فصل: فوائد عَظِيمَة النفعِ بين يدي الكتاب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان




.فوائد عَظِيمَة النفعِ بين يدي الكتاب:

بالله يا ناظرًا فيه ومنتفعًا ** مِنْهُ سَلِ اللهَ تَوْفِيقًا لِجَامِعِهِ

وَقُلْ أنلْهُ إِلَهَ الْعَرْشِ مَغْفِرَةً ** وَاقْبَلْ دُعَاه وَجَنِّبْ عن مَوَانِعِهِ

وَخُصَّ نَفْسَكَ مِنْ خَيْرٍ دَعَوْتَ بِهِ ** ومَن يَقُومُ بِمَا يَكْفِي لِطَابِعِهِ

وَالْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا مَا بَدَا قَمَرٌ ** أَو كَوْكَبٌ مُسْتَنِيرٌ مِن مَطَالِعهِ

آخر:
وما اكْتَسبَ المَعَالِيَ طَالِبُوْهَا ** بِمِثْلِ أَداءِ مَا افْتَرَضَ الجَلِيْلُ

بسم الله الرحمن الرحيم
فوائد عَظِيمَة النفعِ:
قال بعضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى سَبِيْلِ النُصْحِ والإِرْشَادِ: يَا هَذَا إنَّمَا خُلِقَتِ الدُّنْيَا لِتَجُوزَهَا لا لِتَحُوزَهَا، ولِتَعْبُرَها لا لِتَعْمُرها فاقْتُلْ هَوَاكَ الْمَائِلَ إِلَيْهَا ولا تُعَوّلْ عَلَيهَا. واعْلَمْ أَنَّ الدُنْيَا مَزْرعةُ النَّوائِبِ ومَشْرَعَةُ المَصَائِبِ ومُفَرّقَةُ المَجَامِعِ ومُجْرِيَةُ المَدَامِعْ.
(1)
اللِّيْلُ والنَّهار يَعْمَلان فِيْكَ فاعْمَلْ فيهما أَعْمَالاً صَالِحَةً تَرْبَحَ وتَحْمَدِ العَاقِبةَ الحَمَيْدَة إن شاء الله تعالى.
فائدة: حفْظُ الأَوْقَاتِ:
حفْظُ الأَوْقَاتِ تُفيْد الأَعْمَارَ وَتُكْثِرُ الآثارْ والله الموفق.
وَالوَقْتَ أَنْفَسُ ما عُنِيْتَ بِحْفظِهِ ** وَأرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَليْكَ يضِيْعُ

آخر:
والعُمر أنفسُ مَا لإنسان مُنْفِقُهُ ** فاجْعَلْهُ في طَاعَةِ الرحمنِ مَصْرُوْفًا

المَلائِكةُ يَكْتُبَان مَا تَلفَّظُ به:
(2)
المَلائِكةُ يَكْتُبَان مَا تَلفَّظُ به، فَاحْرَصْ عَلَى أنْ لا تَنْطِقَ إلاَّ بِمَا يَسُرُّكَ يَوم القِيَامِة مِن ذِكر الله وما وَلاه.
قِصَرُ الأمَلِ:
(3)
اعْلَم أنَّ قِصَرَ الأمَلِ عليه مَدِارٌ عظيم وحِصْنُ قِصَرِ الأمَلِ ذِكْرُ الموِتِ وحِصْنُ حِصْنِهِ ذِكْرُ فِجْأَةِ الموتِ وَأخْذُ الإِنسان على غِرَّةٍ وغَفْلةٍ، وهُوَ في غِرُرٍ وفُتُور عن العمل للآخرة، فأحفظ هذه الفوائد وأعمل بها تُفْلح وتَربَحْ إنْ شاءَ الله تعالى. وَقَالَ بَعْضهم: الواجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ المُبَادَرَةُ إلَى الأَعْمَالَ الصَّالِحَةِ عَلَى أَيَّ حَالٍ كَانْ وَأنْ يَنْتَهِزَ فُرصْةَ الإمْكَانِ قَبْلَ مُفَاجأَةِ هَادِمِ اللَّذَاتِ وأَنْ يَتَوكِّلَ عَلَى اللهِ وَيَطْلُبَ مِنْهُ العَوْنَ في تَيْسِيْرهَا إلَيْهِ وَصَرْفِ المَوانِعِ الحَائِلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
مُنَايَ مِن الدُّنْيَا عُلُومٌ أبثُهَا ** وأنْشُرُهَا في كُلِ بَادٍ وحَاضِرِ

