الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري ***
418- حدثنا أحمدُ بن منيعٍ، حدثنا روحُ بن عبادةَ حدثنا زكريا بن إسحاقَ حدثنا عمرُو بن دينارٍ قال: سمعتُ عطاء بن يسارٍ عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذ أُقيمت الصلاة فلا صلاةَ إلاّ المكتوبةُ". (قال) وفي الباب عن ابن بُحَيْنَةَ وعبدِ الله بنِ عمرو وعبدِ الله بنِ سرجس وابن عباسٍ وأنسٍ. قال أبو عيسى: حديثُ أبي هريرةَ حديثٌ حسَنٌ. وهكذا روى أيوبُ وورقاءُ بنُ عمرَ وزيادُ بن سعدٍ وإسماعيلُ بنُ مسلمٍ ومحمدُ بن جُحَادَةَ عن عمرِو بن دينارٍ عن عطاء بن يسارٍ عن أبي هريرةَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وروى حمادُ بن زيدٍ وسفيانُ بن عُيَيْنَةَ عن عمرِو بن دينارٍ فلم يرفعاهُ. والحديثُ المرفوعُ أصحّ عندنا. والعملُ على هذا عندَ (بعض) أهلِ العلمِ من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرِهم: إذا أُقِيمَتْ الصلاةُ أن لا يصلّيَ الرجلُ إلاّ المكتوبةَ. وبه يقولُ سفيانُ (الثوريّ) وابنُ المباركِ والشافعيّ وأحمدُ وإسحاقُ. وقد رُوِيَ هذا الحديثُ عن أبي هُرَيرَةَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجهِ رواهُ عياشُ ابن عباسٍ القِتْبَانيّ المصريّ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرةَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم (نحو هذا). قوله: (أخبرنا روح) بفتح الراء وسكون الواو وبالحاء المهملة (بن عبادة) بن العلاء بن حسان القيسي أبو محمد البصري الحافظ أحد الرؤساء الأشراف عن حسين المعلم وابن عون وهشام بن حسان وخلق، وعنه أحمد وإسحاق وعبد بن حميد وخلق، وثقه الخطيب وغيره، وله مصنفات منها التفسير والسنن. قال خليفة: مات سنة خمس ومائتين وقيل سنة سبع قوله: (أخبرنا زكريا بن إسحاق) المكي عن عمرو بن دينار، وعنه وكيع وأبو عاصم وروح بن عبادة وجماعة. قال ابن معين: يرى القدر، وثقه البخاري ومسلم. قوله: (إذا أقيمت الصلاة) أي إذا شرع في الإقامة، وصرح بذلك محمد بن جحادة عن عمرو بن دينار فيما أخرجه ابن حبان بلفظ: إذا أخذ المؤذن في الإقامة، كذا في الفتح (فلا صلاة إلا المكتوبة) وفي رواية لأحمد إلا التي أقيمت: قال الحافظ في الفتح فيه منع التنفل بعد الشروع في إقامة الصلاة سواء كانت راتبة أم لا لأن المراد بالمكتوبة المفروضة، وزاد مسلم بن خالد عن عمرو بن دينار في هذا الحديث: قيل يا رسول الله ولا ركعتي الفجر؟ قال: ولا ركعتين الفجر، أخرجه ابن عدي في ترجمة يحيى بن نصر بن حاجب وإسناده حسن انتهى. والحديث يدل على أنه لا يجوز الشروع في النافلة عند إقامة الصلاة من غير فرق بين ركعتي الفجر وغيرهما. قوله: (وفي الباب عن ابن بحينة وعبد الله بن عمرو بن سرجس وابن عباس وأنس) أما حديث ابن بحينة وهو عبد الله بن مالك بن بحينة فأخرجه البخاري ومسلم بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم لاث به الناس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصبح أربعاً الصبح أربعاً. وأما حديث عبد الله بن عمرو فلم أقف عليه وأما حديث عبد الله بن سرجس فأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه قال: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح فصلى ركعتين قبل أن يدخل في الصلاة فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا فلان بأي صلاتيك اعتددت بالتي صليت وحدك أو بالتي صليت معنا. وأما حديث ابن عباس فأخرجه أبو داود الطيالسي قال كنت: أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة فجذبني نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال أتصلي الصبح أربعاً؟ وأخرجه أيضاً البيهقي والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال إنه على شرط الشيخين والطبراني. وأما حديث أنس فأخرجه البزار قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقيمت الصلاة فرأى ناساً يصلون ركعتي الفجر فقال: صلاتان معاً؟ ونهى أن تصليا إذا أقيمت الصلاة وأخرجه مالك في الموطأ. وفي الباب أيضاً عن زيد بن ثابت عند الطبراني في الأوسط قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي ركعتي الفجر وبلال يقيم الصلاة فقال: أصلاتان معاً وفي إسناده عبد المنعم بن بشير الأنصاري وقد ضعفه ابن معين وابن حبان. وعن أبي موسى عند الطبراني في الكبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي ركعتي الغداة حين أخذ المؤذن يقيم فغمزه النبي صلى الله عليه وسلم في منكبيه وقال: ألا كان هذا قبل هذا؟ قال العراقي: إسناده جيد. وعن عائشة عند ابن عبد البر في التمهيد أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين أقيمت صلاة الصبح فرأى ناساً يصلون فقال: أصلاتان معاً وفي إسناده شريك بن عبد الله وقد أختلف عليه في وصله وإرساله. قوله: (حديث أبي هريرة حديث حسن) أخرجه الجماعة إلا البخاري كذا في المنتقى. قوله: (وهكذا روى أيوب وورقاء بن عمر وزياد بن سعد وإسماعيل بن مسلم ومحمد بن جحادة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم) أي هؤلاء الخمسة من أصحاب عمرو بن دينار رووا هذا الحديث مرفوعاً (وروى حماد بن زيد وسفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار ولم يرفعاه) بل روياه موقوفاً على أبي هريرة رضي الله عنه. وروى مسلم في صحيحه من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن عمرو بن دينار مرفوعاً وفي آخره: قال حماد: ثم لقيت عمراً فحدثني به ولم يرفعه. قال النووي في شرح مسلم: هذا الكلام لا يقدح في صحه الحديث ورفعه لأن أكثر الرواة رفعوه (والحديث المرفوع أصح عندنا) لكثرة عدد الرافعين فانهم خمسة، وقد روى مرفوعاً من غير هذا الوجه أيضاً كما ذكره الترمذي. قال النووي في شرح مسلم: الرفع مقدم على الوقف على المذهب الصحيح. وإن كان عدد الرفع أقل فكيف إذا كان أكثر انتهى (رواه عياش) بتشديد التحتانية وآخره معجمة (بن عباس) بموحدة وآخره مهملة (القتباني) بكسر القاف وسكون المثناة (المصري) ثقة من السادسة. قوله وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق قال النووي: في هذه الأحاديث النهي الصريح عن افتتاح نافلة بعد إقامة الصلاة سواء كانت راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر وغيرها، وهذا مذهب الشافعي والجمهور. وقال أبو حنيفة إذا لم يكن صلى ركعتي سنة الصبح صلاهما بعد الإقامة في المسجد ما لم يخش فوت الركعة الثانية وقال الثوري: ما لم يخش فوت الركعة الأولى. وقال طائفة يصليهما خارج المسجد ولا يصليهما بعد الإقامة في المسجد انتهى. قلت: في هذه المسألة تسعة أقوال، قال الشوكاني رحمه الله تعالى في النيل. قد اختلف الصحابة والتابعون ومن بعدهم في ذلك على تسعة أقوال: أحدها: الكراهة وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب وابنه عبد الله بن عمر على خلاف عنه في ذلك وأبو هريرة، ومن التابعين عروة بن الزبير ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رياح وطاووس ومسلم بن عقيل وسعيد بن جبير، ومن الأئمة سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور ومحمد بن جرير، هكذا أطلق الترمذي الرواية عن الثوري، وروى عنه ابن عبد البر والنووي تفصيلاً، وهو أنه إذا خشي فوت ركعة من صلاه الفجر دخل معهم وترك سنة الفجر وإلا صلاها وسيأتي. القول الثاني: أنه لا يجوز صلاة شيء من النوافل إذا كانت المكتوبة قد قامت من غير فرق بين ركعتي الفجر وغيرهما، قاله ابن عبد البر في التمهيد. القول الثالث: أنه لا بأس بصلاة سنة الصبح والإمام في الفريضة، حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود ومسروق والحسن البصري ومجاهد ومكحول وحماد بن أبي سليمان، وهو قول الحسن بن حي، ففرق هؤلاء بين سنة الفجر وغيرها، واستدلوا بما رواه البيهقي من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة إلا ركعتي الصبح. وأجيب عن ذلك أن البيهقي قال: هذه الزيادة لا أصل لها وفي إسنادها حجاج بن نصر وعباد بن كثير وهما ضعيفان، على أنه قد روى البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة قيل يا رسول الله ولا ركعتي الفجر؟ قال ولا ركعتي الفجر، وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي وهو متكلم فيه وقد وثقه ابن حبان واحتج به في صحيحه. القول الرابع: التفرقة بين أن يكون في المسجد أو خارج وبين أن يخاف فوت الركعة الأولى مع الإمام أولاً، وهو قول مالك فقال: إذا كان قد دخل المسجد فليدخل مع الإمام ولا يركعها يعني ركعتي الفجر وإن لم يدخل المسجد، فإن لم يخف أن يفوته الإمام بركعة فليركع خارج المسجد وإن خاف أن تفوته الركعة الأولى مع الإمام فليدخل وليصل معه. القول الخامس: أنه إن خشي فوت الركعتين معا وأنه لا يدرك الإمام قبل رفعه من الركوع في الثانية دخل معه وإلا فيركعهما يعني ركعتي الفجر خارج المسجد ثم يدخل مع الإمام، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه كما حكاه ابن عبد البر، وحكى عنه أيضاً نحو قول مالك وهو الذي حكاه الخطابي وهو موافق لما حكاه عنه أصحابه، وحكى النووي عنه مثل قول الأوزاعي الاَتي ذكره. القول السادس: أنه يركعهما في المسجد إلا أن يخاف فوت الركعة الأخيرة، فأما الركعة الأولى فليركع وإن فاتته، وهو قول الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وحكاه النووي عن أبي حنيفة وأصحابه. القول السابع: يركعهما في المسجد وغيره إلا إذا خاف فوت الركعة الأولى وهو قول سفيان الثوري. حكى ذلك عنه ابن عبد البر وهو قول مخالف لما رواه الترمذي عنه. القول الثامن: أنه يصليهما وإن فاتته صلاة الإمام إذا كان الوقت واسعاً قاله ابن الجلاب من المالكية. القول التاسع: أنه إذا سمع الإقامة لم يحل له الدخول في ركعتي الفجر ولا في غيرهما من النوافل سواء كان في المسجد أو خارجه، فإن فعل فقد عصى وهو قول أهل الظاهر ونقله ابن حزم عن الشافعي وعن جمهور السلف، وكذا قال الخطابي. وحكى الكراهة عن الشافعي وأحمد، وحكى القرطبي في المفهم عن أبي هريرة وأهل الظاهر إن كان المراد بإقامة الصلاة الإقامة التي يقولها المؤذن عند إرادة الصلاة، وهو المعنى المتعارف، قال العراقي: وهو المتبادر إلى الأذهان من هذا الحديث، إلا إذا كان كان المراد بإقامة الصلاة فعلها، كما هو المعنى الحقيقي ومنه قوله تعالى: (الذين يقيمون الصلاة) فإنه لا كراهة في فعل النافلة عند إقامة المؤذن قبل الشروع في الصلاة وإذا كان المراد المعنى الأول فهل المراد به الفراغ من الإقامة لأنه حينئذ يشرع في فعل الصلاة؟ والمراد شروع المؤذن في الإقامة قال العراقي يحتمل أن يراد كل من الأمرين. والظاهر أن المراد شروعه في الإقامة ليتهيأ المأمون لإدراك التحريم مع الإمام: ومما يدل على ذلك حديث أبي موسى عند الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً صلى ركعتي الفجر حين أخذ المؤذن يقيم، قال العراقي وإسناده جيد. انتهى ما في النيل. قلت: المراد بإقامة الصلاة في قوله: إذا أقيمت الصلاة الإقامة التي يقولها المؤذن عند إرادة الصلاة، وهذا هو المتعين لرواية ابن حبان بلفظ: إذا أخذ المؤذن في الإقامة والروايات بعضها يفسر بعضاً ثم المراد بالإقامة شروع المؤذن فيها لا الفراغ منها، يدل على ذلك رواية ابن حبان هذه، وحديث ابن عباس بلفظ: قال كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة فجذبني نبي الله صلى الله عليه وسلم الخ، وحديث أبي موسى عند الطبراني المذكور آنفاً وقد تقدم بتمامه. والقول الراجح: المعول عليه هو القول التاسع، وعليه يدل أحاديث الباب والله تعالى أعلم.
