الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري ***
(باب ما جاء في صلاة الضحى) قال العيني في شرح البخاري: الضحى بالضم والكسر فوق الضحوة وهي أرتفاع أول النهار والضحاء بالفتح والمد هو إذا علت الشمس إلى ربع السماء فما بعده أنتهى. قال القاري في المرقاة: قيل صلاة وقت الضحى والظاهر أن إضافة الصلاة إلى الضحى بمعنى "في" كصلاة النهار وصلاة الليل، فلا حاجة إلى القول بحذف المضاف، وقيل من باب إضافة المسبب إلى السبب كصلاة الظهر أنتهى. 469- حدثنا أبو كُريبٍ محمدُ بنُ العلاءِ حدثنا يونسُ بن بُكَيرٍ عن محمدِ بنِ إسحاقَ قال حدثني موسى بن فُلانِ بن أنسٍ عن عمهِ ثُمامةَ بن أنسِ بن مالكٍ عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الضّحى ثِنْتَيْ عشْرَةَ ركعةً بَنَى الله له قصراً من ذهب في الجنةِ". (قال) وفي الباب عن أُمّ هانئ وأبي هُريْرَةَ ونُعَيْمِ بنِ هَمّارٍ وأبي ذرّ وعائشةَ وأبي أمامةَ وعُتْبَةَ بن عبدٍ السّلَميّ وابن أبي أوفَى وأبي سعيدٍ وزيدِ بن أرقمَ وابن عباسٍ. قال أبو عيسى: حديثُ أنَسٍ حديثٌ غريبٌ لا نعرِفه إلاّ من هذا الوجهِ. 470- حدثنا أبو موسى محمدُ بنُ المُثْنّى حدثنا محمدُ بن جعفرٍ أخبرنا شُعْبَةُ عن عَمْرِو بن مُرّةَ عن عبدِ الرحمَنِ بن أبي لَيْلَى قال: "ما أخْبَرَنِي أحدٌ أنه رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصَلّي الضّحى إلاّ أمّ هانئ فإنها حدّثت أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دخلَ بيتَها يومَ فتحِ مكةَ فاغتسلَ فسَبّحَ ثمانِ ركعاتٍ ما رأيتُهُ صلى صلاة قطّ أخَفّ منها، غيرَ أنه كان يُتمّ الرّكُوعَ والسجودَ". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. وكأنّ أحمدَ رأى أصَحّ شيء في هذا البابِ حديثَ أمّ هانئ. واختلفوا في نُعَيْمٍ، فقال بعضهم (نُعَيْمُ) بن خَمّارٍ، وقال بعضُهم ابنُ هَمّار، ويقال ابنُ هَبّارٍ، ويقال ابنُ هَمّامٍ، والصحيحُ ابنُ هَمّارٍ. وأبو نُعَيمٍ وَهِم فيه فقال ابنُ حِمّازٍ وأخطأ فيه ثم ترَكَ فقال نُعَيمٌ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. (قال أبو عيسى): وأخبرني (بذلك) عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عن أبي نُعَيْمٍ. 471- حدثنا أبو جعفرٍ السّمْنَانِيّ حدثنا أبو مُسْهرٍ حدثنا إسماعيلُ بن عَيّاشٍ عن بَحيرِ بن سَعْدٍ عن خالدِ بن مَعْدَانَ عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ عن أبي الدَرْدَاءِ وأبي ذر عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: عن الله عزّ وجلّ أنه قال: "ابنَ آدمَ اركَعْ لي من أولِ النهارِ أربَع ركْعاتٍ أكفِكَ آخرَهُ". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ (حسن) غريبٌ. 472- حدثنا محمدُ بن عبدِ الأعلى (البَصْريّ) حدثنا يزيدُ بن زُرَيْع عن نَهّاسِ بن قَهْمٍ عن شَدّادٍ أبي عَمّارٍ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حافَظ على شُفْعَةِ الضّحَى غُفِر لَهُ ذنوبُه وإن كانت مِثلَ زَبَدِ البحْرِ". (قال أبو عيسى) و (قد) روى وكيع والنضر بن شميل وغير واحد من الأئمة هذا الحديث عن نهاس به قّهْم ولا نعرفه إلا من حديثه. 473- حدثنا زيادُ بنُ أيّوبَ البغْداديّ حدثنا محمدُ بن ربيعةَ عن فُضَيْلِ بن مَرْزُوقٍ عن عطيّةَ العوفيّ عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: "كان نبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي الضّحَى حتى نقول لا يدعُ ويدعها حتى نقولَ لا يصلي". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسَنٌ غريبٌ. قوله: (حدثني موسى بن فلان بن أنس) ويقال هو موسى بن حمزة مجهول من السادسة كذا في التقريب (عن عمه ثمامة بن أنس بن مالك) قال الحافظ في التقريب ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري قاضيها صدوق من الرابعة. قوله: (من صلى الضحى ثنتي عتشرة ركعة) هذا أكثر ما ورد في عدد صلاة الضحى قال العيني لم يرد في صلاة الضحى أكثر من ذلك. قوله: (وفي الباب عن أم هانئ) أخرجه الشيخان وأخرجه المؤلف أيضاً وأبي هريرة أخرجه المؤلف في الباب وأخرجه أيضاً أحمد وابن ماجه. وأخرج مسلم في صحيحه عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أرقد (ونعيم بن همار) بهاء مفتوحة وشدة ميم وبراء صحابي أخرج حديثه أبو داود والنسائي في الكبرى. قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل: يا ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات في أول النهار أكفك آخره (وأبي ذر) أخرجه مسلم مرفوعاً قال: يصبح على كل سلامي الحديث، وفي آخره يجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (وعائشة) أخرجه مسلم من طريق معاذة أنها سألت عائشة: كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت أربع ركعات ويزيد ما شاء. وأخرج مالك في الموطأ عن عائشة أنها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات ثم تقول لو نشر لي أبواي ما تركتها (وأبي أمامة) أخرجه الطبراني بنحو حديث أبي هريرة (وعتبة بن عبد السلمي) أخرجه الطبراني مرفوعاً: من صلى صلاة الصبح في جماعة ثم ثبت حتى يسبح الله سبحة الضحى كان له كأجر حاج ومعتمر (وابن أبي أوفى) أخرجه الطبراني في الكبير بلفظ: أن عبد الله بن أبي أوفى صلى الضحى ركعتين قالت له امرأته إنما صليتها ركعتين فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح ركعتين (وأبي سعيد) أخرجه المؤلف في هذا الباب (وزيد بن أرقم) أخرجه مسلم (وابن عباس) أخرجه الطبراني في الأوسط مرفوعاً بلفظ: على كل سلامي من بني آدم في كل يوم صدقة ويجزيء من ذلك كله ركعتا الضحى. وفي البابل عن جماعة من الصحابة غير هؤلاء المذكورين رضي الله عنهم، قد ذكر أحاديثهم العيني في شرح البخاري. قوله: (حديث أنس غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه) قال ميرك: وذكر النووي هذا الحديث في الأحاديث الضعيفة كذا في المرقاة. قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث: وعند الطبراني من حديث أبي الدرداء مرفوعاً: من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعاً كتب من التائبين ومن صلى ستاكفى ذلك اليوم، ومن صلى ثمانياً كتب من العابدين، ومن صلى عشرة بنى الله له بيتاً في الجنة. قال وفي إسناده ضعف أيضاً، وله شاهد من حديث أبي ذر رواه البزار في أسناده ضعف أيضاً قال لكن إذا ضم إليه أي إلى حديث أنس حديث أبي ذر وأبي الدرداء قوى وتصلح للاحتجاج به انتهى كلام الحافظ. قوله: (ما أخبرني أحد وفي رواية ابن شيبة عن ابن أبي ليلى: أدركت الناس وهم متوافرون فلم يخبرني أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى إلا أم هانئ) وهذا إخبار عن عدم وصول الخبر إليه فلا يلزم عدمه. إلا أم هانئ بهمزة بعد النون واسمها فاخته بنت أبي طالب أخت على شقيقته. قوله: (سبح ثمان ركعات) قال الحافظ زاد كريب عن أم هانئ: فسلم من كل ركعتين أخرجه ابن خزيمة، وفيه رد على من تمسك به في صلاتها موصولة سواء صلى ثما ركعالت أو أقل. وفي الطبراني من حديث ابن أبي أوفى: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح ركعتين، وهو محمول على أنه رأى من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ورأت أم هانئ بقية الثمان، وهذا يقوي أنه صلاها مفصولة انتهى كلام الحافظ (غير أنه كان يتم الركوع والسجود) قال الطيبي: استدل به على استحباب صلاة الضحى وفيه نظر لاحتمال أن يكون السبب فيه التفرغ لمهمات الفتح لثكرة شغله به. وقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الضحى فطول، فيها أخرجه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة، وأستدل بهذا الحديث على إثبات سنة الضحى، وحكى عياض عن قوم أنه ليس في حديث أم هانئ دلالة على ذلك، قالوا وإنما هي سنة الفتح، وقد صلاها خالد بن الوليد في بعض فتوحه كذلك. وقد قيل إنها كانت قضاء عما شغل عنه تلك الليلة من حزبه، وتعقبه النووي بأن الصواب صحة الاستدلال به لما رواه أبو داود وغيره من طريق كريب عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى. ولمسلم في كتاب الطهارة ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى. وروى ابن عبد البر في التمهيد من طريق عكرمة بن خالد عن أم هانئ قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فصلى ثمان ركعات فقلت ما هذه قالت هذه صلاة الضحى. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان. قوله: (وكأن أحمد رأى أصح شيء في الباب حديث أم هانيء) قال الحافظ وهو كما قال. قوله: (واختلفوا في نعيم) بالتصغير أي في اسم أبيه (فقال بعضهم نعيم بن خمار) بفتح الخاء المعجمة وشدة الميم وبراء (وقال بعضهم ابن همار) بفتح الهاء وشدة الميم وبراء (ويقال ابن هبار) بفتح الهاء الموحدة وبراء (ويقال ابن همام) بميمين (والصحيح ابن هبار) قال الحافظ في التقريب: رجح الأكثر أن اسم أبيه همار انتهى. وقال الغلابي عن ابن معين: أهل الشام يقولون نعيم بن همار وهم أعلم به كذا في تهذيب التهذيب (وأبو نعيم وهم فيه) أبو نعيم هذا هو فضل بن دكين وهو من كبار شيوخ البخاري أي أبو نعيم فضل بن دكين وهم في اسم والد نعيم المذكور (أخبرني بذلك عبد بن حميد) بن نصر الكشي أبو محمد قيل اسمه عبد الحميد وبذلك جزم ابن حبان وغير واحد ثقة حافظ انتهى. قلت: روى عنه مسلم والترمذي وغيرهما. (أبو جعفر السمتاني) بكسر السين المهملة وسكون الميم ونونين اسمه محمد بن جعفر ثقة من الحادية عشرة (أخبرنا أبو مسهر) بمضمومة وسكون مهملة وكسر هاء براء اسمه عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقي ثقة فاضل من كبار العاشرة (عن بحير بن سعد) بفتح الموحدة وكسر الحاء المهملة ثقة ثبت من السادسة. قوله (ابن آدم) أي يا ابن آدم (اركع) أي صل (لي) وقيل أي خالصاً لوجهي (من أول النهار) قبل المرد صلاة الضحى وقيل صلاة الإشراق. سنة الصبح وفرضه لأنه أو فرض النهار الشرعي، قلت: حمل المؤلف وكذا أبو داود هذه الركعات على صلاة الضحى ولذلك أدخلا هذا الحديث في باب صلاة الضحى (أكفك) أي مهماتك (أخره) أي النهار. قال الطيبي أي أكهفك شغلك وحوائجك وأدفع عنك ما تكرهه بعد صلاتك إلى آخر النهار: والمعنى أفرغ بالك بعبادتي في أول النهار أفرغ بالك في آخره بقضاء حوائجك انتهى. قوله: (هذا حديث غريب) قال المنذري في تلخيص السنن: وأخرجه الترمذي من حديث أبي الدرداء وأبي ذر وقال حسن غريب هذا آخر كلامه وفي إسناده إسماعيل ابن عياش وفيه مقال، ومن الأئمة من يصحح حديثه عن الشاميين وهذا الحديث شامي الإسناد انتهى. وعمل من كلام المنذري هذا أن في نسخة الترمذي التي كانت عنده كان فيها هذا حديث حسن غريب. قوله: (عن نهاس) بفتح النون وتشديد الهاء وآخره سين مهملة (بن قهم) بفتح القاف وسكون الهاء ضعيف من السادسة. قوله: (من حافظ على شفعة الضحى) قال العراقي: المشهور في الرواية ضم الشين، وقال الهروي وابن الأثير تروى بالفتح والضم كالغرفة والغرفة وهي مأخوذة من الشفع وهو الزوج، والمراد ركعتا الضحى كذا في قوت المغتذي (وإن كانت مثل زبد البحر) لاشتهاره بالكثرة عند المخاطبين. قوله: (فضيل بن مرزوق) بضم الفاء مصغراً صدوق يهم ورمى بالتشيع (عن عطية العوفي) بفتح العين المهملة وسكون الواو وبالفاء هو عطية بن سعيد بن جنادة الكوفي صدوق يخطيء كثيراً كان شيعياً مدلساً من الثالثة. قوله (حتى تقول) بالنون (لا يدع) أي لا يتركها أبداً (ويدعها) أي أحياناً (حتى نقول) بالنون (لا يدع) أي لا يتكرها أبداً (ويدعها) أي أحياناً (حتى نقول لا يصلي) وكان ذلك بحسب مقتضى الأوقات من العمل بالرخصة والعزيمة كما يفعل في صوم النفل وما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الضحى كانت واجبة عليه فضعيف قال الحافظ في الفتح: لم يثبت ذلك في خير صحيح، وقال فيه: حكى شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين في شرح الترمذي أنه اشتهر بين العوام: أن من صلى الضحى ثم قطعها يعمى فصار كثير من الناس يتركونها أصلا لذلك. وليس لما قالوه أصل بل الظاهر أنه مما ألقاه الشيطان على السنة العوام ليحرمهم الخير الكثير لا سيما وما وقع في حديث أبي ذر انتهى. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه الحاكم.