دُعَاءً إِلَى القُرْآنِ والسُنَّةِ الَّتِي ** تَنَاسَى رِجُالٌ ذِكْرَهَا في المَحاضِرِ

وَقَدْ أبْدِلُوهَا الجَرَائِد تَارةً ** وتِلْفَازِهِمْ رأَسُ الشُرور المنَاكِرِ

ومِذْيَاعهِمْ أيْضًِا فلا تَنْس شَرَّهُ ** فكَمْ ضَاعَ مِن وَقْتٍ بِهَا بالخَسَائِر

آخر:
كُلُ امْرئٍ فِيمَا يَدِينُ يُدَانُ ** سُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَخْلُ مِنْ عِلْمِهِ مَكَانُ

يَا عَامِرَ الدُّنْيَا لِيَسْكُنَها وَمَا ** هِيَ باللَّتي يَبْقَى بِهَا سُكَّانُ

تَفْنَى وتَبْقَى الأَرضُ بَعْدَكِ مِثْلَمَا ** يَبْقَى المَكَانُ وتَرْحَلْ الرُّكْبَانُ

أَأُسَرُّ بالدنيا بكُلِّ زِيَادَةٍ ** وزِيَادَتِيْ فِيهَا هِيَ النُقْصَانٌ

آخر:
كَأَنَّكَ لم تَسْمعْ بأخْبَار مَن مَضَى ** ولمْ تَرَ في البَاقِينَ مَا يَصْنَعُ الدَّهرُ

فِإِنْ كُنِتَ لا تَدري فَتِلْكَ دِيَارُهُم ** عَليها مَجَالُ الرِّيحِ بَعَدكَ والقَطْرُ

وَهَلْ أَبْصَرَتْ عَينَاكَ حيًّا بِمنزِلٍ ** عَلَى الأَرضِ إِلاَّ بالفَنَاءِ لَهُ قَبْرُ

وَأَهْلُ الثَّرَى نَحْوَ المَقَابِرِ شُرّعٌ ** وَلَيْسَ لَهْمُ إِلاَّ إِلَى رَبَّهمْ نَشْرُ

على ذَاكَ مَرُّوا أجْمَعُونَ وهكذا ** يَمُرُّونَ حتّى يَسْتَردُّهُم الحَشْرُ

فَلاَ تَحْسَبنَّ الوَفْرَ مَالاً جَمْعَتَهُ ** ولكنَّ مَا قَدَّمْتَ مِن صَالِحِ وَفْرُ

وَلَيْسَ الذِي يَبْقَى الذِي أَنْتَ جَامعٌ ** ولكنَّ مَا أَوْلَيْتَ مِنْهُ هُوَ الذُّخْرُ

قَضَى جَامِعُوا الأَمْوَالِ لَمْ يَتَزَوَّدُوا ** سِوَى الفَقْرِ يَا بُؤْسًا لِمَنْ زَادُهُ الفَقْرُ

بَلَى سَوفَ تَصْحُو حِيْنَ يَنْكَشِفُ الغَطَا ** وَتَذْكرُ قَوْلي حِيْنَ لا يَنْفَعُ الذِّكْرُ

وَمَا بَيْنَ مِيُلادِ الفَتَى وَوَفَاتِهِ ** إِذَا نَصَحَ الأَقْوَامُ أَنْفسَهُمْ عُمْرُ

لأَنَّ الذِي يَأْتِي كَمِثْلِ الذِي مَضَى ** وما هُو إِلاَّ وَقْتُكَ الضَّيِّقُ النَّزْرُ

فصَبْرًا على الأَوقاتِ حَتَّى تَحُوْزَهَا ** فَعَمَّا قَلِيْلٍ بَعْدَهَا يَنْفَعُ الصَّبْرُ

تَقْضِي المآربَ والسَّاعَاتُ سَاعِيَةٌ ** كأنَّهُنَّ صِعَابٌ تَحتَنَا ذُلُلُ

آخر:
طالَ التَّبَسُط مِنَّا في حَوَائِجنَا ** وَإنَّمَا نَحْنُ فَوق الأرض أَضْيَافُ

