الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال أبو عمرو الداني: سورة لقمان مكية قال ابن عباس إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة وقال عطاء إلا آيتين وذلك أن النبي لما هاجر إلى المدينة أتته أحبار اليهود فقالوا يا محمد بلغنا أنك تقول: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} تعنينا أم قومك قال كلا قد عنيت قالوا وإنك تتلو أنا قد أوتينا التوراة وفيها بيان كل شيء فقال هن في علم الله قليل فأنزل الله جل وعز: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} إلى آخر الآيتين.ونظيرتها في البصري والشامي الأحقاف ولا نظير لها في غيرهما وكلمها خمس مئة وثمان وأربعون كلمة.وحروفها ألفان ومئة وعشرة أحرف وهي ثلاثون وثلاث آيات في عدد المدنيين والمكي وأربع في عدد الباقين.اختلافها آيتان {الم} عدها الكوفي ولم يعدها الباقون {مخلصين له الدين} عدها البصري والشامي ولم يعدها الباقون وليس فيها شيء مما يشبه الفواصل..ورءوس الآي: 1- {الحكيم}.2- {للمحسنين}.3- {يوقنون}.4- {المفلحون}.5- {مهين}.6- {أليم}.7- {النعيم}.8- {الحكيم}.9- {كريم}.10- {مبين}.11- {حميد}.12- {عظيم}.13- {المصير}.14- {تعملون}.15- {خبير}.16- {الأمور}.17- {فخور}.18- {الحمير}.19- {منير}.20- {السعير}.21- {الأمور}.22- {الصدور}.23- {غليظ}.24- {لا يعلمون}.25- {الحميد}.26- {حكيم}.27- {بصير}.28- {خبير}.29- {الكبير}.30- {شكور}.31- {كفور}.32- {الغرور}.33- {خبير}. اهـ..فصل في معاني السورة كاملة: .قال المراغي: سورة لقمان:المراد بلهو الحديث: الجواري المغنيات وكتب الأعاجم وقد اشتريت حقيقة.وقال ابن مسعود: لهو الحديث: الرجل يشترى جارية تغنيه ليلا ونهارا.وعن ابن عمر أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول في لهو الحديث: «إنما ذلك شراء الرجل اللعب والباطل» وسبيل اللّه: هو دينه والهزو: السخرية مهين: أي تلحقهم به الإهانة وقرا: أي صمما يمنعهم من السماع.العمد: واحدها عماد وهو ما يعمد به أي يسند به تقول: عمدت الحائط إذا دعمته رواسى: أي جبالا ثوابت تميد: أي تضطرب والبثّ: الإثارة والتفريق كما قال: {كَالْفَراش الْمَبْثُوث} والمراد الإيجاد والإظهار: وزوج: أي صنف كريم:أي شريف كثير المنفعة.لقمان كان نجارا أسود من سودان مصر ذا مشافر آتاه اللّه الحكمة ومنحه النبوة.والحكمة: العقل والفطنة وقد نسب إليه من المقالات الحكيمة شيء كثير كقوله لابنه: أي بنىّ إن الدنيا بحر عميق وقد غرق فيها ناس كثيرون فاجعل سفينتك فيها تقوى اللّه تعالى وحشوها الإيمان وشراعها التوكل على اللّه لعلك تنجو ولا أراك ناجيا.وقوله: من كان له من نفسه واعظ كان له من اللّه حافظ ومن أنصف الناس من نفسه زاده اللّه بذلك عزا والذل في طاعة اللّه أقرب من التعزز بالمعصية.وقوله: يا بنىّ لا تكن حلوا فتبتلع ولا مرّا فتلفظ.وقوله: يا بنى إذا أردت أن تواخى رجلا فأغضبه قبل ذلك فإن أنصفك عند غضبه فآخه وإلا فاحذره.والشكر: الثناء على اللّه تعالى وإصابة الحق وحب الخير للناس وتوجيه الأعضاء وجميع النعم لما خلقت له.العظة: تذكير بالخير يرقّ له القلب والوهن: الضعف والفصال: الفطام جاهداك: أي حرصا على متابعتك لهما في الكفر أناب: أي رجع المثقال:ما يوزن به غيره ومثقال حبة الخردل مثل في الصغر لطيف: أي يصل علمه إلى كل خفىّ خبير: أي عليم بكنه الأشياء وحقائقها من عزم الأمور: أي من الأمور المعزومة التي قطعها اللّه قطع إيجاب تصعير الخد: ميله وإبداء صفحة الوجه وهو من فعل المتكبرين قال أعرابى: وقد أقام الدهر صعرى بعد أن أقمت صعره وقال عمرو بن حنىّ التغلبي:وفى الحديث: «يأتى على الناس زمان ليس فيهم إلا أصعر أو أبتر»، والأصعر: المعرض بوجهه كبرا وفى الحديث: «كل صعّار ملعون» أي كل ذى أبهة وكبر هو كذلك. مرحا: أي فرحا وبطرا والمختال: هو الذي يفعل الخيلاء وهى التبختر في المشي كبرا والفخور: من الفخر وهو المباهاة بالمال والجاه ونحو ذلك اقصد: أي توسط اغضض: أي انقص منه وأقصر من قولهم: فلان يغضّ من فلان إذا قصّر به ووضع منه وحط من قدره أنكر الأصوات: أي أقبحها وأصعبها على السمع من نكر بالضم نكارة أي صعب.