الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.كِتَابُ الشُّفْعَةِ الْأَوَّلُ: .بَابُ تَشَافُعِ أَهْلِ الذِّمَّةِ: قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الْمُسْلِمِ وَالنَّصْرَانِيِّ تَكُونُ بَيْنَهُمَا الدَّارُ فيبِيعُ الْمُسْلِمُ نَصِيبَهُ، هَلْ لِلنَّصْرَانِيِّ فيهِ شُفْعَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ أَرَى ذَلِكَ لَهُ، مِثْلُ لَوْ كَانَ شَرِيكُهُ مُسْلِمًا. قُلْت: فَلَوْ كَانَ ذِمِّيَّانِ شَرِيكَيْنِ في دَارٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا، أَتَكُونُ لِصَاحِبِهِ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ: إنْ تَحَاكَمَا إلَى الْمُسْلِمِينَ حُكِمَ بَيْنَهُمَا بِالشُّفْعَةِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: إذَا تَرَاضَيَا فَأَرَى أَنْ يُحْكَمَ بَيْنَهُمَا بِالشُّفْعَةِ. .بَابُ تَشَافُعِ أَهْلِ السِّهَامِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الشُّفْعَةُ لِأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَأَخِيهِ لِأَبِيهِ جَمِيعًا، لَيْسَتْ الشُّفْعَةُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَخُ لَمْ يَبِعْ، وَلَكِنْ وُلِدَ لِأَحَدِهِمْ أَوْلَادٌ، ثُمَّ مَاتَ الَّذِي وُلِدَ لَهُ، فَبَاعَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ هَذَا الْمَيِّتِ حِصَّتَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الشُّفْعَةُ لِأَخَوَيْهِ أَوْلَادِ هَذَا الْمَيِّتِ دُونَ أَعْمَامِهِمْ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ صَارُوا أَهْلَ وِرَاثَةٍ دُونَ أَعْمَامِهِمْ. قُلْت: فَكُلُّ قَوْمٍ وَرِثُوا رَجُلًا وَبَعْضُ الْوَرَثَةِ أَقْعَدُ بِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضِ، وَإِنَّمَا تَعَدُّدُهُمْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَقْرَبُ بِأُمِّهِ، وَهُمْ أَهْلُ سَهْمٍ وَاحِدٍ أَوْلَادُ عِلَّاتٍ أَوْ إخْوَةٌ مُخْتَلِفُونَ، فَبَاعَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ، فَالشُّفْعَةُ لِجَمِيعِهِمْ - في قَوْلِ مَالِكٍ - وَلَا تَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلَّذِي هُوَ أَقْعَدُ بِهَذَا الْبَائِعِ؟ قَالَ: نَعَمْ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ سَهْمٍ وَاحِدٍ جَمِيعُهُمْ، فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُمْ جَمِيعِهِمْ، فَلَا يُنْظَرُ في هَذَا إلَى مَنْ هُوَ أَقْعَدُ بِالْبَائِعِ مِنْ صَاحِبِهِ. قُلْت: فَإِنْ وُلِدَ لِأَحَدِهِمْ وَلَدٌ فَمَاتَ، وَبَاعَ أَحَدُ وَلَدِهِ، أَيَنْتَقِلُ هَذَا الْأَمْرُ، وَيَصِيرُونَ شُفَعَاءَ - بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ - دُونَ أَهْلِ السَّهْمِ الْأَوَّلِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ انْتَقَلُوا مِنْ حَالِ السَّهْمِ الْأَوَّلِ إلَى وِرَاثَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ، فَبَعَضُهُمْ أَوْلَى بِشُفْعَةِ بَعْضٍ، فَإِنْ سَلَّمَ هَؤُلَاءِ شُفْعَتَهُمْ فَالشُّفْعَةُ لِأَعْمَامِهِمْ عِنْدَ مَالِكٍ. وَإِنْ بَاعَ بَعْضُ الْأَعْمَامِ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ إخْوَتِهِ وَوَلَدِ إخْوَتِهِ جَمِيعًا، مِنْ قِبَلِ أَنَّ وَالِدَهُمْ كَانَ في ذَلِكَ السَّهْمِ الَّذِي وَرِثَهُ الْأَعْمَامُ؛ لِأَنَّ وَالِدَهُمْ كَانَ في ذَلِكَ السَّهْمِ وَلَيْسَ الْأَعْمَامُ مَعَهُمْ في شُفْعَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ صَارُوا أَهْلَ وِرَاثَةٍ دُونَ الْأَعْمَامِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَتَرَكَ دَارًا، فَلَمْ يَقْتَسِمْنَ الدَّارَ حَتَّى بَاعَتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ حِصَّتَهَا مَنْ الدَّارِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الشُّفْعَةُ لِأُخْتِهَا دُونَ عَمَّتَيْهِمَا؛ لِأَنَّهَا وَأُخْتَهَا أَهْلُ سَهْمٍ دُونَ عَمَّتَيْهِمَا، وَإِنَّمَا عَمَّتَاهُمَا هُنَا عِنْدَ مَالِكٍ عَصَبَةٌ. قُلْت: فَإِنْ لَمْ تَبِعْ الِابْنَةُ وَلَكِنْ بَاعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ حِصَّتَهَا؟ قَالَ: فَالشُّفْعَةُ لِأُخْتِهَا وَلِلِابْنَتَيْنِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. قُلْت: وَلِمَ جَعَلَ مَالِكٌ الشُّفْعَةَ لِلْبَنَاتِ دُونَ الْأَخَوَاتِ، وَجَعَلَ شُفْعَةَ الْأَخَوَاتِ لِلْبَنَاتِ وَلِلْأَخَوَاتِ جَمِيعًا؟ قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا كَانَ أَهْلُ سَهْمٍ وَرِثُوا رَجُلًا، وَوَرِثَتْ مَعَهُمْ عَصَبَتُهُمْ، فَبَاعَ بَعْضُ أَهْلِ السَّهْمِ حِصَّتَهُ، فَأَهْلُ السَّهْمِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ عَصَبَتِهِ. وَإِنْ بَاعَ أَحَدٌ مِنْ الْعَصَبَةِ حِصَّتَهُ فَأَهْلُ السَّهْمِ وَالْعَصَبَةُ في الشُّفْعَةِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ أَهْلَ السَّهْمِ هُوَ لَهُمْ شَيْءٌ مُسَمًّى في كِتَابِ اللَّهِ، وَالْعَصَبَةُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ مُسَمًّى وَلَيْسَ لَهُمْ سَهْمٌ مُسَمًّى. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ نِصْفَ دَارٍ لَهُ - شِرْكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ في الدَّارِ مُشَاعَةً غَيْرَ مَقْسُومَةٍ، فَوِرْثَهُ عَصَبَتُهُ، فَبَاعَ رَجُلٌ مِنْ الْعَصَبَةِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّارِ، أَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلْعَصَبَةِ دُونَ شُرَكَائِهِمْ في الدَّارِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ مَالِكٌ: الشُّفْعَةُ لِلْعَصَبَةِ دُونَ شُرَكَائِهِمْ في الدَّارِ، فَإِنْ سَلَّمَ الْعَصَبَةُ الشُّفْعَةَ فَالشُّفْعَةُ لِشُرَكَائِهِمْ. قُلْت: لِمَ وَالْعَصَبَةُ هَهُنَا لَيْسُوا أَهْلَ سَهْمٍ مُسَمًّى؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ أَهْلُ وِرَاثَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَهْمٌ مُسَمًّى. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ هَلَكَ رَجُلٌ وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَعَصَبَةً، وَتَرَكَ نِصْفَ دَارٍ شِرْكَتُهُ فيهَا مُشَاعَةٌ غَيْرُ مَقْسُومَةٍ، فَبَاعَتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ حِصَّتَهَا فَسَلَّمَتْ أُخْتُهَا الشُّفْعَةَ، أَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلْعَصَبَةِ دُونَ الشُّرَكَاءِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ وَالْبَنَاتِ أَهْلُ وِرَاثَةٍ دُونَ الشُّرَكَاءِ. قُلْت: فَالْجَدَّتَانِ إذَا وَرِثَتَا السُّدُسَ، أَتَجْعَلُهُمَا أَهْلَ سَهْمٍ؟ وَتَحْمِلُهُمَا مَحْمَلَ أَهْلِ السَّهْمِ؟ أَمْ تَجْعَلهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْعَصَبَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُمَا بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ السَّهْمِ، الشُّفْعَةُ لَهُمَا دُونَ مَنْ وَرِثَ الْمَيِّتَ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّ الْجَدَّتَيْنِ أَهْلُ سَهْمٍ. قُلْت: وَلَا يَرِثُ في قَوْلِ مَالِكٍ أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَا يَرِثُ في قَوْلِ مَالِكٍ مِنْ الْجَدَّاتِ أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتَيْنِ. قُلْت: فَإِنْ كُنَّ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ، مَعَهُنَّ وَرَثَةٌ سِوَاهُنَّ، فَبَاعَتْ إحْدَى الْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ حِصَّتَهَا مِنْ الدَّارِ؟ قَالَ: فَالْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلُ سَهْمٍ دُونَ سِوَاهُنَّ مِنْ الْوَرَثَةِ. قُلْت: فَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ إذَا أَخَذَتْ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ أَوْ الْأَبِ النِّصْفَ، وَأَخَذَ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، فَبَاعَتْ إحْدَى الْأَخَوَاتِ حِصَّتَهَا، فَطَلَبَتْ الْأُخْتُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَنْ تَدْخُلَ مَعَهُنَّ في الشُّفْعَةِ، وَقَالَ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ: الشُّفْعَةُ لَنَا دُونَك؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في هَذَا شَيْئًا، وَأَرَى الشُّفْعَةَ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ مَعَ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلُ سَهْمٍ وَاحِدٍ. أَلَا تَرَى أَنَّ السُّدُسَ الَّذِي صَارَ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ، إنَّمَا هُوَ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنَّمَا هَذَا سَهْمٌ وَاحِدٌ. .بَابُ اقْتِسَامِ الشُّفْعَةِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا الشُّفْعَةُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَلَيْسَ عَلَى عَدَدِ الرِّجَالِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: الشُّفْعَةُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ. .