الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج
. باب سجودي التلاوة والشكر: (تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَهُنَّ فِي الْجَدِيدِ أَرْبَعً عَشْرَةَ مِنْهَا سَجْدَتَا الْحَجِّ) وَتِسْعٌ فِي الْأَعْرَافِ وَالرَّعْدِ وَالنَّحْلِ وَالْإِسْرَاءِ وَمَرْيَمَ وَالْفُرْقَانِ وَالنَّمْلِ وَ الم تَنْزِيلُ وَحُمَّ السَّجْدَةُ وَثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ فِي النَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَاقْرَأْ، وَفِي الْقَدِيمِ إحْدَى عَشْرَةَ بِإِسْقَاطِ ثَلَاثِ الْمُفَصَّلِ، وَاسْتَدَلَّ لِلْجَدِيدِ بِحَدِيثِ«عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَقْرَأَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ»؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالسَّجْدَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْهُ سَجْدَةُ ص وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهَا. وَاسْتَدَلَّ لِلْقَدِيمِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ«أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوُّلِ الْمَدِينَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ. (لَا) سَجْدَةُ (ص) أَيْ لَيْسَتْ مِنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ (بَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ (تُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَتَحْرُمُ فِيهَا) وَتُبْطِلُهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِمَنْ عَلِمَ ذَلِكَ، فَإِنْ جَهِلَهُ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَلَا، لَكِنْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَالثَّانِي لَا تَحْرُمُ فِيهَا وَلَا تُبْطِلُهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالتِّلَاوَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ سُجُودِ الشُّكْرِ، وَفِي وَجْهٍ لِابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهَا مِنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَالصَّارِفُ عَنْهُ إلَى الشُّكْرِ حَدِيثُ النَّسَائِيّ«سَجَدَهَا دَاوُد تَوْبَةً وَسَجَدَهَا شُكْرًا»، أَيْ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ. (وَيُسَنُّ) السُّجُودُ (لِلْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ) أَيْ قَاصِدِ السَّمَاعِ (وَيَتَأَكَّدُ لَهُ بِسُجُودِ الْقَارِئِ قُلْت): كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَيُسَنُّ لِلسَّامِعِ) مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلسَّمَاعِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ». وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فِي غَيْرِ صَلَاةٍ. (وَإِنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ سَجَدَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (لِقِرَاءَتِهِ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ (وَ) سَجَدَ. (الْمَأْمُومُ لِسَجْدَةِ إمَامِهِ) أَيْ وَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ وَلَا لِقِرَاءَةِ غَيْرِ الْإِمَامِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ سَجَدَ إمَامُهُ فَتَخَلَّفَ) هُوَ (أَوْ انْعَكَسَ) ذَلِكَ أَيْ سَجَدَ هُوَ دُونَ إمَامِهِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِمُخَالَفَتِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ تَنَازَعَ فِيهِ قَرَأَ وَسَجَدَ، فَالْفَرَّاءُ يُعْمِلُهُمَا فِيهِ، وَالْكِسَائِيُّ يَقُولُ: حُذِفَ فَاعِلُ الْأَوَّلِ. وَالْبَصْرِيُّونَ يُضْمِرُونَهُ، وَهُوَ مُفْرَدٌ لَا مَثْنَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلِ. فَالتَّرْكِيبُ صَحِيحٌ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ: (وَمَنْ سَجَدَ خَارِجَ الصَّلَاةِ) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ (نَوَى) سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ (وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) بِهَا (رَافِعًا يَدَيْهِ) كَالرَّفْعِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (ثُمَّ) كَبَّرَ (لِلْهُوِيِّ بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ (وَسَجَدَ) سَجْدَةً (كَسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَرَفَعَ) رَأْسَهُ (مُكَبِّرًا) وَجَلَسَ (وَسَلَّمَ) مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَتَسْلِيمِ الصَّلَاةِ (وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ شَرْطٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا السَّلَامُ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْهُمَا وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا. وَمُدْرَكُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ السَّجْدَةَ تَلْحَقُ بِالصَّلَاةِ أَوْ لَا تَلْحَقُ بِهَا، وَلَا يُسْتَحَبُّ التَّشَهُّدُ فِي الْأَصَحِّ. (وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) قَطْعًا كَالطَّهَارَةِ وَالسَّتْرِ وَالِاسْتِقْبَالِ (وَمَنْ سَجَدَ فِيهَا) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ فِي الصَّلَاةِ (كَبَّرَ لِلْهُوِيِّ وَلِلرَّفْعِ) مِنْ السَّجْدَةِ نَدْبًا. (وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ) فِيهِمَا (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَا يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ) بَعْدَهَا. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ. (وَيَقُولُ) فِيهَا دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا.«سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ وَصَوَّرَهُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. (وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً) خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْ أَتَى بِهَا مَرَّتَيْنِ (فِي مَجْلِسَيْنِ سَجَدَ لِكُلٍّ) مِنْ الْمَرَّتَيْنِ عَقِبَهَا. (وَكَذَا الْمَجْلِسُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَكْفِيه السَّجْدَةُ الْأُولَى عَنْ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ. وَالثَّالِثُ يَكْفِيه إنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلْمَرَّةِ الْأُولَى كَفَاهُ سَجْدَةٌ عَنْهُمَا. (وَرَكْعَةٌ كَمَجْلِسٍ) فِيمَا ذُكِرَ (وَرَكْعَتَانِ كَمَجْلِسَيْنِ) فَيَسْجُدُ فِيهِمَا (فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ) مَنْ سُنَّ لَهُ السُّجُودُ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ (وَطَالَ الْفَصْلُ لَمْ يَسْجُدْ) بِخِلَافِ مَا إذَا قَصُرَ فَيَسْجُدُ. وَمَرْجِعُ الطُّولِ وَالْقِصَرِ الْعُرْفُ، وَمَنْ كَانَ مُحْدِثًا عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَتَطَهَّرَ عَلَى الْقُرْبِ يَسْجُدُ. (وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ) فَلَوْ فَعَلَهَا فِيهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَتُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: الْأَوَّلُ كَحُدُوثِ وَلَدٍ أَوْ مَالٍ لَهُ. وَالثَّانِي كَنَجَاتِهِ مِنْ الْهَدْمِ وَالْغَرَقِ، رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا جَاءَهُ شَيْءٌ يَسُرُّهُ خَرَّ سَاجِدًا»، وَلَا يُسَنُّ السُّجُودُ لِاسْتِمْرَارِ النِّعَمِ. (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) كَزَمِنٍ (أَوْ عَاصٍ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ يَتَظَاهَرُ بِعِصْيَانِهِ، رَوَى الْحَاكِمُ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ لِرُؤْيَةِ زَمِنٍ». وَالسَّجْدَةُ لِذَلِكَ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُ. (وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي) لَعَلَّهُ يَتُوبُ (لَا لِلْمُبْتَلَى) لِئَلَّا يَتَأَذَّى وَيُظْهِرُهَا أَيْضًا لِحُصُولِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنْ خَافَ مِنْ إظْهَارِ السُّجُودِ لِلْفَاسِقِ مَفْسَدَةً أَوْ ضَرَرًا أَخْفَاهُ. (وَهِيَ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي كَيْفِيَّتِهَا وَشُرُوطِهَا (وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُمَا) أَيْ السَّجْدَتَيْنِ. (عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْمُسَافِرِ) بِأَنْ يُومِئَ بِهِمَا لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ. وَالثَّانِي لَا لِفَوَاتِ الرُّكْنِ الْأَظْهَرِ أَيْ السُّجُودِ (فَإِنْ سَجَدَ لِتِلَاوَةِ صَلَاةٍ جَازَ عَلَيْهَا قَطْعًا) كَسُجُودِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا.. باب صَلَاةُ النَّفْلِ: بِالتَّنْوِينِ (صَلَاةُ النَّفْلِ) وَهُوَ مَا عَدَا الْفَرَائِضَ (قِسْمَانِ: قِسْمٌ لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ لِمُحَوَّلٍ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ، أَيْ لَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، فَلَوْ صَلَّى جَمَاعَةً لَمْ يُكْرَهْ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. (فَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ مَعَ الْفَرَائِضِ، وَهِيَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَكَذَا بَعْدَهَا وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مَا ذُكِرَ (وَقِيلَ: لَا رَاتِبَةَ لِلْعِشَاءِ) وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا فِي الْحَدِيثِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ. (وَقِيلَ) مِنْ الرَّوَاتِبِ (أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ». (وَقِيلَ: وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا) لِحَدِيثِ«مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّارِ» وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (وَقِيلَ: وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ»، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ (وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرَّاتِبِ الْمُؤَكَّدِ) مِنْ حَيْثُ التَّأْكِيدِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَخِيرِ الْجَمِيعُ مُؤَكَّدٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحُ الْمُؤَكَّدُ الْعَشْرُ الْأُوَلُ فَقَطْ. (وَ) قِيلَ مِنْ الرَّوَاتِبِ (رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ قُلْت هُمَا سُنَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ الْأَمْرُ بِهِمَا) وَلَفْظُهُ (صَلَّوْا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ) أَيْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي لَفْظِ أَبِي دَاوُد، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ«أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّى قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ» وَاسْتَدَلَّ لِمُقَابِلِ الصَّحِيحِ بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«مَا رَأَيْت أَحَدًا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَدَفَعَ بِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ«عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَنَسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ يَرَانَا نُصَلِّيهِمَا فَلَمْ يَنْهَنَا» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ واستحبابهما قَبْلَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْإِقَامَةِ فَإِنْ شَرَعَ فِيهَا كُرِهَ الشُّرُوعُ فِي غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ«إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ». قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَيْسَتَا مِنْ الرَّوَاتِبِ الْمُؤَكَّدَةِ عِنْدَ مَنْ قَالَ باستحبابهما، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ. (وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ) وَكَذَا رَكْعَتَانِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلُ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ«إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» وَالثَّانِي لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ». (وَقَبْلَهَا مَا قَبْلَ الظُّهْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ الْأَوَّلُ لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ:«جَاءَ سُلَيْكُ الْغَطَفَانِيُّ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ: أَصَلَّيْت قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ ؟ قَالَ لَا. قَالَ: فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» وَالثَّانِي بِالْقِيَاسِ عَلَى الظُّهْرِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُسْتَأْنَسُ فِيهِ بِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا»، قَالَ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا. (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوَتْرُ وَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ) رَكْعَةً (وَقِيلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ) رَكْعَةً، وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ، وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعٌ ثُمَّ تِسْعٌ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَيَحْصُلُ بِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيَّ:«أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ» وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهَا حَسَبَتْ فِيهِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ. (وَلِمَنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ الْفَصْلُ) بَيْنَ الرَّكَعَاتِ بِالسَّلَامِ فَيَنْوِي رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا مِنْ الْوَتْرِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ الْوَصْلِ الْآتِي لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ بِالسَّلَامِ وَغَيْرِهِ (وَالْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ) فِي الْآخِرَةِ (أَوْ تَشَهُّدَيْنِ فِي الْآخِرَتَيْنِ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ:«كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ بِتَسْلِيمٍ»، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِخَمْسٍ لَا يَجْلِسُ إلَّا فِي آخِرِهَا»،«وَقَالَتْ: لَمَّا سُئِلَتْ عَنْ وَتْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ إلَّا فِي الثَّامِنَةِ وَلَا يُسَلِّمُ، وَالتَّاسِعَةُ ثُمَّ يُسَلِّمُ»، رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَلَا يَجُوزُ فِي الْوَصْلِ أَكْثَرُ مِنْ تَشَهُّدَيْنِ وَلَا فِعْلُ أَوَّلِهِمَا قَبْلَ الْآخِرَتَيْنِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَوَقْتُهُ بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ«إنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ وَهِيَ الْوَتْرُ فَجَعَلَهَا فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ» وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ«فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ» وَقِيلَ وَقْتُهُ وَقْتُ الْعِشَاءِ (وَقِيلَ: شَرْطُ الْإِيثَارِ بِرَكْعَةٍ سَبْقُ نَفْلٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ) مِنْ سُنَّتِهَا أَوْ غَيْرِهَا لِيُوتِرَ النَّفْلَ (وَيُسَنُّ جَعْلُهُ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ«اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» فَمَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ أَيْ تَنَفُّلٌ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ نَوْمٍ يُؤَخِّرُ الْوَتْرَ لِيَفْعَلَهُ بَعْدَ التَّهَجُّدِ وَمَنْ لَا تَهَجُّدَ لَهُ يُوتِرُ بَعْدَ رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ، وَوِتْرُهُ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ مَنْ لَا تَهَجُّدَ لَهُ إذَا وَثِقَ بِاسْتِيقَاظِهِ أَوَاخِرَ اللَّيْلِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْوَتْرَ لِيَفْعَلَهُ آخِرَ اللَّيْلِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ«مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ» (فَإِنْ أَوْتَرَ ثُمَّ تَهَجَّدَ لَمْ يُعِدْهُ) لِحَدِيثِ«لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. (وَقِيلَ: يَشْفَعُهُ بِرَكْعَةٍ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا أَوَّلَ التَّهَجُّدِ. (ثُمَّ يُعِيدُهُ) بَعْدَ تَمَامِ التَّهَجُّدِ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ (وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ آخِرَ وَتْرِهِ) بِثَلَاثٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي الْوَتْرِ بِرَكْعَةٍ. (فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ) وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قَنَتَ فِيهِ لَمَّا جَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَيْهِ فَصَلَّى بِهِمْ أَيْ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ. (وَقِيلَ:) فِي (كُلِّ السَّنَةِ) لِإِطْلَاقِ مَا تَقَدَّمَ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ مِنْ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْنُتُ فِي وَتْرِ اللَّيْلِ وَعَلَّمَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قُنُوتَ الْوَتْرِ». (وَهُوَ كَقُنُوتِ الصُّبْحِ) فِي لَفْظِهِ وَمَحَلِّهِ وَالْجَهْرِ بِهِ وَاقْتِضَاءِ السُّجُودِ بِتَرْكِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ. (وَيَقُولُ قَبْلَهُ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك إلَى آخِرِهِ) أَيْ: وَنَسْتَهْدِيك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ نُسْرِعُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِالْكَفَّارِ مُلْحَقٌ. هَذَا مَا فِي الْمُحَرَّرِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِنَحْوِهِ مِنْ فِعْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (قُلْت: الْأَصَحُّ) يَقُولُهُ (بَعْدَهُ). قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ قُنُوتَ الصُّبْحِ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَتْرِ أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَنُوتَيْنِ لِلْمُنْفَرِدِ وَلِإِمَامِ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ وَأَنَّ غَيْرَهُمَا يَقْتَصِرُ عَلَى قُنُوتِ الصُّبْحِ. (وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوَتْرِ) الْمَأْتِيِّ بِهِ. (عَقِبَ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِنَاءً عَلَى نَدْبِهَا فِي التَّرَاوِيحِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ الْآتِي. وَقَوْلُهُ عَقِبَ وَجَمَاعَةً جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إذَا اسْتَحْبَبْنَا الْجَمَاعَةَ فِي التَّرَاوِيحِ نَسْتَحِبُّهَا فِي الْوَتْرِ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَصْدُقُ مَعَ فِعْلِهَا جَمَاعَةً وَفُرَادَى وَمَعَ كَوْنِ الْوَتْرِ عَقِبَهَا وَمُتَرَاخِيًا عَنْهَا وَلَوْ أَرَادَ تَهَجُّدًا بَعْدَ التَّرَاوِيحِ أَخَّرَ الْوَتْرَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالتَّنْبِيهِ، وَوَتْرُ غَيْرَ رَمَضَانَ لَا يُنْدَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ (وَمِنْهُ) أَيْ الْقِسْمُ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الضُّحَى وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا ثَنَتَا