يسلم وجهه: أي يفوّض أمره محسن: أي مطيع للّه في أمره ونهيه والمراد بالعروة الوثقى أوثق العرى وأمتنها وهو مثل: وأصله أن من يرقى في جبل شاهق أو يتدلى منه يستمسك بحبل متين مأمون الانقطاع نضطرهم: أي نلزمهم وغليظ: أي ثقيل ثقل الأجرام الغلاظ.يولج: أي يدخل والمراد أنه يضيف الليل إلى النهار والعكس بالعكس فيتفاوت بذلك حال أحدهما زيادة ونقصانا تجرى أي تسير سيرا سريعا بنعمة اللّه أي بما تحمله من الطعام والمتاع ونحوهما غشيهم: أي غطاهم والظلل: واحدها ظلة وهى كما قال الراغب: السحابة تظلّ مقتصد: أي سالك للقصد أي للطريق المستقيم وهو التوحيد لا يعدل عنه إلى غيره وما يجحد: أي ما ينكر وختار: من الختر وهو أشد الغدر قال عمرو بن معد يكرب: وقال الأعشى: اتقوا ربكم: أي خافوا عقابه لا يجزى: أي لا يغنى والغرور: ما غرّ الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان والساعة: يوم القيامة ما في الأرحام: أي ما في أرحام النساء من صفاته وأحواله كالذكورة والأنوثة والحياة والموت وغيرها من الأعراض. اهـ. باختصار. .قال أبو جعفر النحاس: سورة لقمان:وهي مكية قال عبد الله بن عباس هي مكية إلا ثلاث آيات منها فإنهن نزلن بالمدينة وهن قوله جل وعز ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام إلى تمام الآيات الثلاث.1- من ذلك قوله عز وجل: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} آية 6 روى سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري قال سئل عبد الله بن مسعود عن قوله جل وعز: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} فقال الغناء والله الذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات.وبغير هذا الإسناد عنه والغناء ينبت في القلب النفاق وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الرجل يشتري الجارية المغنية تغنيه ليلا أو نهارا وروي عن ابن عمر هو الغناء وكذلك قال عكرمة وميمون بن مهران ومكحول وروى علي بن الحكم عن الضحاك {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال الشرك.وروى جويبر عنه قال الغناء مهلكة للمال مسخطة للرب مقساة غير للقلب وسئل القاسم بن محمد عنه فقال الغناء باطل والباطل في النار قال أبو جعفر وأبين ما قيل في الآية ما رواه عبد الكريم عن مجاهد قال الغناء وكل لعب لهو قال أبو جعفر فالمعنى ما يلهيه من الغناء وغيره مما يلهي وقد قال معمر بلغني أن هذه الآية نزلت في رجل من بني عدي يعنى النضر بن الحارث كان يشتري الكتب التي فيها أخبار فارس والروم ويقول محمد يحدثكم عن عاد وثمود وأنا أحدثكم عن فارس والروم ويستهزئ بالقرآن إذا سمعه.2- وقوله جل وعز: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا} آية 6 أي ليضل غيره وإذا أضل غيره فقد ضل وليضل هو أي يئول أمره إلى هذا كما قال ربنا ليضلوا عن سبيلك.3- وقوله جل وعز: {كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا} آية 7 قال مجاهد وقرا أي ثقلا.4- وقوله جل وعز: {خلق السموات بغير عمد ترونها} يجوز أن تكون ترونها بمعنى ترونها بغير عمد ويجوز أن تكون نعتا على قول