَرُ‏:‏ أَقْصَى ما تَنْتَهِي إِليه في الشتاءِ؛ وأَحدُ

المَشْرقين‏:‏ أَقْصى ما تُشرِقُ منه الشمسُ في الصيف، وأَقْصَى ما تُشْرِقُ منه في الشتاءِ؛ وبين المغرب الأَقْصَى والمَغْربِ الأَدْنى مائةٌ وثمانون مَغْرباً، وكذلك بين المَشْرقين‏.‏ التهذيب‏:‏ للشمس مَشْرِقانِ ومَغْرِبانِ‏:‏ فأَحدُ مشرقيها أَقْصَى المَطالع في الشتاءِ، والآخَرُ أَقصى مَطالعها في القَيْظ، وكذلك أَحدُ مَغْرِبَيْها أَقصى المَغارب في الشِّتاءِ، وكذلك في الجانب الآخر‏.‏ وقوله جَلَّ ثناؤُه‏:‏ فلا أُقْسِمُ برَبِّ المَشارق والمَغارِب؛ جَمعَ، لأَنه أُريد أَنها تُشْرِقُ كلَّ يومٍ من موضع، وتَغْرُبُ في موضع، إِلى انتهاءِ السنة‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ أَرادَ مَشْرِقَ كلِّ يوم ومَغْرِبَه، فهي مائة وثمانون مَشْرقاً، ومائة وثمانون مغْرِباً‏.‏

والغُرُوبُ‏:‏ غُيوبُ الشمس‏.‏

غَرَبَتِ الشمسُ تَغْرُبُ غُروباً ومُغَيْرِباناً‏:‏ غابَتْ في المَغْرِبِ؛ وكذلك غَرَبَ النجمُ، وغَرَّبَ‏.‏ ومَغْرِبانُ الشمسِ‏:‏ حيث تَغرُبُ‏.‏

ولقيته مَغرِبَ الشمسِ ومُغَيْرِبانَها ومُغَيرِباناتِها أَي عند غُروبها‏.‏

وقولُهم‏:‏ لقيته مُغَيْرِبانَ الشمسِ، صَغَّروه على غير مُكَبَّره، كأَنهم

صغروا مَغرِباناً؛ والجمع‏:‏ مُغَيْرِباناتُ، كما قالوا‏:‏ مَفارِقُ الرأْس، كأَنهم جعلوا ذلك الحَيِّز أَجزاءً، كُلَّما تَصَوَّبَتِ الشمسُ ذَهَبَ

منها جُزْءٌ، فَجَمَعُوه على ذلك‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَلا إِنَّ مَثَلَ آجالِكُم في آجالِ الأُمَمِ قَبْلَكم، كما بين صلاةِ العَصْر إِلى مُغَيْربانِ

الشمس أَي إِلى وَقتِ مَغِيبها‏.‏ والمَغرِبُ في الأَصل‏:‏ مَوْضِعُ

الغُروبِ ثم استُعْمِل في المصدر والزمان، وقياسُه الفتح، ولكن استُعْمِل بالكسر كالمَشْرِق والمسجِد‏.‏ وفي حديث أَبي سعيدٍ‏:‏ خَطَبَنا رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إِلى مُغَيربانِ الشمسِ‏.‏

والمُغَرِّبُ‏:‏ الذي يأْخُذُ في ناحية المَغْرِبِ؛ قال قَيْسُ بنُ المُلَوّح‏:‏

وأَصْبَحْتُ من لَيلى، الغَداة، كناظِرٍ *** مع الصُّبْح في أَعْقابِ نَجْمٍ مُغَرِّبِ

وقد نَسَبَ المُبَرِّدُ هذا البيتَ إِلى أَبي حَيَّةَ النُّمَيْري‏.‏

وغَرَّبَ القومُ‏:‏ ذَهَبُوا في المَغْرِبِ؛ وأَغْرَبُوا‏:‏ أَتَوا الغَرْبَ؛

وتَغَرَّبَ‏:‏ أَتَى من قِبَلِ الغَرْب‏.‏ والغَرْبيُّ من الشجر‏:‏ ما أَصابته

الشمسُ بحَرِّها عند أُفُولها‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ زَيْتُونةٍ لا

شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ‏.‏

والغَرْبُ‏:‏ الذهابُ والتَّنَحِّي عن الناسِ‏.‏ وقد غَرَبَ عنا يَغْرُبُ

غَرْباً، وغَرَّبَ، وأَغْرَبَ، وغَرَّبه، وأَغْرَبه‏:‏ نَحَّاه‏.‏ وفي الحديث‏:‏

أَن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَر بتَغْريبِ الزاني سنةً إِذا لم يُحْصَنْ؛ وهو نَفْيُه عن بَلَده‏.‏

والغَرْبة والغَرْبُ‏:‏ النَّوَى والبُعْد، وقد تَغَرَّب؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة يصف سحاباً‏:‏

ثم انْتَهى بَصَري وأَصْبَحَ جالِساً *** مِنْه لنَجْدٍ، طَائفٌ مُتَغَرِّبُ

وقيل‏:‏ مُتَغَرِّبٌ هنا أَي من قِبَل المَغْرب‏.‏

ويقال‏:‏ غَرَّبَ في الأَرض وأَغْرَبَ إِذا أَمْعَنَ فيها؛ قال ذو الرمة‏:‏

أَدْنَى تَقاذُفِه التَّغْريبُ والخَبَبُ

ويُروى التَّقْريبُ‏.‏

ونَوًى غَرْبةٌ‏:‏ بعيدة‏.‏ وغَرْبةُ النَّوى‏:‏ بُعْدُها؛ قال الشاعر‏:‏

وشَطَّ وليُ النَّوَى، إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ *** تَيَّاحةٌ غَرْبةٌ بالدَّارِ أَحْيانا

النَّوَى‏:‏ المكانُ الذي تَنْوي أَنْ تَأْتِيَه في سَفَرك‏.‏

ودارُهم غَرْبةٌ‏:‏ نائِيَةٌ‏.‏

وأَغْرَبَ القومُ‏:‏ انْتَوَوْا‏.‏

وشَأْوٌ مُغَرِّبٌ ومُغَرَّبٌ، بفتح الراءِ‏:‏ بعيد؛ قال الكميت‏:‏

عَهْدَك من أُولَى الشَّبِيبةِ تَطْلُبُ *** على دُبُرٍ، هيهاتَ شَأْوٌ مُغَرِّبُ

وقالوا‏:‏ هل أَطْرَفْتَنا من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ‏؟‏ أَي هل من خَبَر جاءَ من بُعْدٍ‏؟‏ وقيل إِنما هو‏:‏ هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ‏؟‏ وقال يعقوب إِنما هو‏:‏

هل جاءَتْك مُغَرِّبةُ خَبَرٍ‏؟‏ يعني الخَبَر الذي يَطْرَأُ عليك من بلَدٍ

سوَى بلدِك‏.‏ وقال ثعلب‏:‏ ما

عِنْدَه من مُغَرِّبةِ خَبرٍ، تَسْتَفْهِمُه أَو تَنْفِي ذلك عنه أَي طَريفةٌ‏.‏ وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه‏:‏ أَنه قال لرجل قَدِمَ عليه من بعض الأَطْرافِ‏:‏ هل من مُغَرِّبةِ خَبَر‏؟‏ أَي هل من خبَرٍ جديدٍ جاءَ من بلدٍ بعيدٍ‏؟‏ قال أَبو عبيد‏:‏ يقال بكسر الراءِ وفتحها، مع الإِضافة فيهما‏.‏ وقالها الأُمَوِيُّ، بالفتح، وأَصله فيما نُرَى من الغَرْبِ، وهو البُعْد؛ ومنه قيل‏:‏ دارُ فلانٍ غَرْبةٌ‏.‏ والخبرُ

المُغْرِبُ‏:‏ الذي جاءَ غريباً حادثاً طريفاً‏.‏

والتغريبُ‏:‏ النفيُ عن البلد‏.‏

وغَرَبَ أَي بَعُدَ؛ ويقال‏:‏ اغْرُبْ عني أَي تباعَدْ؛ ومنه الحديث‏:‏ أَنه أَمَرَ بتَغْريبِ الزاني؛ التغريبُ‏:‏ النفيُ عن البلد الذي وَقَعَتِ

الجِنايةُ فيه‏.‏ يقال‏:‏ أَغرَبْتُه وغَرَّبْتُه إِذا نَحَّيْتَه وأَبْعَدْتَه‏.‏ التَّغَرُّبُ‏:‏ البُعْدُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَن رجلاً قال له‏:‏ إِنَّ امرأَتي لا تَرُدُّ يَدَ لامِس، فقال‏:‏ غرِّبْها أَي أَبْعِدْها؛ يريدُ الطلاق‏.‏

وغَرَّبَت الكلابُ‏:‏ أَمْعَنَتْ في طلب الصيد‏.‏

وغَرَّبه وغَرَّبَ عليه‏:‏ تَرَكه بُعْداً‏.‏

والغُرْبةُ والغُرْب‏:‏ النُّزوحُ عن الوَطَن والاغْتِرابُ؛ قال

المُتَلَمِّسُ‏:‏

أَلا أَبْلِغا أَفناءَ سَعدِ بن مالكٍ *** رِسالةَ مَن قد صار، في الغُرْبِ، جانِبه والاغْتِرابُ والتغرُّب كذلك؛ تقول منه‏:‏ تَغَرَّبَ، واغْتَرَبَ، وقد

غَرَّبه الدهرُ‏.‏ ورجل غُرُب، بضم الغين والراء، وغريبٌ‏:‏ بعيد عن وَطَنِه؛ الجمع غُرَباء، والأُنثى غَريبة؛ قال‏:‏

إِذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بسُحْرةٍ *** سُهَيْلٌ، أَذاعَتْ غَزْلَها في الغَرائبِ

أَي فَرَّقَتْه بينهنّ؛ وذلك أَن أَكثر من يَغْزِل بالأُجرة، إِنما هي غريبةٌ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الغُرباء، فقال‏:‏ الذين يُحْيُونَ ما أَماتَ الناسُ من سُنَّتِي‏.‏ وفي حديث آخر‏:‏ إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غريباً، وسيعود غريباً كما بَدأَ، فطوبَى للغُرباءِ؛ أَي إِنه كان في أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الذي لا أَهل له عنده، لقلة المسلمين يومئذ؛ وسيعودُ غريباً كما كان أَي يَقِلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغُرباء، فطُوبى للغُرَباء؛ أَي الجنةُ لأُولئك المسلمين الذين كانوا في أَوّل الإِسلام، ويكونون في آخره؛ وإِنما خَصَّهم بها لصبْرهم على أَذى الكفار أَوَّلاً وآخراً، ولُزومهم دينَ الإِسلام‏.‏ وفي حديث آخر‏:‏ أُمَّتِي كالمطر، لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها‏.‏ قال‏:‏ وليس شيءٌ من هذه الأُحاديث مخالفاً للآخر، وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حين بَدأَ كانوا قليلاً، وهم في آخر الزمان يَقِلُّون إِلاَّ أَنهم خيارٌ‏.‏ ومما يَدُلُّ على هذا المعنى الحديثُ الآخر‏:‏ خِيارُ أُمَّتِي أَوَّلُها وآخِرُها، وبين ذلك ثَبَجٌ أَعْوَجُ ليس منكَ ولَسْتَ منه‏.‏ ورَحَى اليدِ يُقال لها‏:‏ غَريبة، لأَنّ الجيران يَتعاورُونها بينهم؛ وأَنشد بعضُهم‏:‏

كأَنَّ نَفِيَّ ما تَنْفِي يَداها *** نَفِيُّ غريبةٍ بِيَدَيْ مُعِينِ

والمُعينُ‏:‏ أَن يَسْتعينَ المُدير بيد رجل أَو امرأَة، يَضَعُ يده على

يده إِذا أَدارها‏.‏

واغْتَرَبَ الرجلُ‏:‏ نَكَح في الغَرائبِ، وتَزَوَّجَ إِلى غير أَقاربه‏.‏

وفي الحديث‏:‏ اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا أَي لا يتزوّج الرجلُ القرابة

القريبةَ، فيجيءَ ولدُه ضاوِيّاً‏.‏ والاغْتِرابُ‏:‏ افتِعال من الغُرْبة؛ أَراد‏:‏ تَزَوَّجُوا إِلى الغرائب من النساءِ غير الأَقارب، فإِنه

أَنْجَبُ للأَولاد‏.‏ ومنه حديث المُغِيرة‏:‏ ولا غريبةٌ نَجِيبةٌ أَي إِنها مع كونها غريبةً، فإِنها غيرُ نَجيبةِ الأَولاد‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِنّ فيكم مُغَرِّبين؛ قيل‏:‏ وما مُغَرِّبون‏؟‏ قال‏:‏ الذين يَشترِكُ فيهم الجنُّ؛ سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنه دخل فيهم عِرْقٌ غريبٌ، أَو جاؤُوا من نَسَبٍ بعيدٍ؛ وقيل‏:‏ أَراد بمشاركة الجنّ فيهم أَمْرَهم إِياهم بالزنا، وتحسينَه لهم، فجاء أَولادُهم عن غير رِشْدة، ومنه قولُه تعالى‏:‏ وشارِكْهُم في الأَموال والأَولاد‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ التغريبُ أَن يأْتي ببنينَ بِيضٍ، والتغريبُ أَن يأْتِيَ ببَنينَ سُودٍ، والتغريبُ أَن يَجْمَعَ الغُرابَ، وهو الجَلِيدُ والثَّلْج، فيأْكلَه‏.‏

وأَغْرَبَ الرجلُ‏:‏ صار غريباً؛ حكاه أَبو نصر‏.‏

وقِدْحٌ غريبٌ‏:‏ ليس من الشجر التي سائرُ القِداحِ منها‏.‏ ورجل غريبٌ‏:‏ ليس من القوم؛ ورجلٌ غريبٌ وغُرُبٌ أَيضاً، بضم الغين والراءِ، وتثنيته غُرُبانِ؛ قال طَهْمانُ بن عَمْرو الكِلابيّ‏:‏

وإِنيَ والعَبْسِيَّ، في أَرضِ مَذْحِجٍ *** غَريبانِ، شَتَّى الدارِ، مُخْتلِفانِ

وما كان غَضُّ الطَّرْفِ منا سَجِيَّةً *** ولكننا في مَذْحِجٍ غُرُبانِ

والغُرباءُ‏:‏ الأَباعِدُ‏.‏ أَبو عمرو‏:‏ رجل غَريبٌ وغَريبيٌّ وشَصِيبٌ

وطارِيٌّ وإِتاوِيٌّ، بمعنى‏.‏

والغَريبُ‏:‏ الغامِضُ من الكلام؛ وكَلمة غَريبةٌ، وقد غَرُبَتْ، وهو من ذلك‏.‏

وفرس غَرْبٌ‏:‏ مُتَرامٍ بنفسه، مُتَتابعٌ في حُضْره، لا يُنْزِعُ حتى

يَبْعَدَ بفارسه‏.‏ وغَرْبُ الفَرَسِ‏:‏ حِدَّتُه، وأَوَّلُ جَرْيِه؛ تقول‏:‏ كَفَفْتُ من غَرْبه؛ قال النابغة الذبياني‏:‏

والخَيْلُ تَمْزَعُ غَرْباً في أَعِنَّتِها *** كالطَّيْرِ يَنْجُو من الشُّؤْبُوبِ ذي البَرَدِ

قال ابن بري‏:‏ صوابُ انشادِهِ‏:‏ والخيلَ، بالنصب، لأَنه معطوف على المائة من قوله‏:‏

الواهِبِ المائةَ الأَبْكارَ زَيَّنَها *** سَعْدانُ تُوضِحَ، في أَوبارِها اللِّبَدِ

والشُّؤْبُوبُ‏:‏ الدَّفْعةُ من المَطر الذي يكون فيه البَرَدُ‏.‏

والمَزْعُ‏:‏ سُرْعةُ السَّيْر‏.‏ والسَّعْدانُ‏:‏ تَسْمَنُ عنه الإِبل، وتَغْزُر

أَلبانُها، ويَطِيبُ لحمها‏.‏ وتُوضِحُ‏:‏ موضع‏.‏ واللِّبَدُ‏:‏ ما تَلَبَّدَ من الوَبر، الواحدةُ لِبْدَة، التهذيب‏:‏ يقال كُفَّ من غَرْبك أَي من حِدَّتك‏.‏ الغَرْبُ‏:‏ حَدُّ كلِّ شيء، وغَرْبُ كلِّ شيءٍ حَدُّه؛ وكذلك غُرابه‏.‏

وفرسٌ غَرْبٌ‏:‏ كثيرُ العَدْوِ؛ قال لبِيد‏:‏

غَرْبُ المَصَبَّةِ، مَحْمودٌ مَصارِعُه *** لاهي النَّهارِ لسَيْرِ الليلِ مُحْتَقِرُ

أَراد بقوله غرْبُ المَصَبَّة‏:‏ أَنه جَوَادٌ، واسِعُ الخَيْر والعَطاء

عند المَصَبَّة أَي عند إِعْطاءِ المال، يُكْثِرُه كما يُصَبُّ الماءُ‏.‏

وعينٌ غَرْبةٌ‏:‏ بعيدةُ المَطْرَح‏.‏ وإِنه لغَرْبُ العَين أَي بعيدُ مَطْرَح العين؛ والأُنثى غَربةُ العين؛ وإِياها عَنَى الطِّرمَّاحُ بقوله‏:‏

ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانَةٌ *** غَرْبةُ العَيْنِ جَهادُ المَسَامْ

وأَغْرَبَ الرجلُ‏:‏ جاءَ بشيءٍ غَريب‏.‏ وأَغْرَب عليه، وأَغْرَب به‏:‏ صَنَع به صُنْعاً قبيحاً‏.‏ الأَصمعي‏:‏ أَغْرَب الرجلُ في مَنْطِقِه إِذا لم يُبْقِ شَيْئاً إِلاَّ تكلم به‏.‏ وأَغْرَبَ الفرسُ في جَرْيه‏:‏ وهو غاية الاكثار‏.‏ وأَغْرَبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وجَعُه من مرضٍ أَو غيره‏.‏ قال الأَصمعي وغيره‏:‏ وكُلُّ ما وَاراك وسَتَرك، فهو مُغْرِبٌ؛ وقال ساعدة الهُذَليُّ‏:‏

مُوَكَّلٌ بسُدُوف الصَّوْم، يُبْصِرُها *** من المَغارِبِ، مَخْطُوفُ الحَشَا، زَرِمُ

وكُنُسُ الوَحْش‏:‏ مَغارِبُها، لاسْتتارها بها‏.‏

وعَنْقاءُ مُغْرِبٌ ومُغْرِبةٌ، وعَنْقاءُ مُغْرِبٍ، على الإِضافة، عن

أَبي عليّ‏:‏ طائرٌ عظيم يَبْعُدُ في طَيرانه؛ وقيل‏:‏ هو من الأَلْفاظِ

الدالةِ على غير معنى‏.‏ التهذيب‏:‏ والعَنْقاءُ المُغْرِبُ؛ قال‏:‏ هكذا جاءَ عن العَرَب بغير هاء، وهي التي أَغْرَبَتْ في البلادِ، فَنَأَتْ ولم تُحَسَّ ولم تُرَ‏.‏ وقال أَبو مالك‏:‏ العَنْقاءُ المُغْرِبُ رأْسُ الأَكمَة في أَعْلى الجَبَل الطويل؛ وأَنْكر أَن يكون طائراً؛ وأَنشد‏:‏

وقالوا‏:‏ الفتى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ، حَلَّقَتْ *** به، المُغْرِبُ العَنْقاءُ، إِنْ لم يُسَدَّدِ

ومنه قالوا‏:‏ طارَتْ به العَنْقاءُ المُغْرِبُ؛ قال الأَزهري‏:‏ حُذفت هاء التأْنيث منها، كما قالوا‏:‏ لِحْيةٌ ناصِلٌ، وناقة ضامر، وامرأَة عاشق‏.‏

وقال الأَصمعي‏:‏ أَغْرَبَ الرجلُ إِغراباً إِذا جاءَ بأَمر غريب‏.‏ وأَغْرَبَ الدابَّةُ إِذا اشْتَدَّ بياضُه، حتى تَبْيَضَّ مَحاجِرُه وأَرْفاغُه، وهو مُغْرِبٌ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ طارتْ به عَنْقاءُ مُغْرِبٌ أَي ذَهَبَتْ به الداهيةُ‏.‏

والمُغْرِبُ‏:‏ المُبْعِدُ في البلاد‏.‏

وأَصابه سَهْمُ غَرْبٍ وغَرَبٍ إِذا كان لا يَدْري مَن رَماه‏.‏ وقيل‏:‏

إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي؛ وقيل‏:‏ إِذا تَعَمَّد به غيرَه فأَصابه؛ وقد

يُوصَف به، وهو يسكَّن ويحرك، ويضاف ولا يضاف، وقال الكسائي والأَصمعي‏:‏ بفتح الراءِ؛ وكذلك سَهْمُ غَرَضٍ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَن رجلاً كان واقِفاً معه في غَزاةٍ، فأَصَابَه سَهْمُ غَرْبٍ أَي لا يُعْرَفُ راميه؛ يقال‏:‏ سَهْمُ غرب وسهمٌ غَربٌ، بفتح الراءِ وسكونها، بالإِضافة وغير الإِضافة؛ وقيل‏:‏ هو بالسكون إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي، وبالفتح إِذا رماه فأَصاب غيره‏.‏ قال ابن الأَثير والهروي‏:‏ لم يثبت عن الأَزهري إِلا الفتح‏.‏

والغَرْبُ والغَرْبة‏:‏ الحِدَّةُ‏.‏ ويقال لِحَدِّ السيف‏:‏ غَرْبٌ‏.‏ ويقال‏:‏ في لسانه غَرْبٌ أَي حِدَّة‏.‏ وغَرْبُ اللسانِ‏:‏ حِدَّتُه‏.‏ وسيفٌ غَرْبٌ‏:‏ قاطع حديد؛ قال الشاعر يصف سيفاً‏:‏

غَرْباً سريعاً في العِظامِ الخُرْسِ

ولسان غَرْبٌ‏:‏ حَديدٌ‏.‏ وغَرْبُ الفرس‏:‏ حِدَّتُه‏.‏ وفي حديث ابن عباس ذَكَر الصِّدِّيقَ، فقال‏:‏ كانَ واللّهِ بَرّاً تَقِيّاً يُصَادَى غَرْبُه؛ غرب‏:‏ الغَرْبُ والمَغْرِبُ‏:‏ بمعنى واحد‏.‏ ابن سيده‏:‏ الغَرْبُ خِلافُ‏.‏

وفي رواية‏:‏ يُصَادَى منه غَرْبٌ؛ الغَرْبُ‏:‏ الحِدَّةُ؛ ومنه غَرْبُ السيف؛ أَي كانَتْ تُدَارَى حِدَّتُه وتُتَّقَى؛ ومنه حديث عمر‏:‏ فَسَكَّنَ من غَرْبه؛ وفي حديث عائشة، قالت عن زينب، رضي اللّه عنها‏:‏ كُلُّ خِلالِها مَحْمودٌ، ما خَلا سَوْرَةً من غَرْبٍ، كانت فيها؛ وفي حديث الحَسَن‏:‏ سُئل عن القُبلة للصائم، فقال‏:‏ إِني أَخافُ عليك غَرْبَ الشَّباب أَي حِدَّته‏.‏ والغَرْبُ‏:‏ النَّشاط والتَّمادِي‏.‏

واسْتَغْرَب في الضَّحِك، واسْتُغْرِبَ‏:‏ أَكْثَرَ منه‏.‏ وأَغْرَبَ‏:‏

اشْتَدَّ ضَحِكُه ولَجَّ فيه‏.‏ واسْتَغْرَبَ عليه الضحكُ، كذلك‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه ضَحِكَ حتى استَغْرَبَ أَي بالَغَ فيه‏.‏ يُقال‏:‏ أَغْرَبَ في ضَحِكه، واسْتَغْرَبَ، وكأَنه من الغَرْبِ البُعْدِ؛

وقيل‏:‏ هو القَهْقهة‏.‏ وفي حديث الحسن‏:‏ إِذا اسْتَغْرَب الرجلُ ضَحِكاً في الصلاة، أَعادَ الصلاةَ؛ قال‏:‏ وهو مذهب أَبي حنيفة، ويزيد عليه إِعادةَ الوضوء‏.‏ وفي دُعاءِ ابنِ هُبَيْرَة‏:‏ أَعُوذُ بك من كل شيطانٍ مُسْتَغْرِبٍ، وكُلِّ نَبَطِيٍّ مُسْتَعْرِبٍ؛ قال الحَرْبيُّ‏:‏ أَظُنُّه الذي جاوَزَ القَدْرَ في الخُبْثِ، كأَنه من الاسْتِغْراب في الضَّحِك، ويجوز أَن يكون بمعنى المُتَناهِي في الحِدَّةِ، من الغَرْبِ‏:‏ وهي الحِدَّةُ؛ قال الشاعر‏:‏

فما يُغْرِبُونَ الضَّحْكَ إِلاَّ تَبَسُّماً *** ولا يَنْسُبُونَ القولَ إِلاَّ تَخَافِيَا

شمر‏:‏ أَغْرَبَ الرجلُ إِذا ضَحِكَ حتى تَبْدُوَ غُروبُ أَسْنانه‏.‏

والغَرْبُ‏:‏ الرَّاوِيَةُ التي يُحْمَلُ عليها الماء‏.‏ والغَرْبُ‏:‏ دَلْو عظيمة من مَسكِ ثَوْرٍ، مُذَكَّرٌ، وجمعهُ غُروبٌ‏.‏ الأَزهري، الليث‏:‏ الغَرْبُ يومُ السَّقْيِ؛ وأَنشد‏:‏

في يوم غَرْبٍ، وماءُ البئر مُشْتَرَكُ

قال‏:‏ أُراه أَراد بقوله في يوم غَربٍ أَي في يوم يُسْقَى فيه بالغَرْبِ، وهو الدلو الكبير، الذي يُسْتَقَى به على السانية؛ ومنه قول لبيد‏:‏

