الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
مذهب أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، تكلم به حقيقة، وألقاه إلى جبريل فنزل به على قلب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وقد دل على هذا القول الكتاب، والسنة. فمن أدلة الكتاب قوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} [التوبة:6] يعني القرآن وقوله: {كتاب أنزلناه إليك} [ص:29]. {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} [الشعراء: 195]. ومن أدلة السنة قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يعرض نفسه على الناس في الموقف: (ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي عز وجل). وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، للبراء ابن عازب: (إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت). وقال عمرو بن دينار: أدركت الناس منذ سبعين سنة يقولون: (الله الخالق وما سواه مخلوق، إلا القرآن فإنه كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود) ا هـ. ومعنى قولهم : "منه بدأ" أن الله تكلم به ابتداء ، وفيه رد على الجهمية القائلين بأنه خلقه في غيره. وأما قولهم: "وإليه يعود" فيحتمل معنيين: أحدهما: أنه تعود صفة الكلام بالقرآن إليه بمعنى أن أحدًا لا يوصف بأنه تكلم به غير الله، لأنه هو المتكلم به، والكلام صفة للمتكلم. الثاني: أنه يُرفع إلى الله تعالى: كما جاء في بعض الآثار أنه يسري به من المصاحف والصدور وذلك إنما يقع والله أعلم حين يُعرض الناس عن العمل بالقرآن إعراضًا كليًا فيرفع عنهم تكريمًا له والله المستعان.
|