419- حدثنا محمدُ بن عمرٍو السواقُ البلْخىّ قال، حدثنا عبدُ العزيزِ بنُ محمدٍ عن سعدِ بن سعيدٍ عن محمدِ بنِ إبراهيمَ عن جدِه قيسٍ قال: "خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فأُقيمَت الصلاةُ فصليتُ معهُ الصبحَ ثم انصرفَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوجدنِي أصلّي فقال مهلاً يا قيسُ أصَلاَتَانِ معاً؟ قلت: يَا رَسُولَ الله إني لمْ أكنْ ركعتُ ركعتَي الفجر، قال: فَلاَ إذنْ". قال أبوعيسى: حديثُ محمدِ بن إبراهيمَ لا نعرفه (مثلَ هذا) إلاّ مِنْ حديثِ سعدِ بنِ سعيدٍ. (و) قال سفيانُ بن عُيَيْنَةَ: سمعَ عطاءُ بن أبي رباحٍ من سعدِ بن سعيدٍ هذا الحديثَ. (وإنّما يُرْوَى هذا الحديثُ مرسلاً). (و) قد قال قومٌ من أهلِ مكةَ بهذا الحديثِ: لمْ يروْا بأساً أن يصلّيَ الرجلُ الركعتَيْنِ بعدَ المكتوبةِ قبلَ أن تَطلُعَ الشمسُ. قال (أبو عيسى): وسعدُ بن سعيدٍ هو أخو يحيى بنِ سعيدٍ الأنصاريّ. (قال) وقيسٌ هو جدّ يحيى بن سعيدٍ (الأنصاري). ويقالُ هو قيسُ بن عمرٍو. ويقالُ (هو) (قيسُ بن قهدٍ). وإسنادُ هذا الحديثِ ليسَ بمتصلٍ، محمدُ بنُ إبراهيمَ التيميّ لمْ يسمَعْ من قيسٍ. وروىَ بعضُهم هذا الحديثَ عن سعِد بن سعيدٍ عن محمدِ بنِ إبراهيمَ "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خرجَ فرأى قيساً". (وهذا أصح من حديث عبد العزيز عن سعد بن سعيد) قوله: (حدثنا محمد بن عمرو السواق) بفتح السين وتشديد الواو البلخي صدوق روى عن الدراوردي وهشيم ووكيع وغيرهم وعنه البخاري والترمذي وأبو زرعة وغيرهم توفي سنة 236 ست وثلاثين ومائتين (أخبرنا عبد العزيز بن محمد) بن أبي عبيد الدراوردي أبو محمد المدني. قال الحافظ في مقدمة فتح الباري: أحد مشاهير المحدثين وثقه يحيى بن معين وعلي بن المديني، وقال أحمد كان معروفاً بالطلب وإذا حدث من كتابه فهو صحيح وإذا حدث من كتب الناس وهم وقال أبو زرعة: سيء الحفظ وربما حدث من حفظ السيء فيخطئ وقال النسائي: ليس به بأس وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر. وقال أبو حاتم: لا يحتج به، قال: روى له البخاري حديثين قرنه قيهما بعبد العزيز بن أبي حازم وغيره وأحاديث يسيرة أفرده لكنه أوردها بصيغة التعليق في المتابعات واحتج به الباقون انتهى كلام الحافظ مختصراً (عن سعد بن سعيد) بن قيس بن عمر والأنصاري وهو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري، قال الحافظ صدوق سيء الحفظ، وقال الخزرجي في الخلاصة ضعفه أحمد وابن معين، وقال مرة صالح، وقال النسائي ليس بالقوي وقال ابن عدي لا أرى بحديثه بأساً، وقال ابن سعد ثقة (عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث بن خالد التيمي المدني ثقة (عن جده) أي جد سعد بن سعيد (قيس) بن عمرو بن سهل الأنصاري صحابي من أهل المدينة. قوله: (فقال مهلاً يا قيس) قال في القاموس: يقال مهلاً يا رجل وكذا للأنثى، والجمع بمعنى أمهل (أصلاتان معاً؟) الاستفهام للانكار. أي أفرضان في وقت فرض واحد؟ إذ لا نقل بعد صلاة الفجر، قاله أبو الطيب السندي (إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر) وفي رواية أبي داود: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما الاَن (فلا إذن) أي إذا كان كذلك فلا بأس عليك أن تصليهما حينئذ. وفي رواية أبي داود: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن الملك: سكوته يدل على قضاء سنة الصبح بعد فرضه لمن لم يصلها قبله، وبه قال الشافعي. قال القاري في المرقاة: هذا الحديث لم يثبت فلا يكون حجة على أبي حنيفة انتهى. قلت: قد ثبت هذا الحديث كما ستقف عليه. تنبيه: إعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: فلا إذن، معناه فلا بأس عليك أن تصليهما حينئذ كما ذكرته، ويدل عليه رواية أبي داود بلفظ: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواية عطاء بن أبي رباح عن رجل من الأنصار بلفظ: فلم يقل له شيئاً. قال الشوكاني في النيل: قال العراقي إسناده حسن، ورواية ابن أبي شيبة بلفظ: فلم يأمره ولم ينهه، ورواية ابن حبان بلفظ: فلم ينكر عليه، والروايات بعضها يفسر بعضاً. وبهذا فسر العلماء الشافعية والحنفية، قال أبو الطيب السندي الحنفي في شرح الترمذي في شرح قوله "فلان إذن": أي فلا بأس عليك حينئذ ولا شيء عليك ولا لوم عليك انتهى. وقال الشيخ سراج أحمد السرهندي الحنفي في شرح الترمذي في ترجمة فلا إذن بس نداين وقت منع ميكتم ترا اذكزاردن سنت انتهى. فإذا عرفت هذا كله ظهر لك بطلان قول صاحب العرف الشذي في تفسير قوله فلا إذن معناه فلا تصل مع هذا العذر أيضاً فلا إذن للانكار انتهى. وأما إطالته الكلام في إثبات هذا المعنى فمبني على قصور فهمه كما لا يخفى على المتأمل بالمتأمل الصادق. قوله: (حديث محمد بن إبراهيم لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث سعد بن سعيد) والحديث أخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد في مسنده وابن شيبة والدارقطني والحاكم (وقال سفيان بن عيينة سمع عطاء بن أبي أبي رباح من سعد بن سعيد) هذا الحديث وإنما يروى هذا الحديث مرسلاً وقال أبو داود في سننه بعد ذكر حديث الباب ما لفظه: حدثنا حامد بن يحيى البلخي قال قال سفيان: كان عطاء بن أبي رباح يحدث بهذا الحديث عن سعد بن سعيد، قال أبو داود: وروى عبد ربه ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث مرسلاً أن جدهم زيداً صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة. قوله: (وقد قال قوم من أهل مكة بهذا الحديث لم يروا بأساً أن يصلي الركعتين بعد المكتوبة قبل أن تطلع الشمس) وهذا هو مذهب عطاء وطاووس وابن جريج والشافعي. قال الخطابي في المعالم قد اختلف الناس في وقت قضاء ركعتي الفجر، فروى عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال يقضيهما بعد صلاة الصبح وبه قال عطاء وطاووس وابن جريج، وقالت طائفة يقضيها إذا طلعت الشمس، وبه قال القاسم بن محمد وهو مذهب الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن أحب قضاهما إذا ارتفعت الشمس فإن لم يفعل فلا شيء عليه لأنه تطوع، وقال مالك يقضيهما ضحى إلى وقت زوال الشمس ولا يقضيهما بعد الزوال انتهى. وقال الشوكاني في النيل قال العراقي والصحيح من مذهب الشافعي أنهما يفعلان بعد الصبح ويكونان أداء انتهى. قوله: (وقيس هو جد يحيى بن سعيد ويقال هو قيس بن عمرو ويقال هو قيس بن قهد) بفتح القاف وسكون الهاء وبالدال (وإسناد هذا الحديث ليس بمتصل، محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من قيس) قال الشوكاني في النيل: قول الترمذي إنه مرسل ومنقطع ليس بجيد فقد جاء متصلاً من رواية يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس، رواه ابن خزيمة في صحيحه وابن حبان من طريقه وطريق غيره والبيهقي في سننه عن يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس المذكور، وقد قيل إن سعيد بن قيس لم يسمع من أبيه فيصح ما قاله الترمذي من الانقطاع، وأجيب عن ذلك بأنه لم يعرف القائل بذلك انتهى. قلت: الأمر كما قال الشوكاني فقد أخرج ابن حبان في صحيحه قال حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ووصيف بن عبد الله الحافظ قالا حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا الليث بن سعد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس بن قهد أنه صلى الله عليه وسلم الصبح ولم يكن ركع ركعتي الفجر فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فركع ركعتي الفجر ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه فلم ينكر عليه ورجاله ورجاله كلهم ثقات، أما ابن أبي شيبة وشيخه محمد بن إسحاق بن خزيمة فهما إمامان جليلان حافظان ثقتان ثبتان، وأما الربيع بن سليمان وهو أبو محمد المرادي المصري المؤذن صاحب الشافعي فقال الحافظ في التقريب ثقة، وقال في التهذيب: قال النسائي لا بأس به، وقال ابن يونس كان ثقة وكذا قال الخطيب، وقال ابن أبي حاتم: سمعنا منه هو صدوق ثقة سئل أبي عنه فقال صدوق، وقال الخليلي ثقة متفق عليه انتهى. وأما أسد بن موسى ويقال له أسد السنة فقال البخاري مشهور الحديث. وقال النسائي ثقة، وقال ابن يونس: حدث بأحاديث منكرة وأحسب الاَفة من غيره، وقال أيضاً هو وابن قانع والعجلي والبزار ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات كذا في الخلاصة. وأما الليث بن سعد فقال الحافظ في التقريب ثقة ثبت فقيه إمام مشهور. وأما يحيى بن سعيد بن قيس فقال الحافظ في التقريب ثقة ثبت. وأما سعيد بن قيس فثقة أورده ابن حبان في كتاب ثقات التابعين. وأما قيس جد يحيى بن سعيد الخطابي من أهل المدينة، وأخرج الحاكم هذا الحديث هذا في المستدرك قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن موسى حدثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الفجر فصلى معه، فلما سلم قام فصلى ركعتي الفجر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هاتان الركعتان؟ فقال لم أكن صليتهما قبل الفجر، فسكت ولم يقل شيئاً. قيس بن قهد الأنصاري صحابي والطريق إليه صحيح انتهى. وأخرجه الدارقطني في سننه قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا الربيع بن سليمان ونصر بن مرزوق قالا أخبرنا أسد بن قيس الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمثل لفظ الحاكم: وأما ما قيل من أن سعيد بن قيس لم يسمع من أبيه فقد ذكر الشوكاني جوابه وهو أنه لم يعرف القائل بذلك. وقد عرفت آنفاً أن الحاكم قد قال بعد إخراجه قيس بن قهد الأنصاري صحابي والطريق إليه صحيح. فإن قلت: قال الحافظ في الإصابة في تمييز الصحابة: وأخرجه ابن مندة من طريق أسد بن موسى عن الليث عن يحيى عن أبيه عن جده وقال غريب تفرد به أسد موصولاً، وقال غيره عن الليث عن يحيى أنه حديثه مرسل. قلت: تفرده لا يقدح في صحة الحديث لأنه ثقة، قال النووي في مقدمة المنهاج: إذا رواه بعض الثقات الضابطين متصلاً وبعضهم مرسلاً أو بعضهم موقوفاً وبعضهم مرفوعاً أو وصله هو أو رفعه في وقت وأرسله أو وقفه في وقت فالصحيح الذي قاله المحققون من المحدثين، وقاله الفقهاء وأصحاب الأصول وصححه الخطيب البغدادي: أن الحكم لمن وصله أو رفعه سواء كان المخالف له مثله أو أكثر أو أحفظ لأنه زيادة ثقة وهي مقبولة. وقال في شرح مسلم في باب صلاة الليل: إن الصحيح بل الصواب الذي عليه الفقهاء والأصوليون ومحققو المحدثين: أنه إذا روى الحديث مرفوعاً وموقوفاً أو موصولاً ومرسلاً حكم بالرفع والوصل لأنها زيادة ثقة، وسواء كان الرافع والواصل أكثر أو أقل في الحفظ والعدد انتهى. فإن قلت: قال الشيخ يوسف بن موسى في المعتصر من المحتصر: وما روى الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس بن قهد ثم سافه ثم قال فهو من الأحاديث التي لا يحتج بمثلها لعلة في رواته ذكرت مفصلة في المطول انتهى كلامه، فكيف يكون هذا الحديث صحيحاً قابلاً للاحتجاج؟ قلت: الشيخ يوسف بن موسى صاحب المعتصر ليس من أئمة الحديث، وقوله هذا ليس مما يعول عليه، فإنه ليس في رواته علة توجب القدح في صحة الحديث. وأما ما قيل من أن سعيد بن قيس لم يسمع من أبيه فقد عرفت الجواب عن ذلك وكذا عرفت الجواب عن تفرد أسد بن موسى به، فالحديث صحيح قابل للاحتجاج وله شواهد، منها ما أخرجه الترمذي في هذا الباب، ومنها ما أخرج ابن حزم في المحلى عن الحسن بن ذكوان عن عطاء بن أبي رباح عن رجل من الأنصار (قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بعد الغداة فقال: يا رسول الله لم أكن صليت ركعتي الفجر فصليتهما الاَن، فلم يقل شيئاً). قال العراقي: إسناده حسن. ومنها ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه مرسلاً قال: حدثنا هشيم عن عبد الملك عن: عطاء أن رجلاً صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح الحديث. وفي الباب روايات أخرى.