مُحَارَبَةُ الشَّيْطَانِ وقَهْرُهُ:
قَالَ أَحَدُ العُلَماءِ رَحِمَهُ الله تَعالى: عَلَيْكَ يَا أَخِي بمُحَارَبَةِ الشَّيْطَانِ، وقَهْرِهِ، وذَلِكَ لِخَصْلَتَيْن أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَدُوٌ مُظلٌ مُبين، لا مَطْمَعَ فِيهِ بِمُصَالحَة وَاتَّقَاءِ شَرّه أَبَدًا، لأِنَّه لاَ يُرْضِيْهِ وَيُقْنِعُهُ إِلاَّ هَلاَكُكَ أَصْلاً، فَلا وَجْهَ إِذًا للأَمْنِ مِنْ هَذَا الْعَدُوْ وَالْغَفْلَةِ عَنْهِ، قَالَ اللهُ جَلَّ وعَلاَ: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، وقال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً}.
وَالخَصْلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ مَجْبُولٌ عَلَى عَدَاوَاتِكَ، ومُنْتَصِبٌ لِمُحَارِبَتِكَ، في اللَّيْلِ والنَّهَارِ يَرْمِيْكَ بسِهَامِهِ، وأَنْتَ غَافِلٌ عَنْهُ، ثُمَّ هُوَ لَهُ مَعَ جَمِيْعِ المؤمِنِيْنَ عَدَاوَةٌ عَامَةٌ، وَمَعَ المُجْتَهِدِ في العِبَادَةِ وَالعِلْمِ عَدَاوَةٌ خَاصَةٌ، ومَعَهُ عَلَيْكَ أَعْوَانُ: نَفْسُكَ الأمَّارَةِ بالسَّوْء، والهَوَى، والدُّنْيَا، وَهُوَ فارِغٌ وَأَنْتَ مَشْغُول، وَهُوَ يَرَاكَ وَأَنْتَ لاَ تَرَاه، وأَنْتَ تَنْسَاهُ وَهَوَ لاَ يَنْسَاكَ، فَإِذًا لابد مِن مُحَارَبَتِهِ وَقَهْرِهِ، وَإِلاَّ فَلا تَأَمَنْ الفَسَادَ وَالهَلاكَ وَالدَّمَار، وَمُحَارَبَتُهُ بالاسْتِعَاذَةِ باللهِ والإِكثارِ من ذِكْرِهِ.
إِذَا شئتَ أَنْ تَلْقَى عَدُوَّكَ رَاغِمًا ** فَتُحْرِقَهُ حُزُنًا وَتَقْتُلَهُ غَمًّا

فَعَلَيْكَ بالإِخْلاصِ وَالزُّهْدِ والتُّقَى ** فَمَنْ فَازَ فِيهَا مَاتَ حُسَّادُهُ هَمًّا

آخر:
وَلِمَ أَرَى كَالإِخْلاصِ للهِ وَحَدَهُ ** وَلا مِثل تقوْاهُ وَإكْثَارِ ذِكْرِه

فََصْلٌ:
اعْلَمْ وَفَّقَنا اللهُ وَإيَّاكَ وَجَمِيْعَ المُسْلِميْنَ أنَّهُ لَم يُؤْثَرْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ وتَابِعْيِهْم بإِحْسَانٍ تَعْظِيْمُ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ وَالمُوَالِيْنَ لأَهْلِ البِدَعِ وَالمُنَادِيْنَ بِمُوَالاتِهمْ، لأَنّ أَهْلِ البِدَعِ مَرْضَى قُلُوب، وَيُخْشَى عَلَىَ مَنْ خَالطَهُمْ أَو اتَّصَلَ بِهِمْ أَنْ يَصِلَ إِلِيْهِ مِنْ مَا بِهِِِمْ مِنَ هَذَا الدَّاءِ العُضَال، لأِنّ المَرِيْضَ يُعْدِي الصَّحَيْحَ وَلاَ عَكسْ، فَالْحَذَرَ الحذرَ مِنْ جَمِيعِ أهْلِ البدَعِ، وَمِنْ أهْلِ البِدَعِ الذَيْنَ يَجِبُ البُعْدُ عَنْهُمْ وَهِجَرانُهُمْ: الجَهْمِيَّةُ، والرَّافضَةُ، وَالْمُْعَتِزلَةُ، والْمَاتُرِيْدِيَّةُ، وَالخَوَارُِج، والصُّوْفِيَّةُ، والأَشَاعَرة، وَمَنْ عَلَىَ طَريْقَتِهمْ مِنَ الطَّوَائِف المُنْحَرِفَةِ عن طريقة السَّلَفْ، فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أنْ يَحْذّرَهُمْ وَيُحَذِرَّ عَنْهُمَ وصلى الله على محمد وآله وسلم.
فَائِدَةٌ:
وَقْتُ الإِنسان هُو عُمره وَمَادَة حَيَاتِه الأبدِيَّة في النَّعِيم المقيم وَمَادةُ المعِيْشَةِ الضَّنْكِ في العَذَابِ الأَلِيْم وَهو يَمَرُ مَرَّ السِّحَابْ.
إني أَبُثُّكَ مِنْ حَدِيثِي ** إِنَّ الحَدِيثَ لَهُ شُجُونُ

