الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
فأجاب فضيلته بقوله: صلاة الجماعة اتفق العلماء على أنها من أجل الطاعات، وأوكدها، وأفضلها، وقد ذكرها الله تعالى في كتابه، وأمر بها حتى في صلاة الخوف فقال الله تعالى: وفي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأحاديث العدد الكثير الدال على وجوب صلاة الجماعة، مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: وكقوله -صلى الله عليه وسلم- وكقوله -صلى الله عليه وسلم- للرجل الأعمى الذي طلب منه أن يرخص له والنظر الصحيح يقتضي وجوبها، فإن الأمة الإسلامية أمة واحدة، ولا يتحقق كمال إلا بكونها تجتمع على عبادتها وأجل العبادات وأفضلها و أو كدها الصلاة، فكان من الواجب على الأمة الإسلامية أن تجتمع على هذه الصلاة. وقد اختلف العلماء رحمهم الله بعد اتفاقهم على أنها من أو كد العبادات وأجل الطاعات اختلفوا هل هي شرط لصحة الصلاة؟ أو أن الصلاة تصح بدونها مع الإثم؟ مع خلافات أخرى. والصحيح: أنها واجب للصلاة، وليست شرط في صحتها، لكن من تركها فهو آثم إلا أن يكون له عذر شرعي، ودليل كونها ليست شرطاً لصحة الصلاة أن الرسول عليه الصلاة والسلام فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ. وتفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ يدل على أن في صلاة الفذ فضلاً، وذلك لا يكون إلا إذا كانت صحيحة. وعلى كل حال فيجب على المسلم العاقل الذكر البالغ أن يشهد صلاة الجماعة سواء كان ذلك في السفر أم في الحضر. فأجاب فضيلته بقوله: ننصح هؤلاء بأن يتقوا الله سبحانه وتعالى ويصلوا الجماعة مع المسلمين في المساجد فإن الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أن صلاة الجماعة واجبة في المساجد وأنه لا يجوز للرجل أن يتخلف عن صلاة الجماعة في المساجد إلا إذا كان لعذر، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول فقال (حيث ينادى بهن)، و (حيث) ظرف مكان، أي فليحافظ عليها في المكان الذي ينادى لها فيه. هذا في الصلوات الخمس. أما الجمعة فواجبة في المساجد قطعاً. وأما النافلة فيقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: الواجب على هؤلاء الجماعة الذين هم في مسكن أن يصلوا في المساجد، ولا يجوز لأحد، أو لجماعة أن يصلوا في البيت والمسجد قريب منهم، أما إذا كان المسجد بعيداً ولا يسمعون النداء فلا حرج عليهم أن يصلوا جماعة في البيت، وتهاون بعض الناس في هذه المسألة مبني على لبعض العلماء - رحمهم الله - من أن المقصود في الصلاة الجماعة أن يجتمع الناس على الصلاة ولو في غير المسجد، فإذا صلى الناس جماعة ولو في بيوتهم فإنهم قد قاموا بالواجب. ولكن الصحيح أنه لابد أن تكون الجماعة في المساجد لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيجب على تلك المجموعة أن يصلوا مع الجماعة في المسجد إلا إذا كانوا بعيدين يشق عليهم. فأجاب فضيلته بقوله: هؤلاء الذين لا يصلون مع الجماعة لاشك أنهم تركوا واجباً من الواجبات التي دل عليها كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فإن الله أوجب الجماعة في حال الخوف، فقال تعالى: وأما الأحاديث فوجوب الجماعة فيها ظاهر فمن ترك الصلاة مع الجماعة فهو آثم، بل قال بعض العلماء: إن من ترك الصلاة مع الجماعة بلا عذر فصلاته باطلة، وهو إحدى الروايات عن الإمام احمد - رحمه الله - أختارها شيخ الإسلام ابن تيميه، رحمه الله - فهؤلاء الذين يتركون الجماعة يجب على جميع إخوانهم المسلمين ولا سيما أقاربهم أن يبادلوهم النصيحة، ويخوفوهم من الله عز وجل، ولا يحل هجرهم بهذه المعصية إلا أن يكون هجرهم سبباً لاستقامتهم وقيامهم بالواجب فيجوز هجرهم بعد نصيحتهم وإصرارهم على المعصية. فأجاب فضيلته بقوله: عملكم هذا غير جائز، والواجب عليكم أن تصلوا مع جماعة المسلمين في المسجد، لأن رجلا استأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة في بيته فقال: ولك الحق في أن تقيمهم من الحوش لتصلوا مع الجماعة بل هذا واجب عليك، في 23 / 7 / 1410هـ. فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: نحن مجموعة من المشاركين في مؤتمر....... والمنعقد في منطقة...... وقد قدمنا من خارج المنطقة....... وحددت مهمة بعضنا بخمسة أيام وبعضنا الآخر بثلاثة أيام، ولا نعلم أحكام الصلاة في سفرنا هذا، هل نصلي جمع وقصر، أو قصر بدون جمع أو يلزمنا أداء الصلاة في المساجد؟ أفيدونا أفادكم الله. فأجاب فضيلته بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة وبركاته. الأصل أن الجماعة تلزمكم في المساجد مع الناس إذا كنتم في مكان تسمعون فيه النداء بدون مكبر لقربكم من المسجد، فإن كنتم في مكان بعيد لا تسمعون فيه النداء لولا مكبر الصوت فصلوا جماعة في أماكنكم، وكذلك إذا كان في ذهابكم إلى المسجد إخلال بمهمتكم التي قدمتم من أجلها فصلوا جماعة في أماكنكم. ولكم قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين؛ لأنكم في سفر وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أقام عام الفتح في مكة تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة، وأقام في تبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة، وإقامتكم أنتم دون ذلك. أما الجمع فالأفضل أن لا تجتمعوا إلا أن يشق عليكم ترك الجمع فاجمعوا، وإن جمعتم بدون مشقة فلا حرج لأنكم على سفر. وفقكم الله وبارك فيكم. كتبه محمد الصالح العثيمين في 18 / 4 / 1413هـ. فضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين حفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد: أرجو من فضيلتكم الإجابة عن هذين السؤالين: السؤال الأول ويتكون من شقين: الأول: أننا نلحظ على بعض الشباب أو بعض العوائل يكونون متواجدين إما في حديقة أو استراحة ويدخل وقت الصلاة ويكون المسجد غير بعيد عنهم بحيث يسمعون الأذان، فهل لهم أن يصلوا جماعة في أماكنهم؟ الثاني: توجد في بعض الاستراحات ملاعب للكرة يلعبون بها بعد المغرب ويؤذن لصلاة العشاء فيكملون اللعب ولا يصلون إلا بعد خروج المصلين من مساجدهم بساعة تقريبا كونهم جماعة، ولكي لا يؤذوا المصلين برائحة العرق المنبعثة من أجسادهم بعد لعبهم الكرة، وعذرهم أيضاً بجواز تأخير صلاة العشاء عن وقتها، ما حكم عملهم هذا؟ الثالث: عادة عندما تقام مباراة في الملعب الرياضي يكون توقيت بدايتها بعد أذان العصر بعشرين دقيقة تقريبا، فنرى الكثير من الشباب يصلونها جماعات متفرقة بالأماكن المزروعة داخل المدينة الرياضية، ما حكم صلاتهم تلك؟ وعن الأرض المزروعة وحكم الصلاة فيها حيث إن بعض المزروعات تسقى بماء التصريف الصحي؟ أفتونا بذلك مأجورين، علماً بأن الكثير منا يجهل حكم ذلك، وجزاكم الله خيراً. فأجاب فضيلته بقوله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. جواب السؤال الأول: إذا كانوا يسمعون الأذان وإن لم يكن بالمكبر مكبر الصوت فعليهم الحضور إلى المسجد على القول الراجح ليحضروا جماعة، أما إذا كانوا لولا المكبر ما سمعوا الأذان فلهم الصلاة جماعة في أماكنهم. جواب السؤال الثاني: إذا الأمر كما ذكر أعني أنه تحصل لهم رائحة تؤذي أهل المسجد فإنهم يصلون في استراحتهم لئلا يتأذى الناس بهم. جواب السؤال الثالث: الجواب على ما كانوا داخل المدينة الرياضية أن يصلوا جميعاً خلف إمام واحد وأن يعطي المجتمعون مهلة يمكنهم فيها الوضوء والاجتماع في الغالب. أما الصلاة في الأماكن المزروعة فلا بأس بها بشرط أن يكبس على الأرض بجبهته حتى يمكنها من الأرض. والمياه الصحية إذا زال عنها أثر النجاسة بطعمها ولونها وريحها فهي طاهرة. كتبه محمد الصالح العثيمين في 16 / 3 / 1419هـ. فأجاب فضيلته بقوله: أما على المشهور من المذهب من أن الواجب صلاة الجماعة في مكانهم، وأما على رأي من يرى أنه يجب على الإنسان أن يصلي في المسجد، وأن الجماعة لابد أن تكون في المسجد كما هو القول الراجح؛ فالظاهر أن هؤلاء لا يلزمهم صلاة الجماعة في المسجد إذا كانوا إنما يسمعون صوت المؤذن بواسطة مكبر الصوت؛ وأنه لولا المكبر ما سمعوا، فالظاهر أنه لا يجب عليهم حضور الجماعة في الحال، لأن هذا السماع غير معتاد ولا ضابط له، ولا يقول قائل إن عموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: فأجاب فضيلته بقوله: النصيحة هي أن الله عز وجل قال لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: فأجاب فضيلته بقوله: أنشأ الناس ما يسمى بالاستراحات وفيها شئ من الأشجار والنبات، وصاروا يجلسون فيها من بعد صلاة العصر إلى منتصف الليل، أو قريبا من منتصف الليل، والغالب أنهم لا يحصلون على فائدة إلا مجرد ضياع الوقت، وأنس بعضهم ببعض وما أشبه ذلك، وقد تشتمل هذه الجلسات على شئ محرم، فقد سمعنا أن في بعض هذه الاستراحات توضع الدشوش التي لا يشك أحد اليوم في أنها تفسد الأخلاق وتدمر الأديان؛ لأنها تلتقط ما يبث في البلاد الفاسدة من بلاد الكفر وغيرها. فيكون عندهم هذا الدش، ثم يبقون يشاهدون ما يجلبه من المفاسد والمناكر؛ لأنهم يمارسونها ويشاهدونها، ومن المعلوم