فصَرَفْتُ قَصْراً، والشُّؤُونُ كأَنها *** غَرْبٌ، تَخُبُّ به القَلُوصُ، هَزِيمُ

وقال الليث‏:‏ الغَرْبُ، في بيت لبيدٍ‏:‏ الرَّاوية، وإِنما هو الدَّلْو

الكَبيرةُ‏.‏ وفي حديث الرؤيا‏:‏ فأَخَذَ الدَّلْوَ عُمَرُ، فاسْتَحالَتْ في يَدِه غَرْباً؛ الغَرْبُ، بسكون الراءِ‏:‏ الدلو العظيمة التي تُتَّخَذُ من جلدِ ثَوْرٍ، فإِذا فتحت الراء، فهو الماء السائل بين البئر والحوض، وهذا تمثيل؛ قال ابن الأَثير‏:‏ ومعناه أَن عمر لما أَخذ الدلو ليستقي عَظُمَتْ في يده، لأَن الفُتُوح كان في زمنه أَكْثَرَ منه في زمن أَبي بكر، رضي اللّه عنهما‏.‏ ومعنى اسْتَحالَتْ‏:‏ انقلبتْ عن الصِّغَر إِلى الكِبَر‏.‏ وفي حديث الزكاة‏:‏ وما سُقِيَ بالغَرْبِ، ففيه نِصْفُ العُشْر‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لو أَنَّ غَرْباً من جهنم جُعِلَ في الأَرض، لآذى نَتْنُ رِيحِه وشِدَّة حَرِّه ما بين المَشْرق والمغرب‏.‏ والغَرْبُ‏:‏ عِرْقٌ في مَجْرَى الدَّمْع يَسْقِي ولا يَنْقَطِع، وهو كالناسُور؛ وقيل‏:‏ هو عرقٌ في العين لا ينقطع سَقْيُه‏.‏ قال الأَصمعي‏:‏ يقال‏:‏ بعينه غَرْبٌ إِذا كانت تسيل، ولا تَنْقَطع

دُمُوعُها‏.‏ والغَرْبُ‏:‏ مَسِيلُ الدَّمْع، والغَرْبُ‏:‏ انْهِمالُه من العين‏.‏

والغُرُوبُ‏:‏ الدُّموع حين تخرج من العين؛ قال‏:‏

ما لكَ لا تَذْكُر أُمَّ عَمْرو *** إِلاَّ لعَيْنَيْكَ غُروبٌ تَجْرِي

واحِدُها غَرْبٌ‏.‏

والغُروبُ أَيضاً‏:‏ مَجارِي الدَّمْعِ؛ وفي التهذيب‏:‏ مَجارِي العَيْنِ‏.‏

وفي حديث الحسن‏:‏ ذَكَر ابنَ عباس فقال‏:‏ كان مِثَجّاً يَسِيلُ غَرْباً‏.‏

الغَرْبُ‏:‏ أَحدُ الغُرُوبِ، وهي الدُّمُوع حين تجري‏.‏ يُقال‏:‏ بعينِه غَرْبٌ إِذا سالَ دَمْعُها، ولم ينقطعْ، فشَبَّه به غَزَارَة علمه، وأَنه لا

ينقطع مَدَدُه وجَرْيُه‏.‏ وكلُّ فَيْضَة من الدَّمْع‏:‏ غَرْبٌ؛ وكذلك هي من الخمر‏.‏

واسْتَغْرَبَ الدمعُ‏:‏ سال‏.‏

وغَرْبَا العين‏:‏ مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها‏.‏ وللعين غَرْبانِ‏:‏ مُقْدِمُها

ومُؤْخِرُها‏.‏

والغَرْبُ‏:‏ بَثْرة تكون في العين، تُغِذُّ ولا تَرْقأُ‏.‏

وغَرِبَت العينُ غَرَباً‏:‏ وَرِمَ مَأْقُها‏.‏

وبعينه غَرَبٌ إِذا كانت تسيل، فلا تنقطع دُموعُها‏.‏ والغَرَبُ، مُحَرَّك‏:‏ الخَدَرُ في العين، وهو السُّلاقُ‏.‏

وغَرْبُ الفم‏:‏ كثرةُ ريقِه وبَلَلِه؛ وجمعه‏:‏ غُرُوبٌ‏.‏ وغُروبُ

الأَسنانِ‏:‏ مَناقِعُ ريقِها؛ وقيل‏:‏ أَطرافُها وحِدَّتُها وماؤُها؛ قال

عَنترة‏:‏

إِذْ تَستَبِيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ *** عَذْبٍ مُقَبَّلُه، لَذِيذ المَطْعَمِ وغُروبُ الأَسنانِ‏:‏ الماءُ الذي يَجرِي عليها؛ الواحد‏:‏ غَرْبٌ‏.‏ وغُروبُ الثَّنايا‏:‏ حدُّها وأُشَرُها‏.‏ وفي حديث النابغة‏:‏ تَرِفُّ غُروبُه؛ هي جمع غَرْب، وهو ماء الفم، وحِدَّةُ الأَسنان‏.‏ والغَرَبُ‏:‏ الماءُ الذي يسيل من الدَّلْو؛ وقيل‏:‏ هو كلُّ ما انصَبَّ من الدلو، من لَدُنْ رأْسِ البئر إِلى الحوضِ‏.‏ وقيل‏:‏ الغَرَبُ الماءُ الذي يَقْطُر من الدِّلاءِ بين البئر والحوض، وتتغير ريحُه سريعاً؛ وقيل‏:‏ هو ما بين البئر والحوض، أَو حَوْلَهُما من الماءِ والطين؛ قال ذو الرمة‏:‏

وأُدْرِكَ المُتَبَقَّى من ثَميلَتِه *** ومن ثَمائِلها، واسْتُنشِئَ الغَرَبُ

وقيل‏:‏ هو ريح الماء والطين لأَنه يتغير ريحُهُ سريعاً‏.‏ ويقال للدَّالج بين البئر والحوْض‏:‏ لا تُغْرِبْ أَي لا تَدْفُقِ الماءَ بينهما

فتَوْحَل‏.‏ أَغْرَبَ الحَوضَ والإِناءَ‏:‏ ملأَهما؛ وكذلك السِّقاءَ؛ قال بِشْر بن أَبي خازِم‏:‏

وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، غَداةَ تَحَمَّلُوا *** سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَليجٍ مُغْرَبِ

وأَغربَ الساقي إِذا أَكثر الغَرْبَ‏.‏ والإِغرابُ‏:‏ كثرةُ المال، وحُسْنُ

الحال من ذلك، كأَنَّ المالَ يَمْلأُ يَدَيْ مالِكِه، وحُسنَ الحال يَمْلأُ نفسَ ذي الحال؛ قال عَدِيُّ بن زيد العِبادِيّ‏:‏

أَنتَ مما لَقِيتَ، يُبْطِرُكَ الإِغ *** رابُ بالطَّيشِ، مُعْجَبٌ مَحبُورُ

والغَرَبُ‏:‏ الخَمْرُ؛ قال‏:‏

دَعِيني أَصْطَبِحْ غَرَباً فأُغْرِبْ *** مع الفِتيانِ، إِذ صَبَحوا، ثُمُودا

والغَرَبُ‏:‏ الذَّهَبُ، وقيل‏:‏ الفضَّة؛ قال الأَعشى‏:‏

إِذا انْكَبَّ أَزْهَرُ بين السُّقاة *** تَرامَوْا به غَرَباً أَو نُضارا

نَصَبَ غَرَباً على الحال، وإِن كان جَوْهراً، وقد يكون تمييزاً‏.‏ ويقال الغَرَب‏:‏ جامُ فِضَّةٍ؛ قال الأَعشى‏:‏

فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ، كما *** دَعْدَعَ ساقي الأَعاجِمِ الغَرَبا

قال ابن بري‏:‏ هذا البيت للبيد، وليس للأَعشى، كما زعم الجوهري، والرَّكاء، بفتح الراءِ‏:‏ موضع؛ قال‏:‏ ومِن الناسِ مَن يكسر الراء، والفتح أَصح‏.‏ ومعنى دَعدَعَ‏:‏ مَلأَ‏.‏ وصَفَ ماءَينِ التَقَيا من السَّيل، فملآ سُرَّة الرَّكاءِ كما ملأَ ساقي الأَعاجِمِ قَدَحَ الغَرَب خمْراً؛ قال‏:‏ وأَما بيت الأَعشى الذي وقع فيه الغَرَبُ بمعنى الفضة فهو قوله‏:‏

تَرامَوا به غَرَباً أَو نُضارا

والأَزهر‏:‏ إِبريقٌ أَبيضُ يُعْمَلُ فيه الخمرُ، وانكبابُه إِذا صُبَّ

منه في القَدَح‏.‏ وتَراميهم بالشَّراب‏:‏ هو مُناوَلةُ بعضهم بعضاً أَقداحَ الخَمْر‏.‏ والغَرَبُ‏:‏

الفضة‏.‏ والنُّضارُ‏:‏ الذَّهَبُ‏.‏ وقيل‏:‏ الغَرَبُ والنُّضار‏:‏ ضربان من الشجر تُعمل منهما الأَقْداحُ‏.‏ التهذيب‏:‏ الغَرْبُ شَجَرٌ تُسَوَّى منه الأَقْداحُ البِيضُ؛ والنُّضار‏:‏ شَجَرٌ تُسَوَّى منه أَقداح صُفْر، الواحدةُ‏:‏ غَرْبَةٌ، وهي شَجَرة ضَخْمةٌ شاكة خَضراءُ، وهي التي يُتَّخَذُ منها الكُحَيلُ، وهو القَطِرانُ، حِجازية‏.‏

قال الأَزهري‏:‏ والأَبهَلُ هو الغَرْبُ لأَنَّ القَطِرانَ يُسْتَخْرَجُ منه‏.‏ ابن سيده‏:‏ والغَرْبُ، بسكون الراءِ‏:‏ شجرة ضَخْمة شاكة خَضْراءُ

حِجازِيَّة، وهي التي يُعْمَلُ منها الكُحيلُ الذي تُهْنأُ به الإِبلُ، واحِدَتُه غَرْبة‏.‏ والغَرْبُ‏:‏ القَدَح، والجمع أَغْراب؛ قال الأَعشى‏:‏

باكَرَتْهُ الأَغْرابُ في سِنَةِ النَّوْ *** مِ، فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيالِ

ويُروى باكَرَتْها‏.‏ والغَرَبُ‏:‏ ضَرْبٌ من الشجر، واحدته غَرَبَةٌ؛ قاله الجوهري؛ وأَنشد‏:‏

عُودُكَ عُودُ النُّضارِ لا الغَرَبُ

قال‏:‏ وهو اسْبِيدْدارْ، بالفارسية‏.‏

والغَرَبُ‏:‏ داء يُصِيبُ الشاةَ، فيتَمَعَّط خُرْطُومُها، ويَسْقُطُ منه

شَعَرُ العَين؛ والغَرَبُ في الشاة‏:‏ كالسَّعَفِ في الناقة؛ وقد غَرِبَت

الشاةُ، بالكسر‏.‏

والغارِبُ‏:‏ الكاهِلُ من الخُفِّ، وهو ما بين السَّنام والعُنُق، ومنه

قولهم‏:‏ حَبْلُكِ على غارِبكِ‏.‏ وكانت العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته، في الجاهلية، قال لها‏:‏ حَبْلُك على غارِبك أَي خَلَّيتُ سبيلك، فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ‏.‏ قال الأَصمعي‏:‏ وذلك أَنَّ الناقة إِذا رَعَتْ وعليها خِطامُها، أُلْقِيَ على غارِبها وتُرِكَتْ ليس عليها خِطام، لأَنها إِذا رأَت الخِطامَ لم يُهْنِها المَرْعى‏.‏ قال‏:‏ معناه أَمْرُكِ إِلَيكِ، اعمَلي ما شِئْتِ‏.‏ والغارِب‏:‏ أَعْلى مُقَدَّم السَّنام، وإِذا أُهْمِلَ البعيرُ طُرِحَ حَبلُه على سَنامه، وتُرِكَ يَذْهَبُ حيث شاءَ‏.‏ وتقول‏:‏ أَنتَ مُخَلًّى كهذا البعير، لا يُمْنَعُ من شيءٍ، فكان أَهل الجاهلية يُطَلِّقونَ بهذا‏.‏ وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، قالت ليَزِيدَ بن الأَصَمِّ‏:‏ رُمِيَ بِرَسَنِك على غارِبك أَي خُلِّيَ سَبِيلُك، فليس لك أَحدٌ يمنعك عما تريد؛ تَشْبيهاً بالبعير يُوضَعُ زِمامُه على ظهرِه، ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد في المرْعى‏.‏ وورد في الحديث في كنايات الطلاق‏:‏ حَبْلُكِ على غارِبِك أَي أَنتِ مُرْسَلةٌ مُطْلَقة، غير مشدودة ولا مُمْسَكة بعَقْدِ النكاح‏.‏

والغارِبانِ‏:‏ مُقَدَّمُ الظهْر ومُؤَخَّرُه‏.‏

وغَوارِبُ الماءِ‏:‏ أَعاليه؛ وقيل‏:‏ أَعالي مَوْجِه؛ شُبِّهَ بغَوارِبِ

الإِبل‏.‏

وقيل‏:‏ غاربُ كلِّ شيءٍ أَعْلاه‏.‏ الليث‏:‏ الغارِبُ أَعْلى المَوْج، وأَعلى الظَّهر‏.‏ والغارِبُ‏:‏ أَعلى مُقَدَّمِ السَّنام‏.‏ وبعيرٌ ذُو غارِبَين