420- حدثنا عقبةُ بنُ مُكْرَمٍ العميّ (البصريّ) حدثنا عمرُو بن عاصمٍ حدثنا همامٌ عن قتادةَ عن النضْرِ بنِ أنسٍ عن بَشِيرِ بنِ نَهِيكٍ عن أبي هريرةَ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يصلّ ركعتَيْ الفجرِ فليصلهمَا بعد ما تطلعُ الشمسُ". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ لا نعرفهُ إلا من هذا الوجهِ. وقد رُوِيَ عن ابن عمرَ أنه فعلهُ والعملُ على هذا عندَ بعضِ أهلِ العلمِ. وبه يقول سفيانُ الثوريّ وابن المبارك والشافعي وأحمدُ وإسحاقُ قال: ولا نعلمُ أحداً رَوَىَ هذا الحديثَ عن همامٍ بهذا الإسنادِ نحو هذا إلاّ عمرو بن عاصمٍ الكلابيّ. والمعروفُ من حديثِ قتادةَ عن النضرِ بن أنسٍ عن بشيرِ بنِ نَهِيكٍ عن أبي هريرةَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعةً من صلاةِ الصبحِ قبل أن تطلُعَ الشمسُ فقد أدركَ الصبحَ". قوله: (حدثنا عقبة) بضم العين وسكون القاف (بن مكرم) بضم الميم وسكون الكاف وفتحا الراء (العمى) بفتح العين المهملة وتشديد الميم أبو عبد الملك البصري ثقة كذا في التقريب، وقال في الخلاصة: روى يحيى القطان وغندر بن مهدي وخلق وعنه م د ت ق، قال أبو داود ثقة ثقة (أخبرنا عمرو بن عاصم) بن عبيد الله الكلابي القيسي أبو عثمان البصري صدوق في حفظه شيء كذا قال الحافظ في التقريب. وقال في مقدمة الفتح وثقه ابن معين والنسائي، وقال أبو داود: لا أنشط لحديثه وقدم عليه الحوضي قال الحافظ. قد احتج به أبو داود في السنن والباقون انتهى (عن بشير بن نهيك) بفتح النون وكسر الهاء وآخره كاف السدوسي البصري ثقة. قوله: (من لم يصل ركعتي الفجر فليصليهما بعد ما تطلع الشمس) وفي رواية الدارقطني والحاكم: من لم يصل ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس فليصلهما، وفي رواية للحاكم: من نسي ركعتي الفجر فليصلهما إذا طلعت الشمس. قوله: (هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه) يعني من طريق عمرو بن عاصم أخبرنا همام عن قتادة إلخ، وأخرجه أيضاً الدارقطني في سننه من هذا الطريق، وأخرجه أيضاً الحاكم من هذا الطريق وتقدم لفظهما آنفاً، وقال الحاكم هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين انتهى. ولم يحكم الترمذي عليه بشيء من الصحة والضعف. قلت: في إسناد هذا الحديث قتادة وهو مدلس ورواه عن النضر بن أنس بالعنعنة قال الحافظ بن حجر في طبقات المدلسين: قتادة بن دعامة السدوسي البصري صاحب أنس بن مالك رضي الله عنه كان حافظ عصره، ومشهور بالتدليس وصفه به النسائي وغيره، ثم هذا الحديث بهذا اللفظ غير محفوظ تفرد به عمرو بن عاصم عن همام وخالف جميع أصحاب همام فإنهم رووه بغير هذا اللفظ. قوله: (وقد روى عن أبي عمر أنه فعله) أخرجه مالك في الموطأ قال إنه بلغه أن عبد الله بن عمر فاتته ركعتا الفجر فقضاهما بعد أن طلعت الشمس، ورواه ابن أبي شيبة أيضاً. قوله: (والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وابن المبارك) قال الشوكاني في النيل بعد ذكر كلام الترمذي هذا ما لفظه: وحكاه الخطابي عن الأوزاعي، قال العراقي: والصحيح من مذهب الشافعي أنهما يفعلان بعد الصبح ويكونان أداء. قال: والحديث لا يدل صريحاً على أن من تركهما قبل صلاة الصبح لا يفعلهما إلا بعد طلوع الشمس وليس فيه إلا الأمر لمن لم يصلهما مطلقاً أن يصليهما بعد طلوع الشمس، ولا شك أنهما إذا تركا في وقت الأداء فعلا في وقت القضاء، وليس في الحديث ما يدل على المنع من فعلهما بعد صلاة الصبح، ويدل على ذلك رواية الدارقطني والحاكم والبيهقي فإنهما بلفظ: من لم يصل ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس فليصلهما انتهى كلام الشوكاني. قوله: (والمعروف من حديث قتادة إلخ) الظاهر أن مقصود الترمذي أن حديث الباب باللفظ المذكور شاذ والمحفوظ ما هو المعروف من حديث قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح. والله تعالى أعلم.
421- حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامرٍ العقديّ أخبرنا سفيانُ عن أبي إسحاقَ عن عاصمِ بن ضَمْرَةَ عن علي قال: "كانَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي قبلَ الظهرِ أربعاً وبعدها ركعتَيْنِ". (قال) وفي الباب عن عائشةَ وأمّ حبيبةَ. قال أبو عيسى: حديثُ علي حديث حسنٌ. قال أبو بكرٍ العطارُ: قال عليّ بن عبدِ الله عن يحيى بن سعيدٍ عن سفيانَ قال: كنّا نعرفُ فضلَ حديثِ عاصمِ بنِ ضَمْرَةَ على حديثِ الحارثِ. والعملُ على هذا عندَ أكثرَ أهلِ العلمِ من أصحابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم (ومن بعدَهُم): يختارونَ أن يُصلّيَ الرجلُ قبلَ الظهرِ أربعَ ركعاتٍ وهو قولُ سفيانَ الثوريّ وابنِ المباركِ وإسحاقَ (وأهل الكوفة). وقالَ بعضُ أهلِ العلمِ: صلاةُ الليلِ والنهارِ مثنَى مثنَى، يرونَ الفصلَ بين كل ركعتَيْنِ وبه يقولُ الشافعيّ وأحمدُ. قوله: (حدثنا بندار) بضم الموحدة وسكون النون هو محمد بن بشار (أخبرنا أبو عامر) اسمه عبد الملك بن عمرو القيسي العقدي بفتح المهملة والقاف ثقة من التاسعة (عن عاصم بن ضمرة) السلولي الكوفي صدوق من الثالثة، وقال في الخلاصة: وثقه ابن المديني وابن معين وتكلم فيه غيرهما. قوله: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الظهر أربعاً وبعدها ركعتين) على هذا العمل عند أكثر أهل العلم كما صرح به الترمذي وتمسكوا بهذا الحديث وبحديث عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعاً قبل الظهر وركعتين قبل الغداة أخرجه البخاري، وبحديث أم حبيبة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة، أربعاً قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر صلاة الغداة، أخرجه الترمذي في باب من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنة ماله من الفضل وقال حسن صحيح. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ركعتان أيضاً قبل الظهر. روى الشيخان عن ابن عمر قال: حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الصبح. قال الحافظ في الداودي: وقع في حديث ابن عمر أن قبل الظهر ركعتين وفي حديث عائشة أربعاً، وهو محمول على أن كل واحد منهما وصف ما رأى، قال ويحتمل أن يكون ابن عمر نسي ركعتين من الأربع. قال الحافظ هذا الاحتمال بعيد والأولى أن يحمل على حالين فكان يصلي تارة ثنتين وتارة يصلي أربعاً، وقيل هو محمول على أنه كان يقتصر في المسجد على ركعتين وفي بيته يصلي أربعاً، ويحتمل أن يكون يصلي إذا كان في بيته ركعتين ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين فرأى ابن عمر ما في المسجد دون ما في بيته واطلعت عائشة على الأمرين، ويقوي الأول ما رواه أحمد وأبو داود في حديث عائشة: كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعاً ثم يخرج، قال أبو جعفر الطبري: الأربع كانت في كثير من أحواله وركعتان في قليلها انتهى كلام الحافظ. قلت: والأولى أن يحمل على الحالين فكان تارة يصلي أربعاً وتارة ركعتين كما قال الحافظ: والله تعالى أعلم. قوله: (وفي الباب عن عائشة وأم حبيبة) تقدم تخريج حديثهما آنفاً. قوله: (حديث علي حديث حسن) في إسناده أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس ورواه عن عاصم بن ضمرة بالعنعنة. قوله: (حدثنا أبو بكر العطار) اسمه أحمد بن محمد بن إبراهيم الأبلي صدوق (قال قال علي بن عبد الله) بن جعفر الحسن بن المديني أعلم أهل عصره بالحديث وعلله حتى قال البخاري ما استصغرت نفسي إلا عنده (عن يحيى بن سعيد) بن فروخ القطان أحد أئمة الجرح والتعديل (عن سفيان) هو الثوري كما في الميزان (كنا نعرف فضل حديث عاصم بن ضمرة على حديث الحارث) أي الأعور وقال أحمد هو أعلى من الحارث الأعول وهو عندي حجة، وقال ابن حبان: روى عنه، أبو إسحاق والحكم، كان رديء الحفظ، فاحش الخطأ، يرفع عن علي قوله كثيراً فاستحق الترك على أنه أحسن حالاً من الحارث كذا في الميزان. قوله: (وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق) وهو قول الحنفية (وقال بعض أهل العلم: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يرون الفصل بين كل ركعتين وبه يقول الشافعي وأحمد) واستدل لهم بحديث ابن عمر مرفوعاً صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، رواه أحمد وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان من طريق علي بن عبد الله البارقي الأزدي عنه وأصله في الصحيحين بدون ذكر النهار. وفيه أن في صحة زيادة: والنهار، في هذا الحديث كلاماً قال الحافظ في الفتح: إن أكثر أئمة الحديث أعلوا هذه الزيادة وهي قوله: والنهار بأن الحافظ من أصحاب ابن عمر لم يذكروها عنه، وحكم النسائي على راويها بأنه أخطأ فيها، وقال يحيى بن معين: من علي الأزدي حتى أقبل منه؟ وادعى يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع أن ابن عمر كان يتطوع بالنهار أربعاً يفصل بينهن بتسليم وهو الحنفية وغيرهم لمفهوم حديث ابن عمر: صلاة الليل مثنى مثنى، أخرجه الشيخان. وتعقب بأنه مفهوم لقب وليس بحجه على الراجح وبأنه خرج جواباً للسؤال عن صلاة الليل الجواب بذلك مطابقة للسؤال وبحديث أبي أيوب مرفوعاً قال: أربع قبل الظهر ليس فيهن بتسليم تفتح لهن أبواب السماء. أخرجه أبو داود والترمذي في الشمائل، ورواه ابن ماجه في سننه بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعاً إذا زالت الشمس لا يفصل بينهن بتسليم، وضعفه أبو داود. وقال أبو عبيدة بن معتب الضبي انتهى، ورواه محمد بن الحسن في موطأه حدثنا بكير بن عامر البجلي عن إبراهيم والشعبي عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعاً إذا زالت الشمس، فسأله أبو أيوب الأنصاري عن ذلك فقال: إن أبواب السماء تفتح في هذه الساعة فأحب أن يصعد لي في تلك الساعة خير، قلت أفي كلهن قراءة؟ا قال نعم، قتل أتفصل بينهن بسلام؟ فقال لا. قلت: حديث أبي أيوب هذا ضعيف بكلتا الطريقين أما طريق أبي داود وغيره ففيها أبو عبيدة بن معتب الضبي وهو ضعيف ومع ضعفه قد اختلط بآخره كما صرح به الحافظ. وقال الزيلعي في نصب الراية: قال صاحب التنقيح وروى: ابن خزيمة هذا الحديث في مختصر المختصر وضعفه فقال: وعبيدة بن معتب ليس ممن يجوز الاحتجاج بخبره انتهى. وأما طريق محمد بن الحسن ففيها بكير بن عامر البجلي وهو ضعيف كما في التقريب. وقال في الميزان ضعفه ابن معين والنسائي. وقال أبو زرعة ليس بقوي. وقال أحمد ليس بذاك، وقال مرة ليس به بأس انتهى. ولم أجد حديثاً مرفوعاً صحيحاً صريحاً في الفصل بين الأربع قبل الظهر بالتسليم ولا في الوصل بينهن، فإن شاء صلاهن بسلام واحد، وإن شاء صلاهن بسلامين. هذا ما عندي والله تعالى أعلم.
422- حدثنا أحمدُ بن منيعٍ، حدثنا إسماعيلُ بنُ إِبْرَاهِيمَ عنَ أيوبَ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ قال: "صليتُ مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ركعتَين قبل الظهرِ وركعتينِ بعدَها". (قال): وفي الباب عن عليّ وعائشةَ. قال أبو عيسى: حديثُ ابنِ عمرَ حديثٌ صحيحٌ. قوله: (وركعتين بعدها) فيه أن السنة بعد الظهر ركعتان وقد جاء أربع ركعات أيضاً كما رواه الترمذي في الباب الاَتي. قوله: (وفي الباب عن علي وعائشة) أما حديث علي فأخرجه الترمذي في الباب المتقدم، وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم. قول (حديث ابن عمر حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان مطولاً وتقدم في الباب المتقدم.
423- حدثنا عبدُ الوارثِ بنُ عبيدِ الله العَتَكيّ المروَزِيّ أخبرنا عبدُ الله بنُ المباركِ عن خالدٍ الحذاءِ عن عبدِ الله بنِ شقيقٍ عن عائشةَ "أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يُصَلّ أربعاً قبلَ الظهرِ صلاهنّ بعده". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ (حسنٌ) غريبٌ إنما نعرفهُ مِن حديثِ ابنِ المباركِ (من هذا الوجهِ): وقد ورواه قيسُ بن الربيعِ عن شعبةَ عن خالدٍ الحذاء نَحو هذا. ولا نعلمُ أحداً رواهُ عن شعبةَ غيرَ قيسِ بنِ الربيعِ. وقد رُوِيَ عن عبدِ الرحمَنِ بنِ أبي ليلى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم نحوُ هذا. 424- حدثنا عليّ بن حُجْرٍ، أخبرنا يزيدُ بن هارونَ عن محمدِ بنِ عَبْدِ الله الشّعَيْثِيّ عن أبيهِ عن عنبسةَ بن أبي سُفيانَ عن أمّ حبيبةَ قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى قبلَ الظهرِ أربعاً وبعدها أربعاً حرّمَهُ الله على النارِ". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسَنٌ غريبٌ وقد رُوِيَ من غير هذا الوجهِ. 425- حدثنا أبو بكرٍ محمدُ بن إسحاقَ البغداديّ حدثنا عبدُ الله بنُ يوسفَ التنيسيّ (الشاميّ) حدثنا الهيثمُ بنُ حُميدٍ أخبرني العلاءُ (هو) بن الحارثِ عن القاسمِ أبي عبدِ الرحمَنِ عن عنبسةَ بنِ أبي سفيانَ قال: سمعتُ أختي أمّ حبيبةَ زوجَ النبيّ صلى الله عليه وسلم تقولُ سمعتُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "من حافظ على أربعِ ركعاتٍ قبلَ الظهرِ وأربعٍ بعدَها حرّمهُ الله على النارِ". (قال أبو عيسى): هذا حديثٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجهِ. والقاسمُ (هو) ابنُ عبدِ الرحمَنِ يُكنَى أبا عبدِ الرحمَنِ وهو مولى عبدِ الرحمنِ بنِ خالدِ بن يزيدَ بنِ معاويةَ وهو ثقةٌ شاميٌ (وهو) صاحبُ أبي أمامةَ.
قوله: (حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله العتكي) بفتح العين المهملة والمثناة الفوقية صدوق. قوله: (كان إذا لم يصل أربعاً قبل الظهر صلاهن بعدها) أي بعد الظهر بعد الركعتين، ففي رواية ابن ماجه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلاهن بعد الركعتين بعد الظهر، ورواه رواية ابن ماجه كلهم ثقات إلا قيس بن الربيع ففيه مقال وقد وثق، قاله الشوكاني. قلت: قال الحافظ في التقريب في ترجمته: صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به انتهى. والحديث يدل على مشروعية المحافظة على السنن التي قبل الفرائض وعلى امتداد وقتها إلى آخر وقت الفريضة وذلك لأنها لو كانت أوقاتها تخرج بفعل الفرائض لكان فعلها بعدها قضاء وكانت مقدمة على فعل سنة الظهر، وقد ثبت في حديث الباب أنها تفعل بعد ركعتي الظهر، ذكر معنى ذلك العراقي قال: وهو الصحيح عند الشافعية قال: وقد يعكس هذا فيقال لو كان وقت الأداء باقياً لقدمت على ركعتي الظهر، وذكر أن الأول أولى كذا في النيل. قوله: (هذا حديث حسن غريب) قال الشوكاني في النيل: رجال إسناده ثقات إلا عبد الوارث بن عبيد الله العتكي وقد ذكره ابن حبان في الثقات انتهى. قلت: وقد قال الحافظ إنه صدوق (ورواه قيس بن الربيع عن شعبة عن خالد الحذاء نحو هذا) أخرجه ابن ماجه وتقدم لفظه (وقد روى عن الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا) أخرجه ابن أبي شيبة عنه مرسلاً بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاتته أربع قبل الظهر صلاها بعدها. قوله أخبرنا (يزيد بن هارون) ثقة متقن (عن محمد بن عبد الله الشعيثي) بضم الشين المعجمة وفتح العين المهملة وبعدها تحتانية ساكنة ثم مثلثة قال الحافظ صدوق، وقال في النيل وثقه دحيم والمفضل بن غسان العلائي وابن حبان انتهى (عن أبيه) أي عبد الله بن المهاجر الشعثي النصري الدمشقي، قال الحافظ مقبول وذكره ابن حبان في الثقات (عن عنبسة بن أبي سفيان) قال في التقريب: عنبسة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية القرشي الأموي أخو معاوية يكنى أبا الوليد وقيل غير ذلك، يقال له رواية وقال أبو نعيم اتفق الأئمة على أنه تابعي وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. مات قبل أخيه. قوله: (من صلى قبل الظهر أربعاً وبعدها أربعاً حرمه الله على النار) وفي رواية لم تمسه النار، وفي رواية حرم على النار، وفي رواية حرم الله لحمه على النار. وقد اختلف في معنى ذلك هل المراد أنه لا يدخل النار أصلاً أو أنه إن قدر عليه دخولها لا تأكله النار أو أنه يحرم على النار أن تستوعب أجزاءه وإن مست بعضه كما في بعض طرق الحديث عند النسائي بلفظ: فتمس وجهه النار أبداً. وهو موافق لقوله في الحديث الصحيح وحرم على النار أن تأكل مواضع السجود فيكون قد أطلق الكل وأريد البعض مجازاً والحمل على الحقيقة أولى وأن الله تعالى يحرم جميعه على النار، وفضل الله أوسع ورحمته أعم، وظاهر قوله من صلى أن التحريم يحصل بمرة واحدة لكن الرواية الاَتية بلفظ من حافظ تدل على أن التحريم لا يحصل إلا للمحافظ. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) أخرجه الخمسة كذا في المنتقى. قوله: (حديث أبو بكر بن إسحاق البغدادي) المغاني بفتح المهملة ثم المعجمة ثقة ثبت (حديث عبد الله بن يوسف التنيسي) بكسر مثناة فوق وقيل بفتحها وكسر نون مشددة فمثناة تحت وسين مهملة، لذا في المغنى. قال الحافظ في الفتح ثقة متقن (عن القاسم أبي عبد الرحمن) قد بين ترجمته الترمذي في آخر هذا الباب. قوله: (من حافظ) أي داوم واظب قال القاري في المرقاة ركعتان منها مؤكدة وركعتان مستحبة فالأولى بتسليمتين بخلاف الأولى انتهى، قلت فيه ما فيه كما لا يخفى على المتأمل وقال الشوكاني في النيل: والحديث يدل على تأكد استحباب أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعده وكفى بهذا الترغيب باعثاً على ذلك انتهى. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه. قوله: (وهو ثقة شامي) قال المنذري في تلخيص السنن: القاسم هذا اختلف فيه فمنهم من يضعف روايته ومنهم من يوثقه انتهى. قلت قال الحافظ في التقريب إنه صدوق، وقال الذهبي في الميزان: وثقه ابن معين من وجوه عنه. وقال الجوزجاني كان خياراً فاضلاً أدرك أربعين من المهاجرين والأنصار. وقال الترمذي ثقة. وقال يعقوب بن شيبة منهم من يضعفه انتهى، وقال الذهبي قبل هذا: قال الإمام أحمد: روى عنه علي بن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم. وقال ابن حبان كان القاسم أبو عبد الرحمن يزعم أنه لقي أربعين بدرياً. كان ممن يروي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المعضلات وأتى عن الثقات بالمقلوبات حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها انتهى.