أن من اعتاد على شئ هان عليه، ويقال في المثل السائر: مع كثرة الإمساس يقل الإحساس. فهذه الاستراحات والأحواش يحصل فيها مثل هذه المفسدة، ويحصل فيها مفسدة أخرى، حيث يترك مرتادوها الصلاة مع الجماعة، فتجد هذا المكان قريباً من مسجد، يمكن أن يذهبوا إليه بكل راحة، فليسوا كالذين يكونوا في دائرة عمل، لو خرجوا إلى المسجد تفرقوا وتوزعوا وتعطل العمل، أو في المدرسة لو خرج الطلاب إلى المسجد لانتشروا في المسجد، وأساءوا إلى المسجد، أو تفرقوا إلى أهليهم ولم يصلوا، يعني: نحن لو عذرنا أصحاب المكاتب وأصحاب المدارس، إذا صلوا في مدارسهم ومكاتبهم، لم نعذر هؤلاء، لأن هؤلاء عدد محصور يمكن أن يذهبوا جميعاً ويرجعوا جميعاً، فلا عذر لهم فيما نرى، بترك الصلاة في المساجد حتى لو صلوا جماعة، فإن ذلك لا يكفي في حضور المسجد، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: وكذلك أوجه النصيحة إلى من يضع الدش في هذه الاستراحات، وأقول له أتق الله في نفسك، ولاتكن سبباً لفساد الأخلاق، ودمار الأديان، بما يشاهد في هذه الدشوش، كما أنني بالمناسبة أحذر صاحب كل بيت من أن يضع في بيته مثل هذا الدش؛ لأنه سوف يخلفه بعد موته، فيكون وبالاً عليه في حياته وبعد مماته. وإني أسأل واضع الدش في بيته وهو يرى هذه المناكر التي تبث منه، هل هو بهذا ناصح لأهل بيته أو غاش لهم؟ والجواب ولابد أنه غاش، إلا أن يكون ممن طبع الله على قلبه فلا يحس، لكن سيقول: أنه غاش، فأقول له: اذكر قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: فأنت الآن إذا مت وقد وضعت لأهلك هذا الدش الذي لا يشك أحد أنه غش في البيت، لأن البيت فيه نساء، وفيه سفهاء صغار، لا يتحاشون الشيء المحرم، فأنت بهذا من يموت وهو غاش لرعيته، فتكون أهلاً للوعيد الشديد الذي جاء في الحديث، من الأسد، وإلا فكيف يليق بالإنسان أن يدمر أخلاقه وأخلاق أهله. نسأل الله العافية. أما ضياع الوقت من صلاة العصر إلى قريب منتصف الليل دون فائدة، فلا شك أن ذلك قد يفضي إلى المنكرات العظيمة من الغيبة والنميمة، وضياع الصلوات والاجتماع على الغناء والموسيقى وغيرها من المحرمات، فلو أنهم استغلوا هذه الأوقات في بعض الألعاب النافعة، أن يكون عندهم مسبح مثلاً يتعلمون فيه السباحة أو يتعلمون الرماية بالبنادق الصغيرة، أو يتسابقون أو يستغلوا هذا الوقت في قراءة ما تيسر من كتب العلم النافعة، أو القصص الهادفة للخير، أو أهم من ذلك كله أن يقرءوا القرآن وسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين. فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل في حق جميع المسلمين المبادرة إلى الصلاة عند سماع الأذان؛ لأن المؤذن يقول (حي على الصلاة)، والتثاقل عنها يؤدي إلى فواتها. أما التنفل بعد الصلاة بغير الراتبة فلا يجوز؛ لأن وقته مستحق لغيره بمقتضى عقد الإجازة أو الوظيفة، وأما الراتبة فلا بأس بها لأنها ممن جرت العادة بالتسامح فيه من المسؤولين. والله الموفق. فأجاب فضيلته بقوله: أولاً: هذا الحديث ضعيف فلا حجة فيه، ولكن هناك حديث آخر ثابت وحجة وهو والنفي في قوله والمراد بسماع الأذان هو بالنسبة للأذان المعتاد الذي ليس فيه مكبر صوت وحتى بالنسبة للأذان المعتاد الذي لا يكون المؤذن فيه خفي الصوت لأنه قد يكون المؤذن ضعيف الصوت وبيتك قريب من المسجد لو أذن غيره لسمعته فالعبرة بذلك القرب المعتاد الذي يسمع فيه النداء في العادة. فأجاب فضيلته بقوله: من كانت هذه حاله وكان مسؤولا عن حراسة الأسواق والأحياء فإنه معذور بترك الجماعة، وقد نص على ذلك أهل العلم - رحمهم الله – فذكروا في أعذار الجماعة من كان موكلاً بحراسه مال، أو بستان، أو نحو ذلك، وحراسة الأحياء عن الشر والفساد حاجة الناس إليها أعظم من حاجة صاحب البستان إلى حراسة بستانه، وعلى هذا فيكون هذا الرجل الموكل بحراسة الأحياء معذور بترك الجماعة، ولكن يجب عليه أن يصلي الصلاة في وقتها، ولا يحل له تأخيرها عن الوقت، وعليه فتجب مراعاة التناوب بين الحراس ليتمكن كل منهم من أداء الصلاة في الوقت. صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فإن بعض أعضاء الهيئة يتحرجون من بقائهم إلى ما بعد خروج بعض المساجد من الصلاة، وتعلم يا فضيلة الشيخ أننا نضطر في بعض الأحيان على التأخر، ونرجو من فضيلتكم التكرم بإفتائنا في هذا الموضوع؟ علماً أنه لا يخرج وقت الصلاة، وجزاكم الله خيراً. فأجاب فضيلته بقوله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.... وبعد: ليس عليكم حرج إذا بقيتم في توجيه الناس إلى الصلاة، ولو تأخرتم عن الصلاة في المساجد؛ لأن هذه المصلحة عامة وتوجيه للخير، فإن أدركتم آخر المساجد فصليتم فيه فذاك، وإلا فأنتم تصلون جماعة، وفق الله الجميع لما فيه رضاه. كتبه محمد الصالح العثيمين في 9 / 7 / 1410هـ. فأجاب فضيلته بقوله: الواجب على هؤلاء أن يصلوا في المساجد، بل كل إنسان حوله مسجد يجب عليه أن يصلي في المسجد، ولا يجوز لأحد أو جماعة أن يصلوا في البيت والمسجد قريب منهم، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: فقال: فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان سيره إلى المسجد الذي أراده لا تفوت به الجماعة أي أنه يدرك ما تدرك به الجماعة وهو ركعة، وكان صلاته في المسجد الذي سمع إقامته يفوت مقصوده فلا حرج عليه أن يستمر إلى المسجد الأول الذي أراده، أما إذا كان يخشى أن لا يدرك جماعة في المسجد الذي أراده، أو كان ذهابه إلى المسجد الثاني لا يفوت مقصودة فإن الواجب عليه أن يذهب إلى المسجد الثاني الذي سمع إقامته. فأجاب فضيلته بقوله: إذا كانت المسافة بينكم وبين المسجد إلى هذا البعد، ولو قدر أنه أذن بغير مكبر الصوت لم تسمعوه؛ فإنه لا يلزمكم الذهاب إلى المسجد، ولكم أن تصلوا في المكان الذي أنتم فيه؛ لكن لا شك أن الأفضل أن تذهبوا إلى المسجد مع إخوانكم في بيوت الله عز وجل. أما تأخيركم الصلاة من أجل مشاهدة المباراة: فإني والله أنصحكم نصيحة أخ مشفق، ألا تذهبوا أوقاتكم الثمينة في مشاهدة المباراة لأني لا أعلم لكم خيراً في ذلك، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، وإنما هي إضاعة أوقات، ثم إن كثيراً من المباريات، حسب ما نسمع عنها يكون فيها إبداء عورة، فتجد السراويل إلى نصف الفخذ، أو ما أشبه ذلك وهم شباب، والشباب لاشك أنهم فتنة إذا كشف عن فخذيه ثم إن هذه المباريات قد ينجح فيها من يعظمه الناس المشاهدون تعظيماً ليس أهلاً له؛ من جهات أخرى، فأرجو أن يكون اجتماعكم في هذه الحال على دراسة شيء نافع؛ مثل رياض الصالحين، أو غيره من الكتب التي فيها مصلحة تصلح القلوب والأعمال، وكما تعلمون أن ساعات العمر محدودة، وإن الإنسان لا يدري متى تنتهي هذه الساعات فاغتنموا الفرصة بارك الله فيكم. فضيلة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين أمد الله في عمره على طاعته. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: لا يخفى على فضيلتكم أهمية عمل أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يحتاج ذلك من الوقت والمتابعة بحيث يتطلب الأمر في بعض الأحيان تأخيرهم للصلاة إلى حين خروج المساجد وتفويتهم للصلاة مع الجماعة ولكثرة كلام الناس في ذلك، نأمل من فضيلتكم تبيان ذلك بفتوى خطية، فلكم من الله الأجر والمثوبة إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فأجاب فضيلته بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا حرج على الأعضاء إذا بقوا يوجهون الناس للصلاة و يأمرونهم بها ولو تأخروا عن الجماعة في المساجد؛ لأن عملهم هذا مصلحة عامة ودعوة للخير، فإن أدركوا آخر المساجد فصلوا معهم فذاك، وإلا صلوا وحدهم جماعة في أي مسجد. ولا عبرة باتهام من اتهمهم بعدم المحافظة على الجماعة؛ لأن الأعضاء محل ثقة وعملهم هذا في مصلحة المسلمين، ولقد هم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر بالصلاة فتقام، ثم ينطلق إلى قوم لا يشهدون الصلاة، ومعه رجال معهم حزم من حطب فيحرق على المتخلفين بيوتهم بالنار، ومعلوم أن هؤلاء الرجال لن يحضروا الصلاة التي أقيمت لأنهم مشتغلون بمصلحة تأديب المتخلفين، فمن اتهم الأعضاء بما ذكر فليبين له الحكم في ذلك، الله الموفق كتبه محمد الصالح العثيمين في 2 / 11 / 1410 هـ