474- حدثنا أبو موسى محمدُ بن المثنّى حدثنا أبو داودَ (الطيالسيّ) حدثنا محمد بن مُسْلمِ بن أبي الوضّاحِ هُوَ أبو سعيدٍ المؤَدّبُ عن عبدِ الكريمِ الجزَرِيّ عن مجاهدٍ عن عَبْدِ الله بن السائبِ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: "كان يصلي أربعاً بعد أن تزولَ الشمسُ قبلَ الظهرِ وقال إنها ساعةٌ تُفْتَحُ فيها أبوابُ السماءِ وأحِبّ أن يَصْعَدَ لي فيها عملٌ صالحٌ". (وقال) وفي الباب عن علي وأبي أيوبَ. قال أبو عيسى: حديثُ عَبْدِ الله بن السائِبِ حديثٌ حسَنٌ غريبٌ. و (قد) رُوِيَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "أنه كان يصلّي أربعَ ركعاتٍ بعدَ الزوالِ لا يسلّم إلاّ في آخِرِهنّ". قوله: (حدثنا محمد بن مسلم بن أبي الوضاح) بفتح الواو وشدة الضاد المعجمة وبالحاء المهملة (هو أبو سعيد المؤدب) القضاعي الجزري مشهور بكنيته صدوق يهم (عن عبد الله بن السائب) هو وأبوه صحابي وليس له عند المصنف إلا هذا الحديث (كان يصلي أربعاً بعد أن تزول الشمس) قال العراقي هي غير الأربع التي هي سنة الظهر قبلها وتسمى هذه سنة الزوال (وقال إنها) أي ما بعد الزوال وانثه باعتبار الخبر وهو (ساعة تفتح) بالتخفيف ويجوز التشديد (فيها أبواب السماء) لطلوع أعمال الصالحين (أن يصعد) بفتح الياء ويضم (فيها) أي في تلك الساعة (عمل صالح) أي إلى السماء وفيه تلميح إلى قوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه). قوله: (في الباب عن علي) لم أقف عليه (وأبي أيوب) الأنصاري أخرجه أبو داود وابن ماجه بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء. قوله: (حديث عبد الله بن السائب حديث حسن غريب) وأخرجه أحمد (وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي أربع ركعات بعد الزوال لا يسلم إلا في آخرهن) روى ابن ماجه عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعاً إذا زالت الشمس لا يفصل بينهن بتسليم وقال إن أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس. قال المناوي إسناده ضعيف. وقال الحنفية فيه إن الأفضل صلاة الأربع قبل الظهر بتسليمة واحدة، وقالوا هو حجة على الشافعي في صلاتها بتسليمتين انتهى.
475- حدثنا عليّ بنُ عيسى بنِ يَزِيدَ البغْدَادِيّ حدثنا عبدُ الله بنُ بكر السهميّ حدثنا عبدُ الله بن مُنِيرٍ عن عَبْدِ الله بنِ بكرٍ عن فائدِ بن عبدِ الرحمَنِ عن عَبْدِ الله بنِ أبي أوفى قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "من كانت له إلى الله حاجةٌ أو إلى أحد من بني آدمَ فليتوضأْ فليُحْسِنْ الوُضُوءَ ثم ليصَلّ ركعتَينِ ثم ليُثْنِ على الله وليُصَلّ على النبيّ صلى الله عليه وسلم ثُمّ ليقل: لا إلهَ إلا الله الحليمُ الكريمُ، سبحانَ الله رَبّ العرشِ العظيم الحمدُ لله رَبّ العالمينَ، أسأَلكَ مُوجِباتِ رحمتكَ وعَزائمَ مغفرتِكَ، والغنيمةَ من كل بر، والسلامةَ مِن كلّ إثْمٍ لاَ تَدَعْ لي ذنباً إلا غفرتَه ولا هَمّا إلا فَرّجّتَهُ، ولا حاجةً هِيَ لَكَ رضًا إلا قَضَيْتَهَا يا أرحَمَ الراحمين". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ غريبُ وفي إسنادِهِ مقالٌ. فائدُ بنُ عبدِ الرحمَنِ يُضَعّفُ في الحديثِ. وفائد هو أبو الوَرْقاءِ. قوله: (وأخبرنا عبد الله بن منير) عطف على حدثنا علي بن عيسى، وعبد الله بن منير هذا شيخ المؤلف (عن عبد الله بن بكر) هو السهمي المذكور. ولو قال المؤلف حدثنا علي بن عيسى بن يزيد البغدادي وعبد الله بن منير عن عبد الله بن بكر السهمي عن فائد بن عبد الرحمن الخ لكان أوضح وأخضر لكنه لم يقل هكذا لأن علي بن عيسى رواه عن عبد الله بن أبي بكر بلفظ التحديث، وعبد الله بن منير رواه عنه بلفظ عن، فلا ظهار هذا الفرق قال كما قال (عن فائد بن عبد الرحمن) بالفاء متروك اتهموه من صغار الخامسة وليس له عند المؤلف إلا هذا الحديث. قوله: (ثم ليثن) من الإثناء (وليصل) الأصحّ الأفضل صلاة التشهد (لا إله إلا الله الحليم) الذي لا يعجل بالعقوبة (الكريم) الذي يعطي بغير استحقاق وبدون المنة (رب العرش العظيم) اختلف في كون العظيم صفة للرب أو العرش كما قوله عليه الصلاة والسلام لا إله إلا الله رب العرش العظيم، نقل ابن التين عن الداودي أنه رواه برفع العظيم على أنه نعت للرب، والذي ثبت في رواية الجمهور على أنه نعت للعرش، وكذلك قراءة الجمهور في قوله تعالى (رب العرش العظيم، ورب العرش الكريم) بالجر كذا في المرقاة. والمعنى المراد في المقام أنه منزه عن العجز فإن القادر على العرش العظيم لا يعجز عن إعطاء مسؤول عبده المتوجه إلى ربه الكريم (موجبات رحمتك) بكسر الجيم أي أسبابها. قال الطيبي: جمع موجبة وهي الكلمة الموجبة لقائلها الجنة. وقال ابن الملك يعني الأفعال والأقوال والصفات التي تحصل رحمتك بسببها (وعزائم مغفرتك) قال السيوطي أي موجباتها جمع عزيمة. وقال الطيبي أي أعمالاً تتعزم وتتأكد بها مغفرتك (والغنيمة من كل بر) قال القاري أي طاعة وعبادة فإنهما غنيمة مأخوذة بغلبة دواعي عسكر الروح على جند النفس، فإن الحرب قائم بينهما على الدوام، ولهذا يسمى الجهاد الأكبر لأن أعدى عدوك نفسك التي بينها جنبيك (والسلام من كل إثم) قال العراقي فيه جواز سؤال العصمة من كل الذنوب وقد أنكر بعضهم جواز ذلك إذ العصمة إنما هي للأنبياء والملائكة، قال: والجواب أنها في حق الأنبياء والملائكة واجبة وفي حق غيرهم جائزة، وسؤال الجائز جائز إلا أن الأدب سؤال الحفظ في حقنا لا العصمة، وقد يكون هذا هو المراد هنا انتهى (لا تدع) أي لا تترك (لي ذنباً إلا غفرته) أي إلا موصوفاً بوصف الغفران، فالاستثناء فيه وفيما يليه مفرع من أعم الأحوال (ولاهما) أي غما (إلا فرجته) بالتشديد ويخفف أي أزلته وكشفته (ولا حاجة هي لك رضى) أي بها يعني مريضة. قوله: (هذا حديث غريب إلخ) قال المنذري في الترغيب: رواها الترمذي وابن ماجه كلاهما من رواية فائد بن عبد الرحمن بن أبي الورقاء وزاد ابن ماجه بعد قوله يا أرحم الراحمين ثم يسأل من أمر الدنيا والاَخرة ما شاء فإنه يقدر، ورواه الحاكم باختصار ثم قال أخرجته شاهداً، وفائد مستقيم الحديث، وزاد بعد قوله وعزائم مغفرتك والعصمة من كل ذنب. قال الحافظ المنذري: وفائد متروك روى عنه الثقات، وقال ابن عدي مع ضعفه يكتب حديثه.
476- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا عبدُ الرحمَنِ بن أبي المَوَالِي عن محمدِ بنِ المنكَدِرِ عن جابرِ بن عبدِ الله قال: "كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعَلّمُنَا الاستخارة في الأمورِ كلّها كما يُعَلّمُنَا السورةَ مِنَ القرآنِ، يقول: إذا هَمّ أحدُكُم بالأمر فليركَعْ ركعَتَيْنِ من غيرِ الفريضةِ ثم ليقلْ: اللّهُمّ إنّي أستخِيرُكَ بعلْمِكَ، وأسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العظيمِ فإنكَ تَقْدِرُ ولا أقدِرُ، وتعلَمُ ولا أعْلَمُ، وأنْتَ عَلاّمُ الغُيُوبِ اللّهُمّ إن كنتَ تعْلَمُ أنّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي ومَعِيشَتِي وعاقبةِ أمْرِي وقال في عاجِل أمري وآجِلِهِ فَيَسّرْهُ لِي، ثم باركْ لِي فيهِ، وإن كنتَ تَعْلَمُ أنّ هذا الأمْر شَرّ لِي فِي دِينِي ومَعِيشَتِي وعاقبةِ أمري، أو قال في عاجلِ أمرِي وآجِلِهِ فاصْرِفْهُ عَنّي واصرِفْنِي عنه واقْدُرْ لِي الخَيْرَ حيْثُ كان ثم أرْضِنِي بِهِ. قال ويُسَمّي حاجَتَهُ". (قال) وفي الباب عن (عَبْدِ الله) بن مسعودٍ وأبي أيوبَ. قال أبو عيسى: حديثُ جابرٍ حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ غريبٌ لا نعرِفُهُ إلاّ مِن حديثِ عبدِ الرحمَنِ بن أبي المَوَالِي (وهو شيخٌ مَدينيّ ثقةٌ) رَوَى عنه سفيَانُ حديثاً وقد رَوَى عن عبدِ الرحمَنِ غيرُ واحدٍ من الأئمةِ (وهو عبدالرحمن بن زيد بن أبي الموالي). قوله: (أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الموالي) بفتح اسمه زيد وقيل أبو الموال جده أبو محمد مولى آل علي صدوق ربما أخطأ من السابعة. قوله: (يعلمنا الاستخارة) أي صلاة الاستخارة ودعاءها (في الأمور) زاد في رواية البخاري كلها، وفيه دليل على العموم وأن المرء لا يحتقر أمراً لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه، فرب أمر يستخف بأمره فيكون في الإقدام عليه ضرر عظيم أوفى تركه (كما يعلمنا السورة من القرآن) فيه دليل على الاهتمام بأمر الاستخارة وأنه متأكد مرغب فيه (إذا هم) أي قصد (بالأمر) أي من نكاح أو سفر أو غيرهما مما يريد فعل أو تركه (فليركع ركعتين) أي فليصل ركعتين (من غير الفريضة) فيه دليل على أنه لا تحصل سنة صلاة الاستخارة بوقوع الدعاء بعد صلاة الفريضة (ثم ليقل) أي بعد الصلاة (اللهم إني أستخيرك) أي أطلب منك الخير أو الخيرة. قال صاحب المحكم: استخار الله طلب منه الخير، وقال صاحب النهاية: خار الله لك، أي أعطاك الله ما هو خير لك. قال والخيرة بسكون الياء الاسم منه. قال فأما بالفتح فهي الاسم من قوله اختاره الله كذا في النيل (بعلمك) الباء فيه وفي قوله بقدرتك للتعليل أي بأنك أعلم وأقدر، قاله زين الدين العراقي. وقال الكرماني: يحتمل أن تكون للاستعانة وأن تكون للاستعطاف كما في قوله (رب بما أنعمت علي) أي بحق علمك وقدرتك الشاملين كذا في عمدة القاري. وقال القاري في المرقاة: أي بسبب علمك، والمعنى أطلب منك أن تشرح صدري لخير الأمرين بسبب علمك بكيفيات الأمور وجزئياتها وكلياتها، إذ لا يحيط بخير الأمرين على الحققية إلا من هو كذلك كما قال تعالى {عسى أن تكرهوا شيئاً هو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} قال الطيبي: الباء فيهما إما للاستعانة أي أطلب خبرك مستعيناً بعلمك، فإني لا أعلم فيهم خيرك وأطلب منك القدرة فإنه لا حول ولا قوة إلا بك وإما للاستعطاف انتهى مختصراً. وأستقدرك أي طلب منك أن تجعل لي قدرة عليه (واسألك من فضلك العظيم) أي تعيين الخير وتبيينه وتقديره وتيسيره وإعطاء القدرة لي عليه (اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر) أي الذي يريده. قال الطيبي: معناه اللهم إنك معلم، فأوقع الكلام موقع الشك على معنى التفويض إليه والرضا بعلمه فيه، وهذا النوع يسميه أهل البلاغة تجاهل العارف ومزج الشك باليقين، يحتمل أن الشك في أن العلم متعلق بالخير أو الشر لا في أصل العلم انتهى. قال القاري: والقول الاَخر هو الظاهر ونتوقف في جواز الأول بالنسبة إلى الله تعالى (في ديني) أي فيما يتعلق بديني (ومعيشتي) وقع في البخاري ومعاشي. قال العيني: المعاش والمعيشة واحد يستعملان مصدراً واسماً، وفي المحكم العيش الحياة عاش عيشاً وعيشة ومعيشاً ومعاشاً ثم قال المعيش والمعاش المعيشة ما يعاش به انتهى. قال الحافظ: زاد أبو داود ومعادي وهو يؤيدذ أن المراد بالمعاش الحياة، ويحمتل أن يريد بالمعاش ما يعاش فيه، ولذلك وقع في حديث ابن مسعود عند الطبراني في الأوسط في ديني ودنياي، وفي حديث أبي أيوب عند الطبراني في دنياي وآخرتي انتهى (وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله) هو شك من الراوي واقتصر في حديث أبي سعيد على عاقبة أمري وكذا في حديث ابن مسعود هو يؤيد أحد الاحتمالين: وأن العاجل والاَجل مذكوران بدل الألفاظ الثلاثة أو بدل الاَخيرين فقط، وعلى هذا فقول الكرماني لا يكون الداعي جازماً بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن دعا ثلاث مرات يقول مرة في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، ومرة في عاجل أمري وآجله، ومرة في ديني وعاجل أمري وآجله ذكره الحافظ، قال ولم يقع ذلك أي الشك في حديث أبي أيوب ولا أبي هريرة أصلاً انتهى. (فيسره لي) وفي رواية البزار عن ابن مسعود فوفقه وسهله (واقدر لي الخير) بضم الدال وكسرها أي يسره علي وأجعله مقدوراً لفعلي (حيث كان) أي الخير (ثم أرضني به) بهمزة قطع أي اجعلني راضياً به (يسمى حاجته) أي أثناء الدعاء عند ذكرها بالكناية عنها في قوله إن كان هذا الأمر. وفي الحديث استحباب صلاة الاستخارة والدعاء المأثور بعدها في الأمور التي لا يدري العبد وجه وجه الصواب فيها أما هو معروف خيره كالعبادات وصنائع المعروف فلا حاجة للاستخارة فيها. قال النووي: إذا استخار مضى بعدها لما شرح له صدره انتهى. وهل يستحب تكرار الصلاة والدعاء وفي الأمر الواحد إذا لم يظهر له وجه الصواب في الفعل أو الترك مما لم ينشرح له صدره؟ قال العراقي: الظاهر الاستحباب وقد ورد تكرار الاستخارة في حديث رواه ابن السني من حديث أنس مرفوعاً بلفظ: إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيها سبع مرات ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه، لكن الحديث ساقط لا حجة فيه. قال النووي وغيره: يستحب أن يقرأ في ركعتي الاستخارة في الأولى بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد. وقال العراقي: لم أجد في شيء من طرق أحاديث الاستخارة ما يقرأ فيهما. قوله: (وفي الباب عن عبد الله بن مسعود) أخرجه الطبراني في الكبير من طريق الأعمش عن إبراهيم بن علقمة عن عبد الله (وأبي أيوب) أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم والبيهقي (حديث جابر حديث حسن صحيح غريب) وأخرجه البخاري. قوله: (وهو شيخ مدني ثقة الخ) قال العيني في شرح البخاري: حكم الترمذي على حديث جابر بالصحة تبعاً للبخاري في إخراجه في الصحيح، وصححه أيضاً ابن حبان ومع ذلك فقد ضعفه أحمد بن حنبل فقال: إن حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي في الاستخارة منكر. وقال ابن عدي في الكامل: والذي أنكر عليه حديث الاستخارة وقد رواه غير واحد من الصحابة. وقال شيخنا زين الدين كان ابن عدي أراد بذلك أن لحديثه هذا شاهد من حديث غير واحد من الصحابة فخرج بذلك أن يكون فرداً مطلقاً، وقد وثقه جمهور أهل العلم انتهى. 184 قوله: (كبرى الله عشراً وسبحي الله عشراً واحمديه عشراً) قال العراقي: إيراد هذا الحديث في باب صلاة التسبيح فيه نظر، فإن المعروف أنه ورد في التسبيح عقب الصلوات لا في صلاة التسبيح، وذلك مبين في عدة طرق منها في مسند أبي يعلى والدعاء للطبراني فقال: يا أم سليم إذا صليت المكتوبة فقولي سبحان الله عشراً إلى آخره انتهى كذا في قوت المغتذي. وقال أبو الطيب المدني: أجاب عنه بعض الفضلاء بأنه يمكن أن يقال علمها النبي صلى الله عليه وسلم أن تقول في الصلاة وأن تقول بعدها، وهو الذي فهمه المصنف وبه يحصل التوفيق مع بقاء كل رواية على ظاهرها، قال: ويؤيد أنه علمها صلى الله عليه وسلم أن تقولها في الصلوات قولها أقولهن في صلاتي لكن لم يذهب أحد من العلماء إلى هذه الطريقة في صلاة التسبيح، فالظاهر أنه بحذف المضاف أي أقولهن في دبر صلاتي، وإيراد المصنف ههنا باعتبار مناسبة ما انتهى.
185 477- حدثنا أحمدُ بن محمدِ بن موسَى أخبرنا عبدُ الله بنُ المباركِ أخبرنا عِكْرِمَةُ بنُ عَمّارٍ حدثني إسحاقُ بنُ عَبْدِ الله بن أبي طلْحَةَ عن أنَسِ بنِ مالكٍ: "أنّ أُمّ سُلَيْمٍ غَدَتْ على النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: علّمني كلماتٍ أقولُهنّ في صَلاَتِي، فقال: كبّرِي الله عشراً، وسبّحي الله عشراً، واحمدِيهِ عشراً ثم سَلِي ما شئتِ، يقولُ: نعمْ نَعَمْ". 186 (قال) وفي الباب عن ابنِ عباسٍ وعبدِ الله بن عمْروٍ والفضلِ بن عباسٍ (وأبي رافع). 187 قال أبو عيسى: حديثُ أنسٍ حديثٌ حسَنٌ غريبٌ. 188 وقد رُوِيَ عنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم غيرُ حديثٍ في صلاةِ التسبيحِ ولا يصح منهُ كبيرُ شيء. 189 وقد رَوَى ابنُ المباركِ وغيرُ واحدٍ من أهلِ العلمِ صلاةَ التسبيحِ وذكرُوا الفضلَ فيه. 190 حدثنا أحمدُ بنُ عَبْدَةَ الضّبّيّ حدثنا أبو وهبٍ قال سألت عبدَ الله بنَ المباركِ عن الصّلاةِ التي يُسَبّحُ فيها قال: يُكَبّرُ ثم يقولُ سبحانكَ اللهُمّ وبحمدكَ، وتَبَارَكَ اسْمُكَ، وتعالَى جَدّكَ، ولا إلهَ غَيْرُكَ، ثم يقولُ خَمْسَ عَشْرَةَ مرةً سبحانَ الله والحمدُ لله ولا إله إلا الله، والله أكبرُ، ثم يَتَعَوّذُ ويقرأُ {بسم الله الرحمن الرحيم}. وفاتحةَ الكتابِ وسورةً، ثم يقولُ عَشْرَ مراتٍ سبحانَ الله والحمدُ لله ولا إلهَ إلا الله والله أكبرُ ثم يركعُ فقولها عشراً ثم يرفَعُ رَأْسَهُ (من الركوع) فيقولُها عشراً ثم يسجدُ فيقولُها عشراً، ثمط يرفَعُ رأْسَه فيَقُولُها عشراً ثم يسجدُ الثانية فيقولُها عشراً، يُصَلّي أربَع ركعاتٍ على هذا فذلكَ خمسٌ وسبعونَ تسبيحةً في كل ركعةٍ، يبدأُ في كلّ ركعةٍ بخمس عشرةَ تسبيحةً. ثم يقرأُ ثم يسبحُ عشراً، فإن صلى ليلاً فأحَبّ إليّ أن يُسَلّمَ في كل ركعتينِ، وإن صلى نَهاراً فإن شاء سَلَمَ وإنْ شاءَ لم يسلّم. 191 قال أبو وَهْبٍ وأخبرَنِي عبد العزيز بن أبي رِزْمَةَ عن عَبْدِ الله أنه قال: يبدأُ في الركوعِ بسبحانَ ربّي العظيمِ، وفي السجودِ بسبحانَ ربّيَ الأعلى ثلاثاً ثم يُسَبّحُ التسْبيحاتِ. 192 قال أحمدُ بن عَبْدَةَ وحدثنا وهبُ بنُ زَمعَةَ (قال) أخبرني عبدُ العزيز وهو ابنُ أبي رِزْمَةَ قال: قلتُ لعَبْدِ الله بن المباركِ إنْ سَهَا فيها يُسَبّحُ في سجدَتَيْ السهْوِ عشراً عشراً؟ قال: لا إنما هي ثلثمائةُ تسبِيحةٍ. 193 478- حدثنا أبو كُرَيْبٍ (محمدُ بن العَلاَءِ) حدثنا زيدُ بنُ حُبَابٍ العُكْلِيّ حدثنا موسى بنُ عُبَيْدَةَ حدثني سعيدُ بن أبي سَعِيدٍ مولَى أبي بكرِ بنِ محمدِ بن عمرِو بن حَزْمٍ عن أبي رافعٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للعباسِ: "يا عمّ ألا أصِلُكَ ألا أحْبُوكَ ألاَ أنفَعُكَ قال: بَلَى يَا رَسُولَ الله قال: يا عَمّ صَلّ أربعَ ركعَاتٍ تقرأُ في كلّ ركعةٍ بفاتحةِ الكتابِ وسورةٍ، فإذا انْقَضَتْ القراءةُ فقل: الله أكبرُ والحمدُ لله وسبحانَ الله (ولا إله إلا الله) خَمْسَ عَشْرَةَ مَرّةً قبلَ أن تركعَ، ثم اركْع فَقُلْها عشراً، ثم ارفعْ رَأْسَكَ فَقُلْهَا عشراً، ثم اسجدْ فَقُلْها عشراً ثم ارْفَعْ رأْسَكَ فَقُلْها عشراً ثم اسْجُدْ (الثانية) فقلْها عشراً ثم ارفعْ رأسَكَ فقلْها عشراً قبل أن تَقُومَ، فتلك خمسٌ وسبعونَ في كلّ ركعةٍ وهي ثلاثُ مائةٍ في أربعِ ركعاتٍ فلو كانت ذُنوبُكَ مِثْلَ رَمْلِ عَالَجٍ لغَفَرَها الله لك. قالَ يَا رَسُولَ الله ومَنْ يستطيعُ أن يقُولَها في (كلّ) يومٍ؟ قال فإنْ لم تَسْتَطِعْ أن تقولَها في (كلّ) يوم فَقُلْها في جمعةٍ، فإنْ لم تَسْتَطِعْ أن تقولَها في جمعةٍ فَقُلْها في شَهْرٍ، فَلَمْ يَزَلْ يقولُ له حتّى قال فَقُلها في سَنَةٍ". 194 قال أبو عيسى: هذا حديثٌ غريبٌ من حديث أبي رافعٍ. 195 قوله: (أخبرنا موسى بن عبيدة) بضم أوله ابن نشيط الربذي أبو عبد العزيز المدني ضعيف ولا سيما في عبد الله بن دينار وكان عابداً من صغار السادسة (حدثني سعيد بن أبي سعيد) قال الحافظ في التقريب مجهول، وقال في تهذيب التهذيب ذكره ابن حبان في الثقات، وكذا قال السيوطي في قوت المغتذي (عن أبي رافع) القبطي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه ابن إبراهيم، وقيل أسلم أو ثابت أو هرمز مات في أول خلافة على على الصحيح. 196 قوله: (ألا أصلك) من الصلة (ألا أحبوك) أي ألا أعطيك يقال حباه كذا وبكذا إذا أعطاه والحباء العطية كذا في النهاية (يا عم صل أربع ركعات) ظاهر أنه بتسليم واحد ليلاً كان أو نهاراً (فإذا انقضت القراءة) وفي حديث ابن عباس فإذا فرغت عن القراءة (فقل الله أكبر والحمد لله وسبحان الله) وفي رواية ابن عباس عند أبي داود قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة فأفادت هذه الرواية أن الترتيب غير لازم بل بأيهن بدأ يصح (ثم اركع فقلها عشراً) أي بعد تسبيح الركوع كذا (في شرح السنة ثم ارفع رأسك فقلها عشراً) أي بعد التسميع والتحميد (ثم اسجد فقلها عشراً) أي بعد تسبيح السجود (ثم ارفع رأسك فقلها عشراً). قال القاري من غير زيادة دعاء عندنا، وظاهر مذهب الشافعي أن يقولها بعد رب أغفر لي ونحوه انتهى. قلت ظاهر مذهب الشافعي هو الراجح المعول عليه (ثم ارفع رأسك فقلها عشراً قبل أن تقوم) أي في جلسة الاستراحة وفيه ثبوت جلسة الاستراحة. قال القاري: هو يحتمل جلسة وجلسة التشهد انتهى. قالت: هو لا يحتمل إلا جلسة الاستراحة. فإن جلسة التشهد لا تكون في الركعة الأولى (فذلك) أي مجموع ما ذكر من التسبيحات (مثل رمل عالج) أوله عين مهملة وآخره جيم وهو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض، وهو أيضاً اسم موضع كثير الرمال (حتى قال فقلها في سنة) وفي رواية ابن عباس: فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة. 197 قوله: (وفي الباب عن ابن عباس) أخرجه أبو داود وابن ماجه والبيهقي في الدعوات الكبير وابن خزيمة في صحيحه وابن حبان والحاكم (وعبد الله بن عمرو) بن العاص أخرجه أبو داود (والفضل بن عباس) أخرجه أبو نعيم في كتاب القربان من رواية موسى بن إسماعيل كذا في تخريج أحاديث الأذكار المسماة بنتائج الأفكار للحافظ بن حجر (وأبي رافع) أخرجه المؤلف وابن ماجه. 198 قوله: (وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديث في صلاة التسبيح) قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار: وردت صلاة التسبيح من حديث عبد الله بن عباس وأخيه الفضل وأبيهما العباس وعبد الله بن عمرو علي بن أبي طالب وأخيه جعفر وابنه عبد الله بن جعفر وأم سلمة والأنصاري غير مسمى وقد قيل أنه جابر بن عبد الله، ثم ذكر الحافظ تخريج أحاديث هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم. 199 قوله: (ولا يصح منه كبير شيء) قال الحافظ المنذري في الترغيب بعد ذكر حديث عكرمة عن ابن عباس المذكور: وقد روى هذا الحديث من طريق كثيرة وعن جماعة من الصحابة وأمثلها حديث عكرمة هذا وقد صححه جماعة منهم: الحافظ أبو بكر الاَجري وشيخنا أبو محمد عبد الرحيم المصري وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي وقال أبو بكر ابن أبي داود سمعت أبي يقول: ليس في صلاة التسبيح حديث صحيح غير هذا. وقال مسلم ابن الحجاج رحمه الله تعالى لا يروى هذا الحديث إسناد أحسن من هذا يعني إسناد حديث عكرمة عن ابن عباس انتهى كلام المنذري. 200 وقال الحافظ في التلخيص: قال الدارقطني أصح شيء في فضائل سور القرآن قل هو الله أحد، وأصح شيء في فضل الصلاة صلاة التسبيح وقال أبو جعفر العقيلي: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت. وقال أبو بكر بن العربي: ليس فيها حديث صحيح ولا حسن وبالغ ابن الجوزي فذكره في الموضوعات. 201 وصنف أبو موسى المديني جزءاً في تصحيحه فتباينا، والحق أن طرقه كلها ضعيفة وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر. 202 ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات موسى بن عبد العزيز وإن كان صادقاً صالحاً فلا يحتمل منه هذا التفرد. 203 وقد ضعفها ابن تيمية والمزي وتوقف الذهبي حكاه ابن الهادي في أحكامه عنهم. وقد أختلف كلام الشيخ محي الدين فوهاها في شرح المهذب فقال: حديثها ضعيف وفي استحبابها عندي نظر لأن فيها تغييراً الهيئة الصلاة المعروفة فينبغي أن لا تفعل وليس حديثها بثابت: وقال في تهذيب الأسماء واللغات: قد جاء في صلاة التسبيع حديث حسن في كتاب الترمذي وغيره وذكره المحاملي وغيره من أصحابنا وهي سنة حسنة، ومال في الأذكار أيضاً إلى استحبابه أنتهى ما في التلخيص. 204 قلت قد أختلف كلام الحافظ أيضاً فضعفه في التلخيص كما عرفت آنفاً، ومال إلى تحسينه في الخصال المفكرة للذنوب المقدمة والمؤخرة. 205 فقال رجال إسناده لا بأس بهم، عكرمة أحتج به البخاري والحكم صدوق وموسى ابن عبد العزيز قال فيه ابن معين لا أرى به بأساً. وقال النسائي نحو ذلك. قال ابن المديني: فهذا الإسناد من شرط الحسن فإن له شواهد تقويه. 206 وقد أساء ابن الجوزي بذكره في الموضوعات وقوله إن موسى مجهول لم يصب فيه لأن من يوثقه ابن معين والنسائي فلا يضره أن يجهل حاله من جاء بعدهما وشاهده ما رواه الدارقطني من حديث العباس والترمذي وابن ماجه من حديث أبي رافع ورواه أبو داود من حديث ابن عمرو بأسناد لا بأس به. ورواه الحاكم من طريق ابن عمرو وله طرق أخرى انتهى. وكذا مال إلى تحسينه في أمالي الأذكار. 207 قوله: (وقد روى ابن المبارك وغير واحد من أهل العلم صلاة التسبيح وذكروا الفضل فيه) قال المنذري في الترغيب بعد ذكر حديث أبي رافع المذكور: رواه ابن ماجه والترمذي والدارقطني والبيهقي. 208 وقال: كان عبد الله بن المبارك يفعلها وتداولها الصالحون بعضهم من بعض وفيه تقوية للحديث المرفوع انتهى. 209 قوله: (أخبرنا أبو وهب) اسمه محمد بن مزاحم العامري مولاهم المروزي صدوق من كبار العاشرة مات سنة تسع ومائتين (ثم يقول خمس عشرة مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم يتعوذ ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وفاتحة الكتاب وسورة) ليس فيه حديث أبي رافع ولا في حديث ابن عباس المذكورين ذكر التسبيح قبل القراءة كما عرفت (ثم يقول عشر مرات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثم يركع) وفي رواية أبي رافع المذكور: فإذا انقضت القراءة فقل: الله أكبر والحمد لله سحبان الله خمس عشرة مرة، وكذلك في حديث ابن عباس المذكور بذكر التسبيح خمس عشرة مرة في هذا الموضع كما عرفت (ثم يسجد الثانية فيقولها عشراً يصلي أربع ركعات على هذا) ليس في رواية ابن المبارك هذه ذكر التسبيح في جلسة الاستراحة، وقد وقع ذلك في حديث أبي رافع وحديث ابن عباس المذكوري. وقد ذكر المنذري رواية عبد الله بن المبارك هذه في الترغيب نقلاً عن هذا الكتاب أعني جامع الترمذي ثم قال: وهذا الذي ذكره عن عبد الله بن المبارك من صفتها موافق لما في حديث ابن عباس وأبي رافع إلا أنه قال يسبح قبل القراءة خمش عشرة وبعدها عشراً ولم يذكر في جلسة الاستراحة تسبيحاً، وفي حديثهما أنه يسبح بعد القراءة خمس عشرة ولم يذكر قبلها تسبيحاً، ويسبح أيضاً بعد الرفع في جلسة الاستراحة قبل أن يقوم عشراً. 210 وروى البيهقي من حديث أبي جناب الكلبي عن أبي الجوزاء عن ابن عمر وقال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ألا أحبوك ألا أعطيك، فذكر الحديث بالصفة التي رواها الترمذي عن ابن المبارك قال: وهذا يوافق ما رويناه عن ابن المبارك، ورواه قتيبة بن سعيد عن يحيى بن سليم عن عمران بن مسلم عن أبي الجوزاء قال: نزل على عبد الله بن عمرو بن العاص فذكر الحديث وخالفه في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر التسبيحات في إبتداء القراءة إنما ذكرها بعدها ثم ذكر جلسة الاستراحة كما ذكرها سائر الرواة انتهى. 211 قال الحافظ المنذري: جمهور الرواة على الصفة المذكورة في حديث ابن عباس وأبي رافع، والعمل بها أولى أولى إذا لا يصح رفع غيرها انتهى كلام المنذري. 212 قلت: الأمر كما قال المنذري (وأخبرني عبد العزيز هو ابن أبي رزمة) بكسر الراء المهملة وسكون الزاي المعجمة اليشكري مولاهم أبو محمد المروزي ثقة (عن عبد الله) هو ابن المبارك (قال أحمد بن عبدة) هو الضبي (أخبرنا وهب بن زمعة) التميمي أبو عبد الله المروزي ثقة من قدماء العاشرة (قلت لعبد الله بن المبارك إن سها فيها) أي في صلاة التسبيح (أيسبح في سجدتي السهو عشراً عشراً قال لا إنما هي ثلاث مائة تسبيحة) قال القاري في المرقاة: مفهومة أنه سها ونقص عدداً من محل معين يأتي به في محل آخر تكمله للعد المطلوب انتهى. فوائد فيما يتعلق بصلاة التسبيح: الأولى قد وقع اختلاف أهل العلم في أن حديث صلاة التسبيح هل هو صحيح أم حسن أم ضعيف أم موضوع، والظاهر عندي أنه لا ينحط وإن حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر، فجوابه ظاهر من كلامه في الخصال المكفرة وأمالي الأذكار. وأما مخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات فلا وجه لضعفه بعد ثبوته، هذا ما عندي والله تعالى أعلم. 213 الفائدة الثانية: قال بعض العلماء الحنفية في كتابة الآثار المرفوعة: إعلم أن أكثر أصحابنا الحنفية وكثير من المشائخ الصوفية قد ذكروا في كيفية صلاة التسبيح الكيفية التي حكاها الترمذي والحاكم عن عبد الله بن المبارك الخالية عن جلسة الاستراحة والمشتملة على التسبيحات قبل القراءة وبعد القراءة وذلك لعدم قولهم بجلسة الاستراحة في غيرها من الصلوات الراتبة. والشافعية والمحدثون أكثرهم اختاروا الكيفية المشتملة على جلسة الاستراحة. وقد علم مما أسلفنا أن الأصح ثبوتاً هو هذه الكيفية. فليأخذ بها من يصليها حنيفاً كان أو شافعياً انتهى. 214 قلت: الأمر كما قال. وقد قال الحافظ المنذري: إن جمهور الرواة على الصفة المذكورة في حديث ابن عباس وأبي رافع والعمل بها أولى إذ لا يصح رفع غيرها انتهى وقد تقدم قوله هذا. 215 الفائدة الثالثة: الأولى أن يصلي صلاة التسبيح بعد زوال الشمس فقد روى أبو داود في سننه بعد رواية حديث عكرمة عن ابن عباس من حديث أبي الجواز: حدثني رجل كانت له صحبة يرون أنه عبد الله بن عمرو قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم.، أئتني غداً أحبوك وأثيبك وأعطيك حتى ظننت أنه يعطيني قال: إذا زال النهار فقم فصل أربع ركعات فذكر نحوه قال: ثم ترفع رأسك يعني من السجدة الثانية فاستو جالساً ولا تقم حتى تسبح عشراً وتكبير عشراً وتحمد عشراً وتهلل عشراً ثم تصنع ذلك في الأربع ركعات الحديث، وسكت عنه أبو داود والمنذري: وقال السيوطي في اللآلئ: قال المنذري، رواة هذا الحديث ثقات. 216 تنبيه: قال القاري في المرقاة: وينبغي للمتعبد أن يعمل بحديث ابن عباس تارة ويعمل بحديث ابن المبارك أخرى، وأن يفعلها بعد الزوال قبل صلاة الظهر وأن يقرأ فيها تارة بالزلزلة والعاديات والفتح والإخلاص، وتارة بألهاكم والعصر والكافرون والإخلاص، وأن يكون دعاءه بعد التشهد قبل السلام ثم يسلم ويدعو لحاجته، ففي كل شيء ذكرته وردت سنة انتهى. 217 قلت لم أقف على ما ورد في هذه الأمور من السنة إلا في فعل صلاة التسبيح بعد الزوال. والأولى عندي العمل بحديث ابن عباس وأبي رافع والله تعالى أعلم.