426- حدثنا بُندارٌ محمدُ بنُ بشارٍ، حدثنا أبو عامرٍ (هو العقدي عبد، الملك بن عمرو) حدثنا سفيانُ عن أبي إسحاقَ عن عاصمِ بنِ ضَمْرَةَ عن علِيّ قال: "كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي قبلَ العصرِ أربَع ركعاتٍ يفصلُ بينهنّ بالتسليمِ على الملائكةِ المقربينَ ومن تَبِعهمْ من المسلمينَ والمؤمنينَ". (قال) أبو عيسى وفي البابِ عن ابنِ عمرَ وعبدِ الله بن عمرٍو. وقال أبو عيسى: حديثُ علي حديثٌ حسَنٌ. واختارَ إسحاقُ بنُ إِبْرَاهِيمَ أن لاَ يُفصَل في الأربعِ قبلَ العصرِ، واحتجّ بهذا الحديثِ، (و) وقال اسحَق: معنى أنّه يفصلُ بينهنّ بالتسليم يَعْنِي التشهدَ. ورأى الشافعيّ وأحمدُ: صلاةَ الليلِ والنهارِ مثنَى مثنَى. يختاران الفصلَ (في الأربع قبل العصر). 427- حدثنا يحيى بنُ موسى و محمودُ بن غَيْلانَ و أحمدُ بن إبراهيمَ وغيرُ واحدٍ قالوا حدثنا أبو داودَ الطيالِسيّ حدثنا محمدُ بن مسلمِ بن مهرانَ سَمعَ جدّه عن ابنِ عمرَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "رحِمَ الله أمرأً صلى قبلَ العصرِ أربعاً". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ غريب حسن. قوله: (أخبرنا أبو عامر) العقدي اسمه عبد الملك بن عمرو القيسي ثقة (أخبرنا سفيان) الظاهر أنه هو الثوري (عن أبي إسحاق) اسمه عمرو بن عبد الله السبيعي ثقة مدلس (عن عاصم بن ضمرة) السلولي صدوق. قوله: (يصلي قبل العصر أربع ركعات) فيه استحباب أربع ركعات قبل العصر، وروى أبو داود من طريق شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر ركعتين، فالمراد أنه صلى الله عليه وسلم أحياناً يصلي أربع ركعات وأحياناً ركعتين جمعاً بين الروايتين، فالرجل مخير بين أن يصلي أربعاً أو ركعتين والأربع أفضل (يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين) المراد بالتسليم التشهد دون تسليم التحلل كما ستقف عليه. قوله: (وفي الباب عن ابن عمر وعبد الله بن عمرو) وأما حديث ابن عمر فأخرجه أبو داود وأخرجه الترمذي في هذا الباب. وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الطبراني في الكبير والأوسط مرفوعاً بلفظ. من صلى أربع ركعات قبل العصر لم تمسه النار. وفي الباب أيضاً عن أبي هريرة عند أبي نعيم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى ركعات قبل العصر غفر الله له: وهو من رواية الحسن عن أبي هريرة وهو لم يسمع منه. وعن أم سلمة عند الطبراني في الكبير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى أربع ركعات قبل العصر حرم الله بدنه على النار. كذا في النيل. قوله: (حديث علي حديث حسن) قال الحافظ في التلخيص بعد ذكر هذا الحديث ما لفظه: رواه أحمد الترمذي والبزار والنسائي من حديث عاصم بن ضمرة عنه يعني عن علي. قال البزار لا تعرفه إلا من حديث عاصم. وقال الترمذي: كان ابن المبارك يضعف هذا الحديث انتهى كلام الحافظ. قلت: قد أعاد الترمذي حديث علي هذا في الباب كيف يتطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، وذكر هناك أنه روى عن ابن المبارك أنه كان يضعف هذا الحديث، ونذكر هناك ما في هذا الحديث من الكلام. قوله: (واختار إسحاق بن إبراهيم أن لا يفصل في الأربع قبل العصر) ألا يصلي الأربع بتسليمتين بل بتسليمة واحدة (واحتج بهذا الحديث وقال معنى قوله إنه يفصل بينهن بالتسليم يعني التشهد) قال البغوي: المراد بالتسليم التشهد دون السلام أي وسمى تسليماً على من ذكر لاشتماله عليه، وكذا قاله ابن الملك. قال الطيبي: ويؤيده حديث عبد الله بن مسعود: كنا إذا صلينا قلنا السلام على الله قبل عباده السلام على جبريل وكان ذلك في التشهد انتهى. قلت: وقيل المراد بالتسليم التحلل من الصلاة والراجح عندي هو ما اختاره إسحاق ويأتي تحقيقه حيث أعاد الترمذي هذا الحديث (ورأى الشافعي وأحمد صلاة الليل والنهار مثنى مثنى أن الفصل أي بتسليمتين وهو مذهب الجمهور وقال أبو حنيفة صلاة الليل والنهار رباع رباع وقال صاحباه أبو يوسف ومحمد صلاة الليل مثنى مثنى وصلاة النهار رباع رباع). والاختلاف في الأولوية، ونذكر دلائل كل من هؤلاء مع بيان مالها وما عليها وما هو الأولى عندي في هذه المسألة في باب كيف يتطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار. قوله: (وأحمد بن إبراهيم) بن كثير الدورقي النكري البغدادي روى عنه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم. قال أبو حاتم صدوق، وقال صالح جزرة كان أحمد أكثرهما حديثاً وأعلمهما بالحديث، وكان يعقوب يعني أخاه أسندهما، وكانا جميعاً ثقتين، وكان مولد أحمد سنة (168) ومات في شعبان سنة (246) قاله الحافظ (أخبرنا محمد بن مسلم بن مهران) هو محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران بن المثنى، قال الدارقطني بصري يحدث عن جده لا بأس بهما، وقال ابن حبان في الثقات كان يخطيء (سمع جده) هو مسلم بن مهران أبو المثنى. قال الحافظ: مسلم بن المثنى، ويقال بن مهران بن المثنى أبو المثنى الكوفي روى عن ابن عمر وعنه حفيده محمد بن إبراهيم بن مسلم قال أبو زرعة ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. قوله: (رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً) قال العراقي: يحتمل أن يكون دعاء وأن يكون خبراً. قوله: (هذا حديث حسن غريب) كذا في النسخ الموجودة بتقديم لفظ حسن على لفظ غريب. وقال العراقي: جرت عادة المصنف على أن يقدم الوصف بالحسن على الغرابة وقدم هنا غريب على حسن والظاهر أنه يقدم الوصف الغالب على الحديث فإن غلب عليه الحسن قدمه وإن غلبت عليه الغرابة قدمها، وهذا الحديث بهذا اللفظ لا يعرف إلا من هذا الوجه وانتفت فيه وجوه المتابعات والشواهد فغلب عليه وصف الغرابة انتهى كذا في قوت المغتذي. فيظهر من كلام العراقي هذا أنه كان في النسخة الموجودة انتهى كلام في قوت المغتذي. فيظهر من كلام العراقي هذا أنه كان في النسخة الموجودة عنده هذا غريب حسن بتقديم لفظ غريب على لفظ حسن. وحديث ابن عمر هذا قال الحافظ في التلخيص بعد ذكره. رواه أبو داود والترمذي وحسنه ابن حبان وصححه وكذا شيخه ابن خزيمة من حديث ابن عمر وفيه محمد بن مهران وفيه مقال لكن وثقه ابن حبان انتهى.
428- حدثنا (أبو موسى) محمدُ بن المثنّى حدثنا بَدَلُ بن المحبّرِ أخبرنا عبدُ الملكِ بن معدانَ عن عاصمِ بن بَهدلَةَ عن أبي وائلٍ عن عبدِ الله بنِ مسعودٍأنه قال: ما أُحصى ما سمعتُ (مِن) رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: يقرأُ في الركعتينِ بعدَ المغربِ وفي الركعتَيْنِ. قبلَ صلاةِ الفجْرِ} بـ {قُلْ يا أيها الكافرونَ} {وقُلْ هو الله أحدٌ} (قال) وفي الباب عن ابن عمرَ. قال أبو عيسى: حديثُ ابنِ مسعودٍ حديثٌ غريبٌ (من حديثِ ابن مسعودٍ) لا نعرفه إلا من حديثِ عبدِ الملكِ بن معدانَ عن عاصمٍ. قوله: (أخبرنا بدل) بفتحتين (بن المحبر) على وزن محمد وهو بالمهملة بعد الميم وبالموحدة ثقة ثبت إلا في حديثه عن زائدة (أخبرنا بعد الملك بن معدان) هو عبد الملك بن الوليد بن المعدان. قال الذهبي في الميزان: قال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم ضعيف، وقال ابن حبان يقلب الأسانيد لا يحل الاحتجاج به. وقال البخاري فيه نظر سمع منه بدل وعبد الصمد انتهى. وقال الحافظ في التقريب ضعيف (عن عاصم بن بهدلة) بفتح الموحدة وسكون الهاء وفتح الدال المهملة هو ابن أبي النجود الكوفي أحد السبعة القراء ثبت في القراءة وهو في الحديث دون الثبت صدوق بهم. وقال النسائي ليس بحافظ. وقال الدارقطني في حفظه شيء. وقال أبو حاتم محله الصدق. وقال ابن خراش في حديثه نكرة. قال الذهبي هو حسن الحديث وقال أحمد وأبو زرعة ثقة خرج له الشيخان لكن مقروناً بغيره لا أصلاً وانفراداً. انتهى كلام الذهبي. وقال الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام حجة في القراءة وحديثه في الصحيحين مقرون انتهى. قوله: (قال ما أحصى) أي لا أستطيع أن أعد (ما سمعت) ما مصدرية أو موصولة (يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد) أي يقرأ في الركعة الأولى منهما "قل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد" على استحباب قراءة هاتين السورتين في الركعتين بعد المغرب. قوله: (وفي الباب عن ابن عمر) أخرجه الخمسة إلا النسائي كذا في المنتقى. وقال في النيل وأخرجه أيضاً مسلم. قوله: (حديث ابن مسعود حديث غريب) هو حديث ضعيف لضعف عبد الملك بن معدان لكن له شواهد تعضده.
429- حدثنا أحمدُ بن منيعٍ، حدثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ عن أيوبَ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ قال: "صليتُ مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ركعتَيْنِ بعدَ المغربِ في بيتِهِ". (قال) وفي الباب عن رافعِ بنِ خَديجٍ وكعبِ بن عُجرةَ. قال أبو عيسى: حديثُ ابنِ عمرَ حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. 430- حدثنا الحسنُ بنُ علي الحلْوانِيّ (الخلال) حدثنا عبدُ الرزاقِ أخبرنا معمرٌ عن أيوبَ عن نافعٍ عن ابن عمر قال: "حفِظتُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عَشْرَ ركعاتٍ كان يصليها بالليلِ والنهارِ: ركعتينِ قبلَ الظهرِ، وركعتينِ بعدَها، وركعتين بعد المغربِ، وركعتينِ بعد العشاءِ الاَخرةِ قال وحدثتنِي حفصةُ أنه كانَ يصلّي قبلَ الفجرِ ركعتَيْنِ". (هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ). 431- حدثنا الحسنُ بنُ علي حدثنا عبدُ الرزاقِ أخبرنا معمر عن الزهريّ عن سالمٍ عن ابن عمرَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: مثلَه. قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. قوله: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد المغرب في بيته) المراد من المعية هذه مجرد المتابعة في العدد وهو أن ابن عمر صلى ركعتين وحده كما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين لا أنه اقتدى به عليه الصلاة والسلام فيهما، قاله العيني. وقال الحافظ بنحو ذلك ثم قال. فلا حجة فيه لمن قال يجمع في رواتب الفرائض انتهى. وأحاديث الباب تدل على أن الأفضل أن يصلي سنة المغرب في البيت. قوله: (وفي الباب عن رافع بن خديج وكعب بن عجرة) بضم العين المهملة وسكون الجيم والراء المهملة، أما حديث رافع فأخرجه ابن ماجه بلفظ: إركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم السبحة بعد المغرب. وأما حديث كعب بن عجرة فأخرجه أبو داود بفلظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى مسجد بني الأشهل فصلى فيه المغرب فلما قضوا صلاتهم رآهم يسبحون بعدها فقال هذه صلاة البيوت. قوله: (حديث ابن عمر حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري. قوله: (وركعتين قبل الظهر) وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعاً، قال الحافظ: الأولى أن يحمل على حالين فكان يصلي تارة ثنتين وتارة يصلي أربعاً (وركعتين بعد المغرب) زاد البخاري في بيته (وركعتين بعد العشاء الاَخرة) زاد البخاري في بيته. وفي رواية له أما المغرب والعشاء ففي بيته. قال الحافظ في الفتح استدل به على أن فعل النوافل الليلية في البيوت أفضل من المسجد بخلاف رواتب النهار، وحكى ذلك عن مالك والثوري، وفي الاستدلال به لذلك نظر، والظاهر أن ذلك لم يقع عن عمد وإنما كان صلى الله عليه وسلم يتشاغل بالناس في النهار غالباً وبالليل يكون في بيته غالباً، قال وأغرب ابن أبي ليلى فقال لا تجزئ سنة المغرب في المسجد حكاه عبد الله بن أحمد عنه عقب روايته الحديث محمود بن لبيد رفعه: أن الركعتين بعد المغرب من صلاة البيوت، وقال إنه حكى ذلك لأبيه عن ابن أبي ليلى فاستحسنه انتهى. قلت: في مسند الإمام أحمد حدثنا عبد الله حدثني أبي وحدثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني بعد الأشهل فصلى بهم المغرب فلما سلم قال اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم، قال أبو عبد الرحمن قلت لأبن إن رجلاً قال من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد لم تجزه إلا أن يصليهما في بيته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هذه من صلوات البيوت. قال من قال هذا قلت محمد بن عبد الرحمن قال ما أحسن ما قال أو ما أحسن ما انتزع انتهى ما في المسند. وفيه أيضاً حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني عصام بن عمر بن قتادة بنحوه. وهذا الحديث حسن وهو دليل على أن فعل الركعتين اللتين بعد المغرب في البيت أفضل وأن ذلك وقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمد. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان.