إِذا كان ما بَينَ غارِبَيْ سَنامِه مُتَفَتِّقاً، وأَكثرُ ما يكون هذا في البَخاتِيِّ التي أَبوها الفالِجُ وأُمها عربية‏.‏ وفي حديث الزبير‏:‏ فما

زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِب حتى أَجابَتْه عائشةُ إِلى الخُروج‏.‏ الغاربُ‏:‏ مُقَدَّمُ السَّنام؛ والذِّرْوَةُ أَعلاه‏.‏ أَراد‏:‏ أَنه ما زال يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حتى أَجابَتهُ؛ والأَصل فيه‏:‏ أَن الرجل إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ، لِيَزُمَّه ويَنْقاد له، جَعَل يُمِرُّ يَدَه عليه، ويَمسَحُ غاربَه، ويَفتِلُ وبَرَه حتى يَسْتَأْنِسَ، ويَضَعَ فيه الزِّمام‏.‏

والغُرابانِ‏:‏ طَرَفا الوَرِكَينِ الأَسْفَلانِ اللَّذان يَلِيانِ أَعالي الفَخِذَين؛ وقيل‏:‏ هما رُؤُوس الوَرِكَين، وأَعالي فُرُوعهما؛ وقيل‏:‏ بل هما عَظْمانِ رَقيقانِ أَسفل من الفَراشة‏.‏ وقيل‏:‏ هما عَظْمانِ شاخصانِ، يَبْتَدّانِ الصُّلْبَ‏.‏ والغُرابانِ، من الفَرس والبعير‏:‏ حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ، اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب، حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى، والجمع غِربانٌ؛ قال الراجز‏:‏

يا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ، خَمْسَةُ غِرْبانٍ على غُرابِ

وقال ذو الرمة‏:‏

وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائلَ، بَعْدما *** تَقَوَّبَ، عن غِرْبان أَوْراكها، الخَطْرُ

أَراد‏:‏ تَقَوَّبَتْ غِرْبانُها عن الخَطْرِ، فقلبه لأَن المعنى معروف؛ كقولك‏:‏ لا يَدْخُلُ الخاتَمُ في إِصْبَعِي أَي لا يَدْخُلُ إِصْبَعي في خاتَمي‏.‏ وقيل‏:‏ الغِرْبانُ أَوْراكُ الإِبل أَنْفُسها؛ أَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

سأَرْفَعُ قَوْلاً للحُصَينِ ومُنْذِرٍ *** تَطِيرُ به الغِرْبانُ شَطْرَ المَواسم

قال‏:‏ الغِرْبانُ هنا أَوْراكُ الإِبِلِ أَي تَحْمِلُه الرواةُ إِلى المواسم‏.‏ والغِرْبانُ‏:‏ غِرْبانُ الإِبِلِ، والغُرابانِ‏:‏ طَرَفا الوَرِك، اللَّذانِ يَكونانِ خَلْفَ القَطاةِ؛ والمعنى‏:‏ أَن هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى المَواسم، وليس يُرِيدُ الغِربانَ دونَ غيرِها؛ وهذا كما قال الآخر‏:‏

وإِنَّ عِتاقَ العِيسِ، سَوْفَ يَزُورُكُمْ *** ثَنائي، على أَعْجازِهِنَّ مُعَلَّقُ

فليس يريد الأَعجاز دون الصُّدور‏.‏ وقيل‏:‏ إِنما خصَّ الأَعْجازَ

والأَوْراكَ، لأَنَّ قائِلَها جَعل كِتابَها في قَعْبَةٍ احْتَقَبها، وشدَّها على

عَجُز بعيره‏.‏

والغُرابُ‏:‏ حَدُّ الوَرك الذي يلي الظهْرَ‏.‏

والغُرابُ‏:‏ الطائرُ الأَسْوَدُ، والجمع أَغْرِبة، وأَغْرُبٌ، وغِرْبانٌ، وغُرُبٌ؛ قال‏:‏

وأَنْتُم خِفافٌ مِثْلُ أَجْنحةِ الغُرُبْ

وغَرابِينُ‏:‏ جمعُ الجمع‏.‏ والعرب تقول‏:‏ فلانٌ أَبْصَرُ من غُرابٍ، وأَحْذَرُ من غُرابٍ، وأَزْهَى من غُرابٍ، وأَصْفَى عَيْشاً من غُرابٍ، وأَشدُّ سواداً من غُرابٍ‏.‏ وإِذا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْبِ، قالوا‏:‏ وَقَعَ في أَرْضٍ لا يَطِير غُرابُها‏.‏ ويقولون‏:‏ وجَدَ تَمْرَةَ الغُرابِ؛ وذلك أَنه يتَّبِعُ أَجودَ التَّمْر فيَنْتَقِيه‏.‏ ويقولون‏:‏ أَشْأَمُ من غُرابٍ، وأَفْسَقُ من غُراب‏.‏ ويقولون‏:‏ طارَ غُرابُ فلانٍ إِذا شاب رأْسُه؛ ومنه قوله‏:‏

ولمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابنَ دَايةٍ

أَراد بابْنِ دايةٍ الغُرابَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه غَيَّرَ اسمَ غُرابٍ، لمَا فيه من البُعْدِ، ولأَنه من أَخْبَث الطُّيور‏.‏ وفي حديث عائشة، لمّا

نَزَلَ قولُه تعالى‏:‏ ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ‏:‏ فأَصْبَحْنَ على رؤوسِهِنَّ الغِرْبانُ‏.‏ شَبَّهَتِ الخُمُرَ في سوادها بالغِرْبان، جمع غُراب؛ كما قال الكميت‏:‏

كغِرْبانِ الكُروم الدوالِجِ

وقوله‏:‏

زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ *** فطَيَّرَهُ الشَّيْبُ عنِّي فطارا

إِنما عَنى به شِدَّةَ سوادِ شعره زمانَ شَبابِه‏.‏ وقوله‏:‏ فَطَيَّرَه الشَّيْبُ، لم يُرِدْ أَن جَوْهَرَ الشَّعر زال، لكنه أَراد أَنّ السَّوادَ أَزالَه الدهرُ فبَقِي الشعرُ مُبْيَضّاً‏.‏

وغُرابٌ غاربٌ، على المبالغة، كما قالوا‏:‏ شِعْرٌ شاعِرٌ، ومَوتٌ مائِتٌ؛ قال رؤبة‏:‏

فازْجُرْ من الطَّيرِ الغُرابَ الغارِبا

والغُرابُ‏:‏ قَذالُ الرأْس؛ يقال‏:‏ شابَ غُرابُه أَي شَعَرُ قَذالِه‏.‏

وغُرابُ الفأْسِ‏:‏ حَدُّها؛ وقال الشَّمّاخ يصف رجلاً قَطَعَ نَبْعةً‏:‏

فأَنْحَى، عليها ذاتَ حَدٍّ، غُرابُها *** عَدُوٌّ لأَوْساطِ العِضاهِ، مُشارِزُ

وفأْسٌ حديدةُ الغُرابِ أَي حديدةُ الطَّرَف‏.‏

والغرابُ‏:‏ اسم فرسٍ لغَنِيٍّ، على التشبيه بالغُرابِ من الطَّيرِ‏.‏

ورِجْلُ الغُراب‏:‏ ضَرْبٌ من صَرِّ الإِبلِ شديدٌ، لا يَقْدِرُ الفَصِيلُ على أَن يَرْضَعَ معه، ولا يَنْحَلُّ‏.‏ وأَصَرَّ عليه رِجْلَ الغرابِ‏:‏

ضاقَ عليه الأَمْرُ؛ وكذلك صَرَّ عليه رِجلَ الغُرابِ؛ قال الكُمَيْتُ‏:‏

صَرَّ، رِجْلَ الغُرابِ، مُلْكُكَ في النا *** سِ على من أَرادَ فيه الفُجُورا

ويروى‏:‏ صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ‏.‏ ورجلَ الغرابِ‏:‏ مُنْتَصِبٌ على المَصْدَر، تقديره صَرّاً، مِثْلَ صَرِّ رِجْلِ الغراب‏.‏

وإِذا ضاقَ على الإِنسان معاشُه قيل‏:‏ صُرَّ عليه رِجْلُ الغُرابِ؛ ومنه قول الشاعر‏:‏

إِذا رِجْلُ الغُرابِ عليَّ صُرَّتْ *** ذَكَرْتُكَ، فاطْمأَنَّ بيَ الضَّمِيرُ

وأَغرِبةُ العَرَبِ‏:‏ سُودانُهم، شُبِّهوا بالأَغْرِبَةِ في لَوْنِهِم‏.‏

والأَغْرِبَةُ في الجاهلية‏:‏ عَنْترةُ، وخُفافُ ابن نُدْبَةَ السُّلَمِيُّ، وأَبو عُمَيرِ بنُ الحُبابِ السُّلَمِيُّ أَيضاً، وسُلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ، وهشامُ ابنُ عُقْبة بنِ أَبي مُعَيْطٍ، إِلا أَنَّ هشاماً هذا مُخَضْرَمٌ، قد وَلِيَ في الإِسلام‏.‏ قال ابن الأَعرابي‏:‏ وأَظُنُّهُ قد وَلِيَ الصائفَةَ وبعضَ الكُوَر؛ ومن الإِسلاميين‏:‏ عبدُاللّه بنُ خازم، وعُمَيْرُ بنُ أَبي عُمَير بنِ الحُبابِ السُّلَمِيُّ، وهمّامُ بنُ مُطَرِّفٍ التَّغْلَبِيّ، ومُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ، ومَطَرُ ابن أَوْفى المازِنيّ، وتأَبطَ شَرّاً، والشّنْفَرَى، وحاجِزٌ؛ قال ابن سيده‏:‏ كل ذلك عن ابن الأَعرابي‏.‏ قال‏:‏ ولم يَنْسُبْ حاجزاً هذا إِلى أَب ولا أُم، ولا حيٍّ ولا مكانٍ، ولا عَرَّفَه بأَكثر من هذا‏.‏ وطار غرابُها بجَرادتِكَ‏:‏ وذلك إِذا فات الأَمْرُ، ولم يُطْمَعْ فيه؛ حكاهُ ابنُ الأَعرابي‏.‏

وأَسودُ غُرابيٌّ وغِرْبيبٌ‏:‏ شديدُ السوادِ؛ وقولُ بِشْر بن أَبي خازم‏:‏

رأَى دُرَّة بَيْضاءَ، يَحْفِلُ لَوْنَها *** سُخامٌ، كغِرْبانِ البَريرِ، مُقَصَّبُ

يعني به النضيج من ثَمَر الأَراك‏.‏ الأَزهري‏:‏ وغُرابُ البَرِيرِ

عُنْقُودُه الأَسْوَدُ، وجمعه غِرْبانٌ، وأَنشد بيت بشر بن أَبي خازم؛ ومعنى يَحْفِلُ لَوْنَها‏:‏ يَجْلُوه؛ والسُّخَامُ‏:‏ كُلُّ شيءٍ لَيِّن من صوف، أَو قطن، أَو غيرهما، وأَراد به شعرها؛ والمُقَصَّبُ‏:‏ المُجَعَّدُ‏.‏

وإِذا قلت‏:‏ غَرابيبُ سُودٌ، تَجْعَلُ السُّودَ بَدَلاً من غَرابيبِ لأن توكيد الأَلوان لا يتقدَّم‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِن اللّه يُبْغِضُ الشيخَ الغِرْبِيبَ؛ هو الشديدُ السواد، وجمعُه غَرابيبُ؛ أَراد الذي لا يَشيبُ؛وقيل‏:‏ أَراد الذي يُسَوِّدُ شَيْبَه‏.‏ والمَغارِبُ‏:‏ السُّودانُ‏.‏ والمَغارِبُ‏:‏ الحُمْرانُ‏.‏ والغِرْبِيبُ‏:‏ ضَرْبٌ من العِنَب بالطائف، شديدُ السَّوادِ، وهو أَرَقُّ العِنَب وأَجْوَدُه، وأَشَدُّه سَواداً‏.‏

والغَرَبُ‏:‏ الزَّرَقُ في عَيْنِ الفَرس مع ابْيضاضِها‏.‏

وعينٌ مُغْرَبةٌ‏:‏ زَرْقاءُ، بيضاءُ الأَشْفارِ والمَحاجِر، فإِذا ابْيَضَّتْ الحَدَقةُ، فهو أَشدُّ الإِغرابِ‏.‏ والمُغْرَبُ‏:‏ الأَبيضُ؛ قال مُعَوية الضَّبِّيُّ‏:‏

فهذا مَكاني، أَو أَرَى القارَ مُغْرَباً *** وحتى أَرَى صُمَّ الجبالِ تَكَلم ومعناه‏:‏ أَنه وَقَعَ في مكان لا يَرْضاه، وليس له مَنْجًى إِلاّ أن يصير القارُ أَبيضَ، وهو شِبه الزفت، أَو تُكَلِّمَه الجبالُ، وهذا ما لا يكون ولا يصح وجوده عادة‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ الغُرْبةُ بياض صِرْفٌ، والمُغْرَبُ من الإِبل‏:‏ الذي تَبْيَضُّ أَشْفارُ عَيْنَيْه، وحَدَقَتاه، وهُلْبُه، وكلُّ شيء منه‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ المُغْرَبُ الأَبيضُ الأَشْفارِ من كل شيءٍ؛ قال الشاعر‏:‏