218 479- حدثنا محمودُ بنُ غَيْلاَنَ حدثنا أبو أسامةَ عن مِسْعَرٍ و الأجْلَحِ و مالكِ بن مغْوَلٍ عن الحَكَمِ بن عُتَيْبَةَ عن عبدِ الرحمَنِ بن أبي ليلى عن كعبِ بن عُجْرَةَ قال: قلنا يَا رَسُولَ الله، هذا السلامُ عليكَ قد عَلِمْنا فكيفَ الصلاة عليك؟ قال: قولوا اللّهُمّ صَلّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما صَلّيتَ على إبراهيم إنكَ حميدٌ مجيدٌ وبَارِك على محمدٍ وعلى آل محمد كما بارَكتَ على إبراهيمَ إنكَ حميدٌ مجيدٌ". 219 قال محمودٌ قال أبو أُسامَةَ: وزادَني زائدةُ عن الأعمشِ عن الحَكَمِ عن عبدِ الرحمَنِ بنِ أبي ليلَى قال: ونحنُ نقولُ: وعلينا معهم. 220 (قال) وفي الباب عن علي وأبي حميدٍ وأبي مسعودٍ وطلحةَ وأبي سَعيدٍ وبُرَيدةَ وزَيد بن خارجةَ، ويقال ابن جاريةَ وأبي هريْرَةَ. 221 قال أبو عيسى: حديثُ كعبِ بن عُجْرَةَ حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. 222 وعبدُ الرحمَنِ بنُ أبي لَيْلَى كنْيَتُهُ أبو عيسى. وأبو ليلى اسمه يسارٌ. 223 قوله: (عن مسعر) هو ابن كدام (والأجلح) بن عبد الله بن حجيبة بالمهملة والجيم مصغر الكندي يقال اسمه يحيى صدوق شيعي من السابعة (مالك بن مغول) بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الواو الكوفي أبو عبد الله ثقة من كبار السابعة (هذا السلام عليك قد علمنا) يعني بما في أحاديث التشهد وهو السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وهو يدل على تأخر مشروعية الصلاة عن التشهد كذا في النيل (فكيف الصلاة عليك) وفي رواية الصحيحين على ما في المشكاة كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله علمنا كيف نسلم عليك. وفي المرقاة وفي رواية سندها جيد لما نزلت هذه الاَية {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذي آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً} جاء رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذا السلام عيك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال قولوا اللهم صل على محمد إلخ، وفي أخرى لمسلم وغيره أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت عليه السلام حتى تمنينا أنه لم يسأل، ثم قال قولوا اللهم صل على محمد إلخ، وفي آخره والسلام كما علمتم أي بفتح فكسر أو بضم فكسر مع تشديد اللام انتهى (قولوا اللهم صلي على محمد) قال ابن الأثير في النهاية: معناه عظمة في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الاَخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته، وقيل المعنى لما أمر الله سبحانه بالصلاة عليه ولم نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه على الله وقلنا اللهم صل أنت على محمد لأنك أعلم بما يليق به. 224 وهذا الدعاء قد اختلف فيه هل يجوز إطلاقه على غير النبي صلى الله عليه وسلم أم لا والصحيح أنه خاص به فلا يقال لغيره. وقال الخطابي: الصلاة التي بمعنى التعظيم والتكريم لا تقال لغيره والتي بمعنى الدعاء والتبرك تقال لغيره ومنه الحديث اللهم صل على آل أبي أوفي أي ترحم وبرك، وقيل فيه إن هذا خاص له ولكنه هو آثر به غيره وأما سواه فلا يجوز أن يخص به أحد انتهى ما في النهاية (على آل محمد) في رواية لأبي داود وآل محمد بحذف على، وسائر الروايات في هذا الحديث وغيره بإثباتها. وقد ذهب فالأكثر على أنهم هل بيته، قال الشافعي: دل هذا الحديث يعني حديث لا تحل الصدقة لمحمد وآل محمد، أن آل محمد هم الذي حرمت عليهم الصدقة وعوضوا منها الخمس وهم صليبة بني هاشم وبني المطلب، قيل آله أصحابه ومن آمن به، وهو في اللغة يقع على الجميع انتهى ما في النهاية. 225 قلت: وفي تفسير آل النبي صلى الله عليه وسلم أقوال أخرى وقد جاء في تفسير الاَل حديث مرفوع وهو ما أخرجه الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الاَل قال آل محمد تقي، وروي هذا من حديث علي ومن حديث أنس رضي الله عنهما وفي أسانيدها مقال، ويؤيد ذلك معنى الاَل لغة، قال في القاموس: الاَل أهل الرجل وأتباعه وأولياؤه ولا يستعمل إلا فيما فيه شرف غالباً، فلا يقال آل الإسكاف كما يقال أهل انتهى (كما صليت على إبراهيم) في هذا التشبيه إشكال مشهور وهو أن المقرر كون المشبهه دون المشبه به، والواقع ههنا عكسه لأن محمداً وحده صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم وآله، وأجيب بأجوبة منها: أن هذا قبل أن يعلم أنه أفضل. 226 ومنها أنه قال تواضعاً. 227 ومنها أن التشبيه في الأصل لا في القدر كما قيل في (كما كتب على الذين من قبلكم) وكما في (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح) وأحسن كما أحسن الله إليك. 228 ومنها أن الكاف للتعليل كقول تعالى (ولتكبروا الله على ما هداكم). 229 ومنها أن التشبيه معلق بقوله وعلى آل محمد. 230 ومنها أن التشبيه من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر. 231 ومنها أن المقدمة المذكورة مدفوعة بل قد يكون التشبيه بالمثل وبما دونه كما في قوله تعالى (مثل نوره كمشكاة). 232 ومنها أن المشبه مجموع الصلاة على محمد وآله بمجموع الصلاة على إبراهيم وآله، وفي آل إبراهيم معظم الأنبياء فالمشبه به أقوى من هذه الحيثية. 233 ومنها أن مراده صلى الله عليه وسلم أن يتم النعمة عليه كما أتمها على إبراهيم وآله. 234 ومنها أنه صلى الله عليه وسلم من جملة آل إبراهيم وكذلك آله فالشبه هو الصلاة عليه وعلى آله بالصلاة على إبراهيم وآله الذي هو من جملتهم فلا ضير في ذلك (إنك حميد) فعيل بمعنى مفعول أي محمود في ذاته وصفاته وأفعاله بألسنة خلقه، أو بمعنى فاعل فإنه يحمد ذاته وأولياءه وفي الحقيقة هو الحامد وهو المحمود (مجيد) أي عظيم كريم (وبارك على محمد) أي آدم وأثبت ما أعطيته من التشريف والكرامة، وأصله من برك البعير إذا ناخ في موضعه ولزمه، وتطلق البركة على الزيادة، والأصل هو الأول. 235 قوله: (قال محمود) أي ابن غيلان شيخ الترمذي (وزادني زائدة) هو ابن قدامة الثقفي الكوفي ثقة ثبت صاحب سنة (قال ونحن نقول علينا معهم) أي قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: ونحن نقول بعد قوله: وعلى آل محمد وعلينا معهم، وهذه الزيادة ليست في الحديث إنما يزيدونها من عند أنفسهم. 236 قوله: (وفي الباب عن علي وأبي حميد وأبي مسعود وطلحة وأبي سعيد وبريدة وزيد بن خارجة ويقال ابن جارية وأبي هريرة) أما حديث علي فأخرجه النسائي في مسند علي بلفظ أبي هريرة كذا في النيل ولفظ حديث أبي هريرة يأتي في تخريجه وأما حديث أبي حميد فأخرجه الشيخان بلفظ: أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك، قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأوزاجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وأما حديث أبي مسعود فأخرجه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي كذا في المنتفي. وأما حديث طلحة وهو ابن عبيد الله فأخرجه النسائي بلفظ: اللهم صلى على محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. وفي رواية وآل محمد في الموضعين ولم يقل فيها وآل إبراهيم كذا في النيل. 237 وأما حديث أبي سعيد فأخرجه البخاري والنسائي وابن ماجه بلفظ: قولوا اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم. وأما حديث بريدة فأخرجه أحمد بلفظ: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وآل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وفيه أبو داود الأعمى اسمه نفيع وهو ضعيف جداً ومتهم بالوضع. وأما حديث زيد بن خارجة فأخرجه أحمد والنسائي بلفظ: قولوا اللهم صلى على محمد وآل محمد. وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو داود بلفظ: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صلى على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري. 238 قوله: (حديث كعب بن عجرة حديث حسن صحيح) أخرجه الجماعة (عبد الرحمن بن أبي ليلى) مبتدأ (كنيته أبو موسى) جملة وهي خبر المبتدأ، قال في الخلاصة: عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الأوسي أبو عيسى الكوفي عن عمرو بن معاذ وبلال وأبي ذر وأدرك مائة وعشرين من الصحابة الأنصاريين، وعنه ابنه عيسى ومجاهد عمرو بن ميمون أكبر منه والمنهال بن عمرو وخلق وثقه ابن معين مات سنة ثلاث وثمانين انتهى (وأبو ليلى اسمه يسار) قال في التقريب: أبو ليلى الأنصاري والد عبد الرحمن صحابي اسمه بلال أو بليل بالتصغير ويقال داود، وقيل هو يسار بالتحتانية وقيل أوس شهد أحداً وما بعدها وعاش إلى خلافة علي انتهى.