فأجاب فضيلته بقوله: من المعلوم أن صلاة الجماعة فريضة، وأنه لا يجوز للقادر أن يتخلف عنها، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: فعلى المسلمين أن يتقوا الله عز وجل، وأن يحرصوا على أداء الصلوات جماعة في المساجد، صلاة الفجر، وصلاة العصر، وغيرها من الصلوات. وعلى أهل الحي والجيران أن ينصح بعضهم بعضاً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ولأن المؤمن أخو المؤمن، ومرآة أخيه، فالواجب عليه أن يناصحه، وأن يناصره على نفسه الأمارة بالسوء، وعلى الإمام إذا تمكن أن ينصح الجماعة أحياناً كما فأجاب فضيلته بقوله: الجمع بينهما سهل جداً إذا قلت لك: إذا أحضرت الشيء الفلاني أعطيتك خمساً وعشرين درهماً، ثم قلت إذا أحضرت الشيء الفلاني نفسه أعطيتك سبعاً وعشرين درهماً هل في هذا تناقض؟ فليس في ذلك تناقض. بأي شيء نأخذ بالناقص أم بالزائد؟ الجواب بالزائد إذن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أن التفاضل بخمس وعشرين درجة ثم بين ثانياً أن التفاضل بسبع وعشرين يعني زاد الناس خيراً وليس هناك تناقض. فنأخذ بالزائد الذي هو بسبع وعشرين درجة. في شرح أحاديث من كتاب (عمدة الأحكام) باب صلاة الجماعة ووجوبها بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد: عن ابن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: قال المؤلف – رحمه الله - : (باب فضل صلاة الجماعة ووجوبها)، قد يقول قائل: هذه الترجمة متناقضة، كيف يقول باب فضل، ثم يقول ووجوب؟ والمعروف أن الفضل للاستحباب مناف للوجوب. فيقال: إن المؤلف أراد بفضل أي بثواب الجماعة والثواب لا ينافي الوجوب، وأما قوله: (ووجوبها) فيريد به أنها واجبة. واجبة على الرجال لا على النساء. والواجب هو إذا تركه الإنسان أستحق العقوبة، وإذا فعله استحق المثوبة. وهنا سؤال أيهما أفضل الواجب أو التطوع؟ والجواب: والواجب أفضل، بالدليل والتعليل: أما الدليل: فما جاء في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: وأما التعليل: فإنه لولا أهمية ما أوجبه الله، وإيجاب الله له دليل على أهميته؛ لأن الإيجاب تكليف وإلزام فلولا أنه مهم ما كلف العباد به ولا ألزموا به. ثم ذكر في فضل صلاة الجماعة حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أفضل) يعني أكثر ثواباً من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة فتكون الواحدة عن سبع وعشرين، وإذا كانت الحسنة بعشر أمثالها يكون ثواب صلاة الجماعة مائتين وسبعين حسنة، ولو صليت وحدك لكانت عشر حسنات فقط، فالربح عظيم جداً، ونحن نشاهد أن الناس في الدنيا لو قيل لهم: إنك إذا حملت بضاعتك لمسيرة شهر ربحت العشرة عشرين فسوف يسافر ولو بعد السفر، بينما هنا تربح الواحدة سبعاً وعشرين ومع هذا نجد التكاسل العظيم عن صلاة الجماعة. والربح الذي في الآخرة غير الربح الذي في الدنيا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الإمام أحمد في المسند عن المستورد بن شداد قال: ولهذا قال الله تعالى في القران الكريم: فأرباح الدنيا عرضه للزوال وعرضه للفناء، أما أرباح الآخرة باقية، فصلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. فإذا قال قائل: لماذا خص بسبع وعشرين درجة؟ فالجواب: العلم عند الله، تخصيص الشيء بعدد أمر توقيفي في غالب المسائل. ما يستفاد من هذا الحديث: أولاً: تفاضل الأعمال. ثانياً: تفاضل العمال يعني أن الناس بعضهم أفضل من بعض، ووجه ذلك أنه إذا كانت الأعمال تتفاضل، فإن القائمين بالأعمال يتفاضلون بحسب تفاضل الأعمال. وهذا موجود في القرآن: ثالثاً: يؤخذ من هذا الحديث تفاضل الإيمان، وأنه يزيد وينقص، وجه ذلك أن الأعمال من الإيمان فإذا تفاضلت الأعمال لزم أن يتفاضل الإيمان. إذن نأخذ من هذا دليلاً على ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن الإيمان يزيد وينقص. هل الإيمان الذي يزيد وينقص هو أعمال الجوارح أو حتى يقين القلب؟ الجواب: حتى يقين القلب يتفاضل، والدليل قول الله تبارك وتعالى: ولما بشر الله ذكريا بالولد آمن بذلك ولكن قال: وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: نأخذ من هذا القاعدة (كل نص يدل على زيادة الإيمان فإنه يدل على نقص الإيمان، وكل نص يدل على نقص الإيمان، فإنه يدل على زيادة الإيمان) وإذ إن النقصان والزيادة متقابلان، إذا فقد أحداهما ثبت الآخر. فالإيمان يزيد وينقص وهذا أهل السنة والجماعة. أما الخوارج والمعتزلة والمرجئة فإنهم لا يقرون بزيادة الإيمان ونقصه ولكنهما طرفا نقيض. ولنضرب لهذا مثلاً: رجل زنى، والزنا فاحشة فهو عند الخوارج كافر، وعند المعتزلة لا مؤمن ولا كافر فهو في منزلة بين المنزلتين، وعند المرجئة مؤمن كامل الإيمان، عند أهل السنة مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فباعتبار العمل يكون فاسقاً وباعتبار ما في القلب من الإيمان يكون مؤمناً. الحديث الثاني: عن أبي هريرة - رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: هذا الحديث ساقه المؤلف من أجل قوله وقد سبق لنا الجمع بين هذا الحديث وحديث عبد الله بن عمر الدال على أنها أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين والجمع أن السبع والعشرين زيادة فيأخذها. أما حديث أبي هريرة فقد أخبر النبي أن صلاة الرجل في الجماعة تضعف أي تزاد على صلاته في بيته وفي سوقه. وإحسان الوضوء يكون بالإتيان به على مقتضى الشريعة. رفع الله له بها درجة. حط عنه بها خطيئة. والملائكة عالم غيبي، لا نراهم إلا إذا أراد الله عز وجل فإنهم يرون، لكن الأصل فيهم الغيب، فهم عالم غيبي خلقهم الله عز وجل من نور، لم يخلقوا من تراب، ولا من نار، بل من نور، وأقدرهم الله عز وجل على أعمالهم، لا يسأمون، ولا يملون، ولا يعجزون أبداً قال الله تعالى: الأعمال العامة أن كلهم قائمون بأمر الله، وعبادة الله. ولهذا نحن نحب الملائكة لله؛ لأنهم مسلمون لله، مطيعون له. ومن وظائف الخاصة: ما جاء في هذا الحديث أن الله وكل ملائكته إذا دخل الرجل المسجد وأحسن الوضوء وصلى فإن الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه ماذا تقول؟ تقول: يعني كأنه يصلي حتى يحضر الإمام. يستفاد من هذا الحديث: أولاً: استحباب إحسان الوضوء. ثانياً: بيان موقع الإخلاص، وأن لإخلاص تأثيراً في الجزاء وذلك يؤخذ من قوله رابعاً: يستفاد من هذا الحديث أن الملائكة تتكلم ويستدل ذلك من قوله: وكأني بواحد من المتنطعين يقول أي لغة تتكلم الملائكة؟ بالعربية؟ بالعبرية؟ بالسريانية؟ وهذا كقول بعض الناس لما سمع حديث ابن مسعود – رضي الله عنه – أن الله تعالى يجعل الأرضين على إصبع والشجر على إصبع وما أشبه ذلك. وتقدم بسؤال وقال: كم أصابع الله؟ أعوذ بالله ما هذا السؤال؟ هل أنت أحرص من الصحابة على معرفة صفات الله؟ الجواب: لا. هل الصحابة لما حدثهم الرسول بهذا الحديث أو أقر اليهودي عليه هل قالوا كم أصابع الرحمن؟ أبداً. ولهذا أنا أحذر طلبة العلم من التنطع فيما يتعلق بأمور الغيب، أمور الشهادة لا بأس أن للإنسان يبحث، أما أمور الغيب فليأخذ بظاهر ما ورد، وليدع ما سوى ذلك؛ لأنه إذا أخذ بالتنطع في أمور الغيب سواء فيما يتعلق بصفات الله، أو بصفات، الملائكة، أو بأحوال اليوم الآخر إذا أخذ بالتنطع فيها فإنه ربما يهلك فيقع في الشك، أو في الردة والعياذ بالله. إذن علينا في مثل هذه الأمور أن نترك التنطع وأن نأخذ بظواهر الأدلة. كان الإمام مالك – رحمه الله – عند أصحابه في المسجد فقال رجل: يا أبا عبد الله أنكر مالك سؤال الرجل عن الكيفية. وقول مالك: (ما أراك إلا مبتدعاً) يحتمل معنيين: أحدهما: أن السؤال ديدن أهل البدع فهم الذين يسألون عن كيفية الصفات، من أجل أن يحرجوا المثبتين للصفات. الثاني: أنك بسؤالك صرت من أهل البدع؛ لأن الصحابة لم يسألوا عن كيفية الاستواء، وشيء لم يسأل عنه الصحابة يعتبر بدعة في الدين. الحديث الثالث: عن أبى هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: في هذا الحديث يخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن اتصاف المنافقين بأنهم يستثقلون الصلاة. يقول السبب الأول: مشقة الذهاب إليهما. السبب الثاني: خفاء الرياء فيهما. ولكن ما مبهم في الثواب إن أتوا إليها. والعقاب إن تخلفوا عنهما. ثم قال: فهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحرق بيوت المتخلفين عن الجماعة يدل على أهمية الجماعة وأنها واجبة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يمكن أن يهم بأمر محرم، ولكن منعه منه مانع إما أن يكون ما فيها من النساء والذرية أو غير ذلك. ما يستفاد من هذا الحديث: أولاً: أن المنافقين يصلون وذلك يؤخذ من قوله -صلى الله عليه وسلم-: ثانيا: ان الصلاة على المنافقين ثقيلة. ثالثا: يستفاد من هذا أن من ثقلت عليه الصلاة فإن فيه شعبة من النفاق؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصف المنافقين بأن الصلاة ثقيلة عليهم. رابعاً: إن ثواب الصلاة أمر عظيم حتى لو أن الإنسان مشي على ركبه من أجل الهروب من العقاب، ومن أجل الحصول على الثواب لكان جديرا بذلك. خامسا ً: وجوب صلاة الجماعة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: فلقد هم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحرق بيوت من لا يشهدون الجماعة، ولا يهم بالعقوبة إلا ترك شيء واجب، لكن قال بعض العلماء: هذا لا يدل على الوجوب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هم ولم يفعل، وإنما يدل على الوجوب لو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حرق. الحديث الرابع: وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: هذا الحديث يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فقال بلال بن عبد الله): هو أحد أبناء عبد الله بن عمر. (قال والله لنمنعهن) أقسم على ضد ما النبي -صلى الله عليه وسلم-. الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ولكن قصد بلال غير المتبادر من لفظه، فقصده أن يمنعهن لفساد الناس وكثرة الفتن. (فأقبل عليه عبد الله) يعني عبد الله بن عمر. (فسبه سباً شديداً ما سمعته سبه مثله قط) لماذا؟ لأن ظاهر لفظ بلال مخالفة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعارضته. الجواب: جاء بلفظين لأن الرواة يجوزون الرواية بالمعنى فيكون بعضهم نقله بهذا الوجه، وبعضهم نقله على هذا الوجه والمعنى واحد. ما يستفاد من هذا الحديث: أولاً: أن المرأة لا تخرج إلى المسجد إلا باستئذان زوجها لقوله: ثانياً: ليس للإنسان أن يمنع امرأة غيره فليس لي حق أن أمنع امرأة جارى أو امرأة قريبي إلا إذا كانت لي سلطة وولاية عليها. ثالثاً: أن الرجل له أن يمنع زوجته من الخروج إلى المسجد لقوله: الجواب: أن نقول إن كانت قد اشترطت عليه عند العقد أن تكمل الدراسة فإنه لا يجوز أن يمنعها لقول الله تعالى: رابعاً: بيان حكم علة الحكم في تعبير النبي -صلى الله عليه وسلم- خامساً: قوله: الجواب: الإضافة هنا من باب التكريم والعناية وإلا فمن المعلوم أن لله ملك السموات والأرض ولكن هذه الإضافة من باب التكريم والتشريف للمساجد. وفي بعض ألفاظ هذا الحديث لكن في الصحيحين قال: والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين: فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس بالخروج قبل المغرب للنزهة إذا لم يقصد الهرب من صلاة الجماعة، ولكن يجب عليه إذا سمع الأذان أن يحضر إلى المسجد. فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن يصلي الرجل بأهله ومحارمه في السفر فقد كان النساء يحضرن الصلاة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنس، أمه، واليتيم. فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله تعالى السلام عليكم ورحمة وبركاته وبعد: فلا يخفى على فضيلتكم وضع بعض الدوائر الحكومية، أو الشركات، أو المؤسسات الأهلية خاصة التي يوجد بها أكثر من مسجد أو مصلى بمبنى واحد ونحن في الحقيقة نعيش نفس هذه المشكلة حيث يوجد لدينا مصلى بمبنى الإدارة بالمركز يصلي فيه أفراد الإدارة وبعض المراجعين والزوار صلاة الظهر أثناء الدوام الرسمي في الظروف العادية، وبقية الأوقات الأخرى في الظروف الطارئة، وأثناء المرابطة والتي تستدعي التواجد بالمركز خلال الأربع وعشرين ساعة، علماً أنه يوجد مسجد خاص بالفرقة المستلمة على مدار الأربع وعشرين ساعة تقام فيه جميع الصلوات الخمس في اليوم والليلة وهو يستوعب العدد كامل نظراً لاتساع مساحته ونحن في حيرة من أمرنا هل تجوز صلاتنا بالمصلى الذي بمبنى الإرادة مع وجود المسجد الذي تقام فيه الصلوات الخمس، كما أنني أنتهز هذه الفرصة للاستفسار عن موضوع آخر ألا وهو: الأذان في المساجد التي في الدوائر الحكومية سواء التي تقام فيها جميع الصلوات أو التي تقام فيها صلاة الظهر أثناء الدوام الرسمي للموظفين هل يجب الأذان في هذه المساجد مع سماع المؤذن من المساجد القريبة والمجاورة أو لا؟ أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين عامة خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فأجاب فضيلته بقوله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الواجب عليكم أن تصلوا في المسجد المعد للصلاة فيه؛ لأنه تقام فيه الصلوات الخمس. وأما الأذان فلا يجب عليكم إذا كنتم تسمعون أذان المساجد التي حولكم، لكن الأفضل أن تؤذنوا؛ لأن المسجد قائم فلا ينبغي أن يهمل الأذان فيه، ولأن آذانكم في مسجدكم أقرب إلى الانتباه للأفراد الذين عندكم. وفق الله الجميع لما فيه الصلاح والسلام عليكم ورحمة وبركاته. 28 / 12 / 1411هـ. فأجاب فضيلته بقوله: المرأة ليست من ذوات الجماعة، أي ليست مأمورة بحضور الجماعة، وإنما ذلك على سبيل الإباحة فقط، إلا في صلاة العيد فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أن تخرج النساء إلى صلاة العيد، ولكن غير متبرجات بزينة. وإذا كان الأمر كذلك فإن التضعيف الحاصل في صلاة الجماعة يختص بالرجال؛ لأنهم هم المدعون إليها على سبيل الوجوب، ولهذا كان لفظ الحديث: وعلى هذا فإن المرأة لا تنال هذا الأجر، بل إن العلماء اختلفوا في مشروعية صلاة الجماعة للنساء منفرادت عن الرجال في المصليات التي في البيوت، أو التي في المدارس. فمنهم من قال: إنه تسن لهن الجماعة. ومنهم من قال: إنه تباح لهن الجماعة. ومنهم من قال: إنه تكره لهن الجماعة. فأجاب فضيلته بقوله: لابد أن ننظر لهؤلاء الذين يصلون في مكتبهم، هل عذر في ذلك أو لا، فإذا كان المسجد بعيداً عنهم والخروج إلى المسجد يشل حركة العمل، فإنهم في هذا معذرون ولهم أن يصلوا جماعة في مكاتبهم، ولكن يحسن أن يجتمع جميع من في المكتب على إمام واحد، وأما إذا لم يكن لهم عذر كأن كان العمل قليلاً، والمسجد قربياً منهم فإن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة لابد أن تكون في المساجد. أما قولهم فأجاب فضيلته بقوله: يرى بعض العلماء أن الواجب إقامة الجماعة سواء في المسجد أو في غيره، ولكن الراجح أنه يجب أن تقام صلاة الجماعة في المساجد مع المسلمين ولو كانوا لا يسمعون الأذان لولا مكبر الصوت ففي هذه الحال لا يلزمهم الحضور فإنهم يصلون جماعة في مكانهم سواء صلوا قبل صلاة الإمام بعده. فأجاب فضيلته بقوله: الظاهر أنه يجب أن توقظيه للصلاة مع الجماعة لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: الذي أرى أن إحضار الصبيان الذين يشوشون على المصلين لا يجوز؛ لأن في ذلك أذية للمسلمين الذين يؤدون فريضة من فرائض الله، وقد سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه يصلون ويجهرون بالقراءة فقال -صلى الله عليه وسلم- وفي الحديث آخر قال -صلى الله عليه وسلم- فنصيحتي لأولياء أمور هؤلاء الصبيان أن لا يحضروهم إلى المسجد وأن يسترشدوا بما أرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال كما أنني أيضاً أوجه النصيحة لأهل المسجد بأن تتسع صدورهم للصبيان الذين يشرع مجيئهم إلى المسجد، وأن لا يشقوا عليهم، أو يقيموهم من أماكنهم التي سبقوا إليها، فإن من سبق إلى شيء فهو أحق به، سواء كان صبياً، أو بالغاً، فأقامه الصبيان من أماكنهم في الصف فيه: أولاً: إهدار لحقهم؛ لأن من سبق إلى ما لم يسبقه إليه أحد من المسلمين فهو أحق به. وثانياً: فيه تنفير لهم عن الحضور إلى المساجد. وثالثاً: فيه أن الصبي يحمل حقداً أو كراهية على الذي أقامه من المكان الذي سبق إليه. ورابعاً: أنه يؤدي إلى اجتماع الصبيان بعضهم إلى بعض فيحصل منهم من اللعب والتشويش على أهل المسجد ما لم يكن ليحصل إذا كان الصبيان بين الرجال البالغين. وأما ما ذكره بعض أهل العلم من أن الصبي يقام من مكانه حتى يكون الصبيان في آخر الصف، أو في آخر صف المسجد استدلالاً بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم-
فأجاب فضيلته بقوله: الأصل أن المرأة لا تحضر الصلاة. ولكن الرجل يلزمه أن يحضر الجماعة إذا سمع النداء، ولكن النداء ليس الذي عبر مكبر الصوت؛ لأن مكبر الصوت لو أخذنا به لكان يسمع من بعيد كما قلت، إنما المراد أنه لو كان الأذان بغير مكبر الصوت لسمعه هؤلاء وحينئذ وجب عليهم الحضور، وكذلك إذا كان الطريق المسجد وعراً لا يتمكنون الوصول إلى المسجد إلا بمشقة شديدة، ولا يتمكنون من الوصول إلى المسجد إلا بعد أن تمت الجماعة الصلاة. فإنه لا يلزمهم بهذا الحال، ويصلون جماعة في مكانهم، لقول الله فأجاب فضيلته بقوله: الأصل الصلاة في المساجد، ولا بأس أن يصلي أهل المكاتب في مكاتبهم إذا كان خروجهم إلى المسجد يؤدي إلى تعطل العمل، أو يؤدي إلى تلاعب بعض الموظفين الذين يخرجون للصلاة ويتأخرون، وإذا كان المسجد بعيداً أيضاً جاز لهم الصلاة في مكان عملهم، فالمهم إذا كان هناك مصلحة، أو حاجة إلى أن يصلوا في مكاتبهم فلا حرج. فأجاب فضيلته بقوله: الشق الأول من سؤالك تقول: إن الخطيب ذكر أن صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد بسبع وعشرين صلاة، وهو كما قال. الشق الثاني قوله: (إن من صلى فإنه لا صلاة له، ويكون مشركاً). وقوله: (يكون مشركاً) لا يصح هذا الكلام، اللهم إلا بالمعنى الأعم، أن كل من اتبع هواه بمخالفة أمر الله عز وجل فإنه يكون فيه نوع من الإشراك، لكنه ليس هو الشرك الذي يطلق عليه أنه شرك في القرآن، والسنة، وكلام أهل العلم. وأما قوله: (بأنها لا تقبل صلاته) فإن هذا قول لبعض أهل العلم، أن من صلى في بيته بدون عذر فإنه لا صلاة له؛ وهذا القول ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها ابن عقيل أحد أتباع الإمام أحمد – رحمه الله - وحجة هؤلاء من الأثر والنظر. أما الأثر فهو ما جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما من النظر فقالوا: إن صلاة الجماعة واجبة، وإن من ترك واجباً في العبادة بدون عذر بطلت تلك العبادة بهذا الترك. ولكن هذا القول مرجوح، والراجح أن المصلي في بيته تاركاً للواجب من غير عذر آثم وعاص، وإذا أستمر