شَرِيجَانِ من لَوْنَيْنِ خِلْطانِ، منهما *** سَوادٌ، ومنه واضِحُ اللَّوْنِ مُغْرَبُ

والمُغْرَبُ من الخَيل‏:‏ الذي تَتَّسِعُ غُرَّتُه في وجهِه حتى تُجاوِزَ عَيْنَيْه‏.‏

وقد أُغْرِبَ الفرسُ، على ما لم يُسمَّ فاعله، إِذا أَخَذَتْ غُرَّتُه

عينيه، وابْيَضَّت الأَشفارُ؛ وكذلك إِذا ابيضتْ من الزَّرَق أَيضاً‏.‏

وقيل‏:‏ الإِغرابُ بياضُ الأَرْفاغ، مما يَلي الخاصرةَ‏.‏

وقيل‏:‏ المُغْرَب الذي كلُّ شيء منه أَبيضُ، وهو أَقْبَحُ البياض‏.‏

والمُغْرَبُ‏:‏ الصُّبْح لبياضه، والغُرابُ‏:‏ البَرَدُ، لذلك‏.‏ وأُغْرِبَ الرجلُ‏:‏ وُلِدَ له وَلدٌ أَبيضُ‏.‏ وأُغْرِبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وَجَعُه؛ عن

الأَصمعي‏.‏ والغَرْبِيُّ‏:‏ صِبْغٌ أَحْمَرُ‏.‏ والغَرْبيُّ‏:‏ فَضِيخُ النبيذِ‏.‏ وقال أَبو حنيفة‏:‏ الغَرْبِيُّ يُتَّخَذُ من الرُّطَب وَحْده، ولا يَزال

شارِبُه مُتَماسِكاً، ما لم تُصِبْه الريحُ، فإِذا بَرَزَ إِلى الهواءِ، وأَصابتْه الريحُ، ذَهَبَ عقلُه؛ ولذلك قال بعضُ شُرَّابه‏:‏

إِنْ لم يكنْ غَرْبِيُّكُم جَيِّداً *** فنحنُ باللّهِ وبالرِّيحِ

وفي حديث ابن عباس‏:‏ اخْتُصِمَ إِليه في مَسِيلِ المَطَر، فقال‏:‏

المَطَرُ غَرْبٌ، والسَّيْلُ شَرْقٌ؛ أَراد أَن أَكثر السَّحاب يَنْشَأُ من غَرْبِ القِبْلَة، والعَيْنُ هناك، تقول العربُ‏:‏ مُطِرْنا بالعَيْن إِذا

كان السحابُ ناشئاً من قِبْلة العِراق‏.‏ وقوله‏:‏ والسَّيْلُ شَرْقٌ، يريد

أَنه يَنْحَطُّ من ناحيةِ المَشْرِقِ، لأَن ناحيةَ المشرق عاليةٌ، وناحية

المغرب مُنْحَطَّة، قال ذلك القُتَيْبي؛ قال ابن الأَثير‏:‏ ولعله شيء يختص بتلك الأَرض، التي كان الخِصَام فيها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لا يزالُ أَهلُ الغَرْبِ ظاهرين على الحق؛ قيل‏:‏ أَراد بهم أَهلَ الشام، لأَنهم غَرْبُ الحجاز؛ وقيل‏:‏ أَراد بالغرب الحِدَّةَ والشَّوْكَةَ، يريد أَهلَ الجهاد؛ وقال ابن المدائني‏:‏ الغَرْبُ هنا الدَّلْوُ، وأَراد بهم العَرَبَ لأَنهم أَصحابها، وهم يَسْتَقُون بها‏.‏ وفي حديث الحجاج‏:‏

لأَضْرِبَنَّكم ضَرْبةَ غَرائبِ الإِبلِ؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هذا مَثَلٌ

ضَرَبه لنَفْسه مع رعيته يُهَدِّدُهم، وذلك أَن الإِبل إِذا وردت الماء، فدَخَلَ

عليها غَريبةٌ من غيرها، ضُرِبَتْ وطُرِدَتْ حتى تَخْرُجَ عنها‏.‏ وغُرَّبٌ‏:‏ اسم موضع؛ ومنه قوله‏:‏

في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ

ابن سيده‏:‏ وغُرَّبٌ، بالتشديد، جبل دون الشام، في بلاد بني كلب، وعنده عين ماء يقال لها‏:‏ الغُرْبة، والغُرُبَّةُ، وهو الصحيح‏.‏

والغُراب‏:‏ جَبَلٌ؛ قال أَوْسٌ‏:‏

فَمُنْدَفَعُ الغُلاَّنِ غُلاَّنِ مُنْشِدٍ *** فنَعْفُ الغُرابِ، خُطْبُه فأَساوِدُهْ

والغُرابُ والغَرابةُ‏:‏ مَوْضعان قال ساعدةُ ابنُ جُؤَيَّةَ‏:‏

تذَكَّرْتُ مَيْتاً، بالغَرابةِ، ثاوِياً *** فما كانَ لَيْلِي بَعْدهُ كادَ يَنْفَدُ

وفي ترجمة غرن في النهاية ذِكْرُ غُران‏:‏ هو بضم الغين، وتخفيف الراء‏:‏ وادٍ قريبٌ من الحُدَيْبية، نَزَلَ به سيدُنا رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم في مسيره، فأَما غُرابٌ بالباءِ، فجبل بالمدينة على طريق الشام‏.‏ والغُرابُ‏:‏ فرسُ البَراءِ بنِ قَيْسٍ‏.‏

والغُرابِيُّ‏:‏ ضَرْبٌ من التمر؛ عن أَبي حنيفة‏.‏

غسلب‏:‏ الغَسْلَبة‏:‏ انْتِزاعُكَ الشيءَ من يَدِ الإِنسان، كالمُغْتَصِبِ

له‏.‏

غشب‏:‏ الغَشْبُ‏:‏ لغة في الغَشْم؛ قال ابن دريد‏:‏ وأَحسب أَن الغَشَبَ موضع، لأَنهم قد سَمَّوْا غَشَبِيّاً، فيجوز أَن يكون منسوباً إِليه‏.‏

غشرب‏:‏ الغَشَرَّبُ‏:‏ الأَسد‏.‏ ورجلٌ غُشارِبٌ‏:‏ جَريءٌ ماضٍ، والعين لغة في ذلك وقد تقدّم‏.‏

غصب‏:‏ الغَصْبُ‏:‏ أَخْذُ الشيءِ ظُلْماً‏.‏

غَصَبَ الشيءَ يَغْصِبُه غَصْباً، واغْتَصَبَه، فهو غاصِبٌ، وغَصَبه على الشيءِ‏:‏ قَهَره، وغَصَبَه منه‏.‏ والاغْتِصَابُ مِثْلُه، والشَّيْءُ غَصْبٌ ومَغْصُوب‏.‏ الأَزهري‏:‏ سمعت العرب تقول‏:‏ غَصَبْتُ الجِلْدَ غَصْباً إِذا كَدَدْتَ عنه شَعَرَه، أَو وَبَره قَسْراً، بِلا عَطْن في الدِّباغِ، ولا إِعْمالٍ في نَدًى أَو بَوْلٍ، ولا إِدراج‏.‏ وتكرّر في الحديثِ ذِكْرُ الغَصْبِ، وهو أَخْذُ مالِ الغَيْرِ ظُلْماً وعُدْواناً‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه غَصَبَها نَفْسَها‏:‏ أَراد أَنه واقَعَها كُرْهاً، فاستعاره للجِماعِ‏.‏

غضب‏:‏ الغَضَبُ‏:‏ نَقِيضُ الرِّضَا‏.‏ وقد غَضِبَ عليه غَضَباً ومَغْضَبَةً، وأَغْضَبْتُه أَنا فَتَغَضَّبَ‏.‏ وغَضِبَ له‏:‏ غَضِبَ على غيره من أَجله، وذلك إِذا كان حَيّاً، فإِن كان ميتاً قلت‏:‏ غَضِبَ به؛ قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة يَرْثِي أَخاه عَبْدَاللّه‏:‏

فإِن تُعْقِب الأَيامُ والدَّهْرُ، فاعْلَمُوا *** بني قَارِبٍ، أَنا غِضَابٌ بمَعْبَدِ

وإِنْ كانَ عبدُاللّه خَلَّى مَكانَه *** فما كانَ طَيَّاشاً ولا رَعِشَ اليَدِ

قوله مَعْبد يعني عبدَاللّه، فاضْطُرَّ‏.‏ ومَعْبَدٌ‏:‏ مشتق من العَبْدِ، فقال‏:‏ بمَعْبَدٍ، وإِنما هو عَبْدُاللّه ابن الصِّمَّة أَخوه‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ غير المَغْضوبِ عليهم يعني اليهود‏.‏

قال ابن عرفة‏:‏ الغَضَبُ، من المخلوقين، شيءٌ يُداخِل قُلُوبَهم؛ ومنه محمود ومذموم، فالمذموم ما كان في غير الحق، والمحمود ما كان في جانب الدين والحق؛ وأَما غَضَبُ اللّه فهو إِنكاره على من عصاه، فيعاقبه‏.‏ وقال غيره‏:‏ المفاعيل، إِذا

وَلِيَتْها الصفاتُ، فإِنك تُذَكِّر الصفات وتجمعها وتؤنثها، وتترك المفاعيل على أَحوالها؛ يقال‏:‏ هو مَغْضُوبٌ عليه، وهي مَغْضُوبٌ عليها‏.‏ وقد تكرر الغضب في الحديث مِن اللّه ومِن الناس، وهو مِن اللّه سُخْطُه على مَن عَصاه، وإِعْراضُه عنه، ومعاقبته له‏.‏ ورجلٌ غَضِبٌ، وغَضُوبٌ، وغُضُبٌّ، بغير هاء، وغُضُبَّة وغَضُبَّة؛ بفتح الغين وضمها وتشديد الباء، وغَضْبانُ‏:‏ يَغْضَبُ سريعاً، وقيل‏:‏ شديد الغَضَب‏.‏ والأُنثى غَضْبَى وغَضُوبٌ؛ قال الشاعر‏:‏

هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ والجمع‏:‏ غِضَابٌ وغَضَابَى، عن ثعلب؛ وغُضابَى مثل سَكْرَى وسُكارى؛ قال‏:‏

فإِنْ كُنْتُ لم أَذكُرْكِ، والقومُ بَعْضُهُمْ *** غُضَابَى على بَعْضٍ، فَما لي وذَائِمُ

وقال اللحياني‏:‏ فلانٌ غَضْبانُ إِذا أَردتَ الحالَ، وما هو بغَاضِبٍ

عليك أَن تَشْتِمَهُ‏.‏ قال‏:‏ وكذلك يقال في هذه الحروف، وما أَشبهها، إِذا أَردتَ افْعَلُ ذاك، إِن كنتَ تُرِيدُ أَن تفعل‏.‏ ولغة بني أَسد‏:‏ امرأَةٌ غَضْبَانةٌ ومَلآنة، وأَشباهُها‏.‏

وقد أَغْضَبَه، وغاضَبْتُ الرجلَ أَغْضَبْتُه، وأَغْضَبَنِي، وغَاضَبه‏:‏

راغَمه‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وذا النُّون إِذ ذَهَبَ مُغَاضِباً؛ قيل‏:‏

مُغاضِباً لربه، وقيل‏:‏ مُغاضِباً لقومه‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ والأَوَّل

أَصَحُّ لأَن العُقُوبة لم تَحِلَّ به إِلاَّ لمُغاضَبَتِه رَبَّه؛ وقيل‏:‏ ذَهَبَ مُراغِماً لقومه‏.‏ وامرأَةٌ غَضُوبٌ أَي عَبُوس‏.‏

وقولهم‏:‏ غَضَبَ الخَيْلِ على اللُّجُم؛ كَنَوْا بغَضَبِها، عن عَضِّها

على اللُّجُم، كأَنها إِنما تَعَضُّها لذلك؛ وقوله أَنشده ثعلب‏:‏

تَغْضَبُ أَحْياناً على اللِّجامِ *** كغَضَبِ النارِ على الضِّرَامِ

فسره فقال‏:‏ تَعَضُّ على اللِّجامِ من مَرَحِها، فكأَنها تَغْضَبُ، وجَعَلَ للنار غَضَباً، على الاستعارة، أَيضاً، وإِنما عَنى شِدَّةَ التهابها، كقوله تعالى‏:‏ سَمِعُوا لها تَغَيُّظاً وزَفيراً؛ أَي صَوْتاً كصَوْتِ المُتَغَيِّظ، واستعاره الراعي للقِدْرِ، فقال‏:‏

إِذا أَحْمَشُوها بالوَقودِ تَغَضَّبَتْ *** على اللَّحْمِ، حتى تَتْرُكَ العَظْمَ بادِيا

وإِنما يريد‏:‏ أَنها يَشتَدُّ غَلَيانُها، وتُغَطْمِطُ فيَنضَجُ ما فيها حتى يَنْفَصِلَ اللحمُ من العظم‏.‏ وناقة غَضُوبٌ‏:‏ عَبُوسٌ، وكذلك غَضْبى؛ قال عنترة‏:‏

يَنْباعُ من ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ *** زَيَّافةٍ مِثلِ الفَنِيقِ المُقْرَمِ