239 480- حدثنا محمدُ بن بشارٍ بندار حدثنا محمدُ بنُ خالدِ بنِ عَثْمَةَ: حدثني موسى بنُ يعقوبَ الزّمْعِيّ حدثني عبدُ الله بن كيْسانَ أن عبدَ الله بنَ شَدّادٍ أخبره عن عَبْدِ الله بنِ مسعودٍ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "أوْلى الناسِ بي يومَ القِيامةِ أكثرُهُمْ عليّ صلاةً". 240 قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسَنٌ غريبٌ. 241 وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَن صلى عليّ صلاةً صلّى الله عليه (بها) كتب عشراً وكُتِبَ له بها عشْرُ حَسَنَاتٍ". 242 481- حدثنا علي بنُ حُجْرٍ أخبرنا إسماعيلُ بن جعفر عن العلاءِ بن عبدِ الرحمَنِ عن أبيهِ عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن صلّى عليّ صلاةً صلى الله عليهِ (بها) عَشْراً". 243 (قال) وفي الباب عن عبدِ الرحمَنِ بن عوفٍ وعامر بنِ رَبيعةَ وعَمارٍ وأبي طلحةَ وأنسٍ وأُبيّ بنِ كعبٍ. 244 قال أبو عيسى: حديثُ أبي هريرةَ حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. 245 ورُوِيَ عن سفيانَ الثوريّ وغيرِ واحدٍ من أهلِ العلمِ قالوا: صلاةُ الرّبّ الرحمةُ، وصلاةُ الملائكةِ الاستغفارُ. 246 482- حدثنا أبو داودَ سليمانُ بن سلم المصاحِفِيّ البلْخِيّ أخبرنا النضرُ بن شُمَيْلٍ عن أبي قُرّةَ الأسدِيّ عن سعيدِ بن المُسَيّبِ عن عُمرَ بنِ الخطّابِ قال: إنّ الدّعَاء مَوْقوفٌ بين السماءِ والأرضِ لا يَصْعَدُ منهُ شيءٌ حتى تصلّيَ على نَبِيّكَ صلى الله عليه وسلم. 247 483- حدثنا عباسُ العَنْبَرِيّ حدثنا عبدُ الرحمَنِ بنُ مهدي عن مالكِ بنِ أنسٍ عن العَلاءِ بن عبدِ الرحمَنِ بنِ يعقوبَ عن أبيهِ عن جدّه قال: قال عُمر بنُ الخطّابِ رضي الله عنه: لا يَبِعْ في سُوقِنَا إلاّ من (قد) تَفَقّهَ في الدّين. 248 (قال أبو عيسى) هذا حديث حسن غريب. عباس صوابه عبد العظيم. 249 قال أبو عيسى: (و) العلاءُ بنُ عبدِ الرحمَن (هو) ابنُ يعقوبَ (و) هو مولى الحرفة لحُرَقَةِ. والعلاءُ هو من التابعينَ سَمِعَ من أنسِ بن مالكٍ (وغيرِه).
250 وعبدُ الرحمَنِ بن يعقوبَ وَالِدُ العلاءِ (هو) (أيضاً) من التابعينَ سمع من أبي هريرةَ وأبي سعيدٍ الخدريّ (وابن عمر). 251 ويعقوبُ (جدّ العلاء) هو من كبارِ التابعينَ (أيضاً) قد أدركَ عُمَرَ بنَ الخطابِ وَرَوَى عنه. 252 قوله: (أخبرنا محمد بن خالد بن عثمة) بمثلثة ساكنة قبلها فتحة ويقال إنها أمه الحنفي البصري صدوق يخطيء من العاشرة كذا في التقريب. وقال في الخلاصة قال أبو زرعة لا بأس به. وقال في هامشها نقلاً عن التهذيب قال أبو حاتم صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ (حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي) أبو محمد المدني صدوق سيء الحفظ كذا في التقريب. وقال الذهبي في الميزان وثقه ابن معين، وقال النسائي ليس بالقوي وقال أبو داود هو صالح، وقال ابن المديني ضعيف منكر الحديث، وقال ابن عدي عندي لا بأس به وبرواياته انتهى (حدثني عبد الله بن كيسان الزهري مولاهم عن عبد الله بن شداد، وعنه موسى بن يعقوب الزمعي وثقه ابن حبان كذا في الخلاصة. وقال في التقريب: عبد الله بن كيسان الزهري مولى طلحة بن عبد الله بن عوف مقبول من الخامسة (أن عبد الله بن شداد) ابن الهاد الليثي أبا الوليد المدني ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذكره العجلي من كبار التابعين الثقات وكان معدوداً في الفقهاء، مات بالكوفة مقتولاً سنة إحدى وثمانين وقيل بعدها انتهى. 253 قوله: (أولى الناس بي) أي أقربهم بي أو أحقهم بشفاعتي (أكثرهم علي صلاة) لأن كثرة الصلاة منبئة عن التعظيم المقتضي للمتابعة الناشئة عن المحبة الكاملة المرتبة عليها محبة الله تعالى قال تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}. 254 قوله: (هذا حديث حسن غريب) أخرجه ابن حبان في صحيحه. قال ابن حبان عقب هذا الحديث. في هذا الخبر بيان صحيح على أن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في القيامة يكون أصحاب الحديث إذ ليس في هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه منهم، وقال غيره لأنهم يصلون عليه قولاً وفعلاً كذا في المرقاة. 255 584- قوله: (من صلى علي صلاة) أي واحدة (صلى الله عليه عشراً) أي عشر صلوات، والمعنى رحمه وضاعف أجره كقوله تعالى {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} والظاهر أنه أفل المضاعفة قال الطيبي، ويجوز أن تكون الصلاة على ظاهرها كلاماً يسمعه الملائكة تشريفاً للصملي وتكريماً له كما جاء: وإن ذكرني في ملأ دكرته في ملأ خير منهم. قال القاري في المرقاة بعد ذكر كلام الطيبي هذا: لا حاجة إلى التقيد بسماع الملائكة لأنه جاء: وإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي انتهى. قلت: إذا كانت الصلاة على ظاهرها كلاماً تشريفاً للمصلي وتكريماً له فلا بد من التقييد بسماع الملائكة ليظهر عندهم شرافته وكرامته بسماعهم صلاة الله عليه. 256 قوله: (وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وعامر بن ربيعة وعمار وأبي طلحة وأنس وأبي بن كعب) أما حديث عبد الرحمن بن عوف فأخرجه أحمد قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل نخلاً فسجد فأطال السجود حتى خشيت أن يكون الله تعالى قد توفاه، قال فجئت أنظر فرفع رأسه فقال مالك، فذكرت له ذلك فقال إن جبريل عليه السلام قال لي: ألا أبشرك، إن لله عز وجل يقول لك من صلى عليك صلاة صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، قال ميرك: ورواه الحاكم وقال صحيح الإسناد، رواه أبو يعلى وابن أبي الدنيا نحوه وزاد أحمد في بعض رواياته فسجدت شكراً لله انتهى. وقال السخاوي في القول البديع: ونقل البيهقي في الخلافيات عن الحاكم وقال: هذا حديث صحيح ولا أعلم في سجدة الشكر أصح من هذا الحديث انتهى. وله طرق متعددة ذكرها السخاوي في القول البديع. وأما حديث عامر ابن ربيعة فلينظر من أخرجه. وأما حديث عمار وهو ابن ياسر فأخرجه الدارقطني بلفظ: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمار إن الله عز وجل ملكاً أعطاه الخلائق كلها وهو قائم على قبري إذا مت إلى يوم القيامة فليس أحد من أمتي يصلي علي صلاة إلا سماه باسمه وباسم أبيه، قال صلى عليك فلان وفلان كذا وكذا فيصلي الرب على ذلك الرجل بكل واحد عشراً انتهى. 257 وأما حديث أبي طلحة النسائي والدارمي بلفظ أن: رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر في وجهه فقال: جاءني جبريل فقال إن ربك يقول: أما يرضيك يا محمد أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشراً، ولا يسلم عليه أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشراً انتهى. ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وابن أبي شيبة في مصنفه انتهى. وأما حديث أن فأخرجه النسائي بلفظ: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات. وحطت عنه عشر خطيئات، ورفعت له عشر درجات انتهى. قال ميرك: ورواه ابن حبان والحاكم في صحيحهما. وأما حديث أبي بن كعب فأخرجه الترمذي. 258 قوله: (حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي. 259 قوله: (وروى عن سفيان الثوري غير واحد من أهل العلم قالوا صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار) وقال البخاري في صحيحه: قال أبو العالية صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء. قال ابن عباس: يصلون يبركون انتهى. قال الحافظ في الفتح تحت قول أبي العالية: أخرجه ابن أبي حاتم، وقال تحت قول ابن عباس: وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (يصلون على النبي) قال يبركون على النبي أي يدعون له بالبركة فيوافق قول أبي العالية لكنه أخص منه انتهى. 260 قوله: (حدثنا أبو داود بن سليمان بن سلم البلخي المصاحفي) قال في الخلاصة: سليمان بن سلم بإسكان اللام ابن سابق الهدادي أبو داود البلخي المصاحفي عن ابن مطيع والنضر بن شميل وعنه تعليقات س ووثقه مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين انتهى. وقال في التقريب ثقة (أخبرنا النضر بن شميل) المازني أبو الحسن النحوي نزيل مرو ثقة ثبت من كبار التاسعة مات سنة أربع ومائتين وله أثنان وثمانون كذا في التقريب (عن أبي قرة) بضم القاف وشدة الراء المهملة (الأسدي) قال في التقريب: أبو قرة الأسدي من أهل البادية مجهول من السادسة انتهى. وقال في الميزان أبو قرة الأسدي حدث ببلد صيداً عن سعيد بن المسيب مجهول تفرد عنه النضر بن شميل انتهى. 261 قوله: (لا يصعد) بفتح الياء وقيل بضمها كما في قوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب) والجمهور على الفتح، وقريء في الشواذ بالضم (منه) أي من الدعاء جنسه (حتى تصلي على نبيك) قال الطيبي: يحتمل أن يكون من كلام عمر فيكون موقوفاً. وأن يكون ناقلاً كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحينئذٍ فيه تجريد، وعلى التقديرين الخطاب عام، لا يختص مخاطب دون مخاطب انتهى. قال ميرك: رواه الترمذي موقوفاً، وقد روى مرفوعاً أيضاً، والصحيح وقفه، لكن قال المحققون من علماء الحديث إن هذا لا يقال من قبل الرأي فهو مرفوع حكماً انتهى. قلت: لكن الحديث ضعيف لجهالة أبي قرة الأسدي. وفي الحصن الحصين قال الشيخ أبو سليمان الداراني: إذا سألت الله حاجة فابدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ادع بما شئت ثم اختم بالصلاة عليه فإن الله سبحانه بكرمه يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما انتهى. 262 قوله: (والعلاء بن عبد الرحمن) أي الواقع في سند حديث أبي هريرة مر قبل هذا (هو ابن يعقوب هو مولى الحرقة) بضم الحاء وفتح الراء المهملتين. قال في التقريب: العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي بضم المهملة وفتح الراء بعدها قاف أبو شبل بكسر المعجمة وبسكون الموحدة المدين صدوق ربما وهم من الخامسة. 263 وقال في الخلاصة: العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني مولى الحرقة المدني أحد الأعلام عن أبيه وأنس وعكرمة وعنه ابن جريج وابن إسحاق ومالك وخلق وثقهن أحمد وقال يحيى بن معين: ليس بذاك، وقال النسائي: ليس به بأس وقال أبو حاتم صالح أنكر من حديثه أشياء. قال الواقدي: توفي في خلافة المنصور انتهى (والعلاء هو من التابعين) أي من صغارهم فإن الحافظ عده من الطبقة الخامسة وهي الطبقة الصغرى من التابعين (وعبد الرحمن بن يعقوب والد العلاء هو من التابعين) أي من أوساطهم فإن الحافظ جعله في التقريب من الطبقة الثالثة وهي طبقة الوسطى من التابعين (ويعقوب هو من كبار التابعين قد أدرك عمر بن الخطاب الخ) جعله الحافظ في التقريب من الطبقة الثانية وهي طبقة كبار التابعين. وقال في الخلاصة: يعقوب مولى الحرقة مدني مقل عن عمر وعنه ابنه عبد الرحمن له عنده يعني عند الترمذي، حديث موقوف انتهى وهو قوله لا يبع في سوقنا إلا من تفقه في الدين كما صرح به في التهذيب. 264 قوله: (حدثنا عباس بن عبد العظيم العنبري) ثقة حافظ من كبار الحادية عشرة (عن أبيه) أي عبد الرحمن (عن جده) أي يعقوب (قال: قال عمر بن الخطاب لا يبع الخ) قد استدل به الترمذي على ما ادعى من أن يعقوب قد أدرك عمر بن الخطاب وروى عنه ولأجل ذلك أدخل هذا الحديث في هذا الباب