على ذلك صار فاسقاً تسقط ولايته وشهادته، كما ذهب إليه كثير من أهل العلم، ولكن صلاته تصح، ويدل لذلك حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة، في تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، فإن التفضيل لصلاة الجماعة يدل على أن في صلاة الفذ أجراً، ومادام فيها أجر فإنه يدل على صحتها، لأن ثبوت الأجر فرع عن الصحة، إذ لو تصح لم يكن فيها أجر، لكنه بلا شك آثم عاص يعاقب على ذلك إلا أن يتوب إلى الله عز وجل، أو يعفو الله عنه. وعلى كل حال فإن البيت بدون عذر أمر محرم، لا يحل للمسلم فعله، ولهذا قال ابن مسعود – رضي الله عنه - (ما يتخلف عنها إلا منافق أو معذور)، والمؤمن لا ينبغي له أن يتصف بعمل المنافقين، الذين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى. وأما إذا أقامها جماعة في البيت فهذا محل خلاف بين أهل العلم أيضاً. فمهنم من رخص له في ذلك، وقال: إن الجماعة قد حصلت، وهذا هو المقصود، ولكن هذا القول الضعيف. والصواب أنه لابد أن يصلي الإنسان في المسجد، ولا يجوز له التخلف حتى ولو صلى جماعة في البيت، وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ثم إنه ثبت في صحيح مسلم أن ابن أم مكتوم قال: يا رسول الله: إنني رجل أعمى، وليس قائد يقودني إلى المسجد، فرخص له النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما ولى دعاه وقال له -صلى الله عليه وسلم- فعلى المؤمن الناصح لنفسه أن يحضر إلى بيوت الله عز وجل ويؤدي الصلاة مع جماعة المسلمين، وأن يخرج من بيته متطهراً، قاصداً المسجد فإنه إذا فعل ذلك لم يخرجه إلا للصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا دخل المسجد وصلى فإن الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه، تقول: اللهم صل عليه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة، كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة، فلا ينبغي للمسلم أن يفرط في هذه المثوبة العظيمة، فإنه سوف يحتاج إليها في يوم لا يستطيع أن يحصل عليها، نسأل الله تعالى أن يعيننا و إخواننا المسلمين على ذكره، وشكره، وحسن، عبادته. والله الموفق. فأجاب فضيلته بقوله: أما بالمعنى العام فكل الأرض مسجد، لقوله -صلى الله عليه وسلم- وأما بالمعنى الخاص فالمسجد ما أعد للصلاة فيه دائماً، وجعل خاصاً بها سواء بني بالحجارة والطين والأسمنت أم لم يبن، وأما المصلى فهو ما اتخذه الإنسان ليصلي فيه، ولكن لم يجعله موضعاً للصلاة دائماً، إنما يصلي فيه إذا صادف الصلاة ولا يكون هذا مسجداً، ودليل ذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في بيته النوافل، ولم يكن بيته مسجداً، وكذلك دعاه عتبان بن مالك إلى بيته ليصلي في مكان يتخذه عتبان مصلى ولم يكن ذلك مسجداً، فالمصلى ما أعد للصلاة فيه دون أن يعين مسجداً عاماً يصلي فيه الناس ويعرف أنه قد خصص لهذا الشيء. فأجاب فضيلته بقوله: لا يعد مسجداً. فأجاب فضيلته بقوله: المتخلفون عن الجماعة عاصون لله ورسوله لقوله تعالى: ولقوله -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- لكن العلماء اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال: 1. فمنهم من قال: إنها شرط لصحة الصلاة، أن من صلى في بيته بدون عذر شرعي فإن صلاته باطلة، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار ابن عقيل – رحمهما الله - . 2. ومنهم من قال: إنها فرض عين، وإن تركها يأثم. 3. ومنهم من قال: إنها فرض كفاية، فإذا قام بها البعض سقط عن الباقين. 4. ومنهم من قال: إنها مؤكدة وفسروها بأن تاركها يأثم. والصواب أن صلاة الجماعة واجبة لا يجوز التخلف عنها، وأن المتخلف عنها آثم وعاص لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- وقول هذا الرجل الذي يدعوه صاحبه إلى الصلاة مع الجماعة يقول: بكيفي إن شئت صليت وإن شئت لم أصل). إن أراد بهذا ترك الصلاة بالكلية فهو على خطر عظيم يخشى أن تكون كلمته هذا كفراً، لأنه كالمنكر لوجوب الصلاة، ومنكر وجوب الصلاة كافر. وإن عني بذلك صلاة الجماعة فيجب أن يعلم أن صلاة الجماعة ليست بكيف الإنسان، بل هي واجبة يجب أداؤها على المسلم مع المسلمين، إلا أن يكون من أهل الأعذار. من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم حفظه الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: كتابكم الكريم وصلني، سررت بصحتكم، وحسن أحوالكم، نحن ولله الحمد بخير، نسأل الله تعالى أن يزيدنا وإياكم من فضله، وأن يرزقنا شكر نعمته، وحسن عبادته. سؤالكم عن حكم إقامة الجماعة في مبنى الكلية. جوابه: وبالله التوفيق ومنه العصمة. هذه المسألة فيها للعلماء ثلاثة أقوال: أحدهما: أن الواجب إقامة الجماعة في أي مكان سواء في المساجد، أو البيوت، أو المدارس، أو مكان العمل، أو غير ذلك. والثاني: أن الواجب إقامتها في المساجد خاصة. والثالث: أن الواجب إقامتها في المساجد إن كانت قريبة وإلا فلا. وهذه الأقوال عند القائلين بوجوب الجماعة. وظاهر الأدلة يشهد للقول الثاني وهو أن الواجب إقامتها في المسجد إلا لعذر، كبعد يشق معه حضور الجماعة، وكإخلال في العمل كما يتعلل به من يقيمون الجماعة في محل أعمالهم بحجة أنهم لو خرجوا إلى المساجد لفات من العمل، أو تخلف بعض الموظفين فلم يرجعوا أو نحو ذلك مما يقال. ويدل على ذلك: 1. ما أخرجه البخاري ص131 جـ 2 فتح ط السلفية عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال 2. ما أخرجه ص 156 من الجزء المذكور عن ابن عمر أنه أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ثم قال: ألا صلوا في الحال، ثم قال 3. ما رواه مسلم ص 490 – 491 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي عن ابن عباس – رضي الله عنه – قال: 4. ما رواه البخاري ص 519 جـ 1 فتح ط السلفية عن محمود بن الربيع أن عتبان بن مالك قال: 5. ما رواه البخاري ص 74 جـ 5 فتح ط السلفية عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال 6. ما رواه مسلم ص 452 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي عن أبي هريرة – رضي الله عنه قال: 7. ما رواه مسلم ص 453 الكتاب المذكور عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه) وفي رواية (ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق. ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) وفي رواية أبي داود ص 130 جـ 1 ط الحلبي (وما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته ولو صليتم في بيوتكم، وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم-). فهذه الأدلة الأثرية تؤيدها الأدلة النظرية: فإن صلاة الجماعة لو لم تجب في المساجد لفاتت بها مصلحة هامة: من إظهار الشعائر واجتماع المسلمين، والتعارف بينهم، وهداية ضالهم، وتقويم معوجهم، وحصل بذلك مفاسد كبيرة: من تعطيل المساجد، وتفريق المسلمين، وفتورهم عن الصلاة، وغير ذلك لمن يتأمل. وقال الإمام أحمد – رحمه الله – في رسالة الصلاة ص 373 مجموعة الحديث ط السلفية: وأمروا رحمكم الله بالصلاة في المساجد من تخلف عنها، وعاتبوهم إذا تخلفوا عنها، وأنكروا عليهم بأيديكم، فإن لم تستطيعوا فبألسنتكم، واعلموا أنه لا يسعكم السكوت عنهم؛ لأن التخلف عن الصلاة من عظيم المعصية، ثم ذكر الحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – وقال: فلو لا أن تخلفوا عن الصلاة في المسجد معصية كبيرة عظيمة ما تهددهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بحرق منازلهم، ثم ذكر أثر عمر في المتخلفين وقوله: ليحضرن المسجد أو لأبعثن إليهم من يجافي رقابهم. ا. هـ. وقال الإمام الشافعي – رحمه الله – في الأم ص 154 ج 1 ط دار المعرفة: فلا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر. ا. هـ. وقال ابن قيم – رحمه الله – في كتاب الصلاة له ص 461 مجموعة الحديث ط السلفية: ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار، ثم ذكر خطبة عتاب بن أسيد في أهل مكة بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقوله: يا أهل مكة والله لا يبلغني أن أحداً منكم تخلف عن الصلاة في المسجد في الجماعة إلا ضربت عنقه، ثم قال ابن قيم: فالذي ندين الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر ا. هـ. كلامه. وقال المجد في المحرر ص 91 _ 92 ج 1 ط السنة المحمدية: وفعلها في المسجد فرض كفاية، وعنه فرض عين، قال في النكت عليه: وزاد غير واحد على أنها فرض عين على القريب منه، وقطع به في الرعاية ودليل هذا واضح. ا. هـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ص 225 مج 23 مجموع ابن قاسم: والمقصود هنا أن أئمة المسلمين متفقون على أن إقامة الصلات الخمس في المساجد هي من أعظم العبادات وأجل القربات. ا. هـ. أما ابن حزم فإنه يرى أنها لا تجزئ صلاة فرض من رجل يسمع الأذان إلا في المسجد مع الإمام، فإن كان لا يسمع الأذان صلى جماعة في مكانه إن وجد أحداً، وإلا أجزأته الصلاة وحده، صرح بذلك في المحلى ص 188 ج 4 ط المنيرية. هذا ما تيسرت