بَابُ التَّشَافُعِ وَالشَّرِكَةِ في السَّاحَةِ وَالطَّرِيقِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ لَا شُفْعَةَ بَيْنَهُمْ إذَا اقْتَسَمُوا. قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا السَّاحَةَ، قَدْ اقْتَسَمُوا الْبُيُوتَ، فَلَا شُفْعَةَ بَيْنَهُمْ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَقِيلَ لِمَالِكٍ: أَرَأَيْت إذَا كَانَتْ السَّاحَةُ وَاسِعَةً، فَأَرَادُوا قِسْمَتَهَا فيأْخُذُ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ قَدْرَ حِصَّتِهِ يَحُوزُهُ إلَى مَنْزِلِهِ فيرْتَفِقُ بِهِ؟ قَالَ: إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ ضَرَرًا رَأَيْت أَنْ يُقْسَمَ. قُلْت: أَرَأَيْت السِّكَّةَ غَيْرَ النَّافِدَةِ تَكُونُ فيهَا دُورٌ لِقَوْمٍ، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ دَارِهِ، أَيَكُونُ لِأَصْحَابِ السِّكَّةِ الشُّفْعَةُ في ذَلِكَ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا شُفْعَةَ لَهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: وَلَا تَكُونُ الشُّفْعَةُ - في قَوْلِ مَالِكٍ - بِالشَّرِكَةِ في الطَّرِيقِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَا شُفْعَةَ بَيْنَهُمْ إذَا كَانُوا شُرَكَاءَ في الطَّرِيقِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا شُفْعَةَ بَيْنَهُمْ إذَا اقْتَسَمُوا الدَّارَ وَإِنْ كَانَتْ السَّاحَةُ بَيْنَهُمْ لَمْ يَقْتَسِمُوهَا. .بَابُ مَا لَا تَقَعُ فيهِ الشُّفْعَةُ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شُفْعَةَ إلَّا في الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ. فَلَتَ: وَالشَّجَرُ؟ قَالَ: الشَّجَرُ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلِ. قَالَ: وَقَدْ جَعَلَ مَالِكٌ في الثَّمَرِ الشُّفْعَةَ. قُلْت: وَلَا شُفْعَةَ في دَيْنٍ وَلَا حَيَوَانٍ وَلَا سُفُنٍ وَلَا بَزٍّ وَلَا طَعَامٍ وَلَا في شَيْءٍ مِنْ الْعُرُوضِ وَلَا سَارِيَةٍ وَلَا حَجَرٍ وَلَا في شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، سِوَى مَا ذَكَرْت لِي كَانَ مِمَّا يُقْسَمُ أَوْ لَا يُقْسَمُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَا شُفْعَةَ في ذَلِكَ، وَلَا شُفْعَةَ إلَّا فيمَا ذَكَرْت لَك. .الشُّفْعَةُ في النَّقْضِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في رَجُلٍ أَذِنَ لِرَجُلٍ أَنْ يَبْنِيَ في عَرْصَتِهِ، فَأَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهَا وَيَأْخُذُ نَقْضَهُ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: صَاحِبُ الْعَرْصَةِ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ النَّقْضِ وَيَأْخُذَهَا فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَبَى أَسْلَمَهَا إلَى صَاحِبِهَا يَنْقُضُهَا. قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْمٍ حُبِسَتْ عَلَيْهِمْ دَارٌ فَبَنَوْا فيهَا، ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمْ مَاتَ، فَأَرَادَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ الْبُنْيَانِ، فَقَالَ إخْوَتُهُ: نَحْنُ نَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ. أَفَتَرَى في مِثْلِ هَذَا شُفْعَةً لَهُمْ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: مَا الشُّفْعَةُ إلَّا في الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ، وَإِنَّ هَذَا الشَّيْءَ مَا سَمِعْت فيهِ شَيْئًا، وَمَا أَرَى إذَا نَزَلَ مِثْلُ هَذَا إلَّا وَلَهُمْ في ذَلِكَ الشُّفْعَةُ. وَنَزَلْت بِالْمَدِينَةِ فَرَأَيْت مَالِكًا اسْتَحْسَنَ أَنْ يُجْعَلَ في مِثْلِ ذَلِكَ الشُّفْعَةُ. فَمَسْأَلَتُك، إنْ أَحَبَّ صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَ نَقْضَهُ بِالْقِيمَةِ أَخَذَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْظَرْ في ذَلِكَ إلَى مَا بَاعَ بِهِ صَاحِبُ النَّقْضِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ وَيَدْفَعَ إلَى رَبِّ النَّقْضِ قِيمَةَ نَقْضِهِ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ النَّقْضِ أَكْثَرَ مِمَّا بَاعَ بِهِ، فيكُونَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ بِهَذَا الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَضِيَ بِهَذَا، فَإِنْ أَبَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ، فَالشَّرِيكُ أَوْلَى مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الشُّرَكَاءِ الَّذِينَ بَنَوْا في حَبْسِهِمْ فَبَاعَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ رَأَى لَهُمْ الشُّفْعَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُدْخِلُ عَلَى الْبَاقِي مِنْهُمْ إذَا تَرَكَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مَضَرَّةً إذَا صَارَ هَذَا يَهْدِمُ نِصْفَ كُلِّ بَيْتٍ فيدْخُلُ في ذَلِكَ فَسَادٌ. قَالَ: وَإِنَّمَا أَصْلُ الشُّفْعَةِ إنَّمَا جُعِلَتْ لِلْمَضَرَّةِ. .