يقال بضم الجيم والميم وإسكانها وفتحها حكاهن الفراء والواحدي وغيرهما، ووجهوا الفتح بأنها تجمع الناس ويكثرون فيها كما يقال همزة ولمزة بكثرة الهمز واللمز ونحو ذلك سميت جمعة لاجتماع الناس فيها وكان يوم الجمعة في الجاهلية يسمي العروبة قاله النووي 484- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا المغيرةُ بنُ عبدِ الرحمَنِ عن أبي الزّنادِ عن الأعرجِ عن أبي هريرةَ أنّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فيه الشمسُ يومُ الجمعةِ، فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه أُدْخِلَ الجنةَ، وفيه أُخْرِجَ منها، ولا تقومُ الساعةُ إلاّ في يومِ الجمعةِ". (قال) وفي الباب عن أبي لُبَابةَ وسَلْمانَ وأبي ذَر وسَعْدِ بن عُبادَةَ وأوْسِ بن أوْسٍ. قال أبو عيسى: حديثُ أبي هريرةَ حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. قوله: (فيه خلق آدم الخ) قال القاضي عياض: الظاهر أن هذه القضايا المعدودة ليست لذكر فضيلته لأن إخراج آدم وقيام الساعة لا يعد فضيلة وإنما هو بيان لما وقع فيه من الأمور العظام وما سيقع ليتأهب العبد فيه بالأعمال الصالحة لنيل رحمة الله ودفع نقمته انتهى. وقال أبو بكر بن العربي في عارضة الأحوذي: الجميع من الفضائل وخروج آدم من الجنة هو سبب وجود الذرية وهذا النسل العظيم ووجود الرسل والأنبياء والصالحين والأولياء، ولم يخرج منها طرداً كما كان خروج إبليس وإنما كان خروجه مسافراً لقضاء أوطار ثم يعود إليها. وأما قيام الساعة فسبب لتعجيل جزاء الأنبياء والصديقين والأولياء وغيرهم وإظهار كرامتهم وشرفهم. قوله: (وفي الباب عن أبي لبابة) أخرجه ابن ماجه (وسلمان) أخرجه البخاري والنسائي (وأبي ذر) هو الغفار وحديثه عند ابن عبد البر في التمهيد وابن المنذر على ما قاله الشوكاني في النيل (وسعد بن عبادة) أخرجه أحمد والبخاري في التاريخ (وأوس بن أوس) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والدرامي والبيهقي في الدعوات الكبير. قوله: (حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.
(باب في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة) أي تطمع إجابة الدعوة فيها. 485- حدثنا عبدُ الله بنُ الصّبّاحِ الهاشميّ البصريّ العطّار حدثنا عبيدُ الله بنُ عبدِ المجيدِ الحَنَفِيّ حدثنا محمدُ بنُ أبي حُمَيدٍ حدثنا موسى بن وَرْدَانَ عن أنس بن مالكٍ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم (أنّه) قال: "إلتمسُوا الساعةَ التي تُرْجَى في يومِ الجُمْعَةِ بعدَ العصرِ إلى غيْبُوبَةِ الشمسِ". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ غَريبٌ من هذا الوجْهِ. (وقد رُوِيَ هذا الحديثُ عن أنسٍ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غيرِ هذا الوجهِ). ومحمدُ بن أبي حُمَيْدٍ يُضَعّفُ، (ضَعّفَهُ بعضُ أهلِ العلمِ) مِن قِبَلِ حِفْظِه (و) يقالُ له حَمادُ بنُ أبي حُميدٍ، ويقالُ هو أبو إبراهيمَ الأنصاريّ، وهو مُنكَر الحديثِ. ورأى بعضُ أهلِ العلمِ من أصحابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرِهم أن السّاعةَ التي تُرْجَى (فيها) بعدَ العصرِ إلى أن تَغْرُبَ الشمسُ وبه يقولُ أحمدُ وإسحاقُ. (و) قال أحمدُ: أكثرُ الأحاديثِ في الساعةِ التي تُرْجَى فيها إجابةُ الدعوةِ أنها بعدَ (صَلاةِ) العصرِ، وتُرْجَى بعد زوالِ الشْمسِ. 486- حدثنا زِيادُ بنُ أيوبَ البغْداديّ حدثنا أبو عامر العَقَدِيّ حدثنا كَثِيرُ بنُ عبدِ الله بنِ عَمْرِو بن عَوْفٍ المَزنِيّ عن أبيهِ عن جَدّه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ في الجمعةِ ساعةً لا يسأَلُ الله العبدُ فيها شيئاً إلاّ آتاهُ الله إيّاهُ، قالوا يَا رَسُولَ الله أيةُ ساعةٍ هي؟ قال: حين تُقامُ الصلاةُ إلى الإنصراف منها". (قال): وفي الباب عن أبي موسى وأبي ذر وسَلمانَ وعَبْدِ الله بنِ سَلاَمٍ وأبي لبَابةَ وسعدِ بنِ عُبادَةَ (وأبي أمامة). قال أبو عيسى: حديثُ عَمْرِو بن عَوْفٍ حديثٌ حسَنٌ غريبٌ. 487- حدثنا إسحاقُ بن موسى الأنصاريّ حدثنا مَعْنٌ حدثنا مالكُ بنُ أنسٍ عن يَزِيدَ بنِ عَبْدِ الله بن الهادِ عن محمدِ بنِ إبراهيمَ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فيه الشمسُ يومُ الجُمعَةِ، فيه خُلِقَ آدمُ وفيه أُدْخِلَ الجنّةَ، وفيه أُهْبِطَ منها، وفيه ساعةٌ لا يوافقُهَا عبدٌ مسْلمٌ يصلي فيسألُ الله فيها شيئاً إلا أعطاهُ إياهُ". قال أبو هُرَيْرَةَ: فَلَقِيتُ عبدَ الله بنَ سلامٍ فذكرتُ له هذا الحديثَ، فقال: أنا أعْلَمُ بتلكَ الساعةِ، فقلت: أخبرني بها ولا تَضْنَنْ بها عَلَيّ، قال: هي بعدَ العصرِ إلى أن تغْرُبَ الشمسُ قلتُ كيفَ تكونُ بعدَ العصرِ وقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لا يُوافِقهَا عبدٌ مسلمٌ وهو يصلي وتلكَ الساعةُ لا يصلّي فيها؟ فقال عبدُ الله بن سلام: ألَيْس قد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن جَلَسَ (مجلساً) ينتظرُ الصلاةَ فهو في صلاةِ؟ قلت: بلى، قال: فهو ذَاك". (قال أبو عيسى): وفي الحديثِ قصةٌ طويلةٌ. (قال أبو عيسى): وهذا حديثٌ (حسَنٌ) صحيحٌ. (قال: ومعنى قولهِ أخبْرني بها ولا تضنَنْ بها عليّ لا تبخل بها عليّ والضنّ البخل والظّنِينُ المُتّهَمُ). قوله: (أخبرنا محمد بن أبي حميد) في التقريب محمد بن أبي حميد إبراهيم الأنصاري الزرقي أبو إبراهيم المدني لقبه حماد ضعيف من السابعة. قوله: (التمسوا) أي اطلبوا (ترجى) بصيغة المجهول أي تطمع إجابة الدعاء فيها (بعد العصر إلى غيبوبة الشمس). (وقد روي هذا الحديث عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه) قال القاري نقلاً عن ميرك: ورواه الطبراني من رواية ابن لهيعة زواد في آخره وهي قدر هذا وأشار إلى قبضته وإسناده أصح من إسناد الترمذي وقال العسقلاني يعني الحافظ بن حجر في شرح البخاري: وروى هذا عن ابن عباس موقوفاً عليه، رواه ابن جرير ورواه أيضاً مرفوعاً من حديث أبي سعيد الخدري انتهى. (وقال أحمد: أكثر الحديث في الساعة التي ترجى إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر وترجى بعد زوال الشمس) اختلف العلماء في هذه الساعة وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح أكثر من أربعين قولاً وقال بعد ذكرها: ولا شك أن أرجح الأقوال المذكورة حديث أبي موسى وحديث عبد الله بن سلام انتهى. والمراد بحديث أبي موسى هو ما رواه مسلم عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة. والمراد بحديث عبد الله بن سلام هو ما روى الترمذي وغيره في حديث أبي هريرة من قوله: هي بعد العصر إلى أن تغرب الشمس. قال الحافظ بن حجر: قال المحب الطبري: أصح الأحاديث فيها حديث أبي موسى، وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام انتهى، قال وما عداهما إما موافق لهما أو لأحدهما أو ضعيف الإسناد أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف. ولا يعارضهما حديث أبي سعيد في كونه صلى الله عليه وسلم أنسيها بعد أن علمها لاحتمال أّ يكونا سمعا ذلك منه قبل أن أنسى أشار إلى ذلك البيهقي وغيره. وقد اختلف السلف في أيهما أرجح، فروى البيهقي من طريق أبي الفضل أحمد بن سلمة النسيابوري أن مسلماً قال: حديث أبي موسى أجود شيء في هذا الباب وأصحه وبذلك قال البيهقي وابن العربي وجماعة. وقال القرطبي: هو نص في موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره. وقال ابن النووي: هو الصحيح بل الصواب وجزم في الروضة بأنه الصواب ورجحه أيضاً بكونه مرفوعاً صريحاً وفي أحد الصحيحين. وذهب آخرون إلى ترجيح قول عبد الله بن سلام، فحكى الترمذي عن أحمد أنه قال أكثر الأحاديث على ذلك. وقال ابن عبد البر: إنه أثبت شيء في هذا الباب. وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن أن ناساً من الصحابة اجتمعوا فتذاكروا ساعة الجمعة ثم افترقوا فلم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة، ورجحه كثير من الأئمة أيضاً كأحمد وإسحاق، ومن المالكية الطرطوشي، وحكى العلائي أن شيخه ابن الزملكاني شيخ الشافعية في وقته كان يختاره ويحكيه عن نص الشافعي وأجابوا عن كونه ليس في أحد الصحيحين بأن الترجيح بما في الصحيحين أو أحداهما إنما هو حيث لا يكون مما انتقده الحفاظ كحديث أبو موسى هذا فإنه أعل بالانقطاع والاضطراب ثم ذكر الحافظ وجه الانقطاع والاضطراب ثم قال: وسلك صاحب الهدى مسلكاً آخر فاختار أن ساعة الإجابة منحصرة في أحد الوقتين المذكورين وأنهما لا يعارض أحدهما الاَخر لاحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم دل على أحدهما في وقت وعلى الاَخر في وقت آخر، وهذا كقول ابن عبد البر الذي ينبغي الاجتهاد في الدعاء في الوقتين المذكورين وسبق إلى نحو ذلك الإمام أحمد وهو أولى في طريق الجمع انتهى كلام الحافظ. قوله: (زياد بن أيوب البغدادي) أو هاشم الطوسي الأصل ولقبه شعبة الصغير ثقة حافظ من العاشرة مات سنة 252 (أخبرنا أبو عامر العقدي) بفتح العين والقاف اسمه عبد الملك بن عمرو ثقة من التاسعة كذا في التقريب (أخبرنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده) قال الحافظ في التقريب ضعيف من السابعة، منهم من نسبه إلى الكذب انتهى. وقال الذهبي في الميزان: كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد المزني عن أبيه عن جده، قال ابن معين ليس بشيء، وقال الشافعي وأبو داود ركن من أركان الكذب، وضرب أحمد على حديثه، وقال