غَيَّرْتَ مَرْقَدَ نَوْمِي ** لَيلاً فَفَارَقَنِي السُّكُونُ

قُلْ لِي فَأَوَّلَ لَيْلَةٍ ** في القَبْرِ كَيْفَ تَرَى يَكُونُ

آخر:
يَا مَنْ سِينَا عَنْ بَنِيهْ ** جَاءَ اليَقِينُ فَوَجَّهُوهْ

مَثِّلْ لِنَفْسِكَ قَوْلَهُمْ ** جَاءَ اليَقِينُ فَوَجَّهُوهْ

وَتَحَلَّلُوا مِنْ ظُلْمِهِ ** قِبْلَ المَمَاتِ وَحَلِّلُوهُ

آخر:
أَعْوامُ لَهْوٍ كَانَ يُحْزِنُ ذِكْرُهُا ** قَلْبُ اللَّبِيبُ لِفَقْدِهَا لِلطَّاعَةِ

لَوْ أَنَّهَا مُلِئَتْ بِذِكْرِ إِلهِنَا ** وَتِلاَوَةِ القُرْآنِ زَالَتْ نَدَامَتِي

آخر:
بِطَاعَتِكَ الإله تَنَالُ عِزًا ** وَتَسْعَدُ يَا فَتَى يَوْمَ الجَزَاء

آخر:
عَلَيْكَ بِذِكْرِ اللهِ في كُلِّ لَحْظَةٍ ** فَمَا خَابَ عَبْدٌ لِلْمُهَيْمِنِ يَذْكُرُ

لَوْ يَعْلَمُ العَبْدُ مَا فِي الذِّكْرِ مِنْ شَرَفٍ ** أَمْضَى الحَيَاةَ بِتَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ

فائدة:
العِلْمُ بِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤهُ وَمَا جَاءَ عَن رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرُ مِيْرَاثٍ والتَّوفيقُ مِن اللهِ خَيْرُ قاَئِدْ، والاجْتِهَادُ في طاعَةِ اللهِ خَيْرُ بِضَاعَة، ولا مَالَ أَحْسَنُ مِن عَمِل الرَّجُلِ في يَدِهُ، ولا مُصِيْبَةَ أَعْظم مِن الكُفْرِ باللهِ ولا عَوِينَ أَوْثَقَ من الاعْتِمَادِ على اللهِ جَلَّ جَلاَلُهْ، ثم مُشَاوَرَةِ أَصْحَابِ الرَّأْي السَّدِيد مِن المُؤْمِنِيْن، وَلا أَوْحَشَ مِن الكِبْرِ، والكُفْرِ والعُجْبِ، والنَّفَاق، والإِلْحَادْ.
وقال يحيى بنُ معاذ: عَجِبْتُ مِن ثلاثة: رجُل يَرائي بَعِمْلِهَ مخُلوقًا مِثْلَه وَيتركُ أنْ يَعْمَلَهُ للهِ، وَرَجُل يَبْخَلُ بِمالهَ وَربهُ يستقرْضُه مِنه فلا يُقْرِضُهُ مِنه شَيْئًا، وَرَجُل يَرغَبُ في صُحْبةِ المخُلوقَين وَمَوَّدتِهَم والله يَدْعِوهُ إِلَى صُحْبَتِهِ وَمَودَتهِ.
ملاحظة: لا يسمح لأي إنسان أن يَخْتَصِرَهُ أوْ يَتَعَّرضَ له بما يُسَمُّونَه تَحقِيقًا لأِنَّ الاختصار سَبَبٌ لِتعطيِلٍ الأصْلِ والتحقيق أرَى أَنَّهُ اِتِهَامٌ لِلْمُؤُلِف، ولا يُطْبع إلا وقفًا لله تعالى على مَن يَنْتَفِعُ بِهِ مِن المسلمين.
فَائِدَةٌ عَظِيْمَةُ النَّفَعِ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ:
ما أَنْعَم الله على عَبْدٍ نِعْمَةً أَفْضَلَ مِنْ أنْ عَرَّفَه لا إِلهَ إِلا الله، وفهَّمَهُ مَعْنَاهَا، وَوَفَّقَهُ لِلَعَمِلِ بِمُقْتَضَاهَا، والدَّعْوَةِ إِليْهَا.
عَلَيكَ مِنَ الأُمورِ بِما يُؤَدِي ** إِلى سُنَنِ السَلامَةِ وَالخَلاصِ