من قال هي بعمد ولكن لا يرونها قال أبو جعفر والقولان يرجعان إلى معنى واحد لأن من قال إنها بعمد إنما يريد بالعمد قدرة الله جل وعز التي يمسك بها السموات والأرض.5- ثم قال جل وعز: {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم} آية 10 أي جبالا ثابتة وقد رسا أي ثبت أن تميد بكم أي كراهة أن تميد بكم يقال ماد يميد إذا اشتدت حركته.6- وقوله جل وعز: {هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه} آية 11 هذا خلق الله يعني ما ذكر من خلق السموات وغيرها فأروني ماذا خلق الذين من دونه أي مما تعبدونه.7- ثم أعلم أنهم في ضلال فقال سبحانه: {بل الظالمون في ضلال مبين} آية 11.8- ثم قال جل وعز: {ولقد آتينا لقمان الحكمة} آية 12 روى سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال كان لقمان من سودان مصر.وقال غيره كان في وقت داود النبي صلى الله عليه وسلم قال وهب بن منبه قرأت من حكمته أرجح من عشرة آلاف باب قال مجاهد الحكمة التي أوتيها العقل والفقه والصواب في الكلام من غير نبوة قال زيد بن أسلم الحكمة العقل في دين الله عز وجل ويقال إن ابنه اسمه ثاران.9- وقوله جل وعز: {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} قال الأصمعي الظلم وضع الشئ في غير موضعه.قال أبو جعفر الشرك نسب نعمة الله جل وعز إلى غيره لأن الله جل وعز الرزاق والمحيي والمميت وقال هو ظالم لنفسه.10- ثم قال جل وعز: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن} آية 14 وقرأ عيسى وهنا على وهن قال الضحاك الوهن الضعف وكذلك هو في اللغة يقال وهن يهن ووهن يوهن ووهن يهن مثل ورم يرم إذا ضعف يعني ضعف الحمل وضعف الطلق وضعف النفاس.11- ثم قال جل وعز: {وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك} آية 14 {وفصاله في عامين} أي فطامه في عامين {أن اشكر لي ولوالديك} على التقديم والتأخير والمعنى ووصينا الإنسان أن اشكر لي ولوالديك.12- ثم قال جل وعز: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} آية 15 يروى أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص.13- ثم قال جل وعز: {وصاحبهما في الدنيا معروفا} آية 15 أي مصاحبا معروفا يقال صاحبته مصاحبة ومصاحبا ومعروفا أي ما يحسن.14- ثم رجع إلى الإخبار عن لقمان فقال: {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله} آية 16 وهذا على التمثيل كما قال سبحانه: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره} قال سفيان بلغني أنه الصخرة التي عليها الأرضون وروى أن ابن لقمان سأله عن حبة وقعت في مقل البحر أي في مغاصه أحمد فأجابه بهذا قال أبو مالك يأت بها الله أي يعلمها الله.15- ثم قال جل وعز: {إن الله لطيف خبير} آية 16 قال أبو العالية أي لطيف باستخراجها خبير بمكانها.16- وقوله جل وعز: {ولا تصعر خدك للناس} آية 18 وقرأ الجحدري {ولا تصعر} ويقرأ: {ولا تصاعر} قال الحسن وقتادة والضحاك في قوله تعالى: {ولا تصعر} الإعراض عن الناس قال قتادة لا تتكبر فتعرض وقال إبراهيم هو التشدق، قال أبو الجوزاء يقول بوجهه هكذا ازدراء بالناس قال أبو جعفر أصل هذا من الصعر وهو داء يأخذ الإبل تلوي منها أعناقها فقيل هذا للمتكبر لأنه يلوي عنقه تكبرا وتصعر على التكثير وتصعر تلزم نفسك بهذا لأنه يفعله ولا داء به وتصاعر أي تعارض بوجهك.17- ثم قال جل وعز: {ولا تمش في الأرض مرحا} آية 18 أي متبخترا متكبرا.18- وقوله جل وعز: {واقصد في مشيك واغضض من صوتك} آية 19 {واقصد في مشيك} أي يكون متوسطا روى حيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب {واقصد في مشيك} قال من السرعة ثم قل {واغضض من صوتك} آية 19 أي انقص منه وقد غض بصره ومنه فلان يغض من الناس.19- ثم قال تعالى: {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} آية 19 أي أقبحها ومنه أتانا بوجه منكر.20- ثم قال جل وعز: {ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض} آية 20 ما في السموات يعني الشمس والقمر والنجوم وما في الأرض من البحار والدواب وغيرها.21- ثم قال جل وعز: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} آية 20 وقرأ ابن عباس وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة على التوحيد وقال هو ومجاهد هي الإسلام ويجوز أن تكون نعمة بمعنى نعم كما قال سبحانه: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}.22- وقوله جل وعز: {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى} آية 22 روى سعيد بن جبير عن ابن عباس فقد استمسك بالعروة الوثقى قال لا إله إلا الله.23- وقوله جل وعز: {وَلَوْ أَنَّما في الْأَرْض منْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ منْ بَعْده سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفدَتْ كَلماتُ اللَّه إنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ} آية 27 في رواية أبي عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس قال قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم بلغنا أنك تقول: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} فهذا لنا أو لغيرنا فقال صلى الله عليه وسلم للجميع فقالوا أما علمت أن الله أعطى موسى التوراة وخلفها فينا ومعنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم التوراة وما فيها من الأنباء في علم الله جل وعز قليل فأنزل الله: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله} إلى تمام ثلاث آيات قال أبو جعفر فقد تبين أن الكلمات هاهنا يراد بها العلم وحقائق الأشياء لأنه علم قبل أن يخلق الخلق ما هو خالق في السموات والأرض من شئ وعلم ما فيه من مثاقيل الذر وعلم الأجناس كلها وما فيها من شعرة وعضو وما في الشجرة من ورقة وما فيها من ضروب الخلق وما يتصرف فيه من ضروب الطعم واللون فلو سمى كل دابة وحدها وسمى أجزائها على ما يعلم من قليلها وكثيرها وما تحولت عليه في الأحوال وما زاد فيها في كل زمان وبين كل شجرة وحدها وما تفرعت عليه وقدر ما ييبس من ذلك في كل زمان ثم كتب البيان عن كل واحد منها على ما أحاط الله عز وجل منها ثم كان البحر مدادا لذلك البيان الذي بين الله عز وجل تلك الأشياء يمده من بعده سبعة أبحر لكان البيان عن تلك الأشياء أكثر.24- وقوله جل وعز: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير} قال مجاهد إنما يقول كن فيكون القليل والكثير.25- وقوله جل وعز: {فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد} آية 32 قال مجاهد فمنهم مقتصد في القول وهو كافر وقيل مقتصد أي مقتصد في فعله خبر أن منهم من لا يشرك.26- وقوله جل وعز وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور آية 32 قال مجاهد وقتادة الختار الغدور قال أبو جعفر الختر في كلام العرب أقبح الغدر.27- وقوله جل وعز: {فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} آية 33 قال مجاهد والضحاك الغرور الشيطان.28- وقوله جل وعز: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث} روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مفاتح الغيب خمسة وقد ذكرنا هذا بإسناده في سورة الأنعام في قوله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب} الآية.انتهت سورة لقمان. اهـ.
|