كتابته على سؤالكم نرجو الله تعالى أن يكون فيه البيان والشفاء إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حرر في 21 / 1 / 1401هـ. فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أن ما يقضيه المأموم من الصلاة بعد سلام إمامه هو آخر صلاته، وعلى هذا فلا يقرأ فيه إلا الفاتحة إذا كان الفائت ركعتين، أو ركعة في الرباعية، أو ركعة في المغرب، أما الفجر فيقرأ الفاتحة وسورة؛ لأن كلتا الركعتين تقرأ فيهما الفاتحة وسورة. فأجاب فضيلته بقوله: الأولى إذا جئت و الأمام في التشهد الأخير وأنت معك جماعة، أن لا تبدءوا بالصلاة حتى تتم الجماعة الأولى، لئلا يجتمع جماعتان في آن واحد، ولكن إذا فعلوا ذلك وكانوا بعيدين من الجماعة الأولى، لا يشوشون عليهم فلا بأس بهذا. وننتقل من هذه المسألة إلى المسألة أخرى وهي: ما إذا جئنا إلى المسجد ونحن لم نصل صلاة العشاء الآخرة، ووجدنا هم يصلون صلاة التراويح، فإننا ندخل معهم في صلاة التراويح بنية العشاء، ثم إن كنا مسافرين، فإننا نسلم مع الإمام إذا كنا قد صلينا الركعتين، وإن كنا مقيمين أتينا بما بقي من صلاة العشاء، ولا نقيم جماعة أخرى لصلاة العشاء، لأنه لا ينبغي أن يكون جماعتان في مسجد واحد، فأن هذا عنوان التفرق، حتى فأجاب فضيلته بقوله: إقامة جماعة ثانية في مسجد واحد على ثلاثة أقسام: الأول: أن يكون المسجد مسجد طريق كالذي يكون على خطوط المسافرين فلا إشكال في إقامة جماعة ثانية إذا فاتت الأولى، لأنه ليس له إمام راتب بل من جاء صلى. القسم الثاني: أن تكون إقامة الجماعتين راتبة بحيث يجعل للمسجد إمامان أحدهما يصلي أول الوقت، والثاني آخره، فهذا بدعة لا إشكال فيه، لأنه لم يرد عن السلف، وفيه تفريق الناس، وإدخال الكسل عليهم. القسم الثالث: أن تكون إقامة الجماعتين عارضة بحيث يأتي جماعة بعد انتهاء الجماعة الأولى فإقامة الجماعة الثانية هنا أفضل من الصلاة فرادى لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يصح القول بأن المبرر لها أن صلاة الثاني نفل؛ لأن المقصود الذي هو محل الاستدلال إقامة الجماعة الثانية وقد حصل، ولأنه إذا ندب إلى إقامة أولى، ثم إنه هل يمكن لو كان مع الرجل الداخل الرجل آخر فأقاما الجماعة أن يمنعهما النبي -صلى الله عليه وسلم- من إقامتها مع أنه -صلى الله عليه وسلم- ندب من كان قد صلى أن يقوم مع الداخل ليقيما الجماعة؟ ! وبهذا يتبين أنه لا وجه لإنكار إقامة الجماعة الثانية في هذا القسم وهو – أعني إقامتها – هو الذي درج عليه علماؤنا لوضوح الدليل فيه، والله أعلم. حرر 8 / 10 / 1417هـ. فأجاب فضيلته بقوله: من قال إن الأصل في إقامة الجماعة الثانية المنع نطالبه بالدليل. فهل جاء عن رسول -صلى الله عليه وسلم- حرف واحد يقول: لا تعيدوا الجماعة؟ ثم إذا كان الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر واحداً يقوم ليصلي مع هذا المتخلف مع أنه أدى الواجب الذي عليه، فكيف إذا دخل اثنان فاتتهم الجماعة، فالاثنان مطالبان بالجماعة، فإذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقام من لم يطالب بالجماعة أن يصلي مع هذا، فكيف نقول لمن تلزمه الجماعة لاتصل جماعة؟ ! هذا قياس منقلب. وأما تسميتها صدقة فنعم، لأن الرجل الذي يقوم معه قد أدى الواجب الذي عليه، فصلاته الثانية تكون صدقة، ولو كانت إقامة الجماعة الثانية ممنوعة ما أجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- الصدقة فيها، لأن الصدقة التي تستلزم فعل المحرم لا تجوز، فلا يمكن أن نفعل مستحباً بانتهاك محرم. فالمهم أن هذا تعليل لا شك أنه عليل بل أقول: إنه تعليل ميت لا روح إطلاقاً، لكنهم استدلوا بأن ابن مسعود جاء مع أصحابه يوماً وقد فاتتهم الصلاة، فانصرف وصلى في بيته، لكن ليس في فعل ابن مسعود – رضي الله عنه – حجة مع وجود السنة، هذه واحدة. ثانياً: روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه دخل المسجد وقد صلوا فجمع بعلقمة ومسروق والأسود. ذكره صاحب الفتح الرباني. وقال: إسناده صحيح. ثالثاً: هل ابن مسعود – رضي الله عنه – رجع إلى بيته وصلى لأن الصلاة الثانية لا تقام في المسجد؟ أو لسبب آخر؟ لا ندري. ربما ابن مسعود – رضي الله عنه – خاف أن يقيم الجماعة الثانية وهو من خواص أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيغتدي به الناس، ويتهاونون بشأن الجماعة ويقولون هذا ابن مسعود – رضي الله عنه – تفوته الجماعة فنحن من باب أولى. وربما كان ابن مسعود – انصرف إلى بيته خشية أن يقع في قلب إمام المسجد شيء فيقول الإمام: ابن مسعود تأخر ليصلي بأصحابه؛ لأنه يكره إمامتي مثلاً، فيقع في قلبه شي. فالحاصل أنه لم يعرف السبب الذي من أجله ترك ابن مسعود رضي الله عنه – إقامة الجماعة الثانية، وإذا كنا لاندري ما السبب دخل مسألة الاحتمال، والعلماء يقولون: إن الدليل إذا دخله الاحتمال بطل به الاستدلال. ولكن كما قلت أولاً: عندنا حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر فيه بإقامة الجماعة الثانية لفوات الأولى، وقال أيضاً وعلى كل حال الذي نرى أن إقامة الجماعة الثانية من السنة إذا لم يكن ذلك عادة، وأما جعل ذلك أمراً راتباً فهذا هو الذي يكون من البدعة، كما كان في السابق يصلي في المسجد الحرام أربعة أئمة؛ إمام للحنابلة، إمام للشافعية، إمام للمالكية، إمام للحنفية، لكن لما استولى الملك عبدالعزيز – رحمه الله – على مكة ألغى هذا وقال: لايمكن أن يكون في المسجد واحد أربعة أئمة، لأربع جماعات، فثبت إماماً واحداً وهذا هو عين الصواب فرحمه الله. فأجاب فضيلته بقوله: صلاة الجماعة مشروعة في الفوائت يعني لو أن قوماً فاتتهم الصلاة فإنهم يصلونها جماعة، وهذا ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أكثر من حديث، ومن ذلك حديث شغل عن صلاة العصر يوم الخندق، فعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – وتقضي حسب الصلاة فإن كان يقضي صلاة جهرية جهر في القضاء، وإن كان يقضي صلاة سرية سر بالقضاء، وهكذا جاءت السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام في بعض أسفاره حين ناموا عن صلاة الفجر فاستيقظوا في حر الشمس فأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يصلوا الصلاة فأمر بلال فأذن، ثم صلوا سنة الفجر، ثم صلوا الفجر يجهر بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدل ذلك على أن القضاء مثل الأداء. ولهذا من العبارات المقررة عند الفقهاء (القضاء يحكي الأداء) أي يشابهه ويماثله. فأجاب فضيلته بقوله: إذا دخل الإنسان والإمام في التشهد الأخير فإن كان يرجو وجود جماعة لم يدخل معه، وإن كان لا يرجو ذلك دخل معه؛ لأن القول الراجح أن صلاة الجماعة لا تدرك إلا بركعة لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: الصواب أن جميع إدراكات الصلاة لا تكون إلا بركعة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- وإذا قدر أن دخل مع الإمام في التشهد الأخير ثم حضرت جماعة فله قطع الصلاة ليدرك صلاة الجماعة من أولها في الجماعة الأخرى، وله أن يكمل صلاته وحده. وقول السائل: هل يختلف الحكم فيما إذا كان ناوياً ذلك من الأول أم لا؟ لم يتبن لي معناه. فأجاب فضيلته بقوله: إذا صلى الإنسان فريضته منفرداً ثم حضر جماعة بعد تمام صلاته فقد أدى الفريضة بصلاته الأولى، ولكنه يستحب أن يعيد الصلاة مع هؤلاء الجماعة الذين حضروا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فصليا معهم فإنها لكما نافلة) فعلى هذا نقول تعيد الصلاة مع هؤلاء الحاضرين وتكون الصلاة الثانية نفلاً، وأما الصلاة الأولى فإنها فرض. فأجاب فضيلته بقوله: إذا دخل رجل وقد فاتته صلاة الجماعة فلا بأس أن يصلي به إمام المسجد إماماً، فتكون لإمام المسجد نافلة وللداخل فريضة، وصلاة المتنفل بالمفترض جائزة على القول الصحيح، لأن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – كان يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة العشاء ثم يرجع إلى قوم فيصليها بهم، له نافلة، ولهم فريضة ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما، ولم ينهه الله ولا رسوله عن ذلك. فأجاب فضيلته بقوله: إعادة الجماعة لمن فاتتهم صلاة الجماعة الأم سنة؛ لأن رجلاً دخل المسجد ورسول الله صلى عليه وعلى أله وسلم جالس في أصحابه وقد صلوا فقال -صلى الله عليه وسلم- بسم الله الرحمن الرحيم من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم حفظه الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد: سؤالكم إعادة الجماعة في المسجد الواحد بعد الجماعة الأولى. جوابه: إعادة الجماعة في المسجد الواحد بعد الجماعة الأولى تقع على وجهين: الوجه الأول: أن يكون ذلك معتاداً بحيث يكون في المسجد إمامان إذا صلى أحدهما صلى الثاني بعده فهذا منكر؛ لأنه يؤدي إلى تفريق الجماعة فيشبه مسجد ضرار، فإن في مسجد الضرار تفريقاً بين المؤمنين في المكان، وهذا تفريق بينهم في الزمان؛ ولأن ذلك من البدع التي لم تكن معروفة في عهد سلف الأمة. الوجه الثاني: أن يكون ذلك