شُفْعَةُ الْعَبِيدِ: قَالَ: نَعَمْ، لَهُمْ الشُّفْعَةُ عِنْدَ مَالِكٍ. .شُفْعَةُ الصَّغِيرِ: قَالَ: الْوَالِدُ. قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَالِدٌ؟ قَالَ: فَالْوَصِيُّ. قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ؟ قَالَ: فَالسُّلْطَانُ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ في مَوْضِعٍ لَا سُلْطَانَ فيهِ، وَلَا أَبَ لَهُ وَلَا وَصِيَّ؟ قَالَ: فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ. قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ لِهَذَا الصَّغِيرِ وَالِدٌ، فَلَمْ يَأْخُذْ لَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَلَمْ يَتْرُكْ حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ، وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ عَشْرُ سِنِينَ، أَيَكُونُ الصَّبِيُّ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى لِلصَّغِيرِ فيهِ شُفْعَةً؛ لِأَنَّ وَالِدَهُ بِمَنْزِلَتِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّبِيَّ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ بَلَغَ فَتَرَكَ أَنْ يَأْخُذَ شُفْعَتَهُ عَشْرِ سِنِينَ، لَكَانَ ذَلِكَ قَطْعًا لِشُفْعَتِهِ وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك؛ لِأَنَّ وَالِدَهُ بِمَنْزِلَتِهِ. .في أَجَلِ شُفْعَةِ الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ: قَالَ: وَقَفْت مَالِكًا عَلَى السَّنَةِ فَلَمْ يَرَهُ كَثِيرًا، وَلَمْ يَرَ السَّنَةَ مِمَّا تُقْطَعُ بِهِ الشُّفْعَةُ. وَقَالَ: التِّسْعَةُ الْأَشْهُرِ وَالسَّنَةُ قَرِيبٌ، وَلَا أَرَى فيهَا قَطْعًا لِلشُّفْعَةِ. قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: فَلَوْ كَانَ هَذَا الشَّفيعُ قَدْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ في هَذَا الِاشْتِرَاءِ، ثُمَّ قَامَ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ قَدْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ، فَلَا أَرَى في ذَلِكَ مَا تُقْطَعُ بِهِ شُفْعَتُهُ. قَالَ: وَلَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ مَا وَرَاءِ ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: وَأَرَى إنْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ، أَنْ يُسْتَحْلَفَ مَا كَانَ وُقُوفُهُ تَرْكًا لِلشُّفْعَةِ إذَا تَبَاعَدَ هَكَذَا. .بَابُ أَخْذِ الشُّفْعَةِ الْجَدُّ لِابْنِ ابْنِهِ وَشُفْعَةِ الْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ: قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى، أَنْ يُرْفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ فينْظُرَ في ذَلِكَ. قُلْت وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، أَلَهُمَا الشُّفْعَةُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبِيدَ لَهُمْ الشُّفْعَةُ عِنْدَ مَالِكٍ. .بَابُ اخْتِلَافِ الْمُشْتَرِي وَالشَّفيعِ في الثَّمَنِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُشْبِهُ فَلَا يُصَدَّقُ عِنْدِي، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ، يَرْغَبُ أَحَدُهُمْ في الدَّارِ لِضِيقِ دَارِهِ فيثَمِّنُهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ. قُلْت: وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ؟ قَالَ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا فيمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فيهِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ؟ قَالَ: إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ في الْعَدَالَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي في الثَّمَنِ، وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الدَّارَ في يَدِهِ وَهَذَا رَأْيِي. .بَابُ عُهْدَةِ الشَّفيعِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَخَذَ شِقْصًا في دَارٍ بِشُفْعَةٍ، فَإِنَّمَا عُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ. قَالَ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ عِنْدَ مَالِكٍ، قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ. قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْت عَنْهُ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ: أَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ في أَنَّ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَنَّ الشَّفيعَ يَقُولُ: قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ يَبِيعُ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ سَيِّئُ الْمُخَالَطَةِ، وَلَمْ أَدْرِ مَا يَلْحَقُ الدَّارَ وَقَالَ هُوَ: مِدْيَانٌ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، فَأَحْبَبْت أَنْ تَكُونَ تَبَاعَتِي عَلَى ثِقَةٍ. فَرَأَى مَالِكٌ أَنَّ هَذَا لَهُ حُجَّةٌ، وَأَنَّهُ جَعَلَ تِبَاعَةَ هَذَا الشَّفيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي. قُلْت: فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّارَ وَغَابَ الْمُشْتَرِي، كَيْفَ يَصْنَعُ هَذَا الشَّفيعُ؟ قَالَ: يَنْظُرُ فيهِ السُّلْطَانُ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَى مِنْهُ وَلَمْ يَنْقُدْهُ، أَيَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ قَبْضِ الدَّارِ حَتَّى يَنْتَقِدَ الثَّمَنَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِنْ قَالَ الشَّفيعُ: هَذَا الثَّمَنُ وَادْفَعُوا إلَيَّ الدَّارَ، وَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: لَا أَدْفَعُ الدَّارَ حَتَّى أُنْتَقَدَ الثَّمَنُ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهَذَا الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْبَائِعِ؟ قَالَ: لَا تُؤْخَذُ الدَّارُ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ بَائِعِهَا حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ. قَالَ: فَإِنْ أَحَبَّ الشَّفيعُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ، دَفَعَ وَقَبَضَ الدَّارَ وَتَكُونُ عُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلِأَنَّ دَفْعَهُ الثَّمَنَ هَهُنَا إنَّمَا هُوَ قَضَاءٌ عَنْ الْمُشْتَرِي عِنْدِي. قُلْت: فَإِنْ كَانَ عَلَى مُشْتَرِي الدَّارِ دَيْنٌ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّارَ وَلَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ، فَقَالَ الشَّفيعُ: أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ، وَقَالَ الْغُرَمَاءُ: نَحْنُ نُرِيدُ دَيْنَنَا، وَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: لَا أَدْفَعُ الدَّارَ حَتَّى اُسْتُوْفي ثَمَنَهَا؟ قَالَ: يُقَالُ لِلشَّفيعِ: ادْفَعْ الثَّمَنَ إلَى رَبِّ الدَّارِ قَضَاءً عَنْ الْمُشْتَرِي وَاقْبِضْ الدَّارَ. وَلَا يَكُونُ هَهُنَا لِلْغُرَمَاءِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ بَائِعَ الدَّارِ، لَهُ أَنْ يَمْنَعَ الدَّارَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَلِأَنَّ الشَّفيعَ يَقُولُ: لَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَسْتَهْلِكَهُ، وَإِنَّمَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ لِأَقْبِضَ الدَّارَ بِشُفْعَتِي، فَلَا يَكُونُ هَهُنَا لِلْغُرَمَاءِ شَيْءٌ. وَلِأَنَّ الشَّفيعَ، لَوْ أَسْلَمَهَا بِيعَتْ الدَّارُ، فَأَعْطَى صَاحِبَ الدَّارِ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ الدَّارُ، وَكَانَ أَحَقَّ بِذَلِكَ الثَّمَنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، إلَّا أَنْ يَقُومَ بِهِ الْغُرَمَاءُ فيفَلِّسُونَهُ، فيكُونُ رَبُّ الدَّارِ أَوْلَى بِدَارِهِ، إلَّا أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى مَا ذَكَرْت وَيُبَيِّنُ لَك. .في طَلَبِ الشَّفيعِ الشُّفْعَةَ وَالْمُشْتَرِي غَائِبٌ: قَالَ: نَعَمْ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَغِيبِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ، وَيَكُون الْغَائِبُ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مَنْ دَارٍ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ مَنْ الْآجَالِ، فَقَالَ الشَّفيعُ: أَنَا آخُذُ الدَّارَ وَأَنْقُدُ الثَّمَنَ، لِمَنْ يَكُونُ هَذَا الثَّمَنُ؟ أَلِلْمُشْتَرِي إلَى الْأَجَلِ أَمْ لِلْبَائِعِ؟ وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ: إنَّمَا الثَّمَنُ عَلِيّ إلَى الْأَجَلِ فَلَا أُعَجِّلُهُ. لِمَنْ يَكُونُ هَذَا الثَّمَنُ قَبْلَ الْأَجَلِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الشِّقْصَ مِنْ الدَّارِ إلَى أَجَلٍ: إنَّ الشَّفيعَ إنْ كَانَ مَلِيًّا، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلِيًّا فَأَتَى بِحَمِيلٍ مَلِيٍّ ثِقَةٍ، فَذَلِكَ لَهُ في قَوْلِ مَالِكٍ. فَأَرَى فيمَا سَأَلْت عَنْهُ، أَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي لَيْسَ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ وَجَبَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَإِنَّمَا يَجِبُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنُ عَلَى الشَّفيعِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّفيعَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمُشْتَرِي قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ، وَقَدْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ، وَهُوَ إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ فَلَيْسَ لَهُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَهُ قَبْضَ الدَّارِ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ بَائِعَ شِقْصِ الدَّارِ - الَّذِي بَاعَ إلَى أَجَلٍ - قَالَ لِلْمُشْتَرِي: أَنَا أَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَالِي عَلَى الشَّفيعِ إلَى الْأَجَلِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ وَجَبَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَفْسَخَهُ بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، فيصِيرُ هَذَا دَيْنًا بِدَيْنٍ وَذِمَّةً بِذِمَّةٍ. .بَابُ اشْتَرَاكِ الشُّفَعَاءِ في الشُّفْعَةِ: فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفيعِ الَّذِي قَالَ أَنَا آخُذُ: خُذْ الْجَمِيعَ أَوْ اُتْرُكْ. وَقَالَ الشَّفيعُ: لَا آخُذُ إلَّا حِصَّتِي؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُ الشَّفيعُ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكُ، وَلَيْسَ لِلشَّفيعِ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الْجَمِيعَ إذَا تَرَكَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ، فَقَدْ صَارَتْ الشُّفْعَةُ لَهُ كُلُّهَا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى حُظُوظَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ - صَفْقَةً وَاحِدَةً - وَشَفيعُهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَقَالَ شَفيعُهَا: أَنَا آخُذُ حَظَّ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأُسَلِّمُ حُظُوظَ الِاثْنَيْنِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: خُذْ الْجَمِيعَ أَوْ أَتْرُكْ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ لِلشَّفيعِ: خُذْ الْجَمِيعَ أَوْ أَتْرُكْ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَى مِنْهُمْ صَفَقَاتٍ مُخْتَلِفَاتٍ، اشْتَرَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَظَّهُ عَلَى حِدَةٍ، في صَفْقَةٍ عَلَى حِدَةٍ، فَقَالَ الشَّفيعُ: أَنَا آخُذُ حَظَّ وَاحِدٍ وَأَدَعُ حَظَّ الِاثْنَيْنِ؟ فَقَالَ: ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَخَذَ الشَّفيعُ حَظَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نُظِرَ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَخَذَ حَظَّ أَوَّلِ صَفْقَةٍ اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي، فَلَا شُفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي فيهَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ صَفْقَتَيْهِ الْبَاقِيَتَيْنِ إنَّمَا وَقَعَتَا بَعْدَ هَذِهِ الصَّفْقَةِ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ أَخَذَ الشَّفيعُ الصَّفْقَةَ الثَّانِيَةَ، كَانَ لِلْمُشْتَرِي مَعَهُ الشُّفْعَةُ أَيْضًا، بِقَدْرِ صَفْقَتِهِ الْأُولَى، وَلَا تَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ بِصَفْقَتِهِ الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ الصَّفْقَةِ الثَّانِيَةِ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ أَخَذَ الْآخِرَةَ، كَانَ الْمُشْتَرِي شَفيعًا مَعَ الشَّفيعِ بِالصَّفْقَتَيْنِ الْأُولَيَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت شِقْصًا مِنْ دَارٍ، وَأَنَا شَفيعُ هَذَا الشِّقْصِ قَبْلَ اشْتِرَائِي إيَّاهُ، وَلِهَذَا الشِّقْصِ مَعِي شَفيعٌ آخَرُ، أَلِي الشُّفْعَةُ فيمَا اشْتَرَيْت مَعَ الشَّفيعِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، لَهُمَا الشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حُظُوظِهِمَا، وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الشُّفْعَةِ اشْتِرَاؤُهُ الشِّقْصَ، وَلَهُ الشُّفْعَةُ فيمَا اشْتَرَى عِنْدَ مَالِكٍ. .بَابُ اشْتِرَاءِ الشِّقْصِ وَعُرُوضٍ مَعَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لِلشَّفيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ وَيَدَعَ الْعُرُوضَ، لَا يَأْخُذُهَا وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الشِّقْصِ مِنْ الدَّارِ وَعَلَى قِيمَةِ الْعُرُوضِ، فيأْخُذُ الشَّفيعُ الشِّقْصَ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ الثَّمَنِ. قُلْت: وَمَتَى يَقُومُ هَذَا الشِّقْصُ، أَيَوْمَ يَقُومُ الشَّفيعُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، أَمْ يَوْمَ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَقُومُ هَذَا الشِّقْصُ يَوْم وَقَعَ الِاشْتِرَاءُ وَلَا يَقُومُ الْيَوْمَ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ سَكَنَ هَذَا الشِّقْصَ حَتَّى أَبْلَى الْمَسَاكِنَ وَانْهَدَمَتْ بِسُكْنَاهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَوْ هَدَمَهَا هَذَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ أَرَادَ الشَّفيعُ أَخْذَهَا بِالشُّفْعَةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا إلَّا بِجَمِيعِ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ الْمُشْتَرِي، فَكَذَلِكَ هَذَا الَّذِي اشْتَرَى الشِّقْصَ وَالْعُرُوضَ في صَفْقَةٍ، إذَا أَرَادَ الشَّفيعُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنَّمَا يَقُومُ هَذَا الشِّقْصُ قِيمَتَهُ يَوْمَ وَقَعَ الِاشْتِرَاءُ، فيأْخُذُهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. .بَابُ اشْتِرَاءِ الرَّجُلَيْنِ الشِّقْصَ وَالشَّفيعُ وَاحِدٌ: قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنِّي أَرَى أَنَّ الشَّفيعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا وَيَدَعَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ وَاحِدَةً. وَكُلُّ صَفْقَةٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةً، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا وَيَتْرُكَ بَعْضَهَا؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَاحِدَةٌ وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا رَجُلَانِ. .بَابُ رُجُوعِ الشَّفيعِ في الشُّفْعَةِ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إيَّاهَا: قَالَ مَالِكٌ: فَذَلِكَ لَهُ. فَلِذَلِكَ رَأَيْت الْأَوَّلَ مِثْلَ مَا وَصَفْت لَك. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَمَ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الِاشْتِرَاءِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ الْحِصَّةَ الَّتِي أَنْتَ شَفيعُهَا، فَقَالَ: اشْتَرِ فَقَدْ سَلَّمْت لَك شُفْعَتِي. فَلَمَّا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي قَالَ الشَّفيعُ: أَنَا آخُذُ بِشُفْعَتِي؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ يَأْخُذُ بِشُفْعَتِهِ. .بَابُ اخْتِلَافِ الشَّفيعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ في الثَّمَنِ: قَالَ: إنْ كَانَتْ الدَّارُ في يَدَيْ الْبَائِعِ أَوْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ تَفُتْ بِطُولِ الزَّمَانِ، أَوْ بِهَدْمِ الدَّارِ أَوْ تَغْيِيرِ الْمَسَاكِنِ أَوْ بِبَيْعٍ أَوْ بِهِبَةٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ، أَوْ بِمَا تَخْرُجُ بِهِ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ. وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الدَّارُ بِمَا ذَكَرْت لَك، وَهِيَ في يَدَيْ الْمُشْتَرِي وَقَدْ قَبَضَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ في الْبُيُوعِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الشَّفيعُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ جَاءَ الشَّفيعُ فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ، فَوَضَعَ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي تِسْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ بَعْدَمَا أَخَذَهَا الشَّفيعُ بِالشُّفْعَةِ؟ قَالَ: يُنْظَرُ في قِيمَةِ الدَّارِ، فَإِنْ كَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا عِنْدَ النَّاسِ مِائَةَ دِرْهَمٍ إذَا تَغَابَنُوا بَيْنَهُمْ، أَوْ اشْتَرَوْا بِغَيْرِ تَغَابُنٍ، قِيلَ لِلْمُشْتَرِي: أَنْتَ لَمْ تَشْتَرِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَكِنْ هَذِهِ ذَرِيعَةٌ فيمَا بَيْنَكُمَا. وَإِنَّمَا أَرَدْتُمَا قَطْعَ الشُّفْعَةِ عَنْ هَذَا الشَّفيعِ، فَلَا يَكُونُ لَكُمَا لَك. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ هَذِهِ الدَّارِ عِنْدَ النَّاسِ، لَا تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ، فَاَلَّذِي تَرَكَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي هِبَةٌ، وَلَا يَرْجِعُ الشَّفيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَائِعُ تَرَكَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفيعُ بِالشُّفْعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ سَوَاءٌ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنَّهُ رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتهَا بِأَلْفينِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي، وَتَحَالَفَا وَفُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ جَاءَ الشَّفيعُ فَقَالَ: أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ بِأَلْفينِ؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ في رَجُلٍ وَهَبَ لِرَجُلٍ شِقْصًا في دَارٍ لَهُ لِلثَّوَابِ، وَلَمْ يُثِبْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَأَرَادَ الشَّفيعُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالثَّوَابِ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يُثِيبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَبَّ الدَّارِ، فَمَسْأَلَتُك تُشْبِهُ هَذَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فيهِ. قُلْت: وَلِمَ أَجَازَ مَالِكٌ الْهِبَةَ بِغَيْرِ ثَوَابٍ مُسَمًّى؟ قَالَ: أَجَازَهُ النَّاسُ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ في النِّكَاحِ. وَفي الْقِيَاسِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَائِزًا، وَلَكِنْ أَجَازَهُ النَّاسُ. فَمَسْأَلَتُك أَيْضًا في الشِّرَاءِ، لَا أَرَى فيهَا الشُّفْعَةَ، مِثْلَ مَا قَالَ مَالِكٌ في الْهِبَةِ حَتَّى يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي وَيَجِبَ لَهُ الِاشْتِرَاءُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ في الْبَيِّعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا: «فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَوْ يَتَرَادَّانِ». فَقَدْ رَدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَارَ غَيْرَ بَيْعٍ، وَلَا شُفْعَةَ فيهِ إلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ آخِذُ الشُّفْعَةِ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهَهُنَا لَمْ تَقَعْ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ. وَالْبَائِعُ إنَّمَا رَضِيَ أَنْ تَكُونَ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَرْضَ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ لِلشَّفيعِ عُهْدَةٌ وَلَمْ يُرِدْ مُبَايَعَتَهُ. .بَابٌ اشْتَرَى شِقْصًا فَقَاسَمَ شُرَكَاءَهُ ثُمَّ قَدِمَ الشَّفيعُ: قَالَ: ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ بَاعَ لَكَانَ لِلشَّفيعِ أَنْ يَرُدَّ بَيْعَهُ، فَكَذَلِكَ مُقَاسَمَتُهُ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَوْلُ مَالِكٍ: إنَّهُ يَرُدُّ الْبَيْعَ الثَّانِي، فَإِذَا كَانَ لِلشَّفيعِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ الثَّانِي، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْقِسْمَةَ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ وَهْبَ مَا اشْتَرَى مَنْ الدَّارِ فَقَدِمَ الشَّفيعُ فَقَالَ: أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ. لِمَنْ يَكُونُ هَذَا الثَّمَنُ، لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لِلْمُشْتَرِي في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَا اُسْتُحِقَّ، وَلَا مَا كَانَ حُرًّا مِنْ الْعَبِيدِ؛ لِأَنَّ هَذَا حِينَ وَهَبَهُ، قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، فَكَأَنَّهُ إنَّمَا وَهْبَ لَهُ الثَّمَنَ. وَاَلَّذِي اسْتَحَقَّ إنَّمَا وَهَبَهُ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَهَبَ لَهُ الثَّمَنَ، وَالْحُرِّيَّةُ كَذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَيْضًا مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ قَدِمَ الشَّفيعُ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِأَيِّ الْأَثْمَانِ شَاءَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَأْخُذَهَا بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ، إنْ شَاءَ بِمَا اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَيُفْسَخُ مَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ بُيُوعِهِمَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الثَّانِي وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ الثَّالِثُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الثَّالِثِ وَتَثْبُتُ الْبُيُوعَ كُلُّهَا بَيْنَهُمْ. قُلْت: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَصَدَّقَ بِمَا اشْتَرَى، ثُمَّ جَاءَ الشَّفيعُ فَقَالَ: أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ، أَتُفْسَخُ الصَّدَقَةُ في قَوْلِ مَالِكٍ وَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالثَّمَنُ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بِالشِّقْصِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ تَزَوَّجَ بِمَا اشْتَرَى، ثُمَّ جَاءَ الشَّفيعُ فَأَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ، بِمَ تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا أَخَذَ مِنْهَا يَوْمَ نَكَحَهَا بِهِ.
|