432- حدثنا أبو كريبٍ (يعني) (محمدُ بن العلاءِ) (الهمداني الكوفيّ حدثنا زيدُ بن الحُبابِ حدثنا عمرُ بن أبي خثعمٍ عن يحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من صلّى بعدَ المغربِ ستّ ركعاتٍ لم يتكلمْ فيما بينهنّ بسوءٍ عُدِلْنَ له بعبادةِ ثِنْتَيْ عشرةَ سنةً". قال أبو عيسى: وقد روي عن عائشةَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من صلّى بعد المغربِ عشرينَ ركعةً بَنَى الله له بَيْتاً في الجنّة". قال أبو عيسى: حديثُ أبي هريرةَ حديثٌ غريبٌ. لا نعرِفه إلا من حديث زيدِ بن الحُبابِ عن عمرَ بنِ أبي خثعم. قال: وسمعتُ محمدَ بنَ إسماعيلَ يقولُ: عمرُ بنُ عبدِ الله بن أبي خثعمِ منكرُ الحديثُ وضعّفَهُ جداً. قوله: (أخبرنا عمر بن أبي خثعم) هو عمر بن عبد الله بن أبي خثعم وقد ينسب إلى جده ضعيف قاله الحافظ. قوله: (من صلى بعد المغرب) أي بعد فرضه (ست ركعات) المفهوم أن الركعتين الراتبتين داخلتان في الست وكذا في العشرين المذكورة في الحديث الاَتي قاله الطيبي، قال القاري فيصلي المؤكدتين بتسليمة وفي الباقي بالخيار (لم يتكلم فيما بينهن) أي في أثناء أدائهن، وقال ابن حجر إذا سلم من كل ركعتين (بسوء) أي بكلام سيء أو بكلام يوجب سوءاً (عدلن) بصيغة للمجهول وقيل بالمعلوم، وقال الطيبي يقال عدلت فلانا بفلان إذا سويت بينهما (له) أي لم صلى (بعبادة ثنتي عشرة سنة) قال الطيبي هذا من باب الحث والتحريض فيجوز أن يفضل ما لا يعرف على ما لا يعرف وإن كان أفضل حثاً وتحريضاً. وقال القاضي لعل القليل في هذا الوقت والحال يضاعف على الكثير في غيره. قوله: (وقد روى عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى بعد المغرب عشرين ركعة إلخ) أخرجه ابن ماجه من رواية يعقوب بن الوليد المدائني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قال المنذري في الترغيب ويعقوب كذبه أحمد وغيره انتهى. قلت: قال الذهبي في الميزان قال أحمد خرقتا حديثه وكذبه أبو حاتم ويحيى، وقال أحمد أيضاً كان من الكذابين الكبار يضع الحديث. قوله: (حديث أبي هريرة حديث غريب) قال المنذري في الترغيب: رواه ابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه والترمذي كلهم من حديث عمر بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه (وضعفه جداً) أي تضعيفاً قوياً. قال الذهبي في الميزان له حديث منكر: أن من صلى بعد المغرب ست ركعات ومن قرأ الدخان في ليلة حدث عنه زيد بن الحباب وعمر بن يونس اليمامي وغيرهما. وهاه أبو زرعة، وقال البخاري منكر الحديث ذاهب انتهى. وفي الباب عن محمد بن عمار بن ياسر قال: رأيت عمار بن ياسر يصلي بعد المغرب ست ركعات وقال: من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر. قال المنذري في الترغيب: حديث غريب رواه الطبراني في الثلاثة وقال تفرد به صالح بن قطن البخاري. قال الحافظ المنذري: صالح هذا لا يحضرني الاَن فيه جرح ولا تعديل انتهى. قلت: لم أجد أنا أيضاً ترجمته فالله سبحانه وتعالى أعلم بحاله. وعن حذيفة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى إلى العشاء. قال المنذري رواه النسائي بإسناد جيد، وقد ورد في فضيلة الصلاة بين العشائين غير هذه الأحاديث ذكرها الشوكاني في النيل وقال بعد ذكرها: الأحاديث المذكورة وإن كان أكثرها ضعيفة فهي منتهضة بمجموعها لا سيما في فضائل الأعمال انتهى.
433- حدثنا أبو سَلَمَةَ يحيىَ بنُ خلفٍ، حدثنا بشرُ بنُ المفضلِ عن خالدٍ الحذاءِ عن عَبْدِ الله بن شقيقٍ قال: "سألتُ عائشةَ عن صلاةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يصلّي قبلَ الظهر ركعتَينِ وبعدَها ركعتَينِ وبعدَ المغربِ ثِنْتَينِ، وبعدَ العشاءِ ركعتَينِ، وقبلَ الفجرِ ثِنْتينِ". قال وفي الباب عن علي وابن عُمَرَ. قال أبو عيسى: حديثُ عبدِ الله بنِ شقيقٍ عنْ عائشةَ حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. قوله: (فقالت كان يصلي قبل الظهر ركعتين) وفي رواية مسلم فقالت: كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعاً ثم يخرج فيصلي بالناس، قال القاري في المرقاة: هذا دليل المختار مذهب أن المؤكدة قبلها أربع انتهى. قلت: والمختار عند الشافعية ركعتان والكل ثابت بالأحاديث الصحيحة (وبعدها ركعتين وبعد المغرب ثنتين وبعد العشاء ركعتين إلخ) وفي رواية مسلم ثم يدخل فيصلي ركعتين وكان يصلي بالناس بالمغرب ثم يدخل فيصلي ركعتين، ثم يصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين إلخ قال ابن الملك: فيه دليل على استحباب أداء السنة في البيت، قيل في زماننا إظهار السنة الراتبة أولى ليعملها الناس انتهى. قال القاري: أي ليعلموا عملها أو لئلا ينسبوه إلى البدعة، ولا شك أن متابعة السنة أولى مع عدم الإلتفات إلى غير المولى. قوله: (وفي الباب عن علي وابن عمر) أما حديث علي فلينظر من أخرجه. وأما حديث ابن عمر فأخرجه الشيخان وأخرجه الترمذي أيضاً وقد تقدم. قوله: (حديث عبد الله بن شقيق عن عائشة حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم.
434- حدثنا قُتَيْبَةُ حدثنا الليثُ عن نافعٍ عنْ ابنِ عمرَ عنْ النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: "صلاةُ الليلِ مثْنَى مثْنَى فإذا خفت الصبحَ فأوْتر بواحدةٍ واجعلْ آخرَ صلاتِكَ وتراً". (قال) (أبو عيسى) وفي البابِ عن عمرِو بنِ عَبَسةَ. قال أبو عيسى: حديثُ ابنِ عُمَر حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. والعملُ على هذا عندَ أهلِ العلمِ: أنّ صلاةَ الليلِ مثْنى مثْنى. وهوَ قولُ سُفيانَ (الثوريّ)، وابنِ المباركِ، والشافعيّ، وأحمدَ، وإسحاقَ. قوله: (قال صلاة الليل مثنى مثنى) أي اثنين اثنين وهو غير منصرف لتكرار العدل قاله صاحب الكشاف، وقال آخرون العدل والوصف. وأما إعادة مثنى فللمبالغة في التأكيد، وقد فسره ابن عمر راوي الحديث فعند مسلم من طريق عقبة بن حريث قلت لابن عمر ما معنى مثنى مثنى؟ قال: تسلم من كل ركعتين. وفيه رد على من زعم من الحنفية أن معنى مثنى أن يتشهد بين كل ركعتين لأن راوي الحديث أعلم بالمراد به. قال الحافظ: وما فسره به وهو المتبادر إلى الفهم لأنه لا يقال في الرباعية مثلاً إنها مثنى. واستدل بهذا على تعيين الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل، قال ابن دقيق العيد: وهو ظاهر السياق لحصر المبتدأ في الخبر. وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل لما صح من فعله صلى الله عليه وسلم بخلافه، ولم يتعين أيضاً كونه كذلك بل يحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف إذ السلام بين كل ركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها لما فيه من الراحة غالباً وقضاء ما يعرض من أمرهم. وقد اختلف السلف في الفصل والوصل أيهما أفضل. وقال الأثرم عن أحمد: الذي، اختاره في صلاة الليل مثنى مثنى فإن صلى بالنهار أربعاً فلا بأس. وقال محمد بن نصر نحوه في صلاة الليل، قال وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرها إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على الوصل إلا أنا نختار أن يسلم من كل ركعتين لكونه أجاب به السائل ولكون أحاديث الفصل أثبت وأكثر طرقاً كذا في الفتح. وقال الحنفية إن الأفضل في صلاة النهار أن تكون أربعاً، واستدلوا بمفهوم حديث الباب. وتعقب بأنه مفهوم لقب وليس بحجة على الراجح، وعلى تقدير الأخذ به فليس بمنحصر في أربع وبأنه خرج جواباً للسؤال عن صلاة الليل فقيد الجواب بذلك مطابقة للسؤال، وبأنه قد تبين من رواية أخرى أنه حكم المسكوت عنه المنطوق به، ففي السنن وصححه ابن خزيمة وغيره من طريق على الأزدي عن ابن عمر مرفوعاً: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. وقد تعقب هذا الأخير بأن أكثر أئمة الحديث أعلوا هذه الزيادة وهي قوله والنهار بأن الحفاظ من أصحاب ابن عمر لم يذكروها عنه، وحكم النسائي على راويها بأنه أخطأ فيها. وقال يحيى بن معين: من علي الأزدي حتى أقبل منه؟ وأدعى يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع أن ابن عمر كان يتطوع بالنهار أربعاً لا يفصل بينهن. ولو كان حديث الأزدي صحيحاً لما خالفه ابن عمر يعني مع شدة اتباعه، رواه عنه محمد بن نصر في سؤالاته لكن روى ابن وهب بإسناد قوى عن ابن عمر قال: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، موقوف أخرجه ابن عبد البر من طريقه فلعل الأزدي اختلط عليه الموقوف بالمرفوع، فلا تكون هذه الزيادة صحيحة على طريقة من يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذ. وقد روى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ابن عمر أنه كان يصلي بالنهار أربعاً أربعاً، وهذا موافق لما نقله ابن معين كذا في فتح الباري 435. قوله: (وفي الباب عن عمرو بن عنبسة) بالعين المهملة والموحدة والسين المهملة مفتوحات صحابي مشهور أسلم قديماً وهاجر بعد أحد ثم نزل الشام وأخرج حديثه ابن نصر والطبراني بلفظ: صلاة الليل مثنى مثنى وجوف الليل أحق به. قال المناوي في شرح الجامع الصغير: وفيه أبو بكر بن مريم ضعيف. قوله: (حديث ابن عمر حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان.
