الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدهش في المحاضرات (نسخة منقحة)
.الفصل الثالث والثمانون: إخواني: أعجب العجائب أن النقاد يخافون دخول البهرج في أموالهم والمبهرج آمن، هذا الصديق يمسك لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد، وهذا عمر، يقول: يا حذيفة هل أنا منهم؟ والمخلط على بساط الأمن:لله درّ أقوام شغلهم حب مولاهم عن لذات دنياهم، اسمع حديثهم إن كنت ما تراهم، خوفهم قد أزعج وأقلق، وحذرهم قد أتلف وأحرق، وحادي جدهم مجد لا يترفق، كلما رأى طول الطريق نص وأعنق، وكيف يحسن الفتور؟ وأوقات السلامة تسرق دموعهم في أنهار الخدود تجري وتتدفق، يشتاقون إلى الحبيب إليهم أشوق، يا حسنهم في الدجى ونورهم قد أشرق، والحياء فائض والرأس قد أطرق، والأسير يتلظى ويترجى أن يعتق، إذا جاء الليل تغالب النوم والسهر، والخوف والشوق في مقدم عسكر اليقظة والكسل والتاني في كتيبة الغفلة، فإذا حمل الصبر حمل على القيام فانهزمت جنود الفتور، فما يطلع الفجر إلا وقد قسمت السهمان، سفر الليل، لا يطيقه إلا مضمر المجاعة، النحائب في الأول وحاملات الزاد في الأخير، قام المتهجدون على أقدام الجد تحت ستر الدجى يبكون على زمان ضاع في غير الوصال: إن ناموا توسدوا أذرع الهمم وإن قاموا فعلى أقدام القلق، لما امتلأت أسماعهم بمعاتبة كذب من ادعى محبتي فإذا جن الليل نام عني، حلفت أجفانهم على جفاء النوم. ما زالت مطايا السهر تذرع بيد الدجى، وعيون آمالها لا ترى إلا المنزل، وحادي العزم يقول في إنشاده: يا رجال الليل جدوا إلى أن نم النسيم بالفجر. فقام الصارخ ينعي الظلام فلما هم الليل بالرحيل، تشبثوا بذيل السحر. قال علي بن بكار، منذ أربعين سنة ما أحزنني إلا طلوع الفجر، لو قمت في السحر لرأيت طريق العباد قد غص بالزحام، لو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون: يا بعيدًا عنهم يا من ليس منهم أليس لك نية في لحاقهم؟ أسرج كميتك، واجرر زمامك، يقف بك على المرعى، يا من يستهول أحال القوم تنقل في المراقي تعل. قال أبو يزيد: ما زلت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي حتى سقتها وهي تضحك. للخفاجي: .الفصل الرابع والثمانون: أخواني دنا رحيلكم وقد بان سبيلكم وسيهجركم خليلكم وقد نصحكم دليلكم.تذكر يا من جنى ركوب الجنازة وتصور ما من مأوى في طول المفازة ودع الدنيا مودعا للحلاوة والمزازة أرقم من قلبك ذكر الجزاء على جزازة كم ظالم تعدى وجار فما رعى الأهل ولا الجار حل به الموت فحل الأزرار وأدبر عن الأوامر فأحاط به الأدبار ودار عليه بالدوائر فأخرجه من الدار وخلا بعمله ثاني إثنين ولكن لا في الغار فانتبهوا فإنما هي جنة أو نار يا من يحدثه الأمل فيستمع ويخوفه الأجل فلا يرتدع وصل الصالحون إلى المنى يا منقطع وجوزوا على صبرهم أي والله لم يضع تلمح العواقب فتلمحها للعقل وضع كأنه ما جاع قط من شبع إذا تلاقحت غروس المجاهدة تلاحقت ثمار المدائح. اشراف الأوصال أوصاف الأشراف سادات العادات عادات عادات السادات أحرار الشيم شيم الأحرار أقدموا على الفضائل وتأخرت وقدموا الأهم وأخرت الشجاع يلبس القلب على الدرع والجبان يلبس الدرع على القلب.للمتنبي: لوح للقوم فأجابوا وكرر الصياح بك وما تلتفت إذا سمعوا موعظة غرست في قلوبهم نخيل العزائم ونبات عزمك عند الزواجر كنبات الكشوثا كم بين ثالثة الأثافي وسادسة الأصابع بع باعا من عيشك بفتر من حياتهم لو صدق عزمك قذفتك ديار الكسل إلى بيداء الطلب كان سلمان أعجميا فلما سمع بنبي عربي صار بدوي القلب.للمهيار: أين وصفك من هذه الأوصاف أين شجرة الزيتون من شجر الصفصاف صعد القوم ونزلت وجدوا في الجد وهزلت. إن بينك وبين القوم كما بين اليقظة والنوم أين مسك من حماة ونجور من بخار وصفوة من قذى.دخلوا على عابد فقالوا له لو رفقت بنفسك فقال من الرفق أتيت إسمع يا كسلان كانوا في طلب العلى يجتهدون ولا يرضون بدون على أنهم يعانون فيما يعانون القوم مع الحق حاضرون عن الخلق غائبون فقولوا لعاذليهم لمن تعذلون.للمهيار: كان بشر لا ينام الليل ويقول أخاف أن يأتي أمر وأنا نائم: بقي بشر خمسين سنة يشتهي شهوة، فما صفا له درهم، وبضائع أعماركم كلها منفقة في الشهوات من الشبهات، أبشروا بطول المرض يا مخلطين: يا من فاتوه وتخلف بل ثراهم من دمع الأسف. جز بنادي المحبة وناد بالقوم تراهم كالفراش تحت النيران.للشريف الرضيّ: تشتد عليهم نار الخوف فيشرفون على التلف، لولا نسيم بذكراهم يروحني، ينبسطون انبساط المحب، ثم ينقبضون انقباض الخائف، هذا اللينوفر ينشر أجنحة الطرب في الدجى، فإذا أحس بالفجر جمع نفسه واستحى من فارط فإذا طلعت الشمس نكس رأسه في الماء خجلًا من انبساطه: كلما جاء كلامي صعد، كلما زادت الوقود فاحت ريح العود، أفيكم مستنشق؟ أو كلّكم مزكوم؟ إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن، باح مجنون عامر بهواه. أتجدون يا إخواني ما أجد من ريح النسيم؟
|