وقال أَيضاً‏:‏

هِرٌّ جَنِيبٌ، كلَّما عَطَفَتْ له *** غَضْبى، اتَّقاها باليَدَيْنِ وبالفَمِ

والغَضُوبُ‏:‏ الحَيَّة الخبيثة‏.‏

والغُضابُ‏:‏ الجُدَرِيُّ، وقيل‏:‏ هو داء آخر يَخرُجُ وليس بالجُدَرِيِّ‏.‏

وقد غَضِبَ جِلدُه غَضَباً، وغُضِبَ؛ كلاهما عن اللحياني، قال‏:‏ وغُضِبَ، بصيغة فعل المفعول، أَكثر‏.‏ وانه لَمَغْضُوبُ البَصَر أَي الجِلدِ، عنه‏.‏ وأَصْبَح جِلدُه غَضَبةً واحدةً، وحكى اللحياني‏:‏ غَضَبةً واحدةً وغَضْبةً واحدةً أَي أَلبَسَه الجُدَرِيُّ‏.‏ الكسائي‏:‏ إِذا أَلبَسَ الجُدَرِيُّ جِلدَ المَجدُورِ، قيل‏:‏ أَصبحَ جِلدُه غَضْبةً واحدةً؛ قال شمر‏:‏ روى أَبو عبيد هذا الحرف، غَضْنةً، بالنون، والصحيح غَضْبةً بالباء، وجَزْم الضاد؛ وقال ابن الأَعرابي‏:‏ المَغْضُوبُ الذي قَد رَكِبَه الجُدَرِيُّ‏.‏ غُضِبَ بَصَرُ فلان إِذا انْتَفَخَ من داءٍ يُصيبه، يقال له‏:‏ الغُضابُ والغِضابُ‏.‏

والغَضْبةُ بَخْصةٌ تكون في الجَفْنِ الأَعْلى خِلْقةً‏.‏ وغَضِبَتْ عينُه

وغُضِبَتْ‏:‏ وَرِمَ ما حَوْلها‏.‏

الفراء‏:‏ الغُضابيُّ الكَدِرُ في مُعاشَرته ومُخالَقته، مأْخوذ من الغُضاب، وهو القَذَى في العينين‏.‏

والغَضْبةُ‏:‏ الصَّخْرةُ الصُّلْبةُ المُرَكَّبةُ في الجَبلِ، المُخالِفَةُ له؛ قال‏:‏

أَو غَضْبة في هَضْبةٍ ما أَرْفَعا

وقيل‏:‏ الغَضْبُ والغَضْبةُ صَخْرة رقيقة؛ والغَضْبةُ‏:‏ الأَكَمة؛ والغَضْبة‏:‏ قِطْعةٌ من جِلْدِ البعير، يُطْوَى بعضُها إِلى بعض، وتُجْعَلُ شبيهاً بالدَّرَقة‏.‏ التهذيب‏:‏ الغَضْبةُ جُنَّة تُتَّخذ من جُلود الإِبل، تُلْبَسُ للقتال‏.‏ والغَضْبةُ‏:‏ جِلْدُ المُسِنِّ من الوُعُول، حين يُسْلَخ؛ وقال البُرَيْقُ الهُذَليُّ‏:‏

فَلَعَمْرُ عَرْفِكَ ذِي الصُّماحِ، كما *** غَضِبَ الشِّفارُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ

ورجل غُضَابٌ‏:‏ غَلِيظُ الجِلْدِ‏.‏

والغَضْبُ‏:‏ الثَّوْرُ‏.‏ والغَضْبُ‏:‏ الأَحمر الشديد الحُمْرة‏.‏ وأَحمرُ

غَضْبٌ‏:‏ شديدُ الحُمْرة؛ وقيل هو الأَحْمر في غِلَظٍ؛ ويُقَوِّيه ما

أَنشده ثعلب‏:‏

أَحْمَرُ غَضْبٌ لا يُبالي ما اسْتَقَى *** لا يُسْمِعُ الدَّلْوَ، إِذا الوِرْدُ التَقَى

قال‏:‏ لا يُسْمِعُ الدَّلْوَ‏:‏ لا يُضَيِّقُ فيها حتى تَخفَّ، لأَنه قَوِيٌّ على حَمْلها‏.‏ وقيل‏:‏ الغَضْبُ الأَحْمَرُ من كل شيء‏.‏ وغَضُوبُ والغَضُوبُ‏:‏ اسم امرأَة؛ وأَنشد بيت ساعدة بن جؤية‏:‏

هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحَبَّ من يَتَجَنَّبُ *** وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ

وقال‏:‏

شابَ الغُرابُ، ولا فُؤَادُكَ تارِكٌ *** ذِكْرَ الغَضُوبِ، ولا عِتابك يُعْتِبُ

فمَن قال غَضُوب، فعلى قولِ مَنْ قال حارث وعَبَّاس، ومَن قال الغَضُوب، فعلى من قال الحارث والعباس‏.‏ ابن سيده‏:‏ وغَضْبَى اسم للمائة من الإِبل، حكاه الزجاجي في نوادره، وهي معرفة لا تُنوَّن، ولا يَدخلُها الأَلف واللام؛ وأَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

ومُسْتَخْلِفٍ، من بَعْدِ غَضْبَى، صَريمةً *** فأَحْرِ به لِطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيا

وقال‏:‏ أَراد النون الخفيفة فوقف‏.‏ ووجدت في بعض النسخ حاشية‏:‏ هذه الكلمة تصحيف مِن الجوهري ومِن جماعة، وأَنها غَضْيا، بالياءِ المثناة من تحتها مقصورة، كأَنها شبهت في كثرتها بمنبت، ونسب هذا التشبيه ليعقوب‏.‏ وعن أَبي عمرو‏:‏ الغَضْيا، واستشهد بالبيت أَيضاً‏.‏ والغِضَابُ‏:‏ مكان بمكة؛ قال ربيعة بنُ الحَجْدَر الهذلي‏:‏

أَلا عادَ هذا القلبَ ما هو عائدُه *** وراثَ، بأَطْرافِ الغِضابِ، عَوائدُه

غطرب‏:‏ الغطْرَبُ‏:‏ الأَفْعى، عن كراع‏.‏

غلب‏:‏ غَلَبه يَغْلِبُه غَلْباً وغَلَباً، وهي أَفْصَحُ، وغَلَبةً

ومَغْلَباً ومَغْلَبةً؛ قال أَبو المُثَلَّمِ‏:‏

رَبَّاءُ مَرْقَبةٍ، مَنَّاعُ مَغْلَبةٍ *** رَكَّابُ سَلْهبةٍ، قَطَّاعُ أَقْرانِ

وغُلُبَّى وغِلِبَّى، عن كراع‏.‏ وغُلُبَّةً وغَلُبَّةً، الأَخيرةُ عن

اللحياني‏:‏ قَهَره‏.‏ والغُلُبَّة، بالضم وتشديد الباءِ‏:‏ الغَلَبةُ؛ قال

المَرَّار‏:‏

أَخَذْتُ بنَجْدٍ ما أَخَذْتُ غُلُبَّةً *** وبالغَوْرِ لي عِزٌّ أَشَمُّ طَويلُ

ورجل غُلُبَّة أَي يَغْلِبُ سَريعاً، عن الأَصمعي‏.‏ وقالوا‏:‏ أَتَذْكر

أَيامَ الغُلُبَّةِ، والغُلُبَّى، والغِلِبَّى أَي أَيامَ الغَلَبة وأَيامَ من عَزَّ بَزَّ‏.‏ وقالوا‏:‏ لمنِ الغَلَبُ والغَلَبةُ‏؟‏ ولم يقولوا‏:‏ لِمَنِ الغَلْبُ‏؟‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وهم من بَعْدِ غَلَبِهم سَيَغْلِبُون؛ وهو من مصادر المضموم العين، مثل الطَّلَب‏.‏ قال الفراءُ‏:‏ وهذا يُحْتَمَلُ أَن يكونَ غَلَبةً، فحذفت الهاءُ عند الإِضافة، كما قال الفَضْلُ بن العباس بن عُتْبة اللِّهْبيّ‏:‏

إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا *** وأَخْلَفُوكَ عِدَا الأَمْرِ الذي وَعَدُوا

أَراد عِدَةَ الأَمر، فحذف الهاءَ عند الإِضافة‏.‏ وفي حديث ابن مسعود‏:‏ ما اجْتَمَعَ حلالٌ وحرامٌ إِلا غَلَبَ الحَرامُ الحَلالَ أَي إِذا

امْتَزَجَ الحرامُ بالحَلال، وتَعَذَّرَ تَمْييزهما كالماءِ والخمر ونحو ذلك، صار الجميع حراماً‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِنَّ رَحْمَتي تَغْلِبُ غَضَبي؛ هو إِشارة إِلى سعة الرحمة وشمولها الخَلْقَ، كما يُقال‏:‏ غَلَبَ على فلان الكَرَمُ أَي هو أَكثر خصاله‏.‏ وإِلا فرحمةُ اللّه وغَضَبُه صفتانِ راجعتان إِلى إِرادته، للثواب والعِقاب، وصفاتُه لا تُوصَفُ بغَلَبَةِ إِحداهما الأُخرى، وإِنما على سبيل المجاز للمبالغة‏.‏ ورجل غالِبٌ مِن قوم غَلَبةٍ، وغلاَّب من قوم غَلاَّبينَ، ولا يُكَسَّر‏.‏ ورجل غُلُبَّة وغَلُبَّة‏:‏ غالِبٌ، كثير الغَلَبة، وقال اللحياني‏:‏ شديد الغَلَبة‏.‏ وقال‏:‏ لَتَجِدَنَّه غُلُبَّة عن قليل، وغَلُبَّةَ أَي

غَلاَّباً‏.‏ المُغَلَّبُ‏:‏ المَغْلُوبُ مِراراً‏.‏ والمُغَلَّبُ من الشعراءِ‏:‏

المحكوم له بالغلبة على قِرْنه، كأَنه غَلَب عليه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَهلُ الجنةِ الضُّعَفاءُ المُغَلَّبُونَ‏.‏ المُغَلَّبُ‏:‏ الذي يُغْلَبُ كثيراً‏.‏ وشاعر مُغَلَّبٌ أَي كثيراً ما يُغْلَبُ؛ والمُغَلَّبُ أَيضاً‏:‏ الذي يُحْكَمُ

له بالغَلَبة، والمراد الأَوَّل‏.‏ وغُلِّبَ الرجلُ، فهو غالِبٌ‏:‏ غَلَبَ، وهو من الأَضداد‏.‏ وغُلِّبَ على صاحبه‏:‏ حُكِمَ له عليه بالغلَبة؛ قال امرؤُ القيس‏:‏

وإِنَّكَ لم يَفْخَرْ عليكَ كفاخِرٍ *** ضَعِيفٍ؛ ولم يَغْلِبْكَ مِثْلُ مُغَلَّبِ

وقد غالبَه مُغالبة وغِلاباً؛ والغِلابُ‏:‏ المُغالَبة؛ وأَنشد بيت كعب بن مالك‏:‏

هَمَّتْ سَخِينَةُ أَن تُغالِبَ رَبَّها *** ولَيُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلاَّبِ

والمَغْلبة‏:‏ الغَلَبة؛ قالت هِنْدُ بنتُ عُتْبة تَرْثي أَباها‏:‏

يَدْفَعُ يومَ المَغْلَبَتْ *** يُطْعِمُ يومَ المَسْغَبَتْ

وتَغَلَّبَ على بلد كذا‏:‏ استولى عليه قَهْراً، وغَلَّبْتُه أَنا عليه تَغْليباً‏.‏ محمدُ بنُ سَلاَّمٍ‏:‏ إِذا قالت العرب‏:‏ شاعر مُغَلَّبٌ، فهو مغلوب؛ وإِذا قالوا‏:‏ غُلِّبَ فلانٌ، فهو غالب‏.‏ ويقال‏:‏ غُلَّبَتْ ليْلى الأَخْيَليَّة على نابِغة بني جَعْدَة، لأَنها غَلَبَتْه، وكان الجَعْدِيُّ مُغَلَّباً‏.‏

وبعير غُلالِبٌ‏:‏ يَغْلِبُ الإِبل بسَيْرِه، عن اللحياني‏.‏ واسْتَغْلَبَ

عليه الضحكُ‏:‏ اشتدَّ، كاسْتَغْرَبَ‏.‏ والغَلَبُ‏:‏ غِلَظُ العُنق وعِظَمُها؛ وقيل غِلَظُها مع قِصَرٍ فيها؛ وقيل‏:‏ مع مَيَلٍ يكون ذلك من داءٍ أَو

غيره‏.‏ غَلِبَ غَلَباً، وهو أَغْلَبُ‏:‏ غليظُ الرَّقَبة‏.‏ وحكى اللحياني‏:‏ ما كان أَغْلَبَ، ولقد غَلِبَ غَلَباً، يَذْهَبُ إِلى الانتقال عما كان عليه‏.‏

قال‏:‏ وقد يُوصَفُ بذلك العُنُق نفسه، فيقال‏:‏ عُنُق أَغْلَبُ، كما يقال‏:‏ عُنقٌ أَجْيَدُ وأَوْقَصُ‏.‏ وفي حديث ابن ذي يَزَنَ‏:‏ بِيضٌ مَرازبةٌ غُلْبٌ جَحاجحة؛ هي جمع أَغْلَب، وهو الغليظ الرَّقَبة، وهم يَصِفُون أَبداً السادةَ بغِلَظِ الرَّقبة وطُولِها؛ والأُنثى‏:‏ غَلْباءُ؛ وفي قصيد كعب‏:‏ غَلْباءُ وَجْناءُ عُلْكومٌ مُذَكَّرَةٌ‏.‏ وقد يُسْتَعْمَل ذلك في غير الحيوان، كقولهم‏:‏ حَديقةٌ غَلْباءُ أَي عظيمةٌ مُتكاثفة مُلْتفَّة‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وحَدائِقَ غُلْباً‏.‏ وقال الراجز‏:‏