435- حدثنا قُتَيْبَةُ حدثنا، أبو عَوَانَةَ عنْ أبي بِشرٍ عن حميدِ بن عبدِ الرحمَنِ الحِمْيَرِيّ عنْ أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الصيامِ بعدَ (شهر) رمضانَ شهرُ الله المحرّمُ وأفضلُ الصلاةِ بعد الفريضةِ صلاةُ الليلِ". (قال) وفي الباب عن جابرٍ، وبلالٍ، وأبي أُمامةَ. قال أبو عيسى: حديثُ أبي هريرةَ حديثٌ حسَنٌ (صحيح). (قال أبو عيسى) أبو بشرٍ اسمهُ جعفرُ بنُ أبي وحشية واسم ابن وحشية إياسٍ. قوله: (عن أبي بشر) اسمه جعفر بن إياس اليشكري ثقة (عن حميد بن عبد الرحمن) ثقة فقيه. قوله: (شهر الله) صيام شهر الله والإضافة للتعظيم (المحرم) بالرفع صفة المضاف قال الطيبي أراد بصيام شهر الله صيام يوم عاشوراء، قال القاري: الظاهر أن المراد جميع شهر المحرم، وفي خبر أبي داود وغيره: صم من المحرم واترك، صم من المحرم وأترك. صم من المحرم واترك انتهى. قلت: الأمر كما قال القاري (وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) قال النووي: الحديث حجة أبي إسحاق المروزي عن أصحابنا ومن وافقه على أن صلاة الليل أفضل من السنن الرواتب لأنها تشبه الفرائض: وقال أكثر العلماء: الرواتب أفضل، والأول أقوى وأوفق لنص هذا الحديث. قال الطيبي: ولعمري إن صلاة التهجد لو لم يكن فيها فضل سوى قوله تعالى {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} وقوله تعالى (تتجافى جنوبهم عن المضاجع إلى قوله تعالى فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين) وغيرهما من الاَيات لكفاه زية انتهى. قوله: (وفي الباب عن جابر وبلال وأبي أمامة) أما حديث جابر فأخرجه مسلم بلفظ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيراً من الدنيا والاَخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة: وأما حديث بلال فلينظر من أخرجه: وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الترمذي في كتاب الدعاء من هذا الكتاب. وفي الباب أحاديث كثيرة ذكرها الحافظ المنذري في كتاب الترغيب. قوله: (حديث أبي هريرة حديث حسن) وأخرجه وأبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه. قوله: (وهو جعفر بن أبي وحشية) بفتح الواو وسكون المهملة وكسر المعجمة وتثقيل التحتانية كذا ضبطه الحافظ في التقريب.
436- حدثنا إسحاقُ بنُ موسى الأنصاريّ حدثنا معنٌ حدثنا مالكٌ عن سعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المقْبُريّ عنْ أبي سَلَمَةَ أنهُ (أخبرهُ "أنهُ) سألَ عائشةَ: كيفَ كانتْ صلاةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (باللّيل) في رمضانَ فقالتْ: ما كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرهِ على إحدَى عشرةَ ركعةً يصلي أربعاً فَلاَ تسألْ عنْ حسنِهنّ وطولِهنّ ثمّ يصلي أربعاً فلا تسألْ عنْ حسنهنّ وطولهنّ ثمّ يصلي ثلاثاً. فقالت عائشةُ: فقلتُ يَا رَسُولَ الله أتنامُ قبلَ أنْ توترَ؟ فقال: يا عائشةُ إنّ عينيّ تَنامان ولا ينام قَلبي". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. 437- حدثنا إسحاقُ بن موسى الأنصاريّ، حدثنا معنُ بن عيسى حدثنا مالكٌ عنْ ابن شهابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائشةَ: "أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يصلي منَ الليل إحدَى عشرةَ ركعةً يوتُر منها بواحدةٍ، فإذا فرغ منها اضطجعَ على شِقّهِ الأيمنِ". 438- حدثنا قُتَيْبَةُ عنْ مالكٍ عنْ ابن شهابٍ نحوَه. قال أبو عيسى: هذا حديثٌ (حسَنٌ) صحيحٌ. قوله: (يصلي أربعاً) يحتمل أنها متصلات وهو الظاهر، ويحتمل أنها مفصلات وهو بعيد إلا أنه يوافق حديث صلاة الليل مثنى مثنى، قاله صاحب السبل قلت الأمر كما قال فلا تسأل عن حسنهن وطولهن نهت عن سؤال ذلك، إما لأنه لا يقدر المخاطب على مثله فأي حاجة له في السؤال أو لأنه قد علم حسنهن وطولهن لشهرته فلا يسأل عنه أو لأنها لا تقدر تصف ذلك (ثم يصلي ثلاثا) الظاهر أنها مفصلات (أتنام قبل أن توتر) كأنه كان ينام بعد الأربع ثم يقوم فيصلي الثلاث، وكأنه كان قد تقرر عند عائشة أن النوم ناقص (إن عيني تنامان ولا ينام قلبي) قال النووي في شرح مسلم هذا من خصائص الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه انتهى. وقال الحافظ في التلخيص: لا ينتقص وضوؤه صلى الله عليه وسلم بالنوم، يدل عليه ما في الصحيحين عن عائشة: أن عيني تنامان ولا ينام قلبي، وعن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ ثم قام فصلى ولم يتوضأ. وفي البخاري في حديث الإسراء من طريق شريك عن أنس: وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم انتهى. قال النووي: فإن قيل كيف نام النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس يعني ليلة التعريس مع قوله إن عيني تنامان ولا ينام قلبي؟ فجوابه من وجهين أصحهما وأشهرهما أنه لا منافاة بينهما لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم ونحوهما، ولا يدرك طلوع الفجر وغيره مما يتعلق بالعين وإنما يدرك ذلك بالعين والعين نائمة وإن كان القلب يقظان. والثاني أنه كان هو الغالب من أحواله، وهذا التأويل ضعيف والصحيح المعتمد هو الأول انتهى. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان. قوله: (يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر بها منها بواحدة) قال محمد بن نصر في قيام الليل بعد رواية هذا الحديث ما لفظه: وفي رواية كان يصلي ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء وهي التي يدعون الناس العتمة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل اثنتين ويوتر بواحدة، وفي رواية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد العشاء الاَخرة إلى أن ينصدع الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل اثنتين ويوتر بواحدة، وكان يمكث في سجوده بقدر ما يقرأ الرجل منكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه ويركع ركعتين قبل الفجر ويضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن وفي أخرى كان يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر انتهى. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) أصل هذا الحديث متفق عليه.
439- حدثنا أبو كُرَيْب (قال): حدثنا وكيعٌ عن شعبةَ عن أبي جَمْرَةَ الضبعيّ عنِ ابن عباسٍ قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليلِ ثلاثَ عشرةَ (ركعةً)". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. (و) أبو جمرة (الضُبعيّ) اسمه نصر بم عمر ابن الضّبعيّ. قوله: (عن أبي جمرة) بالجيم والراء اسمه نصر بن عمران بن عصام الضبعي نزيل خراسان مشهور بكنيته ثقة ثبت من الثالثة. قوله: (يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة) وروى محمد بن نصر في قيام الليل قال حدثنا يحيى عن مالك عن مخرمة عن كريب أن ابن عباس أخبره أنه بات ليلة عند ميمونة فذكر الحديث وفيه: ثم قام فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر ثم ذكر حديث زيد بن خالد الجهني بإسناده وفيه: فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة، ثم ذكر حديث جابر بن عبد الله بإسناده وفيه: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وجابر رضي الله عنه إلى جنبه فصلى العتمة ثم صلى ثلاث عشرة سجدة. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة ليلة الحديث. وفيه فقام فصلى فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة الخ.
440- حدثنا هنادٌ) حدثنا، أبو الأحوصِ عن الأعمشِ عن إبراهيمَ عن الأسودِ بن يزيد عن عائشةَ قالت: "كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي منَ الليلِ تسعَ ركعاتٍ". وفي البابِ عنْ أبي هُرَيرَةَ، وزيدِ بن خالدٍ، والفضل بن عباسٍ. قال أبو عيسى: حديثُ عائشةَ حديثٌ صحيح غريبٌ منْ هذا الوجهِ. 441- ورواه سفيانُ الثوريّ عنْ الأعْمَشِ نحوَ هذاَ حدثنا بذلك محمودُ بنُ غَيْلاَنَ حدثنا يحيى بنُ آدمَ عن سُفيانَ عنْ الأعمشِ. (قال أبو عيسى): وأكثرُ ما رُوِيَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في صلاةِ الليلِ ثلاث عشرةَ ركعةً مع الوترِ، وأقلّ ما وُصفَ منْ صلاتهِ بالليلِ تسعُ ركعاتٍ. قوله: (يصلي من الليل تسع ركعات) روى محمد بن نصر في قيام الليل ومسلم في صحيحه من طريق سعد بن هشام عن عائشة في حديث طويل قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله متى شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله وحده ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليمة يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني، فلما أسن نبي الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم أوتر بسبع وصنع الركعتين مثل صنيعه الأول فتلك تسع يا بني. قوله: (وفي الباب عن أبي هريرة وزيد بن خالد والفضل بن عباس) أما حديث أبي هريرة فأخرجه أحمد ومسلم وأبو داود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين. وأما حديث زيد بن خالد فأخرجه مسلم قال: لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة فصلى ركعتين خفيفتين الحديث وفي آخره: ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة. وأما حديث الفضل بن عباس فأخرجه الترمذي في باب ما جاء في التخشع في الصلاة. قوله: (حديث عائشة حديث حسن غريب) أخرجه مسلم في صحيحه عن سعد بن هشام حديثاً طويلاً وفيه قال: قلت يا أم المؤمنين يعني عائشة رضي الله عنها أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني، فلما أسن نبي الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول فتلك تسع يا بني الحديث. قوله: (وأكثر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل ثلاث عشر ركعة مع الوتر) كما عرفت في حديث ابن عباس وحديث زيد بن خالد الجهني (وأقل ما وصف من صلته من الليل تسع ركعات بل سبع ركعات كما في حديث عائشة). فلما أسن نبي الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم أوتر بسبع. وروى البخاري في صحيحه عن مسروق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت: سبع وتسع وإحدى عشرة سوى ركعتي الفجر. قوله: (إذا لم يصل من الليل منعه نوم أو غلبته عيناه) وفي رواية مسلم وكان إذا غلبه النوم أو وجع عن قيام الليل (صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة) أي فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كما في حديث عمر رضي الله عنه مرفوعاً: من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل رواه مسلم. والحديث دليل على استحباب على الأورد وأنها إدا فاتت تقصى. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم في ضمن حديث طويل.
442- حدثنا قُتَيْبَةُ حدثنا، أبو عوانةَ عنْ قتادةَ عن زرارةَ بن أوْفى عنْ سعدِ بن هشامٍ عنْ عائشةَ قالتْ: "كانَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا لم يُصلّ منَ الليلِ منعهُ منْ ذلكَ النوم أوْ غلبتهُ عيناهُ صلى منْ النهارِ ثنتي عشرةَ ركعةً".
قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. قال أبو عيسى: وسعدُ بن هشامٍ هوَ ابنُ عامرٍ الأنصاريّ وهشام بن عامرٍ هوَ منْ أصحابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم. حدثنا عباسٌ (هو ابن عبدِ العظيم) العنبريّ حدثنا عتّابُ بن المَثنّى عن بهزِ بن حكيم قالَ كانَ زُرَارةُ بن أوْفى قاضي البصرةِ وكان يؤمّ في بني قشيرٍ فقرأ يوماً في صلاةِ الصبح {فَإذَا نُقرَ فِي النّاقُورِ فذَلكَ يَوْمَئذٍ يومٌ عسير} خرّ ميتاً فكنتُ فيمنْ احتملَهُ إلى دارِه. قوله: (كان زرارة بن أوفى قاضي البصرة) هو من أوساط التابعين ثقة عابد (فكان يوم بنى قشير) وفي رواية محمد بن نصر في قيام الليل وهو يؤم في المسجد الأعظم (فقرأ يوماً) في صلاة الصبح (فإذا نقر في الناقور) أي نفخ في الصور وبعده. فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير (خرميتا) وكذلك وقع الاَخرين أنهم ماتوا لسماع بعض آيات القرآن. ففي قيام الليل وصلى خليد رحمه الله فقرأ كل نفس ذائقة الموت فرددها مراراً فناداه من ناحية البيت كم تردد هذه الاَية، فلقد قتلت بها أربعة نفر من الجن لم يرفعوا رؤوسهم إلى السماء حتى ماتوا من تردادك هذه الاَية فوله خليد بعد ذلك ولها شديداً حتى أنكره أهله كأنه ليس الذي كان. وسمع آخر قارئاً يقرأ (وردوا إلى الله مولاهم الحق) الاَية فصرخ واضطرب حتى مات. وسمع آخر قارئاً يقرأ {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة} فمات لأن مرارته تفطرت. وقيل لفضيل بن عياض: ما سبب موت ابنك؟ قال بات يتلو القرآن في محرابه فأصبح ميتاً.
443- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا يَعقوبُ بن عبدِ الرحمَنِ الإسكندرانيّ عنْ سهيلِ بنِ أبي صالحٍ عنْ أبيهِ عنْ أبي هريرةَ أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزلُ الله إلى السماءِ الدّنيا كلّ ليلةٍ حينَ يمضي ثلثُ الليلِ الأوّلُ، فيقولُ: أنا الملكُ منْ ذا الذي يدعوني فأستجيبُ لهُ منْ ذا الذي يسألني فأعطيهُ، منْ ذا الذي يستغفرُنِي فأغفرُ لهُ، فلا يزالُ كذلكَ حتى يضيءَ الفجرُ". (قال) وفي الباب عنْ (عليّ بن أبي طالبٍ) وأبي سعيدٍ ورفاعةَ الجُهنيّ وجبيرِ بن مطعمٍ وابن مسعودٍ وأبي الدرداءِ وعثمانَ بنِ أبي العاصِ. قال أبو عيسى: حديثُ أبي هريرةَ حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. وقدْ رُوِيَ هذا الحديثُ منْ أوْجهٍ كثيرةٍ عنْ أبي هريرةَ عنْ النبيّ صلى الله عليه وسلم (وروى عنه) أنهُ قالَ: "ينزل الله عزّ وجلّ حينَ يبقى ثلثُ الليلِ الاَخرُ".. هو أصحّ الرواياتِ. قوله: (أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني) ثقة. قوله: (ينزل الله تبارك وتعالى كل ليلة) قد اختلف في معنى النزول على أقوال، فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة تعالى الله عن قولهم، ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة وهم الخوارج والمعتزلة وهو مكابرة ومنهم من أوله ومنهم من أجرأه على ما ورد مؤمناً به على طريق الإجمال منزهاً الله تعالى عن الكيفية والتشبيه وهم جمهور السلف ونقله البيهقي وغيره عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث وغيرهم، وهذا القول هو الحق فعليك أتباع جمهور السلف وإياك أن تكون من أصحاب التأويل والله تعالى أعلم (حين يمضي ثلث الليل الأول) بالرفع صفة ثلث (من الذي يدعوني فأستجيب) بالنصب على جواب الاستفهام والرفع على الاستئناف، وكذا قوله فأعطيه وفأغفر له، وقد قرئ بهما في قوله تعالى {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له} الاَية، وليست السين في أستجيب للطلب بل أستجيب بمعنى أجيب (حتى يضيء الفجر) وفي رواية مسلم حتى ينفجر الفجر، والمعنى حتى يطلع ويظهر الفجر. قوله: (وفي الباب عن علي بن أبي طالب وأبي سعيد ورفاعة الجهني وجبير بن مطعم وابن مسعود وأبي الدرداء وعثمان بن أبي العاص) أما حديث علي وابن مسعود وعثمان ابن أبي العاص فأخرجه أحمد. وأما حديث جبير بن مطعم ورفاعة الجهني فأخرجه النسائي. وأما حديث أبي الدرداء فأخرجه الطبراني كذا في فتح الباري. وأما حديث أبي سعيد فأخرجه النسائي. قوله: (حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح) أخرجه الأئمة الستة (وقد روى هذا الحديث من أوجه كثيرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينزل الله تبارك وتعالى حين يبقى ثلث الليل الاَخر وهذا أصح الروايات) برفع الاَخر لأنه صفة الثلث. قال الحافظ في الفتح بعد ذكر قول الترمذي: وهذا أصح الروايات ما لفظه: ويقوي ذلك أن الروايات المخالفة له اختلف فيها على رواتها وسلك بعضهم طريق الجمع، وذلك أن الروايات انحصرت في ستة أشياء: أولها هذه يعني حين يبقى ثلث الليل الاَخر، ثانيها إذا مضى الثلث الأول أو النصف، رابعها النصف خامسها النصف أو الثلث الأخير سادسها الإطلاق. فأما الروايات المطلقة فهي محمولة على المقيدة: وأما التي بأو فإن كانت أو للشك فالمجزوم به مقدم على الشكوك فيه، وإن كانت للتردد بين حالين فيجمع بذلك بين الروايات بأن ذلك يعق بحسب اختلاف الأحوال لكون أوقات الليل تختلف في الزمان وفي الاَفاق باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم، وتأخره عند قوم، وقال بعضهم يحتمل أن يكون النزول يقع في ثلث الأول والقول يقع في النصف والثلث الثاني، وقيل يحمل على ذلك يقع في جميع الأوقات التي وردت بها الأخبار، ويحمل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بأحد الأمور في وقت فأخبر به ثم أعلم به في وقت آخر فأخبر به فنقل الصحابة ذلك عنه والله أعلم انتهى كلام الحافظ.
444- حدثنا محمودُ بن غَيلانَ، حدثنا يحيى بنُ إسحاقَ (هو السّالَحينيّ) حدثنا حمادُ بنُ سلمةَ عن ثابتِ (البُنانيّ) عن عبدِ الله بن رباحِ الأنصاريّ عن أبي قتادةَ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرٍ: "مررتُ بكَ وأنتَ تقرأُ وأنتَ تخفضُ من صوْتِكَ فقال: إني أسْمَعْتُ من ناجيتُ، قال: ارفعْ قليلاً. وقال لعمرَ مررتُ بكَ وأنت تقرأُ وأنت ترفع صوتَك، فقال: إني أُوقظ الوسنَانَ وأطردُ الشيطانَ، قال: اخفضْ قليلاً". (قال) وفي الباب عن عائشةَ وأمّ هانئ وأنسٍ وأُمّ سلمةَ وابنِ عباسٍ. قال أبو عيسى: هذا حديث غريبٌ. وإنما أسندَه يحيى بنُ إسحاقَ عن حمادِ بنِ سَلَمَةَ. وأكثرُ الناسِ إنما رَوَوْا هذا الحديثَ عن ثابتٍ عن عَبْدِ الله بن رباحٍ مرسلاً. 445- حدثنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ نافعٍ البصريّ، حدثنا عبدُ الصّمدِ بنِ عبدِ الوارثِ عنْ إسماعيلَ بن مسلمٍ العبديّ عن أبي المتوكل الناجيّ عنْ عائشةَ قالتْ: "قامَ النبيّ صلى الله عليه وسلم بآيةٍ منَ القرآنِ ليلةً". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه. 446- حدثنا قتيبةَ أخبرنا الليثُ عن معاويةَ بن صالحٍ عن عبدِ الله بن أبي قيسِ قال: "سألتُ عائشةَ كيفَ كانَ قِراءةُ النبيّ صلى الله عليه وسلم بالليلِ؟ (أكان يسر بالقراءة أم يجهر؟) فقالت: كلّ ذلك قد كان يفعلُ رُبما اسرّ بالقراءةِ ورُبما جهرَ فقلت: الحمدِ الله الذي جعلَ في الأمرِ سعةً". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ غريبٌ. قوله: (أخبرنا يحيى بن أبي إسحاق) البجلي أبو زكريا السيلحيني البغدادي. قال ابن سعد: كان ثقة حافظاً كذا في الخلاصة. وقال الحافظ: صدوق (عن عبد الله بن رباح الأنصاري المدني أبي خالد مسكن البصرة ثقة من الثالثة قتله الأزارقة). قوله: (قال لأبي بكر مررت بك) وفي رواية أبي داود رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة فإذا هو بأبي بكر يخفض من صوته، ومر بعمر وهو يصلي رافعاً صوته قال فلما اجتمعا عند النبي صلى الله عليه وسلم قال يا أبا بكر مررت بك إلخ (وأنت تقرأ) جملة حالية (وأنت تخفض) ضد الرفع (فقال إني أسمعت من ناجيت) جواب متضمن لعلة الخفض، أي أنا أناجي ربي وهو يسمع لا يحتاج إلى رفع الصوت (فقال إني أوقظ) أي أنبه (الوسنان) أي النائم الذي ليس بمستغرق في نومه (وأطرد الشيطان) أي أبعده (قال ارفع قليلاً) وفي رواية أبي داود ارفع من صوتك شيئاً (قال اخفض قليلاً) أي اخفض من صوتك شيئاً كما في رواية أبي داود. قوله: (وفي الباب عن عائشة وأم هانيء وأنس وأم سلمة وابن عباس) أما حديث عائشة فأخرجه الترمذي في هذا الباب. وأما حديث أم هانيء فأخرجه الحافظ محمد بن نصر في قيام الليل بلفظ. قالت كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وأنا على عريش أهلي. وأما حديث أنس فلينظر من أخرجه. وأما حديثث أم سلمة فأخرجه أبو داود ثم ينام قدر ما صلى حتى يصبح ثم نعتت قراءته فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفاً حرفاً. وأما حديث ابن عباس فأخرجه أبو داود بلفظ: قال كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم على قدر ما يسمعه من في الحجرة وهو في البيت. وفي قيام الليل لمحمد بن بصر: سئل ابن عباس عن جهر النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة بالليل فقال كان يقرأ في حجرته قراءة لو أراد حافظ أن يحفظها فعل. قوله: (حدثنا أبو بكر محمد بن نافع البصري) لم أقف على ترجمته (عن إسماعيل بن مسلم العبدي) البصري القاضي ثقة (قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية من القرآن ليلة) والظاهر أن تلك الاَية {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}، فروى النسائي وابن ماجه عن أبي ذر قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح بآية والاَية {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}، ورواه محمد بن نصر في قيام الليل مطولاً وفيه: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح يتلو آية واحدة من كتاب الله بها يركع وبها يسجد وبها يدعو (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) الحديث وفي آخره فقال عبد الله بأبي وأمي يا رسول الله قمت الليلة بآية واحدة بها تركع وبها تسجد وبها تدعو، وقد علمك الله القرآن كله قال: إني دعوت لأمتي. قوله: (هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه) في إسناده أبو بكر محمد بن نافع البصري لم أقف على حاله. قوله: (عن عبد الله بن أبي قيس) النصري بالنون هو أبو الأسود الحمصي وثقه النسائي قال الحافظ ثقة مخضرم من كبار التابعين. قوله: (كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل) أي في قيام الليل بالسر أو بالجهر (ربما أسر بالقراءة وربما جهر) بيان لما قبله: والحديث يدل على أن الجهر والإسرار جائزان في قراءة صلاة الليل. وحديث أبي قتادة المذكور وما في معناه يدل على أن المستحب في القراءة في صلاة الليل التوسط بين الجهر والإسرار. قوله: (هذا حديث صحيح غريب) قال في المنتقى رواه الخمسة وصححه الترمذي. وقال في النيل رجاله رجال الصحيح (حديث أبي قتادة حديث غريب) أخرجه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري (وإنما أسنده يحيى بن إسحاق عن حماد بن سلمة إلخ) قال المنذري ويحيى بن إسحاق هذا هو البجلي السيلحيني وقد احتج به مسلم في صحيحه انتهى.
|