وَما تَرْجُو النَجاةَ بِهِ وَشيكاً ** وَفَوزاً يَومَ يُؤخَذُ بِالنَواصِي

آخر:
عَجِبْتُ لِمَنْ يَعْمُرُ قُصُورًا فَسِيحَةً ** لِيَسْكُنَهَا وَقْتًا قَلِيلاً وَيَرْحَلُ

وَيَتْرُكَ قَبْرًا فِِيهِ يَسْكُنُ وُحْدَهُ ** زَمَانًا طَوِيلاً ثُمَّ يَأْتِي يُهَرْوِلُ

إِلِى مَوْقِفٍ فِيهِ يِشِيبُ وَلِيدُهُ ** وَتُسْقِطُ ذَاتَ الحَمْلِ فِيهِ وَتَذْهَلُ

وَمِنْ بَعْدِهِ الأَهْوَالُ لَوْ قَدْ رَأَيْتَهَا ** لَطَلَّقْتَ دُنْبًا بِالثَلاَثِ مُعَجِّلُ

فَلِلِهِ دُرُّ الزَّاهِدِينَ بِجَيْفَةٍ ** عَلَيْهَا أُنَاسٌ جَاهِلُونَ وَغُفَّلُ

آخر:
آخِرُ يُسَّرُ بِصَفْوِ عَيْشَتِهِ الجَهُولُ ** وَتُعْجِبُهُ الإقَامَةُ وَالحُلُولُ

وَدُونَ مُقَامُه حَادٍ حَثِيثٌ ** عَنِيفُ السَّوْقِ وَالمَوْتُ السَّبِيلُ

سَبِيل مَا تَوَجَّهَ فِيهِ سَفُرٌ ** فَكَانَ لهُمْ إَلَى الدُّنْيَا قُفُولُ

طَرِيقٌ يَسْتَوِي لِلْخَلْقِ فِيهِ ** مَسَالِكَهم وَيَخْتَلِفُ المُقِيلُ

يُطَافُ عَلَيهِمُ بكُؤوس لَهْوِ ** وَمَزْجُ كُؤُوسِهَا الدَّاءُ الدَّخِيلُ

وَتَصْقَلُ وَجْهَهَا لَهُمُ خِدَاعًا ** وَتَحْتَ صِقَالِهَا السَّيفُ الصَّقِيلُ

آخر:
أَكَبَّ بَنُوا الدُّنْيَا عَلَيهَا وَإِنَّهُمْ ** لَتَنْهَاهُمْ التَّقْوىَ عَنْهَا لَو انْتَهَوْا

أَيُّهَا النَّاظِرُ بَعْدِي في كِتَابِي ** مُسْتَفِيدًا مِنْهُ مَرْغُوبَ الطُّلاَبِ

قَاطِفًا مِنْهُ ثِمَارًا نُسِّقَتْ ** بِاجْتِهَادِي بِمَشِيبِي وَالشَّبَابِ

اهْدِ لِي مِنْكَ دُعَاءً صًالحًِا ** وَتَحَرَّى فِيهِ أَوْقَاتَ الإِجَاب

آخر:
تَضَرُّعٌ إِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلاَ:
قَرُبَ الرَّحِيلُ إِلى دِيَار الآخرة ** فَاجْعَلْ بِفَضْلِكِ خَيْرُ عَمْرِي آخِرَهْ