الدارقطني وغيره متروك، وقال ابن حبان له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة. وأما حديث الترمذي فروى من حديثه: الصلح جائز بين المسلمين وصححه، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي انتهى مختصراً قوله: (لا يسأل الله العبد فيها شيئاً) أي يليق السؤال فيه، وقد ورد في بعض الروايات الاَخر خيراً مكان شيئاً (إلا آتاه) أي أعطى العبد (إياه) أي ذلك الشيء أي إما أن يعجله له وإما أن يدخره له كما ورد في الحديث (قال حين تقام الصلاة إلى انصراف منها) وفي حديث أبو موسى عند مسلم هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة قوله: (وفي الباب عن أبي موسى) أخرجه مسلم وتقدم لفظه (وأبي ذر) روى ابن المنذر وابن عبد البر بإسناد قوي إلى الحارث بن يزيد الحضرمي عن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبي ذر أن امرأته سألته عنها فقال بعد زوال الشمس بشبر إلى ذراع، كذا في فتح الباري (وسلمان) لينظر من أخرجه (وعبد الله بن سلام) أخرجه ابن ماجه (وأبي لبابة) أخرجه ابن ماجه وأحمد (وسعد بن عبادة) أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه. قوله: (حديث عمرو بن عوف حديث حسن غريب) في كون هذا الحديث حسناً كلام، فإن في سنده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وقد تقدم حاله. قال الحافظ في كلام، فإن في سنده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وقد تقدم حاله. قال الحافظ في فتح الباري بعد ذكر هذا الحديث: وقد ضعف كثير رواية كثير ورواه البيهقي في الشعب من هذا الوجه بلفظ: ما بين أن ينزل الإمام من المنبر إلى أن تقضى الصلاة، ورواه ابن أبي شيبة من طريق مغيرة عن واصل الأحدب عن أبي بردة قوله وإسناده قوى إليه وفيه أن ابن عمر استحسن ذلك منه وبرك عليه ومسح على رأسه، وروى ابن جرير وسعيد بن منصور عن ابن سيرين نحوه انتهى. قوله: (لا يوافقها) أي لا يصادفها وهو أعلم من أن يقصد لها أو يتفق له وقوع الدعاء فيها (يصلي) صفة لعبد أو حال لاتصافه بمسلم (فيسأل الله فيها شيئاً) أي مما يليق أن يدعو به المسلم ويسأل ربه تعالى، وفي رواية عن أبي هريرة عند البخاري في الطلاق يسأل الله خيراً، وفي حديث أبي لبابة عند ابن ماجه: ما لم يسأل حراماً، وفي حديث سعد بن عبادة عند أحمد: ما لم يسأل إنما أو قطيعة رحم (ولا تضنن) أي لا تبجل، قال العراقي: يجوز في ضبطه ستة أوجه أحدها فتح الضاد وتشديد النونين وفتحهما والثاني كسر الضاد والباقي مثل الأول والثالث فتح الضاد وتشديد النون الأولى وفتحها وتخفيف الثانية. والرابع كسر الضاد والباقي مثل الذي قبله، والخامس إسكان الضاد وفتح النون الأولى، وإسكان الثانية، والسادس كسر النون الأولى، والباقي مثل الذي قبله انتهى. قال أبو الطيب المدني: حاصل جميع الوجوه أنه من باب التأكيد بالنون الثقيلة أو الخفيفة أو من باب الفك، وعلى التقديرين فالباب يحتمل فتح العين في المضارع وكسرها فتصير الوجوه ستة انتهى. (وفي الحديث قصة طويلة) رواه مالك وأبو داود بطوله. قوله: (هذا حديث صحيح) وأخرجه مالك وأبو داود والنسائي (والضنين البخيل والظنين المتهم) الضن بالكسر والضنين يخيل كردن وهو ضنين، والظنة بالظاء بالكسر التهمة والظنين المتهم كذا في الصراح والقاموس.
488- حدثنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، حدثنا سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ عن الزّهْرِيّ عن سالمٍ عن أبيه أنه سَمِعَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "مَن أتَى الجمُعةَ فَلْيَغْتَسِلْ". (قال) وفي الباب عن عمر و أبي سَعِيدٍ وجابرٍ والبراءِ وعائشَةَ وأبي الدّرْدَاءِ. قال أبو عيسى: حديثُ ابنِ عُمَرَ حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ. 489- وَرُوِيَ عن الزهريّ عن عبدِ الله بن عبدالله بنِ عُمَرَ عن أبيهِ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم (هذا الحديثُ أيضاً). 490- حدثنا بذلك قُتَيْبَةُ حدثنا اللّيْثُ بن سَعْدٍ عن ابن شهابٍ عن عبد الله بن عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ عن أبيه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَه. وقال محمدٌ: وحديثُ الزهريّ عن سالمٍ عن أبيهِ وحديثُ عَبْدِ الله بنِ عَبْدِ الله عن أبيه، كلا الحديثَيْنِ صحيحٌ. وقال بعضُ أصحابِ الزهريّ عن الزهريّ (قال): حدثني آل عبدِ الله بنِ عُمرَ عن (عبد الله) بن عُمرَ. (قال أبو عيسى): وقد روى عن ابن عمر بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الغسل يوم الجمعة (أيضاً) وهو حديث (حسن) صحيح. 491- (و) رواه يونس و معن عن الزهري عن سالم عن أبيه "بينما (عمر بن الخطاب) يخطب يوم الجمعة اذ دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أية ساعة هذه؟ فقال: ما هو الا أن سمعت النداء وما زدت على أن توضأت قال: والوضوء أيضاً وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالغسل. 492- حدثنا محمدُ بنُ أبانَ أخبرنا عبدُ الرزاقِ عن مَعْمَرٍ عن الزهريّ. 493- (قال) وحدثنا عبدالله بن عبدُ الرحمنِ أخبرنا أبو صالح عبدُ الله بن صالحٍ حدثنا الليثِ عن يونسَ عن الزهريّ بهذا الحديثِ. ورَوَىَ مالكٌ هذا الحديثَ عن الزهرىّ عن سالمٍ قال: "بينما عُمَرُ (بن الحطاب) يَخطُبُ يومَ الْجُمُعَةِ" فذكرَ (هذا) الحديثَ. قال (أبو عيسى): و سألتُ محمداً عن هذا فقال: الصحيحُ حديثُ الزهرىّ عن سالمٍ عن أبيهِ. قال (محمد): "وقد رُوِىَ عن مالكٍ أيضاً عن الزهرىّ عن سالمٍ عن أبيه (نحوُ) هذا الحديث. قوله: (من أتى الجمعة فليغتسل) هذا الحديث رواه الجماعة ولمسلم: إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل. واستدل به من قال بوجوب غسل الجمعة. واستدل من مفهوم الحديث أن الغسل لا يشرع لمن لا يحضر الجمعة، وقد جاء التصريح بمقتضاه في رواية عمثان بن واقد عن نافع عند أبي عوانة وابن خزيمة وابن حبان في صحاحهم بلفظ: من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل ومن لم يأتها فليس عليه غسل. قال الحافظ في الفتح: رجاله ثقات، لكن قال البزار أخشى أن يكون عثمان بن واقد وهم فيه انتهى. قوله: (وفي الباب عن أبي سعيد وعمر وجابر والبراء وعائشة وأبي الدرداء) أما حديث أبي سعيد فأخرجه الشيخان مرفوعاً بلفظ: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم والسواك وأن يمس من الطيب ما يقدر عليه. وأما حديث عمر فأخرجه الشيخان وأخرجه الترمذي في هذا الباب. وأما حديث جابر فأخرجه النسائي مرفوعاً بلفظ: على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسل يوم الجمعة وأما حديث البراء فأخرجه أحمد مرفوعاً بلفظ: حقاً على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة الحديث. وأخرجه ابن أي شيبة في المصنف. وأما حديث عائشة فأخرجه الشيخان عنها قالت: كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم ومن العوالي فيأتون في العباء فيصيبهم الغبار والعرق فتخرج منهم الريح الحديث وفيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو تطهرتم ليومكم هذا. وأخرج البزار عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى الجمعة فليغتسل، ذكره العيتي في شرح البخاري. وأما حديث أبي الدرداء فلينظر من أخرجه. قوله: (حديث ابن عمر حديث حسن صحيح) أخرجه الجماعة وله طريق كثيرة، ورواه غير واحد من الأئمة، وعد ابن مندة من رواه عن نافع فبلغوا فوق ثلثمائة نفس، وعد من رواه من الصحابة غير ابن عمر فبلغوا أربعة وعشرين صحابياً. قال الحافظ: وقد جمعت طرقه من نافع فبلغوا مائة وعشرين نفساً. قوله: (وروى عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه إلخ) يعني روى هذا الحديث عن الزهري على وجهين أحدهما عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني عن عبد الله بن عبد الله عن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلاهما صحيح كما نقل الترمذي عن الإمام البخاري: قوله: (إذا دخل رجل) هو عثمان رضي الله عنه كما جاء في عدة روايات. قال ابن عبد البر: لا أعلم خلافاً في ذلك (فقال) أي عمر رضي الله عنه في أثناء الخطبة (أية ساعة هذه) بتشديد التحتية تأنيث أي وهذا الاستفهام استفهام إنكار وتوبيخ على تأخره إلى هذه الساعة، وكأنه يقول لم تأخرت إلى هذه الساعة (فقال) أي الرجل (ما هو) الضمير للشأن (إلا أن سمعت النداء وما زدت على أن توضأت) وفي رواية البخاري: قال إن شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين. وفي رواية في الموطأ فقال يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت والمراد من النداء الأذان بين يدي الخطيب (والوضوء أيضاً) قال العراقي: المشهور في الرواية النصب أي توضأت الوضوء انتهى وقال الحافظ في الفتح في روايتنا بالنصب، وعليه اقتصر النووي أي والوضوء أيضاً اقتصرت عليه واخترته دون الغسل، والمعنى: ما اكتفيت بتأخير الوقت وتفويت الفضيلة حتى تركت الغسل واقتصرت على الوضوء. وجوز القرطبي الرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف أي الوضوء أيضاً يقتصر عليه انتهى. قوله (وروى مالك هذا الحديث عن الزهري عن سالم قال بينما عمر الخ) أي لم يذكر مالك عبد الله بن عمر بل رواه منقطعا بخلاف معمر ويونس فإنهما روياه عن الزهرى موصولا بذكر عبد الله بن عمر (سألت محمدا عن هذا) أى عن حديث الزهرى عن سالم قال بينما عمر الخ (فقال الصحيح حديث الزهرى عن سالم عن أبيه) كما روى معمر ويونس (قال محمد وقد روى عن مالك أيضا عن الزهرى عن سالم عن أبيه نحو هذا الحديث) رواه البخارى في صحيحه قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينما هو قائم في الخطبة الحديث. قال الحافظ في الفتح: وهو عند رواة الموطأ عن مالك ليس في ذكر ابن عمر، فجلي الاسماعيلي عن البغوى بعد أن أخرجه من طريق روح بن عبادة عن مالك أنه لم يذكر في هذا الحديث أحد عن مالك عبد الله ابن عمر غير روح بن عبادة وجويرية انتهى. وقد تابعهما أيضا عبد الرحمن بن مهدى أخرجه أحمد بن حنبل عنه بذكر ابن عمر. وقال الدارقطني في الموطأ: رواه جماعة من أصحاب مالك الثقات عنه خارج الموطأ موصولا عنهم، فذكر هؤلاء الثلاثة ثم قال وأبو عاصم النبيل وإبراهيم بن طهمان والوليد بن مسلم وعبد الوهاب بن عطاء وذكر جماعة غيرهم في بعصهم مقال ثم ساق أسانيدهم إليهم بذلك انتهى.
|