لعارض مثل أن يدخل جماعة، وقد انتهت الجماعة الأولى، فالأفضل أن يصلوا جماعة ولا يتفرقوا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا من أبعد ما يقال، والشريعة الإسلامية لكمالها والتئامها لا يمكن أن تأتي بمشروعية شيء، وتدع ما كان مثله أو أولى منه. فالجماعة أقيمت مرتين في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإقراره بل بأمره، لكن كانت الثانية عارضة، فلو كان فيها مفسدة لم يكن فرق بين أن يكون الواحد من الجماعة متطوعاً أم مفترضاً، بل المفترض أولى أن يقيم الجماعة؛ لأنه لا يحصل منه شيء من المنة على الثاني؛ لأن كل واحد منهما انتفع بالآخر بحصول الجماعة لهما في فرضيتهما. وقد جاءت الآثار عن الصحابة – رضي الله عنهم – مؤيدة لذلك فروى ابن شبية في مصنفه عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – أنه دخل المسجد وقد صلوا فجمع بعلقمة ومسروق والأسود ذكره صاحب الفتح الرباني، وقال: إسناده صحيح. وروى ابن شيبة أيضاً عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه دخل المسجد وقد صلوا فصلى بمن معه من جماعة، قال في المغني (وهو قول ابن مسعود، وعطاء، والحسن، والنخعي، و قتادة، وإسحاق). ا. هـ. وهو مذهب الإمام أحمد – رحمه الله – وعليه تدل الأدلة كما سبق، وبها يعرف ضعف القول بعدم مشروعية إقامة الجماعة لمن فاتتهم مع الإمام الراتب، وقد علل الشيرازي صاحب المهذب كراهة الجماعة الثانية بأنه ربما اعتقد أنه قصد الكياد والإفساد، وهذا التعليل إنما ينطبق على من جعل ذلك أمراً معتاداً وهو الوجه الأول الذي ذكرناه، وأما إذا كان ذلك عارضاً فإنه لا ينطبق عليه ذلك، والله أعلم. في 16 / 3 / 1406هـ. فأجاب فضيلته بقوله: إذا أقيمت الصلاة المكتوبة وقد شرع الإنسان في النافلة فمن أهل العلم من يقول: يجب عليه قطعها فوراً وإن كان في التشهد الأخير. ومن العلماء من يقول: لا يقطعها إلا أن يخاف أن يسلم والإمام قبل أن يدرك معه تكبيرة الإحرام، فعلى القول الأخير يستمر في الصلاة حتى لو فاتت جميع الركعات مادام يدرك تكبيرة الإحرام، قبل أن يسلم الإمام فيستمر في هذا النفل. وعندي أن القول الوسط في ذلك: أنه إذا أقيمت الصلاة والمصلي في الركعة الثانية فيتمها خفيفة، فإن أقيمت وهو في الركعة الأولى فيقطعها مستنداً في ذلك إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: إذا أقيمت الصلاة المكتوبة، وقد شرعت في النافلة، فمن أهل العلم من يقول: يجب عليك قطعها فوراً، وإن كنت في التشهد الأخير. ومن العلماء من يقول: لا تقطعها إلا أن تخاف أن يسلم الإمام قبل أن تدرك معه تكبيرة الإحرام. هذان قولان متقابلان: فالقول الأول: إذا أقيمت الصلاة فاقطع النافلة ولو كنت في التشهد الأخير. والقول الثاني: لا تقطعها إلا إذا بقي من صلاة الإمام بقدر تكبيرة الإحرام فاقطعها؛ يعني تستمر في الصلاة، ولا تقطعها إلا إن خفت أن يسلم الإمام قبل أن تدرك معه تكبيرة الإحرام. هذان القولان: متقابلان، يعني على هذا القول الأخير، استمر في الصلاة حتى لو فاتتك جميع الركعات، مادمت تدرك جميع تكبيرة الإحرام، قبل أن يسلم الإمام، فاستمر في هذا النفل، وعندي أن القول الوسط في ذلك، أنه إذا أقيمت الصلاة وأنت في الركعة الثانية فأتمها خفيفة، وإن أقيمت وأنت في الركعة الأولى فاقطعها، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- وإذا أدركت ركعة قبل الحظر والمنع فقد أدركت الصلاة، وصارت الصلاة كلها غير ممنوعة فتتمها لكن خفيفة؛ لأن إدراك جزء من الفرض خير من إدراك جزء من النفل، أما إذا كنت في الركعة الأولى فإنك لم تدرك من الوقت ما تدرك به الصلاة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول وبناء على هذا فإنك تقطعها لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما إذا أقيمت الصلاة وأنت في أثناء الصلاة فمن أهل العلم من يقول: إنك تكمل النافلة إلا إذا خشيت أن يسلم الإمام قبل أن تدرك معه تكبيرة الإحرام، ففي هذه الحال تقطع نافلتك وتلحق بالإمام وهذا هو المشهور من مذهب الإمام عند المتأخرين. وقال بعض العلماء: إذا أقيمت الصلاة وأنت في أثناء النافلة فأقطعها حتى ولو كنت في التشهد الأخير. والراجح في هذا: أنك إذا صليت ركعة من النافلة وقمت إلى الثانية ثم أقيمت الصلاة فكملها خفيفة، وإن أقيمت الصلاة وأنت في الركعة الأولى فاقطعها، ودليل هذا القول الراجح مركب من دليلين قال تعالى: فأجاب فضيلته بقوله: إذا كنت في صلاة مفروضة الصلاة ولكن لا بأس أن تتمها خفيفة. أما إذا كنت في نافلة وكان هذا الأمير معروفاً بالرزانة وأنه لا يدعو الجماعة إلا لحاجة فلا حرج أن تقطع النفل إلا إذا كنت تعلم أن هذا الأمير يعذرك مادمت على هذه الحال فلا حرج أن تكمل النافلة. أما كان الأمير من قوم يريدون أن يفرضوا سيطرتهم على الناس فقط بحيث يدعوهم كلما شاء لأغراض لا تستوجب الجمع فإنك تكمل النافلة على كل حال. فأجاب فضيلته بقوله: إذا دخل الإنسان والإمام في التشهد الأخير فإن كان يرجو وجود جماعة لم يدخل معه وإن كان لا يرجو ذلك دخل معه؛ لأن القول الراجح أن صلاة الجماعة لا تدرك إلا بركعة لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان هذا الذي جاء والإمام في التشهد الأخير يعلم أنه سيجد جماعة فإنه ينتظر ويصلي مع الجماعة؛ لأن القول الراجح أن الجماعة لا تدرك إلا بركعة كاملة أما إذا كان لا يرجو وجود أحد يصلي معه فإن الأفضل أن يدخل معهم ولو في التشهد الأخير؛ لأن إدراك بعض الصلاة خير من عدم الإدراك كلية، وإذا قدر أنه دخل مع الإمام لعلمه أنه لا يجد جماعة، ثم حضر جماعة وسمعهم يصلون فلا حرج عليه أنه يقطع صلاته ويذهب معهم ويصلي، أو يحولها نفلاً ركعتين ثم يذهب مع هؤلاء القوم ويصلي معهم وإن استمر على ما هو عليه فلا حرج عليه. فأجاب فضيلته بقوله: الأولى إذا جاء الإنسان ومعه جماعة والإمام في التشهد الأخير أن لا يبدأوا بالصلاة حتى تتم الجماعة الأولى لئلا تجتمع جماعتان في مكان واحد، ولكن إذا فعلوا ذلك وكانوا بعيدين الجماعة الأولى لا يشوشون عليهم فلا بأس بهذا. وننتقل من هذه المسألة إلى مسألة أخرى وهي إذا جاء جماعة إلى المسجد وهم لم يصلوا صلاة العشاء الآخرة ووجدوهم يصلون صلاة التراويح فإنهم يدخلون معهم في صلاة التراويح بنية العشاء ثم إن كانوا مسافرين فإنهم يسلمون مع الإمام في صلاة التراويح إذا كانوا قد صلوا ركعتين وإن كانوا مقيمين جماعة أخرى لصلاة العشاء لأنه لا ينبغي أن يكون جماعتان في مسجد واحد فإن هذا عنوان التفرق حتى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما ذات يوم ووجد رجلين معتزلين لم يصليا في القوم قال: فأجاب فضيلته بقوله: إذا دخل المأموم والإمام يريد أن يركع، ولم يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة، إن كان لم يبق عليه إلا آية أو نحوها بحيث يمكنه أن يكملها ويلحق الإمام في الركوع فهذا حسن، وإن كان بقي عليه كثير بحيث إذا قرأ لم يدرك الإمام في الركوع فإنه يركع مع الإمام وإن لم يكمل الفاتحة. فأجاب فضيلته بقوله: إذا جاء الإنسان ودخل مع الإمام فإنه يكبر تكبيرة الإحرام ويستفتح ويشرع بقراءة الفاتحة، ثم إن تمكن من إتمامها قبل أن يفوته الركوع فعل، فإن لم يتمكن فإنها تسقط عنه؛ لأنه مسبوق في القيام، وحينئذ يكون قد أتى بالصلاة على ترتيبها المشروع. وإذا كبر الإمام للركوع وأنت لم تكمل الفاتحة فإن كان من عادته الإسراع ولا يمكن متابعته فإن الواجب أن تنفرد عنه، وتتم صلاتك على وجه الطمأنينة، وإن كان ليس عادته ذلك لكنك أنت نسيت أو غفلت فإنك تتمها وتلحقه ولو بعد أن قام من الركوع، ولا يفوتك الركوع في هذه الحال، لأنك داخل الصلاة من أولها لست مسبوقاً. فأجاب فضيلته بقوله: إذا دخلت والإمام راكع فلا تسرع، ولا تدخل في الصلاة قبل أن تصل إلى الصف؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكرة رضي الله عنه حين فعل ذلك فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل الدخول مع الإمام على أي حال وجده و لا ينتظر، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: لا يسكت المأموم إذا فرغ من قراءة الفاتحة وسورة قبل أن يركع الإمام، بل يقرأ حتى يركع الإمام حتى لو كان في الركعتين اللتين بعد التشهد الأول وانتهى من الفاتحة ولم يركع الإمام فإنه يقرأ سورة أخرى حتى يركع الإمام؛ لأنه ليس في الصلاة سكوت إلا في حال استماع المأموم لقراءة إمامه. فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان مسبوقاً بمعنى أنه جاء والإمام قد شرع في الصلاة ثم كبر واستفتح وقرأ الفاتحة وركع الإمام قبل انتائه منها فإنه يركع مع الإمام ولو فاته بعض الفاتحة؛ لأنه كان مسبوقاً فسقط عنه ما لم يتمكن من إدراكه قبل ركوع الإمام وأما إذا كان دخل والإمام في أول الصلاة وعرف من الإمام أنه لا يتأنى في صلاته، وأنه لا يمكنه متابعة الإمام إلا بالإخلال بأركان الصلاة ففي هذه الحال يجب أن يفرق الإمام، وأن يكمل الصلاة وحده؛ لأن المتابعة هنا متعذرة إلا بترك الأركان، وترك الأركان مبطل للصلاة. فأجاب