أَعْطَيْت فيها طائِعاً، أَوكارِها، حَديقةً غَلْباءَ في جِدارِها

الأَزهري‏:‏ الأَغْلَبُ الغَلِيظُ القَصَرَةِ‏.‏ وأَسَدٌ أَغْلَبُ وغُلُبٌّ‏:‏ غَلِيظُ الرَّقَبة‏.‏ وهَضْبةٌ غَلْباءُ‏:‏ عَظِيمةٌ مُشْرِفة‏.‏ وعِزَّةٌ غَلْباءُ كذلك، على المثل؛ وقال الشاعر‏:‏

وقَبْلَكَ ما اغْلَولَبَتْ تَغْلِبٌ *** بغَلْباءَ تَغْلِبُ مُغْلَولِبينا

يعني بِعِزَّة غَلْباءَ‏.‏ وقَبيلة غَلْباءُ، عن اللحياني‏:‏ عَزيزةٌ ممتنعةٌ؛ وقد غَلِبَتْ غَلَباً‏.‏

واغْلَولَبَ النَّبْتُ‏:‏ بَلَغَ كلَّ مَبْلَغٍ والتَفَّ، وخَصَّ اللحيانيُّ به العُشْبَ‏.‏ واغْلَوْلَبَ العُشْبُ، واغْلَولَبَتِ الأَرضُ إِذا التَفَّ عُشْبُها‏.‏ واغْلَولَبَ القومُ إِذا كَثُرُوا، من اغْلِيلابِ العُشْبِ‏.‏ وحَديقَةٌ مُغْلَوْلِبَة‏:‏ ملْتفّة‏.‏ الأَخفش‏:‏ في قوله عز وجل‏:‏ وحدائقَ غُلْباً؛ قال‏:‏ شجرة غَلْباءُ إِذا كانت غليظة؛ وقال امرؤُ القيس‏:‏

وشَبَّهْتُهُمْ في الآلِ، لمَّا تَحَمَّلُوا *** حَدائِقَ غُلْباً، أَو سَفِيناً مُقَيَّرا

والأَغْلَبُ العِجْليُّ‏:‏ أَحَدُ الرُّجَّاز‏.‏

وتَغْلِبُ‏:‏ أَبو قبيلة، وهو تَغْلِبُ بنُ وائل بن قاسط بنِ هِنْبِ بن أَفْصَى بن دُعْمِيِّ بن جَديلَةَ ابن أَسَدِ بن ربيعةَ بن نِزار بن مَعَدِّ بن عَدْنانَ‏.‏ وقولهم‏:‏ تَغْلِبُ بنتُ وائِل، إِنما يَذْهَبُون

بالتأْنيث إِلى القبيلة، كما قالوا تميمُ بنتُ مُرٍّ‏.‏ قال الوليد بن عُقْبة، وكان وَليَ صَدَقات بني تَغْلِبَ‏:‏

إِذا ما شَدَدْتُ الرأْسَ مِنِّي بِمِشْوَذٍ *** فَغَيَّكِ عَنِّي، تَغْلِبَ ابنةَ وائِل

وقال الفرزدق‏:‏

لولا فَوارِسُ تَغْلِبَ ابْنةِ وائِلٍ *** ورَدَ العَدُوُّ عليك كلَّ مَكانِ

وكانت تَغْلِبُ تُسَمَّى الغَلْباءَ؛ قال الشاعر‏:‏

وأَوْرَثَني بَنُو الغَلْباءِ مَجْداً *** حَديثاً، بعدَ مَجْدِهِمُ القَديمِ

والنسبة إليها‏:‏ تَغْلَبيٌّ، بفتح اللام، اسْتِيحاشاً لتَوالي الكسرتين

مع ياءِ النسب، وربما قالوه بالكسر، لأَن فيه حرفين غير مكسورين، وفارق النسبة إِلى نَمِر‏.‏ وبنو الغَلْباءِ‏:‏ حَيٌّ؛ وأَنشد البيت أَيضاً‏:‏

وأَوْرَثَني بنُو الغَلْباءِ مَجْداً

وغالِبٌ وغَلاَّبٌ وغُلَيْبٌ‏:‏ أَسماءٌ‏.‏ وغَلابِ، مثل قَطامِ‏:‏ اسم

امرأَة؛ مِن العرب مَنْ يَبْنِيه على الكسرِ، ومنهم من يُجْريه مُجْرى زَيْنَبَ‏.‏

وغالِبٌ‏:‏ موضعُ نَخْلٍ دون مِصْرَ، حَماها اللّه، عز وجل، قال كثير عزة‏:‏

يَجُوزُ بِيَ الأَصْرامَ أَصْرامَ غالِبٍ *** أَقُولُ إِذا ما قِيلَ أَيْنَ تُريدُ‏:‏

أُريدُ أَبا بكرٍ، ولَوْ حالَ، دُونَه *** أَماعِزُ تَغْتالُ المَطِيَّ، وَبِيدُ

والمُغْلَنْبي‏:‏ الذي يَغْلِبُكَ ويَعْلُوكَ‏.‏

غنب‏:‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الغُنَبُ داراتُ أَوساطِ الأَشْداقِ؛ قال‏:‏ وإِنما يكون في أَوساط أَشداقِ الغِلْمانِ المِلاح‏.‏ ويقال‏:‏ بَخَصَ غُنْبَتَه، وهي التي تكون في وَسَط خَدِّ الغُلام المَلِيح‏.‏

غندب‏:‏ الغُنْدُبة والغُنْدُوبُ‏:‏ لحمة صُلْبة حَوالي الحُلْقوم، والجمع غَنادِبُ‏.‏ قال رؤبة‏:‏

إِذا اللَّهاةُ بَلَّتِ الغَباغِبا *** حَسِبْتَ في أَرْآدِه غَنادِبا

وقيل‏:‏ الغُنْدُبَتانِ‏:‏ شِبْهُ غُدَّتَيْنِ في النَّكَفَتَيْنِ، في كل نَكَفَةٍ غُنْدُبةٌ، والمُسْتَرَطُ بين الغُنْدُبَتَيْنِ؛ وقيل‏:‏ الغُنْدُبَتانِ لَحْمَتان قد اكتَنَفتا اللَّهاةَ، وبينهما فُرْجَةٌ؛ وقيل‏:‏ هما اللَّوْزَتانِ؛ وقيل‏:‏ غُنْدُبَتا العُرْشَيْنِ اللَّتانِ تَضُمَّانِ العُنُقَ يميناً وشِمالاً؛ وقيل‏:‏ الغُنْدُبَتانِ عُقْدَتانِ في أَصْلِ اللسان‏.‏ اللَّغانِينُ‏:‏ الغَنادِبُ بما عليها من اللحم حول اللَّهاةِ، واحدَتُها لُغْنُونَةٌ، وهي النَّغانِغُ، واحدَتُها نُغْنُغةٌ‏.‏

غهب‏:‏ الليث‏:‏ الغَيْهَبُ شِدَّةُ سَوادِ الليل والجَملِ ونحوه؛ يقال

جَمَلٌ غَيْهَبٌ‏:‏ مُظْلِم السَّواد؛ قال امرؤُ القيس‏:‏

تَلافَيْتُها، والبُومُ يَدْعُو بها الصَّدَى *** وقد أُلْبِسَتْ أَقْراطُها ثِنْيَ غَيْهَبِ

وقد اغْتَهَبَ الرجلُ‏:‏ سار في الظُّلمة؛ وقال الكميت‏:‏

فذَاكَ شَبَّهْته المُذَكَّرَةَ الْ *** وَجْناءَ في البِيدِ، وهي تَغْتَهِبُ

أَي تُباعِدُ في الظُّلَم، وتَذْهَبُ‏.‏

اللحياني‏:‏ أَسْوَدُ غَيْهَبٌ وغَيْهَمٌ‏.‏ شَمر‏:‏ الغَيْهَبُ من الرجال الأَسْوَدُ، شُبِّه بغَيْهب الليل‏.‏ وأَسودُ غَيْهَبٌ‏:‏ شديدُ السواد‏.‏ وليلٌ

غَيْهَبٌ‏:‏ مُظْلِم‏.‏ وفي حديث قُسٍّ‏:‏ أَرْقُبُ الكَوْكَب، وأَرْعَى

الغَيْهَب‏.‏ الغَيْهَبُ‏:‏ الظُّلْمة، والجمع الغَياهِبُ، وهو الغَيْهَبانُ‏.‏ وفرسٌ أَدْهَمُ غَيْهَبٌ إِذا اشْتَدَّ سواده‏.‏ أَبو عبيد‏:‏ أَشَدُّ الخَيْلِ

دُهْمةً، الأَدْهَمُ الغَيْهَبِيُّ، وهو أَشَدُّ الخيل سَواداً؛ والأُنثى‏:‏

غَيْهَبةٌ، والجمع‏:‏ غَياهِبُ‏.‏ قال‏:‏ والدَّجُوجِيُّ‏:‏

دون الغَيْهَبِ في السَّوادِ، وهو صافي لَوْنِ السَّواد‏.‏ وغَهِبَ عن الشيءِ غَهَباً وأَغْهَبَ عنه‏:‏ غَفَل عنه، ونَسِيَه‏.‏

والغَهَبُ، بالتحريك‏:‏ الغَفْلَة‏.‏ وقد غَهِبَ، بالكسر‏.‏ وأَصاب صَيْداً

غَهَباً أَي غَفْلة من غير تعمد‏.‏ وفي الحديث‏:‏ سُئِلَ عَطاءٌ عن رجل أَصابَ صَيْداً غَهَباً، وهو محرم، فقال‏:‏ عليه الجَزاءُ‏.‏ الغَهَبُ، بالتحريك‏:‏ أَن يُصِيبَ الشيءَ غَفْلَةً من غير تَعَمُّدٍ‏.‏

وكساءٌ غَيْهَبٌ‏:‏ كثير الصُّوف‏.‏ والغَيْهَبُ‏:‏ الثَّقِيلُ الوَخِمُ؛ وقيل‏:‏ هو البليد؛ وقيل‏:‏ الغَيْهَب الذي فيه غَفْلة، أَو هَبْتَةٌ؛ وأَنشد‏:‏

حَلَلْتُ بهِ وِتْري وأَدْرَكْتُ ثُؤرَتي *** إِذا ما تَناسَى ذَحْلَهُ كلُّ غَيْهَبِ

وقال كَعْبُ بن جُعَيْلٍ يَصِفُ الظَّليمَ‏:‏

غَيْهَبٌ هَوْهاءة مُخْتَلِطٌ *** مُسْتَعارٌ حِلْمُه غَيْرُ دَئِلْ

والغَيْهَبُ‏:‏ الضعيفُ من الرجال‏.‏

والغَيْهَبانُ‏:‏ البَطْنُ‏.‏

والغَيْهَبةُ‏:‏ الجَلَبة في القتال‏.‏

غيب‏:‏ الغَيْبُ‏:‏ الشَّكُّ، وجمعه غِيابٌ وغُيُوبٌ؛ قال‏:‏

أَنْتَ نَبيٌّ تَعْلَمُ الغِيابا *** لا قائلاً إِفْكاً ولا مُرْتابا

والغَيْبُ‏:‏ كلُّ ما غاب عنك‏.‏ أَبو إِسحق في قوله تعالى‏:‏ يؤمنون

بالغَيْبِ؛ أَي يؤمنون بما غابَ عنهم، مما أَخبرهم به النبيُّ، صلى اللّه عليه

وسلم، من أَمرِ البَعْثِ والجنةِ والنار‏.‏ وكلُّ ما غابَ عنهم مما أَنبأَهم

به، فهو غَيْبٌ؛ وقال ابن الأَعرابي‏:‏ يؤمنون باللّه‏.‏ قال‏:‏ والغَيْبُ

أَيضاً ما غابَ عن العُيونِ، وإِن كان مُحَصَّلاً في القلوب‏.‏ ويُقال‏:‏ سمعت

صوتاً من وراء الغَيْب أَي من موضع لا أَراه‏.‏ وقد تكرر في الحديث ذكر

الغيب، وهو كل ما غاب عن العيون، سواء كان مُحَصَّلاً في القلوب، أَو غير

محصل‏.‏

وغابَ عَنِّي الأَمْرُ غَيْباً، وغِياباً، وغَيْبَةً، وغَيْبُوبةً، وغُيُوباً، ومَغاباً، ومَغِيباً، وتَغَيَّب‏:‏ بَطَنَ‏.‏ وغَيَّبه هو، وغَيَّبه عنه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لما هَجا حَسَّانُ قريشاً، قالت‏:‏ إِن هذا لَشَتْمٌ ما

غابَ عنه ابنُ أَبي قُحافة؛ أَرادوا‏:‏ أَن أَبا بكر كان عالماً بالأَنْساب

والأَخبار، فهو الذي عَلَّم حَسَّانَ؛ ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لحسَّانَ‏:‏ سَلْ أَبا بكر عن مَعايِب القوم؛ وكان نَسَّابةً