وَارْحَمْ مَقِيلِي في القُبُور وَوِحْدَتِي ** وَارْحَمْ عِظَامِي حِينَ تَبْقَى نَاخِرَةْ

فَأَنَا الْمُسَيَكينُ الذي أَيَامُهُ ** وَلَّتْ بِأَوْزَارٍ غَدَتْ مُتَوَاتِرْةْ

فَلَئِنْ طُرِدْتُ فَمَنْ يَكُنْ لِي رَاحِمًا ** وَبِحَارُ جُودِكَ يَا إَلهِي زَاخِرَةْ

يَا مَالِكِي يِا خِالِقِي يِا رِازِقِي ** يِا رَاحِمِي الشيخ الكَبِيرِ وَنِاصِرُهْ

مَا لِي سِوَى قَصْدِي لِبَابِكَ سَيِّدِي ** فَاجْعَلْ بِفَضْلِكَ خَيْرَ عُمْرِي آخِرَهْ

آخر:
دَعْ عَنْكَ ذِكْرَ فُلانَةً وَفُلانِ ** وَاتْرُكْ لِمَا يُلْهِي عَنِ الرَّحْمَنِ

وَاعْلَمْ بَأَنَّ المَوْتَ يَأْتِي بَغْتَةً ** وَجِمِيعَ مَا فَوْقَ البَسِيطَةِ فَانِ

فَإِلى مَتَى تَلْهُو وَقَلْبُكَ غَافِلٌ ** عَنِ ذِكْرِ يَوْمِ الحَشْرِ وَالِميزَانِ

أَتَرَاكَ لَمْ تَكُ سَامِعًا مَا قَدْ أَتَى ** في النَّصِ في الآيَاتِ بِالقُرْآنِ

فَانْظُرْ بِعَيْنِ الاعْتِبَارِ وَلا تَكُنْ ** ذَا غَفْلَةٍ عَنْ طَاعَةِ الدَّيَان

فَصْلٌ:
(1) فوائدُ عظيمةُ النفعَ جِدًّا مما قاله العلماء:
اعْلَمْ أنَّ قِصَرَ الأمل عليه مَدَارٌ عظيم، وَحِصْنُ قِصَرِ الأمَلِ ذكْرُ الموت، وحِصْنُ حصْنِهِ ذكر فجأة الموت وَأخْذُ الإَنْسَانِ على غِرَّةٍ وغِفْلُةٍ وفي غُرور وفُتُورِ عن العمل للآخِرةْ.
(2) اللَّيْلُ والنَّهارُ يَعْمَلان فيْكَ، فاعْمَلْ فيهما أعْمَالاً صَالِحَةً تَرْبَح وَتَحْمِدَ العَاقِبةَ الحَمِيْدَة إنْ شاءَ الله تَعالى. والله الموفق.
وقال عيسى بن مريم عليه السلام: عَجبْتُ لِثلاثةٍ: لِغَافل ولَيْسَ بِمَغْفُولِ عَنْهْ، ومُؤَمِّلٍ دُنْيَاهُ والموتُ يَطلُبه، وبَانٍ قَصْرًا والقَبْرُ مَسْكَنُهُ.
(3) الملائكةُ يَكْتُبَان مَا تلَفَّظُ به، فاحْرَصْ عَلَى أن لا تَنْطِقَ إلا بِمَا يَسُرَّكَ يَوْمَ القِيَامَةْ كالْباقِيَاتِ الصَّالِحاتِ وَمَا وَالاهَا.
وَإِنَّ أَحْسَنَ بَيْتٍ قَالَهُ رَجُلٌ ** بَيْتٌ تَضَمَّنَ تَوحِيدَ الذِّي خَلَقَ

آخر:
إِذَا المرءُ لَمْ يَعْصِي الإلَهَ بِفِعْلِهِ ** وَلا قَوْلِهِ فَهُوَ الأَدِيبُ المُهَذَّب

آخر:
تَمْضِي حَيَاتُكَ ثُمَّ تَبْقَى صَفْحَةٌ ** كَتَبْتَ يَدَاكَ سُطُورُهَا قَبْلَ الرَّدَى

مَهْمَا مَكَثْتَ فَأَنْتَ ضَيْفٍ رَاحِلٌ ** عَنْ ذِي الدِّيَار اليومَ حَتْمًا أَوْ غَدَا

فَاتْرُكْ إِذًا أَثَرًا لِذِكْرِكَ صَالحًا ** إِنْ كُنْتَ تَبْغِي أَنْ يَدُومَ مُخَلَّدا