فضيلته بقوله: الجواب على ذلك أننا نقول للإمام أولاً: لا ينبغي لك أن تسكت هذا السكوت الطويل بين قراءة الفاتحة وقراءة ما بعدها، والمشروع للإمام أن يسكت سكتة لطيفة بين الفاتحة والسورة التي بعدها ليتميز بذلك القراءة المفروضة والقراءة المستحبة، والمأموم يشرع في هذه السكتة اللطيفة بقراءة الفاتحة ويتم قراءة الفاتحة ولو كان الإمام يقرأ، وأما السكوت الطويل من الإمام فإن ذلك خلاف السنة، ثم على فرض أن الإمام كان يفعل ذلك ويسكت هذا السكوت الطويل فإن المأموم إذا قرأ الفاتحة وأتمها يقرأ بعدها سورة حتى يشرع الإمام في قراءة السورة التي بعد الفاتحة وحينئذ يسكت؛ لأنه لا يجوز للمأموم أن يقرأ و الإمام يقرأ إلا قراءة الفاتحة فقط فأجاب فضيلته بقوله: السكتة التي يسكتها الإمام بعد الفاتحة سكتة يسيرة للتميز بين قراء الفاتحة التي هي ركن، وبين القراءة التي بعدها وهي نفل، ويشرع فيها المأموم أن يقرأ الفاتحة في الصلاة السرية و الجهرية لعموم قوله عليه الصلاة والسلام الجواب: نعم، ولكن لا تقرأ غيرها. فأجاب فضيلته بقوله: مسابقة الإمام محرمة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- وثبت عنه أنه قال -صلى الله عليه وسلم- وأقول بهذه المناسبة: إن المأموم مع إمامه له أربع حالات: مسابقة. موافقة. متابعة. تخلف. فالمسابقة: أن يبدأ بالشيء قبل إمامه، وهذا حرام، وإذا كان في تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته إطلاقاً، ويجب عليه أن يعيد الصلاة من جديد. والموافقة: أن يكون موافقاً للإمام يركع مع ركوعه، ويسجد مع سجود، وينهض مع نهوضه، وظاهر الأدلة أنها محرمة أيضاً لقوله -صلى الله عليه وسلم- وبعض العلماء يرى أنها مكروهة وليست محرمة إلا في تكبيرة الإحرام فإنه إذا وافق إمامه فيها لم تنعقد صلاته وعليه الإعادة. والمتابعة: أن يأتي بأفعال الصلاة بعد إمامه بدون تأخر، وهذا هو المشروع. والتخلف: أن يتخلف عن إمامه تخلفاً يخرجه عن المتابعة وهذا خلاف المشروع قال فضيلة الشيخ – جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء - : بسم الله الرحمن الرحيم خلاصة الكلام في سبق المأموم إمامه: أن جميع أقسامه حرام أما من حيث بطلان الصلاة به فهو أقسام: الأول: أن يكون السبق إلى تكبيرة الإحرام، بأن يكبر للإحرام قبل إمامه أو معه، فلا تنعقد صلاة المأموم حينئذ، فيلزمه أن يكبر بعد تكبيرة غمامه، فإن لم يفعل فعليه إعادة الصلاة. الثاني: أن يكون السبق إلى ركن، مثل أن يركع قبل الإمامه، أو يسجد قبله، فليزمه أن يرجع ليأتي بعد ذلك إمامه. الرابع: أن يكون السبق بركن غير الركوع مثل أن يسجد ويرفع قبل أن يسجد إمامه، فإن كان عالماً ذاكراً بطلت صلاته، وإن كان جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة. الخامس: أن يكون السبق بركنين مثل أن يسجد ويرفع قبل سجود إمامه، ثم يسجد الثانية قبل إمامه من السجدة الأولى، أو يسجد ويرفع ويسجد الثانية قبل سجود إمامه، فإن كان عالماً ذاكراً بطلت صلاته، وإن كان جاهلاً أو ناسياً بطلت ركعته فقط، إلا أن يأتي بذلك بعد إمامه. هذه خلاصة أحكام السبق على المشهور على المذهب. والصحيح: أنه متى سبق إمامه عالماً ذاكراً فصلاته باطلة بكل أقسام السبق، وإن كان جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة إلا أن يزول عذره قبل أن يدركه الإمام، فإنه يلزمه الرجوع ليأتي بما سبق فيه بعد إمامه، فإن لم يفعل عالماً ذاكراً بطلت صلاته، وإلا فلا. وأما التخلف عن الإمام فعلى قسمين: الأول: أن يدرك الإمام في الركن الذي سبقه به، فصلاته صحيحة، مثل أن يتأخر عن الإمام في السجود، ولكنه يسجد قبل أن يرفع الإمام فصلاته صحيحة، ولكنه خلاف السنة؛ لأن السنة المبادرة في متابعة الإمام. الثاني: أن لا يدرك الإمام في الركن بحيث ينفصل منه الإمام قبل أن يصل إليه، فإن كان لعذر أتى بما تخلف فيه إلا أن يصل الإمام إلى مكان تخلفه فيبقى مع إمامه وتكون له ركعة ملفقة. مثال ذلك: مأموم لم يسمع تكبير إمامه للركوع، فلما قال: سمع الله لمن حمده، سمعه فحينئذ يركع ويتابع إمامه، لأن إمامه لم يصل إلى مكان تخلفه. ومثال آخر: مأموم لم يسمع تكبير إمامه للركوع في الركعة الأولى فبقي قائماً حتى قام إمامه للركعة الثانية فحينئذ يبقى مع إمامه وتكون ثانية إمامه أولاه، وتكون ركعته ملفقه من ركعتي إمامه الأولى والثانية؛ لأن إمامه وصل إلى مكان تخلفه. وإن كان تخلفه عن إمامه لغير عذر فكالسبق على ما تقدم من التفصيل، ولا يخفى أن الصحيح أن الصلاة تبطل إذا تخلف بركن، أو أكثر لغير عذر سواء كان الركن ركوعاً أم غيره، والله أعلم. فأجاب فضيلته بقوله: علاقة المأموم بإمامه، علاقة متابعة، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فأما المتابعة: فأن يأتي الإنسان بأفعال الصلاة بعد إمامه مباشرة، إذا ركع ركع بدون تأخر، وإذا سجد، سجد بدون تأخر، وهكذا في بقية أفعال الصلاة. وأما الموافقة: فأن يفعل هذه الأفعال مع إمامه، يركع مع ركوعه، ويسجد مع سجود، ويقوم مع قيامه، ويقعد مع قعوده. وأما المسابقة: فأن يتقدم إمامه في هذه الأفعال، فيركع قبله، ويسجد قبله، ويقعد قبله. وأما التأخر: فأن يتوانى في متابعة الإمام، فإذا ركع الإمام، بقي واقفاً يقرأ، وإذا سجد بقي قائماً يحمد وهكذا. وكل هذه المقامات مذمومة إلا مقام المتابعة. فالموافق لإمامه مخالف لقول الرسول عليه الصلاة والسلام والسابق له، واقع في التحذير الشديد الذي حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام في قوله جملة شرطية تقتضي أن يقع المشروط فور وجود الشرط، وأن لا يتأخر عنه، فهو منهي عنه. فالمسابقة: حرام، والموافقة: قيل: إنها مكروهة، وقيل: إنها حرام، والتأخر: أقل أحواله الكراهة، أما المتابعة فهي الأمر الذي أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهنا مسألة: أي الحالات أشد: المسابقة، أم الموافقة، أم التخلف عنه؟ الجواب: المسابقة أشدها؛ لأنه ورد فيه الوعيد المتقدم؛ ولأن القول الراجح؛ أن الإنسان إذا سبق إمامه عالماً ذاكراً، بطلت صلاته، سواء سبقه إلى ركن أو بالركن، لأنه إذا سبق إمامه فقد فعل فعلاً محرماً في الصلاة. فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل الدخول مع الإمام على أي حال وجده ولا ينتظر حتى يقوم من سجوده، أو قعود لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: تأخير المأموم الدخول مع الإمام حتى يكبر للركوع تصرف ليس بسليم، بل إنني أتوقف هل تصح ركعته هذه أو لا تصح؟ لأنه تعمد التأخير الذي لا يتمكن معه من قراءة الفاتحة ركن لا تسقط عن الإمام، ولا عن المأموم، لولا عن المنفرد، فكونه يبقى حتى يركع الإمام، ثم يقوم فيركع معه هذا خطأ بلا شك، و خطر على صلاته، وعلى الأقل ركعته أن لا يكون أدركها. فأجاب فضيلته بقوله: هذا لا بأس به وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حين كبر و ثقل يفعل هذا في صلاة الليل، يبدأ وهو جالس، ويقرأ، فإذا قارب الركوع قام، وقرأ ما تيسر من القرآن ثم ركع. وكذلك إذا سجد مع الإمام، ثم قام الإمام إلى الثانية، وجلس هو فإذا قارب الإمام الركوع قان فركع معه كل هذا لا بأس به عند العذر لقوله: وقوله: فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان ذلك في صلاة النافلة كقيام رمضان فبقي الإنسان بعد أن كبر الإمام حتى قارب الركوع فقام ودخل مع الإمام فلا حرج عليه في ذلك؛ لأن صلاة القيام غير واجبة، بل لو انصرف من المسجد بعد التكبير الإمام وخرج فلا حرج عليه. وأما إذا كانت الفريضة فإن خلاف ما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول فالذي يجب عليه ويدخل مع الإمام، لا سيما وأنه إذا أخر الدخول حتى ركع الإمام، ثم قام وركع معه فإني أشك في كونه مدركاً للركعة؛ لأنه ترك قراءة الفاتحة من غير عذر. فأجاب فضيلته بقوله: لا ينبغي للمسلم أن يتأخر عن تكبيرة الإحرام، وليذكر نفسه أن المسألة ليال محدودة معدودة، ليست طويلة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم الليل حتى تتورم قدماه مع أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وما أخف التعب إذا وفق الإنسان لليلة القدر، والمرء يؤجر على قدر عزيمته وإخلاصه، ومتابعته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أما التكاسل، وإعطاء النفس حظها من الراحة، فيبقى الإنسان يتحدث حتى إذا قارب الإمام على الركوع، فذها لا شك خطأ، وفيه حرمان من الأجر، وإن لم يكن فيه إثم لأنها تطوع. فأجاب فضيلته بقوله: ما يقضيه المسبوق اختلف العلماء فيه، والصواب أنه آخر صلاته لقوله -صلى الله عليه وسلم- وأما قوله: فاقضوا فالقضاء بمعنى الإتمام كما في قوله تعالى: فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أن المسبوق يتم صلاته على ما أدرك مع إمامه، فيكون ما أدركه مع الإمام أول صلاته، وما يأتي به بعد سلام الإمام آخر صلاته، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال أكثر العلماء: بل يقرأ السورتين إن لم يكن قرأهما فيما أدرك مع الإمام، والأمر في ذلك واسع
|