عَلاَّمة‏.‏ وقولهم‏:‏ غَيَّبه غَيَابُه أَي دُفِنَ في قَبْرِه‏.‏ قال شمر‏:‏ كلُّ

مكان لا يُدْرَى ما فيه، فهو غَيْبٌ؛ وكذلك الموضع الذي لا يُدْرَى ما

وراءه، وجمعه‏:‏ غُيُوبٌ؛ قال أَبو ذؤيب‏:‏

يَرْمِي الغُيُوبَ بعَيْنَيْهِ، ومَطْرِفُه

مُغْضٍ، كما كَشَفَ المُسْتَأْخِذُ الرَّمِدُ

وغابَ الرجلُ غَيْباً ومَغِيباً وتَغَيَّبَ‏:‏ سافرَ، أَو بانَ؛ وقوله

أَنشده ابن الأَعرابي‏:‏

ولا أَجْعَلُ المَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّةٍ، ولا عِدَةً، في الناظِرِ المُتَغَيَّبِ

إِنما وَضعَ فيه الشاعرُ المُتَغَيَّبَ موضعَ المُتَغَيِّبِ؛ قال ابن سيده‏:‏ وهكذا وجدته بخط الحامض، والصحيح المُتَغَيِّب، بالكسر‏.‏

والمُغَايَبةُ‏:‏ خلافُ المُخاطَبة‏.‏ وتَغَيَّبَ عني فلانٌ‏.‏ وجاءَ في ضرورة الشعر تَغَيَّبَنِي؛ قال امرؤُ القيس‏:‏

فظَلَّ لنا يومٌ لَذيذٌ بنَعْمةٍ *** فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبُ

وقال الفراءُ‏:‏ المُتَغَيِّبُ مرفوع، والشعر مُكْفَأٌ‏.‏ ولا يجوز أن يَرِدَ على المَقيلِ، كما لا يجوز‏:‏ مررت برجل أَبوه قائم‏.‏

وفي حديث عُهْدَةِ الرَّقيقِ‏:‏ لا داءَ، ولا خُبْنَة، ولا تَغْييبَ‏.‏

التَّغْيِيب‏:‏ أَن لا يَبيعه ضالَّةً، ولا لُقَطَة‏.‏

وقومٌ غُيَّبٌ، وغُيَّابٌ، وغَيَبٌ‏:‏ غائِبُون؛ الأَخيرةُ اسم للجمع، وصحت الياءُ فيها تنبيهاً على أَصل غابَ‏.‏ وإِنما ثبتت فيه الياء مع التحريك لأَنه شُبِّهَ بصَيَدٍ، وإِن كان جمعاً، وصَيَدٌ‏:‏ مصدرُ قولِك بعيرٌ أَصْيَدُ، لأَنه يجوز أَن تَنْوِيَ به المصدر‏.‏ وفي حديث أَبي سعيد‏:‏ إِن سَيِّدَ الحيِّ سَلِيمٌ، وإِن نَفَرنا غَيَبٌ أَي رجالُنا غائبون‏.‏

والغَيَبُ، بالتحريك‏:‏ جمع غائبٍ كخادمٍ وخَدَمٍ‏.‏

وامرأَةٌ مُغِيبٌ، ومُغْيِبٌ، ومُغِيبةٌ‏:‏ غابَ بَعْلُها أَو أَحدٌ مِن أَهلها؛ ويقال‏:‏ هي مُغِيبةٌ، بالهاء، ومُشْهِدٌ، بلا هاء‏.‏

وأَغابَتِ المرأَةُ، فهي مُغِيبٌ‏:‏ غابُوا عنها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَمْهِلُوا

حتى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبةُ، هي التي غاب عنها زوجُها‏.‏ وفي حديثِ ابنِ عَبَّاس‏:‏ أَنَّ امرأَةً مُغِيبةً أَتَتْ رَجُلاً تَشْتَري منه شيئاً، فَتَعَرَّضَ لها، فقالتْ له‏:‏ وَيْحَكَ‏!‏إِني مُغِيبٌ‏!‏ فتَرَكها‏.‏ وهم يَشْهَدُون أَحْياناً، ويَتَغايَبُونَ أَحْياناً أَي يَغِيبُون أَحْياناً‏.‏ ولا يقال‏:‏ يَتَغَيَّبُونَ‏.‏ وغابَتِ الشمسُ وغيرُها من النُّجوم، مَغِيباً، وغِياباً، وغُيوباً، وغَيْبُوبة، وغُيُوبةً، عن الهَجَري‏:‏ غَرَبَتْ‏.‏

وأَغابَ القومُ‏:‏ دخلوا في المَغِيبِ‏.‏

وبَدَا غَيَّبانُ العُود إِذا بَدَتْ عُروقُه التي تَغَيَّبَتْ منه؛ وذلك إِذا أَصابه البُعَاقُ من المَطر، فاشْتَدَّ السيلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجر حتى ظَهَرَتْ عُروقُه، وما تَغَيَّبَ منه‏.‏

وقال أَبو حنيفة‏:‏ العرب تسمي ما لم تُصِبْه الشمسُ من النَّبات كُلِّه الغَيْبانَ، بتخفيف الياء؛ والغَيَابة‏:‏ كالغَيْبانِ‏.‏ أَبو زياد

الكِلابيُّ‏:‏ الغَيَّبانُ، بالتشديد والتخفيف، من النبات ما غاب عن الشمس فلم تُصِبْه؛ وكذلك غَيَّبانُ العُروق‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ بَدَا غَيْبانُ الشَّجرة، وهي عُرُوقها التي تَغَيَّبَتْ في الأَرض، فحَفَرْتَ عنها حتى ظَهَرَتْ‏.‏

والغَيْبُ من الأَرض‏:‏ ما غَيَّبك، وجمعه غُيُوب؛ أَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

إِذَا كَرِهُوا الجَمِيعَ، وحَلَّ منهم *** أَراهطُ بالغُيُوبِ وبالتِّلاعِ

والغَيْبُ‏:‏ ما اطْمَأَنَّ من الأَرض، وجمعه غُيوب‏.‏ قال لبيد يصف بقرة، أَكل السبعُ ولدها فأَقبلت تَطُوف خلفه‏:‏

وتَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ، فَراعَها *** عن ظهرِ غَيْبٍ، والأَنِيسُ سَقامُها

تَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ أَي صوتَ الصيادين، فراعها أَي أَفزعها‏.‏

وقوله‏:‏ والأَنيسُ سَقامُها أَي انّ الصيادين يَصِيدُونها، فهم

سَقامُها‏.‏ وقَعْنا في غَيْبة من الأَرض أَي في هَبْطةٍ، عن اللحياني‏.‏

ووَقَعُوا في غَيابةٍ من الأَرض أَي في مُنْهَبِط منها‏.‏ وغَيابةُ كلِّ

شيء‏:‏ قَعْرُه، منه، كالجُبِّ والوادي وغيرهما؛ تقول‏:‏ وَقَعْنا في غَيْبةٍ وغَيَابةٍ أَي هَبْطة من الأَرض؛ وفي التنزيل العزيز‏:‏ في غَياباتِ الجُبِّ‏.‏ وغابَ الشيءُ في الشيءِ غِيابةً، وغُيُوباً، وغَياباً، وغِياباً، وغَيْبةً، وفي حرفِ أُبَيٍّ، في غَيْبةِ الجُبِّ‏.‏

والغَيْبَةُ‏:‏ من الغَيْبُوبةِ‏.‏

والغِيبةُ‏:‏ من الاغْتِيابِ‏.‏

واغْتابَ الرجلُ صاحبَه اغْتِياباً إِذا وَقَع فيه، وهو أَن يتكلم خَلْفَ إنسان مستور بسوء، أَو بما يَغُمُّه لو سمعه وإِن كان فيه، فإِن كان صدقاً، فهو غِيبةٌ؛ وإِن كان كذباً، فهو البَهْتُ والبُهْتانُ؛ كذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يكون ذلك إِلا من ورائه، والاسم‏:‏ الغِيبةُ‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ ولا يَغْتَبْ بعضُكم بعضاً؛ أَي لا يَتَناوَلْ رَجُلاً بظَهْرِ الغَيْبِ بما يَسُوءُه مما هو فيه‏.‏ وإِذا تناوله بما ليس فيه، فهو بَهْتٌ وبُهْتانٌ‏.‏ وجاء المَغْيَبانُ، عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

ورُوِيَ عن بعضهم أَنه سمع‏:‏ غابه يَغِيبُهُ إِذا عابه، وذكَر منه ما

يَسُوءُه‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ غابَ إِذا اغْتَابَ‏.‏ وغابَ إِذا ذكر إِنساناً بخيرٍ أَو

شَرٍّ؛ والغِيبَةُ‏:‏ فِعْلَةٌ منه، تكون حَسَنةً وقَبِيحةً‏.‏ وغائِبُ الرجلِ‏:‏ ما غابَ منه، اسْمٌ، كالكاهِل والجامل؛ أَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

ويُخْبِرُني، عن غَائبِ المَرْءِ، هَدْيُه *** كفَى الهَدْيُ، عَمَّا غَيَّبَ المَرْءُ، مُخبرا

والغَيْبُ‏:‏ شحمُ ثَرْبِ الشَّاةِ‏.‏ وشاة ذاتُ غَيْبٍ أَي ذاتُ شَحْمٍ لتَغَيُّبه عن العين؛ وقول ابن الرِّقَاعِ يَصِفُ فرساً‏:‏

وتَرَى لغَرِّ نَساهُ غَيْباً غامِضاً *** قَلِقَ الخَصِيلَةِ، مِن فُوَيْقِ المفصل

قوله‏:‏ غَيْباً، يعني انْفَلَقَتْ فَخِذَاه بلحمتين عند سِمَنِه، فجرى

النَّسا بينهما واسْتَبان‏.‏ والخَصِيلَةُ‏:‏ كُلُّ لَحْمة فيها عَصَبة‏.‏

والغَرُّ‏:‏ تَكَسُّر الجِلْد وتَغَضُّنُه‏.‏

وسئل رجل عن ضُمْرِ الفَرس، قال‏:‏ إِذا بُلَّ فَريرهُ، وتَفَلَّقَتْ

غُرورُه، وبدا حَصِيرُه، واسْتَرْخَتْ شاكِلَتُه‏.‏ والشاكلة‏:‏ الطِّفْطِفَةُ‏.‏

والفرير‏:‏ موضعُ المَجَسَّة من مَعْرَفَتِه‏.‏ والحَصِيرُ‏:‏ العَقَبة التي

تَبْدُو في الجَنْبِ، بين الصِّفَاقِ ومَقَطِّ الأَضْلاع‏.‏

الهَوَازنيُّ‏:‏ الغابة الوَطَاءة من الأَرض التي دونها شُرْفَةٌ، وهي

الوَهْدَة‏.‏ وقال أَبو جابر الأَسَدِيُّ‏:‏ الغابَةُ الجمعُ من الناسِ؛ قال

وأَنشدني الهَوَازِنيُّ‏:‏

إِذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغَابٍ *** حَسِبْتَ رِماحَهُمْ سَبَلَ الغَوادي

والغابة‏:‏ الأَجَمَةُ التي طالتْ، ولها أَطْراف مرتفعة باسِقَة؛ يقال‏:‏

ليثُ غابةٍ‏.‏ والغابُ‏:‏ الآجام، وهو من الياء‏.‏ والغابةُ‏:‏ الأَجَمة؛ وقال أَبو حنيفة‏:‏ الغابةُ أَجَمة القَصَب، قال‏:‏ وقد جُعِلَتْ جماعةَ الشجر، لأَنه مأْخوذ من الغَيابةِ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ان مِنْبَر سيدنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان من أَثْلِ الغابةِ؛ وفي رواية‏:‏ من طَرْفاءِ الغابة‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ الأَثْلُ شجر شبيهٌ بالطَّرْفاءِ، إِلاَّ أَنه أَعظم منه؛ والغابةُ‏:‏ غَيْضَةٌ ذات شجر كثير، وهي على تسعةِ أَميال من المدينة؛ وقال في موضع آخر‏:‏ هي موضعٌ قريبٌ مِن المدينة، مِن عَواليها، وبها أَموال لأَهلها‏.‏ قال‏:‏ وهو المذكور في حديث في حديث السِّباق، وفي حديث تركة ابن الزبير وغير ذلك‏.‏ والغابة‏:‏ الأَجمة ذاتُ الشجر المُتَكاثف، لأَنها تُغَيِّبُ ما فيها‏.‏

والغابةُ من الرِّماحِ‏:‏ ما طال منها، وكان لها أَطراف تُرى كأَطراف الأَجَمة؛ وقيل‏:‏ هي المُضْطَرِبةُ من الرماحِ في الريح؛ وقيل‏:‏ هي الرماحُ إِذا اجْتَمَعَتْ؛ قال ابن سيده‏:‏ وأُراه على التشبيه بالغابة التي هي الأَجمة؛ والجمعُ من كل ذلك‏:‏ غاباتٌ

وغابٌ‏.‏ وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهَه‏:‏ كلَيْثِ غاباتٍ شديدِ القَسْوَرَهْ‏.‏

أَضافه إِلى الغابات لشدّتِه وقوّته، وأَنه يَحْمِي غاباتٍ شَتَّى‏.‏

وغابةُ‏:‏ اسم موضع بالحجاز‏.‏