عَشْرَةَ) رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:«أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ:«صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا قَرِيبٌ مِنْهُ. وَالسُّبْحَةُ بِضَمِّ السِّينِ الصَّلَاةُ، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إنْ صَلَّيْت الضُّحَى عَشْرًا لَمْ يُكْتَبْ لَك ذَلِكَ الْيَوْمَ ذَنْبٌ، وَإِنْ صَلَّيْتهَا ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَك بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ». رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ فِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ، وَضَعَّفَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ فِيهِ: أَكْثَرُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَرْبَعٌ، وَأَفْضَلُ مِنْهُ سِتٌّ، ثُمَّ وَقْتُهَا فِيمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الِاسْتِوَاءِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ إلَى الزَّوَالِ. وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَقْتُ الضُّحَى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ارْتِفَاعِهَا. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبْعٌ وَإِنْ لَمْ يَحْكِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِمَعْنَى الضُّحَى، وَهُوَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ حِينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَمِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ: وَوَقْتُهَا إذَا أَشْرَقَتْ الشَّمْسُ إلَى الزَّوَالِ، أَيْ أَضَاءَتْ وَارْتَفَعَتْ بِخِلَافِ شَرَقَتْ فَمَعْنَاهُ طَلَعَتْ. (وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) لِدَاخِلِهِ عَلَى وُضُوءٍ (رَكْعَتَانِ) قَبْلَ الْجُلُوسِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ«إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ». قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَإِنْ صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ وَكَانَتْ كُلُّهَا تَحِيَّةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ. (وَتَحْصُلُ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ آخَرَ) سَوَاءٌ نُوِيَتْ مَعَهُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَلَاةٍ قَبْلَ الْجُلُوسِ، وَقَدْ وُجِدَتْ بِمَا ذُكِرَ، وَلَا يَضُرُّهُ نِيَّةُ التَّحِيَّةِ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ خِلَافَ نِيَّةِ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ مَقْصُودَةٍ فَلَا تَصِحُّ. (لَا بِرَكْعَةٍ) أَيْ لَا تَحْصُلُ بِهَا التَّحِيَّةُ (عَلَى الصَّحِيحِ قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (وَكَذَا الْجِنَازَةُ وَسَجْدَةُ تِلَاوَةٍ وَ) سَجْدَةُ (شُكْرٍ) أَيْ لَا تَحْصُلُ بِهَا التَّحِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَالثَّانِي تَحْصُلُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ لِحُصُولِ الْإِكْرَامِ بِهَا الْمَقْصُودِ مِنْ الْحَدِيثِ. (وَتَتَكَرَّرُ) التَّحِيَّةُ (بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ عَلَى قُرْبٍ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَالْبُعْدِ، وَالثَّانِي لَا لِلْمَشَقَّةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ زَادَهَا فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا. (وَيَدْخُلُ وَقْتُ الرَّوَاتِبِ قَبْلَ الْفَرْضِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ بِفِعْلِهِ وَيَخْرُجُ النَّوْعَانِ) أَيْ وَقْتُهُمَا (بِخُرُوجِ وَقْتِ الْفَرْضِ) فَفِعْلُ الْقَبْلِيَّةَ فِيهِ بَعْدَ الْفَرْضِ أَدَاءٌ. (وَلَوْ فَاتَ النَّفْلُ الْمُؤَقَّتُ) كَصَلَاتَيْ الْعِيدِ وَالضُّحَى وَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ. (نُدِبَ قَضَاؤُهُ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا تَقْتَضِي الْفَرَائِضُ بِجَامِعِ التَّأْقِيتِ، وَالثَّانِي لَا يُنْدَبُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّأْقِيتِ فِي الْعِبَادَةِ اشْتِرَاطُ الْوَقْتِ فِي الِاعْتِدَادِ بِهَا خُولِفَ ذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ لِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَرَدَ فِيهَا كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ«مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَالثَّالِثُ يَقْضِي الْمُسْتَقِلَّ كَالْعِيدِ وَالضُّحَى لِمُشَابَهَتِهِ الْفَرَائِضَ فِي الِاسْتِقْلَالِ بِخِلَافِ رَوَاتِبِهَا. وَكُلُّ هَذَا بِالنَّظَرِ إلَى الْقِيَاسِ، وَاسْتُدِلَّ لِلْأَوَّلِ بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَبِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«قَضَى رَكْعَتَيْ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْمُتَأَخِّرَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ«وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بَعْدَ الشَّمْسِ لَمَّا نَامَ فِي الْوَادِي عَنْ الصُّبْحِ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَفِي مُسْلِمٍ نَحْوُهُ، ثُمَّ عَلَى الْقَضَاءِ يَقْضِي أَبَدًا، وَفِي قَوْلٍ: يَقْضِي فَائِتَ النَّهَارِ مَا لَمْ تَغْرُبْ شَمْسُهُ، وَفَائِتُ اللَّيْلِ مَا لَمْ يَطْلُعْ فَجْرُهُ. وَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ فِي غَيْرِ الْمُؤَقَّتِ مِمَّا لَهُ سَبَبٌ كَالتَّحِيَّةِ. (وَقِسْمٌ يُسَنُّ جَمَاعَةً كَالْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ) لِمَا سَيَأْتِي فِي أَبْوَابِهَا (وَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّا لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) لِتَأَكُّدِهِ بِسِنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهِ (لَكِنَّ الْأَصَحَّ تَفْضِيلُ الرَّاتِبَةِ) لِلْفَرَائِضِ (عَلَى التَّرَاوِيحِ) بِنَاءً عَلَى سَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّاتِبَةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَدِلَّتِهَا السَّابِقَةِ دُونَ التَّرَاوِيحِ لِمَا سَيَأْتِي فِيهَا، وَالثَّانِي تَفْضِيلُ التَّرَاوِيحِ عَلَى الرَّاتِبَةِ لِسَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، فَإِنْ قُلْنَا لَا تُسَنُّ فِيهَا فَالرَّاتِبَةُ أَفْضَلُ مِنْهَا جَزْمًا. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي التَّرَاوِيحِ) وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ لَيَالِيَ مِنْ رَمَضَانَ وَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى النَّاسُ بِصَلَاتِهِ فِيهَا وَتَكَاثَرُوا فَلَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ فِي الرَّابِعَةِ. وَقَالَ لَهُمْ صَبِيحَتَهَا: خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجَزُوا عَنْهَا» وَرَوَى ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ، فَلَمَّا كَانَتْ الْقَابِلَةُ اجْتَمَعْنَا فِي الْمَسْجِدِ وَرَجَوْنَا أَنْ يَخْرُجَ إلَيْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا»، الْحَدِيثُ. وَكَأَنَّ جَابِرًا إنَّمَا حَضَرَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَمَا رُوِيَ«أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً» كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَانْقَطَعَ النَّاسُ عَنْ فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ إلَى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَفَعَلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَجَمَعَهُمْ عُمَرُ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلَّى بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يَنَامُوا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةٍ. وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ، وَسُمِّيَتْ كُلُّ أَرْبَعٍ مِنْهَا تَرْوِيحَةً لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَرَوَّحُونَ عَقِبَهَا أَيْ يَسْتَرِيحُونَ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا تَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ، بَلْ يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ قَالَ: وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ تَصِحَّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَا أَفْضَلُ كَغَيْرِهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّيَاءِ وَرُجُوعِ النَّبِيِّ إلَيْهِ بَعْدَ اللَّيَالِي السَّابِقَةِ. (وَلَا حَصْرَ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ،«قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ اسْتَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ مِنْ رَكْعَةٍ وَأَكْثَرَ، سَوَاءً عَيَّنَ ذَلِكَ فِي نِيَّتِهِ أَمْ أَطْلَقَهَا، وَيَتَشَهَّدُ فِي الرَّكْعَةِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا. (فَإِنْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ فَلَهُ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) فِي الْعَدَدِ الشَّفْعِ كَمَا فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَفِي الْعَدَدِ الْوَتْرِ يَأْتِي بِتَشَهُّدٍ فِي الْآخِرَةِ (وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ) لِجَوَازِ التَّطَوُّعِ بِهَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ مَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ. (قُلْت: الصَّحِيحُ مَنْعُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَا عَهْدَ بِذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَشَهُّدٍ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفَرِيضَةِ لَجَازَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ قَرَأَ السُّورَةَ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ وَإِنْ أَتَى بِتَشَهُّدَيْنِ فَفِي قِرَاءَتِهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ الْقَوْلَانِ فِي الرَّوْضَةِ. (وَإِذَا نَوَى عَدَدًا فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ) عَلَيْهِ (وَ) أَنْ (يَنْقُصَ) عَنْهُ (بِشَرْطِ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ قَبْلَ التَّغْيِيرِ عَمْدًا (فَتَبْطُلُ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا نَوَاهُ (فَلَوْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ سَهْوًا) فَتَذَكَّرَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ لِلزِّيَادَةِ إنْ شَاءَ) هَا، ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ، وَالثَّانِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقُعُودِ فِي إرَادَةِ الزِّيَادَةِ، بَلْ يَمْضِي فِيهَا كَمَا لَوْ نَوَاهَا قَبْلَ الْقِيَامِ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ الزِّيَادَةَ قَعَدَ وَتَشَهَّدَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ نَوَى رَكْعَةً فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا بِشَرْطِ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ كَمَا سَبَقَ. (قُلْت: نَفْلُ اللَّيْلِ) أَيْ النَّفْلُ الْمُطْلَقُ فِيهِ (أَفْضَلُ) مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي النَّهَارِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ«أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ». (وَأَوْسَطُهُ أَفْضَلُ) مِنْ طَرَفَيْهِ (ثُمَّ آخِرُهُ) أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ النِّصْفُ الثَّانِي أَفْضَلُ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثُّلُثُ الْأَوْسَطُ أَفْضَلُ الْأَثْلَاثِ، وَأَفْضَلُ مِنْهُ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ«سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ ؟ فَقَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ» وَقَالَ:«أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» وَقَالَ«يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي: فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ». رَوَى الْأَوَّلَ مُسْلِمٌ وَالثَّانِيَيْنِ الشَّيْخَانِ، وَمَعْنَى يَنْزِلُ رَبُّنَا يَنْزِلُ أَمْرُهُ (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ بِأَنْ يَنْوِيَهُمَا أَوْ يُطْلِقَ النِّيَّةَ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ. (وَيُسَنُّ التَّهَجُّدُ) هُوَ التَّنَفُّلُ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ نَوْمٍ قَالَ تَعَالَى:«وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ» (وَيُكْرَهُ قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا)«قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ. فَقُلْت بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِك عَلَيْك حَقًّا» إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَوْلُهُ: دَائِمًا احْتِرَازًا عَنْ إحْيَاءِ لَيَالٍ مِنْهُ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَحْيَا اللَّيْلَ». (وَ) يَكْرَه (تَخْصِيص لَيْلَة الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ«لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي» (وَ) يُكْرَهُ (تَرْكُ تَهَجُّدٍ اعْتَادَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)«قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ تَرَكَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.. كتاب صلاة الجماعة: أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ، وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِعَادَةِ (هِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ (فِي الْفَرَائِضِ غَيْرَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَوَاظَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَعْدِ الْهِجْرَةِ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ هَيْئَةِ الْجُمُعَةِ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي عَشْرَةِ آلَافٍ لَهُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَمَنْ صَلَّى فِي اثْنَيْنِ لَهُ كَذَلِكَ، لَكِنَّ دَرَجَاتِ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، فَتَكُونُ فِيهَا فَرْضَ عَيْنٍ كَمَا عَبَّرُوا بِهِ هُنَا، وَقَوْلُهُ غَيْرَ بِالنَّصْبِ بِمَعْنَى إلَّا أُعْرِبَتْ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى وَأُضِيفَتْ إلَيْهِ كَمَا نُقَرِّرُ فِي عِلْمِ النَّحْوِ (وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ لِلرِّجَالِ فَتَجِبُ بِحَيْثُ يَظْهَرُ الشِّعَارُ فِي الْقَرْيَةِ) مَثَلًا فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ يَكْفِي إقَامَتُهَا فِي مَوْضِعٍ، وَفِي الْكَبِيرَةِ وَالْبَلَدِ تُقَامُ فِي الْمَحَالِّ، فَلَوْ أَطْبَقُوا عَلَى إقَامَتِهَا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ. (فَإِنْ امْتَنَعُوا كُلُّهُمْ) مِنْ إقَامَتِهَا عَلَى مَا ذَكَرَ (قُوتِلُوا) أَيْ قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَعَلَى السُّنَّةِ لَا يُقَاتَلُونَ، وَقِيلَ نَعَمْ حَذَرًا مِنْ إمَاتَتِهَا. (وَلَا يَتَأَكَّدُ النَّدْبُ لِلنِّسَاءِ تَأَكُّدَهُ لِلرِّجَالِ فِي الْأَصَحِّ) لِمَزِيَّتِهِمْ عَلَيْهِنَّ، قَالَ تَعَالَى{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} وَالثَّانِي نَعَمْ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، فَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَيْسَتْ فِي حَقِّهِنَّ فَرْضًا جَزْمًا. (قُلْت الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (وَقِيلَ) فَرْضُ (عَيْنٍ) وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) الْأَوَّلُ لِحَدِيثِ«مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ» أَيْ غَلَبَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِي وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا لِحَدِيثِ«لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ وَرَدَ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُصَلُّونَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْخِلَافُ فِي الْمُؤَدَّاةِ. أَمَّا الْمَقْضِيَّةُ فَلَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا فَرْضَ عَيْنٍ وَلَا كِفَايَةٍ قَطْعًا وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الصُّبْحَ جَمَاعَةً حِينَ فَاتَتْهُمْ بِالْوَادِي». وَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ سُنِّيَّتَهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَّفِقُ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ، كَأَنْ يَفُوتَهُمَا ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَالْمَنْذُورَةُ لَا تُشْرَعُ الْجَمَاعَةُ فِيهَا أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَتَقَدَّمَ مَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّفْلِ فِي بَابِهِ. (وَ) الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ أَفْضَلُ) مِنْهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَالْبَيْتِ وَجَمَاعَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ:«أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» أَيْ فَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ. وَقَالَ:«لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وَإِمَامَةُ الرَّجُلِ لَهُنَّ أَفْضَلُ مِنْ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ، وَحُضُورُهُنَّ الْمَسْجِدَ فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ يُكْرَهُ لِلشَّوَابِّ دُونَ الْعَجَائِزِ خَوْفَ الْفِتْنَةِ. (وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ) مِنْ الْمَسَاجِدِ (أَفْضَلُ) مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ. (إلَّا لِبِدْعَةِ إمَامِهِ) كَالْمُعْتَزِلِيِّ (أَوْ تَعَطُّلِ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ لِغَيْبَتِهِ) عَنْهُ بِكَوْنِهِ إمَامَهُ أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ، فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي ذَلِكَ. (وَإِدْرَاكُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) مَعَ الْإِمَامِ (فَضِيلَةٌ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّحَرُّمِ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ) بِخِلَافِ الْمُتَرَاخِي عَنْهُ. (وَقِيلَ:) تَحْصُلُ (بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الْقِيَامِ وَقِيلَ بِأَوَّلِ رُكُوعٍ) أَيْ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَسِيطِ، وَأَقَرَّهُ الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ فِيمَنْ لَمْ يَحْضُرْ إحْرَامَ الْإِمَامِ، فَأَمَّا مَنْ حَضَرَهُ وَأَخَّرَ فَقَدْ فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّكْبِيرَةِ وَإِنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ. (وَالصَّحِيحُ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ الْإِمَامُ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُ بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ، وَالثَّانِي لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَا يُحْسَبُ مِنْ صَلَاتِهِ، وَدُفِعَ بِحُسْبَانِ التَّحَرُّمِ، فَتَحْصُلُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَكِنْ دُونَ فَضِيلَةِ مَنْ أَدْرَكَهَا مِنْ أَوَّلِهَا. (وَلْيُخَفِّفْ الْإِمَامُ) نَدْبًا (مَعَ فِعْلِ الْأَبْعَاضِ) وَالْهَيْئَاتِ أَيْ السُّنَنِ غَيْرَ الْأَبْعَاضِ فَيُخَفِّفُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُنْفَرِدِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ وَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالْأَصْلُ فِي التَّخْفِيفِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ«إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ» وَغَيْرُهُ. (إلَّا أَنْ يَرْضَى بِتَطْوِيلِهِ مَحْصُورُونَ) أَيْ لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ، فَلَا بَأْسَ بِالتَّطْوِيلِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ: يُسْتَحَبُّ. (وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ) لِيَلْحَقَ آخَرُونَ، أَوْ رَجُلٌ شَرِيفٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لِتَضَرُّرِ الْمُقْتَدِينَ بِهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ فِي سُوقٍ أَوْ مَحَلَّةٍ وَعَادَةُ النَّاسِ يَأْتُونَهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ فَوْجًا فَوْجًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّجُلُ الْمُنْتَظِرُ مَشْهُورًا بِعِلْمِهِ وَدِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ. (وَلَوْ أَحَسَّ) الْإِمَامُ (فِي الرُّكُوعِ أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِدَاخِلٍ) يَقْتَدِي بِهِ. (لَمْ يُكْرَهْ انْتِظَارُهُ فِي الْأَظْهَرِ إنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ) أَيْ الِانْتِظَارِ. (وَلَمْ يَفْرُقْ) بِضَمِّ الرَّاءِ (بَيْنَ الدَّاخِلِينَ) بِانْتِظَارِ بَعْضِهِمْ لِصَدَاقَةٍ أَوْ سِيَادَةٍ مَثَلًا دُونَ بَعْضٍ، بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ تَعَالَى، لَا لِلتَّوَدُّدِ إلَيْهِمْ وَاسْتِمَالَةِ قُلُوبِهِمْ. (قُلْت: الْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُ انْتِظَارِهِ) بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَأَصْلُ الْخِلَافِ هَلْ يَنْتَظِرُهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ حَكَاهُمَا كَمَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَثِيرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الْكَرَاهَةِ نَافِينَ الِاسْتِحْبَابَ، وَآخَرُونَ فِي الِاسْتِحْبَابِ نَافِينَ الْكَرَاهَةَ، فَمَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يُسْتَحَبُّ، فَحَصَلَ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ أَقْوَالٌ يُكْرَهُ يُسْتَحَبُّ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِمَا رَجَّحَهُ أَيْ يُبَاحُ كَمَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهُ الْكَرَاهَةِ مَا فِيهِ مِنْ التَّطْوِيلِ الْمُخَالِفِ لِلْأَمْرِ بِالتَّخْفِيفِ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْبَابِ الْإِعَانَةُ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْجَمَاعَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَوَجْهُ الْإِبَاحَةِ الرُّجُوعُ إلَى الْأَصْلِ لِتَسَاقُطِ الدَّلِيلَيْنِ بِتَعَارُضِهِمَا وَدُفِعَ التَّعَارُضُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّخْفِيفِ عَدَمُ الْمَشَقَّةِ، وَالِانْتِظَارُ الْمَذْكُورُ لَا يَشُقُّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَحَيْثُ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ الْمَشْرُوطِ الْمَذْكُورَةِ يُجْزَمُ بِكَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، وَبِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ أَيْ بِإِبَاحَتِهِ عَلَى الثَّانِي (وَلَا يَنْتَظِرُ فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ الْقِيَامِ وَغَيْرِهِ جَزْمًا أَيْ يُجْزَمُ بِكَرَاهَتِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَقِيلَ: يُطْرَدُ الْخِلَافُ فِيهِ لِإِفَادَةِ بَرَكَةِ الْجَمَاعَةِ. (وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) صَلَاةٌ مِنْ الْخَمْسِ (وَحْدَهُ، وَكَذَا جَمَاعَةٌ فِي الْأَصَحِّ إعَادَتُهَا مَعَ جَمَاعَةٍ يُدْرِكُهَا) فِي الْوَقْتِ«قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحَ لِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، وَقَالَا: صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا: إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ بِالِانْفِرَادِ وَالْجَمَاعَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُقْصِرُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ قَدْ حَصَلَ فَضِيلَتُهَا فَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ الْإِعَادَةُ، وَجَوَابُهُ مَنْعُ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ اسْتَوَتْ الْجَمَاعَتَانِ أَمْ زَادَتْ الثَّانِيَةُ بِفَضِيلَةٍ، كَكَوْنِ الْإِمَامِ أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ، أَوْ الْجَمْعِ أَكْثَرَ، أَوْ الْمَكَانِ أَشْرَفَ، وَقِيلَ: لَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ فِي المستويتين، وَالْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى أَفْضَلَ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الِاسْتِحْبَابُ فِي ذَلِكَ. (وَفَرْضُهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ. (الْأُولَى فِي الْجَدِيدِ) لِمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي الْقَدِيمِ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا يَحْتَسِبُ اللَّهَ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا فَيَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ. (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْجَدِيدِ (أَنَّهُ يَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ) أَيْضًا، وَالثَّانِي وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يَنْوِي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ مَثَلًا، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْفَرْضِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الرَّاجِحُ اخْتِيَارُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَلَّى إذَا رَأَى مَنْ يُصَلِّي تِلْكَ الْفَرِيضَةَ وَحْدَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُ لِتَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَهَذَا اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ فِي الْمُهَذَّبِ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ«أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ ؟ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَقَلَّ مِنْ الْأُولَى وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الشَّفَاعَةُ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَ الْحَاضِرِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ مَعَهُ وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ. (وَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ. (وَإِنْ قُلْنَا) هِيَ (سُنَّةٌ) لِتَأَكُّدِهَا (إلَّا بِعُذْرٍ) لِحَدِيثِ«مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَوْلُهُ«لَا صَلَاةَ» أَيْ كَامِلَةٌ، (عَامٍّ كَمَطَرٍ) لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا لِبَلِّهِ الثَّوْبَ وَمِثْلُهُ ثَلْجٌ يَبُلُّ الثَّوْبَ. (أَوْ رِيحٍ عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدَةٍ (بِاللَّيْلِ) لِعِظَمِ مَشَقَّتِهَا فِيهِ دُونَ النَّهَارِ. (وَكَذَا وَحَلٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (شَدِيدٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَلْوِيثِهِ الرِّجْلَ بِالْمَشْيِ فِيهِ، وَالثَّانِي قَالَ يُعْتَدُّ لَهُ بِالْخُفِّ وَنَحْوِهِ. (أَوْ خَاصٍّ كَمَرَضٍ) لِمَشَقَّةِ الْمَشْيِ مَعَهُ (وَحَرٍّ وَبَرْدٍ شَدِيدَيْنِ) لِمَشَقَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهِمَا لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ عَلَى الظُّهْرِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ أَوَّلَ الْكَلَامِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ فِي مَعْنَاهَا، وَلَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَذُكِرَا هُنَا كَالْمُحَرَّرِ مِنْ الْخَاصِّ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ مِنْ الْعَامِّ لِأَنَّهُمَا قَدْ يُحِسُّ بِهِمَا ضَعِيفُ الْخِلْقَةِ دُونَ قَوِيِّهَا، فَيَكُونَانِ مِنْ الْخَاصِّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا قَوِيُّ الْخِلْقَةِ، فَيُحِسُّ بِهِمَا ضَعِيفُهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى، فَيَكُونَانِ مِنْ الْعَامِّ. (وَجُوعٍ وَعَطَشٍ ظَاهِرَيْنِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَحَضَرَهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ فَيَبْدَأُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، فَيَأْكُلُ لُقَمًا تَكْسِرُ حِدَّةَ الْجُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَالسَّوِيقِ وَاللَّبَنِ. (وَمُدَافَعَةِ حَدَثٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ، فَيَبْدَأُ بِتَفْرِيغِ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُكْرَهُ مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، فَلَا تُطْلَبُ مَعَهَا فَضْلًا عَنْ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ شَدِيدَيْنِ إلَى مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ لِيُخَالِفَ التَّعْبِيرَ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ، وَعَنْ قَوْلِهِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا الْأَخْبَثَيْنِ، بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ إلَى حَدَثٍ لِيَشْمَلَ الرِّيحَ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ. (وَخَوْفِ ظَالِمٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) لَهُ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْخَوْفِ مِمَّنْ يُطَالِبُهُ بِحَقٍّ هُوَ ظَالِمٌ فِي مَنْعِهِ بَلْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَتَوْفِيَةُ ذَلِكَ الْحَقِّ. (وَ) خَوْفِ (مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ مُعْسِرٍ) بِإِضَافَةِ غَرِيمٍ كَمَا قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: الْمَعْنَى أَنْ يَخَافَ مُلَازَمَةَ غَرِيمٍ لَهُ بِأَنْ يَرَاهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يَجِدُ وَفَاءً لِدَيْنِهِ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَعَسُرَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ ذَلِكَ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ وَالدَّائِنِ، وَلَفْظُ الْمُحَرَّرِ أَوْ خَافَ مِنْ حَبْسِ الْغَرِيمِ وَمُلَازَمَتِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَطَفَ الْمُلَازَمَةَ بِأَوْ. (وَعُقُوبَةٍ يُرْجَى تَرْكُهَا إنْ تَغَيَّبَ أَيَّامًا) بِأَنْ يُعْفَى عَنْهَا كَالْقِصَاصِ مَجَّانًا، أَوْ عَلَى مَالٍ، وَكَحَدِّ الْقَذْفِ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ الْعَفْوَ كَحَدِّ السَّرِقَةِ، وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ التَّغَيُّبِ لِمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ بِأَنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرٌ وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَهَذَا التَّغَيُّبُ طَرِيقٌ إلَيْهِ (وَعُرْيٍ) وَإِنْ وُجِدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْتَادَهُ (وَتَأَهُّبٍ لِسَفَرٍ مَعَ رُفْقَةٍ) تَرْحَلُ لِلْمَشَقَّةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهُمْ. (وَأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) كَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ وَثُومٍ نِيءٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إزَالَةُ رِيحِهِ بِغَسْلٍ وَمُعَالَجَةٍ لِلتَّأَذِّي بِهِ بِخِلَافِ الْمَطْبُوخِ لِقِلَّةِ مَا يَبْقَى مِنْ رِيحِهِ فَيُغْتَفَرُ، وَأَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ- وَهُوَ نِيءٌ- اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِكَرِيهٍ، وَلَوْ ذَكَرَهُ كَانَ أَوْضَحَ وَأَحْسَنَ. (وَحُضُورِ قَرِيبٍ مُحْتَضَرٍ) أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَإِنْ كَأَنْ لَهُ مُتَعَهِّدٌ لِتَأَلُّمِ قَرِيبِهِ بِغَيْبَتِهِ عَنْهُ (أَوْ مَرِيضٍ) عَطْفٌ عَلَى مُحْتَضَرٍ. (بِلَا مُتَعَهِّدٍ أَوْ) لَهُ مُتَعَهِّدٌ، لَكِنْ (يَأْنَسُ بِهِ) أَيْ بِالْحَاضِرِ لِتَضَرُّرِ الْمَرِيضِ بِغَيْبَتِهِ، فَحِفْظُهُ أَوْ تَأْنِيسُهُ أَفْضَلُ مِنْ حِفْظِ الْجَمَاعَةِ وَالْمَمْلُوكِ الزَّوْجَةِ وَكُلِّ مَنْ لَهُ مُصَاهَرَةٌ، وَالصَّدِيقُ كَالْقَرِيبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَهُ مُتَعَهِّدٌ، أَمَّا الَّذِي لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ فَالْحُضُورُ عِنْدَهُ عُذْرٌ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ التَّمْرِيضُ عُذْرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ مُتَعَهِّدٌ، وَلَوْ كَانَ الْمُتَعَهِّدُ مَشْغُولًا بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ مَثَلًا عَنْ الْخِدْمَةِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَهِّدٌ.
|