وَاسْأَلْ بِمَا سَأَلَ الخَلِيلُ إَلَهَهُ ** فِي سُورَةِ الشُّعَرَاء سُؤَالاً مُسَدَّدًا

فصل:
ومَن أرادَ بطاعَتِهِ ابْتغَاءَ وَجْه الله تَعَالى لا يُريْدُ به عرضًا مِن الدُّنيا، فقد أُذِنَ لَه في ذلك وَجَزَى الله خيرًا مَن طَبََعَهُ وَقْفًا لِلَّهِ، أو أعانَ على طبعِهِ، أو تَسَبَّبَ لِطَبْعِهِ وتوزيعه على إخوانه المسلمين. فقد وَرَدَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ الله يُدْخِلُ في السَّهْمِ الوَاحِدِ ثلاثة نَفَرٍ الجَنَّة: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتِهِ الخيْرَ، والرَّامِيْ بِهِ، ومُنْبِلَه» الحديث. رواه أبو دود.
وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِذَا مَاتَ الإِنسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له». الحديث رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ زَيْدْ بن خَالد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ جَهَزَ غَازيًا في سَبيلِ الله فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلف غازيًا في أهْله بِخَير فَقَدْ غزا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا يلحَقُ المؤْمِن مِن عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ ونَشَرهُ، وَوَلدًا صَالحًا ترَكَهُ، أو مُصْحَفًا ورَّثهُ، أو مَسْجِدًا بَنَاهُ، أوْ بَيْتًا لاِبْن سَبِيْل بَنَاه، أوْ نَهْرًا أجْرَاهُ، أوْ صَدَقَةَ أخْرِجَهَا مِنْ مَالِهِ في صِحَّتِهِ وحَيَاتِهِ تَلْحَقُهُ مِن بَعْدِ مَوْتِهِ». رواه ابن ماجَة، وابن خُزَيْمَة.
وَرَوَاهُ البَزَّارُ مِن حَدِيث أنسٍ إِلا أَنَّهُ قال: «سَبْعٌ تَجْرِي للْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِهِ وهو في قبره: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أوْ كَرى نهَرًا، أَوْ حَفَرَ بئرًا، أوْ غَرسَ نَخْلاً، أوْ بَنَى مَسْجِدًا، أوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ له بَعْدَ مَوْتِهِ».
فائدة عظيمة النَّفع:
وَقَفَ قومَ على عَالِمَ فَقَالوا: لَهُ إِنَّا سَائِلِوُكَ أفَمُجِيبُنَا أَنْتَ قَالَ: سَلُوا وَلا تُكْثُرُوْا فإِنَّ النَّهار لَنْ يَرْجِعَ، والعُمَرَ لَنْ يَعُودْ، والطَّالِبَ حَثْيث في طَلَبَه، قالوا: فأوْصِنَا، قال: تَزوَّدُوا عَلَى قَدْرِ سَفرِكْمْ، فَإنَّ خَيْرَ الزَّاد مَا أبْلَغَ البُغْيَةَ، ثُمَّ قَالَ: الأيَّامُ صَحَائِفَ الأعمال فخلِدُهْا أحْسَنَ الأعمال، فإنَّ الفُرصَ تَمرُّ مَرَّ السَّحَاب والتَّوانِيَ مِن أخْلاق الكُسالى، ومنَ اسْتَوطْنَ مَرْكَبَ العَجْز عَثَرَ بِه، وتَزَوَّجَ التَّوانِيَ بالكَسل فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا الخُسْران. اهـ.
مَا مَضَى فَاتَ وَالمُؤَمَّلُ غَيْبٌ ** وَلَكَ السَّاعَةُ التي أَنْتَ فِيهَا

فائدة عظيمة النَّفع:
أَشْرَفُ الأشْيَاءِ قَلْبُكَ وَوَقْتُكَ، فإذَا أَهْمَلْتَ قَلْبَكَ وضيَّعْتَ وَقْتَكَ، فَمَاذَا بَقِيَ مَعَك، كلُ الفَوَائِدِ ذَهَبَتْ.
وَذَكِّرْ بَالْتُقَى قَلْبًا غَفُولاً ** فَلَوْلا السَّقْيُ مَا نَمَتْ الزُّرُوعُ